مباني منهاج الصالحين المجلد 2

اشارة

سرشناسه : طباطبائي قمي، تقي، 1301 -

عنوان قراردادي : منهاج الصالحين. شرح

عنوان و نام پديدآور : مباني منهاج الصالحين/ تاليف تقي الطباطبايي القمي.

مشخصات نشر : قم: محلاتي ، 14ق. = 20 م. = 13 -

مشخصات ظاهري : ج.

شابك : دوره 978-964-7455-58-9 : ؛ ج. 4 978-964-7455-57-2 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرستنويسي بر اساس جلد چهارم، 1430ق. = 1388.

يادداشت : كتاب حاضر شرحي بر كتاب " منهاج الصالحين" اثر ابوالقاسم خويي است.

يادداشت : كتابنامه.

موضوع : خوئي، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحين -- نقد و تفسير.

موضوع : فقه جعفري -- قرن 14

شناسه افزوده : خوئي، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحين. شرح.

رده بندي كنگره : BP183/5 /خ9م80216 1300ي

رده بندي ديويي : 297/342

شماره كتابشناسي ملي : 1852734

[استدراك ما فاتنا من مقدمة الكتاب]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام علي محمد اشرف الانبياء و المرسلين و علي آله الائمة الهداة الميامين.

و بعد يقول العبد المفتقر الي رحمة ربه الراجي توفيقه و تسديده «ابو القاسم» خلف العلامة الجليل المغفور له «السيد علي اكبر الموسوي الخوئي» ان رسالة «منهاج الصالحين» لآية اللّه العظمي المغفور له «السيد محسن الطباطبائي الحكيم» قدس سره لما كانت حاوية لمعظم المسائل الشرعية المبتلي بها في «العبادات و المعاملات» فقد طلب مني جماعة من اهل الفضل و غيرهم من المؤمنين أن أعلق عليها و ابين موارد اختلاف النظر فيها فاجبتهم الي ذلك.

ثم رأيت أن ادراج «التعليقة» في الاصل يجعل هذه الرسالة اسهل تناولا و أيسر استفادة فادرجتها فيه.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 6

و قد زدت فيه بعض الفروع الاخري لكثرة الابتلاء بها مع بعض التصرف في العبارات من الايضاح و التيسير و تقديم بعض المسائل أو تأخيرها فاصبحت هذه الرسالة الشريفة مطابقة لفتاوانا.

و أسأل اللّه

تعالي مضاعفة التوفيق و اللّه ولي الرشاد و السداد.

ابو القاسم الموسوي الخوئي

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 7

[تتمة كتاب الطهارة]

[المبحث الرابع الغسل]

اشارة

المبحث الرابع الغسل و الواجب منه لغيره غسل الجنابة و الحيض و الاستحاضة و النفاس و مس الاموات و الواجب لنفسه غسل الاموات فهنا مقاصد:

[المقصد الأول: غسل الجنابة]

اشارة

المقصد الاول: غسل الجنابة و فيه فصول:

[الفصل الأول: سبب الجنابة أمران]
اشارة

الفصل الاول: سبب الجنابة امران:

[الأول خروج المني من الموضع المعتاد]
اشارة

الاول خروج المني من الموضع المعتاد (1).

______________________________

(1) نقل عن الخلاف و غيره دعوي الاجماع عليه و عن بعض الاصحاب:

نقل دعوي اجماع المسلمين عليه و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها ما رواه عبيد اللّه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المفخذ عليه غسل؟ قال: نعم اذا أنزل «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 8

______________________________

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ثلاث يخرجن من الاحليل و هن المني و فيه الغسل الحديث «1».

و منها ما رواه عنبسة بن مصعب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام لا يري في شي ء الغسل الا في الماء الاكبر «2».

مضافا الي أن تحقق الجنابة و وجوب الغسل بخروج المني في الجملة من الواضحات.

ثم: ان المحكي عن جماعة عدم الفرق بين الرجل و المرأة و عن محكي المعتبر و المدارك دعوي اجماع المسلمين عليه و عن المقنع «انه ان أنزلت فليس عليها غسل» و تدل علي عدم الوجوب جملة من النصوص:

منها ما رواه عمر بن اذينة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: المرأة تحتلم في المنام فتهريق الماء الاعظم قال: ليس عليها غسل «3».

و منها ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يضع ذكره علي فرج المرأة فيمني عليها غسل؟ فقال: ان أصابها من الماء شي ء فلتغسله فليس عليها شي ء الا أن يدخله قلت: فان أمنت هي و لم يدخله؟

قال: ليس عليها الغسل «4».

و منها: ما رواه أيضا قال: اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة و لبست ثيابي و

تطيبت فمرت بي وصيفة لي ففخذت لها فأمذيت أنا و أمنت هي فدخلني

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 21

(4) نفس المصدر الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 9

______________________________

من ذلك ضيق فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال: ليس عليك وضوء و لا عليها غسل «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: كيف جعل علي المرأة إذا رأت في النوم أن الرجل يجامعها في فرجها الغسل؟

و لم يجعل عليها الغسل اذا جامعها دون الفرج في اليقظة فأمنت؟ قال: لأنها رأت في منامها أن الرجل يجامعها في فرجها فوجب عليها الغسل و الاخر انما جامعها دون الفرج فلم يجب عليها الغسل لأنه لم يدخله و لو كان أدخله في اليقظة وجب عليها الغسل أمنت أو لم تمن «2».

و في قبال هذه النصوص عدة نصوص تدل علي الوجوب:

منها: ما رواه اسماعيل بن سعد الاشعري قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يلمس فرج جاريته حتي تنزل الماء من غير أن يباشر يعبث بها بيده حتي تنزل قال: اذا أنزلت من شهوة فعليها الغسل «3».

و منها ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج و تنزل المرأة هل عليها غسل؟ قال:

نعم «4».

و منها: ما رواه محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة تعانق زوجها من خلفه فتحرك علي ظهره فتأتيها الشهوة فتنزل الماء عليها

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 20

(2) نفس المصدر الحديث: 19

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 10

______________________________

الغسل أو لا يجب عليها الغسل؟

قال: اذا جاءتها الشهوة فانزلت الماء وجب عليها الغسل «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة تري في المنام ما يري الرجل قال: اذا انزلت فعليها الغسل و ان لم تنزل فليس عليها غسل «2».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تري أن الرجل يجامعها في المنام في فرجها حتي تنزل قال: تغتسل «3» قال في الحدائق: «الاقرب عندي خروج هذه الاخبار مخرج التقية».

لكن هذا الحمل خلاف القاعدة اذ لم يثبت خلاف العامة بل نقل المعلق علي المتن في الهامش عن الشوكاني انه بعد أن ذكر حديث خولة بنت حكيم الي أن قال: يدل الحديث علي وجوب الغسل علي الرجل و المرأة اذا وقع الانزال و هو اجماعي الا ما يحكي عن النخعي» و عليه ينعكس الامر بأن ما دل علي عدم الوجوب خلاف التقية لكن الوجوب كأنه اتفاقي بين الاصحاب فلا اشكال.

ثم: ان مقتضي تقييد المطلق بالمقيد التفصيل بين الخروج عن شهوة و الخروج عن غير شهوة لاحظ حديث اسماعيل بن سعد «4» فان مقتضي الشرطية التفصيل الا أن يثبت الاطلاق بالإجماع و عدم الخلاف و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) لاحظ ص: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 11

و غيره (1).

و ان كان الاحوط، استحبابا، عند الخروج من غير المعتاد الجمع بين الطهارتين اذا كان محدثا بالاصغر (2).

[مسألة 137: إن عرف المني فلا اشكال و ان لم يعرف فالشهوة و الدفق و فتور الجسد امارة عليه]

(مسألة 137): ان عرف المني فلا اشكال و ان لم يعرف فالشهوة و الدفق و فتور الجسد امارة عليه (3).

______________________________

(1) قد وقع الكلام بينهم فان المنقول عن جماعة القول

بالاطلاق و عن جامع المقاصد اعتبار الاعتياد في غير ثقبة الاحليل و الخصية و الصلب و عن القواعد و الايضاح و الذكري و غيرها اعتبار الخروج من الموضع المعتاد.

و قد ذكرنا في بحث ناقضية البول: أن الانصاف يقتضي عدم الالتزام بناقضية ما يخرج من البول بالطرق المتداولة في العصور الاخيرة و المقام كذلك و لكن التقييد بخصوص ما يخرج من المخرج الطبيعي خلاف الاطلاق المستفاد من الادلة و مع الشك في الصدق يحكم بالعدم.

(2) قد ظهر الوجه فيه.

(3) قال في الحدائق: «الظاهر أنّه لا خلاف بين الاصحاب- كما نقله جماعة منهم- في وجوب الغسل مع تيقن كون الخارج منيا و إن لم يكن علي الصفات الخ».

و أما الرجوع الي الامارات عند الاشتباه فتدل عليه جملة من النصوص:

منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يلعب مع المرأة و يقبلها فيخرج منه المني فما عليه؟ قال: اذا جاءت الشهوة و دفع و فتر لخروجه فعليه الغسل و ان كان انما هو شي ء لم يجد له فترة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 12

______________________________

و لا شهوة فلا بأس «1».

فان مقتضي هذه الرواية أنه مع الشك يحكم بكونه منيا عند اجتماع الاوصاف الثلاثة و بالمفهوم تدل علي العدم عند الانتفاء مضافا الي الاصل المقتضي للعدم.

و في المقام رواية رواها عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له الرجل يري في المنام و يجد الشهوة فيستيقظ فينظر فلا يجد شيئا ثم يمكث الهون بعد فيخرج قال: ان كان مريضا فليغتسل و ان لم يكن مريضا فلا شي ء عليه قلت: فما فرق بينهما؟ قال: لان الرجل اذا كان

صحيحا جاء الماء بدفقة قوية و ان كان مريضا لم يجي ء الا بعد «2».

و ربما يقال: بأن المستفاد منها أن الشهوة في الصحيح أمارة المني كالمريض غاية الامر يكون عدم الدفق أمارة العدم فعليه لو أحرز وجود الشهوة و أحرز عدم الدفق لا يحكم بوجود المني للتعارض و أما لو أحرز الشهوة و شك في الدفق يحكم به اذ لا اعتبار بالشك في وجود المعارض.

و فيه: أنه يمكن أن يقال: بأن المستفاد من حديث ابن أبي يعفور ليس أمرا شرعيا بل في مقام جواب السائل عن الفرق بين الامور الخارجية هذا أولا.

و ثانيا: أنه لا يستفاد من الرواية أمارية الشهوة بالنسبة الي الصحيح.

و ثالثا: أنه لو فرض أن عدم الدفق أمارة العدم فما الوجه في الحكم بتحقق المني مع الشك في الدفق؟ و ما الوجه في عدم جريان الاستصحاب؟ بأن نقول:

مقتضي الاستصحاب عدم الدفق و مع إحراز عدمه و لو بالاصل نحكم بعدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 13

و مع انتقاء واحد منها لا يحكم بكونه منيا (1) و في المريض يرجع الي الشهوة و الفتور (2).

[مسألة 138: من وجد علي بدنه أو ثوبه منيا و علم أنه منه بجنابة لم يغتسل منها وجب عليه الغسل]

(مسألة 138): من وجد علي بدنه أو ثوبه منيا و علم أنه منه بجنابة لم يغتسل منها وجب عليه الغسل (3) و يعيد كل صلاة لا يحتمل سبقها علي الجنابة المذكورة (4) دون ما يحتمل سبقها عليها و ان علم تاريخ الجنابة و جهل تاريخ الصلاة (5) و ان كانت الاعادة لها أحوط استحبابا (6)

______________________________

المني.

فالنتيجة. ان الحق ما افاده الماتن و الدليل عليه حديث ابن جعفر.

(1) قد ظهر الوجه فيه.

(2) و الوجه فيه حديث ابن أبي يعفور

«1» فان المستفاد من هذه الرواية أن الفرق بين المريض و الصحيح بالدفق و عدمه فالجمع بين هذا الحديث و حديث ابن جعفر «2» التفصيل بين الموردين بما في المتن فلاحظ.

(3) و الوجه فيه ظاهر فانه يعلم بجنابته و الجنب يجب عليه الغسل.

(4) اذ يعلم بطلانها لأجل الجنابة.

(5) فان مقتضي قاعدة الفراغ الحكم بصحة الصلاة ما دام لا يقطع بالخلاف فلا اثر للاستصحاب. و عن المبسوط: «وجوب قضاء كل صلاة صلاها بعد آخر غسل واقع و علل بالاحتياط» و هو كما تري.

(6) لاستحباب الاحتياط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 12

(2) لاحظ ص: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 14

و ان لم يعلم أنه منه لم يجب عليه شي ء (1).

[مسألة 139: إذا دار أمر الجنابة بين شخصين يعلم كل منهما أنها من أحدهما]

(مسألة 139): اذا دار أمر الجنابة بين شخصين يعلم كل منهما أنها من أحدهما ففيه صورتان:

الاولي: أن يكون جنابة الاخر موضوعا لحكم الزامي بالنسبة الي العالم بالجنابة اجمالا و ذلك كحرمة استيجاره لدخول المسجد أو للنيابة عن الصلاة عن ميت مثلا ففي هذه الصورة يجب علي العالم بالاجمال ترتيب آثار العلم فيجب علي نفسه الغسل و لا يجوز له استيجاره لدخول المسجد أو للنيابة في الصلاة (2) نعم لا بد له من التوضي أيضا تحصيلا للطهارة لما يتوقف عليها (3).

الثانية: أن لا تكون جنابة الاخر موضوعا لحكم الزامي بالاضافة الي العالم بالجنابة اجمالا ففيها لا يجب الغسل علي أحدهما لا من حيث تكليف نفسه و لا من حيث تكليف غيره اذا لم يعلم بالفساد (4)

______________________________

(1) لاستصحاب عدم الجنابة كما هو ظاهر.

(2) و ذلك لتنجيز العلم الإجمالي بالنسبة الي أطرافه و عدم جريان الاصل.

(3) للعلم الإجمالي أيضا اذ يعلم بوجوب واحد من الغسل و الوضوء فلا بد من الجمع بين الامرين.

(4)

فلا مانع من جريان استصحاب عدم الجنابة و يترتب عليه تكليف نفسه بأن لا يغتسل و يكتفي في صلاته بالوضوء و يدخل المسجد و هكذا كما أنه يجوز للغير أن يقتدي به.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 15

أما لو علم به و لو اجمالا لزمه الاحتياط فلا يجوز الايتمام لغيرهما باحدهما ان كان كل منها موردا للابتلاء (1).

فضلا عن الائتمام بكليهما (2) أو ائتمام أحدهما بالاخر (3) كما لا يجوز لغيرهما استنابة أحدهما في صلاة أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة (4).

[مسألة 140: البلل المشكوك الخارج بعد خروج المني و قبل الاستبراء منه بالبول بحكم المني ظاهرا]

(مسألة 140): البلل المشكوك الخارج بعد خروج المني و قبل الاستبراء منه بالبول بحكم المني ظاهرا (5).

______________________________

(1) فانه يعلم اجمالا بفساد أحد الاقتدائين و العلم منجز.

(2) لا يبعد أن يكون المراد الاقتداء في صلاة واحدة بكليهما.

(3) لا يبعد أن التعرض لهذه الصورة بلا وجه اذا المفروض في كلامه في هذه الصورة عدم ابتلاء أحدهما للاخر.

(4) أي يكون كل من الطرفين مورد الابتلاء للمستأجر أو المستنيب.

(5) كما نص عليه في عدة نصوص: منها: ما رواه محمد بن مسلم قال:

قال أبو جعفر عليه السلام: من اغتسل و هو جنب قبل أن يبول ثم يجد بللا فقد انتقض غسله و ان كان بال ثم اغتسل ثم وجد بللا فليس ينقض غسله و لكن عليه الوضوء لان البول لم يدع شيئا «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يغتسل ثم يجد بعد ذلك بللا و قد كان بال قبل أن يغتسل قال: ليتوضأ و ان لم يكن بال قبل الغسل فليعد الغسل «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب

الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 16

______________________________

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سئل عن الرجل يغتسل ثم يجد بعد ذلك بللا و قد كان بال قبل أن يغتسل؟ قال: ان كان بال قبل أن يغتسل (الغسل ل) فلا يعيد الغسل «1».

و في قبال هذه النصوص طائفة تعارضها: منها ما رواه جميل بن دراج قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصيبه الجنابة فينسي أن يبول حتي يغتسل ثم يري بعد الغسل شيئا أ يغتسل أيضا؟ قال: لا قد تعصرت و نزل من الحبائل «2».

و منها ما رواه أحمد بن هلال قال: سألته عن رجل اغتسل قبل أن يبول فكتب: ان الغسل بعد البول الا أن يكون ناسيا فلا يعيد منه الغسل «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن هلال قال. سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجامع أهله ثم يغتسل قبل أن يبول ثم يخرج منه شي ء بعد الغسل قال:

لا شي ء عليه عليه أن ذلك مما وضعه اللّه عنه «4».

و منها: ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل أجنب ثم اغتسل قبل أن يبول ثم رأي شيئا قال: لا يعيد الغسل ليس ذلك الذي رأي شيئا «5».

و هذه الطائفة ضعيفة سندا أما الاولي فبعلي بن السندي و أما الثانية فبأحمد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 17

[الثاني: الجماع و لو لم ينزل]
اشارة

الثاني: الجماع و لو لم ينزل (1).

______________________________

بن هلال و أما الثالثة فبعبد اللّه بن هلال و أما الرابعة فبمفضل فالحق ما أفاده في

المتن.

(1) عن الجواهر: انه اجماعي محصلا و منقولا مستفيضا كاد أن يكون متواترا بل هو كذلك».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته متي يجب الغسل علي الرجل و المرأة؟

فقال: اذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم «1».

و منها: ما رواه محمد بن اسماعيل يعني ابن بزيع قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يجامع المرأة قريبا من الفرج فلا ينزلان متي يجب الغسل؟ فقال: اذا التقي الختانان فقد وجب الغسل فقلت: التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة؟ قال: نعم «2».

و أما حديث محمد بن عذافر قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام متي يجب علي الرجل و المرأة الغسل؟ فقال: يجب عليهما الغسل حين يدخله و اذا التقي الختانان فيغسلان فرجهما «3» فضعيف بمحمد بن عمر بن يزيد فانه لم يوثق.

و أما حديث عنبسة بن مصعب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام لا يري في شي ء الغسل الا في الماء الاكبر «4» فضعيف به مضافا الي أن اطلاقه يقيد بالنصوص الاخر و بالإجماع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب الجنابة الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 18

و يتحقق بدخول الحشفة في القبل أو الدبر من المرأة (1).

______________________________

(1) أما تحقق الجنابة بالدخول في الدبر فيظهر من كلمات الاصحاب انه مشهور و عن المدارك: «أنه مذهب المعظم». و عن المرتضي: «أنه اجماعي» و عن الحلي: «أنه اجماع بين المسلمين». و عن المرتضي: «أنه لا أعلم خلافا بين المسلمين».

و لا يخفي: ان الاعتماد علي هذه

الاجماعات في مثل المسألة محل اشكال، اذ يمكن و يحتمل قويا استناد المجمعين الي بعض الامور المذكورة.

أضف الي ذلك: أنه يناقش في الاجماع بظهور الخلاف من الصدوق في الفقيه و الكليني و الشيخ في بعض كتبه و تردد العلامة في المنتهي و تردد كشف الرموز و بعض المتأخرين و عن السيد نسبة الخلاف الي بعض معاصريه فلاحظ.

و استدل عليه بما رواه حفص بن سوقة عمن أخبره قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي أهله من خلفها قال: هو أحد المأتيين فيه الغسل «1».

و هذه الرواية لا اعتبار بسندها و انجبارها بعمل المشهور بها ممنوع صغري و كبري و كون الراوي عن حفص ابن أبي عمير، فيكون الحديث صحيحا و معتبرا و ان كان مرسلا قد ذكرنا في محله المناسب أنه لا يرجع الي محصل صحيح.

و استدل علي المدعي بقوله تعالي: «أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ» «2» بتقريب: أن اللّه تعالي جعل الملامسة سببا للتيمم مع فقد الماء و التيمم اما عن الوضوء أو الغسل

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث: 1.

(2) النساء/ 43.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 19

______________________________

و من الظاهر أنه ليس بدلا من الوضوء اذ الملامسة لا توجب الوضوء فيكون بدلا عن الغسل لأجل الجنابة و لا اشكال في أن الملامسة في غير القبل و الدبر لا يوجب الغسل كما دل عليه ما رواه أبو مريم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:

ما تقول في الرجل يتوضأ ثم يدعو جاريته فتأخذ بيده حتي ينتهي الي المسجد؟

فان من عندنا يزعمون أنها الملامسة فقال: لا و اللّه ما بذلك باس و ربما فعلته و ما يعني بهذا (أو لامستم النساء) الا المواقعة في الفرج «1».

فتقريب الاستدلال:

أن مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين القبل و الدبر.

و فيه: أولا: أن الخبر ضعيف بأبي مريم و ثانيا: أن الاطلاق منصرف الي اللمس المتعارف و هو الدخول في القبل.

و ربما يستدل علي المدعي باطلاق الا دخال كما في رواية محمد بن مسلم «2» أو باطلاق الايلاج كما في رواية البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته ما يوجب الغسل علي الرجل و المرأة؟ فقال: اذا أولجه وجب الغسل و المهر و الرجم «3».

و في الاستدلال بهما نظر حيث ان المنصرف منهما المتعارف الخارجي مضافا الي ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج أ عليها غسل ان هو أنزل و لم تنزل هي؟ قال: ليس عليها غسل و ان لم ينزل هو فليس عليه غسل «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 17

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب الجنابة الحديث: 8

(4) الوسائل الباب 11 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 20

______________________________

الا أن يقال: بأن الاستدلال به علي الخلاف مبني علي ارادة خصوص القبل من الفرج و هو أول الكلام.

و أما الاستدلال علي المشهور بما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها و لا ينزل؟ فقالت الانصار: الماء من الماء و قال المهاجرون:

اذا التقي الختانان فقد وجب عليه الغسل فقال عمر لعلي عليه السلام: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال: علي عليه السلام: أ توجبون عليه الحد و الرجم و لا توجبون عليه صاعا من الماء؟ اذا التقي

الختانان فقد وجب عليه الغسل «1» فيرد عليه:

انه أشبه بالقياس اذ لا يستفاد منه الميزان الكلي و لا شبهة في ان الرجم و الحد لا يلازمان الغسل في جميع المصاديق- كما هو ظاهر- بل الرواية تدل علي خلاف المدعي فان الشرطية الواردة في كلامه عليه السلام تدل بمفهومها علي عدم وجوب الغسل عند عدم تلاقي الختانين و مثلها عدة نصوص واردة في نفس الباب.

و يؤيد المدعي مرفوعة البرقي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أتي الرجل المرأة في دبرها فلم ينزلا فلا غسل عليهما و ان انزل فعليه الغسل و لا غسل عليها «2».

و مرفوعة بعض الكوفيين الي أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يأتي المرأة في دبرها و هي صائمة قال: لا ينقض صومها و ليس عليها غسل «3».

فالحكم مبني علي الاحتياط لكن الانصاف أن منع اطلاق الادخال و الايلاج

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الجنابة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 21

و أما في غيرها فالاحوط الجمع بين الغسل و الوضوء للواطي و الموطوء فيما اذا كانا محدثين بالحدث الاصغر و الا يكتفي بالغسل فقط (1).

______________________________

و اختصاصهما بخصوص الادخال و الايلاج في القبل بلا وجه و ينافي القواعد المقررة اذ الغلبة الخارجية لا نوجب الانصراف.

و لقائل أن يقول: بأن غاية ما في الباب تحقق الاطلاق لكن لا بد من رفع اليد عنه بمفهوم قوله: «اذا التقي الختانان» فلاحظ و مما ذكرنا ظهر الوجه في ترتب الحكم بدخول الحشفة اذ بدخولها يتحقق التقاء الختانين و هو موضوع الحكم.

(1) قد وقع الخلاف بين القوم في أن الدخول في دبر الغلام

يوجب الجنابة أم لا؟

و استدل عليه بالإجماع بدعوي: أن كل من أوجبه بالدخول في دبر المرأة أوجبه في دبر الغلام و من الظاهر أن حال هذه الاجماعات معلومة من حيث الضعف مضافا الي أن المسألة بالنسبة الي دبر المرأة مورد الخلاف.

و استدل عليه بما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من جامع غلاما جاء يوم القيامه جنبا لا ينقيه ماء الدنيا و غضب اللّه عليه و لعنه و أعدله جهنم و ساءت مصيرا ثم قال: ان الذكر يركب الذكر فيهتز العرش لذلك «1».

و الرواية ضعيفة بابي بكر حيث انه لم يوثق أضف الي ذلك أن دلالتها علي المدعي مخدوشة فان الظاهر منها أن الجنابة المذكورة في الرواية بمعني

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب النكاح المحرم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 22

و يكفي في مقطوع الحشفة دخول مقدارها (1) بل الاحوط وجوبا الاكتفاء بمجرد الادخال منه (2).

______________________________

آخر و لذا لا ترتفع بماء الدنيا فلاحظ.

و استدل عليه بما رواه زرارة «1» بدعوي استفادة التلازم بين الحد و الغسل و حيث ان الحد ثابت في المقام فالغسل ثابت.

و فيه: أنه قد تقدم الاشكال في الاستدلال بالرواية و أنه لا يستفاد منها أزيد من التلازم بين الامرين في الادخال في القبل.

فالنتيجة: أن اقامة الدليل علي تحقق الجنابة بالنسبة الي الواطئ بالادخال في مورد غير المرأة مشكل و اثباته بالنسبة الي الموطوء أشكل فالحكم مبني علي الاحتياط فعلي تقدير كون الواطئ أو الموطوء محدثا بالاصغر لا بد من الجمع بين الغسل و الوضوء للعلم الإجمالي و علي تقدير الطهارة من الحدث الاصغر يكفي الغسل اذ الامر دائر

بين بقاء الطهارة و تحقق الجنابة فلاحظ.

(1) الظاهر انه لا وجه للتقدير المذكور فانه اما نأخذ بالدليل المقيد الدال علي اشتراط التقاء الختانين أو لا نأخذ به أما علي الاول فلا بد من الالتزام بالتقييد علي نحو الاطلاق بلا فرق بين الموارد و النتيجة أن مقطوع الحشفة لا يصير مجنبا بالادخال لفقد الشرط و هذا هو الحق اذا لأحكام الوضعية غير مرهونة بالاختيار و لا فرق بين المختار و غيره و علي الثاني فلا وجه للتقييد أيضا اذ مقتضي الاطلاق كفاية مطلق الدخول أو لزوم ادخال الكل بناء علي أن الظاهر من الادخال و الايلاج ادخال تمام الذكر.

(2) للإطلاق كما مر آنفا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 23

[مسألة 141: اذا تحقق الجماع تحققت الجنابة للفاعل و المفعول به من غير فرق بين الصغير و الكبير و العاقل و المجنون و القاصد و غيره]

(مسألة 141): اذا تحقق الجماع تحققت الجنابة للفاعل و المفعول به من غير فرق بين الصغير و الكبير و العاقل و المجنون و القاصد و غيره (1) بل الظاهر ثبوت الجنابة للحي اذا كان أحدهما ميتا (2).

______________________________

(1) تارة يقع الكلام في الدخول في قبل المرأة و اخري في غيره أما الدخول في قبل المرأة فالحكم بتحقق الجنابة علي الاطلاق- كما في- المتن من باب اطلاق الدليل و أما في غيره فقد مر الاشكال فيه لعدم ثبوت الاطلاق فلا بد من التماس الدليل ففي كل مورد ثبت الاجماع التعبدي و الا فمقتضي القاعدة اجراء اصالة البراءة و استصحاب العدم.

(2) ما ذكر في المقام أو يمكن أن يذكر امور:

منها اطلاق الادلة و الانصاف أن شمول الاطلاق للمقام مشكل و منها الاجماع و الاشكال فيه أظهر و منها الاستصحاب و فيه أنه تعليقي لا يجري مضافا الي أنه لا يجري الاستصحاب في الحكم الكلي.

و منها الفحوي المستفاد من

حديث زرارة «1» و قد مر الاشكال فيه.

و استدل علي المدعي بما دل من النصوص علي أن حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا مثل ما رواه العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: حرمة المسلم ميتا كحرمته و هو حي سواء «2» و ما رواه مسمع كردين قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كسر عظم ميت فقال: حرمته ميتا أعظم من حرمته و هو حي «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 20

(2) الوسائل الباب: 51 من أبواب الدفن

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب ديات الاعضاء الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 24

[مسألة 142: اذا خرج المني بصورة الدم وجب الغسل بعد العلم بكونه منيا]

(مسألة 142): اذا خرج المني بصورة الدم وجب الغسل بعد العلم بكونه منيا (1).

[مسألة 143: اذا تحرك المني عن محله بالاحتلام و لم يخرج الي الخارج لا يجب الغسل]

(مسألة 143): اذا تحرك المني عن محله بالاحتلام و لم يخرج الي الخارج لا يجب الغسل (2).

[مسألة 144: يجوز للشخص اجناب نفسه بمقاربة زوجته]

(مسألة 144): يجوز للشخص اجناب نفسه بمقاربة زوجته و لو لم يقدر علي الغسل و كان بعد دخول الوقت (3) نعم اذا لم يتمكن

______________________________

و في دلالته علي المدعي اشكال ظاهر فلا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم.

(1) لإطلاق الدليل و الانصراف لا وجه لادعائه- بعد فرض كون المورد من مصاديق الموضوع- الا بدوا.

(2) لعدم تحقق الجنابة.

(3) ادعي عليه الاجماع و العمدة النص الوارد في المقام لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون معه أهله في سفر لا يجد الماء يأتي أهله؟

قال: ما أحب أن يفعل الا أن يخاف علي نفسه قلت: فيطلب بذلك اللذة أو يكون شبقا الي النساء فقال: ان الشبق يخاف علي نفسه قال: قلت: طلب بذلك اللذة قال: هو حلال «1».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل يكون مع أهله في السفر فلا يجد الماء يأتي أهله؟ فقال: ما أحب أن يفعل ذلك الا أن يكون شبقا أو يخاف علي نفسه «2» و لا فرق بين كونه قبل دخول الوقت و بعده

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب مقدمات النكاح

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب التيمم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 25

من التيمم لا يجوز ذلك (1).

و أما في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضئا و لم يتمكن من الوضوء لو أحدث أن يبطل وضوئه اذا كان بعد دخول الوقت (2).

[مسألة 145: إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا]

(مسألة 145): اذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا، لا يجب عليه الغسل و كذا لا يجب لو شك في أن المدخول فيه فرج أو دبر أو غيرهما (3).

[مسألة 146: الوطء في دبر الخنثي موجب للجنابة علي الاحوط]

(مسألة 146): الوطء في دبر الخنثي موجب للجنابة علي الاحوط فيجب الجمع بين الغسل و الوضوء اذا كان الواطئ أو

______________________________

لإطلاق الدليل فلاحظ.

(1) فانه تفويت للصلاة و لا يجوز تفويتها علي حسب القاعدة الاولية و الجواز مع عدم التمكن من الغسل بلحاظ النص الخاص كما مر.

(2) فان المستفاد من دليل التيمم أنه بدل اضطراري و لا يجوز للمكلف أن يعجز نفسه.

و بعبارة اخري ليس وجوب التيمم للفاقد مثل القصر بالنسبة الي المسافر كي يقال: بأن الاختيار بيد المكلف.

و بتوضيح آخر ملاك الوضوء موجود مع فقدان الماء فلا يجوز تفويت الملاك و لذا يشكل الجوز حتي قبل دخول الوقت اذا قلنا بوجوب المقدمات المفوتة.

(3) فان الشبهة موضوعية و الاستصحاب محكم و مقتضاه عدم حصول ما يقتضي الجنابة.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 26

الموطوء محدثا بالاصغر (1) دون قبلها (2) الا مع الانزال فيجب عليه الغسل دونها الا أن تنزل هي أيضا (3) و لو أدخلت الخنثي في الرجل أو الانثي مع عدم الانزال لا يجب الغسل علي الواطئ و لا علي الموطوء (4).

و اذا أدخل الرجل بالخنثي و تلك الخنثي بالانثي وجب الغسل

______________________________

(1) الوجه في عدم الجزم ناش من التردد في كون الخنثي رجلا أو امرأة و بني الماتن وجوب الغسل في غير القبل و الدبر من المرأة علي الاحتياط فعليه الامر كما أفاده.

(2) كما نقل عن جماعة التصريح به و الوجه أنه مورد الشك لاحتمال كونه ثقبا و ليس بفرج و الاصل يقتضي عدم الجنابة.

ان قلت:

ما المانع من الاخذ باطلاق قوله عليه السلام «اذا التقي الختاتان وجب الغسل»؟ قلت: الظاهر من الرواية الاكتفاء في العضو الاصلي لا المشابه.

و لكن لقائل أن يقول بان من أدخل ذكره في قبل الخنثي يعلم اجمالا اما يجب عليه الغسل أو يحرم عليه النظر الي ما يمكن أن يكون ذكرا لها و مقتضي العلم الإجمالي تنجز أطرافه فلاحظ.

(3) اذ الا نزل يوجب الجنابة بلا كلام و أما مع عدم الانزال فيجري في الخنثي ما ذكرناه في الواطئ من حيث الشك في تحقق السبب و الاصل عدمه.

و لقائل أن يقول: ان الانزال لو لم يكن من الموضع المعتاد لا يوجب الجنابة و الموضع المعتاد في الخنثي غير معلوم.

(4) للشك في سبب تحقق الجنابة كما ذكرنا.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 27

علي الخنثي دون الرجل و الانثي (1).

[الفصل الثاني فيما يتوقف صحته أو جوازه علي غسل الجنابة]
اشارة

الفصل الثاني فيما يتوقف صحته أو جوازه علي غسل الجنابة

[و هو أمور]
اشارة

و هو أمور:

[الأول: الصلاة مطلقا]

الاول: الصلاة مطلقا (2).

______________________________

(1) و الوجه فيه أن الخنثي تعلم تفصيلا بكونها جنبا لكونها اما واطئة أو موطوئة و أما الرجل و المرأة فيجري الاصل في حقهما و مقتضاه عدم الجنابة.

(2) الظاهر أن هذا اجماعي بل لا يبعد أن يقال: بأنه من ضروريات الفقه و يدل عليه قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا» «1» مضافا الي جملة من النصوص:

منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا دخل الوقت وجب الطهور و الصلاة و لا صلاة الا بطهور «2».

و منها ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتي خرج شهر رمضان قال: عليه أن يغتسل و يقضي الصلاة و الصيام «3».

و منها ما رواه علي بن مهزيار في حديث ان الرجل اذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصلاة الا ما كان في وقت و اذا كان جنبا أو صلي علي غير وضوء فعليه اعادة

______________________________

(1) المائدة/ 6

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 39 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 28

عدا صلاة الجنائز (1).

______________________________

الصلوات المكتوبات اللواتي فاتته لان الثوب خلاف الجسد فاعمل علي ذلك إن شاء اللّه «1».

(1) لجملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة:

منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل تفجأه الجنازة و هو علي غير طهر قال: فليكبر معهم «2».

و منها: ما رواه يونس بن

يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجنازة اصلي عليها علي غير وضوء؟ فقال: نعم انما هو تكبير و تسبيح و تحميد و تهليل كما تكبر و تسبح في بيتك علي غير وضوء «3».

فانها دالة علي عدم اشتراطها بالطهارة لا من الاصغر و لا من الاكبر و تفصيل الكلام موكول الي بحث صلاة الجنازة فانتظر.

مضافا الي أن عدم الاشتراط مطابق الاصل الاولي فان صلاة الجنازة ليست صلاة كما نص عليه في بعض النصوص لاحظ ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما جوزنا الصلاة علي الميت بغير وضوء لأنه ليس فيها ركوع و لا سجود و انما هي دعاء و مسألة و قد يجوز أن تدعو اللّه و تسأله علي اي حال كنت و انما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها ركوع و سجود «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 29

و كذا أجزائها المنسية (1) بل سجود السهو علي الاحوط استجابا (2).

[الثاني: الطواف الواجب بالاحرام مطلقا]

الثاني: الطواف الواجب بالاحرام مطلقا كما تقدم في الوضوء (3).

[الثالث: الصوم]

الثالث: الصوم بمعني انه لو تعمد البقاء علي الجنابة حتي طلع الفجر بطل صومه و كذا صوم ناسي الغسل علي تفصيل يأتي في محله ان شاء اللّه تعالي (4).

[الرابع: مس كتابة القرآن الشريف و مس اسم اللّه تعالي]

الرابع: مس كتابة القرآن الشريف (5) و مس اسم اللّه تعالي علي

______________________________

(1) قد ذكرنا وجه الاشتراط في مبحث الوضوء و قلنا بان الظاهر اعتبار الاشتراط حيث ان الجزء تبدل مكانه و انه هو فتعتبر فيها شروطها.

(2) فانه قد مر في بحث الوضوء انه لا دليل علي اعتبار الطهارة فيه اذ انه ليس جزءا من الصلاة و لا يكون تركه- و لو عمدا- موجبا لبطلانها.

(3) و قد ذكرنا ما يرتبط به فراجع.

(4) و يأتي الكلام في شرح المتن هناك ان شاء اللّه تعالي.

(5) العمدة فيه الاجماع و التسالم و الاولوية المستفادة من حرمة المس للمحدث بالحدث الاصغر حيث دل عليه ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن قرء في المصحف و هو علي غير وضوء قال: لا بأس و لا يمس الكتاب «1» فانه يدل علي الحرمة بالنسبة الي الجنب بطريق أولي.

و أما ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال: المصحف لا تمسه علي غير طهر و لا جنبا و لا تمس خطه و لا تعلقه ان اللّه يقول: لا يمسه الا المطهرون «2»، فضعيف كما مر في فصل الوضوء.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الوضوء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 30

ما تقدم في الوضوء (1).

[الخامس: اللبث في المساجد]

الخامس: اللبث في المساجد بل مطلق الدخول فيها (2).

______________________________

(1) بلا خلاف- كما عن النهاية- و عن بعض الاصحاب دعوي الاجماع عليه و يدل عليه ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يمس الجنب درهما و لا دينارا عليه اسم اللّه «1».

و يعارضه ما رواه أبو الربيع عن أبي عبد

اللّه عليه السلام في الجنب يمس الدراهم فيها اسم اللّه و اسم رسوله قال: لا بأس به ربما فعلت ذلك «2».

و هذه الرواية ضعيفة بخالد و في الباب حديثان آخر ان أحدهما ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن الجنب و الطامث يمسان أيديهما الدراهم البيض قال: لا بأس «3».

ثانيهما: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته هل يمس الرجل الدراهم الابيض و هو جنب؟ فقال: اي اني و اللّه لأوتي بالدرهم فآخذه و اني لجنب «4».

و يمكن الجمع بينهما و بين حديث عمار بحمل حديث عمار علي مس الاسم و حملهما علي الموضع الخالي و علي تقدير التعارض و عدم امكان الجمع يكون الترجيح مع دليل الجواز للأحدثية و طريق الاحتياط ظاهر.

(2) نقل عن بعض الاصحاب: التعبير عن موضوع الحرمة باللبث و عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 31

______________________________

جماعة (التعبير بالاستيطان) و عن بعض: التعبير بالجلوس.

و يدل علي المدعي ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قالا: قلنا له: الحائض و الجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال: الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين ان اللّه تبارك و تعالي يقول: «و لا جنبا الا عابري سبيل حتي تغتسلوا «1».

و مقتضي اطلاق الرواية حرمة مطلق الدخول- كما في المتن- بل الصحيح أن يقال: ان الاية تدل علي المدعي ببركة بيان المعصوم الذي هو عدل الكتاب.

و تدل علي المدعي جملة اخري من النصوص الواردة في الباب 15 من أبواب الجنابة

من الوسائل.

نعم في المقام رواية تعارض دليل النهي و هي ما رواه محمد بن القاسم قال، سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجنب ينام في المسجد؟ فقال: يتوضأ و لا بأس أن ينام في المسجد و يمر فيه «2».

و يمكن أن يقال بانها واردة في خصوص مورد خاص فتأمل.

و مقتضي القاعدة التخصيص و علي تقدير الالتزام بالمعارضة يكون الترجيح مع دليل المنع لموافقتها لظاهر الكتاب و هو قوله تعالي و لا جنبا الا عابري سبيل حتي تغتسلوا «3» بل قيل ان دليل الجواز موافق للتقية فما نقل عن سلار من القول بالكراهة ضعيف كما ان ما نقل عنه في مقام الاستدلال بان الجواز مقتضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 18

(3) النساء/ 43

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 32

و ان كان لوضع شي ء فيها (1) بل لا يجوز وضع شي ء فيها حال الاجتياز و من خارجها (2) كما لا يجوز الدخول لأخذ شي ء منها (3).

______________________________

الاصل ضعيف فان الاصل لا يعارض الدليل الاجتهادي كما هو ظاهر.

(1) لإطلاق الدليل.

(2) للنص و هو ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجنب و الحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟ قال: نعم و لكن لا يضعان في المسجد شيئا «1».

و ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: الحائض و الجنب فيه شيئا قال زرارة: قلت له فما بالهما يأخذان منه و لا يضعان فيه؟ قال: لأنهما لا يدخلان المسجد الا مجتازين الي أن قال: و يأخذان من المسجد و لا يضعان فيه شيئا قال زرارة: قلت له فما بالهما يأخذان منه و

لا يضعان فيه؟ قال: لأنهما لا يقدران علي أخذ ما فيه الا منه و يقدران علي وضع ما بيد هما في غيره «2» و أما مرسل علي بن ابراهيم «3» الوارد بهذا المضمون فلا اعتبار بسنده للإرسال.

(3) لإطلاق النهي عن الدخول و ما دل علي جواز الاخذ منها كحديث محمد بن مسلم و مرسل علي بن ابراهيم لا يدل علي جواز الدخول فانهما يدلان علي جواز الاخذ في مقابل عدم جواز الوضع و أما الدخول لهذه الغاية فلا يستفاد من الحديثين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 33

و يجوز الاجتياز فيها بالدخول من باب مثلا و الخروج من آخر (1) الا في المسجدين الشريفين- المسجد الحرام و مسجد النّبيّ صلي اللّه عليه و آله- (2) و الاحوط وجوبا الحاق المشاهد المشرفة بالمساجد في الاحكام المذكورة (3).

______________________________

و ان شئت قلت: ان العرف لا يري معارضة بين الدليلين.

و ما أفاده سيد المستمسك في هذا المقام من أن التأمل في النص يعطي أن الجواز بلحاظ الدخول، مدفوع بان المستفاد من النص ان الفرق بين الوضع و الاخذ أن الوضع لا ينحصر موضعه و أما الاخذ فلا بدل له و لا ترتبط هذه الجهة بالدخول و عدمه.

و بعبارة أخري موضوع الحكم هو الاخذ و الوضع و لذا قلنا بان الوضع لا يجوز حتي من الخارج فلاحظ.

(1) كما دلت عليه الاية و الرواية.

(2) ادعي عليه الاجماع و عن الحدائق نفي الخلاف فيه و تدل عليه جملة من النصوص.

منها ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجنب يجلس في المساجد؟ قال: لا و

لكن يمر فيها كلها الا المسجد الحرام و مسجد الرسول صلي اللّه عليه و آله «1».

و منها ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: للجنب أن يمشي في المساجد كلها و لا يجلس فيها الا المسجد الحرام و مسجد الرسول صلي اللّه عليه و آله «2».

(3) قد ذكرت في وجه الالحاق امور:

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 34

______________________________

منها: تحقق المسجدية فيها و زيادة. و فيه: أنه لا اشكال في عدم كونها مسجدا و كون الدخول هتكا لاحترامهم أول الكلام و مع صدقه لا يجوز بأي نحو و لو مع الطهارة.

و منها: جملة من الروايات المذكورة في الباب 16 من أبواب الجنابة من الوسائل:

منها: ما رواه بكر بن محمد قال: خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد اللّه عليه السلام فلحقنا أبو بصير خارجا من زقاق و هو جنب و نحن لا نعلم حتي دخلنا علي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فرفع رأسه الي أبي بصير فقال:

يا أبا محمد أما تعلم أنه لا ينبغي لجنب أن يدخل بيوت الانبياء؟ قال: فرجع أبو بصير و دخلنا «1».

و منها: ما رواه المفيد عن أبي بصير قال: دخلت المدينة و كانت معي جويرية فاصبت منها ثم خرجت الي الحمام فلقيت اصحابنا الشيعة و هم متوجهون الي أبي عبد اللّه عليه السلام فخفت (فخشيت خ ل) أن يسبقوني و يفوتني الدخول اليه فمشيت معهم حتي دخلت الدار فلما مثلت بين يدي أبي عبد اللّه عليه السلام نظر الي ثم قال: يا أبا بصير أما علمت أن بيوت الانبياء و اولاد الانبياء لا يدخلها الجنب؟ فاستحييت

الحديث «2».

و منها ما رواه أبو بصير قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام و أنا اريد أن يعطيني من دلالة الامامة مثل ما أعطاني أبو جعفر عليه السلام فلما دخلت و كنت

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 35

[السادس: قراءة آية السجدة من سور العزائم]

السادس: قراءة آية السجدة من سور العزائم (1).

______________________________

جنبا فقال: يا با محمد ما كان ذلك فيما كنت فيه شغل تدخل علي و أنت جنب فقلت ما عملته الا عمدا قال: أو لم تؤمن؟ قلت: بلي و لكن ليطمئن قلبي.

و قال: يا با محمد قم فاغتسل فقمت و اغتسلت و صرت الي مجلسي و قلت عند ذلك: انه امام «1».

بتقريب: انها تدل علي عدم جواز الدخول علي أحيائهم و حرمتهم ميتا كحرمتهم حيا.

و هذه الروايات مخدوشة اما سندا و اما دلالة أما الرواية الاولي فلا تدل علي التحريم كما تري فان لفظ لا ينبغي لا يدل علي الحرمة و أما الثانية فمرسلة و أما الثالثة فلا تدل علي الحرمة فان مقصوده الامتحان و الامام عليه السلام أعلم أبا بصير بانه عالم بالغيوب و أما الرابعة فمرسلة و كذلك الخامسة و الاحتياط طريق النجاة.

(1) يظهر من كلمات الاصحاب في هذا المقام أن الاقوال في المسألة ثلاثة:

الاول: حرمة قراءة الجنب حتي آية من سور العزائم.

الثاني: جواز القراءة مطلقا. الثالث: حرمة خصوص آية السجدة- كما في المتن-.

و الظاهر ان الحق هو القول الثالث و يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: قلت له: الحائض و الجنب هل يقرءان من القرآن شيئا؟ قال: نعم ما شاءا الا السجدة و يذكر ان اللّه علي

كل حال «2».

و مثله ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: الجنب و الحائض

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب الجنابة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 36

و هي الم السجدة و حم السجدة و النجم و العلق (1) و الاحوط

______________________________

يفتحان المصحف من وراء الثوب و يقرءان من القرآن ما شاءا الا السجدة «1».

و تقريب الاستدلال علي المدعي بهما أن السجدة المذكورة فيهما مصدر للمرة من السجود و حيث انه ليس المراد منها المعني الحقيقي يكون المراد منها سبب السجدة أو محل السجدة و من الظاهر ان محل السجدة أو سببها آية السجود فلا وجه لتعميم الحكم الي تمام السورة كما انه لا مجال للقول بعدم الحرمة لدلالة بعض النصوص كرواية الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا بأس أن تتلو الحائض و الجنب القرآن «2» و روايتي الحلبي و ابن بكير «3» اذ تخصيص الاطلاق بالمقيد ليس عزيزا فلاحظ.

(1) تدل عليه جملة من النصوص: منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قرأت شيئا من العزائم التي يسجد فيها فلا تكبر قبل سجودك و لكن تكبر حين ترفع رأسك و العزائم أربعة: حم السجدة و تنزيل و النجم و اقرأ باسم ربك «4».

و منها ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان العزائم أربع: اقرأ باسم ربك الذي خلق و النجم و تنزيل السجدة و حم السجدة «5».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: العزائم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس

المصدر الحديث: 6 و 2

(4) الوسائل الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 37

استحبابا الحاق تمام السورة بها حتي بعض البسملة (1).

[مسألة 147: لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها و الخراب]

(مسألة 147): لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها و الخراب و ان لم يصل فيه أحد و لم تبق آثار المسجدية و كذلك المساجد في الاراضي المفتوحة عنوة اذا ذهبت آثار المسجدية بالمرة (2).

[مسألة 148: ما يشك في كونه جزءا من المسجد من صحنه و حجراته و منارته و حيطانه و نحو ذلك]

(مسألة 148): ما يشك في كونه جزءا من المسجد من صحنه و حجراته و منارته و حيطانه و نحو ذلك لا تجري عليه أحكام المسجدية (3).

[مسألة 149: لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال الجنابة]

(مسألة 149): لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال الجنابة (4).

______________________________

الم تنزيل و حم السجدة و النجم و اقرأ باسم ربك «1».

(1) للخروج عن شبهة الخلاف.

(2) لإطلاق الادلة خلافا لما عن بعض العامة حيث ذهب- علي ما نقل عنه- بخروج الارض عن عنوان المسجدية بالخراب و لكنه ضعيف فالحكم مطلق اذ ارض المسجد مسجد و لا وجه لخروجها عن تحت العنوان بالخراب و هذا هو العمدة لا الاستصحاب فان جريانه في الحكم الكلي ممنوع.

و فيما ذكرناه لا فرق بين غير مفتوحة العنوة و المفتوحة عنوة لوحدة الملاك فما اشار اليه سيد العروة فيها في هذا الفرع ضعيف.

(3) لاستصحاب عدم صيرورته جزءا كما أن مقتضي البراءة عدم الحرمة.

(4) استدل عليه بانه أمر بالمنكر و ترغيب في فعله و حرمة ذلك واضحة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 38

بل الاجارة فاسدة و لا يستحق الاجرة المسماة (1) و ان كان يستحق الاجرة المثل (2) هذا اذا علم الاجير بجنابته أما اذا جهل بها فالاظهر جواز استيجاره و كذلك الصبي و المجنون الجنب (3):

[مسألة 150: إذا علم إجمالا جنابة أحد الشخصين لا يجوز استيجارهما و لا استيجار أحدهما]

(مسألة 150): اذا علم اجمالا جنابة احد الشخصين لا يجوز استيجارهما و لا استيجار احدهما لقراءة العزائم أو دخول المساجد أو نحو ذلك مما يحرم علي الجنب (4).

______________________________

و يرد عليه: أن الاستيجار ليس معناه الامر بل لا منافاة بين الاستيجار و النهي عن الدخول نعم لو قلنا بحرمة الاعانة علي الاثم أمكن القول بالحرمة من كون الاجارة اعانة علي الاثم لكن حرمة الاعانة محل الكلام و سيدنا الاستاد لم يسلمها.

(1) اذ يشترط في صحة الاجارة تمكن الاجير من تسليم مورد عقد الاجارة و لا فرق في عدم التمكن بين العقلي

و الشرعي.

و لقائل أن يقول: اي منافاة بين حرمة الدخول و صحة الاجارة في مفروض المسألة اذ الكنس بنفسه ليس حراما و انما الحرام اللبث في المسجد فالمستأجر يملك الكنس في ذمة الموجر غاية الامر يحرم عليه الدخول و من ناحية اخري يجب عليه تسليم مال الغير فيكون من صغريات باب التزاحم فتأمل.

(2) الظاهر أنه من باب أن ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

(3) الظاهر أنه مع عدم توجه النهي لا وجه للفساد و الحرمة.

(4) لا وجه لما ذكر فانه مع عدم تنجز التكليف علي الاجير لا وجه للحرمة و الفساد و ما أفاده مناف لما مر منه آنفا و يمكن أن يكون كلامه ناظرا الي صورة علم الجنب بجنابته و لكن المستأجر جاهل و لا يعلم أيهما جنب كما أن كلام سيد العروة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 39

[مسألة 151: مع الشك في الجنابة لا يحرم شي ء من المحرمات المذكورة]

(مسألة 151): مع الشك في الجنابة لا يحرم شي ء من المحرمات المذكورة الا اذا كانت حالته السابقة هي الجنابة (1).

[الفصل الثالث فيما يكره علي الجنب]

الفصل الثالث قد ذكروا انه يكره للجنب الاكل و الشرب (2).

الا بعد الوضوء (3) أو المضمضة و الاستنشاق (4) و يكره قراءة ما زاد

______________________________

ناظر إلي هذه الصورة فلا اشكال.

(1) لاستصحاب عدمها.

(2) ادعي عليه الاجماع صريحا و ظاهرا و يمكن الاستدلال عليه بما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في حديث المناهي قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن الاكل علي الجنابة و قال: انه يورث انفقر «1» و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كان الرجل جنبا لم يأكل و لم يشرب حتي يتوضأ «2».

(3) كما في رواية الحلبي.

(4) لاحظ ما في الرضوي عنه عليه السلام و اذا أردت أن تأكل علي جنابتك فاغسل يديك و تمضمض و استنشق ثم كل و اشرب الي أن تغتسل فان أكلت أو شربت قبل ذلك اخاف عليك البرص و لا تعد الي ذلك «3».

لكن هذه الرواية تتضمن غسل اليدين أيضا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الجنابة الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) المستدرك الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 40

علي سبع آيات من غير العزائم (1) بل الاحوط استحبابا عدم قراءة شي ء من القرآن ما دام جنبا (2).

و يكره أيضا مس ما عدا الكتابة من المصحف (3) و النوم جنبا الا أن يتوضأ (4) أو يتيمم بدل الغسل (5).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن الجنب هل يقرء القرآن؟ قال: ما

بينه و بين سبع آيات «1».

(2) يمكن أن يكون الوجه فيما أفاده ما رواه ابن أبي الدنيا قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا يحجبه أو لا يحجزه عن قراءة القرءان الا الجنابة «2».

(3) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب و يقرءان من القرءان ما شاءا الا السجدة «3».

فان مقتضي هذه الرواية حرمة مس ما عدا الكتابة أيضا لكن حيث انه لا يمكن الالتزام بالحرمة تحمل الرواية علي الكراهة و ان شئت قلت: نرفع اليد عن الظاهر لوضوح عدم الحرمة.

(4) لاحظ ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل أ ينبغي له أن ينام و هو جنب؟ فقال: يكره ذلك حتي يتوضأ «4».

(5) لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب الجنابة الحديث: 9

(2) المستدرك الباب 11 من أبواب الجنابة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب الجنابة الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 25 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 41

[الفصل الرابع في واجباته]
اشارة

الفصل الرابع في واجباته:

[فمنها النية]

فمنها النية و لا بد فيها من الاستدامة الي آخر الغسل كما تقدم تفصيل ذلك كله في الوضوء (1).

[و منها: غسل ظاهر البشرة علي وجه يتحقق به مسماه]

و منها: غسل ظاهر البشرة علي وجه يتحقق به مسماه فلا بد من رفع الحاجب و تخليل ما لا يصل الماء معه الي البشرة الا بالتخليل (2).

______________________________

عليهم السلام قال: لا ينام المسلم و هو جنب و لا ينام الا علي طهور فان لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد «1».

و مقتضي هذه الرواية أن المأمور به الاولي هو الغسل و مع عدم الماء تصل النوبة الي التيمم فلا مجال للوضوء علي كل حال فيشكل ما افاده في المتن من التخيير بين الوضوء و التيمم لكن الرواية ضعيفة بقاسم بن يحيي.

و لا يخفي أن في هذا الفصل جهات من الاشكال و انما لا نتعرض لتلك الجهات لسهولة الامر في بابي المستحبات و المكروهات.

(1) و تقدم شرح كلام الماتن فراجع.

(2) لا يبعد أن يكون ما ذكر من الواضحات و نقل عليه دعوي الاجماع من جملة من الاساطين و قد دلت عليه رواية علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه. السلام قال: سألته عن المرأة عليها السوار والد ملج في بعض ذراعها لا تدري يجري الماء تحته أم لا كيف تصنع اذا توضات أو اغتسلت؟

قال: تحركه حتي يدخل الماء تحته أو تنزعه و عن الخاتم الضيق لا يدري هل يجري الماء تحته اذا توضأ أم لا كيف تصنع؟ قال: ان علم أن الماء لا يدخله

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 42

______________________________

فليخرجه اذا توضأ «1».

و عن المحقق الخوانساري: انه لا يبعد القول بعدم الاعتداد ببقاء شي ء يسير لا يخل عرفا بغسل جميع البدن اما مطلقا أو مع

النسيان».

و المنشأ لهذا الكلام جملة من النصوص. منها ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخاتم اذا اغتسلت قال: حوله من مكانه و قال في الوضوء: تدره فان نسيت حتي تقوم في الصلاة فلا آمرك أن تعيد الصلاة «2».

و هذه الرواية ضعيفة سندا فان الحسين الراوي للخبر لم يوثق بالصراحة نعم وثق اخوه و قيل في حق الحسين: انه أوجه من اخيه لكن الوجاهة لا تلازم التوثيق كما هو ظاهر بادني تأمل.

و منها: ما رواه السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: كن نساء النّبيّ صلي اللّه عليه و آله اذا اغتسلن من الجنابة يبقين (بقيت خ ل) صفرة الطيب علي اجسادهن و ذلك ان النّبيّ صلي اللّه عليه و آله أمرهن أن يصببن الماء صبا علي اجسادهن «3».

و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي مضافا الي عدم دلالتها.

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الحائض تغتسل و علي جسدها الزعفران لم يذهب به الماء قال: لا بأس «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب الوضوء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 43

و لا يجب غسل الشعر الا ما كان من توابع البدن كالشعر الرقيق (1).

______________________________

و هذه الرواية لا دلالة فيها علي المدعي اذ من الممكن قريبا ان المراد عدم ذهاب الماء بلون الزعفران، و ان وصلت النوبة الي المعارضة فالترجيح مع حديث ابن جعفر للأحدثية.

و منها: ما رواه ابراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرضا عليه السلام: الرجل يجنب فيصيب جسده و

رأسه الخلوق و الطيب و الشي ء اللكد (اللزق خ ل) مثل علك الروم و الظرب و ما أشبهه فيغتسل فاذا فرغ وجد شيئا قد بقي في جسده من أثر الخلوق و الطيب و غيره قال: لا بأس «1».

و من الممكن ان عدم البأس في مورد الرواية من باب جريان قاعدة الفراغ فانه لو رأي الاثر بعد الغسل و يحتمل عدم وصول الماء الي بعض جسده، و شك فيه فلا مانع من الاخذ بقاعدة الفراغ التي تكون مرجعا عند الشك.

(1) اعلم ان القاعدة الاولية تقتضي وجوب غسل الشعر مع البدن بلا فرق بين الرقيق و الكثيف لان الشعران لم يعد جزءا من البدن فلا أقل من كونه تابعا له فاذا امر بغسل البدن يفهم وجوب غسله بالتبع، و يمكن الاستدلال علي الوجوب- مضافا الي القاعدة الاولية- بجملة من النصوص:

منها: ما رواه حجر بن زائدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار «2» فان الظاهر منها وجوب غسل كل شعرة في البدن في غسل الجنابة و التأويل في الرواية، بحمل قوله عليه السلام علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الجنابة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 44

______________________________

أن المراد بالشعرة ما هو مقدارها من الجسد، خلاف الظاهر لا يصار اليه بلا قرينة و دليل.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال حدثتني سلمي (سلمة) خادم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قالت: كانت اشعار نساء النبي صلي اللّه عليه و آله قرون رءوسهن مقدم رءوسهن فكان يكفيهن من الماء شي ء قليل فاما النساء الان فقد ينبغي لهن أن يبالغن

في الماء «1» الي غيرها من النصوص الواردة في الباب 38 من أبواب الجنابة في الوسائل.

فالنتيجة لزوم غسل الشعر و قواه في الحدائق و قال: «قواه بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين» و نقل عن البهائي الميل اليه.

و في قبال هذا القول القول المشهور و هو عدم وجوب غسل الشعر و نقل عن بعض الاساطين دعوي الاجماع عليه و استدل عليه بجملة من النصوص المذكورة في الباب 38 من أبواب الجنابة من الوسائل الحديث: 3 و 4 و 5 و كلها ضعيفة أما الاول فبضعف اسناد الشيخ الي ابن فضال و أما الثاني فبالارسال و أما الثالث فبالكاهلي.

و تقريب الاستدلال بالثالث هو: أن الامر متعلق بري الرأس فلا يجب غسل الشعر و لا ينفذ الماء فيه اذ فرض في الرواية احكام الشعر و ابرامه فلا يصل الماء عادة الي سطوح كل شعرة.

و هذا التقريب مخدوش فان المستفاد من الرواية وجوب غسل الشعر فيجب المبالغة لحصول الري و حمل كلامه عليه السلام علي وجوب ري الرأس دون الشعر خلاف الظاهر و ادعاء امتناع وصول الماء الي سطوح الشعور

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 45

______________________________

ليس سديدا فان الماء سريع النفوذ و شديده غاية الامر نفوذه في فرض سؤال الراوي يحتاج الي معالجة و دقة و مبالغة في العصر و نحوه. فالنتيجة انه ليس في المقام نص يدل علي المدعي.

و عن الشهيد الثاني: «ان الفارق بين المقام و الوضوء النص» و ظهر انه ليس في المقام دليل معتبر علي المدعي و أما الاجماع فحاله في الاشكال ظاهر خصوصا مع التصريح بالمدرك من النصوص في كلام القوم في مقام الاستدلال فمن الممكن

قويا ان هذه النصوص مدركهم في ذهابهم الي القول بعدم الوجوب.

و أما ما رواه الشيخ و الصدوق عن زرارة قال: قلت له: أ رأيت ما كان تحت الشعر؟ قال: كل ما أحاط به الشعر فليس للعباد أن يغسلوه و لا يبحثوا عنه و لكن يجري عليه الماء «1» فهو مخصوص بخصوص الوجه في الوضوء فلا يجوز التعدي فان الحديث رواه الشيخ بطريقه و رواء الصدوق أيضا بطريقه غير طريق الشيخ و المروي بطريق الصدوق لا يشمل غير الوجه كما يظهر للمتأمل فيه اذ السؤال عن شعر الوجه و الجواب في اطار خاص فلا مجال لان يقال: ان الميزان بعموم الجواب لا بخصوص السؤال.

و بعبارة اخري: يمكن أن يقال: بان قوله عليه السلام: «كلما احاط به الشعر» ناظر الي مورد سؤال الراوي و هو الوجه فلا عموم فيه فتأمل.

و أما المروي بطريق الشيخ فالظاهر أنه لا مانع من الاطلاق و لا مقتضي لتخصيص الموضوع بخصوص الوجه و عليه يمكن الالتزام بان غسل الشعر

______________________________

(1) التهذيب ج 1 ص 364 و الفقيه ج 1 ص: 28

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 46

و لا يجب غسل الباطن أيضا (1)

______________________________

المحيط علي البشرة يجزي عن غسل البشرة علي الاطلاق الا أن يقال: بان قول زرارة: «قلت له أ رأيت ما كان تحت الشعر» لا يمكن أن يكون ابتدائيا بل يكون مسبوقا بكلام و معه لا ينعقد الاطلاق و العموم و اللّه العالم.

فالنتيجة: عدم الدليل علي الخروج عن مقتضي القاعدة الاولية الا أن يثبت اجماع تعبدي و أني لنا بذلك.

(1) هذا هو المشهور بين القوم و حكي عليه عدم الخلاف من الحدائق و المنتهي.

و يمكن الاستدلال عليه بما دل علي جواز الارتماس لاحظ

ما رواه الحلبي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله «1».

و ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يجنب فيرتمس في الماء ارتماسة واحدة و يخرج يجزيه ذلك من غسله؟ قال:

نعم «2».

و ما رواه الحلبي قال: حدثتني من سمعه يقول: اذا اغتمس الجنب في الماء اغتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله «3».

فان المستفاد منها كفاية غسل ظاهر الجسد حيث لا دلالة فيها علي وجوب غسل الباطن و لا يستفاد من غيرها بحسب الفهم العرفي أزيد من هذا المقدار لاحظ حديث زرارة قال فيه: و لو أن رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 13

(3) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 47

نعم الاحوط استحبابا غسل ما يشك في أنه من الباطن أو الظاهر (1) الا اذا علم سابقا انه من الظاهر ثم شك في تبدله (2).

[و منها: الإتيان بالغسل علي إحدي كيفيتين]
اشارة

و منها: الاتيان بالغسل علي احدي كيفيتين: أولاهما الترتيب بأن يغسل أولا تمام الرأس و منه العنق ثم بقية البدن (3).

______________________________

أجزأه ذلك و ان لم يدلك جسده «1» و غيره و علي تقدير الشك يكون مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط لكن مع الشك فمقتضي الاصل الموضوعي و الحكمي من الاستصحاب و البراءة عدم الوجوب.

(2) فان مقتضي الاستصحاب بقائه علي ما كان.

(3) يظهر من هذه العبارة أمران: أحدهما غسل جميع البدن و قد مر وجهه.

ثانيهما غسل الرأس أو لا مع العنق و قد اندرج في هذا الفرع أمران:

الاول: اشتراط الترتيب أي يجب تقديم غسل الرأس علي

بقية الاعضاء. الثاني كون العنق داخلا في الرأس و لزوم غسله معه فلا بد من التكلم في كلا الامرين.

فنقول: استدل علي الامر الاول بالإجماع قال في الحدائق: ثم ان وجوب الترتيب بين غسل الراس و البدن مما انعقد عليه اجماعنا و استفاضت به اخبارنا».

و في بعض الكلمات: «فهو اجماع صريحا أو ظاهرا حكاه جماعة كثيرة من القد ماء و المتاخرين و متأخريهم».

و تدل عليه جملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن غسل الجنابة فقال: تبدأ بكفيك فتغسلهما ثم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 48

______________________________

تغسل فرجك ثم تصب علي رأسك ثلاثا ثم تصب علي سائر جسدك مرتين فما جري عليه الماء فقد طهر «1».

و مثله ما رواه زرارة و ما رواه سماعة «2» و بهذه المقيدات ترفع اليد عن اطلاق جملة من النصوص:

منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجنابة فقال: تبدأ الي أن قال: ثم تغسل جسدك من لدن قرنك الي قدميك «3» و مثله ما رواه ابن أبي نصر و ما رواه حكم بن حكيم و ما رواه أبو بصير «4».

و ما في بعض الكلمات، من أن في المطلقات ما لا يقبل التقييد كخبر زرارة حيث تعرض الامام عليه السلام لأمور كثيرة ليست داخلة في الغسل و لم يتعرض للترتيب مع أن السؤال عن غسل الجنابة، لا يرجع الي محصل صحيح فان قانون التقييد أن يقيد المطلق بالمقيد و ليس في خبر زرارة غير الاطلاق فلا اشكال في أن مقتضي الصناعة أن يقيد فلاحظ.

و استدل علي المدعي: بما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال:

من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثم بدا له أن يغسل رأسه لم يجد بدا من إعادة الغسل «5».

و ما رواه حريز «6» فان المستفاد من الحديثين انه لا يجوز تقديم البدن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2 و 8

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6 و 7 و 9

(5) الوسائل الباب 28 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 49

______________________________

علي الرأس فيدل علي المدعي بضميمة عدم القول بالفصل بين عدم جواز التقديم و وجوب التأخير.

و يدل عليه ما رواه حريز في الوضوء يجف قال: قلت له: فان جف الاول قبل أن أغسل الذي يليه؟ قال: جف أو لم يجف اغسل ما بقي قلت: و كذلك غسل الجنابة قال: هو بتلك المنزلة و ابدأ بالرأس ثم أفض علي سائر جسدك قلت و ان كان بعض يوم؟ قال: نعم «1».

و يمكن أن يستدل علي المدعي بما ورد في كيفية غسل الميت لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ثم تبدأ فتغسل الرأس و اللحية بسدر حتي ينقيه ثم تبدأ بشقه الايمن ثم بشقه الايسر «2».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ثم تبدأ بكفيه و رأسه ثلاث مرات بالسدر ثم سائر جسده و ابدأ بشقه الايمن «3»، بضميمة ما ورد من أن غسل الميت مثل غسل الجنب «4».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه محمد بن مسلم قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فسطاطه و هو يكلم امرأة فابطأت عليه فقال: ادنه هذه أم اسماعيل جاءت و أنا، ازعم أن هذا المكان الذي

احبط اللّه فيه حجها عام أول كنت أردت الاحرام فقلت: ضعوا إلي الماء في الخبا فذهبت الجارية بالماء فوضعته فاستخففتها فاصبت منها فقلت: اغسلي رأسك و امسحيه مسحا شديدا لا تعلم به مولاتك فاذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 2

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 49

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 50

______________________________

اردت الاحرام فاغسلي جسدك و لا تغسلي رأسك «1».

و لكن يعارضه ما رواه هشام بن سالم قال: كان أبو عبد اللّه عليه السلام فيما بين مكة و المدينة و معه أم اسماعيل فاصاب من جارية له فأمرها فغسلت جسدها و تركت رأسها و قال لها: اذا أردت أن تركبي فاغسلي رأسك «2».

لكن الظاهر انها واقعة واحدة و هشام تارة يروي الرواية عن ابن مسلم و اخري يسقط الواسطة و يحكي الواقعة و عليه يكون الموضوع مجملا و غير معلوم و يبقي الدليل علي المدعي سليما عن المعارض.

مضافا اني أنه يمكن ترجيح ما يدل علي الاشتراط بمخالفته مع العامة فان المستفاد من «الفقه علي المذاهب الخمسة» لمغنية أنهم غير قائلين بالاشتراط.

و أما كون العنق داخلا في الرأس فقد أفاد صاحب الحدائق: «انه قال بعض المحققين من علمائنا المتأخرين ان الرأس عند الفقهاء يطلق علي معان: الاول كرة الرأس التي هي منبت و هو رأس المحرم. الثاني أنه عبارة عما ذكر مع الاذنين و هو رأس الصائم. الثالث: انه مع الوجه و هو رأس الجناية

في الشجاج.

الرابع انه ذلك كله مع الرقبة و هو رأس المغتسل.

و لا يبعد أن يكون حقيقة عرفية عندهم و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه زرارة قال: قلت: كيف يغتسل الجنب؟ فقال: ان لم يكن أصاب كفه شي ء غمسها في الماء ثم بدأ بفرجه فانقاه بثلاث غرف ثم صب علي رأسه ثلاث أكف ثم صب علي منكبه الايمن مرتين و علي منكبه الايسر مرتين فما جري

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب الجنابة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 51

و الاحوط الاولي أن يغسل أولا تمام النصف الايمن ثم تمام النصف الايسر (1).

______________________________

عليه الماء فقد أجزأه «1».

و وجه الاستدلال: أن العنق ليس داخلا في المنكب بلا اشكال، و لا يترك غسله بلا كلام، و لا يغسل باستقلاله مضافا الي أنه لم يذكر في الرواية.

و ربما يقال: بان المستفاد من رواية أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجنابة فقال: تصب علي يديك الماء فتغسل كفيك ثم تدخل يدك فتغسل فرجك ثم تتمضمض و تستنشق و تصب الماء علي رأسك ثلاث مرات و تغسل وجهك و تفيض علي جسدك الماء «2»، خروج الرقبة عن الرأس بتقريب انه أمر بغسل الوجه في قبال الرأس فالوجه خارج عن الرأس فالرقبة خارجة بطريق أولي.

و فيه انه يمكن أن يكون من قبيل عطف الجزء علي الكل و الا يلزم اهمال ذكر الوجه في بقية الروايات.

و ان شئت قلت: انه لا اشكال في جواز غسل الوجه مع الرأس بل لا اشكال في وجوبه انما الاشكال في خصوص الرقبة.

(1) كلامه ظاهر في استحباب رعاية الترتيب بين الجانبين و الوجه فيه-

ظاهرا- عدم ما يقتضي الترتيب بينهما في نصوص الباب و لكن لا يبعد أنه يكفي للاستدلال علي الاشتراط ما تقدم منا من أحاديث غسل الميت فان المستفاد من بعض تلك النصوص ان غسل الميت كغسل الجنابة و بعض منها دل علي لزوم الترتيب بين

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 52

و لا بد في غسل كل عضو من ادخال شي ء من الاخر نظير باب المقدمة (1) و لا ترتيب هنا بين أجزاء كل عضو فله أن يغسل الاسفل منه قبل الاعلي (2).

______________________________

الايمن و الايسر.

و الاشكال في الدلالة: بان المذكور في الحديث ان غسل الميت كغسل الجنابة لا العكس فلا بد من رعاية ما اشترط في غسل الجنابة في غسل الميت لا العكس، مدفوع بان العرف يفهم من هذا اللفظ انهما متحدان في الاجزاء و الشرائط الا فيما نقطع بعدم الاشتراط كتكرار الغسل و جعل الكافور و السدر في الماء.

و يؤيد المدعي أن صاحب الوسائل قدس سره في كتاب الوسائل صرح بما ذكرنا فلاحظ «1».

و يؤيد المقصود الاجماع المدعي علي اشتراط الترتيب فمن جماعة نقل ادعاء الاجماع علي عدم الفصل في الترتيب بين الرأس و الجانبين و فيما بينهما و عن الانتصار و الذكري الاجماع علي عدم الفصل بين الترتيب في الوضوء و بينه في أعضاء الغسل و قد قرب المدعي في الحدائق بالتقريب الذي ذكرناه و أيضا نقل عن والده انه قدس سره استدل علي الترتيب بهذا التقريب.

(1) لحصول العلم بالامتثال.

(2) هذا هو المشهور فيما بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و عن جملة من الاعلام وجوبه و العمدة النصوص الواردة في المقام و لا

اشكال في أن مقتضي المطلقات الواردة في المقام عدم الاشتراط لاحظ حديث محمد بن مسلم «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الجنابة ذيل الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 47

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 53

كما انه لا كيفية مخصوصة للغسل أيضا بل يكفي المسمي كيف كان فيجزي رمس الرأس بالماء أولا ثم الجانب الايمن ثم الجانب

______________________________

و في المقام روايتان ربما يستدل بهما علي الترتيب الاولي ما رواه زرارة قال: قلت: كيف يغتسل الجنب؟ فقال: ان لم يكن أصاب كفه شي ء غمسها في الماء ثم بدء بفرجه فانقاه بثلاث غرف ثم صب علي رأسه ثلاث أكف ثم صب علي منكبه الايمن مرتين و علي منكبه الايسر مرتين فما جري عليه الماء فقد أجزأه «1» بتقريب أن المستفاد منه لزوم الابتداء بالمنكب.

و فيه: انه لا يبعد أن يكون المراد منه الطرف الايمن تماما و لذا لم يذكر الحد الاخير و التقدير خلاف الاصل مضافا الي أن المنكب ليس أعلي الجانب.

الثانية: ما رواه زرارة «2» أيضا بتقريب ان المستفاد من كلمة الجار (من) اشتراط الابتداء من القرن الي القدم.

و فيه انه لا يبعد أن يكون الظرف قيدا للجسد و يكون مستقرا و لا يكون متعلقا بالغسل مضافا الي أن القرن ليس هو أعلي الرأس بل جانبه.

و حاصل الكلام: أن المستفاد من الرواية لزوم الاستيعاب فان التعبير بهذا النحو متعارف فيما يراد الاستيعاب فلاحظ.

و يؤيد المدعي ان لم يدل عليه ما ورد في الجزء المنسي لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل ترك بعض ذراعه أو بعض جسده من غسل الجنابة فقال: اذا شك و كانت به بلة و هو في صلاته مسح بها عليه

و ان كان استيقن رجع فاعاد عليهما ما لم يصب بلة فان دخله الشك و قد دخل في صلاته فليمض في صلاته و لا شي ء عليه و ان استيقن رجع فاعاد عليه الماء و ان رءاه

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 48

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 54

الايسر كما يكفي رمس البعض و الصب علي الاخر (1) و لا يكفي تحريك العضو المرموس في الماء علي الاحوط (2).

ثانيهما: الارتماس (3) و هو تغطية البدن في الماء تغطية واحدة بنحو يحصل غسل تمام البدن فيها (4) فيخلل شعره فيها ان احتاج الي ذلك

______________________________

و به بلة مسح عليه و أعاد الصلاة باستيقان «1» فانه يستفاد منه انه لا يشترط الترتيب.

(1) كل ذلك للإطلاق فانه يصدق الغسل و هو المطلوب لاحظ حديث زرارة «2».

(2) بتقريب: أن الامر ظاهر في وجوب الاحداث و التحريك ليس احداثا للغسل بل ابقاء له.

و يمكن أن يقال: بعدم ظهور الامر في الاحداث فانه لو أمر المولي عبده بالكون في المسجد من أول الظهر و فرضنا أن العبد دخل المسجد قبل الزوال و بقي هناك الي العصر فهل يمكن أن يقال: بانه لم يمتثل لعدم احداثه الكون؟

(3) نقل عن جماعة دعوي الاجماع عليه و يدل عليه ما رواه زرارة «3» و يدل عليه أيضا ما رواه الحلبي «4».

(4) كما نسب الي الاصحاب و الظاهر ان الوجه فيه التقابل الوارد في النصوص حيث انه ذكر في خبر زرارة الارتماس الواحد و في الخبر الاخر الاغتماس

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 48

(3) لاحظ ص: 46

(4) لاحظ ص: 46

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 55

و يرفع قدمه عن الارض

ان كانت موضوعة عليها (1) و الاحوط أن يحصل جميع ذلك في زمان واحد عرفا (2).

[مسألة 152: النية في هذه الكيفية تجب أن تكون مقارنة لتغطية تمام البدن]

(مسألة 152): النية في هذه الكيفية تجب أن تكون مقارنة لتغطية تمام البدن (3).

[مسألة 153: يعتبر خروج البدن كلا أو بعضا من الماء ثم رمسه يقصد الغسل]

(مسألة 153): يعتبر خروج البدن كلا أو بعضا من الماء ثم رمسه يقصد الغسل علي الاحوط (4) و لو ارتمس في الماء لغرض و نوي الغسل بعد الارتماس لم يكفه و ان حرك بدنه تحت الماء (5).

______________________________

كذلك فيفهم عرفا ان الغسل الارتماسي مقابل الترتيبي بوقوع التجزئة في الثاني دون الاول.

(1) ليتحقق الغسل بالنسبة الي جميع الاجزاء.

(2) عن الحدائق جواز التأني بنحو ينافي الوحدة العرفية و الوجه فيه أن المستفاد من المقابلة الواقعة في النصوص أن اللازم تحقق الغسل في الارتماس غسلا واحدا في قبال الترتيبي الذي يحصل بالغسلات المتعددة فلا دليل علي لزوم الدفعة و يظهر من الماتن أنه لا يسلم الاشتراط فيمكن أن يكون الوجه في الاحتياط الخروج عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسنه.

(3) اذا لمأمور به يحصل في ذلك الزمان فلا بد من مقارنته مع النية.

(4) لما مر سابقا من أن الظاهر من الامر الاحداث فلا بد من احداث المتعلق و لا يكفي الابقاء و حيث انه ما لم يخرج البدن عن الماء ثم رمسه فيه لا يصدق حدوث الارتماس البقائي لكن مع خروج البدن أو بعضه ثم رمسه يصدق حدوثه. و قد مر الاشكال فيه.

(5) قد ظهر وجه كلامه.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 56

[و منها: اطلاق الماء و طهارته و اباحته]

و منها: اطلاق الماء و طهارته و اباحته و المباشرة اختيارا و عدم المانع من استعمال الماء من مرض و نحوه و طهارة العضو المغسول علي نحو ما تقدم في الوضوء و قد تقدم فيه أيضا التفصيل في اعتبار اباحة الاناء و المصب و حكم الجبيرة و الحائل و غيرهما من افراد الضرورة و حكم الشك و النسيان و ارتفاع السبب المسوغ للوضوء الناقص في الاثناء

و بعد الفراغ منها فان الغسل كالوضوء في جميع ذلك (1).

______________________________

(1) فلا وجه لإعادة الكلام و راجع ما ذكرناه هناك.

و ربما يقال ان المستفاد من جملة من النصوص اشتراط طهارة أعضاء الغسل فمن تلك الروايات ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن غسل الجنابة فقال: تبدأ بكفيك فتغسلهما ثم تغسل فرجك «1».

و منها ما رواه زرارة «2» و منها ما رواه أيضا «3» و منها ما رواه حكم بن حكيم «4» و منها: ما رواه سماعة «5» و منها ما رواه أبو بصير «6».

و لكن في دلالة هذه النصوص علي المدعي اشكال فان الاستدلال بتلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 8

(6) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 57

نعم يفترق عنه في جواز المضي مع الشك بعد التجاوز و ان كان في الاثناء (1).

______________________________

الروايات يتوقف علي أن الامر بالغسل لحصول الطهارة في الاعضاء و يمكن النقاش في هذا التقريب بأن مقتضي اطلاق تلك النصوص محبوبية الغسل و لو مع فرض كون المغسول طاهرا فلا يكون الامر بالغسل ارشادا الي اشتراط الطهارة السابقة في صحة الغسل.

اضف الي ذلك أن المستفاد من حديث حكم بن حكيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: فان كنت في مكان نظيف فلا يضرك ان لا تغسل رجليك و ان كنت في مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك «1»، عدم الاشتراط فان المستفاد من هذا الحديث أن النجاسة الطارئة أثناء الغسل بواسطة نجاسة الارض لا تضر و لا اشكال في عدم الفرق بين السابقة و الطارئة.

و ربما يستدل

بهذا الحديث علي مدعي الخصم بتقريب أن المستفاد منه ان النجاسة في البدن توجب بطلان الغسل.

و الجواب عنه: أن المستفاد منه أن الغسل في مكان غير نظيف جائز لكن لا بد من تطهير موضع الغسل قبل الاغتسال و لا أقل من احتمال هذا المعني.

(1) لاختصاص الدليل المانع بالوضوء ففي الغسل تكون القاعدة الاولية محكمة و علي مذهب المشهور من اعتبار قاعدة التجاوز تجري في الغسل و ان لم يحصل الفراغ نعم لنا اشكال في اعتبار قاعدة التجاوز و هو عدم دليل علي اعتبارها فان كان مرجع الشك الي صحة الموجود تجري فيه قاعدة الفراع اذ لا فرق في جريانها في أثناء العمل و بعد الفراغ منه و ان كان الشك في أصل الوجود

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 58

و في عدم اعتبار الموالاة فيه في الترتيبي (1).

[مسألة 154: الغسل الترتيبي أفضل من الغسل الارتماسي]

(مسألة 154): الغسل الترتيبي أفضل من الغسل الارتماسي (2).

[مسألة 155: يجوز العدول من الترتيبي إلي الارتماسي]

(مسألة 155): يجوز العدول من الترتيبي الي الارتماسي (3).

______________________________

فلا دليل عليه و التفصيل موكول الي محل آخر.

(1) بلا خلاف ظاهر- كما في بعض الكلمات- بل نقل عليه الاجماع و تقتضيه الاطلاقات و يدل عليه ما رواه حريز «1» و مثله ما رواه ابراهيم عمر اليماني «2» و يؤيده ما رواه الصدوق «3» و يؤيده أيضا ما رواه ابن مسلم «4» و يؤيده أيضا ما رواه زرارة «5».

(2) عن الحدائق: انه نسبه الي بعض محدثي متأخري المتأخرين و لا يبعد أن يستفاد المدعي عرفا من رواية زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجنابة فقال: تبدأ فتغسل كفيك الي أن قال: ثم تغسل جسدك من لدن قرنك الي قدميك الي أن قال: و لو أن رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة اجزأه ذلك و ان لم يدلك جسده «6» فانه يفهم عرفا أن المطلوب الاولي الترتيبي و يكفي الارتماسي فلاحظ.

(3) في مقام الثبوت يتصور الغسل الترتيبي بصور: الاولي: أن تحصل الطهارة لكل عضو بغسله و لا تكون طهارة كل عضو مرتبطة بالعضو الاخر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 49

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب الجنابة الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 49

(5) الوسائل الباب 41 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(6) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 59

[مسألة 156: يجوز الارتماس فيما دون الكر]

(مسألة 156): يجوز الارتماس فيما دون الكر (1) و ان كان يجري علي الماء حكم المستعمل في رفع الحدث الاكبر (2).

[(مسألة 157: اذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبين ضيقه فغسله صحيح]

(مسألة 157): اذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبين ضيقه فغسله صحيح (3).

______________________________

الثانية أن تكون طهارة الاجزاء اللاحقة شرطا لطهارة المغسول بنحو الشرط المتأخر.

الثالثة: أن لا تحصل الطهارة الا بتمامية غسل جميع الاعضاء.

لا اشكال في جواز العدول علي تقدير الاخيرتين و أما علي الصورة الاولي فلا يمكن العدول اذا لمفروض أن غسل الجنابة للجنب و المفروض انه ليس جنبا بتمام معني الكلمة.

و ان شئت قلت: هذا العنوان اي غسل لجنابة لا يصدق علي غسل بعض اعضائه لكن مقتضي الاصل العملي بقاؤه علي الحالة السابقة.

و بعبارة اخري: الشك في كونه جنبا ناش من الشك في تأثير غسل بعض الاعضاء شرعا و مقتضي الاصل عدم التأثير.

(1) لعدم ما يقتضي المنع و يكفي للجواز الاطلاقات الاولية.

(2) اذ يصدق عليه انه استعمل في رفعه فيترتب عليه حكمه.

(3) أما مع الاعتقاد الوجداني فلا اشكال في الصحة اذ مع الاعتقاد ببقاء الوقت لا يحتمل وجوب التيمم في حقه كي يقال: بان الامر بالتيمم يمنع عن توجه الامر بالغسل.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 60

[مسألة 158: ماء غسل المرأة من الجنابة أو الحيض أو نحوهما عليها لا علي الزوج]

(مسألة 158): ماء غسل المرأة من الجنابة أو الحيض أو نحوهما عليها لا علي الزوج (1).

______________________________

و أما مع احتمال عدم سعة الوقت و قيام الدليل الشرعي علي السعة فيجوز للمكلف ترك التيمم و الاشتغال بالغسل بل يجب عليه عقلا لعدم معذوريته فالغسل صحيح أيضا بل يمكن الالتزام بالصحة حتي مع احراز الضيق و وجوب التيمم بنحو الترتب الذي قرر في الاصول.

و صفوة القول: ان غسل الجنابة مستحب نفسي و مطلوب بنفسه فلو أتي به المكلف مع قصد القربة يقع صحيحا.

(1) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «ماء غسل المرأة من الجنابة و الحيض و النفاس و كذا اجرة

تسخينه اذا احتاج اليه علي زوجها علي الاظهر لأنه يعد جزءا من نفقتها».

و الماتن امضي كلام السيد هناك و لم يعلق و في المقام أفاد خلاف امضاءه هناك و عن الشهيد تقريب الوجوب علي الزوج- في الذكري- و عن العلامة نسبته الي جماعة، و حكاية التفصيل بين فقر الزوجة فعلي الزوج و غنائها فعليها- عن بعض- و اختاره.

و لا يخفي أن ما نحن فيه ليس داخلا في النصوص الخاصة الناصة علي الاطعام و الكسوة و غيرهما لاحظ الباب الاول من أبواب النفقات من الوسائل.

و لكن لا يبعد أن يستفاد الوجوب من قوله تعالي «فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ» «1» و قوله تعالي: «وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ «2»».

______________________________

(1) البقرة/ 229

(2) النساء/ 23

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 61

[مسألة 159: إذا خرج من بيته بقصد الغسل في الحمام فجاء إلي الحمام و اغتسل و لم يستحضر النية تفصيلا]

(مسألة 159): اذا خرج من بيته بقصد الغسل في الحمام فجاء الي الحمام و اغتسل و لم يستحضر النية تفصيلا كفي ذلك في نية الغسل اذا كان بحيث لو سئل ما ذا تفعل لأجاب بانه يغتسل (1).

أما لو كان يتحير في الجواب بطل لانتفاء النية (2).

[مسألة 160: اذا كان قاصدا عدم اعطاء العوض للحمامي]

(مسألة 160): اذا كان قاصدا عدم اعطاء العوض للحمامي أو كان بنائه علي اعطاء الاموال المحرمة أو علي تأجيل العوض مع عدم احراز رضا الحمامي بطل غسله و ان استرضاه بعد ذلك (3).

______________________________

و ان شئت قلت ان ما نحن فيه من نفقاتها و هي علي زوجها و اللّه العالم.

(1) اذ قد مر في الوضوء ان النية المعتبرة في العبادة ما به يتقوم كون الفعل اختياريا و يكفي في الاختيارية صدوره عن الداع الخاص و لا يجب الاخطار.

(2) فان ما صدر عنه مع الغفلة عن الاغتسال اما بلا داع فلا يكون اختياريا أو بداع آخر و علي كلا التقديرين يكون فاسدا.

و ان شئت قلت: لا دليل علي كفاية الامتثال و حصوله في هذا الفرض فلاحظ.

(3) الظاهر أن الوجه فيه: انه لا يجوز التصرف في الماء فيكون غصبيا و لا يمكن التقرب بالمبغوض- و لو ظاهرا-.

لكن لنا أن نقول: بانه لو كان غافلا عن هذه الدقيقة و تمشي منه قصد القربة لم يكن مانع من الصحة.

و ملخص الكلام: أن منشأ البطلان الحكم العقلي و مع غفلة المكلف

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 62

[مسألة 161: إذا ذهب الي الحمام ليغتسل و بعد الخروج شك في أنه اغتسل أم لا]

(مسألة 161): اذا ذهب الي الحمام ليغتسل و بعد الخروج شك في أنه اغتسل أم لا بني علي العدم (1) و لو علم أنه اغتسل لكن شك في أنه اغتسل علي الوجه الصحيح أم لا بني علي الصحة (2).

[مسألة 162: اذا كان ماء الحمام مباحا لكن سخن بالحطب المغصوب لا مانع من الغسل فيه]

(مسألة 162): اذا كان ماء الحمام مباحا لكن سخن بالحطب المغصوب لا مانع من الغسل فيه (3).

[مسألة 163 لا يجوز الغسل في حوض المدرسة إلا إذا علم بعموم الوقفية أو الإباحة]

(مسألة 163) لا يجوز الغسل في حوض المدرسة (4) الا اذا علم بعموم الوقفية أو الاباحة (5) نعم اذا كان الاغتسال فيه لأهلها من التصرفات المتعارفة جاز (6).

[مسألة 164: الماء الذي يسبلونه لا يجوز الوضوء و لا الغسل منه إلا مع العلم بعموم الإذن]

(مسألة 164): الماء الذي يسبلونه لا يجوز الوضوء و لا الغسل منه الا مع العلم بعموم الاذن (7).

______________________________

لا تتحقق الحرمة في حقه نعم لو كان مقصرا في المقدمات لتم ما افيد.

(1) لاستصحاب عدم الغسل.

(2) لقاعدة الفراغ.

(3) اذ لم يتصرف تصرفا غصبيا كما هو ظاهر.

(4) اذ مقتضي الاصل عدم العموم في الوقف و لا يعارضه عدم الخصوصية فانه لا يترتب عليه الجواز الاعلي النحو المثبت.

(5) كما هو ظاهر.

(6) اذا لظاهر انه وقف لهم و يكون الاغتسال كالتوضي فلاحظ.

(7) و الوجه فيه ظاهر لا يحتاج الي بيان و اقامة برهان فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 63

[مسألة 165: لبس المئزر الغصبي حال الغسل و إن كان محرما في نفسه]

(مسألة 165): لبس المئزر الغصبي حال الغسل و ان كان محرما في نفسه لكنه لا يوجب بطلان الغسل (1).

[الفصل الخامس مستحبات غسل الجنابة]
اشارة

الفصل الخامس قد ذكر العلماء (رض) انه يستحب غسل اليدين امام الغسل من المرفقين (2) ثلاثا (3).

______________________________

(1) اذ غاية ما في الباب أن يكون الاغتسال سببا للتصرف الغصبي و ان شئت قلت: مقدمة الاغتسال محرمة لكن حرمة المقدمة لا تقتضي فساد ذيها الا مع الانحصار فيدخل في باب آخر و خارج عما نحن فيه.

و صفوة القول: ان الموجب للفساد اتحاد المأمور به و المنهي عنه كي يدخل في باب الاجتماع و ليس الامر كذلك فلاحظ.

(2) ففي رواية ابن أبي نصر فقال تغسل يدك اليمني من المرفقين الي اصابعك «1».

و عن الوافي: (في بعض النسخ: تغسل يديك الي المرفقين» و كيف كان لم نجد دليلا علي النحو المذكور في المتن لاحظ نصوص الباب في الباب 34 و 26 من أبواب الجنابة من الوسائل و الامر سهل فان باب الرجاء مفتوحة في المستحبات بمصرعيها فلاحظ.

(3) لاحظ ما رواه الحلبي قال سألته عن الوضوء كم يفرغ الرجل علي يده اليمني قبل أن يدخلها في الاناء قال: واحدة من حدث البول و اثنتان من حدث

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من أبواب الجنابة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 64

ثم المضمضة (1) ثم الاستنشاق (3) ثلاثا (4) و امرار اليد علي ما تناله من الجسد (5).

______________________________

الغائط و ثلاث من الجنابة «1» و ما رواه حريز «2» و مرسل الصدوق «3».

و لا يخفي أن علي بن السندي لم يوثق و مرسل الصدوق لا اعتبار به و حديث الحلبي لم تذكر فيه الا اليد اليمني فلا ينطبق علي ما في المتن و اللّه العالم.

(1)

و قد دل عليها ما رواه زرارة قال فيه: ثم تمضمض و استنشق «4».

(2) لعله ليس عليه دليل غير ما ذكر في الرضوي قال: و قد روي أن يتمضمض و يستنشق ثلاثا «5» و قد ادعي عليه الاجماع.

(3) الظاهر أنه ليس علي الترتيب دليل و يدل علي اصل المدعي ما رواه زرارة و قد مر آنفا.

(4) كما في الرضوي فلاحظ.

(5) يظهر من بعض الكلمات انه اجماعي و يدل عليه ما عن فقه الرضوي ثم تمسح سائر بدنك بيديك «6» و يدل عليه ما رواه عمار بن موسي الساباطي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تغتسل و قد امتشطت بقرامل و لم تنقض شعرها كم يجزيها من الماء؟ قال: مثل الذي يشرب شعرها و هو ثلاث حفنات علي رأسها و حفنتان علي اليمين و حفنتان علي اليسار ثم تمرّ يدها علي جسدها

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب الوضوء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 5

(5) مستدرك الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(6) الحدائق ج 3 ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 65

خصوصا في الترتيبي (1) بل ينبغي التأكد في ذلك و في تخليل ما يحتاج الي التخليل و نزع الخاتم و نحوه (2) و الاستبراء بالبول قبل الغسل (3).

______________________________

كله «1» و يدل عليه أيضا ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: و يمر يده علي ما نالت من جسده «2» و قد صرح بعدم وجوب الدلك في رواية زرارة «3».

(1) لا يبعد أن يكون مورد النصوص خصوص الترتيبي و قد نقل عن بعض التصريح بالاختصاص.

(2) ذكر في الحدائق في

عداد المستحبات: السادس: تخليل ما يصل اليه الماء بدون التخليل استظهارا» الي آخر كلامه و قال في المستمسك: «و ليس له دليل ظاهر» و لا يبعد أن يستفاد الرجحان من رواية محمد بن مسلم «4» و حديث جميل «5» و مثلهما ما في فقه الرضوي «6».

(3) اختلف في وجوب البول و استحبابه علي قولين فعن جملة من الاعيان القول بالوجوب و عن المشهور الاستحباب و ما قيل في وجه وجوبه أمور:

الاول: قاعدة الاشتغال و فيه: أن مورد القاعدة الاشتغال اليقيني و الواجب بالدليل هو الغسل و مع الشك في الشرطية يكون المرجع البراءة فلا وجه للاشتغال

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الجنابة الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 11

(3) لاحظ ص: 58

(4) لاحظ ص: 44

(5) الوسائل الباب 38 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(6) الحدائق ج 3 ص: 114

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 66

______________________________

كما أن مقتضي البراءة عدم وجوبه النفسي و ما قيل من لزوم محافظة غسل الجنابة عن طريان المزيل لا يرجع الي محصل فان غاية ما في الباب بطلان الغسل بخروج البلل المشتبه في فرض عدم البول قبل الغسل و من الظاهر أن هذا لا يقتضي اشتراط الغسل بالبول قبله كما أنه لا يقتضي وجوبه النفسي.

الثاني: ما رواه ابن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن غسل الجنابة فقال: تغسل يدك اليمني من المرفقين (المرفق) الي أصابعك و تبول ان قدرت علي البول «1» بتقريب: أن قوله عليه السلام: «و تبول» ظاهر في الوجوب.

و فيه: أن الوجوب النفسي خلاف ظاهر المقام فان السياق يقتضي كونه من آداب الغسل و لا يمكن ابقائه علي الوجوب الشرطي للتسالم علي صحة

الغسل و لو مع عدم البول.

أضف الي ذلك أن جملة من النصوص قد دلت علي صحة الغسل و لو مع عدم البول غاية الامر ينتقض الوضوء لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال و قال أبو جعفر عليه السلام: من اغتسل و هو جنب قبل أن يبول ثم وجد بللا فقد انتقض غسله و ان كان بال ثم اغتسل ثم وجد بللا فليس ينقض غسله و لكن عليه الوضوء «2».

و أما مرسل احمد بن هلال «3» فلا اعتبار به و الانصاف أن القول بالاستحباب أيضا بلا دليل فان المستفاد من حديث البزنطي بعد ملاحظة حديث ابن مسلم

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب الجنابة الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 67

[مسألة 166: الاستبراء بالبول ليس شرطا في صحة الغسل]

(مسألة 166): الاستبراء بالبول ليس شرطا في صحة الغسل (1)

______________________________

الارشاد الي عدم فساد الغسل بخروج بقية المني الباقي في المجري الا أن يقال:

بأنه لا وجه لرفع اليد عن ظهور الامر في المطلوبية فانه ذكر في جملة من آداب الوضوء غاية الامر لا نلتزم بالوجوب فينبغي الرجحان فلاحظ.

و أما الاستدلال علي الرجحان بالإجماع علي رجحانه المردد بين الوجوب و الندب، فمدفوع بعدم حجية الدلالة الالتزامية مع سقوط دلالة المطابقة.

و أما الاستناد بالتسامح فقد قلنا في محله «1» بعدم تمامية دليله فلاحظ.

بقي شي ء: و هو: أنه لو اجنب و لم ينزل فهل يستحب أيضا له الاستبراء بالبول أم لا؟ ظاهر كلام الماتن عدم الفرق لإطلاق كلامه و مقتضي اطلاق رواية البزنطي عدم الفرق أيضا فانه عليه السلام بين أحكام غسل الجنابة و الجنابة كما تتحقق بالا نزال كذلك تتحقق بالايلاج وحده.

(1) قطعا- كما عن المستند-

و بلا خلاف أجده بين اصحابنا- كما عن الجواهر- و يظهر من بعضهم الاجماع عليه- علي ما في بعض الكلمات- و تدل عليه النصوص لاحظ حديث ابن مسلم «2» و غيره المذكور في الوسائل في الباب 36 من أبواب الجنابة.

فان المستفاد من هذه النصوص أن البول قبل الغسل ليس شرطا لصحة الغسل و انما الامر باعادة الغسل من جهة تقديم الظاهر علي الاصل فان الظاهر أنه بقي من المني شي ء في المجري لا يخرج الا بالبول.

و ربما يقال بوجوب اعادة الصلاة التي صلاها بالغسل قبل خروج البلل- كما

______________________________

(1) لاحظ ج 1 من الكتاب ص: 133- 136

(2) لاحظ ص: 66

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 68

و لكن اذا تركه و اغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه بالمني جري عليه حكم المني ظاهرا فيجب الغسل له كالمني (1).

______________________________

عن الحلي و المنتهي حكاية القول عن بعض أصحابنا و قائله غير معروف- كما قيل- و يمكن الاستدلال عليه بما رواه محمد يعني ابن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج من احليله بعد ما اغتسل شي ء قال: يغتسل و يعيد الصلاة الا أن يكون بال قبل أن يغتسل فانه لا يعيد غسله «1».

و مقتضي الجمع بين هذه الرواية و بقية الروايات التفصيل بين كون الخروج قبل الصلاة و بعدها بأن يقال: ان كان الخروج قبلها فالصلاة باطلة لكونه محكوما بالجنابة و ان كان بعدها فلا وجه للإعادة اذا لمفروض أنه لم يتحقق الناقض.

(1) للنصوص منها ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يغتسل ثم يجد بعد ذلك بللا و قد كان بال قبل أن يغتسل قال: ليتوضأ و ان لم يكن

بال قبل الغسل فليعد الغسل «2» الي غيرها من الروايات المذكور في الباب 36 من أبواب الجنابة من الوسائل الحديث: 8 و 9 و 10.

و في قبال هذه الروايات جملة من النصوص تعارضها لاحظ ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصيبه الجنابة فينسي أن يبول حتي يغتسل ثم يري بعد الغسل شيئا أ يغتسل أيضا؟ قال: لا قد تعصرت و نزل من الحبائل «3» و ما رواه احمد بن هلال و ما رواه عبد اللّه بن هلال و ما رواه أبو جميلة و ما ارسله الصدوق «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من أبواب الجنابة الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 12 و 13 14 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 69

سواء استبرأ بالخرطات لتعذر البول أم لا (1) الا اذا علم بذلك أو بغيره عدم بقاء شي ء من المني في المجري (2).

[مسألة 167: اذا بال بعد الغسل و لم يكن قد بال قبله لم تجب اعادة الغسل]

(مسألة 167): اذا بال بعد الغسل و لم يكن قد بال قبله لم تجب اعادة الغسل و ان احتمل خروج شي ء من المني مع البول (3).

[مسألة 168: إذا دار أمر المشتبه بين البول و المني]

(مسألة 168): اذا دار أمر المشتبه بين البول و المني فان كان متطهرا من الحدثين وجب عليه الغسل و الوضوء معا (4).

______________________________

و لكن هذه الروايات ضعيفة سندا فان علي بن السندي لم يوثق و اضمار ابن هلال لاعتبار به و مثله مرسل الصدوق كما أن عبد اللّه بن هلال و مفضل بن صالح لو يوثقا فلا تصل النوبة الي الجمع أو الترجيح كما هو ظاهر.

(1) لإطلاق الروايات و عدم مقيد لها.

(2) اذ ليس الحكم باعادة الغسل حكما تعبديا بل من جهة احتمال خروج المني الباقي في المجري و مع عدم الاحتمال و القطع بعدمه لا موضوع للاحتياط.

(3) فان مقتضي الاصل عدم الخروج بل يمكن أن يقال: بعدم الوجوب حتي مع العلم بالخروج لكن مع استهلاكه في البول بحيث لا يصدق علي الخارج الا عنوان البول اذ عليه يكون الموضوع منتفيا كما أنه لا يترتب علي المذي الخارج حكم البول و لو مع العلم به لكن مع استهلاكه في المذي فلاحظ.

(4) تتصور للمسألة صور: الاولي: ما لو لم يستبرأ من المني بالبول بان اغتسل ثم أحدث بالاصغر و توضأ فخرج بلل مشتبه بين الامرين و الظاهر أنه يحكم عليه بكونه منيا بمقتضي النصوص المتقدمة.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 70

______________________________

الثانية ما لو استبرأ بالبول من المني و اغتسل ثم أحدث بالاصغر بأن بال و لم يستبرأ بالخرطات و توضأ ثم خرج بلل مردد بين الامرين و الظاهر أنه محكوم بالبولية بمقتضي النص الخاص و هو ما رواه سماعة في حديث قال:

فان كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله و لكن يتوضأ و يستنجي «1».

فان مقتضي هذه الرواية أنه لو بال بعد الجنابة ثم اغتسل ثم خرج بلل مشتبه بين البول و المني يجب عليه الوضوء و يحكم علي الخارج بالبولية.

الثالثة: ما لو بال بعد المني قبل الاغتسال و استبرأ بالخرطات ثم اغتسل ثم أحدث بالاصغر ثم توضأ ثم خرج بلل مشتبه بين البول و المني و في هذه الصورة يمكن أن يقال: بأن مقتضي العلم الإجمالي الجمع بين الغسل و الوضوء فان مقتضي اصالة عدم تحقق الجنابة و عدم كون المردد منيا، عدم وجوب الغسل كما أن أصالة عدم كونه بولا، عدم وجوب الوضوء فيجب الجمع بين الامرين.

و في المقام اشكال و هو: أن مقتضي اطلاق ما دل علي بولية الخارج فيما بال بعد الجنابة كون المردد بولا فان مقتضي قوله عليه السلام في رواية سماعة و غيرها، أن الخارج محكوم بالبولية و لو مع الاستبراء بالخرطات و لا وجه لحمل النصوص علي صورة عدم الاستبراء بالخرطات و أما ما دل علي عدم كون الخارج بولا بعد الخرطات فليس ناظرا الي صورة دوران الامر بين كون الخارج بولا أو منيا كي يقال: بالتعارض بين الدليلين لاحظ ما رواه عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبول ثم يستنجي ثم يجد بعد ذلك بللا قال:

اذا بال فخرط ما بين المقعدة و الأنثيين ثلاث مرات و غمز ما بينهما ثم استنجي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 71

و ان كان محدثا بالاصغر وجب عليه الوضوء فقط (1).

[مسألة 169: يجزي غسل الجنابة عن الوضوء]

(مسألة 169): يجزي غسل الجنابة عن الوضوء

لكل ما

______________________________

فان سال حتي يبلغ السوق فلا يبالي «1».

و ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبول قال: ينتره ثلاثا ثم ان سال حتي يبلغ السوق فلا يبالي «2».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل بال و لم يكن معه ماء قال: يعصر أصل ذكره الي طرفه ثلاث عصرات و ينتر طرفه فان خرج بعد ذلك شي ء فليس من البول و لكنه من الحبائل «3».

فان هذه النصوص ليست ناظره الي صورة دوران الامر بين البول و المني و الا كيف يمكن أن يقول الامام عليه السلام: «لا يبالي» فعليه نقول: مقتضي تلك النصوص الحاكمة بعدم كون الخارج منيا و كونها بولا بشرط تحقق البول قبل الغسل، الالتزام بالبولية و لو مع الاستبراء بالخرطات نعم اذا خرج المردد بين الامرين ابتداء و بلا سبق الجنابة مع التطهر تم ما أفاده في المتن ظاهرا و اللّه العالم.

(1) مما ذكرنا ظهر أنه لا بد من التفصيل فانه مع سبق الجنابة و عدم الاستبراء بالبول يحكم علي المشتبه بكونه منيا حتي مع فرض كونه محدثا بالاصغر نعم لو كان الخارج المشتبه ابتدائيا يكون الامر كما ذكره في المتن فلو كان محدثا بالاصغر يبني علي عدم تحقق الجنابة بالاستصحاب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 72

اشترط به (1).

______________________________

(1) هذا مورد انفاق الاصحاب قديما و حديثا- كما في بعض الكلمات- و عن جملة من الاعاظم: أن عليه الاجماع محصلا و منقولا مستفيضا.

و يدل علي المطلوب قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا

الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا» «1» فان الاية قسمت المحدث الي الجنب و غيره و أوجبت الغسل علي الاول و الوضوء علي الثاني و التقسيم قاطع للشركة.

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام و ذكر كيفية غسل الجنابة فقال: ليس قبله و لا بعده وضوء «2» و منها غيره المذكور في الوسائل في الباب 34 من أبواب الجنابة.

نعم ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته كيف أصنع اذا أجنبت؟ قال: اغسل كفك و فرجك و توضأ وضوء الصلاة ثم اغتسل «3» يقتضي وجوب الوضوء.

و فيه: اولا: ان الحديث ضعيف بالحضرمي فانه لم يوثق. و ثانيا: لنا أن نقول: ان ما دل علي عدم الوجوب موافق لإطلاق الكتاب فان مقتضاه عدم وجوب الوضوء مع الغسل.

و ثالثا: لا يبعد أن يكون محمولا علي التقية حيث نقل بأن جملة منهم قائلون

______________________________

(1) المائدة/ 7

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 73

[مسألة 170: اذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل و شك في أنه استبرأ بالبول أم لا]

(مسألة 170): اذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل و شك في أنه استبرأ بالبول أم لا بني علي عدمه فيجب عليه الغسل (1)

[مسألة 171: لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص و الاختبار و أن يكون لعدم امكان الاختبار]

(مسألة 171): لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص و الاختبار و أن يكون لعدم امكان الاختبار من جهة العمي أو الظلمة أو نحو ذلك (2).

______________________________

بوجوب الوضوء مع الغسل و يظهر من حديث حكم بن حكيم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجنابة الي أن قال: قلت: ان الناس يقولون:

يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل فضحك و قال: و أي وضوء أنقي من الغسل و أبلغ «1» أنهم قائلون به فان الناس هم المخالفون- كما في الحدائق-.

و أما حديث محمد بن ميسر قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل الجنب ينتهي الي الماء القليل في الطريق و يريد أن يغتسل منه و ليس معه اناء يغرف به و يداه قذرتان قال: يضع يده ثم (و خ ل) يتوضأ ثم يغتسل «2» فهو ضعيف بابن ميسر مضافا الي أن ما ذكر يجري فيه أيضا فلاحظ.

أضف الي ذلك كله أن الامر من الواضحات بحيث يعرفه كل من له أدني خبرة و معرفة بالحكم الشرعي و السيرة جارية عليه فلا اشكال و لا كلام.

(1) لاستصحاب عدم البول و قد مر أنه مع عدمه يكون مقتضي النص أن يحكم عليه بكونه منيا.

(2) لإطلاق الادلة فان مقتضاه ثبوت حكمها و لو مع عدم امكان الاختبار

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 74

[مسألة 172: لو أحدث بالاصغر في أثناء الغسل من الجنابة استأنف الغسل]

(مسألة 172): لو أحدث بالاصغر في أثناء الغسل من الجنابة استأنف الغسل (1).

______________________________

اذ لا دليل علي التفصيل.

(1) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «الاقوي عدم البطلان نعم يجب عليه الوضوء بعده» و نسب هذا القول الي

جملة من الاعاظم.

و يمكن أن يقال في وجهه: ان مقضي ادلة وجوب الغسل عدم مانعية الحدث الاصغر و عدم اشتراط الغسل بعدمه و احتمال الانتقاض محكوم باصالة عدمه بل يمكن أن يقال: بان نفس أدلة وجوب الغسل تنفي احتمال الانتقاض فان اطلاقها يقتضي العدم و أما وجوب الوضوء بعد الغسل فلعموم دليل وجوبه و ثبوته باسبابه و المفروض تحقق سببه.

ان قلت: لا اشكال في عدم وجوب الوضوء لكل حدث و لا أثر للناقض المسبوق بمثله، و بعبارة اخري: الاثر للناقض السابق فالمحدث بالجنابة لا يؤثر في حقه الحدث الاصغر خصوصا فيما اذا بال قبل الغسل فان البول في الاثناء كالبول بعد البول الذي لا اثر له بلا كلام.

قلت: يرد عليه النقض بالحدث أثناء الوضوء فان الكلام هو الكلام و هل يمكن الالتزام بعدم قدحه؟ كلا.

و أما الحل فبان ما دل علي ناقضية البول للوضوء يدل علي ناقضيته لكل جزء منه و لا يختص نقضه بالجزء الاخير.

و صفوة القول: ان مقتضي اطلاق الادلة صحة الغسل و عدم فساده بوقوع الاصغر في أثنائه و أما وجوب الوضوء فلإطلاق دليله و ثبوته بأسبابه و لا ينافيه

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 75

______________________________

ما دل علي عدم الوضوء مع الغسل لان تلك الادلة ناظرة الي أن الحدث السابق علي الغسل يرتفع بالغسل و لا يحتاج الي ضم الوضوء اليه و أما الحدث الواقع في الاثناء فلا تكون تلك الادلة ناظرة اليه كما أنها لا تكون ناظرة الي الحدث الواقع بعد الغسل.

و الحاصل: أنه لا يمكن الالتزام بصحة الغسل و عدم وجوب الوضوء معه.

فالنتيجة: عدم بطلان الغسل بالحدث في أثنائه كما لو أحدث بعده و وجوب الوضوء للحدث الواقع في الاثناء.

و في

قبال هذا القول، قول آخر و هو بطلان الغسل بالحدث الواقع في أثنائه و يلزم استئنافه و الاكتفاء به و نسب هذا القول الي جملة من الاعيان بل قيل: انه المشهور و اختار الماتن هذا القول.

و وجه ما أفاده: ان المستفاد من الاية الشريفة «1» بحكم التقسيم انقسام المكلف الي قسمين و لا ثالث فان المكلف اذا قام الي الصلاة و لم يكن متطهرا فاما يكون جنبا فيجب عليه الغسل و اما غير جنب فيجب عليه الوضوء و عليه لا يمكن فرض مكلف يجب عليه كلا الامرين و حيث انه لا يمكن الالتزام بكفاية الوضوء لنقصان غسله يجب عليه الغسل و من الظاهر أنه لا يمكن الالتزام بكفاية الغسل الواقع في أثنائه الحدث اذ الحدث يرفع أثر الغسل لإطلاق دليله كما مر آنفا.

و استدل أيضا علي المدعي بما رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام قال:

لا بأس بتبعيض الغسل تغسل يدك و فرجك و رأسك و تؤخر غسل جسدك الي وقت الصلاة ثم تغسل جسدك اذا أردت ذلك فان أحدثت حدثا من بول أو غائط

______________________________

(1) لاحظ ص: 72

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 76

______________________________

أو ريح أو مني بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أو له «1» و مثله ما عن فقه الرضا «2» و نحو هما ما عن الهداية التي قيل: انها من متون الاخبار، و باستصحاب الحدث.

و في مقابل هذين القولين قول ثالث و هو وجوب اتمام الغسل و الاكتفاء به و نسب هذا القول أيضا الي جملة من الاعاظم و استدل عليه بأن مقتضي الادلة- كما مر- عدم بطلان الغسل بالحدث الواقع أثنائه هذا من ناحية و من ناحية

أخري أن الحدث الاصغر لا يؤثر مع الجنابة و بما دل من النصوص علي عدم حاجة إلي الوضوء مع الغسل الجنابة و بما دل علي جواز التفريق بين أجزاء الغسل و جواز فصل الزمان الطويل بينها لاحظ ما رواه ابراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان عليا عليه السلام لم ير بأسا أن يغسل الجنب رأسه غدوة و يغسل سائر جسده عند الصلاة «3» و ما رواه محمد بن مسلم «4» و الحال أن العادة تقتضي وقوع الحدث الاصغر فيستفاد من ذلك الدليل عدم بطلان الغسل و كفايته و هذا هو المطلوب.

اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أنه لا يبعد أن يكون القول الثالث خيرها بتقريب أن مقتضي اطلاق النصوص الدالة علي الغسل عدم بطلانه بوقوع الحدث الواقع في أثنائه و لا مجال لاستصحاب الحدث مع اطلاق الادلة مضافا الي عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي و أما النصوص المشار اليها فضعيفة سندا

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الجنابة الحديث: 4

(2) المستدرك الباب 20 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب الجنابة الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 49

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 77

______________________________

فلا يعتد بها و لا وجه لقياس المقام بوقوع الحدث الاصغر أثناء الوضوء فان مقتضي دليل وجوب الوضوء بعد البول بطلانه بالبول الواقع في أثنائه و أما في المقام فقد ذكرنا أن اطلاق الدليل يقتضي صحة الغسل.

فالنتيجة: ان الغسل صحيح و المستفاد من الاية الشريفة «1» تقسيم المكلف الي قسمين و لا ثالث و المفروض أن المكلف يجب عليه الغسل فلا يجب عليه الوضوء و لا دليل علي زوال أثر الجزء المتحقق بالحدث الاصغر الواقع أثنائه فان

المتطهر لو أحدث بالاصغر يجب عليه الوضوء و أما الجنب فلا يجب عليه الا الغسل.

و بتعبير آخر: أن المجنب لا يؤثر في حقه صدور الحدث مطلقا و لا مجال لان يقال: ان الحدث يزيل اثر الغسل بعده فكيف لا يزيله أثنائه؟ فانه يقال: ان الحدث مؤثر بالنسبة الي المتطهر و اما المجنب فلا أثر للحدث بالنسبة اليه مضافا الي أن ما ذكرناه مستفاد من الاية فان المستفاد منها ان المحدث بالاصغر يتوضأ و المحدث با الاكبر يغتسل و قلنا: ان التقسيم قاطع للشركه و المكلف في المقام مجنب و لذا لا يجوز له أن يباشر ما يكون حراما علي المجنب كمس الكتاب و دخول المسجد و غيرهما.

فالحق هو القول الثالث و علي فرض الاغماض عنه الرجحان مع القول الاول لما قلنا من عدم وجه لبطلان الغسل.

و لا يخفي أن ما دل علي جواز التفريق لا يقتضي صحة القول الثالث اذ دليل التفريق انما يدل علي عدم بطلان الغسل بالحدث و أما عدم وجوب الوضوء فلا يستفاد

______________________________

(1) لاحظ ص: 72

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 78

و الاحوط استحبابا ضم الوضوء اليه (1).

[مسألة 173: إذا أحدث أثناء سائر الاغسال بالحدث الأصغر أتمها و توضأ]

(مسألة 173): اذا أحدث أثناء سائر الاغسال بالحدث الاصغر أتمها و توضأ (2) و لكنه اذا عدل عن الغسل الترتيبي الي الارتماسي فلا حاجة الي الوضوء (3) الا في الاستحاضة المتوسطة (4).

[مسألة 174: اذا أحدث بالاكبر في أثناء الغسل]

(174 مسألة): اذا أحدث بالاكبر في أثناء الغسل فان كان

______________________________

منه.

(1) بما ذكرنا ظهر أن الاستئناف و ضم الوضوء اليه من حيث المجموع موافق للاحتياط و لا اشكال في حسنه و أما الصناعة فتقتضي ما ذكرناه.

(2) أما علي القول بعدم اغناء غير غسل الجنابة عن الوضوء فالامر ظاهر فانه لا ريب في وجوب الوضوء و أما علي القول بالاغناء فما أفاده من الوجوب علي القاعدة فان مقتضي وجوب الوضوء بالحدث وجوبه بلا فرق بين وقوعه بعد الغسل و أثنائه و الفارق بين المقام و ما تقدم أن المستفاد من الاية الشريفة تقسيم المكلف الي قسمين و حيث ان المفروض كون المكلف جنبا يجب عليه الغسل و لا بجمع بين الامرين.

(3) اذ ما دام لم يتم الغسل لا مانع من تبديله بفرد آخر من المأمور به فلو بدل و عدل منه الي الارتماسي كفي عن الوضوء اذ المفروض أنه اغتسل عن الاكبر و لم يقع أثنائه حدث أصغر فلا وجه لضم الوضوء اليه ان قلنا: ان كل غسل يجزي عن الوضوء و لا يختص بغسل الجنابة.

(4) بناء علي عدم كفاية غسل الاستحاضة المتوسطة عن الوضوء و نتعرض لوجهه عند تعرض الماتن للمسألة ان شاء اللّه تعالي فانتظر.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 79

مماثلا للحدث السابق كالجنابة في أثناء غسلها أو المس في أثناء غسله فلا اشكال في وجوب الاستئناف (1). و ان كان مخالفا له فالاقوي عدم بطلانه فيتمه و يأتي بالاخر (2) و يجوز الاستئناف

بغسل واحد لهما ارتماسا (3).

و أما في الترتيبي فيقصد به رفع الحدث الموجود علي النحو المأمور به واقعا (4) و لا يجب الوضوء بعده في غير الاستحاضة

______________________________

(1) عن كشف اللئام الاتفاق عليه و الامر واضح كما في المتن.

(2) فان مقتضي اطلاق الادلة- كما ذكرنا- عدم حصول خلل بحدوث حدث آخر في الاثناء نعم لو كان حديث عرض المجالس «1» حجة لكان دليلا علي الاخلال فانه يفهم منه أن وقوع الحدث علي الاطلاق يفسد الغسل بدعوي أن العرف يفهم عدم الفرق بين أنواع الحدث لكن الحديث ضعيف سندا و ما عن من بعض دعوي الاجماع علي بطلان غسل الجنابة بدخول الحدث أثنائه لا يعتني به اذ غايته اجماع منقول و لا يكون حجة.

(3) اذ لا اشكال في تبديل أحد فردي التخييري بالاخر ما دام لم يحصل الفراغ و من ناحية اخري يكون مقتضي دليل التداخل جوازه فلا مانع من الاستئناف و يقصد به كليهما- كما في المتن- و لو قلنا بأن التداخل عزيمة يجب الاستئناف.

(4) الوجه في هذا التعبير الترديد في أن الواجب قصد رفع الحدث السابق الذي غسل منه بعض أعضائه و اللاحق من أول الغسل أو أن الواجب قصد غسل الجزء المغسول ثانيا من الحدث اللاحق و قصد المجموع في الباقي لكنه

______________________________

(1) لاحظ ص: 75

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 80

المتوسطة (1).

[مسألة 175: اذا شك في غسل الرأس و الرقبة قبل الدخول في غسل البدن رجع و أتي به]

(مسألة 175): اذا شك في غسل الرأس و الرقبة قبل الدخول في غسل البدن رجع و أتي به (2) و ان كان بعد الدخول فيه لم يعتن و يبني علي الاتيان به علي الاقوي (3) و أما اذا شك في غسل الطرف الايمن فاللازم الاعتناء به حتي مع الدخول في غسل الطرف الايسر

(4)

______________________________

لا وجه لهذا الترديد مع الجزم بالنسبة الي الارتماسي بل لنا أن نقول: انه لا دليل علي جواز التداخل بالنسبة الي بعض الاجزاء فان دليل التداخل ان كان شاملا لمثل المقام فلا بد من قصد الجميع من أول الغسل و ان لم يكن شاملا فلا موضوع للبحث فلاحظ.

(1) فان الماتن يري اجزاء كل غسل عن الوضوء غير غسل الاستحاضة المتوسطة كما مرو لذا حكم بالاجزاء في غيره و الكلام في الاجزاء و عدمه موكول الي تلك المسألة و نتعرض ان شاء اللّه تعالي لما هو الحق فيها عند تعرض الماتن لها فانتظر.

(2) لاستصحاب عدم الاتيان به و لا مقتضي للحكم بالتحقق.

(3) فان الماتن يري اختصاص المنع المستفاد من النص الخاص بالوضوء فلا يري مانعا من الاخذ بقاعدة التجاوز الجارية في جميع الموارد بمقتضي دليلها و لكن الاشكال تمام الا اشكال في عدم تمامية دليلها فانا ذكرنا في محله أنه لا دليل علي قاعدة التجاوز بنحو الاطلاق و انما لنصوص الواردة دالة علي اعتبار قاعدة الفراغ نعم يستفاد من جملة من النصوص اعتبار قاعدة التجاوز في خصوص بعض أجزاء الصلاة و تفصيل الكلام خارج عن حوصلة المقام فراجع ما حققناه هناك تصدق ما ذكرناه.

(4) الوجه فيه أنه يري اشتراط جريان القاعدة بالدخول في الغير المترتب

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 81

[مسألة 176: إذا غسل أحد الاعضاء ثم شك في صحته و فساده فالظاهر أنه لا يعتني بالشك]

(مسألة 176): اذا غسل أحد الاعضاء ثم شك في صحته و فساده فالظاهر أنه لا يعتني بالشك سواء كان الشك بعد دخوله في غسل العضو الاخر أم كان قبله (1).

[مسألة 177: اذا شك في غسل الجنابة بني علي عدمه]

(مسألة 177): اذا شك في غسل الجنابة بني علي عدمه (2) و اذا شك فيه بعد الفراغ من الصلاة و احتمل الالتفات الي ذلك قبلها فالصلاة محكومة بالصحة (3) لكنه يحب عليه أن يغتسل للصلوات الآتية (4).

هذا اذا لم يصدر منه الحدث الاصغر بعد الصلاة و الا وجب عليه الجمع بين الوضوء و الغسل بل وجبت اعادة الصلاة أيضا اذا كان

______________________________

الشرعي و حيث انه لا يري ترتبا شرعيا بين الايمن و الايسر فلا يكتفي في جريان القاعدة بالدخول في الايسر و قد مر منا أن الترتيب بينهما شرط.

(1) و الوجه فيه: أن الشك في صحة الموجود موضوع لقاعدة الفراغ و لا يشترط في جريانها الدخول في الغير و الامر كما أفاده و قد ذكرنا في محله أن مقتضي النصوص اعتبار قاعدة الفراغ و اشتراط جريانها بالدخول في الغير و ان كان مستفادا من بعض تلك النصوص لكن نتيجة الجمع بين الروايات عدم الاعتبار فراجع ما ذكرناه هنا و اغتنم ما حققناه.

(2) لاستصحاب عدم الاتيان به.

(3) لجريان القاعدة فان مقتضي قاعدة الفراغ صحتها.

(4) اذ قاعدة الفراغ لا تثبت اللوازم و بمقتضي القاعدة الاولية لا بد من احراز الطهارة و مقتضي الاصل عدم تحققها فلا بد من الاغتسال للصلوات الآتية.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 82

الشك في الوقت (1) و أما بعد مضيه فلا تجب اعادتها (2) و اذا علم اجمالا بعد الصلاة ببطلان صلاته أو غسله وجبت عليه اعادة الصلاة فقط (3).

[مسألة 178: إذا اجتمع عليه اغسال متعددة واجبة أو مستحبة أو بعضها واجب و بعضها مستحب]

(مسألة 178): اذا اجتمع عليه اغسال متعددة واجبة أو مستحبة أو بعضها واجب و بعضها مستحب فقد تقدم حكمها في شرائط الوضوء في المسألة (109) فراجع (4).

______________________________

(1) للعلم الإجمالي بأنه اما يجب عليه أن يعيد

الصلاة المأتي بها بعد الغسل ان لم يغتسل أو يجب عليه الاتيان بالصلاة اللاحقة مع الوضوء فلا بد من الجمع بين أمور ثلاثة.

(2) يظهر من الماتن أن الجمع بين الغسل و الوضوء لازم علي الاطلاق و أما اعادة الصلاة السابقة ففيها تفصيل بين كون الشك في الوقت أو بعد مضيه و لم يظهر لي وجهه اذ طرف العلم الإجمالي الموجب للتنجز اعادة الصلاة السابقة و مع قطع النظر عنه لا يكون وجه للاحتياط اذا لشك في بقاء الجنابة و الاستصحاب يقتضي بقائها و يكفي الغسل وحده.

فالذي يختلج بالبال أن لا يفرق بين كون الشك في الوقت أو بعد مضيه غاية الامر اذا كان في الوقت يكون طرف العلم وجوب الاعادة و اذا كان بعد مضيه كان طرفه وجوب القضاء فلاحظ.

(3) و الوجه أن بطلان الصلاة قدر متيقن فلا مانع من جريان القاعدة في الغسل.

(4) و قد تقدم منا شرح المتن و مستند الحكم فراجع.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 83

[مسألة 179: إذا كان يعلم اجمالا أن عليه اغسالا لكنه لا يعلم بعضها بعينه]

(مسألة 179): اذا كان يعلم اجمالا أن عليه اغسالا لكنه لا يعلم بعضها بعينه يكفيه أن يقصد جميع ما عليه (1) و اذا قصد البعض المعين كفي عن غير المعين (2) و اذا علم أن في جملتها غسل الجنابة و قصده في جملتها أو بعينه لم يحتج الي الوضوء (3) بل الاظهر عدم الحاجة الي الوضوء مطلقا (4).

______________________________

(1) قد تقدم في المسألة المشار اليها جواز الاكتفاء بغسل واحد لحقوق متعددة فراجع تلك المسألة.

(2) كما مر في تلك المسألة فراجع.

(3) اذ لا وضوء مع غسل الجنابة.

(4) وقع الكلام بينهم في كفاية غسل غير الجنابة عن الوضوء و عدمها ذهب الي الثاني جل الاصحاب- حسب نقل الحدائق- و

قال: «ذهب المرتضي الي الاول» و اختاره أيضا.

استدل علي الثاني بقوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا» «1».

بتقريب: ان المستفاد من الاية الشريفة أن كل محدث لا بد له من الوضوء و مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين أن يغتسل لغير الجنابة و عدمه انما الخارج من العموم خصوص الجنب. و هذا التقريب لا بأس به ان لم يتم و لم يقم علي الكفاية دليل.

و استدل عليه أيضا بجملة من النصوص منها ما أرسله ابن أبي عمير عن

______________________________

(1) المائدة/ 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 84

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة «1» و هذه الرواية تامة دلالة علي المدعي لكنها مخدوشة سندا بالارسال و كون المرسل ابن أبي عمير لا يفيد كما حقق في محله راجع معجم الرجال لسيدنا الاستاد.

و منها: ما رواه حماد بن عثمان أو غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

في كل غسل وضوء الا الجنابة «2». و هذه الرواية أيضا تامة دلالة لكنها مخدوشة سندا اذ الراوي عنه عليه السلام مردد بين حماد و غيره و نقل العلامة قدس سره الرواية في المختلف مستندا الي الامام عليه السلام و عدم ذكر «أو غيره» يمكن أن يكون ناشئا من الاشتباه و لذا- علي حسب نقل الحدائق- رد الرواية صاحب المدارك بالضعف.

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال:

اذا أردت أن تغتسل للجمعة فتوضأ و (ثم خ ل) اغتسل «3» و هذه الرواية أيضا ضعيفة بسليمان فانه لم يوثق. و

تعبير الحدائق بالصحيحة عن الرواية المذكورة في غير محله.

و منها: ما عن الفقه الرضوي: «و الوضوء في كل غسل ما خلا غسل الجنابة «4».

و عدم اعتبار الكتاب المذكور واضح فلم يتم من النصوص المذكورة ما يفيد المدعي. و استدل علي القول الاول بجملة من النصوص أيضا منها ما رواه حكم بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) فقه الرضا ص: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 85

في غير الاستحاضة المتوسطة (1).

[المقصد الثاني غسل الحيض]

اشارة

المقصد الثاني غسل الحيض و فيه فصول:

[الفصل الاول في سببه]
اشارة

الفصل الاول في سببه و هو خروج دم الحيض (2)

______________________________

حكيم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجنابة الي أن قال: قلت:

ان الناس يقولون يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل فضحك و قال: و اي وضوء أنقي من الغسل و أبلغ «1». فان المستفاد من هذه الرواية أن الغسل مطلقا أبقي من الوضوء و أبلغ.

و منها جملة أخري من النصوص لاحظ جميع أحاديث الباب 33 من أبواب الجنابة في الوسائل.

و الظاهر أنه لا يبقي مجال للترديد بعد ورود هذه الروايات الواضحة من حيث الدلالة و سند بعضها و ان كان مخدوشا لكن في المعتبر منها غني و كفاية.

فالحق ما أفاده في المتن: من أن كل غسل كغسل الجنابة من هذه الجهة فلاحظ.

(1) كما صرح بالوجوب في بحث الاستحاضة و نتعرض لشرح المتن هناك إن شاء اللّه تعالي تفصيلا.

و مجمل الكلام: أن الفارق هو النص لاحظ ما رواه سماعة قال: المستحاضة اذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين و للفجر غسلا و ان لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة و الوضوء لكل صلاة «2».

(2) ان الماتن يري عدم تحقق الحيض قبل الخروج و ان حدوثه يتوقف

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من أبواب الجنابة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 86

الذي تراه المرأة في زمان مخصوص غالبا (1) سواء خرج من الموضع المعتاد أم من غيره (2) و ان كان خروجه بقطنة (3).

و اذا انصب من الرحم الي فضاء الفرج و لم يخرج منه أصلا ففي جريان حكم الحيض عليه اشكال و ان كان الاظهر عدمه (4)

______________________________

علي الخروج و

سيتعرض لحكم ما اذا انصب من الرحم الي فضاء الفرج و لم يخرج منه أصلا فانتظر.

(1) في مقابل النادر فانه يمكن أن تراه قبل البلوغ كما أنه يمكن أن تراه بعد اليأس بل في الغالب لا تراه أول البلوغ غالبا كما أن كثيرا ينقطع قبل اليأس.

(2) ما ذكرناه في بحث تحقق الجنابة بخروج المني جار في المقام و قلنا هناك: ان شمول الدليل لكل خارج حتي بالوسائل المتداولة في العصور الاخيرة محل الاشكال لكن لا يختص ترتب الحكم بخصوص الخارج من الموضع المعتاد فانه خلاف الاطلاق و مقتضاه عدم الفرق.

و صفوة القول: أن ترتب الحكم تابع للصدق العرفي و مع الشك لا يترتب الاثر كما هو مقتضي الصناعة.

(3) لان الميزان خروج الدم في تحقق الحيض و لا فرق في خروجه بأي نحو كان.

(4) الاشكال ناش من أنه يكفي لبقاء الحيض بعد تحققه كونه في فضاء الفرج بالنصوص و الاجماع، فيقرب دعوي الاكتفاء به في الحدوث لعدم الفرق بين البقاء و الحدوث و التزم به بعض الاجلة- علي ما نقل عنه- و لكن الانصاف أن الجزم بالحكم لا يمكن فان الميزان في الحكم الشرعي غير معلوم عندنا

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 87

و لا اشكال في بقاء الحدث ما دام باقيا في باطن الفرج (1).

[مسألة 180: اذا افتضت البكر فسال دم كثير و شك في أنه من دم الحيض أو من العذرة، أو منهما]

(مسألة 180): اذا افتضت البكر فسال دم كثير و شك في أنه من دم الحيض أو من العذرة، أو منهما أدخلت قطنة (2).

______________________________

فالاظهر عدمه كما في المتن فلاحظ.

(1) كما تدل عليه أحاديث الاستبراء لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة فان خرج فيها شي ء من الدم فلا تغتسل و ان

لم تر شيئا فلتغتسل و ان رأت بعد ذلك صفرة فلتوض و لتصل «1»، و غيرها من الروايات الواردة في الباب 17 من أبواب الحيض من الوسائل.

(2) كما تدل عليه رواية خلف بن حماد الكوفي قال: دخلت علي أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام بمني فقلت له: ان رجلا من مواليك تزوج جارية معصرا لم تطمث فلما افتضها سال الدم فمكث سائلا لا يتقطع نحوا من عشرة أيام و أن القوابل اختلفن في ذلك فقال بعضهن: دم الحيض و قال:

بعضهن: دم العذرة فما ينبغي لها ان تصنع؟، الي أن قال: ثم قال: تستدخل القطنة ثم تدعها مليا ثم تخرجها اخراجا رقيقا فان كان الدم مطوقا في القطنة فهو من العذرة و ان كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض «2».

و مثلها في الدلالة علي المدعي ما رواه زياد بن سوقة قال: سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجل افتض امرأته أو أمته فرأت دماء كثيرا لا ينقطع عنها يوما كيف تصنع بالصلاة؟ قال: تمسك الكرسف فان خرجت القطنة مطوقة بالدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 88

و تركتها مليا (1) ثم أخرجتها اخراجا رفيقا (2) فان كانت مطوقة بالدم فهو من العذرة (3) و ان كانت مستنقعة فهو من الحيض (4).

______________________________

فانه من العذرة تغتسل و تمسك معها قطنة و تصلي فان خرج الكرسف منغمسا بالدم فهو من الطمث «1».

و مثلهما في الدلالة علي المدعي ما رواه خلف بن حماد أيضا «2».

(1) قال سيد العروة فيها: «و الصبر قليلا» و الظاهر أن الحق ما أفاده الماتن فان المذكور في حديث الخلف

عنوان الملي و معناه المكث الطويل و المطلق من النصوص يقيد به كما هو الميزان فلاحظ.

(2) كما صرح بالرقيق في الرواية.

(3) كما نص عليه في النصوص و معه لا مجال لما عن الأردبيلي قدس سره من الرجوع الي الصفات.

(4) هذا هو المحكي عن الاكثر- علي ما قيل- و عن جملة من الاعيان الاقتصار علي الحكم بالعذرة مع التطوق فانه ظاهر في التأمل في الحكم بالحيض للانغماس و الظاهر أنه لا وجه له أما مع دوران الامر بين العذرة و الحيض فهو القدر المتيقن من نصوص الباب و أما مع احتمال غيرهما فالامر أيضا كذلك لإطلاق حديث زياد.

بل يمكن أن يقال: بدلالة حديث خلف علي المدعي لان الرجوع الي القوابل يمكن أن يكون من باب تحصيل العلم بالحال من قولهن لا من باب حجية قولهن كي يقال: الامر دائر عندهن بين الامرين و الامام عليه السلام بين حكم هذه الصورة فانه لا دليل علي اعتبار قولهن بل الدليل قائم علي خلافه فان الرجوع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 89

و لا يصح عملها بقصد الامر الجزمي بدون ذلك ظاهرا (1).

[مسألة 181: إذا تعذر الاختبار المذكور فالأقوي الاعتبار بحالها السابق من حيض أو عدمه]

(مسألة 181): اذا تعذر الاختبار المذكور فالاقوي الاعتبار بحالها السابق من حيض أو عدمه (2).

______________________________

إليهن لو كان من باب اعتبار قولهن لم يكن وجه لتكرار العرض عليهن كي يحصل اختلاف أنظارهن.

فالنتيجة: أن ما أفاده في المتن من الاطلاق هو الصحيح.

(1) فانه يستفاد من النصوص أنه لا يجوز العمل بالاصل العملي و حيث انه يمكن أن تكون حائضا لا يجوز قصد الامر الجزمي و أما الاحتياط فلا مانع منه و أما احتمال أن الاختبار شرط لصحة العمل فبدونه يبطل، فاحتمال مخالف

لظاهر الدليل و عليه لو احتاطت و طابق عملها الواقع لكان عملها صحيحا فلاحظ.

و لا يخفي أنه مع عدم الاختبار لا يمكن الجزم بالنية كما ذكرنا فانه تشريع فلا يصح واقعا لا ظاهرا و لم أفهم المراد من كلام الماتن حيث قال: «لا يصح ظاهرا».

و أما وجوب الاختبار و عدم الاكتفاء بالاحتياط من باب أنه يجب بحكم العقل الامتثال الجزمي مع الامكان و لا تصل النوبة الي الاحتمال الا مع عدم الامكان، فمدفوع بانه قد حقق في محله انه لا أصل لهذا المدعي و يكفي في تحقق الامتثال الاحتمال و الرجاء و لو مع التمكن من الجزم.

و أما احتمال كون العبادة محرمة ذاتا علي الحائض فمع احتمال الحيض يكون العمل محتمل الحرمة فلا بد من الاختبار، فمردود بأن الحق أن الحرمة المبحوثة عنها تشريعية لا ذاتية.

(2) للاستصحاب فان المستفاد من نصوص الاختبار الواردة في المقام وجوبه

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 90

و اذا جهلت الحالة السابقة فالاحوط استحبابا الجمع بين عمل الحائض و الطاهرة و الاظهر جواز البناء علي الطهارة (1).

______________________________

مع الامكان.

و بعبارة اخري لا يستفاد من هذه النصوص سقوط القواعد و الاصول الاولية عن الاعتبار علي الاطلاق و أنما تسقط مع امكان الاختبار فمع عدم الامكان يكون المرجع القواعد المقررة.

و صفوة القول انه لا يستفاد من نصوص الباب لزوم الاختبار علي الاطلاق كي يقال: مع عدم امكانه لا مناص عن الاحتياط فان العرف لا يفهم منها أزيد من الاختبار مع الامكان فعليه لو لم يمكن، يكون مقتضي القاعدة استصحاب الحالة السابقة الاعلي القول بتمامية قاعدة الامكان لكن تلك القاعدة ليست تامه بنحو تكون مرجعا في كل مورد عند الشك اذ لا دليل عليها و الاجماع

المنقول علي حجيتها لا أثر له كما هو ظاهر.

(1) لا اشكال في أن دليل وجوب الصلاة و الصوم و كذلك بقية ادلة الاحكام المترتبة علي المرأة قد خصت بالحائض و التمسك بالعمومات مع الشك في كون المرأة حائضا تمسك بالعموم مع الشك في المصداق و قد حقق في الاصول عدم جوازه.

ان قلت: بمقتضي الاستصحاب نحكم بكون الدم ليس من الحيض و لا يعارضه عدم كونه من العذرة اذ استصحاب عدم كونه من العذرة لا يثبت كونه من الحيض الاعلي النحو المثبت.

قلت: لا مانع من هذا الاستصحاب و لا يعارضه الاصل الاخر كما ذكرت لكن استصحاب عدم كونه من الحيض لا يثبت عدم كون المرأة حائضا الاعلي

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 91

[الفصل الثاني كل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين و لو بلحظة لا تكون له أحكام الحيض]
اشارة

الفصل الثاني كل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين و لو بلحظة لا تكون له أحكام الحيض و ان علمت انه حيض واقعا (1).

______________________________

القول بالمثبت فان عدم كون المرأة حائضا ليس من الآثار الشرعية لعدم كون الخارج من الحيض فعليه لا بد من الاحتياط للعلم الإجمالي فان مقتضاه الجمع بين تروك الحائض و أحكام الطاهرة.

(1) هذا التعبير متين فان المستفاد من النص أن الخارج قبل التسع لا يكون حيضا لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ثلاث يتزوجن علي كل حال: التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض قلت: و متي تكون كذلك؟ قال اذا بلغت ستين سنة فقد يئست من الحيض و مثلها لا تحيض و التي لم تحض و مثلها لا تحيض قلت: و متي يكون كذلك؟ قال: ما لم تبلغ تسع سنين فانها لا تحيض و مثلها لا تحيض الخبر

«1».

فان المستفاد من هذا الحديث أن الخارج قبل التسع لا يحكم عليه بالحيضية و لو علي القول بتحقق البلوغ قبل التسع كما أنه نلتزم بالحيضية اذا خرج بعد بلوغ التسع و لو علي القول بعدم تحقق البلوغ الا بالعشر فلو علم بكونه دم حيض لم يترتب عليه حكمه.

و لا يخفي أن الشارع الاقدس بما أنه شارع لا يخبر عن الامور التكوينية بما هي كذلك بل الشارع بما هو شارع يبين الاحكام الشرعية غاية الامر في بعض الاحيان يبين بنحو الحكومة و التنزيل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب العدد الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 92

و كذا المرأة بعد اليأس (1) و يتحقق اليأس ببلوغ خمسين سنة في غير القرشية (2).

______________________________

فالنتيجة: أن الدم الخارج قبل التسع لا يترتب عليه حكم الحيض و لو مع القطع بكونه منه كما في المتن.

(1) فانه قد نص عليه في الرواية فلاحظ.

(2) الروايات الواردة في المقام طوائف ثلاث: الاولي ما تدل علي أن الخمسين حد اليأس و هو ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: حد التي قد يئست من المحيص خمسون سنة «1».

و ما رواه بعض أصحابنا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: المرأة التي قد يئست من المحيض حدها خمسون سنة «2».

و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ثلاث يتزوجن علي كل حال الي أن قال: و التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض قلت: و ما حدها؟ قال: اذا كان لها خمسون سنة «3».

الطائفة الثانية: ما يدل علي أن حده الستون و هو ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد

اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت: التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض؟ قال: اذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض «4» و ما رواه الكليني قال: و روي ستون سنة أيضا «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 93

______________________________

الطائفة الثالثة: ما يدل علي التفصيل و هو ما رواه الشيخ في المبسوط:

تيأس المرأة اذا بلغت خمسين سنة الا أن تكون امرأة من قريش فانه روي أنها تري دم الحيض الي ستين سنة «1».

و ما رواه المفيد قال: قد روي أن القرشية من النساء و النبطية تريان الدم الي ستين سنة «2».

و ما رواه ابن أبي عمير عن بعض اصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة الا أن تكون امرأة من قريش «3».

كما أن الأقوال مختلفة فانه نقل عن الشيخ و المحقق في الطلاق: الذهاب الي أن حده الخمسون علي الاطلاق و نقل عن العلامة و المحقق في كتاب الحيض الذهاب الي أن حده الستون مطلقا و نسب الي المشهور: التفصيل بين القرشية و غيرها بكون الستين حده في القرشية و الخمسين حده في غيرها و لا بد من من ملاحظة نصوص الباب.

و لا يخفي أن الروايات المفصلة لا اعتبار بسندها للإرسال و أما ما دل علي أن الحد هو ستون فكذلك أما رواية الكليني فبالإرسال و أما رواية ابن الحجاج فبضعف اسناد الشيخ الي علي ابن الحسن.

ان قلت: يمكن أن يكرن المراد بعلي بن الحسن الواقع في

السند هو ابن رباط و طريق الشيخ اليه تام. قلت: لم تثبت. رواية ابن رباط عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب راجع معجم رجال الحديث لسيدنا الاستاد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 94

و الاحوط في القرشية الجمع بين تروك الحائض و أفعال المستحاضة بعد بلوغها خمسين و قبل بلوغها ستين (1) اذا كان الدم بصفات الحيض أو أنها رأته في أيام عادتها (2) و المشكوك في أنها قرشية بحكم غير القرشية (3).

______________________________

و أما ما يدل علي أن الحد خمسون فهو تام سندا لاحظ حديث ابن الحجاج «1».

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط و لا ينبغي تركه لكن ظهر مما ذكرنا ان الصناعة تقتضي ما تقدم فلاحظ.

(2) فان الدم المتصف بتلك الصفات و كذلك المرئي في أيام العادة محكوم بالحيضية و هذا هو الوجه في التقييد باحد الامرين و أما لو رأته في غير تلك الايام و لم يكن متصفا بتلك الصفات فلا وجه لجعله حيضا.

(3) لاستصحاب عدم كونها قرشية باصالة العدم الازلي و لا مجال للإشكال في الاستصحاب بان القرشية من لوازم الماهية فليس لعدمها حالة سابقة في مورد الشك كي يستصحب و انما الاصل يجري في الاعدام التي لها سبق العدم فانه يرد علي هذا التقريب أن الاحكام مترتبة علي الوجودات لا الماهيات و من الظاهر أن سبق العدم للماهية المتصفة بالصفة المذكورة ازلي فلاحظ.

ان قلت: ان العدم الازلي يتوقف اثباته علي تحقق الموضوع لان القرشية من لوازم الوجود فيكون متأخرا عن الوجود رتبة فنقيضه لا بد أن يكون متأخرا عنه أيضا لاتحاد النقيضين رتبة و العدم المذكور لا تكون له حالة

سابقة فلا يثبت بالاصل المشار اليه الا علي النحو المثبت.

قلت: لا دليل علي اعتبار وحدة الرتبة في النقيضين مضافا الي أن المتقيد بالوصف

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 95

[مسألة 182: الأقوي مجامعة الحيض للحمل]

(مسألة 182): الاقوي مجامعة الحيض للحمل (1).

______________________________

المذكور في العالم الما هوي تكون نسبة الوجود و العدم اليه علي حد سواء.

و صفوة القول: انه لا اشكال في أن هذا الموجود الخارجي قبل وجوده لم يكن متصفا بهذا الوصف و الاصل أنه بعد الوجود لم يعرضه الوصف و هذا ظاهر.

و ان شئت قلت: ان مقتضي الدليل الاولي وجوب الصلاة علي كل امرأة و كذلك بقية الاحكام و انما خرجت عن تحت تلك الاحكام المرأة القرشية فلو احرز أن هذه المرأة لا تكون قرشية يترتب عليها أحكام غيرها فنقول: هذه المرأة قبل وجودها لم تكن قرشية و الاصل بقائها علي ما كانت و لا يلزم اثبات اتصافها بعدم القرشية كي يتوجه الاشكال من أنه من المثبت فلاحظ.

(1) نقل الالتزام به عن جعلة من الاعيان بل قيل: ان عليه الاكثر و عن جامع المقاصد: أنه المشهور.

و تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الحبلي تري الدم أ نترك الصلاة؟ فقال: نعم ان الحبلي ربما قذفت بالدم «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن (أبا ابراهيم) عليه السلام عن الحبلي تري الدم و هي حامل كما كانت تري قبل ذلك في كل شهر هل تترك الصلاة؟ قال: تترك الصلاة اذا دام «2» الي غيرهما من الروايات المذكورة في الباب 30 من أبواب الحيض من الوسائل.

و نسب الي جملة من الاعيان

عدم اجتماعه معه و استدل بجملة من النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 96

______________________________

منها ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام انه قال: قال النّبيّ صلي اللّه عليه و آله: ما كان اللّه ليجعل حيضا مع حبل يعني إذا رأت الدم و هي حامل لا تدع الصلاة «1». و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي.

و منها: ما رواه حميد بن المثني قال: سألت أبا الحسن الاول عليه السلام عن الحبلي تري الدفقة و الدفقتين من الدم في الايام و في الشهر و الشهرين فقال: تلك الهراقة ليس تمسك هذه عن الصلاة «2».

و هذه الرواية مطلقة و مقتضي الصناعة أن تقيد برواية ابي المعزاء قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحبلي قد استبان ذلك منها تري كما تري الحائض من الدم قال: تلك الهراقة ان كان دما كثيرا فلا تصلين و ان كان قليلا فلتغتسل عند كل صلاتين «3».

فان تلك الرواية مطلقة و هذه الرواية تفصل بين القليل و الكثير فتقيد الاولي بالثانية.

و لا يبعد أن تكون الكثرة المذكورة في الرواية كناية عن الغلظة.

و مثلها في التقييد المرسل عن ابن مسلم و رواية ابن عمار «4».

و استدل علي المدعي بما ورد في السبايا و الجوادي من استبراء ارحامهن بحيضة لاحظ ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن رجل يبيع جارية كان يعزل عنها هل عليه فيها استبراء؟ قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 16 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 97

______________________________

نعم و عن أدني ما يجزي

من الاستبراء للمشتري و البائع قال: أهل المدينة يقولون حيضة و كان جعفر عليه السلام يقول: حيضتان «1».

و ما رواه سماعة ابن مهران قال: سألته عن رجل اشتري جارية و هي طامث أ يستبري ء رحمها بحيضة اخري أم تكفيه هذه الحيضة؟ قال: لا بل تكفيه هذه الحيضة فان استبرأها اخري فلا بأس هي بمنزلة فضل «2».

و ما رواه الحسن بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: نادي منادي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في الناس يوم أوطاس أن استبرءوا سباياكم بحيضة «3».

بتقريب: أن الاستبراء لا يحصل الا مع التضاد بين الحمل و الحيض.

و يمكن أن يجاب عن هذا الاستدلال بأنه حكم ظاهري وارد في مورد خاص و يكفي في جعل الشارع الغلبة الخارجية فان الغالب لو لم يجتمع الحيض مع الحمل لكفي لجعل الشارع الاستبراء دليلا علي عدمه. مضافا الي أن المستفاد من حديث سعد بن سعد وجوب الاستبراء بحيضتين و الحال أنه يكفي الحيضة الواحدة للاستبراء علي هذا القول.

و استدل علي المدعي أيضا بأنه يجوز طلاق الحامل بالإجماع هذا من ناحية و من ناحية اخري أن الطلاق لا يجوز حال الحيض فيلزم الالتزام بالتضاد بين الامرين.

و الجواب عن هذا الاستدلال: أن تخصيص الادلة ليس أمرا عزيزا فعلي تقدير تحقق الاجماع علي الجواز نلتزم به و نخصص دليل عدم الجواز و اصالة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 98

حتي بعد استبانته (1) لكن لا يترك الاحتياط فيما يري بعد العادة بعشرين يوما اذا كان واجدا للصفات (2).

______________________________

العموم

لا تصلح لإثبات الموضوع و نفيه.

و ملخص الكلام: أن مقتضي الجمع بين نصوص المقام الدالة علي الاجتماع و ما دل علي عدم جواز طلاق الحائض و الاجماع المذكور الالتزام بجواز طلاقها حال الحيض و لا يتوجه اشكال فانه مقتضي الصناعة و أن أبيت عن ذلك نقول: الترجيح مع ما دل علي امكان الجمع فان خلافه موافق للعامة علي ما قيل قال الشيخ الحر في و سائله: «ان هذا قول أكثر فقهائهم و أشهر مذاهبهم» بل لنا أن نقول: بأن الجواز موافق لظاهر الكتاب.

(1) خلافا للشيخ في الخلاف- علي ما نقل عنه- بل عنه دعوي الاجماع علي عدم الحيض في المستبانة و عن السرائر: نسبته الي أكثر المحصلين لكن مقتضي الاطلاقات عدم الفرق بل قد دل عليه بالخصوص حديثا أبي المعز او ابن مسلم «1».

(2) ما تراه بعد العادة بعشرين يوما اما لا يكون واجدا للصفات و اما واجدا لها أما علي الاول فلا اشكال في عدم كونه حيضا فان حديث الحسين بن نعيم الصحاف قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان أم ولدي تري الدم و هي حامل كيف تصنع بالصلاة؟ قال: فقال لي: اذا رأت الحامل الدم بعد ما يمضي عشرون يوما من الوقت الذي كانت تري فيه الدم من الشهر الذي كانت تقعد فيه فان ذلك ليس من الرحم و لا من الطمث فلتتوضأ و تحتشي بكرسف و تصلي و اذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت تري فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فانه من الحيضة فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في حيضها فان

______________________________

(1) لاحظ ص: 96 و ص: 99

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص:

99

[الفصل الثالث أقل الحيض ما يستمر ثلاثة أيام]

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 99

الفصل الثالث أقل الحيض ما يستمر ثلاثة أيام (1).

______________________________

انقطع عنها الدم قبل ذلك فلتغتسل و لتصل «1»، باطلاقه يدل علي عدم كونه حيضا.

كما أنه تدل علي عدمه طائفة اخري من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الحبلي قد استبان حبلها تري ما تري الحائض من الدم قال: تلك الهراقة من الدم ان كان دما أحمر كثيرا فلا تصلي و ان كان قليلا أصفر فليس عليها الا الوضوء «2» و الماتن لم يبين حكم هذه الصورة و أفاد في هامش العروة: «أن الاحتياط مختص بصورة كون الدم واجدا للصفات و أما الفاقد لها فحال الحامل حال غيرها».

و الظاهر أنه لا وجه للتأمل في عدم كونه حيضا مع فقدانه الصفات بمقتضي حديث الصحاف.

و أما في الواجد فلا يبعد أن يقال: بوقوع التعارض بين حديثي صحاف «3» و أبي المعرا «4» و بعد تساقطهما بالتعارض يحكم عليه بالتحيض لإطلاقات الباب كغير الحامل فان المرئي بالصفات يحكم عليه بكونه حيضا الا بلحاظ مانع يمنع عنه.

(1) ما أفاده في هذه الجملة متضمن لأمور ثلاثة: الامر الاول: أن أقل

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 16

(3) لاحظ ص: 98

(4) لاحظ ص: 96

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 100

______________________________

الحيض ثلاثة و هذا هو المشهور بين الاصحاب و عن السرائر: عدم الخلاف فيه و عن جملة من الاساطين: أنه اجماعي و عن المعتبر: أنه مذهب فقهاء أهل البيت. و عن بعض نسبته الي دين الامامية.

و تدل

عليه جملة من النصوص المذكورة في الباب العاشر من أبواب الحيض من الوسائل منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام و أكثره ما يكون عشرة أيام «1»:

و ربما يستفاد الخلاف من رواية اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحبلي تري الدم اليوم و اليومين قال: ان كان الدم عبيطا فلا تصل ذينك اليومين و ان كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين «2».

فان المستفاد من هذه الرواية التحيض برؤية الدم اليوم و اليومين و هذه الرواية واردة في خصوص الحبلي و يمكن بحسب الصناعة تخصيص غيرها بها و لكن الحكم بين الاصحاب في الوضوح و الظهور بمرتبة لا يمكن الالتزام بمفاد هذه الرواية.

و ان شئت قلت: ان ظاهر الرواية مناف مع نصوص التحديد بالثلاثة و حملها علي صورة رؤية الدم بعد ذلك ليتم لها ثلاثة متفرقة، ليس بأولي من حملها علي صورة عدم الانقطاع بل قيل: لعل الثاني أولي لان السكوت عن التعرض لذلك اليوم المتفصل مع كونه مما له دخل في موضوع- الحكم، بعيد جدا، فما عن الراوندي من التفصيل بين الحائل فيعتبر التوالي و الحامل فلا يعتبر- استنادا الي هذه الرواية-، غير سديد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 101

______________________________

و أما حديث سماعة بن مهران قال: سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض فتقعد في الشهر يومين و في الشهر ثلاثة أيام يختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء قال: فلها أن تجلس و تدع الصلاة ما دامت تري الدم ما لم يجز العشرة

فاذا اتفق الشهر ان عدة أيام سواء فتلك أيامها «1»، الدال علي جواز التحيض بيومين، فيمكن تقييده بغيره من النصوص الدالة علي التحديد اذا لتصريح بيومين ليس في كلام الامام بل في كلام الراوي فلاحظ.

الامر الثاني: أنه يعتبر في الثلاثة التوالي و هو المشهور أيضا و تدل عليه نصوص التحديد فانها ظاهرة في الوجود المستمر بالفهم العرفي.

و ربما يستدل علي المدعي- كما عن الشيخ قدس سره- باصالة عدم الحيض مع عدم الاستمرار.

و يرد عليه: أن المستفاد من الادلة اشتراط الحيضية بهذا الشرط فلا نحتاج في عدم ترتيب الاثر الي الاصل و الا يحكم عليه بالحيضية بلا اشكال فلا تصل النوبة الي الاصل العملي نعم لو فرض الاجمال في الادلة فلا مانع من استصحاب عدم تحقق التحيض مع سبق الطهارة.

و ربما يستدل علي عدم الاعتبار- كما نقل عن جملة من الاساطين- بمرسلة يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث: فاذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة فان استمر بها الدم ثلاثة أيام فهي حائض و ان انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين اغتسلت وصلت و انتظرت من يوم رأت الدم الي عشرة أيام فان رأت في تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتي يتم لها ثلاثة أيام، فذلك الدم الذي رأته في أول الامر مع هذا الذي رأته

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 102

______________________________

بعد ذلك في العشرة هو من الحيض و ان مربها من يوم رأت الدم عشرة أيام و لم تر الدم فذلك اليوم و اليومان الذي رأته لم يكن من الحيض انما كان من علة:

اما قرحة

في جوفها و اما من الجوف فعليها أن تعيد الصلاة تلك اليومين التي تركتها لأنها لم تكن حائضا فيجب أن تقضي ما تركت من الصلاة في اليوم و اليومين و ان تم لها ثلاثة أيام فهو من الحيض و هو أدني الحيض و لم يجب عليها القضاء «1».

لكن هذه المرسلة غير قابلة للاستدلال لضعف اسماعيل بن مرار اولا و كونها مرسلة ثانيا.

و نقل عن كشف اللثام: الاستدلال علي عدم الاشتراط باصالة عدمه و اطلاق النصوص و اصل البراءة من وجوب العبادات و بالمرسلة المذكورة.

و يرد عليه: أن اصالة عدم الاشتراط لا يترتب عليها ثبوت الحيضية الا بالنحو المثبت مضافا الي أن ظاهر النصوص اشتراط التوالي و أما أصل البراءة فلا مجال له مع العلم الإجمالي بكونها مكلفة باحد التكلفين مضافا الي أنه لا مجال له مع ظهور الادلة و أما المرسلة فقد ظهر حالها.

الامر الثالث: أنه يعتبر فيه الاستمرار فانه المستفاد من ظاهر النصوص بالفهم العرفي و العرف ببابك فانه لو قيل: جلس زيد ساعة في المسجد يفهم منه الجلوس المستمر بهذا المقدار نعم الفترات اليسيرة التي لا تنافي الاستمرار العادي لا تضر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الحيض الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 103

و لو في باطن الفرج (1) و ليلة الاول كليلة الرابع خارجتان (2) و الليلتان المتوسطان داخلتان (3) و لا يكفي وجوده في بعض كل يوم من الثلاثة و لا مع انقطاعه في الليل (4) و يكفي التلفيق من أبعاض اليوم (5)

______________________________

(1) فانه يكفي في التحيض البقاء في باطن الفرج بالإجماع و النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: قلت له: المرأة تري الصفرة أو الشي ء فلا تدري أ طهرت أم لا؟ قال:

فاذا كان كذلك فلتقم فلتلصق بطنها الي حائط و ترفع رجلها علي حائط كما رأيت الكلب يصنع اذا اراد أن يبول ثم تستدخل الكرسف فاذا كان ثمة من الدم مثل رأس الذباب خرج فان خرج دم فلم تطهر و ان لم يخرج فقد طهرت «2» و غيرهما مما ورد في ذلك الباب.

(2) اذ الميزان بتحققه ثلاثة أيام.

(3) اذ يلزم التوالي و الاستمرار.

(4) اذ يلزم تحققه ثلاثة أيام بتمامها لا ببعضها فلا يكفي وجوده في بعض كل يوم و أيضا يلزم استمراره فلا يتحقق مع الانقطاع في الليل.

(5) لا اشكال في أن ظهور الالفاظ حجة و لا بد من اتباعه فلا بد من تحققه ثلاثة أيام و حيث انه يلزم الاستمرار و التوالي فالليالي المتوسطة داخلة و مقتضي الجمود علي اللفظ النهار التام بنحو الموضوعية مع تبعية الليالي كأيام الاعتكاف.

و لا يبعد أن العرف لا يفهم الموضوعية في موارد التحديد كالمقام بل يفهم من التحديد الساعات النهارية فيكفي التلفيق و السيرة مستمرة عليه فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 87

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب الحيض الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 104

و أكثر الحيض عشرة أيام (1) و كذلك أقل الطهر (2) فكل دم تراه المرأة ناقصا عن ثلاثة أو زائدا علي العشرة أو قبل مضي عشرة من الحيض الاول فليس بحيض (3).

______________________________

(1) ادعي عليه عدم الخلاف تارة و الاجماع اخري، و أنه مذهب فقهاء أهل البيت ثالثة، و أنه من دين الامامية رابعة و قد دلت عليه جملة من النصوص المذكورة في الباب: 10 من أبواب الحيض من الوسائل منها ما رواه معاوية

بن عمار «1».

و يستفاد الخلاف من حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان أكثر ما يكون من الحيض ثمان و أدني ما يكون منه ثلاثة «2»، لكن لا يمكن رفع اليد عن تلك الروايات الكثيرة مع وضوح الامر عند الفقهاء و السيرة الجارية و اللّه العالم.

(2) ادعي عليه السلام الاجماع من المتقدمين و المتأخرين و نقل عن الامالي: أنه من دين الامامية و قد دل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد، أقل ما يكون عشرة من حين تطهر الي أن تري الدم «3» و ما رواه يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أدني الطهر عشرة أيام «4».

(3) كما هو ظاهر فانه نتيجة ما تقدم فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 100

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الحيض الحديث: 14

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب الحيض الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 105

[الفصل الرابع تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين]
اشارة

الفصل الرابع تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة (1)

فان اتفقا في الزمان و العدد بأن رأت في أول كل من الشهرين المتواليين أو آخره سبعة أيام مثلا فالعادة وقتية و عددية (2) و ان اتفقا

______________________________

(1) عن جملة من الاساطين دعوي الاجماع عليه و يدل عليه ما رواه سماعة بن مهران «1» و يؤيده ما رواه يونس عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه اسلام في حديث قال: و أما السنة الثالثة ففي التي ليست لها أيام متقدمة و لم تر الدم قط و

رأت أول ما أدركت الي أن قال: فان انقطع الدم في أقل من سبع و أكثر من سبع فانها تغتسل ساعة تري الطهر و تصلي فلا تزال كذلك حتي تنظر ما يكون في الشهر الثاني فان انقطع الدم لوقته في الشهر الاول سواء حتي يوالي عليها حيضتان أو ثلاث فقد علم الان أن ذلك قد صار لها وقتا و خلقا معروفا تعمل عليه و تدع ما سواه و تكون سنتها فيما تستقبل ان استحاضت قد صارت سنة الي أن تجلس أفرائها و انما جعل الوقت أن توالي عليها حيضتان أو ثلاث لقول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله للتي تعرف ايامها: دعي الصلاة أيام أقرائك فعلمنا أنه لم يجعل القرء الواحد سنة لها فيقول لها: دعي الصلاة أيام قرئك و لكن سن لها الاقراء و أدناه حيضتان فصاعدا «2».

(2) كما يستفاد من الموثق و المرسل.

______________________________

(1) لاحظ ص: 101

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الحيض الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 106

في الزمان خاصة دون العدد بأن رأت في أول الشهر الاول سبعة و في أول الثاني خمسة فالعادة وقتية خاصة (1).

و ان اتفقا في العدد فقط بأن رأت الخمسة في أول الشهر الاول و في آخر الشهر الثاني فالعادة عددية فقط (2).

[مسألة 183: ذات العادة الوقتية سواء كانت عددية أم لا تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة]

(مسألة 183): ذات العادة الوقتية سواء كانت عددية أم

______________________________

(1) وقع الكلام فيه بين الاعلام و الوجه فيه: ان الموثقة لا تشمله فانها تشمل الوقتية العددية كما أنها تشمل العددية فقط و اما الوقتية فليست مشمولة لها بل بمقتضي مفهوم الشرط يلزم أن تلك الايام ليست أيام حيضها و أما المرسل فالمستفاد منه أيضا كذلك فان قوله عليه السلام: «فان انقطع الدم لوقته»

اشارة الي العدد كما هو ظاهر مضافا الي عدم اعتبار المرسل سندا و لفظ غير واحد يصدق علي المتعدد و لا يلزم في صدقه تحقق الكثرة في النقل و أما عدم القول بالفصل بين العددية و الوقتية فغايته تحقق الاجماع فالاولي أن يستدل به فانه نقل عن المستند دعوي الاجماع و اثبات الاجماع التعبدي في غاية الاشكال.

و غاية ما يمكن أن يقال في هذا المقام: أن الميزان معرفة أيام حيضها و هذا المعني يحصل بالتكرر مرتين و لم يقع في النص عنوان العادة كي يتوقف ترتيب الاحكام علي صدق هذا العنوان.

مضافا الي أن العادة من العود و يحصل هذا المفهوم بالتكرر مرتين. أضف الي ذلك كله السيرة الجارية. و مع ذلك كله في النفس شي ء و الاحتياط طريق النجاة و مقتضي مفهوم الشرطية في الموثقة عدم تحققه في غير العددية فالامر مشكل.

(2) كما هو ظاهر الموثق.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 107

لا تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة (1).

______________________________

(1) ادعي عليه عدم الخلاف بل ادعي جملة من الاعلام عليه الاجماع- علي ما نقل عنهم-. و تدل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تري الصفرة في أيامها فقال: لا تصلي حتي تنقضي ايامها و ان رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت «1».

و منها ما رواه يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث: و كل ما رأته المرأة في أيام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض و كل ما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض «2».

و منها: ما رواه معاوية بن حكيم قال: قال: الصفرة قبل

الحيض بيومين فهو من الحيض، و بعد أيام الحيض فليس من الحيض و هي في أيام الحيض الحيض «3».

و منها: الحديث: 7 و 9 من الباب الرابع من أبواب الحيض من الوسائل فلاحظ.

و عن جامع المقاصد: دعوي تواتر الاخبار عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام بوجوب الجلوس برؤية الدم أيام الاقراء. و أما عموم الامر بالقعود عن الصلاة أيام الحيض فلا تصلح للاستدلال بها علي المقام لظهورها في الحكم الواقعي للحيض لا في التحيض بالرؤية.

و ان شئت قلت: لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 108

أو قبلها (1) أو بعدها (2) بيوم أو يومين (3) و ان كان أصفر رقيقا فتترك العبادة و تعمل عمل الحائض في جميع الاحكام (4).

______________________________

(1) ادعي عليه الاتفاق في الجملة و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها ما رواة سماعة قال: سألته عن المرأة تري الدم قبل وقت حيضها فقال:

اذا رأت الدم قبل وقت حيضها فلتدع الصلاة فانه ربما تعجل بها الوقت فان كان أكثر من أيامها التي كانت تحيض فيهن فلتربص ثلاثة أيام بعد ما تمضي أيامها فاذا تربصت ثلاثة أيام و لم ينقطع الدم عنها فلتصنع كما تصنع المستحاضة «1».

و منها: ما رواه الحسين بن نعيم الصحاف «2».

(2) بان لم تره. في العاده و رأته متأخرا ادعي عليه الاجماع مع وجدان الصفات بل مطلقا.

(3) أفاد سيد العروة في عروته: «أو أزيد علي وجه يصدق عليه تقدم العادة أو تأخرها» و لكن الظاهر أن الحق ما أفاده في المتن لما رواه أبو بصير عن

أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة تري الصفرة فقال ان كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض و ان كان بعد الحيض بيومين فليس من الحيض «3».

(4) تستفاد مما أفاده في المتن فروع أربعة: الاول أنه لو رأت الدم قبل أيام العادة بيوم او يومين و كان بصفات الحيض تجعلها حيضا و عليه الاجماع و تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه الحسين بن نعيم الصحاف «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 98

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الحيض الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 98

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 109

______________________________

و منها: ما رواه سماعه «1» و منها: ما رواه ابو بصير «2».

و الوجه في التقييد رواية أبي بصير «3» فان مقتضي التقييد بيوم أو يومين في هذه الرواية انتفاء الحكم عن المتقدم بازيد من هذا المقدار.

و أفاد في المستمسك: بأنه لا مفهوم للرواية لأنها مسوقة في قبال التاخر بيومين و علي تقدير تسليم المفهوم يكون التعليل في الموثق أظهر و مقتضي التعليل عدم الاختصاص بهذا المقدار.

و يرد عليه: أنه لا وجه لرفع اليد عن المفهوم غاية ما في الباب أنه صرح يبعض مصاديق المفهوم و لا وجه لرفع اليد عن بقية مصاديقه مضافا الي أن التحديد و جعل القانون بنفسه يقتضي النفي عن غير ما جعل موضوعا للحكم.

و أما التعليل الوارد في الموثق «4» فلا وجه لتقديمه بل الامر بالعكس بأن نقيده بيوم أو يومين. و لا يخفي: أن المذكور في رواية أبي بصير «5» عنوان الصفرة و قد فرض في الفرع الاول كون الدم واجدا للصفات فلا وجه للتقييد برواية أبي بصير.

الثاني: ما لو رأت الدم قبل العادة

بيوم أو يومين فاقدا للصفات فانه يحكم عليه بالحيضية، و عن المدارك: أنه لا يحكم علي الفاقد للصفات بالحيضية لعموم نفي الحيضية عن فاقد الصفات.

______________________________

(1) لاحظ ص: 108

(2) لاحظ ص: 108

(3) لاحظ ص: 108

(4) لاحظ ص: 108

(5) لاحظ ص: 108

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 110

______________________________

و فيه: أنه علي تقدير تمامية كلية تلك الروايات نلتزم بتقييدها و تخصيصها بأخبار الباب سيما حديث أبي بصير «1» فانه قد صرح فيه بكون المتقدم بيوم و يومين حيضا مع التصريح بالاصفرار فلا مجال لهذه المناقشة.

و أما حديث محمد بن مسلم «2» فيرفع اليد عنه بحديث أبي بصير «3» و غيره من أخبار الباب.

الثالث: ما لو رأت الدم بعد العادة بيوم أو يومين و كان بصفات الحيض فانه يحكم عليه بالحيضية و أدعي عليه عدم الخلاف و عن المستند دعوي الاجماع القطعي عليه و استدل عليه أيضا بأن التأخير يزيده انبعاثا.

و استدل عليه أيضا بأن المستفاد من حديث سماعة الحكم بالحيضية بمطلق التخلف و عدم الاختصاص بخصوص المتقدم و للمناقشة في جميع ما ذكر من الوجوه مجال واسع و الظاهر أنه لا مانع من الاخذ بنصوص الصفات لإثبات الحيضية «4».

و استشكل في استفادة الكلية من هذه النصوص و نتعرض ان شاء اللّه تعالي عن قريب للشبهة و جوابها.

الرابع: ما لو رأت الدم بعد العادة بيوم أو يومين مع فقد الصفات فالمشهور فيه أيضا الحكم بالحيضية بل نقل عن بعض الاعاظم دعوي الاجماع عليه و عن المدارك عدم الحكم بالتحيض مع فقد الصفات.

و الظاهر أن ما أفاده تام الا أن يتم الاجماع التعبدي علي التحيض الذي

______________________________

(1) لاحظ ص: 108

(2) لاحظ ص: 107

(3) لاحظ ص: 108

(4) لاحظ الروايات في الباب 3 من

أبواب الحيض من الوسائل الحديث: 1 و 2 و 3 و 4 و لاحظ ص: 112 من كتابنا هذا

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 111

و لكن اذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلا وجب عليها قضاء الصلاة (1).

______________________________

دونه خرط القتاد كما أن بقية الوجوه المذكورة في صورة وجدان الصفات ضعيفة و أما أخبار الصفات فتقتضي انتفاء الحيضية عن الفاقد لها.

أضف الي ذلك حديث أبي بصير «1» فانه يدل علي العدم بالصراحة و مثله في الدلالة علي العدم جملة من النصوص «2».

و علي الجملة: ان المسألة في صورة تأخر حدوث الدم مع فقدان الصفات لا تخلو من اشكال فالاولي فيها رعاية الاحتياط.

و أما أفاده الماتن في الهامش علي العروة في مسألة 15 من فصل في الحيض يباين ما أفاده في المقام فان لفظه: «و ان كان عن آخر العادة و لو بأقل من يومين فلا يحكم بكونه حيضا».

و الحق ما أفاده هناك فانه لا دليل علي حيضية المتأخرة نعم لا يبعد أن يستفاد من رواية أبي بصير «3» أن الصفرة المتأخرة عن الحيض في أقل من يومين حيض.

فالنتيجة: أن المتقدم علي الحيض بيوم أو يومين حيض بلا فرق بين واجد الصفات و فاقدها و أما المتأخر عنه باقل من يومين فكذلك و أما بعد يومين فمع وجدانه الصفات فحيض و إلا فاستحاضة و أما المتقدم بأزيد من يومين فمع وجدانه الصفات فهو حيض و إلا فاستحاضة.

(1) للعلم بأنها لم تكن حائضا فيجب عليها ترتيب آثار الطهر كوجوب

______________________________

(1) لاحظ ص: 108

(2) لاحظ ص: 107 و 108

(3) لاحظ ص: 108

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 112

[مسألة 184: غير ذات العادة الوقتية سواء كانت ذات عادة عددية فقط أم لم تكن ذات عادة أصلا كالمبتدأة]

(مسألة 184): غير ذات العادة الوقتية سواء كانت ذات عادة عددية فقط

أم لم تكن ذات عادة أصلا كالمبتدأة ان كان الدم جامعا للصفات مثل الحرارة و الحمرة أو السواد و الخروج بحرقة تتحيض أيضا بمجرد الرؤية (1).

______________________________

قضاء صلاتها.

(1) كما هو المشهور- علي احتمال- و العمدة أخبار الصفات التي أشرنا اليها آنفا و من تلك النصوص ما رواه معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان دم الاستحاضة و الحيض ليس يخرجان من مكان واحد، ان دم الاستحاضة بارد و ان دم الحيض حار «1».

فان الظاهر من هذا الحديث أن الحرارة أمارة شرعية علي الحيض و الاشكال في الاستدلال بأنه لم يعلم انه عليه السلام في مقام بيان اعتبار الصفة بل يمكن أن يكون في مقام بيان الصفة الخارجية كي يحصل العلم أحيانا و لو بضميمة بعض القرائن، مدفوع بأنه خلاف الظاهر اذ الظاهر أنه عليه السلام في مقام التشريع و بيان الوظيفة و خلافه يحتاج الي بيان كما هو المقرر في باب بيان الوظائف منهم.

و منها: ما رواه حفص بن البختري قال «دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام امرأة فسألته عن المرأة يستمر بها الدم فلا تدري (أ) حيض هو أو غيره؟

قال: فقال لها: ان دم الحيض حار عبيط أسود له دفع و حرارة و دم الاستحاضة أصفر بارد فاذا كان للدم حرارة و دفع و سواد فلتدع

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 113

______________________________

الصلاة «1».

ربما يقال: بأن هذه الرواية في خصوص مستمرة الدم فلا وجه للتعدي الي غيرها.

و يرد عليه: أن الظاهر من جوابه عليه السلام بيان الضابطة الكلية في جميع الموارد.

و بعبارة اخري: السؤال وارد في مورد خاص لكن الظاهر من الجواب الحكم الكلي

و الضابط العام.

و منها: ما رواه اسحاق بن جرير قال: سألتني امرأة منا أن ادخلها علي أبي عبد اللّه عليه السلام فاستأذنت لها فأذن فدخلت الي أن قال: فقالت له: ما تقول في المرأة تحيض فتجوز أيام حيضها؟ قال: ان كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثم هي مستحاضة قالت: فان الدم يستمر بها الشهر و الشهرين و الثلاثة كيف تصنع بالصلاة؟ قال: تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلاتين قالت له: ان أيام حيضها تختلف عليها و كان يتقدم الحيض اليوم و اليومين و الثلاثة و يتأخر مثل ذلك فما علمها به؟ قال: دم الحيض ليس به خفاء، هو دم حار تجد له حرقة و دم الاستحاضة دم فاسد بارد «2».

و تقريب الاستدلال بهذه الرواية ظاهر فان الظاهر منها جعل طريق شرعي للحيض و احتمال كون المراد الارجاع الي حصول العلم الخارجي مندفع بأن ذكر التميز بالصفات متأخر عن الارجاع الي العادة فيعلم أن المراد بيان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 114

______________________________

الامارة الشرعية.

و في المقام اشكال منقول عن الشيخ الانصاري قدس سره و هو: انه لا يستفاد من روايات التميز قاعدة كلية بل الروايات ناظرة الي خصوص من استمر بها الدم فلا نظر لها الي غير مورد الاستمرار فلا يمكن الحكم بالحيضية في كل مورد شك في انه حيض أم لا؟.

و فيه: أن المورد لا يوجب التقييد و الميزان هو اطلاق الجواب مضافا الي أن في النصوص ما ليس مسبوقا بالسؤال.

ثم انه لا يخفي أن موضوع الحكم هو دم الحيض و هذه الصفات امارات عليه فلا بد من اجتماع تلك الامارات كي يمكن الحكم

بكون الخارج حيضا و المذكور في حديث معاوية بن عمار الحرارة و في رواية حفص الحرارة و الدفع و السواد و في رواية ابن جرير الحرارة و الحرقة فلا بد من اجتماعها في ترتيب أثر الحيض و لكن في المتن اقتصر علي الحرارة و الحمرة أو السواد و الخروج بحرقة و أهمل ذكر الدفع و الظاهر أنه لا وجه له.

ان قلت: اكنفي في المتن بالحمرة بدلا عن السواد و الحال أن المذكور في النص السواد. قلت: لا ريب في أن المستفاد من مجموع النصوص الواردة في الموارد المختلفة أن الصفرة أمارة علي الاستحاضة و لكن دم الحيض أعم من أن يكون أسود او أحمر لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحبلي تري الدم اليوم و اليومين قال: ان كان دما عبيطا فلا تصلي ذينك اليومين و ان كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 115

و لكن اذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلا وجب عليها قضاء الصلاة (1) و ان كان فاقدا للصفات فلا يحكم بكونه حيضا (2).

[مسألة 185: إذا تقدم الدم علي العادة الوقتية أو تأخر عنها بمقدار كثير لا يتعارف وقوعه كعشرة أيام]

(مسألة 185): اذا تقدم الدم علي العادة الوقتية أو تأخر عنها بمقدار كثير لا يتعارف وقوعه كعشرة أيام فان كان الدم جامعا للصفات تحيضت به أيضا (3) و الا تجري عليه أحكام الاستحاضة (4).

[مسألة 186: الأقوي عدم ثبوت العادة بالتميز]

(مسألة 186): الاقوي عدم ثبوت العادة بالتميز (5).

______________________________

فان المستفاد من هذه الرواية أن الصفرة أمارة علي الاستحاضة فاذا لم يكن الدم أصفر كان أمارة علي الحيض.

و من يراجع الاخبار الواردة في هذا المضمار يجد أن التقابل في كثير من النصوص بين الصفرة و غيرها فيعلم أن الامارة علي الحيض الجامع بين السواد و الحمرة.

(1) كما هو ظاهر اذ ينكشف عدم تحقق الموضوع فلا بد من القضاء حسب المقرر الشرعي.

(2) لعدم دليل عليه كما هو المفروض.

(3) الظاهر أن الوجه في الحكم بالحيضية اعتبار أخبار التميز فان مقتضاها الحكم بحيضية كل دم جامع للصفات بكونه حيضا الا في مورد عدم امكان الحيضية.

(4) فيما دار الامر بين الحيض و الاستحاضة فان مقتضي أخبار التميز أنه ليس بحيض بل استحاضة.

(5) وقع الكلام بين الاصحاب في حصول العادة بالتميز و عدمه بعد حصولها

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 116

______________________________

بتكرر الدم الثابت كونه حيضا فعن طهارة الشيخ قدس سره أنه قال: «بلا خلاف يعرف» و عن المنتهي: «أنه لا نعرف فيه خلافا». و تقريب الاستدلال علي المدعي: أن نصوص التميز جعلت الصفات طريقا شرعيا لإحراز الحيضية فيكون ما يحرز به فردا للحيض و يترتب عليه أثره من تحقق العادة به.

ان قلت: ان دليل اعتبار الصفات يقتضي ثبوت الحيض بلحاظ أحكام الحائض من ترك الصلاة و نحوها بلا نظر الي اعتبارها لإثبات العادة.

قلت: هذه الدعوي ضعيفة فان مقتضي اطلاق أدلة التميز جعل الصفات أمارة عليه كالعلم فكما تحصل العادة

بالعلم الوجداني كذلك تحصل بالعلم التعبدي.

ان قلت: مقتضي اطلاق دليل اعتبار الصفات الرجوع اليها و لو مع التكرر مرتين فلا تحصل العادة بها.

قلت: دليل الاعتبار يجعل الامارة كالعلم و بعد التكرر مرتين تحصل العادة بالتميز كما تحصل بالعلم.

و ان شئت قلت: لا يبقي مجال للرجوع الي الصفات بعد ثبوت العادة و المفروض أن مقتضي الاطلاق تحققها به.

و عن الشيخ الانصاري قدس سره: الايراد فيما اختلف التميز كما لو رأته في المرة الاولي أسود و في الثانية أحمر. و عن الذكري: التردد. و عن التحرير: أنه قرب العدم، و لا وجه للإشكال لان طريقية المختلف كطريقية المتفق و لا فرق.

ان قلت: اذا كان اعتبار التميز مشروطا بعدم العادة كانت العادة مانعة عن اعتباره فكيف يكون علة لثبوت العادة: اذ الشيي ء لا يعقل أن يكون علة لمانعه.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 117

فغير ذات العادة المتعارفة ترجع الي الصفات مطلقا (1).

[الفصل الخامس كلما تراه المرأة من الدم أيام العادة فهو حيض]
اشارة

الفصل الخامس كلما تراه المرأة من الدم أيام العادة فهو حيض و ان لم يكن الدم بصفات الحيض (2) و كل ما تراه في غير أيام العادة و كان فاقدا للصفات فهو استحاضة (3) و اذا رأت الدم ثلاثة أيام و انقطع ثم رأت

______________________________

قلت: ان اعتبار التميز ينحل الي اعتبارات بعدد أفراد التميز و يكون بعض أفراده علة لثبوت العادة و العادة تمنع عن اعتباره في الفرد الاخر.

و بعبارة واضحة: كل دم متصف بالصفات الخاصة يكون حيضا بمقتضي اعتبار تلك الصفات فتتحقق العادة بالتميز فالتميز علة لتحقق العادة و العادة بعد تحققها تمنع عن اعتبار التميز بالنسبة الي بقية الافراد فالاشكال غير متوجه، و لكن مع ذلك كله في النفس شي ء و الجزم بالحكم مشكل فلا بد

من رعاية الاحتياط.

(1) ما أفاده تام علي فرض عدم الالتزام بحصول العادة بالتميز.

(2) ادعي عليه عدم الخلاف تارة و الاجماع اخري و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و ما رواه يونس «2» و ما رواه معاوية بن حكيم «3» و الحديث: 4 و 7 و 8 و 9 من الباب 4 من أبواب الحيض من الوسائل فان هذه النصوص كما تري تصرح بأن الصفرة في أيام الحيض حيض.

(3) الظاهر أن مفروض الكلام فيما يكون متصفا بصفة الاستحاضة ففي مثله

______________________________

(1) لاحظ ص: 107

(2) لاحظ ص: 107

(3) لاحظ ص: 107

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 118

ثلاثة اخري أو أزيد فان كان مجموع النقاء و الدمين لا يزيد علي عشرة أيام كان الكل حيضا واحدا و النقاء المتخلل بحكم الدمين علي الاقوي هذا اذا كان كل من الدمين في أيام العادة (1).

______________________________

لا يحكم عليه بكونه حيضا بل يحكم عليه بالاستحاضة لكونه واجدا لوصفها.

(1) أما كون الطرفين من الحيض فمن جهة وقوعهما في أيام العادة علي الفرض و قد دل الدليل علي أن الدم في أيام العادة حيض و أما كون النقاء المتخلل بحكم الدمين فقد وقع الكلام بين القوم.

و صفوة القول: انه لا خلاف و لا اشكال في أن أقلّ الطهر عشرة في الجملة انما الكلام في أن الطهر المتخلل بين أيام حيض واحد، أيضا لا يمكن أن يكون أقل من عشرة أيام أو أن الحكم مختص بما يكون الحيض الثاني مستقلا.

و بعبارة اخري: النقاء بين حيضتين بالاستقلال لا يكون أقل من عشرة أيام و أما الدمان اذا كانا حيضا واحدا فلا مانع من تخلل النقاء بينهما و يكون أقل من عشرة

أيام ذهب المشهور الي الاول و اختار الثاني جملة من الاساطين منهم صاحب الحدائق.

و ما يمكن أن يستدل به للقول الثاني جملة من النصوص: منها مرسلة يونس القصيرة «1». و موضع الاستدلال بها علي المدعي فقرتان: الاولي قوله:

«فذلك الدم الذي رأته في أول الامر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة هو من الحيض» فان هذه الجملة ظاهرة في أن الحكم بالحيضية مقصور علي خصوص الدمين دون النقاء المتخلل.

و يرد علي الاستدلال بها أولا أنها ضعيفة بالارسال و باسماعيل اذ أنه لم

______________________________

(1) لاحظ ص: 101

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 119

______________________________

يوثق و ثانيا: أن قوله عليه السلام لا يدل علي نفي الحيضية عن النقاء المتخلل الا بمفهوم اللقب و حيث ان الرواية ضعيفة لا وجه للتطويل في جهة الدلالة اثباتا و نفيا و لذا لا نتعرض للتقريب الثاني الذي استدل به علي المدعي.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أقل ما يكون الحيض ثلاثة و اذا رأت الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الاولي و اذا رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة اخري مستقبلة «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي أنه لا بد من حمل العشرة الثانية التي ذكرت في الشرطية علي عشره النقاء فانه لا بد منه اجماعا اذ لا يمكن الفصل بين الحيضتين أقل من هذا المقدار فالعشرة الاولي كذلك و مقتضي اطلاق الرواية أنه يلحق الدم الثاني بالاول و لو مع فصل تسعة النقاء و حيث انه لا يمكن الالتزام بحيضية الجميع لان الحيض لا يكون أكثر من العشرة، لا بد من الالتزام بأن النقاء المتخلل ليس من الحيض.

و يرد عليه أولا: أن

الرواية ضعيفة سندا لضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن. و ثانيا: أنه لا بد علي هذا التقريب، أولا من تقييد الدمين بعدم مجموعهما اكثر من العشرة، و ثانيا تقييد قولهم: أدني الطهر عشرة» اذ من المفروض أن النقاء في مفروض الكلام أقل.

و بعبارة اخري: لا بد من تقييد قولهم، بالنقاء المتخلل بين حيضتين مستقلتين لا حيض واحد بخلاف ما لو حمل علي عشرة الدم فانه علي هذا التقدير لا يلزم هذان التقييدان نعم يلزم تقييد الرواية بأن يكون ما بعد العشرة بينه و بين الدم الاول عشرة نقاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الحيض الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 120

______________________________

و يمكن أن يكون النحو الثاني من التقييد أولي بلحاظ أن قوله عليه السلام: «أقل ما يكون الحيض ثلاثة»، يكون قرينة علي أن المراد من العشرة عشرة الدم و ان أبيت عن الترجيح فيكفي تساوي الطرفين في انتفاء الظهور و صيرورة الكلام مجملا.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال:

اذ رأت المرأة الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الاولي و ان كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة «1»، و التقريب هو التقريب و الاشكال من جهة الاجمال هو الاشكال و ان كانت الرواية معتبرة سندا.

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: المرأة تري الدم ثلاثة أيام أو أربعة قال: تدع الصلاة قلت: فانها تري الطهر ثلاثة أيام أو أربعة قال: تصلي، قلت فانها تري الدم ثلاثة أيام أو أربعة (أيام خ ل) قال: تدع الصلاة قلت فانها تري الطهر ثلاثة أيام أو أربعة قال: تصلي قلت:

فانها تري الدم ثلاثة

أيام أو أربعة، قال: تدع الصلاة تصنع ما بينهما و بين شهر فان انقطع عنها الدم و الا فهي بمنزلة المستحاضة «2».

بتقريب أنه عليه السلام أمر بالصلاة عند النقاء و تركها عند رؤية الدم فلا مانع من تخلل النقاء بين أبعاض الدم الواحد.

و فيه: أنه لا يمكن الاخذ بظاهر الرواية اذ يلزم جواز كون الحيض أكثر من عشرة أيام فتحمل الرواية علي الحكم الظاهري.

و منها ما رواه أبو بصير «3» و التقريب هو التقريب و الجواب هو

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الحيض الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الحيض الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 121

______________________________

الجواب.

و منها ما رواه داود مولي أبي المعزا العجلي عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام «1». و تقريب الاستدلال بها علي المدعي ظاهر و الجواب أن الرواية ضعيفة سندا. مضافا الي أنه يمكن أن يكون حكما ظاهريا.

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة اذا طلقها زوجها متي تكون (هي خ) أملك بنفسها؟ قال: اذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فهي أملك بنفسها قلت: فان عجل الدم عليها قبل أيام قرئها فقال: اذا كان الدم قبل عشرة أيام فهو أملك بها و هو من الحيضة التي طهرت منها و ان كان الدم بعد العشرة ايام فهو من الحيضة الثالثة و هي أملك بنفسها «2».

و تقريب الاستدلال علي المدعي أن المراد من العشرة المذكورة في الرواية عشرة الطهر و الا لم يكن معني للتعجيل.

و فيه: أن الرواية ضعيفة بمعلي بن محمد مضافا الي الاجماعات المدعاة علي كون أقل الطهر عشرة ايام علي

الاطلاق، أضف الي ذلك أن ما دل علي أن أقل الطهر عشرة ايام باطلاقه لا يبقي مجالا لهذا القول المخالف للمشهور لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد أقل ما يكون عشرة من حين تطهر الي أن تري الدم «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب العدد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 122

أو مع تقدم احدهما عليها بيوم أو يومين (1) أو كان كل منهما بصفات الحيض (2) أو كان احدهما بصفات الحيض و الاخر في أيام العادة (3) و أما اذا كان احدهما أو كلاهما فاقدا للصفات و لم يكن

______________________________

و مثله في الدلالة ما أرسله يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أدني الطهر عشرة أيام الي أن قال: و لا يكون الطهر أقل من عشرة أيام «1».

مضافا الي جميع ذلك كله لزوم بعض اللوازم الفاسدة علي هذا القول كما لو استمر حيض امرأة مدة طويلة بل بناء علي جواز التلفيق بالساعات يمكن فرض حيض واحد فيشكل أمر طلاقها و عدتها و مثل أن لا يسقط عنها صوم و لا صلاة بأن تراه في الليل ساعة و تنقي بقية الاوقات.

فالاقوي ما ذهب اليه المشهور من أن مجموع الدمين و النقاء المتخلل حيض فان مقتضي الجمع بين حكم الشارع بأن الدم في ايام العادة حيض و حكمه بأن أقل الطهر عشرة الالتزام بأن النقاء المتخلل ملحق بالدمين و الحيض مجموع الدمين و النقاء الواقع بينهما فلاحظ.

(1) كما مر و قد ذكرنا أن مقتضي النص أن المتقدم بيوم

أو يومين علي العادة حيض و ان كان صفرة.

(2) و قد مر أنه يحكم علي الدم بكونه حيضا اذا كان بصفات الحيض و لم يكن مانع.

(3) فانه يحكم علي كليهما بالحيضية أما علي الاول فمن حيث التميز بالصفات و أما علي الثاني فمن حيث كونه في أيام العادة فانه قد مر أن الدم في أيام العادة محكوم بكونه حيضا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 123

الفاقد في أيام العادة كان الفاقد استحاضة (1).

و ان تجاوز المجموع عن العشرة و لكن لم يفصل بينهما أقل الطهر فان كان احدهما في العادة دون الاخر كان ما في العادة حيضا و الاخر استحاضة مطلقا (2) أما اذا لم يصادف شي ء منهما العادة و لو لعدم كونها ذات عادة فان كان أحدهما واجدا للصفات دون الاخر جعلت الواجد حيضا و الفاقد استحاضة (3).

و ان تساويا فان كان كل منهما واجدا للصفات تحيضت بالاول علي الاقوي (4).

______________________________

(1) اذ مع فقد الصفات و عدم وقوعه في أيام العادة لا يكون وجه للحكم بكونه حيضا بل محكوم بكونه استحاضة اذ دم الاستحاضة أصفر.

(2) بلا فرق بين كونه واجدا للصفات و عدمه و الوجه فيه أن المرئي في أيام العادة محكوم بالحيضية حتي مع فقدان الصفات فلا تصل النوبة الي مراعاة التميز.

و بعبارة اخري: أن المستفاد من النص لزوم مراعاة أيام العادة و عدم رعاية الاوصاف مع العادة و لا تصل النوبة اليها مع تحقق العادة و ان شئت قلت:

تجب مراعاة العادة قبل رعاية التميز لاحظ ما رواه ابن جرير «1».

(3) كما هو مقتضي القاعدة اذا لتميز حاصل في أحدها دون الاخر.

(4) التساوي في الصفات يتصور علي نحوين:

أحدهما فقدان كليهما لها

ثانيهما: وجدانهما لها و الاشكال في الصورة الثانية

______________________________

(1) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 124

______________________________

و أما الصورة الاولي فعلي القاعدة يحكم باستحاضية كلا الدمين لعدم مقتض للحيضية لان قاعدة الامكان غير تامة.

و أما الصورة الثانية: فلا اشكال في عدم امكان جعل كلا الدمين حيضا اذ المفروض أنهما مع النقاء المتخلل أزيد من العشرة و قد مر أن النقاء المتخلل من حيض واحد من الحيض كما أن أقل الطهر عشرة أيام فيدور الامر بين جعل الدم الاول حيضا و جعل الدم الثاني كذلك فان المفروض أن امارات الصفات بالنسبة الي كليهما علي حد سواء.

و ان شئت قلت: ان امارية الصفات كما أنها تدل علي حيضية موردها كذلك تنفي الحيضية عن الطرف الاخر فتقع المعارضة بين الامارتين و النتيجة التساقط فلا بد من اعمال بقية القواعد و مقتضي القاعدة الاحتياط في كل من الدمين بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة للعلم الإجمالي يكون الدم المرئي اما حيض او استحاضة.

و يمكن ان يقال: أن الدم الاول بمقتضي أمارية الصفات لا بد من جعله حيضا لوجود المقتضي و عدم المانع و بعد جعل الدم الاول حيضا بلحاظ وجود الامارة علي الحيضية لا مجال لجعل الدم الثاني حيضا فتكون الدم الثاني خارجا عن دائرة الحيضية بالتخصص اذ المفروض أنه لا يمكن جعله حيضا فالنتيجة أنه لا تعارض بين الدم الاول و الثاني.

و لنا أن نقول: ان رفع اليد عن حيضية الدم الاول بلا وجه اذا لمفروض أن المقتضي للحيضية موجود و المانع مفقود و الدم الثاني لا يمكن أن يكون مانعا عن حيضية الدم الاول الاعلي وجه دائر اذ كونه مانعا يتوقف علي كونه

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص:

125

و الاولي أن تحتاط في كل من الدمين (1) و ان لم يكن شي ء منهما واجدا للصفات عملت بوظائف المستحاضة في كليهما (2).

[مسألة 187: إذا تخلل بين الدمين أقل الطهر كان كل منهما حيضا مستقلا اذا كان كل منهما في العادة]

(مسألة 187): اذا تخلل بين الدمين أقل الطهر كان كل منهما حيضا مستقلا اذا كان كل منهما في العادة أو واجدا للصفات أو كان

______________________________

حيضا و كونه حيضا يتوقف علي عدم حيضية الدم الاول و أما عدم حيضية الدم الثاني فلخروجه تخصصا اذ مع كون الدم الاول حيضا لا تصل النوبة الي كون الثاني حيضا.

و صفوة القول: ان شمول دليل الصفات للدم الاول بلا مانع فعدم شموله اياه بلا وجه نعم لو شمل الدم الثاني لم يمكن شموله للدم الاول لكن شموله للدم الثاني يتوقف علي عدم شموله للدم الاول فيصح أن يقال: بأن عدم الشمول للدم الاول اما بلا وجه أو علي وجه دائر و أما خروج الدم الثاني و عدم شمول الدليل اياه فلخروجه التخصصي اذا لمفروض أنه مع الالتزام بكون الدم حيضا لا تصل النوبة الي تأثير الامارة فان وجود الامارة مع الشك و المفروض أنه لا يمكن جعله حيضا.

لكن الانصاف أنه لا يتم هذا البيان فان المقتضي للشمول في كل من الدمين موجود و المانع عن الشمول عدم امكان الجمع بينهما فشمول الدليل لكل منهما يتوقف علي عدم المعارض و النتيجة عدم الشمول فلا بد من الاحتياط في كل منهما للعلم الإجمالي و اللّه العالم.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط بل قد ظهر مما تقدم وجوبه.

(2) لاعتبار التميز بالصفات في الحكم بالحيض تارة و الاستحاضة اخري.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 126

أحدهما في العادة و الاخر واجدا للصفات (1) و أما الدم الفاقد لها في غير أيام العادة فهو استحاضة

(2).

[الفصل السادس اذا انقطع دم الحيض لدون العشرة]
اشارة

الفصل السادس اذا انقطع دم الحيض لدون العشرة فان احتملت بقائه في الرحم استبرأت (3).

______________________________

(1) و الوجه واضح في جميع ما ذكر.

(2) كما هو ظاهر.

(3) كما هو المشهور- علي ما يشاهد في كلام بعض الاصحاب- و عن الذخيرة نسبته الي الاصحاب بل عن غير واحد- علي ما في كلام بعض- عدم معرفة الخلاف.

و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:

اذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة فان خرج فيها شي ء من الدم فلا تغتسل و ان لم تر شيئا فلتغتسل و ان رأت بعد ذلك صفرة فلتوض و لتصل «1».

و يؤيد المدعي ما أرسله يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن امرأة انقطع عنها الدم فلا تدري أ طهرت أم لا؟ قال: تقوم قائما و تلزق بطنها بحائط و تستدخل قطنة بيضاء و ترفع رجلها اليمني فان خرج علي رأس القطنة مثل رأس الذباب دم عبيط لم تطهر و ان لم يخرج فقد طهرت تغتسل و تصلي «2».

و اما حديث الكندي «3» فمضافا الي ضعف السند لا يستفاد منه الا طريق

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 127

بادخال القطنة فان خرجت ملوثة بقيت علي التحيض كما سيأتي و ان خرجت نقية اغتسلت و عملت عمل الطاهر (1) و لا استظهار عليها هنا (2) حتي مع ظن العود (3) الا مع اعتياد تخلل النقاء علي وجه تعلم أو تطمئن بعوده فعليها حينئذ ترتيب آثار الحيض (4) و الاولي لها في كيفية ادخال القطنة أن تكون ملصقة بطنها بحائط أو نحوه رافعة

احدي رجليها ثم تدخلها (5).

______________________________

احراز الحيض كما أنه لا يبعد أن المستفاد من حديث سماعة «1» كذلك و بعبارة اخري لا يستفاد وجوب الاستبراء من هذه الرواية.

(1) كما هو المستفاد من النص.

(2) لعدم الدليل عليه بل مقتضي النص الدال علي الاستبراء العدم.

(3) اذ الظن لا يغني عن الحق شيئا.

(4) أما العلم فاعتباره ذاتي عقلي و أما الاطمينان فهو حجة عقلائية و قد مر أن الحق أن النقاء المتخلل حيض.

(5) لم يظهر لي وجه ترك الاصحاب العمل بخبر سماعة «2» فان مقتضاه لزوم الاستبراء بهذا النحو و عليه يلزم مراعاته فلاحظ.

قال: في الحدائق: «هل يكفي وضع القطنة كيف اتفق عملا برواية ابن مسلم من حيث الاطلاق أو تجب الكيفية الخاصة؟ الي أن قال: فقد اختار الاول صاحب المدارك و الذخيرة و الظاهر الثاني- كما يدل عليه لفظة عليها في عبارة الفقه الرضوي- و الظاهر فتوي الصدوقين بذلك و يؤيده أنه الاحوط

______________________________

(1) لاحظ ص: 103

(2) لاحظ ص: 103

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 128

و اذا تركت الاستبراء لعذر من نسيان أو نحوه و اغتسلت و صادف براءة الرحم صح غسلها (1) و ان تركته لا لعذر ففي صحة غسلها اذا صادف براءة الرحم وجهان أقواهما ذلك أيضا (2) و ان لم تتمكن

______________________________

انتهي موضع الحاجة من كلامه «1».

و الحق كما أفاده و لكن المرجع حديث سماعة لاعتبار سنده و لذا يكفي رفع الرجل من غير خصوصية لليمني أو اليسري و أما حديثا يونس و الكندي فلا اعتبار بسندهما فلا نلتزم بوجوب رفع اليمني كما في أحدهما و لا بوجوب رفع اليسري كما في الاخر بل يكفي رفع الرجل للإطلاق المستفاد من حديث سماعة.

لكن يمكن أن يكون الوجه في عدم

الالتزام، أن الرواية كما ذكرنا لا يستفاد منها الوجوب فلا وجه للإلزام الا أن يقال: بأن لزوم الاختبار لا يستفاد من الرواية لكن انحصار طريق الاختبار يستفاد منها و لا تنافي بين الامرين لكن لا يخفي أن تمامية حديث سماعة سندا محل الاشكال فان احمد المروي عنه للمفيد محل الكلام فلاحظ.

(1) اذ لا يجب الاستبراء تعبدا و المفروض تحقق الغسل مع شرائطه و مصادفته مع براءة الرحم.

(2) الحق أن المستفاد من نصوص الاستبراء الارشاد الي تحقق النقاء و عدمه و لا يستفاد منها لا الوجوب النفسي و لا الوجوب الشرطي للغسل هذا من ناحية و من ناحية اخري أن الغسل ليس محرما علي الحائض نفسا كما أن الصلاة بالنسبة اليها

______________________________

(1) الحدائق ج 3 ص: 192

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 129

من الاستبراء فالاقوي أنها تبقي علي التحيض حتي تعلم النقاء (1) و ان كان الاحوط استحبابا لها الاغتسال في كل وقت تحتمل فيه النقاء الي أن تعلم بحصوله فتعيد الغسل و الصوم (2).

[مسألة 188: اذا استبرئت فخرجت القطنة ملوثة]

(مسألة 188): اذا استبرئت فخرجت القطنة ملوثة فان كانت متبدأة أو لم تستقر لها عادة أو عادتها عشرة بقيت علي التحيض الي تمام العشرة أو يحصل النقاء قبلها (3).

______________________________

كذلك فعليه لو اغتسلت برجاء تحقق النقاء و صادف الواقع لم يكن وجه للفساد بل مقتضي القاعدة الصحة كما في المتن.

(1) عملا بالاستصحاب و كأن الوجه فيه اختصاص الدليل بصورة التمكن و الظاهر أنه لا وجه له فان مقتضي اطلاق النص عدم الفرق.

(2) قد ظهر مما ذكرنا أن مقتضي القاعده الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض و أعمال الطاهر اذا لمفروض أنها لا يجوز لها العمل بالظهور الكاشف عن النقاء و لا بالاصل المقتضي للبقاء علي

الحيض.

(3) مقتضي اطلاق التلوث عدم الفرق في الحكم المذكور بين كون المرئي علي القطنة الدم أو الصفرة فينبغي بسط الكلام في كل واحد من القسمين و بيان ما هو مقتضي الادلة المربوطة بالمقام.

فنقول: لو خرجت القطنة ملطخة بالحمرة فيظهر من جملة من كلام الاصحاب عدم الخلاف في كونه محكوما بالحيضية و لا يبعد أن يكون المستفاد من النصوص كذلك أما بالنسبة الي المبتدئة فيدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المرأة اذ رأت الدم في أول حيضها فاستمر بها

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 130

______________________________

الدم بعد ذلك تركت الصلاة عشرة أيام وصلت سبعة و عشرين يوما «1».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه أيضا قال: في الجارية أول ما تحيض يدفع عليها الدم فتكون مستحاضة أنها تنتظر بالصلاة فلا تصلي حتي تمضي أكثر ما يكون من الحيض فاذا مضي ذلك و هو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة ثم صلت فمكثت تصلي بقية شهرها ثم تترك الصلاة في المرة الثانية أقل ما تترك امرأة الصلاة و تجلس أقل ما يكون من الطمث و هو ثلاث (ثة) أيام فان دام عليها الحيض صلت في وقت الصلاة التي صلت و جعلت وقت طهرها أكثر ما يكون من الطهر و تركها للصلاة أقل ما يكون من الحيض «2».

و أما بالنسبة الي من لم تستقر لها العادة فيدل علي المدعي ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض فتقعد في الشهر يومين و في الشهر ثلاثة أيام يختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء.

قال: فلها أن تجلس و تدع الصلاة ما دامت تري

الدم ما لم يجز العشرة فاذا اتفق الشهران عدة أيام سواء فتلك أيامها «3».

و أما بالنسبة الي ذات العادة فيكون الدم في العادة أمارة علي كونه دم الحيض و ان كانت القطنة ملطخة بالصفرة فلا اشكال في الحكم عليها بالحيضية فيما يكون في أيام العادة اذا لصفرة فيما تكون أيام العادة حيض بمقتضي النص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الحيض الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب الحيض الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 107

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 131

______________________________

و أما بالنسبة الي غيرها فما يمكن أن يستدل به علي الحكم بالحيضية أمور:

الاول: الاستصحاب بتقريب أن المرأة كانت حائضا و الاصل بقاء حيضها.

و يرد عليه: أن مرجع هذا الاستصحاب جريانه في الشبهة الحكمية و قد قلنا في محله عدم جريانه في الحكم الكلي.

لكن لقائل أن يقول: ان المورد من موارد الشبهة في الموضوع حيث يشك في كون الخارج دم حيض أو غيره و مقتضي الاستصحاب كونه كذلك.

و بعبارة اخري: لا يجري الاستصحاب في الحكم الشرعي بل يجري في الموضوع الخارجي. لكن يرد عليه أنه لا مجال للأصل مع جعل الميزان لمعرفة الموضوع.

و صفوة القول: انه لا مجال للأصل مع وجود الامارة علي الخلاف و المفروض أن مقتضي اعتبار التميز عدم كون الدم حيضا اذا كان أصفر.

الثاني: ما رواه سعيد بن يسار قال: سألت عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تحيض ثم تطهر و ربما رأت بعد ذلك الشي ء من الدم الرقيق بعد اغتسالها من طهرها فقال: تستظهر بعد أيامها بيومين أو ثلاثة ثم تصلي «1».

بتقريب: أن المستفاد من هذه الرواية أن الدم حتي مع كونه رقيقا

محكوم بالحيضية. و فيه: أن الرواية مخصوصة بذات العادة كما يستفاد من قوله عليه السلام «بعد أيامها» الا أن يقال: بأن هذه الكلمة لا تدل علي أن النظر الي خصوص ذات العادة بل مقتضي الاطلاق عدم الفرق و المقصود من كلمة «أيامها» هي الايام التي كانت حائضا جزما.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 132

______________________________

أضف الي ذلك: أن هذه الرواية كبقية روايات الاستظهار تدل علي الاستظهار بيومين أو ثلاثة و لا تنطبق علي ما في المتن من البقاء علي التحيض الي تمام العشرة. مضافا الي أن المذكور في الرواية عنوان الدم و هو أعم من الصفرة فيكون المرجع نصوص التميز بالصفات.

الثالث: ما رواه محمد بن مسلم «1» بتقريب: أن الميزان في هذه الرواية جعل رؤية الشي ء و علق الاغتسال علي عدم رؤية شي ء و مع رؤية الصفرة لا يصدق هذا العنوان.

و فيه: أنه لو سلم الاطلاق و لم نقل بانصراف الدم المذكور فيها عن الصفرة تقع المعارضة بين هذه الرواية و أخبار التميز و مقتضي تلك الروايات أن الحكم بالحيضية و عدمها، دائر مدار وجود الصفات و عدمه و لا يبعد أن يقال أخبار الصفات حاكمة علي بقية النصوص بالفهم العرفي و اختصاص أخبار الصفات بخصوص مستمرة الدم مدفوع بالاطلاق.

أضف الي ذلك أن مقتضي حديثه الاخر «2» أن الصفرة في غير أيام العادة ليست حيضا كما أن مقتضي حديث يونس «3» عدم الحيضية.

الرابع: قاعدة الامكان بتقريب أنه مع تحقق الامكان لا بد من الحكم بالحيضية.

و الكلام في هذه القاعدة يقع تاره في معني الامكان و اخري في دليلها و ثالثة في موردها، فيقع البحث في مقامات ثلاثة:

______________________________

(1) لاحظ ص:

126

(2) لاحظ ص: 107

(3) لاحظ ص: 126

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 133

______________________________

أما المقام الاول فنقول: لا يبعد أن يكون المراد من الامكان هو الوقوعي بمعني أنه يمكن الحكم بالحيضية عند المقايسة الي الادلة الشرعية.

و بعبارة أوضح: أن كل دم يحتمل فيه الحيضية اذا لم يكن مانع من حيضيته لا عقلا و لا شرعا يكون حيضا و بهذا المعني لا يفرق بين كون الشبهة حكمية أو موضوعية و أن الميزان الكلي أن كل دم تراه المرأة و لم يقم علي عدم حيضيته دليل عقلي أو نقلي فهو حيض.

و ربما يورد عليها: بأن مجراها الامكان المستقر و هو لا يكون الا بعد الثلاثة. و اجيب عن الاشكال بأن بقائه يحرز بالاستصحاب الاستقبالي و اورد علي هذا الاصل بأن جريان الاصل المذكور متوقف علي جريان الاستصحاب في المستقبل بأن يكون الشك في الحال و المشكوك في الاستقبال و هو ممنوع لانصراف الدليل اي أخبار الاستصحاب الي مورد يكون لشك في الحال و المشكوك الماضي كالشك في بقاء الطهارة السابقة.

و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بأنه لا وجه للانصراف فان قوام الاستصحاب بأن يكون المتيقن سابقا و الشك لا حقا بلا فرق بين الماضي و الاستقبال.

و عن الشيخ قدس سره: الاشكال في الاصل المذكور، أولا: بأن مقتضي الاصل عدم حدوث الزائد علي ما حدث و ثانيا أنه لو جري الاستصحاب لم يكن موجب للتمسك بالقاعدة اذ الاجماع قائم علي كون الدم المستمر ثلاثة أيام حيضا.

و يرد عليه: أولا: أنه مخالف لما بني عليه في بحث الاستصحاب من جريانه في التدريجيات. و ثانيا: أن الامر التدريجي المتصل أمر واحد عرفا

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 134

______________________________

بل دقة لان الاتصال مساوق

مع الوحدة و الاصل يجري في التدريجيات علي ما حقق في الاصول. و ثالثا: أن الاجماع المذكور في كلامه اجماع علي نفس القاعدة فان اعتبار القاعدة بالإجماع.

و عن الشيخ قدس سره: الاشكال في جريان الاصل بأن الموضوع للحكم المستقر الواقعي المعلوم.

و بعبارة اخري: هو الدم الموجود في ثلاثة أيام و لم يقع لفظ الامكان في نص من النصوص.

و يرد عليه أولا: أن الثابت في الاصول قيام الاستصحاب مقام العلم الموضوعي الذي اخذ علي نحو الطريقية.

و ثانيا: أن الاجماع علي فرض تماميته لا يقل عن النص و الاجماع قائم علي حيضية المستمر و بالاستصحاب بحرز فمن هذه الجهة لا يتوجه اشكال الي القاعدة.

نعم ربما يقال: بأن مقتضي الاستصحاب تجاوز الدم عن العشرة و مع التجاوز لا يمكن أن يكون حيضا فلا مجال لجريان القاعدة.

لكن علي تقدير تمامية دليل القاعدة نلتزم بأن المراد من الامكان غير هذه الجهة فالعمدة تمامية دليلها و عدمها و هذا هو المقام الثاني فنقول:

ما ذكر في هذا المقام أمور: الامر الاول: الاصل و قد قرب بوجوه:

منها: أن الظاهر أن الدم الذي يقذفه الرحم هو دم الحيض فيكون من قبيل ظهور الالفاظ.

و يرد عليه أولا: أن ظواهر الالفاظ تكشف عن المرادات و قد استقر بناء العقلاء علي الاخذ بها ما لم يقم دليل علي خلافها و الشارع الاقدس أمضي السيرة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 135

______________________________

العقلائية و أما خروج الدم من الموضع المعهود فليس له ظهور.

و بعبارة اخري: خروج الدم أمر تكويني لا يقاس علي ظواهر الالفاظ التي هي بالبناء العقلائي عليها و بنائهم علي اعتبارها نعم ربما يكون ظاهر الامر في التكوينيات يقتضي أمرا خاصا- كما هو كذلك في الرطوبة الخارجة بعد البول

قبل الاستبراء بالخرطات- حيث قالوا بأن الظاهر أنها البول و قد حكم الشارع عليها بالنجاسة بتقديم الظاهر علي الاصل، و أما في المقام فلم يثبت أن الامر كذلك.

و ثانيا: علي فرض تسليم الظهور لا دليل علي اعتباره بل الدليل علي خلافه و هي اصالة عدم الاعتبار.

و منها: الغلبة بتقريب: أن الدم الخارج من المحل المعهود في الغالب يكون حيضا فيلحق ما يشك في كونه حيضا بالغالب.

و يرد عليه أولا: أن الغلبة المدعاة أول الكلام فان المرأة في الغالب تبتلي بالاستحاضة بل ربما يقال بأن الاستحاضة في المرأة التي تحيض لا تنفك عنها بحسب الوجود الخارجي.

و ثانيا: علي فرض تسليم الغلبة لا دليل علي اعتبارها بل الدليل علي عدم الاعتبار كما تقدم.

و منها: أن مقتضي اصاله السلامة أن يكون الدم الخارج دم الحيض و أن دم الاستحاضة ناش من العلة في المرأة بمقتضي النص لاحظ ما رواه يونس «1».

و بتقريب آخر: أن ما عدا الحيض من الدماء التي يقذفها الرحم خلاف

______________________________

(1) لاحظ ص: 101

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 136

______________________________

مقتضي الفطرة الاولية للنساء و خلقتها الاصلية و مقتضي اصالة السلامة أن يكون الدم المرئي حيضا.

و يرد عليه: أن ما ادعي في مقام الاستدلال أول الكلام و النص المذكور لا اعتبار بسنده للإرسال و كون ابن المرار في السند و هو لم يوثق هذا أولا و ثانيا: أنه لا دليل علي اعتبار اصالة السلامة.

لا يقال: لا اشكال في اعتبار هذا الاصل في باب البيع لأنه يقال: في ذلك الباب ثبت اعتبار هذا الاصل و أما في المقام فلا.

و منها: الاستصحاب بتقريب أن الامر دائر بين الحيض و الاستحاضة و مقتضي الاصل عدم خروج الدم من العرق العاذل أو

اصالة عدم كون الدم المرئي دم الاستحاضة.

و فيه: أن اثبات عدم كون الدم، دم الاستحاضة بالاصل لا يثبت كونه دم الحيض الا علي القول بالاثبات الذي لا نقول به مضافا الي أن هذا الاصل معارض بمثله فيتساقطان بالتعارض.

الامر الثاني: بناء العرف علي أن ما رأته المرأة التي في سن من تحيض من الدم الخارج من الرحم أنه دم الحيض.

و فيه: أنه ما المراد من حكم العرف فانه كيف يمكن أن يحكم العرف بحيضية ما يشك فيه و احتمال كونه استحاضة كاحتمال كونه حيضا. و بعبارة اخري:

أن العرف محكم في تشخيص المفاهيم و لكن كيف يمكن للعرف أن يميز الموضوع المشكوك فيه.

و ان شئت قلت: لا شبهة في مفهوم دم الحيض و انما الشبهة مصداقية نعم ربما

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 137

______________________________

يتسامح العرف في التطبيق و التسامح العرفي لا أثر له.

ان قلت: ان بناء العرف علي ترتيب الآثار الشرعية المترتبة علي الحيض علي الدم المشكوك فيه. قلت: مضافا الي أنه لم يثبت من العرف مثل هذا البناء، لا دليل علي اعتبار بنائه بل الدليل علي خلافه حيث ان الشارع جعل بنفسه أمارة علي الحيض كالصفات و الوقوع في العادة و غيرها.

الامر الثالث: بناء المتشرعة بما هم كذلك علي ترتيب آثار الحيض عند احتماله و السيرة المتشرعية حجة شرعا.

و يرد عليه أولا: أن احراز هذه السيرة أول الكلام و الاشكال و ترتيب آثار الحيض في جملة من الموارد بالدليل الشرعي ككونه موصوفا بصفات الحيض أو وقوعه في أيام العادة و ربما يترتب آثار الحيض من باب الاحتياط.

و ثانيا: أن السيرة علي فرض تماميتها و تحققها يمكن أن تكون ناشية من بناء الفقهاء علي اعتبار قاعدة الامكان فلا

تكون كاشفة عن رأي المعصوم.

و صفوة القول: انه اذا ثبت قيام السيرة علي البناء المذكور و لم تكن ناشئة عن وجه من الوجوه و متصلة بزمان المعصوم عليه السلام لكانت كاشفة عن رأيه لا من باب امضائه عليه السلام بل من باب أنه يعلم ان الحكم الشرعي كذلك و الا فكيف يمكن جريان السيرة عليها. و بعبارة اخري: نفهم أنه سئل عنه عليه السلام و أجاب بأن الامر كذلك.

الامر الرابع: ما عن كشف اللثام و هو أنه لو لم تتم قاعدة الامكان عند الشك لما أمكن احراز حيضية الدم الذي يشك في كونه حيضا.

و فيه: أن الشارع جعل الصفات دليلا علي الحيض و أيضا حكم بكون

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 138

______________________________

الدم الخارج أيام العادة حيض مضافا الي أنه في كثير من الموارد لا تشك المرأة في كون الدم الخارج منها حيضا الا أن يقال ان كلامه في مورد الشك.

فما أفاده و ادعاه من عدم الدليل علي الحيضية ليس تاما أضف الي ذلك أنه نفرض عدم الدليل علي الحيضية عند الشك، غاية ما في الباب أنه تصل النوبة الي العمل بالقواعد المقررة فلاحظ.

الامر الخامس: جملة من النصوص بتقريب أن المستفاد من هذه النصوص أن الدم الذي ليس علي عدم كونه حيضا دليل و احتمل أن يكون حيضا حكم عليه بالحيضية شرعا و هذه النصوص علي طوائف:

الاولي: النصوص الدالة علي أن ما تراه قبل العشرة فهو من الحيضة الاولي و ما تراه بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام و اذا رأت الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة

الاولي و اذا رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة اخري مستقبلة «1».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا رأت المرأة الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الاولي و ان كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة «2».

و ما رواه صفوان بن يحيي عي أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: اذا مكثت المرأة عشرة أيام تري الدم ثم طهرت فمكثت ثلاثة أيام طاهرا ثم رأت الدم بعد ذلك أتمسك عن الصلاة؟ قال: لا هذه مستحاضة تغتسل و تستدخل

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الحيض الحديث: 11

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الحيض الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 139

______________________________

قطنة بعد قطنة و تجمع بين صلاتين بغسل و يأيها زوجها ان أراد «1» و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «2».

و فيه: أولا: انه مضافا الي ضعف السند في بعضها أن الظاهر من هذه النصوص فرض الدم دم الحيض و انما الكلام في الالحاق بالحيض الاول أو الثاني فلا كلام في كونه دم الحيض.

و ثانيا: علي فرض الدلالة و الاطلاق لا بد من تقييده بما جعل أمارة علي الاستحاضة لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

ان دم الاستحاضة و الحيض ليسا يخرجان من مكان واحد ان دم الاستحاضة بارد و ان دم الحيض حار «3» و بما دل علي أن الصفرة في غير أيام الحيض ليس حيضا لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «4».

الثانية: ما يدل علي أن المرأة كلما رأت الدم تترك الصلاة و كلما رأت الطهر تصلي لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب «5» و ما رواه أبو بصير «6»

بتقريب:

أنه عليه السلام حكم بحيضية كل دم تراه الي شهر.

و فيه: أولا: أنه علي تقدير الاطلاق تكون أخبار الصفات حاكمة عليه و لا بد من رفع اليد عن اطلاقه. و ثانيا: أنه لا يمكن تطبيق قاعدة الامكان عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 121

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الحيض الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 107

(5) لاحظ ص: 120

(6) الوسائل الباب 6 من أبواب الحيض الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 140

______________________________

اذ الأمر دائر بين جعل كل دم حيضا مستقلا و بين جعل مجموع الدماء حيضا واحدا و الالتزام بتخلل الطهر بينها و بين جعل مجموع الدماء و النقاء الفاصل حيضا و لا يمكن الالتزام بشي ء منها اذا لأول مناف لكون أقل الطهر عشرة بين الحيضتين المتصلتين و الثاني مناف لما تقدم من أن الحيض الواحد لإنقاء في خلا له مضافا الي أنه يلزم كون الحيض الوحد أكثر من عشرة أيام في بعض الفروض و أما الثالث فيلزم جواز كون الحيض مقدار شهر.

أضف الي ذلك أنهم ادعوا الاجماع علي أنه لو دام الدم ثلاثة أيام يحكم عليه بالحيضية فلا يرتبط بقاعدة الامكان.

و نقل عن الشيخ الطوسي قدس سره أن الخبرين واردان في امرأة اختلط عليها عادتها و تغيرت عن أوقاتها.

الثالثة: ما يدل علي أن الشارع حكم بحيضية الدم المتقدم علي أيام العادة و هي جملة من النصوص منها: ما رواه سماعة «1» و منها ما رواه الحسين بن بن نعيم الصحاف «2» بتقريب أن الدم المفروض تقدمه علي العادة حكم عليه بالحيضية فيدل علي اعتبار القاعدة. و بعبارة اخري: حيث أمكن كونه حيضا جعل كذلك.

و يرد عليه أن المستفاد من حديث

محمد بن مسلم «3» أن الصفرة في أيام العادة حيض كما أن المستفاد من حديث أبي بصير «4» أن الصفرة المرئية

______________________________

(1) لاحظ ص: 108

(2) لاحظ ص: 98

(3) لاحظ ص: 107

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب الحيض الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 141

______________________________

قبل الحيض بيومين تحسب من الحيض.

فالنتيجة الحاصلة من الروايتين أن الدم المرئي في العادة و كذلك المرئي قبل العادة بيومين حيض. و ان شئت قلت: أن الرؤية أيام العادة و قبلها بيومين أمارة علي الحيض و الذي يستفاد من حديثي سماعة و صحاف أن الدم المتقدم بقليل علي وقت العادة كالواقع فيها و يلحق به.

و بعبارة اخري: المتقدم علي الوقت بقليل امارة علي الحيض و يدل عليه قوله في رواية سماعة: «ربما يعجل بها الوقت» فهذا الدم ذلك الدم الموقت و قد عجل بها الوقت و قريب منه قوله عليه السلام في رواية الصحاف فالنتيجة أنه ليس المقصود من الحديثين جعل قاعدة الامكان بل المقصود جعل التقديم أمارة علي الحيضية و لو كان المقصود جعل القاعدة لكان المناسب أن يعلل حكمه بقوله: فانه قد يجي ء الدم في غير أيام العادة.

و صفوة القول. أن الدم الواقع في أيام العادة محكوم بالحيضية و الدم المتقدم علي العادة بقليل بحيث يصدق عليه التعجيل يحسب من العادة فلاحظ.

أضف الي ما تقدم أن هذه الاخبار محكومة باخبار الصفات و الصفوة محكومة بكونها استحاضة.

الرابعة: ما يدل علي تحيض الحامل برؤية الدم معللا بأن الحبلي ربما قذفت بالدم منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحبلي تري الدم؟ قال: نعم انه ربما قذفت المرأة

الدم و هي حبلي «2» و منها: ما رواه حريز عمن أخبره عن أبي جعفر

______________________________

(1) لاحظ ص: 95

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 142

______________________________

و أبي عبد اللّه عليهما السلام «1».

بتقريب: أن المستفاد من هذه الطائفة أن مجرد احتمال الحيضية يكفي في الحكم بها شرعا و هذا عبارة اخري عن قاعدة الامكان.

و يرد عليه: أن المستفاد من هذه الروايات أنه لا فرق بين الحامل و غيرها و بعبارة اخري: هذه الطائفة من النصوص في مقام بيان عدم التنافي بين الحيض و الحمل و لا يبعد أن يكون لفظة «ربما» جي ء بها للتكثير كما ان المنقول عن الشيخ أن هذه الكلمة للتكثير- كما شوهد في بعض الكلمات-.

أضف الي ذلك أن هذه الاخبار كغيرها محكومة بالنسبة الي اخبار الصفات فلاحظ.

الخامسة: ما يدل علي أن الصائمة تفطر برؤية الدم فمن تلك الروايات ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أي ساعة رأت المرأة الدم فهي تفطر الصائمة اذا طمثت و اذ رأت الطهر في ساعة من النهار قضت صلاة اليوم و الليل مثل ذلك «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرأة تري الدم غدوة أو ارتفاع النهار أو عند الزوال قال: تفطر و اذا كان بعد العصر أو بعد الزوال فلتمض صومها و لنقض ذلك اليوم «3».

و منها: ما رواه أيضا عنه أيضا في المرأة تطهر في أول النهار في رمضان أ تفطر او تصوم؟ قال: تفطر و في المرأة تري الدم من أول النهار في شهر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب الحيض الحديث: 3

(3)

نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 143

______________________________

رمضان أ تفطر أم تصوم؟ قال: تفطر انما فطرها من الدم «1».

بتقريب: أن الاحتمال كاف في تحقق التحيض و هو المراد من القاعدة المذكورة.

و فيه: أن الظاهر من هذه النصوص أن المرأة الصائمة اذا رأت الدم المعهود و حاضت تفطر و ليست هذه الروايات في مقام بيان حيضية الدم المرئي كما هو يظهر بأدني تأمل. مضافا الي أن اطلاقها علي فرض التسليم محكوم بأخبار الصفات.

السادسة: النصوص الدالة علي الاستظهار فمنها ما رواه سماعة «2» و منها ما رواه سعيد بن يسار «3» و منها غيرهما «4».

بتقريب: أن المستفاد من هذه الروايات أن الدم المحتمل كونه حيضا محكوم بالحيضية في غير أيام العادة بالنسبة الي الحائض فالامر كذلك بالنسبة الي غيرها بالاولوية.

و يرد عليه أولا: أنها محكومة بأخبار الصفات و ثانيا: أنها مختلفة من حيث المضمون و لذا حملت علي الاستحباب و ثالثا: يمكن أن يكون الحكم بالبقاء من باب الاستصحاب فلا يقاس عليه الدم المرئي ابتداء و يمكن أن يكون من باب الاحتياط.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 108

(3) لاحظ ص: 131

(4) لاحظ الباب 13 من أبواب الحيض

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 144

______________________________

و رابعا: أنه يمكن أن يقال: بأن تلك الاخبار تدل علي عكس المدعي حيث ان المستفاد من بعض تلك النصوص أن الدم المرئي بعد أيام الاستظهار استحاضة لاحظ خبر اسحاق بن جرير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في المرأة تحيض فتجوز أيام حيضها قال: ان كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثم هي مستحاضة «1» فانه لو تمت القاعدة لكان الواجب جعل الدم حيضا الي عشرة أيام بل

يستفاد من بعض النصوص أن الدم في غير أيام العادة محكوم بكونه استحاضة لاحظ ما رواه يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في حديث: و كل ما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض «2».

السابعة: ما يدل علي التميز بين دم العذرة و الحيض لاحظ ما رواه زياد بن سوقه «3» و ما رواه خلف بن حماد «4» بتقريب: أن امكان الحيضية اقتضي الحكم بها.

و فيه: أن المستفاد من هذه الطائفة أن الشارع جعل التطويق علامة للعذرة و الانغماس أمارة علي الحيض و لا ترتبط بقاعدة الامكان أضف الي ذلك حكومة أخبار الصفات علي هذه الطائفة أيضا.

الثامنة: ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب الحيض الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 87

(4) لاحظ الوسائل الباب 2 من أبواب الحيض الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 145

______________________________

امرأة ذهب طمثها سنين (سنة) ثم عاد اليها شي ء قال: تترك الصلاة حتي تطهر «1».

بتقريب: أن المستفاد منه أن المنشأ للحكم بالحيضية احتمال العود. و فيه أن الظاهر من الرواية أن منشأ السؤال أن عدم التحيض مدة ينافي الحيضية أم لا؟

و بعبارة اخري: فرض في الرواية تحقق التحيض علي طبق المقرر و السؤال عن أن الفصل الزماني يضر أم لا فلا ترتبط الرواية بالقاعدة أصلا و لا مانع من معرفة الحيض و لو من طريق التمييز بالصفات.

التاسعة: ما يدل علي التحيض بعد مضي أيام النفاس و هو ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن الاول عليه السلام في امرأة نفست فتركت الصلاة ثلاثين يوما ثم

طهرت ثم رأت الدم بعد ذلك قال: تدع الصلاة لان أيامها ايام الطهر قد جازت مع أيام النفاس «2».

بتقريب: أن الحكم بكون الدم الثاني حيضا من باب قاعدة الامكان و فيه مضافا الي الاشكال الناشي عن كون النفاس ثلاثين يوما، أن منشأ السؤال، مانعية سبق دم النفاس عن حيضية الدم اللاحق و لا يرتبط بقاعدة الامكان و يضاف اليه:

أنه محكوم باخبار الصفات.

العاشرة: ما يدل علي أن الصفرة في أيام الحيض حيض لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «3» و لاحظ الحديث الثالث و الرابع و السادس و السابع من الباب

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب النفاس الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 107

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 146

______________________________

4 من أبواب الحيض من الوسائل.

بدعوي أن المراد من الايام المذكورة في النصوص أيام امكان الحيض.

و فيه: أولا: أن هذا خلاف الظاهر من تلك النصوص و ثانيا قد صرح في بعضها بأيام الحيض لاحظ حديث معاوية «1» و ما رواه اسماعيل الجعفي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذ رأت المرأة الصفرة قبل انقضاء أيام عادتها لم تصل و ان كانت صفرة بعد انقضاء أيام قرئها صلت «2».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن المرأة تري الصفرة أيام طمثها كيف تصنع؟ قال: تترك لذلك الصلاة بعدد أيامها التي كانت تقعد في طمثها ثم تغتسل و تصلي فان رأت صفرة بعد غسلها فلا غسل عليها يجزيها الوضوء عند كل صلاة و تصلي «3».

و ثالثا: أنه قد صرح في بعض النصوص بأن الصفرة في غير أيام العادة ليست حيضا فتدل علي عكس المدعي لاحظ

ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة تري الصفرة فقال: ان كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض و ان كان بعد الحيض بيومين فليس من الحيض «4» و ما رواه محمد بن مسلم «5».

الامر السادس: الاجماع نقل ادعائه عن جملة من الاعيان- كالمحقق

______________________________

(1) لاحظ ص: 107

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الحيض الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الحيض الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) لاحظ ص: 107

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 147

______________________________

و العلامة و غيرهما-. و عن الجواهر: أنها عند المعاصرين و من قاربهم من القطعيات التي لا تقبل التشكيك.

و فيه: أن دعوي العلم بأن استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة ليست جزافية فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام.

و ما عن صاحب الجواهر من أن القاعدة من القطعيات التي لا تقبل التشكيك مجرد ادعاء و الدليل عليه: أن جملة من الاعيان- كصاحب المدارك و المقدس الأردبيلي و المحقق الثاني- توقفوا في حجيتها و كيف يمكن التوقف في أمر قطعي غير قابل للشك؟.

فالنتيجة: أن القاعدة بما هي قاعدة جارية في كل مورد شك في كون الدم الكذائي دم حيض أم لا ليست حجة معتبرة.

و أما المقام الثالث و هو مورد القاعدة فالحق أن يلاحظ دليل اعتبارها و بعبارة اخري: تعيين موردها يرتبط بدليل الاعتبار و أن المستفاد منه عام أو خاص؟.

فنقول: ان قلنا: بأن الدليل الدال عليها هو الاصل فالنتيجة جريان القاعدة في كل مورد بلا فرق بين كون الشبهة موضوعية او حكمية فان الاصل بأي تقريب من تقاريبه اذا كان حجة و جاريا يكون مقتضاه كون الدم الخارج دم الحيض فانه مقتضي الظاهر كما

أنه مقتضي الغلبة و أيضا مقتضي اصالة السلامة و كذلك اذا كان المراد منه الاستصحاب انما الاشكال في حجية الاصل و قد مر فساده بجميع تقاريبه.

و ان كان الدليل هو العرف بدعوي أن العرف يحكم بحيضية الدم المشكوك فيه فعلي تقدير تمامية هذه الدعوي و فرض اعتباره لا بد من ملاحظة سعة حكم

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 148

______________________________

العرف و ضيقه و أنه يحكم بالحيضية علي الاطلاق بلا فرق بين كون الشبهة موضوعية أو حكمية أو يختص حكمه بخصوص الشبهة الموضوعية و لا يخفي أن هذا فرض في فرض في فرض.

و ان كان الدليل سيرة المتشرعة فلا بد من ملاحظة دائرة جريان السيرة سعة و ضيقا و بعبارة اخري: جميع ما ذكرنا في الدليل الثاني أي حكم العرف جار فيها فلا وجه للإعادة.

و ان كان الدليل هو الوجه الرابع أي ما أفاده كاشف اللئام- علي ما نقل عنه- فمورد جريان القاعدة هو المورد الذي ليس علي الحيضية دليل من الامارة و الاصل و الا فلا تصل النوبة اليها كما هو ظاهر بأدني تأمل.

و ان كان دليل القاعدة النصوص فلا يبعد استفادة اعتبارها حتي في الشبهة الحكمية لاحظ ما رواه ابن المغيرة «1» فان المستفاد من الرواية ظاهرا أن السؤال عن امكان كون الدم الخارج بعد النفاس حيضا و أجاب عليه السلام بأنه لا مانع من كونه دم الحيض اذ قد تحقق الفصل بأقل الطهر فلو شك في دم هل هو دم الحيض أم لا بالشبهة الحكمية جرت فيه قاعدة الامكان.

و أيضا لاحظ خبر عبد اللّه بن سنان في الحبلي «2» فان الظاهر أن السؤال عن امكان حيض الحامل و الامام عليه السلام يجيب بعدم التنافي بين

الامرين.

فالنتيجة: أن النصوص لو تمت دلالتها علي تمامية القاعدة لكانت دالة علي اعتبارها حتي في الشبهة الحكمية و لا تختص بالشبهة الموضوعية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 145

(2) لاحظ ص: 95

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 149

______________________________

نعم لا يبعد أن بعض الطوائف من تلك النصوص لا يدل علي العموم لكن في الدال عليه كما ذكرنا غني و كفاية.

و أما ان كان الدليل عليها الاجماع فلا يبعد أيضا اعتبار القاعدة في جميع الموارد حتي في الشبهة الحكمية فانه نقل عن العلامة قدس سره في القواعد حيث قال:

«و كل دم يمكن أن يكون حيضا فهو حيض و ان كان أصفر أو غيره» و مثله كلام غيره- علي حسب النقل- ان هذه العبارة تقتضي تحقق الاجماع علي الحيضية في كل دم يمكن أن يكون حيضا بلا فرق بين كون الشبهة موضوعية أو حكمية فلاحظ.

الي هنا ثبت عدم اعتبار القاعدة و يترتب علي ما ذكرنا أنه لو خرجت القطة ملوثة بالصفرة و كانت المرأة مبتدئة أو لم تستقر لها عادة لم يكن وجه للحكم لبقاء التحيض بل لا بد من الحكم عليها بكونها مستحاضة للتميز.

لكن يمكن أن يقال بأن مقتضي حديث محمد بن مسلم «1» بقاء الحيض- كما في المتن- اذ قد حكم عليه السلام بوجوب الغسل في فرض عدم رؤية شي ء و بعد ذلك حكم بأنها لو رأت بعد ذلك صفرة فلتوض و لتصل فيعلم بوضوح أنها لو رأت الصفرة عند الاختبار بأن خرجت القطنة ملوثة بالصفرة يجب عليها ترتيب أثر الحيض و لا وجه لمراعات التمييز بالصفات فلاحظ.

لكن هذا التقريب أيضا غير تام بعد ملاحظة حديث سماعة «2» فانه قد فرض في هذه الرواية أن المرأة لا تدري أ طهرت أم

لا مع فرض أنها تري الصفرة

______________________________

(1) لاحظ ص: 126

(2) لاحظ ص: 103

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 150

و ان كانت ذات عادة دون العشرة فان كان ذلك الاستبراء في أيام العادة فلا اشكال في بقائها علي التحيض (1) و ان كان بعد انقضاء العادة بقيت علي التحيض استظهارا (2).

______________________________

فحكم عليه السلام بالاختيار فيظهر أنه لا اعتبار برؤية الصفرة الا أنه قد مر الاشكال في سند حديث سماعة فلاحظ.

(1) بلا اشكال و لا كلام فان الدم المرئي في أيام العادة محكوم بالحيضية و ان كان صفرة.

(2) قال في الحدائق: «هل هو علي سبيل الوجوب أو الاستحباب؟

قولان: نقل أو لهما عن الشيخ في النهاية و الجمل، و المرتضي في المصباح و الثاني نقله صاحب المدارك عن عامة المتأخرين و قال في المعتبر- بعد نقل القولين المذكورين-: «و الاقرب عندي أنه علي الجواز» الي أن قال:

«و يظهر من كلامه أنه قول ثالث في المسألة الي أن قال و الظاهر أن صاحب المعتبر أراد بهذه العبارة الاستحباب- كما فهمه صاحب المدارك- حيث نقل القول بالاستحباب عنه و عمن تأخر عنه و الاصل في هذا الاختلاف اختلاف الاخبار الواردة في المسألة نقل الاخبار «1».

و حيث ان منشأ الاختلاف اختلاف الاخبار الواردة في المقام كان الحري بنا ذكر الروايات الواردة و النظر فيها و استنجاح ما يحصل من مجموعها و الروايات علي طائفتين: طائفة تدل علي وجوب الاستظهار و هي علي أقسام:

القسم الاول: ما يدل علي وجوب الاستظهار يوما واحدا و هو ما رواه اسحاق

______________________________

(1) الحدائق ج 3 ص: 216

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 151

______________________________

بن جرير «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول،

1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 151

القسم الثاني: ما يدل علي مطلوبية الاستظهار بيومين و هو ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: النفساء متي تصلي؟ قال: تقعد قدر حيضها و تستظهر بيومين فان انقطع الدم و الا اغتسلت و احتشت و استثفرت وصلت «2».

القسم الثالث: ما يدل بظاهره علي وجوب الاستظهار بثلاثة أيام و هو ما رواه سماعة «3» و ما رواه أيضا قال: سألته عن امرأة رأت الدم في الحبل قال: تقعد أيامها التي كانت تحيض فاذا زاد الدم علي الايام التي كانت تقعد استظهرت بثلاثة أيام ثم هي مستحاضة «4».

القسم الرابع: ما يدل علي مطلوبية الاستظهار الي عشرة أيام و هو ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: امرأة رأت الدم في حيضها حتي تجاوز وقتها متي ينبغي لها أن تصلي؟ قال: تنظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام فان رأت الدم دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة «5».

القسم الخامس: ما يدل علي وجوب الاستظهار مخيرا بين يومين و ثلاثة و هو ما رواه سعيد بن يسار «6» و في مورده يعارضه ما رواه محمد بن

______________________________

(1) لاحظ ص: 144

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 108

(4) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 6

(5) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 12

(6) لاحظ ص: 131

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 152

______________________________

مسلم «1».

القسم السادس: ما يدل علي مطلوبية الاستظهار بيوم أو يومين بالنسبة إلي المرأة التي لا يكون حيضها مستقيما و هو ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السلام عن المستحاضة أ يطأها زوجها؟ و هل تطوف بالبيت؟ قال: تقعد قرؤها الذي كانت تحيض فيه فان كان قرؤها مستقيما فلتأخذ به و ان كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين «2».

القسم السابع: ما يدل علي مطلوبية الاستظهار بيوم أو يومين بالنسبة الي ذات العادة و هو ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع؟ قال: تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة «3» و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الحائض اذا رأت دما بعد أيامها التي كانت تري الدم فيها فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين «4».

القسم الثامن: ما يدل علي وجوب الاستظهار مخيرا بين يوم أو يومين أو ثلاثة و هو ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الحائض كم تستظهر؟ فقال: تستظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة «5».

القسم التاسع: ما يدل علي مطلوبية الاستظهار علي الاطلاق و هو ما رواه

______________________________

(1) لاحظ ص: 126

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 8

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 13

(4) نفس المصدر الحديث: 15

(5) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 153

______________________________

يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: النفساء تجلس أيام حيضها التي كانت تحيض ثم تستظهر و تغتسل و تصلي «1».

و في قبال هذه الطائفة الطائفة الثانية قالوا بأنها تعارض تلك النصوص: منها ما رواه يونس مرسلا و الشاهد في قوله عليه السلام: «ألا تري أن أيامها لو كانت أقل من سبع و كانت خمسا أو أقل من ذلك ما قال

لها: تحيضي سبعا «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و كلمة «غير واحد» لا تخرجها من الآحاد الي المتواتر.

أضف الي ذلك أن علي بن ابراهيم الواقع في الطريق ينقل عن محمد بن بن عيسي و يحتمل أن يكون المراد منه العبيدي و حيث انه مخدوش عندنا فالرواية تسقط عن الاعتبار من هذه الجهة أيضا و فيه تأمل.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلي فيها و لا يقربها بعلها فاذا جازت أيامها و رأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر و العصر تؤخر هذه و تعجل هذه و المغرب و العشاء غسلا تؤخر هذه و تعجل هذه و تغتسل للصبح و تحتشي و تستسفر الي أن قال و لا يأتيها بعلها أيام قرءها و ان كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت و دخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء و هذه يأتيها بعلها الا في أيام حيضها «3».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن المنع من الصلاة و المقاربة مختص بأيام عادتها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الحيض الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 154

______________________________

و منها: ما رواه مالك بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الاستحاضة كيف يغشاها زوجها قال تنظر الايام التي كانت تحيض فيها و حيضتها مستقيمة فلا يقربها في عدة تلك الايام من ذلك الشهر و يغشاها فيما سوي ذلك من الايام و لا يغشاها حتي يأمرها فتغتسل ثم يغشاها ان أراد «1» و هذه الرواية ضعيفة بمالك.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: (سمعته يقول: المرأة) المستحاضة تغتسل (التي لا تطهر خ) عند صلاة الظهر و تصلي الظهر و العصر ثم تغتسل عند المغرب فتصلي المغرب و العشاء ثم تغتسل عند الصبح فتصلي الفجر و لا بأس يأتيها بعلها اذا شاء الا أيام حيضها فيعتزلها زوجها «2».

و تقريب الاستدلال ظاهر فان المستفاد منه أن المنع مختص بأيام العادة.

و منها: ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المستحاضة قال: فقال: تصوم شهر رمضان الا الايام التي كانت تحيض فيها ثم تقضيها من بعد «3».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المستحاضة اذا مضت أيام أقرائها اغتسلت و احتشت كرسفها و تنظر فان ظهر علي الكرسف زادت كرسفها و توضأت وصلت «4»..

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الاستحاضة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الاستحاضة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 155

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بابن الربيع فانه لم يوثق.

و منها: ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المستحاضة كيف تصنع؟ قال: اذا مضي وقت طهرها الذي كانت تطهر فيه فلتؤخر الظهر الي آخر وقتها ثم تغتسل ثم تصلي الظهر و العصر فان كان المغرب فلتؤخرها الي آخر وقتها ثم تغتسل ثم تصلي المغرب و العشاء فاذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد طلوع الفجر ثم تصلي ركعتين قبل الغداة ثم تصلي الغداة قلت: يواقعها زوجها؟ قال: اذا طال بها ذلك فلتغتسل و لتوضأ ثم يواقعها ان أراد «1».

و

هذه الرواية ضعيفة بالطيالسي.

و منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: النفساء تكف عن الصلاة أيامها التي كانت تمكث فيها ثم تغتسل و تعمل كما تعمل المستحاضة «2».

فلا بد من الجمع بين هاتين الطائفتين و قد ذكر في وجه الجمع بينهما وجوه:

الاول: حمل أخبار الاستظهار علي الاستحباب ببركة أخبار الاقتصار.

و يمكن الاشكال في الجمع المذكور بأمور:

منها: أن أخبار الاستظهار، كثيرة منها تأبي عن الحمل المذكور لظهورها في الوجوب.

و يمكن الجواب عن هذا الايراد بأن رفع اليد عن ظهور أدلة الاستظهار

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 156

______________________________

في وجوبه جائز مع وجود الشاهد عليه نعم مع عدم وجود الشاهد لا يجوز فمع وجوده لا مانع من الالتزام باستحباب الاستظهار و كراهة الوقاع قبل الاستظهار.

و منها: أن الجمع بهذا النحو معناه رفع اليد عن ظهور أخبار كلا الطرفين اذ ظاهر أخبار الاستظهار وجوبه و ظاهر أخبار الاقتصار وجوبه أيضا و مرجع الجمع المذكور رفع اليد عن كلا الظهورين.

و فيه: أن مع وجود الشاهد لا نضائق من رفع اليد عن ظهور كلا الطرفين.

و منها: أن حمل أخبار الاستظهار علي الندب ليس باولي من العكس بأن تحمل أخبار الاقتصار علي استحباب المبادرة و حمل أخبار الاستظهار علي التخيير و الترخيص في الاستظهار.

و فيه: أنه مع وجود شاهد للجمع و ترجيح أحد الاحتمالين علي الاخر فهو و الا يكون مقتضي القاعدة التخيير علي القول به بين اختيار الاستظهار و ترك العبادة، و بين الاتيان بها و ترك الاستظهار فلا يتوجه اشكال ترجيح أحد الطرفين علي الاخر بلا مرجح.

و عن صاحب الكفاية قدس سره: «أن كثرة اختلاف أخبار الاستظهار

بنفسها دليل علي استحباب الاستظهار».

لكن لا يمكن المساعدة عليه لعدم الدليل و ان كان ما أفاده ليس ببعيد.

و الحاصل: أنه مع وجود الشاهد علي الجمع لا مانع من البناء علي استحباب الاستظهار و ربما يقال: بأن حديث ابن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء كم تقعد؟ فقال: ان أسماء بنت عميس أمرها رسول اللّه صلي اللّه

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 157

______________________________

عليه و آله أن تغتسل لثمان عشرة و لا بأس بأن تستظهر بيوم أو يومين «1» شاهد للجمع المذكور.

بتقريب أن المستفاد من الرواية عدم البأس بترك الاستظهار فهو ليس واجبا بل يكون مندوبا.

لكن حديث ابن مسلم مخدوش دلالة اذ لازمه جواز كون النفاس أكثر من العشرة و حيث ان نفي البأس عن الاستظهار في موردها لا يمكن الالتزام بجعله لا تكون الرواية شاهدة للجمع.

و من الاشكالات الواردة علي هذا الجمع ما عن صاحب الكفاية في رسالة الدماء بأن حمل أخبار الاستظهار علي الندب يستلزم التخيير بين فعل الواجب و تركه لا الي بدل و هذا لا يمكن.

و أجاب عن الاشكال بأن المستحب البناء علي التحيض و أما بعد البناء فالصلاة محرمة عليها.

و الحق في الجواب أن يقال: انه علي فرض الالتزام باستحباب الاستظهار لا تكون العبادة واجبة كي يرد بأن جواز ترك الواجب من غير بدل أمر غير ممكن.

و ان شئت قلت: ان نتيجة الجمع المذكور أن الاستظهار و ترك العبادة و الاحتياط و ترتيب آثار الحيض مستحب كما أن العبادة أيضا مستحبة.

لكن الظاهر أن هذا الكلام لا يرجع الي محصل صحيح فانه كيف يمكن أن تكون العبادة مستحبة و يكون تركها أيضا مستحبا؟ فان مرجع هذا الكلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من

أبواب النفاس الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 158

______________________________

الي ترجيح كل من الطرفين علي الاخر و هذا أمر غير معقول لكن الاشكال كل الاشكال في عدم شاهد علي الجمع المذكور و حديث ابن مسلم «1» غير قابل للقبول فلا يمكن أن يكون وجها للجمع بين المتعارضين. مضافا الي أنه بنفسه طرف للمعارضة فان جملة من الروايات تدل علي وجوب الاستظهار ثلاثة أيام أو يومين أو يوما واحدا و حديث ابن مسلم يدل علي جواز الاستظهار يوما أو يومين.

الثاني: تخصيص أخبار الاقتصار بأخبار الاستظهار و عن الجواهر: «أنه قد يقال: بأنها مخصصة بغير أيام الاستظهار قطعا لكونه لازما للقائلين بالوجوب و الاستحباب». و عن طهارة شيخنا الاعظم: «أن ضعفه غني عن البيان».

و يمكن أن يقال: ان مرجع هذا الجمع الي طرح أخبار الاقتصار اذ لا فرق بين تخصيصها بأخبار الاستظهار و رفع اليد عنها فانه لا اشكال في وجوب ترتيب أثر الطهر بعد أيام الاستظهار مضافا الي أن أخبار الاقتصار آبية عن هذا الحمل.

الثالث: ما عن سيد المدارك قدس سره من حمل أخبار الاستظهار علي واجد الصفة و أخبار الاقتصار علي فاقدها. و عن المحقق في المعتبر احتماله.

و يمكن أن يكون الوجه فيه أن جملة من النصوص قد دلت علي أن الصفرة في غير أيام الحيض ليست من الحيض لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «2»

______________________________

(1) لاحظ ص: 156

(2) لاحظ ص: 107

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 159

______________________________

و ما رواه يونس «1» و ما رواه اسماعيل الجعفي «2» و ما رواه أبو بصير «3» و ما رواه معاوية بن حكيم «4» و ما رواه علي بن جعفر «5» فان هذه الاخبار تدل علي أن الصفرة في غير

أيام الحيض ليست من الحيض و مع وجود الدليل علي عدم الحيضية لا مجال للاستظهار فتخصص أخبار الاستظهار بهذه الاخبار و بعد التخصيص تنقلب النسبة بين أخبار الاستظهار و أخبار الاقتصار الي العموم و الخصوص المطلق و بعد الانقلاب من التباين الي العموم المطلق تجعل مخصصا لاخبار الاقتصار.

لكن هذا البيان انما يتم علي مسلك الانقلاب و أما عند من لا يري الانقلاب صحيحا فلا يتم.

و أورد في المستمسك علي سيد المدارك بأن صحيح سعيد يسار «6» يأبي عن الحمل المذكور بل تأباه عامة أخبار الاقتصار فان حمل تلك الاخبار علي خصوص الصفرة بعيد خصوصا مرسل داود «7» لظهور الدم فيه فيما يقابل الصفرة بقرينة صدره.

و الظاهر أن نظره في وجه اباء رواية سعيد الي أن المذكور فيها الدم الرقيق

______________________________

(1) لاحظ ص: 126

(2) لاحظ ص: 146

(3) لاحظ ص: 146

(4) لاحظ ص: 107

(5) لاحظ ص: 146

(6) لاحظ ص: 131

(7) يأتي عن قريب

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 160

______________________________

بدعوي ظهوره في الصفرة، و الحال أن الدم الرقيق ليس ظاهرا في الصفرة بل أعم منها فلا تأبي و أما مرسل داود عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له: فالمرأة يكون حيضها سبعة أيام أو ثمانيه أيام حيضها دائم مستقيم ثم تحيض ثلاثة أيام ثم ينقطع عنها الدم و تري البياض لا صفرة و لا دما؟ قال:

تغتسل و تصلي قلت: تغتسل و تصلي و تصوم ثم يعود الدم قال: اذا رأت الدم أمسكت عن الصلاة و الصيام قلت: فانها تري الدم يوما و تطهر يوما قال: فقال:

اذا رأت الدم أمسكت و اذا رأت الطهر صلت فاذا مضت أيام حيضها و استمر بها الطهر صلت فاذا

رأت الدم فهي مستحاضة قد انتظمت لك أمرها كله «1» فلإرساله لا اعتبار به.

فالحق: أنه لا بأس بهذا الحمل و عهدة مدعي الإباء عن الحمل المذكور علي مدعيه.

لكن يشكل هذا الجمع بما رواه اسحاق بن جرير «2» فان المستفاد من هذه الرواية أن الوظيفة في الدرجة الاولي الاستظهار ثم الجلوس بمقدار حيضها.

و بعبارة اخري: المستفاد من الرواية أولا وجوب الاستظهار و في الدور الثاني و الثالث الاقتصار و مع عدم استقرار العادة يكون المرجع التميز فلاحظ.

الرابع: حمل أخبار الاستظهار علي الاباحة لوقوع الامر به في مقام توهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 161

______________________________

الحظر اذ يتوهم وجوب الاقتصار علي العادة.

و فيه: أنه لا اشكال في ظهور كلتا الطائفتين في وجوب الاستظهار و الاقتصار و رفع اليد عن الظهور يحتاج الي الدليل و لا نري مانعا من حمل أخبار الاستظهار علي وجوبه في نفسه كما أنه لا مانع من الاخذ بظهور دليل وجوب الاقتصار فيه كذلك و ملاكات الاحكام ليست معلومة عندنا فمن الممكن وجوب الاستظهار كما أنه من الممكن وجوب الاقتصار.

و بعبارة اخري: لا مجال لرفع اليد عن ظهور الامر في الوجوب بدعوي كونه واردا مورد توهم الحظر فعليه يقع التعارض بين الطائفتين فاللازم رفع التعارض بنحو عرفي أو اعمال قواعده فلاحظ.

الخامس: ما عن الوحيد قدس سره و غيره و هو حمل أخبار الاستظهار علي الدور الاول و حمل أخبار الاقتصار علي الدامية في الدور الثاني و عن الجواهر الميل اليه.

و اورد عليه: أنه يوجد في أخبار الاقتصار ما يدل علي الاقتصار في الدور الاول أيضا لاحظ ما رواه زرارة «1» كما أن أخبار الاستظهار يوجد

فيها ما يكون ظاهرا في وجوب الاستظهار بالنسبة الي الدامية لاحظ حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المستحاضة تستظهر بيوم أو يومين «2».

و حديث الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: المستحاضة تقعد أيام قرئها

______________________________

(1) لاحظ ص: 155

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 162

______________________________

ثم تحتاط بيوم أو يومين فان هي رأت طهرا اغتسلت «1» و حديث زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: يجب للمستحاضة أن تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها ثم تستظهر علي ذلك بيوم «2» و لاحظ خبر البصري «3».

و ربما يقال بأن خبر اسحاق «4» شاهد لهذا الجمع. و يمكن أن يرد عليه بأن بعض أخبار الاقتصار آب عن الحمل المذكور.

و بعبارة اخري ظاهر في الاقتصار في الدور الاول لاحظ خبر زرارة «5» مضافا الي أن خبر اسحاق بنفسه معارض مع أخبار الاستظهار في مقداره.

السادس: ما عن صاحب الحدائق من حمل أخبار الاستظهار علي من تتخلف عادتها أحيانا و حمل أخبار الاقتصار علي مستقيمة الحيض بقرينة خبر عبد الرحمن «6» مضافا الي تقييد الحيض بالاستقامة في رواية مالك بن أعين «7» التي هي من أدلة الاقتصار.

و عن صاحب الكفاية أنه أورد علي الحدائق بأن رواية البصري ليست ظاهرة في تقسيم المعتادة الي قسمين و أن قوله عليه السلام: «و ان كان فيه خلاف

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 152

(4) لاحظ ص: 113

(5) لاحظ ص: 155

(6) لاحظ ص: 152

(7) لاحظ ص: 154

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 163

______________________________

فلتحتط» ظاهر في كونها غير ذات العادة.

و يرد عليه: أن الظاهر من التقسيم، تقسيم ذي

العادة الي قسمين مضافا الي أن الامر بالاحتياط بيوم أو يومين يستلزم تعين الايام كي يصح الزيادة عليه بيوم أو يومين.

و الذي يختلج بالبال عاجلا أن ما أفاده متين فان هذه الرواية تقيد الطائفتين المتعارضتين و تكون وجه جمع بينهما و المذكور في هذه الرواية التخيير بين الاستظهار يوما و يومين و حيث ان التخيير بين الاقل و الاكثر غير معقول تحمل الرواية علي استحباب الاستظهار لكن المذكور في رواية اسحاق الاستظهار بيوم واحد و ظاهره وجوبه و لا مانع من الاخذ به و الحكم بوجوب الاستظهار يوما واحدا و النتيجة وجوب الاستظهار يوما واحدا و استحبابه يومين لكن حديث اسحاق يعارضه ما يدل علي وجوب الاستظهار أكثر من يوم لاحظ ما رواه سماعة «1».

و الذي ينبغي أن يقال: ان أخبار الاستظهار متعارض بعضها مع بعض مضافا الي معارضتها مع أخبار الاقتصار و أما خبر البصري حيث انه فصل بين المستقيمة و غيرها فليس طرف المعارضة فلا مانع من الاخذ به فالنتيجة: ان مستقيمة الحيض يستحب لها الاستظهار بيوم أو يومين هذا اذا لم يكن الدم بصفات الحيض و أما علي فرض اتصافه بصفاته فيحكم عليه بالحيضية لتحقق أمارة الحيض لكن يشكل ما ذكرنا بأن حديث البصري بنفسه طرف المعارضة فلا وجه للأخذ به و ترك غيره.

______________________________

(1) لاحظ ص: 108

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 164

______________________________

و بعبارة اخري: ما يستفاد من خبر البصري مغاير مع جميع الروايات.

و بكلمة اخري: تقديم خبر علي خبر آخر يتوقف علي كونه قرينة له كالخاص بالنسبة الي العام أو المقيد بالنسبة الي المطلق و المقام ليس كذلك مثلا لو ورد في دليل: أكرم العلماء باعطاء كل واحد منهم عشرة دنانير و

ورد في دليل آخر لا تكرم العلماء و ورد في دليل ثالث: العلماء ان كانوا عدولا فأعط كل واحد منهم عشرة دراهم مع فرض كون التكلف أمرا واحد أهل يمكن تخصيص الدليلين الاولين بالثالث؟ كلا بل الثالث طرف المعارضة اذ لا يكون أخص بل يكون متباينا. ففي المقام لا بد من ترجيح سندي ان كان و الا فمقتضي القاعدة التساقط.

و يمكن أن يقال: بأن ما رواه البزنطي «1» فيه ترجيح لكونه أحدث و مقتضاه استظهار الحائض يوما أو يومين أو ثلاثة و حيث ان التخيير بين الاقل و الاكثر غير ممكن نلتزم باستحباب الاستظهار كذلك.

و أما حديث محمد بن عمر و بن سعيد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الطامث و حد جلوسها فقال: تنتظر عدة ما كانت تحيض ثم تستظهر بثلاثة أيام ثم هي مستحاضة «2» فهو مخدوش سندا فانه يمكن أن يكون المراد بمحمد بن خالد الواقع في السند هو البرقي و هو مخدوش.

هذا بالنسبة الي مطلق الحائض و أما لو كانت ذات عادة في الوقت و العدد فمع تجاوز الدم عن أيامها يجب عليها الاستظهار بيوم و مع استمرار الدم في

______________________________

(1) لاحظ ص: 152

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 165

يوما واحدا و تخيرت بعده في الاستظهار و عدمه الي العشرة (1) الي أن يظهر لها حال الدم و أنه ينقطع علي العشرة أو يستمر الي ما بعد العشرة فان اتضح لها الاستمرار قبل تمام العشرة اغتسلت و عملت عمل المستحاضة و الا فالاحوط لها استحبابا الجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض (2).

______________________________

الشهور الآتية يجب الاخذ بأيامها و تجعل الحيض أيام عادتها

و الدليل عليه ما رواه اسحاق «1» لكن يشكل ما ذكرنا فان هذه الرواية معارضة في مورد ذات العادة بغيرها لاحظ حديثي سماعة «2».

هذا ما يختلج بالبال و طريق الاحتياط ظاهر و اللّه العالم بحقائق الاشياء و عليه التوكل و التكلان.

(1) قد ظهر مما ذكرنا أن مقتضي حديث البزنطي استحباب الاستظهار للحائض مخيرا بين يوم أو يومين أو ثلاثة فلاحظ.

(2) لم يظهر لنا وجه الحكم بالحيضية علي مجموع الدم المرئي فيما اذا انقطع علي العشرة بل مقتضي النصوص خلافه أما أخبار الاقتصار علي أيام العادة فظاهر و أما أخبار الاستظهار فمقتضاها اختصاص الحكم بالحيضية بخصوص أيام الاستظهار لا أزيد.

و ما يمكن أن يكون مدركا للقائلين بهذا القول أمور:

الاول: قاعدة الامكان و قد مر الاشكال فيها.

الثاني: الاستصحاب و فيه: أن أخبار التميز لا تبقي مجالا للأصل كما هو

______________________________

(1) لاحظ ص: 113

(2) لاحظ ص: 108 و 151

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 166

______________________________

ظاهر مضافا الي أن مقتضي أخبار الاستظهار عدم الحكم بالحيضية فيما سوي تلك الايام كما أن مقتضي أخبار الاقتصار قصر الحيضية في أيام العادة.

الثالث: استصحاب أحكام الحيض فان مقتضاه ترتيب أحكامه.

و فيه: أولا أن استصحاب الحكم مع الشك في الموضوع غير جار فان كان الاستصحاب جاريا في الموضوع فلا تصل النوبة الي استصحاب الحكم للحكومة و ان لم يجر فايضا لا يجري الاستصحاب في الحكم اذ يشترط في جريان الاستصحاب وحدة القضية و مع الشك في الموضوع لا تكون محفوظة.

و ثانيا: أن الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي.

و حيث انجر الكلام الي هنا لا بأس بالتعرض لما بنينا عليه أخيرا في تعارض الاستصحابين في الحكم الكلي فنقول: ربما يقال بأنه ليس تعارض بين بقاء المجعول باستصحاب

بقائه و استصحاب عدم الجعل بل الاستصحاب يجري في ناحية عدم الجعل اذا لشك في بقاء المجعول مسبب عن الشك في سعة الجعل و مع جريان الاصل في ناحية السبب لا تصل النوبة الي جريان الاصل في المسبب.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأن السر في تقدم الاصل السببي علي الاصل المسببي أن المسبب من الآثار الشرعية للسبب كما لو غسل ثوب نجس بالماء الذي يجري استصحاب الطهارة فيه فانه مع جريان الاستصحاب في الماء لا تصل النوبة الي جريان استصحاب النجاسة في الثوب لان طهارة الثوب مترتبة علي غسله بالماء الطاهر فاذا حكم علي الماء بالطهارة ببركة الاستصحاب تترتب عليه طهارة الثوب شرعا و أما في المقام فليس عدم نجاسة الماء الذي زال تغيره من قبل نفسه من آثار عدم جعل النجاسة بل من الآثار التكوينية له لان عدم

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 167

______________________________

نجاسة الماء خارجا ملازم تكوينا مع عدم جعل النجاسة بل عينه حقيقة و لا مغايرة بينهما الا نظير المغايرة بين الماهية و الوجود.

اذا عرفت مقالته فاعلم: أنا لا نفهم مراده و لا يمكننا المساعدة عليه اذ الجعل من الامور الواقعية و من أفعال النفس.

و بعبارة اخري: الجعل من الاعتبارات و المجعول من عالم المعتبر و لذا لا يصح أن يقال: الفرق بين الاعتبار و المعتبر هو الفرق بين الايجاد و الوجود اذ كيف يمكن اتحاد الامر الاعتباري مع الامر الواقعي فان مرجعه الي اجتماع النقيضين و ما أفاده من أن تغاير هما كالتغاير بين الماهية و الوجود، غير معلوم المراد فانه علي القول باصالة الوجود المتحقق في الخارج هو الوجود و الماهية تنتزع منه بالانتزاع العقلي كما أنه علي القول باصالة الماهية

يكون الامر بالعكس.

و صفوة القول: انه ليس الماهية عين الوجود مفهوما كما هو ظاهر كما أنه ليس عينه خارجا و الا لم يكن مفهوم صحيح للنزاع في أن الاصل في الخارج الماهية أو الوجود.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الجعل غير المجعول و لا يصح أن يقال:

عينه و عليه نقول: ان ترتب عدم المجعول علي عدم الجعل ليس شرعيا بل ترتب عقلي.

و بعبارة اخري: عدم تحقق المعتبر في عالم الاعتبار من آثار عدم وجود الاعتبار عقلا فلا يعارض استصحاب المجعول استصحاب عدم الجعل الاعلي القول بالمثبت لكن المعارضة بحالها من ناحية اخري و هي أن استصحاب بقاء

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 168

______________________________

المجعول يعارضه استصحاب بقاء عدم المجعول.

و لتوضيح المدعي نقول: انا نعلم أنه قبل الشرع لم يكن جعل و لا مجعول و بعد الشرع علمنا بجعل النجاسة للماء المتغير حين تغيره و أما بعد زوال التغير من قبل نفسه نشك في بقاء المجعول فتكون نجاسته باقية بحالها كما أنا نشك في بقاء عدم كون النجاسة مجعولة الماء الذي زال تغيره من قبل نفسه فمقتضي استصحاب بقاء المجعول النجاسة و مقتضي استصحاب بقاء عدم المجعول عدم النجاسة فيتعارض الاصلان و بالتعارض يتساقطان فتصل النوبة الي أصل الطهارة فافهم و اغتنم.

الرابع: ما دل من النصوص علي أن الصفرة في أيام الحيض حيض لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و ما رواه يونس «2» و ما رواه معاوية بن حكيم «3» و ما رواه اسماعيل الجعفي «4» و ما رواه ابو بصير «5» و ما رواه علي بن جعفر «6».

بتقريب: أن المقصود من الايام، أيام امكان الحيض.

و فيه: أنه قد مر في بحث قاعدة الامكان أن

هذا خلاف ظاهر تلك النصوص فان الظاهر منها أن المرئي في أيام العادة يكون من الحيض فلا يرتبط بالمقام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 107

(2) لاحظ ص: 107

(3) لاحظ ص: 107

(4) لاحظ ص: 146

(5) لاحظ ص: 146

(6) لاحظ ص: 146

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 169

______________________________

الخامس: ما دل علي أن المرئي قبل العشرة من الحيضة الاولي و أما ما تري بعد العشرة فهو من الحيضة الثانية لاحظ حديثي محمد بن مسلم «1».

و فيه: أن المستفاد من هذه النصوص فرض تحقق الحيض أولا و ثانيا و الكلام فيما نحن فيه صورة الشك.

السادس: أخبار الاستبراء بدعوي أن مقتضي اطلاق تلك الاخبار عدم الفرق بين الحمرة و الصفرة.

و فيه: أنه قد مر منا النقاش في هذا الاستدلال و قلنا: يمكن أن يقال: ان أخبار التميز حاكمة علي تلك الاخبار و يكون الميزان اجتماع الصفات المعتبرة في الحكم بالحيضية أضف الي ذلك ما دل من النصوص علي أن الصفرة في غير أيام العادة ليست من الحيض «2».

و ملخص الكلام: أنه يظهر مما أفاده أمران:

أحدهما: أنه لو ظهر لها أن الدم يستمر الي ما بعد العشرة لم يكن لها الاستظهار و يجب عليها الاغتسال.

ثانيهما: أن الدم لو انقطع علي العشرة أو أقل يكون المجموع حيضا.

و للنقاش في كلا الامرين مجال، أما في الامر الاول فلان الدم لو تجاوز عن مقدار العادة و كان بصفة الحيض، كان مقتضي اعتبار التميز و الصفات أن يحكم بالحيضية الي العشرة. و أما في الامر الثاني فلانه لو انقطع علي العشرة أو أقل و لم يكن الزائد علي العادة بصفة الحيض، لم يكن وجه للحكم بالحيضية

______________________________

(1) لاحظ ص: 119 و 120

(2) لاحظ ص: 107 و 146

مباني منهاج الصالحين، ج 2،

ص: 170

[مسألة 189: قد عرفت حكم الدم اذا انقطع علي العشرة في ذات العادة و غيرها]

(مسألة 189): قد عرفت حكم الدم اذا انقطع علي العشرة في ذات العادة و غيرها (1).

و اذا تجاوز العشرة فان كانت ذات عادة وقتية و عددية تجعل ما في العادة حيضا و ان كان فاقدا للصفات (2).

______________________________

فيما زاد علي العادة و طريق الاحتياط كما في المتن و اللّه العالم.

(1) و قد تقدم شرح كلام الماتن.

(2) بلا خلاف فيه في الجملة كما في كلام بعض و نقل عن غير واحد دعوي الاجماع عليه. و عن العلامة: دعوي اجماع أهل العلم عليه و تقتضيه جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة تستحاض فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: سئل رسول اللّه صلي اللّه و عليه و آله عن المرأة تستحاض فأمرها أن تمكث أيام حيضها لا تصلي فيها ثم تغتسل «1».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلي فيها و لا يقربها بعلها و اذا جازت أيامها و رأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر و العصر «2».

و منها: ما رواه الحسين بن نعيم الصحاف عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في حيضها فان انقطع الدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الحيض الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 171

و تجعل الزائد عليها استحاضة و ان كان واجدا لها (1) هذا فيما اذا لم يمكن جعل واجد الصفات حيضا لا منضما و لا مستقلا و أما اذا أمكن ذلك كما اذا كانت عادتها ثلاثة- مثلا- ثم انقطع الدم ثم عاد بصفات الحيض ثم رأت

الدم الاصفر فتجاوز العشرة فالظاهر في مثله جعل الدم الواجد للصفات

______________________________

عنها قبل ذلك فلتغتسل و لتصل و ان لم ينقطع الدم عنها الا بعد ما تمضي الايام التي كانت تري الدم فيها بيوم أو يومين فلتغتسل ثم ذكر احكام المستحاضة «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «2» و في معناها جملة اخري من النصوص المذكورة في الباب الرابع من أبواب الحيض من الوسائل و يستفاد من هذه النصوص أن المرئي في ايام العادة محكوم بالحيضية حتي لو كان المرئي صفرة.

و منها: ما رواه إسحاق بن جرير «3» الي غيرها من النصوص الدالة علي أن الدم المرئي في أيام العادة محكوم بكونه حيضا.

(1) قد وقع الكلام في حكم ما لو تعارض التميز و العادة فربما يقال:

بترجيح التميز كما عن المبسوط و الخلاف و ربما يقال: بالعكس كما عن المشهور و ربما يقال: بالتخيير و لا يبعد أن الحق ما ذهب اليه المشهور و الدليل عليه خبر ابن جرير «4» فان المستفاد منه أن الميزان الاولي جعل ما في العادة حيضا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 107

(3) لاحظ ص: 113

(4) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 172

مع ما في العادة و النقاء المتخلل بينهما حيضا (1) و كذلك اذا رأت الدم الاصفر بعد أيام عادتها و تجاوز العشرة و بعد ذلك رأت الدم الواجد للصفات و كان الفصل بينه و بين أيام العادة عشرة أيام أو أكثر فانها تجعل الدم الثاني حيضا مستقلا (2).

[مسألة 190: المراد من المبتدئة و المضطربة و وظيفتهما]

(مسألة 190): المبتدئة و هي المرأة التي تري الدم لأول مرة و المضطربة و هي التي رأت الدم و لم تستقر لها عادة اذا رأت الدم و قد تجاوز العشرة

رجعت الي التميز (3).

______________________________

و في المرتبة المتأخرة يؤخذ بالصفات فلاحظ.

(1) اذ المفروض أن ما في العادة حيض بحكم الشارع و كذلك المرئي بصفات الحيض حيض شرعا و من ناحية اخري أن النقاء المتخلل بين الحيض الواحد حيض كما مر فالمجموع حيض.

(2) اذ المفروض ان الصفرة في غير أيام العادة ليست حيضا فلا مانع من جعل المتصف بالصفات حيضا فلاحظ.

(3) حكي عن المعتبر أنه مذهب فقهاء أهل البيت و عن المنتهي أنه مذهب علمائنا و استظهر من كلام بعض الاصحاب الاجماع عليه.

و يدل علي المدعي في كلا الموردين اطلاق دليل اعتبار التميز لاحظ حديث حفص «1» و يدل علي المطلوب في خصوص المضطربة حديث اسحاق «2» و لا يعارضهما حديث سماعة قال: سألته عن جارية حاضت أول حيضها فدام

______________________________

(1) لاحظ ص: 112

(2) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 173

بمعني أن الدم المستمر اذا كان بعضه بصفات الحيض و بعضه فاقدا لها أو كان بعضه أسود و بعضه أحمر وجب عليها التحيض بالدم الواجد للصفات أو بالدم الاسود (1) بشرط عدم نقصه عن ثلاثة أيام و عدم زيادته علي

______________________________

دمها ثلاثة أشهر و هي لا تعرف أيام أقرائها؟ فقال: أقرائها مثل أقراء نسائها فان كان نسائها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام و أقله ثلاثة أيام «1».

لان المفروض في هذا الحديث أن المرأة لا تعرف أيامها و من الظاهر أن المبتدئة لا أيام لها كما هو ظاهر فالمراد عدم عرفانها بحيضها.

و بعبارة اخري: فرض في الرواية أنها لا تعرف عادتها و لا تميز الحيض عن غيره فأجاب عليه السلام بأن الصفات طريق لمعرفة الحيض فدليل اعتبار الصفات مقدم و حاكم علي هذه الرواية و بدليل الصفات تخصص حديث

عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المرأة اذ رأت الدم في أول حيضها فاستمر بها الدم تركت الصلاة عشرة أيام ثم تصلي عشرين يوما فان استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام وصلت سبعة و عشرين يوما «2» فيتم ما أفاده في المتن.

(1) يظهر من كلامه أنه كما أن السواد في الدم امارة الحيض كذلك الحمرة.

و لا يبعد أن يكون الامر كذلك فان المراد من الاسود الحمرة الشديدة.

و بعبارة اخري: لون الدم هي الحمرة فالسواد اريد به الحمرة الشديدة.

و يؤيد المدعي- بل يدل عليه-، التقابل بين السواد و الصفرة في بعض

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الحيض الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 174

العشرة (1) و ان لم تكن ذات تميز فان كان الكل فاقدا للصفات أو كان الواجد أقل من ثلاثة أيام كان الجميع استحاضة (2).

______________________________

النصوص. لاحظ حديث حفص «1» فانه قوبل فيها السواد بالصفرة.

و يؤيد المدعي مرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة الا أن تكون امرأة من قريش «2» و مرسل يونس «3» و صفوة القول: أن المستفاد من حديث حفص «4» أن الدم اذا كان أصفر كان استحاضة و الا يكون حيضا و عليه يشكل جعل الاحمر استحاضه عند التعارض فلاحظ.

(1) فان الاقل لا يكون حيضا كما أن الاكثر كذلك.

(2) حيث ان الامر دائر بين الحيض و الاستحاضة و المفروض أنه ليس حيضا فيكون استحاضة، و ببيان آخر: أن الامارة قائمة علي الاستحاضة.

و عن الحدائق: الاشكال في جعل ما كان بصفة الحيض استحاضة و ان

كان أقل من ثلاثة بتقريب: أن ما يدل علي كون الواجد حيضا مطلق من حيث العدد فيقتضي جعل الاقل حيضا.

و فيه: أن اعتبار الامارة في ظرف احتمال التطابق مع الواقع و أدلة التحديد الدالة علي أن الحيض لا يكون أقل من ثلاثة تنفي كون الاقل حيضا فتلك الادلة

______________________________

(1) لاحظ ص: 112

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب الحيض الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الحيض الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 112

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 175

______________________________

حاكمة علي دليل الامارة و ناظرة الي موضوعها.

فالنتيجة: أن ما دل علي اعتبار الصفات باطلاقها يقتضي اعتبار التميز بالصفات بالنسبة الي المبتدئة و المضطربة لاحظ حديث حفص «1» و يدل علي المدعي بالنسبة الي المضطربة حديث ابن جرير «2».

و في المقام شبهة و هي: أن المستفاد من بعض الروايات أن وظيفة المبتدئة الرجوع الي الروايات لاحظ حديثي ابن بكير «3» فان مقتضي هذين الحديثين الرجوع الي الروايات فلا اعتبار بالتميز.

و يجاب عن هذه الشبهة أولا: أن حديث سماعة «4» الوارد في المبتدئة اخذ فيه عنوان لا تعرف أيام أقرائها و من الظاهر أن المراد من الجملة الواقعة في الرواية أي قوله: «لا تعرف أيام أقرائها» ليس عدد أيام القرء اذ المفروض كون المرئي أول حيضها بل المراد عدم عرفان الحيض عن غيره و دليل اعتبار الصفات يقتضي العرفان فدليل أمارية الصفات حاكم.

و لقائل أن يقول: نسبة أدلة اعتبار الصفات الي تلك الروايات نسبة الامارة الي الاصل أي يفهم العرف أن وظيفة من لا يعرف الحيض و لا يميز، الرجوع الي الروايات و مع وجود الصفات و التميز بها لا تصل النوبة الي أدلة العدد.

و علي الجملة: أن العرف لا يري تعارضا

بين الدليلين.

و عن الشيخ الانصاري قدس سره: أن غاية ما في الباب التعارض بالدليلين

______________________________

(1) لاحظ ص: 112

(2) لاحظ ص: 113

(3) لاحظ ص: 129 و 130

(4) لاحظ ص: 172

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 176

و ان كان الكل واجدا للصفات و كان علي لون واحد أو كان المتميز أقل من ثلاثة أو أكثر من عشرة أيام فالمبتدئة ترجع الي عادة أقاربها عددا (1)

______________________________

و المرجح السندي مع أخبار التميز، لموافقتها للشهرة الفتوائية و موافقة الاخبار المعارضة لها للعامة لموافقتها مع أبي حنيفة و مع التساقط المرجح اطلاقات الحيض لصدقها علي الواجد للصفات.

و أورد عليه سيد المستمسك قدس سره: بأن المرجح السندي لا مجال له في العامين من وجه هذا أولا و ثانيا: أن الشهرة الفتوائية لا تكون من المرجحات السندية و ثالثا: أن مجرد المخالفة لقول أبي حنيفة لا يفيد و رابعا: أن صدق الاطلاق علي الواجد بلا اعتبار التميز لا يتم و اعتباره أول الكلام و الاشكال «1».

و الظاهر أنه قدس سره ناظر الي أن التعارض اذا كان بالاطلاق في الطرفين يكون مقتضي القاعدة التساقط لا الجمع.

و يرد عليه: أنه لا وجه لهذا المدعي بل القاعدة تقتضي الرجوع الي المرجح السندي نعم لو كان أحد الطرفين بالوضع و الاخر بالاطلاق يقدم العموم الوضعي علي العموم الاطلاقي و تفصيل الكلام موكول الي محله و بنينا علي أن الاطلاق بعد الانعقاد كالوضع أي لا وجه لسقوطه بالتعارض.

و ملخص الكلام: أنه لا تعارض بين الروايات كما تقدم و علي فرض التعارض لا وجه للتساقط بل مقتضي القاعدة الرجوع الي المرجح السندي.

(1) الظاهر أن في العبارة تهافتا اذ قد مر قريبا أنه لو كان ما بصفة الحيض

______________________________

(1) مستمسك العروة الوثقي ج

3 ص 280

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 177

______________________________

أقل من ثلاثة يكون جميع الدم استحاضة و هنا يقول: بالرجوع الي الاقارب.

و كيف كان ان ما يختلج بالبال أن يقال: المبتدئة تجعل الدم الفاقد للصفات استحاضة أعم من أن يكون المرئي أقل من ثلاثة أو أقل من العشرة أو عشرة أو أزيد اذ تقدم أن التميز معتبر بالنسبة اليها و المفروض أن المستفاد من أدلة التميز أن فاقد الصفة استحاضة و هكذا لو كان الواجد للصفة أقل من ثلاثة اذ قد علم من دليل التحديد انه لا يمكن أن يكون الحيض أقل من الثلاثة.

و لا مجال لان يقال: انه بدليل التميز نحكم بحيضية يومين و نكملها بالفاقد اذ دليل التحديد لا يبقي مجالا للأخذ بالتميز.

و ان شئت قلت: الاخذ بالامارة فيما يحتمل التطابق مع الواقع و مع دليل التحديد لا موضوع للتميز. و أما اذا كان واجدا للصفات و لم يكن أقل من ثلاثة و لا أكثر من عشرة فيحكم عليه بالحيضية لاعتبار الصفات و أما الواجد اذا تجاوز العشرة فلترجع صاحبته الي عادة أقاربها عددا لما رواه سماعة «1» و يظهر من المتن أن هذا حكم من اتفقت عادة نسائها في العدد.

و ربما يقال: بأن مقتضي حديث زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يجب للمستحاضة أن تنظر بعض نسائها فتقتدي باقرائها ثم تستظهر علي ذلك بيوم «2» الاكتفاء بالرجوع الي البعض و لا يشترط الاتفاق.

و يرد عليه أولا أن حديث سماعة في خصوص المبتدئة و لا يعارضه الاطلاق و ثانيا: ان ذلك الحديث لا اعتبار به سندا لضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن راجع نخبة المقال تأليف الحاجياني.

______________________________

(1) لاحظ ص:

172

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 178

و ان اختلفن في العدد فالاظهر أنها تتحيض في الشهر الاول سنة أو سبعة أيام و تحتاط الي تمام العشرة و بعد ذلك في الاشهر تتحيض بثلاثة أيام و تحتاط الي الستة أو السبعة (1).

______________________________

(1) الاقوال في المقام مختلفة حتي قيل: بأن الاقوال تبلغ عشرين و العمدة النصوص الواردة. فنقول: أما مرسل يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فقال:

تلجمي و تحيضي في كل شهر في علم اللّه بستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي غسلا «1» فلا اعتبار به للإرسال و كلمة غير واحد لا تخرج الرواية عنه.

لكن لقائل أن يقول: بأن الظاهر من قول يونس: «عن غير واحد سئلوا» الشهادة علي السؤال فيخرج الحديث عن الارسال فتأمل.

و يمكن أن يقال: ان المرسل باطلاقه يدل علي أن المبتدئة ترجع الي العدد مع عدم التميز لكن لا بد من تقييده بحديث سماعة بل يمكن أن يقال ان نسبة المرسل الي حديث سماعة نسبة الاصل الي الامارة بتقريب أن الرجوع الي العدد في صورة عدم تمييز الايام و مع وجود الامارة يمكنها تمييز أيامها فلاحظ.

و أما حديث الخزاز عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن المستحاضة كيف تصنع اذا رأت الدم و اذا رأت الصفرة و كم تدع الصلاة؟ فقال: أقل الحيض ثلاثة و أكثره عشرة و تجمع بين الصلاتين «2» فضعيفة بأحمد بن عبدون و ابن الزبير و قس عليه حديث ابن بكير «3» فانه قد مر منا الاشكال في

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الحيض الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 130

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 179

و

أما المضطربة فالاظهر أنها تتحيض ستة أو سبعة أيام و تعمل بعد ذلك بوظائف المستحاضة (1).

______________________________

اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال.

و أما حديثه الاخر «1» فيدل علي التحيض في الشهر الاول بعشرة أيام و في الباقي بثلاثة و لا ينافيه ما رواه سماعة «2» و هذا أحد الاقوال في المبتدئة- علي ما في الحدائق- فلاحظ.

(1) الظاهر أن ما أفاده لا يتم بحسب الادلة فان غاية ما يقال في هذا المقام أن وظيفة المضطربة مستفادة من مرسلة يونس اذ قد حصر فيها الاصناف في الثلاثة و حيث ان المضطربة ليست داخلة في ذات العادة فهي ملحقة اما بالمبتدئة.

أو بالناسية و حيث انه لا فرق بين الصنفين من حيث الوظيفة فهي ملحقه بالمبتدئة.

و يمكن أن يقال: ان المستفاد من المرسلة حصر الوظيفة في الثلاث فذات العادة ترجع الي عادتها و صاحبة التميز ترجع اليه و غيرهما يرجع الي العدد أضف الي ذلك ان المستفاد من ذيل المرسلة ان الناسية مع فقد التميز ترجع الي العدد فان قوله عليه السلام: «لان قصتها قصة حمنة» يدل علي أن الميزان الكلي ان وظيفة المرأة غير ذات العادة التي لا تتميز وظيفتها الرجوع الي العدد فان حمنة كانت متبدأة فالعمدة في الاشكال ضعف المرسل.

و الذي يختلج بالبال عاجلا أن يقال: ما تراه اذا لم يكن بصفات الحيض لم يحكم عليه بالحيضية و اذا كان المرئي موصوفا بوصف الحيض فان كان أقل من ثلاثة فكذلك لا يحكم عليه بالحيضية لأدلة التحديد و اذا كان ثلاثة أو أزيد

______________________________

(1) لاحظ ص: 129

(2) لاحظ ص: 172

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 180

[مسألة 191: اذا كانت ذات عادة عددية فقط و نسيت عادتها ثم رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر و لم يتجاوز العشرة]

(مسألة 191): اذا كانت ذات عادة عددية فقط و نسيت عادتها ثم

رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر و لم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضا (1).

و اذا تجاوز العشرة جعلت المقدار الذي تحتمل العادة فيه

______________________________

و لم يتجاوز العشرة فيحكم عليه بالحيضية و أما مع التجاوز عن العشرة فربما يقال: - كما قلنا سابقا- بأنها تجعل العشرة الاولي حيضا فان الامارة الدالة علي الحيضية موجودة فلا وجه للتخيير و بعد العشرة تجعله استحاضة و لا وجه لرفع اليد عن الامارة.

لكن يمكن أن يقال: بأن التقدم الزماني لا يوجب الترجيح فان الامارة تدل علي كون الواجد حيضا بلا فرق بين الاول و الوسط و الاخر فيقع التعارض و النتيجة هو التساقط و حيث ان الامر دائر بين الحيض و الاستحاضة يجب الاحتياط بمقتضي العلم الإجمالي فلا بد من الجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة فلاحظ.

ان قلت: اذا كانت المرأة مسبوقة بالطهر فمقتضي استصحاب الطهر كونها طاهرة. قلت: كما أن مقتضي الاستصحاب عدم الحيض كذلك مقتضاه عدم تحقق الاستحاضة و بعد التساقط يجب الاحتياط.

(1) ادعي عليه الاجماع و الدليل عليه من النصوص نصوص الصفات فانها أمارة علي الحيض و مع تحقق الامارة يترتب عليها حكم ذيها كما هو الميزان الكلي.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 181

حيضا و الباقي استحاضة (1) و ان احتملت العادة فيما زاد علي السبعة فالاحوط أن تجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة في المقدار المحتمل الي تمام العشرة (2).

[مسألة 192: اذا كانت ذات عادة وقتية فقط و نسيتها ثم رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر و لم يتجاوز العشرة]

(مسألة 192): اذا كانت ذات عادة وقتية فقط و نسيتها ثم رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر و لم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضا (3) و اذا تجاوز الدم العشرة فان علمت المرأة اجمالا بمصادفة الدم أيام عادتها لزمها الاحتياط في جميع

أيام الدم

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الدليل عليه من النصوص ما يدل علي جعل أيام الحيض حيضا لاحظ أحاديث معاوية و الحلبي و داود مولي ابي المعزا العجلي و يونس و الصحاف و زرارة «1» و مثلها حديث ابن جرير «2» فان مقتضي هذه النصوص أن الوظيفة جعل أيام العادة حيضا و مع احتمال العدد الزائد يكون مقتضي الاستصحاب بقاء الايام.

لا يقال: التميز أمارة و مقدم علي الاستصحاب، فانه يقال: الاستصحاب يقتضي بقاء الايام و بعبارة اخري يحكم ببقاء الموضوع بالاستصحاب.

(2) الظاهر أن الوجه في الاحتياط مرسل يونس حيث يستفاد منه ان الوظيفة- كما ذكرنا- الرجوع الي العدد.

و لكن الحق ان مقتضي الاستصحاب جعل الحيض الي العشرة و اللّه العالم.

(3) لاعتبار الوصف و كونه أمارة علي الحيضية و عدم مانع من كونه حيضا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 170 و الباب 5 من أبواب الحيض

(2) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 182

حتي فيما اذا لم يكن الدم في بعض الايام أو في جميعها بصفات الحيض (1) و ان لم تعلم بذلك فان كان الدم مختلفا من جهة الصفات جعلت ما بصفات الحيض اذا لم يقل عن ثلاثة و لم يزد عن عشرة أيام حيضا و ما بصفة الاستحاضة استحاضة (2).

و ان لم يختلف الدم في الصفة و كان جميعه بصفة الحيض أو كان ما بصفة الحيض أكثر من عشرة أيام جعلت ستة أو سبعة أيام حيضا و الباقي استحاضة (3) و الاحوط أن تحتاط الي العشرة و الاولي أن تحتاط في جميع أيام الدم (4).

[مسألة 193: إذا كانت ذات عادة عددية و وقتية فنسيتها ففيها صور]

(مسألة 193): اذا كانت ذات عادة عددية و وقتية فنسيتها ففيها صور:

______________________________

(1) لعل وجه وجوب الاحتياط، العلم الإجمالي و يمكن تقريبه بوجهين:

أحدهما

أنه يعلم اجمالا أن بعض هذه الايام، أيام أقرائها فيجب ترتيب أحكام الحيض بمقتضي ما دل علي أن الدم المرئي في أيام الاقراء حيض ثانيهما أنه يعلم اجمالا بأن الدم المرئي في هذه الايام اما حيض أو استحاضة فيجب ترتيب الآثار من باب تنجز العلم الإجمالي فيجب الجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة.

(2) لاعتبار الصفات و عدم مانع عن العمل بها كما هو المفروض.

(3) لمرسل يونس و لكن المرسل كما ذكرنا لا اعتبار به فلا بد من الاحتياط في جميع أيام الدم.

(4) قد ظهر أن الاحتياط هو المتعين.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 183

الاولي: أن تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد و الحكم فيها هو الحكم في المسألة السابقة (1) غير أن الدم اذا كان بصفة الحيض و تجاوز العشرة و لم تعلم المرأة بمصادفة الدم أيام عادتها رجعت الي عادتها من جهة العدد فتحيض بمقدارها و الزائد عليه استحاضة (2).

الثانية: أن تكون حافظة للوقت و ناسية للعدد ففي هذه الصورة كان ما تراه من الدم في وقتها المعتاد بصفة الحيض أو بدونها حيضا (3) فان كان الزائد عليه بصفة الحيض و لم يتجاوز العشرة فجميعه حيض (4) و ان تجاوزها تحيضت فيما تحتمل العادة فيه من الوقت و الباقي استحاضة (5) لكنها اذا احتملت العادة فيما زاد علي السبعة الي العشرة فالاحوط أن تعمل فيه بالاحتياط (6).

______________________________

(1) اي اذا كان بصفات الحيض و لم يقل عن ثلاث و لم يزد عن العشرة يحكم بكون جميعه حيضا.

(2) اذ ذات العادة ترجع الي عادتها و المفروض أن عادتها معلومة من حيث العدد.

(3) اذ الدم المرئي في وقت الحيض حيض.

(4) لاعتبار الصفة و عدم مانع من جعل

الجميع حيضا في مفروض الكلام.

(5) لا يبعد أن يكون الوجه استصحاب بقاء المدة فيترتب عليه كون الدم حيضا فتجعل المقدار المحتمل حيضا و الباقي استحاضة لدوران الامر بينهما.

(6) الظاهر أن الوجه فيما ذكره مرسل يونس فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 184

الثالثة: أن تكون ناسية للوقت و العدد معا و الحكم في هذه الصورة و ان كان يظهر مما سبق الا أنا نذكر فروعا للتوضيح الاول:

اذا رأت الدم بصفة الحيض أياما لا تقل عن ثلاثة و لا تزيد علي عشرة كان جمعيه حيضا (1).

و أما اذا كان أزيد من عشرة أيام و لم تعلم بمصادفته أيام عادتها تحيضت بمقدار ما تحتمل أنه عادتها (2) و لكن المحتمل اذا زاد علي سبعة أيام احتاطت في الزائد (3).

الثاني: اذا رأت الدم بصفة الحيض أياما لا تقل عن ثلاثة و لا تزيد علي عشرة و أياما بصفة الاستحاضة و لم تعلم بمصادفة ما رأته أيام عادتها جعلت ما بصفة الحيض حيضا و ما بصفة الاستحاضة استحاضة (4) و الاولي أن تحتاط في الدم الذي ليس بصفة الحيض اذا لم يزد

______________________________

(1) لاعتبار الصفة و كونها أمارة علي الحيض فمعها يحكم بكون المرئي حيضا.

(2) الذي يختلج بالبال أن أمارية الصفة تدل علي الحيضية فتجعل المقدار المحتمل حيضا.

(3) لمرسل يونس.

(4) لاعتبار الصفة و عدم مانع من العمل علي طبق الامارة كما هو المفروض في عبارة الماتن.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 185

المجموع علي عشرة أيام (1).

الثالث: اذا رأت الدم و تجاوز عشرة أيام أو لم يتجاوز و علمت بمصادفة أيام عادتها لزمها الاحتياط في جميع أيام الدم سواء كان الدم جميعه أو بعضه بصفة الحيض أم لم يكن (2).

[مسألة 194: اذا كانت المرأة ذات عادة مركبة]

(مسألة 194): اذا كانت

المرأة ذات عادة مركبة كما اذا رأت في الشهر الاول ثلاثة و في الثاني أربعة و في الثالث ثلاثة و في الرابع أربعة فالاحوط لها الاحتياط بترتيب أحكام المضطربة و ترتيب أحكام ذات العادة بجعل حيضها في شهر الفرد ثلاثة و في شهر الزوج أربعة و كذا اذا رأت في شهرين متواليين ثلاثة و في شهرين متواليين أربعة ثم شهرين متواليين ثلاثة ثم شهرين متواليين أربعة فانها تحتاط بترتيب أحكام المضطربة و ترتيب أحكام ذات العادة بجعل حيضها في شهرين ثلاثة و شهرين أربعة (3).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في الاحتياط ما اشتهر بين القوم من أن ذات العادة اذا رأت الدم أكثر من أيامها تجعل المجموع حيضا ما لم يتجاوز عن العشرة.

(2) للعلم الإجمالي بأن عادتها بعض هذه الايام و لا عبرة بالتميز في المقام اذ الدم المرئي في أيام الحيض محكوم بالحيضية و لا يعتبر التميز فلاحظ.

(3) الظاهر ان الوجه فيما أفاده من الاحتياط انه لا يري صحة العادة المركبة فتكون مثل هذه المرأة مضطربة فمقتضي الاحتياط أن تجمع بين وظيفة ذات العادة و المضطربة.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 186

[الفصل السابع في احكام الحيض]
اشارة

الفصل السابع في احكام الحيض

[مسألة 195: يحرم علي الحائض جميع ما يشترط فيه الطهارة من العبادات]

(مسألة 195): يحرم علي الحائض جميع ما يشترط فيه الطهارة من العبادات كالصلاة و الصيام و الطواف و الاعتكاف (1).

______________________________

(1) قال سيد المستمسك في مستمسكه في هذا المقام- شرحا علي كلام الماتن-: «اجماعا حكاه جماعة كثيرة بل في المنتهي: يحرم علي الحائض الصلاة و الصوم و هو مذهب عامة أهل الإسلام و عن شرح المفاتيح انه ضروري و يدل عليه النصوص الكثيرة المتفرقة في أبواب الحيض و العبادات المذكورة» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و لا يخفي: أن العمدة النصوص بعد وضوح أصل الحكم عند الاصحاب و النصوص الدالة بمجموعها علي المدعي متفرقة رواها في الوسائل في الابواب:

39 و 2 و 3 و 10 و 30 و 32 و 40 و 48 من أبواب الحيض و 48 من أبواب الاحرام و 25 من أبواب من يصح منه الصوم و 38 من الطواف. لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كانت المرأة طامثا فلا تحل لها الصلاة «1» و ما رواه الفضل «2» و ما رواه حفص «3».

و ما رواه يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فاذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة «4» و ما رواه الاعمش عن جعفر بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 112

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب الحيض الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 187

______________________________

محمد عليهما السلام قال: و الحائض تترك الصلاة و لا؟؟؟ «1» و ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحبلي تري الدم اليوم و اليومين قال: ان كان الدم

عبيطا فلا تصل ذينك اليومين و ان كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين «2».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان «3» و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «4» و ما رواه الحسين بن نعيم «5» و ما رواه صفوان قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الحبلي تري الدم ثلاثة أيام أو أربعة أيام تصلي؟ قال: تمسك عن الصلاة «6» و ما رواه أبو المعزا «7» و ما رواه اسحاق بن عمار «8».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الحبلي تري الدم كما كانت تري أيام حيضها مستقيما في كل شهر قال: تمسك عن الصلاة كما كانت تصنع في حيضها فاذا طهرت صلت «9» و ما رواه حميد بن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 13

(3) لاحظ ص: 95

(4) لاحظ ص: 95

(5) لاحظ ص: 98

(6) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 4

(7) لاحظ ص: 96

(8) لاحظ ص: 114

(9) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 188

______________________________

المثني «1» و ما رواه حريز عمن أخبره عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في الحبلي تري الدم قال: تدع الصلاة «2» و ما رواه سماعة «3» و ما رواه السكوني «4».

و ما رواه سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك الحبلي ربما طمثت؟ قال: نعم و ذلك أن الولد في بطن أمه غذائه الدم فربما كثر ففضل عنه فاذا فضل دفقته فاذا دفقته حرمت عليها الصلاة «5» و ما رواه محمد بن مسلم «6» و ما رواه زريق «7» و ما رواه العيص «8».

و ما رواه

عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: و كن نساء النبي صلي اللّه عليه و آله لا يقضين الصلاة اذا حضن و لكن يتحشين حين بدخل وقت الصلاة و يتوضين ثم يجلسن قريبا من المسجد فيذكرن اللّه عز و جل «9» و ما رواه زرارة «10» و ما رواه زيد الحشام «11» و ما رواه محمد بن مسلم «12»

______________________________

(1) لاحظ ص: 96

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) لاحظ ص: 96

(5) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 14

(6) لاحظ ص: 99

(7) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 17

(8) لاحظ ص: 144

(9) الوسائل الباب 40 من أبواب الحيض الحديث: 1

(10) نفس المصدر الحديث: 2

(11) نفس المصدر الحديث: 3

(12) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 189

______________________________

و ما رواه معاوية بن عمار «1».

و ما رواه الفضل بن يونس عن أبي الحسن الاول عليه السلام في حديث قال: و اذا رأت المرأة الدم بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة اقدام فلتمسك عن الصلاة «2» و ما رواه أبو عبيدة «3» و ما رواه أبو الورد «4» و ما رواه يونس بن يعقوب «5» و ما رواه سماعة «6».

و ما رواه منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: المرأة الحائض تحرم و هي و لا تصلي؟ قال: نعم اذا بلغت الوقت فلتحرم «7» و ما رواه يونس بن يعقوب «8» و ما رواه معاوية بن عمار «9».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشي حاضت أ تفطر؟

قال: نعم و ان كان وقت المغرب فلتفطر قال: و سألته عن امرأة رأت الطهر في أول النهار في شهر رمضان فتغتسل (لم تغتسل) و لم تطعم فما تصنع في ذلك اليوم؟ قال: تفطر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 48 من أبواب الحيض الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 6

(7) الوسائل الباب 48 من أبواب الاحرام الحديث: 1

(8) نفس المصدر الحديث: 2

(9) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 190

______________________________

ذلك اليوم فانما فطرها من الدم «1» و ما رواه عيص بن القاسم «2» و ما رواه محمد بن مسلم «3» و ما رواه منصور بن حازم «4» و ما رواه أبو بصير «5».

و ما رواه معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا بأس أن يقضي المناسك كلها علي غير وضوء الا الطواف بالبيت و الوضوء أفضل «6» و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أحدهما عليها السلام عن رجل طاف طواف الفريضة و هو علي غير طهور قال: يتوضأ و يعيد طوافه و ان كان تطوعا توضأ و صلي ركعتين «7» و سائر ما ورد في الباب 37 من أبواب الطواف من الوسائل.

و هذه النصوص كما تري متعرضة لاشتراط الصلاة و الصوم و الطواف بالخلو عن الحيض و أما الاعتكاف فلا يتحقق عن غير الصائم و قد فرض أن الصوم لا يصح مع الحيض.

ايقاظ: وقع الكلام بين القوم بأن حرمة العبادة علي الحائض ذاتية أو تشريعية؟ و لا أدري ما الوجه في عنوان هذا البحث فان النواهي الواردة في أبواب العبادات و المعاملات محمولة علي الارشاد الي

المانعية و منها المقام و عليه يكون المستفاد من هذه النواهي الارشاد الي مانعية الحدث و اشتراطها بالطهارة

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) الوسائل الباب 38 من أبواب الطواف الحديث: 1

(7) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 191

و تحرم عليها جميع ما يحرم علي الجنب مما تقدم (1).

______________________________

كبقية الموارد و تكون النتيجة ان حرمتها تشريعية و لا مجال للقول بكونها ذاتية.

(1) من الامور التي وقعت محل الكلام، مس الحائض لفظ اللّه و ما يمكن أن يقال في وجه الحرمة أمور:

الاول: أنه مناف للاحترام. و فيه: أن المحرم هتكه و تحقق الهتك بمجرد المس ممنوع.

الثاني: أنه يحرم علي الجنب و الحائض مشاركة معه في الاحكام. و فيه:

انه لا دليل عليها مضافا الي أن الحكم في الجنب محل الكلام لمعارضة الاخبار راجع ما ذكرنا في الفصل الثاني من المبحث الرابع من الغسل ذيل قوله:

«و مس اسم اللّه تعالي الخ».

الثالث: ما رواه سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: المرأة تري الدم و هي جنب أ تغتسل عن الجنابة؟ أو غسل الجنابة و الحيض واحد؟

قال: قد أتاها ما هو أعظم من ذلك «1» بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن الحيض أعظم من الجنابة فاذا ثبت حكم علي الجنب يترتب ذلك الحكم علي الحائض بطريق أولي.

و فيه: أنه ضعيف سندا بابن مرار مضافا الي ما مر من الاشكال في نفس الجنب. يضاف الي ذلك: أنه لا يبعد ان المستفاد من الرواية ان الحيض أعظم من الجنابة في اقتضاء الغسل فلا يرتبط بالمدعي.

الرابع:

ما رواه داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الحيض الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 192

______________________________

عن التعويذ يعلق علي الحائض؟ قال: نعم لا بأس قال: و قال: تقرأه و تكتبه و لا تصيبه يدها «1».

و فيه: أنه لا يمكن الاخذ باطلاقه اذ لم يفصل في الرواية بل حكم بالتحريم علي الاطلاق فلا بد من حمله علي التعويذ الخاص، فالحكم مبني علي الاحتياط هذا كله في لفظ الجلالة و أما الحكم بالحرمة بمس صفاته تعالي و كذا مس أسماء الانبياء و الائمة ففي غاية الاشكال لعدم الدليل.

و منها: مس كتابة القرآن و ادعي عليه الاجماع و قيل لم ينسب الخلاف الا الي الكاتب و ليس عليه نص ظاهرا لكن لا يبعد استفادة المطلوب من حديث أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن قرأ في المصحف و هو علي غير وضوء؟ قال: لا باس و لا يمس الكتاب «2» فان ادعاء الاولوية بالنسبة الي المقام ليس جزافا كما أن ادعاء تنقيح المناط القطعي في محله و اللّه العالم.

و أما الاستدلال بقوله تعالي: «لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» «3» فقد مر الاشكال في الاستدلال به في بحث الوضوء فراجع.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب و يقرءان من القرآن الا السجدة «4» فان قوله عليه السلام «يفتحان المصحف من

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب الوضوء الحديث: 1

(3) الواقعة/ 78

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب الجنابة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص:

193

______________________________

وراء الثوب» يقتضي حرمة مس الكتاب فلاحظ.

و منها: قراءة آيات السجدة قال سيد المستمسك: «استفاض نقل الاجماع عليه». و يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال:

قلت له: الحائض و الجنب هل يقرءان من القرآن شيئا؟ قال: نعم ما شاءا الا السجدة و يذكر ان اللّه علي كل حال «1».

و منها: اللبث في المساجد لما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قالا: قلنا له: الحائض و الجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال:

الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين ان اللّه تبارك و تعالي يقول:

و لا جنبا الا عابري سبيل حتي تغتسلوا «2».

و منها: وضع شي ء في المساجد لما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجنب و الحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟ قال: نعم و لكن لا يضعان في المسجد شيئا «3» و ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين الي أن قال: و يأخذان من المسجد و لا يضعان فيه شيئا قال زرارة: قلت له: فما بالهما يأخذان منه و لا يضعان فيه؟ قال: لأنهما لا يقدران علي أخذ ما فيه الا منه و يقدران علي وضع ما بيدهما في غيره «4».

و منها: الاجتياز من المسجدين لما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب الجنابة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 194

[مسألة 196: يحرم وطئها في القبل عليها]

(مسألة 196): يحرم وطئها

في القبل عليها (1).

______________________________

جعفر عليه السلام في حديث الجنب و الحائض: و يدخلان المسجد مجتازين و لا يقعدان فيه و لا يقربان المسجدين الحرمين «1».

و في الحاق المشاهد المشرفة بالمساجد اشكال لعدم الدليل و قد مر في بحث الجنابة ما له نفع في المقام فراجع.

(1) ما يمكن أن يستدل به عليه امور: الاول: الاجماع. و حال الاجماع المنقول من حيث عدم الاعتبار معلوم.

الثاني: أنه اعانة علي الاثم. و فيه: أولا أنه أخص من المدعي اذ ربما لا يكون حراما علي الزوج فلا تصدق الاعانة. و ثانيا: قد ذكرنا في محله أن الاعانة علي الاثم لا دليل علي حرمتها و انما المحرم التعاون عليه لقوله تعالي:

«وَ لٰا تَعٰاوَنُوا عَلَي الْإِثْمِ وَ الْعُدْوٰانِ» «2».

الثالث ما رواه محمد بن الحسين عن بعض أصحابنا أظنه عن محمد بن عبد اللّه بن هلال أو علي بن الحكم عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل يطلق امرأته متي تبين منه؟ قال:

حين يطلع الدم من الحيضة الثالثة تملك نفسها قلت: فلها أن تتزوج في تلك الحال؟ قال: نعم و لكن لا تمكن من نفسها حتي تطهر من الدم «3».

و فيه: أولا ان الراوي يظن و الظن لا يغني عن الحق شيئا. و ثانيا: أن محمد بن عبد اللّه بن هلال لم يوثق فالحكم مبني علي الاحتياط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 17

(2) المائدة/ 2

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 195

و علي الفاعل (1) بل قيل: انه من الكبائر (2) بل الاحوط وجوبا ترك ادخال بعض

______________________________

(1) بلا خلاف- كما في بعض الكلمات- و ادعي

عليه اجماع العلماء أو علماء الإسلام و تقتضي الحرمة الاية الشريفة و هي قوله تعالي: «فَاعْتَزِلُوا النِّسٰاءَ فِي الْمَحِيضِ وَ لٰا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّٰي يَطْهُرْنَ» «1».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلي فيها و لا يقربها بعلها فاذا جازت أيامها و رأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر و العصر الي أن قال: و هذه يأتيها بعلها الا في أيام حيضها «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المستحاضة الي أن قال و لا بأس أن يأتيها بعلها اذا شاء الا أيام حيضها فيعتزلها زوجها «3»

(2) قد ذكرنا في رسالة العدالة: أن اثبات كون معصية كبيرة يتوقف علي أحد امور:

الاول: أن يدل نص معتبر علي كونها كبيرة. الثاني: أن توعد عليها النار في الكتاب أو السنة. الثالث: أن يدل الكتاب أو السنة علي أنها أكبر و اعظم من احدي الكبائر. الرابع: أن تكون كبيرة عند المتشرعة و لا يبعد أن يكون وطي الحائض من الكبائر عندهم و تفصيل الكلام في هذا المجال يطلب من تلك الرسالة.

______________________________

(1) البقرة/ 223

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب الحيض الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 196

الحشفة أيضا (1).

أما وطؤها في الدبر فالاحوط وجوبا تركه (2) و لا بأس بالاستمتاع

______________________________

(1) الانصاف أن النصوص تفي باثبات المدعي فلاحظها تصدق منها: ما رواه عبد الملك بن عمرو قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ما لصاحب المرأة الحائض منها؟ فقال: كل شي ء ما عدا القبل منها بعينه «1».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن

أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الحائض ما يحل لزوجها منها؟ قال ما دون الفرج «2» الي غيرهما من الروايات الواردة في الباب 25 من أبواب الحيض من الوسائل فلاحظ.

(2) ربما يقال: بأن اطلاق الفرج يشمل الدبر و أيضا اطلاق قوله عليه السلام في رواية عمر بن يزيد: (و لا يوقب» «3» يقتضي الحرمة.

لكن يرد عليه: أولا: أن المنصرف من هذه المفاهيم القبل و ثانيا: أنه قد صرح بالجواز في «ما عدا القبل» في حديث عبد الملك «4» و ما عدا موضع الدم في حديث عبد اللّه بن بكير «5» «و ذلك الموضع» في حديث هشام بن سالم «6» فعلي القول بالجواز في الطاهر لا وجه للمنع عنه في الحائض و الاحتياط طريق النجاة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) قد مر آنفا

(5) الوسائل الباب 25 من أبواب الحيض الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 197

بغير ذلك (1) و ان كره بما تحت المئزر مما بين السرة و الركبة (2).

______________________________

(1) لعدم دليل علي المنع و القاعدة الاولية اجتهادا و فقاهة هو الجواز فلاحظ.

(2) لا يبعد أن يكون الالتزام بالكراهة بالنحو المذكور مقتضي الجمع بين النصوص الدالة علي الجواز فيما عدا القبل و بعض النصوص الدالة علي المنع لاحظ ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحائض و ما يحل لزوجها منها قال: تتزر بازار الي الركبتين و تخرج سرتها ثم له ما فوق الازار قال: و ذكر عن أبيه عليه السلام أن ميمونة كانت تقول: ان النّبيّ صلي اللّه عليه و

آله كان يأمرني اذا كنت حائضا أن أتزر بثوب ثم اضطجع معه في الفراش «1».

و مثله حديثه الاخر «2» فان الجمع العرفي بين الطائفتين بالنظر العرفي هو الكراهة. و ان أبيت عن الجمع العرفي فلنا أن نقول: الترجيح مع دليل الجواز للموافقة مع الكتاب فان مقتضي قوله تعالي: «إِلّٰا عَليٰ أَزْوٰاجِهِمْ» * «3» هو الجواز.

الا أن يقال: ان الاية ليست في مقام البيان من هذه الجهة فلا اطلاق لها فالترجيح مع دليل المنع حيث ان الجواز موافق مع العامة فالترجيح مع دليل الحرمة.

لكن لا يبعد أن يقال: ان الجواز بالمعني الاعم أمر واضح عند المتشرعة فلا مجال للمناقشة في اصل الجواز فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) المعارج/ 30

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 198

بل الاحوط استحبابا الترك (1) و اذا نقيت من الدم جاز وطؤها و ان لم تغتسل (2).

______________________________

(1) فانه نقل عن السيد أنه يحرم الاستمتاع بما بين السرة و الركبة و مع احتمال الحرمة لا اشكال في حسن الاحتياط سيما علي القول بشمول أخبار من بلغ لمثل المقام علي القول بأن مقتضاها الاستحباب.

(2) وقع الخلاف بينهم في جواز وطي المرأة قبل الغسل علي أقوال و المشهور جوازه علي كراهة.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان مقتضي الاية الشريفة و هي قوله تعالي:

فَإِذٰا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ «1» عدم الجواز اذ التطهر ظاهر في الاغتسال فمقتضي ذيل الاية عدم الجواز الا بعد الاغتسال و أما الصدر و هو قوله تعالي «وَ لٰا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّٰي يَطْهُرْنَ» «2» فحيث ان القراءات فيه مختلفة تكون النتيجة الاجمال فالمحكم هو الذيل.

و أما النصوص الواردة في المقام فمنها: ما رواه محمد بن مسلم عن

أبي جعفر عليه السلام في المرأة ينقطع عنها الدم دم الحيض في آخر أيامها قال: اذا أصاب زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثم يمسها ان شاء قبل أن تغتسل «3».

و مقتضي هذه الرواية جواز الوطء قبل الغسل بشرط الشبق و غسل الفرج.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن رجل يكون معه أهله في السفر فلا يجد الماء يأتي أهله؟ فقال: ما احب أن يفعل

______________________________

(1) البقرة/ 222

(2) البقرة/ 222

(3) الوسائل الباب 27 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 199

______________________________

ذلك الا أن يكون شبقا أو يخاف علي نفسه «1».

و مقتضي هذه الرواية الجواز مع تحقق الشبق و لا تدل علي عدم الجواز مع عدم الشبق بل انما تدل علي مطلق المرجوحية و الرواية ضعيفة.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا انقطع الدم و لم تغتسل فليأتها زوجها ان شاء «2».

و مقتضي هذه الرواية الجواز لكن سند الرواية مخدوش لضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال.

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الحائض تري الطهر أيقع فيها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال:

لا بأس و بعد الغسل أحب الي «3».

و هذه الرواية تدل علي الجواز لكن سند الرواية ضعيف بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن و في رواية الكليني ينتهي السند الي سلمة بن الخطاب و هو لم يوثق.

و منها ما أرسله عبد اللّه بن المغيرة عن العبد الصالح عليه السلام في المرأة اذا طهرت من الحيض و لم تمس الماء فلا يقع عليها زوجها حتي

تغتسل و ان فعل فلا بأس به و قال: تمس الماء أحب الي «4».

و هذه الرواية تدل علي الجواز لكنها ضعيفة للإرسال.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 199

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 200

______________________________

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن امرأة كانت طامثا فرأت الطهر أيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال: لا حتي تغتسل قال: و سألته عن امرأة حاضت في السفر ثم طهرت فلم تجد ماء يوما و اثنين أ يحل لزوجها أن يجامعها قبل أن تغتسل؟ قال: لا يصلح حتي تغتسل «1» و هذه الرواية تدل علي عدم الجواز و السند ضعيف.

و منها ما رواه سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

المرأة تحرم عليها الصلاة ثم تطهر فتوضأ من غير أن تغتسل أ فلزوجها أن يأتيها قبل أن تغتسل؟ قال: لا حتي تغتسل «2».

و هذا الحديث كحديث أبي بصير دلالة و سندا.

و منها: ما رواه أبو عبيدة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحائض تري الطهر و هي في السفر و ليس معها من الماء ما يكفيها لغسلها و قد حضرت الصلاة قال: اذا كان معها بقدر ما تغسل به فرجها فتغسله ثم يتيمم و تصلي قلت: فيأتيها زوجها في تلك الحال؟ قال: نعم اذا اغتسلت فرجها و تممت فلا بأس «3».

و هذه الرواية تدل علي الجواز مع قيد السفر و التيمم و

غسل الفرج و لكن سند الرواية ضعيف بسهل و الامر فيه ليس سهلا.

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 201

و لا يجب غسل فرجها قبل الوطء و ان كان أحوط (1).

[مسألة 197: الأحوط استحبابا للزوج دون الزوجة الكفارة عن الوطء]

(مسألة 197): الاحوط استحبابا للزوج دون الزوجة الكفارة عن الوطء (2).

______________________________

المرأة اذا تيممت من الحيض هل تحل لزوجها؟ قال: نعم «1».

و هذه الرواية تدل علي الجواز مع التيمم و لكن سند الرواية ضعيف.

و منها: ما رواه عبد الرحمن يعني ابن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة حاضت ثم طهرت في سفر فلم تجد الماء يومين أو ثلاثا هل لزوجها أن يقع عليها؟ قال: لا يصلح لزوجها أن يقع عليها حتي تغتسل «2».

و هذه الرواية تدل علي عدم الجواز قبل الغسل و مقتضي الصناعة أن يقيد ما يدل علي المنع بالتقييد الوارد في خبر ابن مسلم «3» و نقول: اذا كان شبقا يجوز بشرط غسل الفرج.

و في مجمع البحرين: الشبق هيجان الشهوة و كثرة الميل الي الجماع.

(1) قد ظهر بما ذكرنا أنه الاظهر.

(2) قد ادعي عليه الاجماع و نقل أنه المشهور بين المتقدمين. و العمدة النصوص الواردة في المقام فمن النصوص الدالة علي الوجوب ما رواه داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة الطمث انه يتصدق اذا كان في أوله بدينار و في وسطه نصف دينار و في آخره ربع دينار قلت: فان لم يكن عنده ما يكفر؟ قال فليتصدق علي مسكين واحد و الا استغفر اللّه

و لا يعود فان الاستغفار

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 198

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 202

______________________________

توبة و كفارة لكل من لم يجد السبيل الي شي ء من الكفارة «1» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أتي حائضا فعليه نصف دينار يتصدق به «2».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يقع علي امرأته و هي حائض ما عليه؟ قال: يتصدق علي مسكين بقدر شبعه «3».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ كسابقتها.

و منها: مرسل القمي قال: قال الصادق عليه السلام: من أتي امرأته في الفرج في أول أيام حيضها فعليه أن يتصدق بدينار و عليه ربع حد الزاني خمسة و عشرون جلدة و ان أتاها في آخر أيام حيضها فعليه أن يتصدق بنصف دينار و يضرب اثنتي عشرة جلدة و نصفا «4».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: مرسل الصدوق قال: روي أنه ان جامعها في أول الحيض فعليه أن يتصدق بدينار و ان كان في نصفه فنصف دينار و ان كان في آخره فربع دينار «5»

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 203

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال أيضا.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يأتي المرأة و هي حائض قال يجب عليه في استقبال الحيض دينار و في استدباره نصف

دينار قال: قلت: جعلت فداك يجب عليه شي ء من الحد؟

قال: نعم خمس و عشرون سوطا ربع حد الزاني لأنه أتي سفاحا «1».

و هذه الرواية ضعيفة بأبي حبيب.

و في المقام جملة من النصوص تدل علي وجوب الكفارة و لا بأس بأسنادها منها ما رواه عبد الكريم بن عمرو قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أني جاريته و هي طامث قال: يستغفر اللّه ربه قال (عبد الكريم) عبد الملك:

فان الناس يقولون: عليه نصف دينار فقال أبو عبد اللّه عليه السلام فليتصدق علي عشرة مساكين «2».

و هذه الرواية كما تري تدل علي وجوب التصدق علي عشرة مساكين لكن لا يخفي أن هذه الرواية موردها الجارية لا الزوجة فيمكن الالتزام بالكفارة في الجارية و أما بالنسبة الي الزوجة فلا.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عمن أتي امرأته و هي طامث قال: يتصدق بدينار و يستغفر اللّه تعالي «3».

و هذه الرواية تدل علي وجوب التصدق بدينار و يمكن الخدش في سندها بالوشاء و قد مر الكلام فيه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب بقية الحدود الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب الحيض الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 204

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل واقع امرأته و هي حائض؟ قال: ان كان واقعها في استقبال الدم فليستغفر اللّه و ليتصدق علي سبعة نفر من المؤمنين يقوت كل رجل منهم ليومه و لا يعد و ان كان واقعها في ادبار الدم في آخر أيامها قبل الغسل فلا شي ء عليه «1».

و هذه الرواية تدل علي وجوب التصدق علي سبعة نفر من المؤمنين اذا كان

الوطء في أول الحيض.

و في قبال هذه الروايات طائفة ثانية من النصوص تدل علي نفي الكفارة لاحظ ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل واقع امرأته و هي طامث قال: لا يلتمس فعل ذلك و قد نهي اللّه أن يقربها قلت:

فان فعل أ عليه كفارة؟ قال: لا أعلم فيه شيئا يستغفر اللّه «2».

و هذه الرواية تدل علي عدم شي ء عليه و حيث ان الروايات متعارضة و لا مرجح لأحد الاطراف علي غيره حيث ان ما يدل علي الوجوب يتعارض بعضه مع بعض كما تلاحظها فمقتضي القاعدة هو التساقط و بعد سقوطها بالمعارضة تصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه عدم وجوب شي ء.

و بعبارة واضحة: أنه ليس التعارض بين النفي و الاثبات كي يقال: الترجيح مع المثبت لان الثاني موافق مع قول العامة، بل التعارض موجود حتي في أدلة الاثبات كما تقدمت الاشارة اليه فالسقوط بالتعارض قهري.

الا أن يقال: بأن اختلاف الاخبار في تعيين الكفارة شاهد علي الاستحباب

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الكفارات الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 205

في أول الحيض بدينار و في وسطه بنصف دينار و في آخره بربع دينار (1) و الدينار هو (18) حمصة من الذهب المسكوك (2) و الاحوط استحبابا أيضا دفع الدينار نفسه مع الامكان (3).

______________________________

و النتيجة واحدة و هي عدم الوجوب نعم الرواية الواردة في الجارية لا معارض لها ظاهرا.

(1) لا دليل عليه إلا حديث داود بن فرقد «1» و هو مرسل و مثله مرسل الصدوق «2» فليس ما أفاده مستندا الي دليل معتبر فلاحظ.

(2) قال في الحدائق- في هذا المقام-: «قد

ذكر الاصحاب أن المراد بالدينار هو المثقال من الذهب المضروب الخالص» «3».

و قال في مجمع البحرين- في مادة «دنر» -: «تكرر في الحديث ذكر الدينار بالكسر و هو واحد الدنانير الذي هو مثقال من الذهب و عن ابن الاثير:

أن المثقال في العرف يطلق علي الدينار خاصة و أصله دنار بالتشديد فابدل» انتهي «4». و كون المثقال (18) حمصة هو المعروف بين القوم.

(3) وقع الكلام بين الاعلام في كفاية اعطاء القيمة و عدمها و استدل علي عدم الكفاية بأنه لا يصدق عنوان الدينار علي القيمة و لا التبر و ايد بعدم جواز اعطاء القيمة في باب الكفارات.

و اورد عليه: بأن العرف يفهم من الدينار الواقع في النصوص، القيمة

______________________________

(1) لاحظ ص: 201

(2) لاحظ ص: 202

(3) الحدائق ج 3 ص: 269

(4) مجمع البحرين ج 3 ص: 303

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 206

و الا دفع القيمة وقت الدفع (1) و لا شي ء علي الساهي و الناسي (2)

______________________________

و ايد بالامر بالنصف و الربع- علي ما في النص- و معلوم أن النصف و الربع باعتبار القيمة اذا لنصف و الربع لم يكونا مسكوكين و من الظاهر أنه لم يرد تسليط المستحق علي نفس الدينار بل المراد هو الدفع و هو منحصر بدفع القيمة.

و الظاهر أن ما افيد متين فيجوز دفع القيمة لكن لاحتمال لزوم العين يكون الاحتياط بدفع نفس الدينار- مع الامكان- مستحبا.

(1) لا اشكال في أن الواجب ليس هو القيمة فقط كي يقع البحث في أن المناط القيمة وقت تشريع الحكم أو وقت الاداء أو زمان الوطء أو أقل القيم أو أعلاها بل المستفاد من النص التخيير بين دفع العين و قيمتها بعنوان البدل مع الامكان أو مع التعذر و

عليه يكون المدار علي القيمة زمان الدفع فانه لا اشكال في كفاية دفع العين فاذا أراد المكلف الامتثال يجوز له دفع عين الدينار و له دفع قيمته فيكون بدله وقت الاداء قيمته في ذلك الوقت فلاحظ.

(2) فانه لا تكليف عليهما و مع عدم التكليف لا يتحقق العصيان فان المستفاد من النصوص أن الكفارة المجعولة بلحاظ تحقق العصيان لاحظ حديث داود بن فرقد «1» و غيره مضافا الي أن تناسب الحكم و الموضوع يقتضي جعل الكفارة علي العاصي تأديبا.

أضف الي جمع ذلك النص الخاص الدال علي الرفع مع النسيان و الخطأ لاحظ ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه

______________________________

(1) لاحظ ص: 201

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 207

و الصبي و المجنون (1) و الجاهل بالموضوع (2) أو الحكم (3).

______________________________

صلي اللّه عليه و آله: رفع عن امتي تسعة: الخطأ و النسيان الحديث «1».

(1) الكلام فيهما هو الكلام فانه مع عدم تحقق العصيان لا موضوع للكفارة مضافا الي النص الخاص الدال علي الرفع عنهما لاحظ ما رواه ابن ظبيان قال:

اتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فامر برجمها فقال علي عليه السلام: أما علمت أن القلم يرفع عن ثلاثة: عن الصبي حتي يحتلم و عن المجنون حتي يفيق و عن النائم حتي يستيقظ «2».

و ما رواه عمار الساباطي «3» و ما رواه محمد بن مسلم «4».

(2) فانه مع الجهل بالموضوع يكون التكليف مرتفعا كما هو المقرر عندهم و يدل عليه حديث الرفع المتقدم ذكره فلا موضوع للكفارة فلاحظ.

(3) أما مع القصور فواضح لعدم تحقق العصيان و أما مع التقصير فأفاد السيد الحكيم: بأنه تجب الكفارة لتحقق العصيان» و لكن لا يبعد

الالتزام بعدم الوجوب للنص الخاص و هو ما رواه عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي ء عليه «5» فان مقتضي اطلاق هذا الخبر أنه لا تجب عليه الكفارة و لا منافاة بين تحقق العصيان و عدم ثبوت الكفارة تفضلا من اللّه تعالي فما أفاده الماتن متين و طريق الاحتياط ظاهر.

______________________________

(1) جامع أحاديث الشيعة الباب 8 من أبواب المقدمات الحديث 3

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث 11

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب مقدمة العبادات الحديث 10

(5) الوسائل الباب 45 من أبواب تروك الاحرام الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 208

[مسألة 198: لا يصح طلاق الحائض و ظهارها اذا كانت مدخولا بها و لو دبرا]

(مسألة 198): لا يصح طلاق الحائض (1) و ظهارها (2) اذا كانت مدخولا بها (3) و لو دبرا (4).

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع و لعل ظهوره بمرتبة لا يحتاج الي تجشم الاستدلال و قد دلت عليه عدة نصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: أما طلاق السنة فاذا أراد الرجل أن يطلق امرأته فلينتظر بها حتي تطمث و تطهر فاذا خرجت من طمثها طلقها تطليقة من غير جماع و يشهد شاهدين ثم ذكر في طلاق العدة مثل ذلك «1».

(2) ادعي عليه الاجماع و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث أنه سأله كيف الظهار؟ فقال: يقول الرجل لامرأته و هي طاهر من غير جماع الحديث «2».

(3) ادعي عليه الاجماع و قد دلت جملة من النصوص علي أن خمسا يطلقن علي كل حال منها غير المدخول بها و من تلك النصوص ما رواه

اسماعيل بن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: خمس يطلقن علي كل حال:

الحامل المتبين حملها و التي لم يدخل بها زوجها و الغائب عنها زوجها و التي لم تحض و التي قد جلست عن المحيض «3».

(4) ما قيل في وجهه أمور: الاول: صدق الدخول و المواقعة و المس فيشمله الاطلاق.

و فيه: أن المنصرف اليه اللفظ هو الدخول في الفرج و الا فمطلق الدخول

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الظهار الحديث 2

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 209

و كان زوجها حاضرا أو في حكمه (1) الا أن تكون حاملا فلا بأس

______________________________

يصدق في غير الدبر أيضا و هو كما تري.

الثاني: صدق التقاء الختانين بناء علي تفسيره بالتحاذي اي تحاذي محل القطع من الرجل و المرأة.

و فيه: ان المبني فاسد فالبناء مثله.

الثالث: امكان سبق المني الي الرحم. و فيه: ان امكانه لا يكون دليلا علي هذا المدعي.

الرابع: انه احد المأتيين كما هو مفاد مرسل حفص بن سوقة عمن أخبره قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي أهله من خلفها قال: هو أحد المأتيين فيه الغسل «1».

و فيه: ان السند ضعيف مضافا الي معارضته بغيره من النصوص المذكورة في الباب 12 من أبواب الجنابة من الوسائل.

(1) فان الغائب و من في حكمه خارج بالدليل لاحظ حديث عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام رجل تزوج امرأة سرا من أهلها و هي في منزل أهلها و قد أراد أن يطلقها و ليس يصل اليها فيعلم طمثها اذا طمثت و لا يعلم طهرها اذا طهرت قال:

فقال عليه السلام هذا مثل الغائب عن أهله يطلق بالاهلة و الشهور «2» فالحاضر و من في حكمه داخل و مشمول لإطلاق الادلة فلا بد من رعاية الشروط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 210

به حينئذ (1) و اذا طلقها علي أنها حائض فبانت طاهرة صح و ان عكس فسد (2).

[مسألة 199: يجب الغسل من حدث الحيض لكل مشروط بالطهارة من الحدث الاكبر]

(مسألة 199): يجب الغسل من حدث الحيض لكل مشروط بالطهارة من الحدث الاكبر (3) و يستحب للكون علي الطهارة (4) و هو كغسل الجنابة في الكيفية من الارتماس و الترتيب (5).

______________________________

(1) لان الحامل أحد الخمسة التي يطلقن علي كل حال.

(2) اذا لحكم مترتب علي الموضوع الواقعي و الاعتقاد لا موضوعية له.

و لا يخفي ان الظاهر من عبارة الماتن أن الشرائط المذكورة في كلامه راجعة الي الطلاق.

(3) اذ المفروض ان الحيض حدث أكبر فلا بد من حصول الطهارة منه لكل مشروط بالطهارة منه و هذا ظاهر. و لا يخفي ان الوجوب المذكور في المتن وجوب مقدمي.

(4) لقوله تعالي: «إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» «1» و يؤيده ما رواه انس قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يا أنس أكثر من الطهور يزيد اللّه في عمرك و ان استطعت أن تكون بالليل و النهار علي طهارة فافعل فانك تكون اذا مت علي طهارة شهيدا «2».

(5) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص المذكورة في الباب 23 من أبواب الحيض من الوسائل منها: ما رواه الحلبي عن أبي

______________________________

(1) البقرة/ 222

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الوضوء الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 211

و الظاهر انه

يجزي عن الوضوء كغسل الجنابة (1).

______________________________

عبد اللّه عليه السلام قال: غسل الجنابة و الحيض واحد «1».

(1) المسألة اختلافية و الظاهر أن منشأ الخلاف اختلاف النصوص فان جملة من النصوص تقتضي الكفاية و عدم لزوم الوضوء منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: الغسل يجزي عن الوضوء و اي وضوء أطهر من الغسل «2».

و منها: ما رواه ابراهيم بن محمد أن محمد بن عبد الرحمن كتب الي أبي الحسن الثالث (عليه السلام) يسأله عن الوضوء للصلاة في غسل الجمعة فكتب لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة و لا في غيره «3».

و منها: ما رواه عمار الساباطي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل اذا اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك او بعده؟ فقال: لا ليس عليه قبل و لا بعد قد أجزأه الغسل و المرأة مثل ذلك اذا اغتسلت من حيض او غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل و لا بعد فقد أجزأها الغسل «4».

و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 33 من ابواب الجنابة. فان مقتضي هذه النصوص أن الغسل علي نحو الاطلاق يجزي عن الوضوء بل في حديث عمار قد صرح بكفاية غسل الحيض.

و في قبالها نصوص تنافيها منها ما رواه ابن أبي عمير عن رجل عن أبي

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 212

[مسألة 200: يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم في رمضان]

(مسألة 200): يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم في رمضان (1)

______________________________

عبد اللّه عليه السلام قال: كل غسل قبله

وضوء الا غسل الجنابة «1».

و هذه الرواية لاعتبار بها من جهة ارسالها.

و منها: ما رواه حماد بن عثمان أو غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

في كل غسل وضوء الا الجنابة «2».

و هذه الرواية أيضا يحتمل فيه الارسال فلا اعتبار بها.

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال:

اذا اردت أن تغتسل للجمعة فتوضأ و (ثم ل) اغتسل «3».

و هذه الرواية ضعيفة بسليمان بن الحسن مضافا الي ورودها في مورد خاص.

فالنتيجة: ان ما أفاده في المتن هو الصحيح.

(1) هذا من الواضحات و عن المعتبر انه مذهب فقهاء الإسلام و نحوه عن السرائر. و يدل عليه النص الخاص لاحظ ما رواه أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان السنة لا تقاس الا تري أن المرأة تقضي صومها و لا تقضي صلاتها «4».

و ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قضاء الحائض الصلاة ثم تقضي الصيام قال: ليس عليها أن تقضي الصلاة و عليها أن تقضي صوم

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 41 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 213

بل و المنذور في وقت معين علي الاقوي (1) و لا يجب عليها

______________________________

شهر رمضان ثم أقبل علي فقال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يأمر بذلك فاطمة عليها السلام و كان يأمر (و كانت تأمر) بذلك المؤمنات «1».

و ما رواه ابن راشد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الحائض تقضي الصلاة؟ قال: لا، قلت: تقضي الصوم قال: نعم قلت: من أين جاء هذا؟

قال: ان أول

من قاس ابليس «2». و غيرها من الروايات الواردة في الوسائل في الباب 41 من ابواب الحيض.

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي أمران: الاول: اطلاق ما دل علي وجوب قضاء الصوم و تحقيق هذه الجهة موكول الي كتاب الصوم.

الثاني: اطلاق نصوص الباب كحديث ابان بن تغلب «3» بتقريب ان المستفاد من هذا الحديث و أشباهه ان الحائض لا تقضي صلاتها و تقضي صومها.

لكن يمكن أن يقال: ان المستفاد من هذه النصوص ان القضاء اذا كان واجبا يفرق بين الصلاة و الصوم بالوجوب في الثاني دون الاول، لكن لا يستفاد من هذه النصوص تشخيص موارد الوجوب عن غيرها فالجزم بالوجوب كما في المتن مشكل.

هذا اذا كان المراد من النذر المعين النذر في وقت معين- كما لو نذرت أن تصوم في كل شهر خمسة أيام و أخرت حتي حاضت- و أما لو نذرت صوم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 212

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 214

قضاء الصلاة اليومية و صلاة الآيات و المنذورة في وقت معين (1).

[مسألة 201: الظاهر انها تصح طهارتها من الحدث الاكبر غير الحيض]

(مسألة 201): الظاهر انها تصح طهارتها من الحدث الاكبر غير الحيض فاذا كانت جنبا و اغتسلت عن الجنابة صح (2).

______________________________

اليوم المعين كالعاشر من الشهر فصادفت الحيض فالظاهر فساد النذر لكون متعلقه مرجوحا.

(1) كما صرح في النصوص الواردة في الباب المشار اليه.

بل يمكن أن يقال: بأن النذر المتعلق بالوقت المعين المصادف مع الحيض لا ينعقد لمرجوحية متعلقه.

(2) قال في العروة: «و أما الاغسال الواجبة فذكروا عدم صحتها منها و عدم ارتفاع الحدث مع الحيض».

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه عبد اللّه بن يحيي الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة

يجامعها زوجها فتحيض و هي في المغتسل تغتسل أولا تغتسل؟ قال: قد جاءها ما يفسد الصلاة فلا تغتسل «1» و ما رواه سعيد بن يسار «2».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن رجل أصاب من امرأة ثم حاضت قبل أن تغتسل قال: تجعله غسلا واحدا «3».

و هذه الروايات كما تري لا تدل علي المدعي بل يستفاد منها أمر آخر مضافا الي ضعف سند الثاني باسماعيل بن مرار و الثالث بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 191

(3) الوسائل الباب 43 من أبواب الجنابة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 215

و تصح منها الاغسال المندوبة حينئذ (1).

______________________________

و النقاش في الكاهلي في الاول.

أضف الي ذلك ما يدل علي الصحة في خصوص الجنابة لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل أن تغتسل قال ان شاءت أن تغتسل فعلت و ان لم تفعل فليس عليها شي ء فاذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض و الجنابة «1».

فالحق الصحة مطلقا للإطلاقات و عدم مقيد في المقام.

(1) عن الجواهر: «انه لا ينبغي الاشكال فيه لإطلاق ادلة مشروعيتها» و عن الشيخ الانصاري قدس سره: «انه حسن لعموم الادلة».

و ربما يقال: بعدم الجواز لعدم ترتب اثر عليه. و فيه: انه ان كان المراد من الاثر رفع حدث الحيض فلا كلام فيه و ان كان المراد عدم رفع ذلك الحدث الذي تحقق الاغتسال منه فهو عين المدعي.

و الحق ان الاطلاقات تشمل الحائض كغيرها مضافا الي ما ورد من الامر باغتسالها للإحرام لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب

قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحائض تريد الاحرام قال تغتسل و تستثفر و تحتشي بالكرسف و تلبس ثوبا دون ثياب احرامها و تستقبل القبلة و لا تدخل المسجد و تهل بالحج «2» و غيره مما ورد في الباب 48 من أبواب الاحرام من الوسائل.

و ربما يقال: ان المستفاد من حديث محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحائض تطهر يوم الجمعة و تذكر اللّه؟ قال: أما الطهر فلا

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الحيض الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 48 من أبواب الاحرام الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 216

و كذلك الوضوء (1).

[مسألة 202: يستحب لها التحشي و الوضوء في وقت كل صلاة واجبة و الجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة ذاكرة للّه تعالي]

(مسألة 202): يستحب لها التحشي و الوضوء في وقت كل صلاة واجبة و الجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة ذاكرة للّه تعالي (2) و الاولي لها اختيار التسبيحات الاربع (3).

______________________________

و لكنها توضأ في وقت الصلاة ثم تستقبل القبلة و تذكر اللّه تعالي «1» النهي عن اغتسالها للجمعة لكن لا يظهر من الحديث النهي عن الاغتسال بل الظاهر منه ان الطهارة لا تحصل لها بالوضوء و لا أقل من احتمال هذا المعني بحيث لا يكون مدعي الخصم مورد الظهور.

(1) للإطلاقات.

(2) كما دل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر (عبد اللّه) عليه السلام قال: اذا كانت المرأة طامثا فلا تحل لها الصلاة و عليها أن تتوضأ وضوء الصلاة عند وقت كل صلاة ثم تقعد في موضع طاهر فتذكر اللّه عز و جل و تسبحه و تهلله و تحمده كمقدار صلاتها ثم تفرغ لحاجتها «2».

(3) الظاهر ان الوجه في الاولوية في نظر الماتن اشتمال حديث معاوية «3» علي التهليل و التكبير و اشتمال حديث زرارة «4» علي التهليل

و التسبيح و التحميد و التسبيحات الاربع مشتملة للمذكورات و لكن الجزم باولوية هذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب الحيض الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 40 من أبواب الحيض الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) لاحظه قبل اسطر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 217

[مسألة 203: يكره لها الخضاب بالحناء و غيرها]

(مسألة 203): يكره لها الخضاب بالحناء و غيرها (1).

و حمل المصحف و لمس هامشه و ما بين سطوره و تعليقه (2).

______________________________

الترتيب و الحكم به مشكل نعم الاتيان بها بعنوان الرجاء لا بأس به كما هو ظاهر.

(1) الظاهر ان الوجه في الكراهة، الجمع بين الأحاديث المانعة و المجوزة لاحظ ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحائض هل تختضب؟ قال: لا لأنه يخاف عليها الشيطان «1».

و ما رواه محمد بن سهل بن اليسع عن أبيه قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة تختضب؟ و هي حائض قال: لا بأس به «2».

و الظاهر ان الاخبار المانعة كلها ضعيفة فلا وجه للحكم بالكراهة لاحظ الروايات في الباب 42 من أبواب الحيض و الباب 22 من أبواب الجنابة من الوسائل.

(2) الظاهر ان المدرك ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال: المصحف لا تمسه علي غير طهر و لا جنبا و لا تعلقه ان اللّه تعالي يقول: لا يمسه الا المطهرون «3» و الحديث ضعيف بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الحيض الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 12 من الوضوء الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 218

[المقصد الثالث الاستحاضة]

اشارة

المقصد الثالث الاستحاضة

[مسألة 204: دم الاستحاضة في الغالب أصفر بارد رقيق]

(مسألة 204): دم الاستحاضة في الغالب أصفر بارد (1) رقيق (2)

______________________________

(1) كما في حديث حفص «1» و قد وصف بالبرودة في حديث معاوية بن عمار «2» و قيد الغلبة باعتبار انه لا شبهة في أن دم الاستحاضة ربما لا يكون مجمعا للصفات المذكورة فانه لا اشكال في أنه كثيرا تكون المرأة مستحاضة مع عدم كون الدم بهذه الصفات و يظهر ما ذكرناه بمراجعة النساء.

(2) لا يبعد أن يستفاد من حديث علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن النفساء و كم يجب عليها ترك الصلاة؟ قال: تدع الصلاة ما دامت تري الدم العبيط الي ثلاثين يوما فاذا رق و كانت صفرة اغتسلت وصلت ان شاء اللّه «3».

و الاشكال في أنه لا يظهر من الخبران وجوب الصلاة لكون الدم استحاضة لا وجه له فانه الظاهر منه.

و يؤيده ما عن الدعائم: و دم الاستحاضة دم رقيق «4» و ما عن الرضوي:

ان دمها يكون رقيقا «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 112

(2) لاحظ ص: 112

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 16

(4) مستدرك الوسائل الباب 3 من أبواب الحيض الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 219

يخرج بلا لذع و حرقة عكس دم الحيض (1) و ربما كان بصفاته (2) و لا حد لكثيره و لا لقيله (3) و لا للطهر المتخلل بين أفراده (4) و يتحقق قبل البلوغ و بعده و بعد اليأس (5) و هو ناقض للطهارة بخروجه (6)

______________________________

(1) هذان راجعان الي وصف البرودة.

(2) نقل عليه الاتفاق كما اذا كان فاقدا لحدود الحيض.

(3) نقل عليه عدم الخلاف و الدليل عليه اطلاق الادلة.

(4) للإطلاق.

(5) قال المحقق في الشرائع: «كل دم

تراه المرأة أقل من ثلاثة أيام و لم يكن دم قرح و لا جرح فهو استحاضة» الي أن قال: «أو مع اليأس أو قبل البلوغ» «1».

و الذي يمكن أن يقال في مقام الاستدلال علي المدعي: ان الشارع الاقدس أعطي ضابطا لتميز دم الاستحاضة عن غيره بذكر الصفات العارضة له كما مر ذكرها آنفا و لا وجه لاختصاصه بالبلوغ و قبل اليأس بل مقتضي الاطلاق عدم الفرق فما أفاده في المتن يوافق الفتوي و النص كليهما.

(6) كما تدل عليه النصوص الواردة في المقام لاحظ ما رواه معاوية بن عمار «2» فانه يستفاد منه و غيره ان دم الاستحاضة بخروجه يوجب الحدث و ينقض و من الظاهر ان العرف يسوي بين خروجه بنفسه و بعلاج.

______________________________

(1) الشرائع ج 1 ص: 32

(2) لاحظ ص: 153

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 220

و لو بمعونة القطنة (1) من المحل المعتاد بالاصل أو بالعارض و في غيره اشكال (2) و يكفي في بقاء حدثيته بقائه في باطن الفرج بحيث يمكن اخراجه بالقطنة و نحوها (3).

و الظاهر عدم كفاية ذلك في انتقاض الطهارة به كما تقدم في الحيض (4).

[مسألة 205: الاستحاضة علي ثلاثة أقسام: قليلة و متوسطة و كثيرة]

(مسألة 205) الاستحاضة علي ثلاثة أقسام: قليلة و متوسطة

______________________________

و بعبارة اخري: يفهم من النصوص ان الناقض خروج الدم بلا فرق بين أقسام الخروج فلاحظ.

(1) قد ظهر الوجه فيه.

(2) قد مر الكلام حول هذه الجهات في بحث غسل الجنابة فراجع فان ملاك البحث واحد.

(3) يظهر ما أفاده من نصوص الاختبار و استدخال القطنة لاحظ ما رواه عبد الرحمن «1» بن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: و لتغتسل و لتستدخل كرسفا فان ظهر عن (علي) الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفا آخر ثم تصلي فاذا كان دما

سائلا فلتؤخر الصلاة الي الصلاة ثم تصلي صلاتين بغسل واحد و كل شي ء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها و لتطف بالبيت «2» فانه يستفاد منه و نحوه انه يكفي بقاء الدم في الداخل فلاحظ.

(4) و قد تقدم الكلام عليه فراجع.

______________________________

(1) قد أوردنا صدر الرواية في ص: 152

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 221

و كثيرة (1) الاولي ما يكون الدم فيها قليلا بحيث لا يغمس القطنة.

الثانية: ما يكون فيها أكثر من ذلك بأن يغمس القطنة و لا يسيل. الثالثة:

ما يكون فيها أكثر من ذلك بأن يغمسها و يسيل منها (2).

[مسألة 206: الأحوط لها الاختبار حال الصلاة بادخال القطنة في الموضع المتعارف و الصبر عليها بالمقدار المتعارف]

(مسألة 206): الاحوط لها الاختبار حال الصلاة بادخال القطنة في الموضع المتعارف و الصبر عليها بالمقدار المتعارف (3)

______________________________

(1) تقسيم الاستحاضة الي الاقسام المذكورة من واضحات الفقه و كونه بمرتبة من الظهور لا يحتاج الي تجشم الاستدلال قال في الحدائق: «لا يخفي ان المستحاضة اما أن يثقب دمها الكرسف أولا و علي الاول فاما يسيل أولا فان لم يثقب الكرسف فهي قليلة و ان ثقب و لم يسل عنه فهي متوسطة و ان سال فهي كثيرة فهاهنا أقسام ثلاثة الخ».

(2) هذه الخصوصيات تستفاد من النصوص الواردة في المقام كما ستمر عليك ان شاء اللّه تعالي.

(3) يظهر من بعض النصوص وجوب الاختبار لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «1» و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الحائض اذا رأت دما بعد أيامها التي كانت تري الدم فيها فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين ثم تمسك قطنة فان صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين كل صلاتين بغسل و يصيب منها زوجها ان أحب

و حلت لها الصلاة «2».

فان هذين الحديثين يدلان بظهورهما علي وجوب الاختبار و الظاهر منهما

______________________________

(1) لاحظ ص: 152 و 220

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 222

و اذا تركته عمدا أو سهوا و عملت فان طابق عملها الوظيفة اللازمة لها صح و الا بطل (1).

[مسألة 207: حكم القليلة وجوب تبديل القطنة أو تطهيرها]

(مسألة 207) حكم القليلة وجوب تبديل القطنة أو تطهيرها (2) علي الاحوط وجوبا (3) و وجوب الوضوء لكل صلاة (4).

______________________________

الغاء الاصول العملية الجارية في المقام فلا يجوز اجراء البراءة عن التكليف الزائد كما انه لا يجوز الاخذ بالاستصحاب و الاكتفاء بمقتضاه و أما لو احتاطت فليس عليها شي ء و تصح أعمالها كما أنه لو عملت رجاء و صادف الواقع يصح كما في المتن فما ذكره من الاحتياط قد ظهر وجهه و ضعفه لأنه قد ظهر مما ذكرنا وجوب الاختبار فلا تغفل.

(1) الامر كما أفاده كما ذكرنا و بينا فلاحظ.

(2) علي المشهور و نقل عليه الاجماع و يظهر منهم انه لا دليل عليه بالخصوص و قياس المقام علي المتوسطة بلا وجه و حال الاجماع ظاهر.

ان قلت: ان حمل النجس في الصلاة غير جائز قلت: انه أول الكلام مضافا الي أنه داخل فيما لا تتم فيه الصلاة أضف الي ذلك أن المتلوث في الداخل و هو خارج عن محل المنع.

(3) اذ خلاف الاجماع المدعي في المقام مشكل فيلزم الاحتياط.

(4) نسب الي الشهرة بل نقل عليه الاجماع و العمدة النصوص الواردة في المقام و هي علي طوائف:

الاولي: ما يدل علي وجوب الاغسال الثلاثة علي المستحاضة علي الاطلاق مثل ما رواه عبد اللّه بن سنان «1».

______________________________

(1) لاحظ ص: 154

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 223

______________________________

الثانية: ما يدل علي أن

المستحاضة بالقليلة و المتوسطة تغتسل مرة واحدة مثل ما رواه زرارة قال: قلت له: النفساء متي تصلي؟ فقال: تقعد بقدر حيضها و تستظهر بيومين فاذا انقطع الدم و الا اغتسلت و احتشت و استثفرت (و استذفرت) وصلت فان جاز الدم الكرسف تعصبت و اغتسلت و احتشت ثم صلت الغداة بغسل و الظهر و العصر بغسل و المغرب و العشاء بغسل و ان لم يجز الدم الكرسف صلت بغسل واحد قلت: و الحائض؟ قال: مثل ذلك سواء فان انقطع عنها الدم و الا فهي مستحاضة تصنع مثل النفساء سواء ثم تصلي و لا تدع الصلاة علي حال فان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: الصلاة عماد دينكم «1».

الثالثة: ما يدل علي أن المستحاضة القليلة تتوضأ لكل صلاة مثل ما رواه معاوية بن عمار «2».

الرابعة: ما يتوهم منه وجوب الغسل علي صاحبة القليلة في كل يوم مرة و الوضوء لكل صلاة مثل ما رواه سماعة قال: قال: المستحاضة اذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين و للفجر غسلا و ان لم يجز الدم الكرسف فعليها لكل يوم مرة و الوضوء لكل صلاة و ان أراد زوجها أن يأتيها فحين تغتسل هذا ان كان دمها عبيطا و ان كان صفرة فعليها الوضوء «3».

الخامسة: ما يدل علي وجوب الوضوء للصفرة علي الاطلاق مثل ما رواه

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 153

(3) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 224

______________________________

محمد بن مسلم «1» و ما رواه علي بن جعفر «2».

السادسة: ما يدل علي وجوب الاغسال الثلاثة للصفرة مثل ما رواه اسحاق بن عمار «3» و ما رواه عبد الرحمن

بن الحجاج قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن امرأة نفست فمكثت ثلاثين يوما أو أكثر ثم طهرت وصلت ثم رأت دما أو صفرة قال: ان كانت صفرة فلتغتسل و لتصل و لا تمسك عن الصلاة «4».

السابعة: ما يدل علي التفصيل بين الصفرة القليلة و الكثيرة مثل ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الحبلي قد استبان حبلها تري ما تري الحائض من الدم قال: تلك الهراقة من الدم ان كان دما أحمر كثيرا فلا تصلي و ان كان قليلا أصفر فليس عليها الا الوضوء «5».

لكن هذه الرواية ضعيفة سندا فلا اعتبار بها.

و مقتضي الجمع بين هذه الاخبار أن يقيد خبر ابن سنان اي الطائفة الاولي الدالة علي وجوب الغسل علي المستحاضة علي الاطلاق بالطائفة الثالثة الدالة علي وجوب الوضوء لكل صلاة علي صاحبة القليلة كما ان مقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد، تقييد الطائفة الثانية الدالة بالاطلاق علي وجوب الغسل مرة علي المتوسطة و القليلة بالطائفة الثالثة.

و أما رواية سماعة و هي الطائفة الرابعة التي توهم دلالتها علي وجوب

______________________________

(1) لاحظ ص: 107

(2) لاحظ ص: 146

(3) لاحظ ص: 114

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب النفاس الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 225

فريضة كانت أو نافلة (1).

______________________________

الغسل علي صاحبة القليلة في كل يوم مرة، فدلالتها علي ما توهم مبني علي حمل الشرطية الثانية علي عدم ثقب الدم الكرسف و الحال انه ليس أولي من العكس و هو حمل الشرطية الاولي علي تجاوز الدم من الكرسف بل قيل: «الثاني أظهر» سيما مع قوله عليه السلام: «هذا ان كان دمها عبيطا و ان كان صفرة فعليها

الوضوء» فانه يستفاد من هذا التعبير ان المراد بالصفرة، القليلة بالاستعمال المشهور لظهوره في كون الدم لقلته لا يري إلا لونا محضا بلا جوهرية له و بهذه الطائفة تقيد الطائفة السادسة الدالة علي وجوب الاغسال الثلاثة للصفرة.

و أما الطائفة الخامسة الدالة علي وجوب الوضوء للصفرة علي الاطلاق فلا بد من رفع اليد عن اطلاقها بما دل علي وجوب الغسل للمتوسطة و الكثيرة.

(1) نقل عن جملة من الاعاظم التسوية بين الفريضة و النافلة بل عن بعض دعوي الاجماع علي كون دم الاستحاضة حدثا مطلقا.

ان قلت: لم تثبت حدثية الاستحاضة الا بمعني كونها موجبة للوضوء في الجملة لا مطلقا فكون الخارج بعد الوضوء مؤثرا في المنع علي الاطلاق الا ما خرج بالدليل، يحتاج الي الدليل.

قلت: ان الظاهر من النصوص كونها حدثا فان الامر بالغسل أو الوضوء عقيب شي ء ظاهر في كون ذلك الشي ء حدثا و ارشادا اليه كما ان الامر بغسل شي ء عقيب الملاقاة مع الشي ء الكذائي دليل علي نجاسة الملاقي بالفتح.

و يشهد للمدعي ما رواه معاوية بن عمار «1» فان هذه الرواية بظاهرها

______________________________

(1) لاحظ ص: 153

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 226

______________________________

تقتضي وجوب الوضوء لكل صلاة بلا فرق بين الفريضة و النافلة.

و يؤيد المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع؟ قال: تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة فلتغتسل و تستوثق من نفسها و تصلي كل صلاة بوضوء ما لم ينفد (يثقب) الدم فاذا نفد اغتسلت وصلت «1».

و ربما يستفاد من حديث الصحاف كفاية الوضوء في وقت كل صلاة روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث حيض الحامل قال: و اذا رأت الحامل الي

أن قال و ان لم ينقطع الدم عنها الا بعد ما تمضي الايام التي كانت تري الدم فيها بيوم أو يومين فلتغتسل ثم تحتشي و تستذفر و تصلي الظهر و العصر ثم لتنظر فان كان الدم فيما بينها و بين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتوضأ و لتصل عند وقت كل صلاة ما لم تطرح الكرسف عنها فان طرحت الكرسف عنها فسال الدم وجب عليها الغسل و ان طرحت الكرسف عنها و لم يسل الدم فلتوضأ و لتصل و لا غسل عليها قال: و ان كان الدم اذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيبا لا يرقي فان عليها أن تغتسل في كل يوم و ليلة ثلاث مرات و تحتشي و تصلي و تغتسل للفجر و تغتسل للظهر و العصر و تغتسل للمغرب و العشاء الآخرة قال: و كذلك تفعل المستحاضة فانها اذا فعلت ذلك أذهب اللّه بالدم عنها «2».

لكن لا يمكن رفع اليد عما يدل باطلاقه بل بعمومه علي وجوب الوضوء لكل صلاة فان غاية ما يستفاد من حديث الصحاف وجوب الوضوء لكل فريضة

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 227

دون الاجزاء المنسية (1) و صلاة الاحتياط فلا يحتاج فيها الي تجديد وضوء أو غيره (2).

[مسألة 208: حكم المتوسطة مضافا إلي ما ذكر من الوضوء]

(مسألة 208): حكم المتوسطة مضافا الي ما ذكر من الوضوء (3) و علي الاحوط تجديد القطنة أو تطهيرها لكل صلاة (4).

______________________________

و ليس له مفهوم و علي فرض اشعاره بعدم الوجوب يرفع اليد عنه بحديث معاوية الدال علي الوجوب لكل صلاة.

أضف الي ذلك ان مقتضي الاصل هو الوجوب مطلقا اذ المفروض ان دم الاستحاضة حدث بمقتضي النص و

الفتوي كما تقدم و نشك في حصول الطهارة بدون الوضوء فلاحظ.

(1) اذ لا تخرج عن كونها أجزاء صلاتية فلا يجب التجديد لها.

(2) الظاهر ان صلاة الاحتياط تكون من توابع الصلاة كالأجزاء المنسية فلا تشملها النصوص الآمرة بالوضوء و غيره و مقتضي اصالة البراءة عدم الوجوب.

(3) يظهر من بعض الاصحاب انه لا خلاف في وجوب الوضوء لما عدا صلاة الغداة و أما لها فعن جملة من الاصحاب: عدم الوجوب و يدل علي الوجوب ما رواه سماعة «1» فانه صرح في هذه الرواية بوجوب الوضوء لكل صلاة.

(4) لا يبعد أن يكون المدرك ما رواه عبد الرحمن «2» بتقريب ان المستفاد من الرواية انه لو ظهر الدم علي الكرسف وجب التبديل أو التطهير بلا اختصاص بصلاة دون اخري و يمكن أن يكون الوجه في الاحتياط دون الجزم انه لا اطلاق

______________________________

(1) لاحظ ص: 223

(2) لاحظ ص: 220

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 228

غسل (1) قبل صلاة الصبح (2) قبل الوضوء أو بعده (3).

[مسألة 209: حكم الكثيرة مضافا الي وجوب تجديد القطنة و الغسل للصبح غسلان آخران]

(مسألة 209): حكم الكثيرة مضافا الي وجوب تجديد القطنة

______________________________

للرواية فلاحظ.

(1) لا خلاف بين الاصحاب في وجوب الغسل علي المتوسطة انما الخلاف في الاكتفاء بغسل واحد أو وجوب الاغسال الثلاثة كالكثيرة فالمشهور هو الاول و عن بعض الثاني و استدل علي الثاني بما رواه معاوية بن عمار «1» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية وجوب الاغسال الثلاثة فيما يثقب الدم الكرسف و يدل علي القول المشهور حديثا زرارة و عبد الرحمن «2» و اطلاقهما و ان كان شاملا للقليلة لكن يقيدان بما دل علي كفاية الوضوء فيها.

(2) النصوص الدالة علي وجوب الغسل و ان لم يصرح فيها بكون الغسل قبل صلاة الفجر الا انه لا يبعد كونها ظاهرة فيه

لظهورها في كون وجوب الغسل وجوبا غيريا للصلاة لا نفسيا و في كونه شرطا في جميع الصلوات لا بعضها و في كونه ملحوظا بنحو الشرط المتقدم فاذا كانت دالة علي وجوب فعله قبل صلوات اليوم باجمعها تعين فعله قبل صلاة الصبح لأنها أول صلوات اليوم بمقتضي الاطلاق اذ لو أتي بعد الصبح قبل الظهر أو بعدها كان مأتيا به قبل صلوات خمس من يومين لا من يوم واحد.

مضافا الي أن فعله للصبح مما ادعي عليه الاجماع بل عن الشيخ الانصاري:

ان عليه الضرورة.

(3) للإطلاق المنعقد في النصوص فان مقتضاه عدم الفرق.

______________________________

(1) لاحظ ص. 153

(2) لاحظ ص: 223 و 220

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 229

علي الاحوط (1) و الغسل للصبح غسلان آخران أحدهما للظهرين تجمع بينهما و الاخر للعشاءين كذلك (2) و لا يجوز لها الجمع بين أكثر من صلاتين بغسل واحد (3) و يكفي للنوافل أغسال الفرائض (4).

______________________________

(1) استدل عليه بالإجماع و بما رواه عبد الرحمن «1» فان هذه الرواية تدل علي التبديل في الكثيرة بالاولوية و بما رواه صفوان «2».

لكن حال الاجماع في الاشكال واضح و أما الرواية الاولي فقد مر الاشكال في اطلاقها لكن لا اشكال في الاولوية و أما الرواية الثانية فالظاهر انه لا بأس بدلالتها علي المدعي فلا وجه لعدم الجزم و اللّه العالم.

(2) ادعي عليه الاجماع و عن المعتبر انه قال: «و ان سال لزمها ثلاثة أغسال هذا متفق عليه عند علمائنا» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عبد الرحمن «3» و منها ما رواه معاوية بن عمار «4» و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «5» و منها ما رواه زرارة «6».

(3) لأنه خلاف صريح

النصوص الواردة في المقام.

(4) ادعي عليه الاجماع و قال سيد المستمسك قدس سره: «النصوص قاصرة

______________________________

(1) لاحظ ص: 220

(2) لاحظ ص: 138

(3) لاحظ ص: 220

(4) لاحظ ص: 153

(5) لاحظ ص: 154

(6) لاحظ ص: 223

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 230

و لا يجب لكل صلاة منها الوضوء (1) بل الظاهر عدم وجوبه للفرائض أيضا (2) و ان كان الاحوط استحبابا أن تتوضأ لكل غسل (3).

[مسألة 210: إذا حدثت المتوسطة بعد صلاة الصبح وجب الغسل للظهرين]

(مسألة 210): اذا حدثت المتوسطة بعد صلاة الصبح وجب الغسل للظهرين و اذا حدثت بعدهما وجب الغسل للعشاءين و اذا

______________________________

عن اثبات المدعي نعم قد يشير اليه بعضها لاحظ رواية اسماعيل «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن خالد الطيالسي لكن الظاهر ان النصوص ليست قاصرة عن اثبات المدعي فانها في مقام بيان وظيفة الكثيرة و عدم بيان أمر في مقام البيان يدل علي عدم وجوبه بل صرح في حديث عبد الرحمن أنه يحل لها كل شي ء يحل معها الصلاة و فرع عليها قوله عليه السلام:

«فليأتها زوجها و لتطف بالبيت» «2» فيفهم من الحديث انها اذا عملت بوظيفتها يحل لها كل شي ء مشروط بالطهارة.

(1) لما ذكرنا فان مقتضي اطلاق النصوص و عدم التعرض للوضوء للنافلة عدم وجوبه.

(2) الامر كما أفاده لاحظ ما رواه معاوية «3» فان التقسيم قاطع للشركة فانه عليه السلام قسم الدم الي ما يثقب و جعل الغسل للثاقب و الوضوء لغيره فلا يجب للثاقب.

(3) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 155

(2) لاحظ ص: 220

(3) لاحظ ص: 153

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 231

حدثت بين الظهرين أو العشاءين وجب الغسل للمتأخرة منهما و اذا حدثت قبل صلاة الصبح و لم تغتسل لها عمدا أو سهوا وجب الغسل

للظهرين و عليها اعادة صلاة الصبح و كذا اذا حدثت أثناء الصلاة وجب استئنافها بعد الغسل و الوضوء (1).

[مسألة 211: اذا حدثت الكبري بعد صلاة الصبح وجب الغسل الظهرين و آخر للعشاءين]

(مسألة 211): اذا حدثت الكبري بعد صلاة الصبح وجب الغسل الظهرين و آخر للعشاءين و اذا حدثت بعد الظهرين وجب غسل واحد للعشاءين و اذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين وجب الغسل للمتأخرة منهما (2).

[مسألة 212: اذا انقطع دم الاستحاضة انقطاع برء قبل الاعمال وجبت تلك الاعمال]

(مسألة 212): اذا انقطع دم الاستحاضة انقطاع برء قبل الاعمال وجبت تلك الاعمال و لا اشكال (3) و ان كان بعد الشروع في

______________________________

(1) الوجه فيما أفاده ان المستفاد من النص كما تقدم ان المتوسطة حدث يوجب الغسل بنحو الشرط المتقدم لجميع صلوات اليوم فكلما حدثت يترتب عليه الحكم و لا خصوصية الحدوث قبل صلاة الفجر و لازم كونها حدثا انه لو لم تغتسل وصلت عمدا أو سهوا تكون صلاتها باطلة و تحتاج الي الاعادة او القضاء لعدم شمول دليل لا تعاد للطهور كما انه لو حدثت أثناء الصلاة توجب البطلان.

(2) الامر كما أفاده و قيل: انه لا خلاف فيه فان المستفاد من النصوص انه يجب للكثيرة لكل صلاتين غسل.

(3) اذا لمفروض ان المستفاد من الادلة ان دم الاستحاضة حدث و يوجب الاعمال المذكورة في النصوص من الوضوء و الغسل فاذا فرضنا ان وجوده

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 232

الاعمال قبل الفراغ من الصلاة استأنفت الاعمال و كذا الصلاة ان كان الانقطاع في أثنائها (1) و ان كان بعد الصلاة اعادت الاعمال و الصلاة (2) و هكذا الحكم اذا كان الانقطاع انقطاع فترة تسع الطهارة و الصلاة (3).

______________________________

يقتضي شيئا كان الامر كذلك بعد انقطاعه.

و بعبارة اخري: المستفاد من نصوص الباب ان المستحاضة محدثة غاية الامر يحكم عليها بالطهارة بعد اتيانها بوظائفها المقررة و يترتب عليه انه لو انقطع الدم يجب عليه ترتيب ما يوجبه الحدث من الغسل و الوضوء.

(1) اذ المفروض انه

حدث فمع قطعه لا بد من رفعه بما يوجب رفعه اذ لا صلاة الا بطهور.

(2) فان ما أتي به عمل اضطراري و لا دليل علي اجزاء العمل الاضطراري مع امكان الاتيان بالاختياري.

و ربما يقال: بانه لا دليل علي كون الدم حدثا مطلقا حتي لو كان بعد الغسل قبل اتمام الصلاة فلا وجه للاستئناف، و لذا نقل عن المعتبر أن خروج دمها بعد الطهارة معفو عنه فلم يكن مؤثرا في نقض الطهارة.

لكن الانصاف ان مقتضي نصوص الباب بحسب الفهم العرفي منها كون دمها حدثا علي الاطلاق.

(3) اذ المفروض انه يمكن الاتيان بالعمل الاختياري فلا موضوع للاضطراري و قد تقدم آنفا انه لا مجال للإشكال في حدثية الدم علي الاطلاق بان يقال انه لا دليل علي حدثية الدم حتي الخارج بعد الغسل و قلنا ان المستفاد من الادلة ان الدم حدث و ناقض للطهارة.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 233

بل الاحوط ذلك أيضا اذا كانت الفترة تسع الطهارة و بعض الصلاة (1) أو شك في ذلك (2) فضلا عما اذا شك في أنها تسع الطهارة و تمام الصلاة أو أن الانقطاع لبرء أو فترة تسع الطهارة و بعض

______________________________

ان قلت: ان الفترة في الغالب و عدم التعرض لها و اطلاق الحكم بالصلاة مع الوظائف يدل علي عدم وجوب رعاية الفترة.

قلت: أولا: الغلبة محل الكلام، بل أنكرها بعض، و ثانيا: ان ثبوت الاطلاق المقامي بنحو يعتمد عليه في رفع اليد عن القواعد الاولية، ممنوع اذ مصب النصوص بيان وظائف استمرار الدم و لذا عبر بالوضوء لكل صلاة و بالاغسال الثلاثة.

ان قلت الفترة بمنزلة العدم لان حدثية الدم قائمة بوجوده بالقوة و لذا نقل عن الشهيد انه قال: «الانقطاع للفترة لا

يؤثر في الطهارة لأنه بعوده بعد ذلك كالموجود.

و يرد عليه: انه خلاف ظاهر المستفاد من الادلة و هو ان الدم بوجوده ناقض و في زمان الفترة لا أثر من الحدث فيمكن تحصيل الطهارة.

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في نظر الماتن ان الضرورات تقدر بقدرها.

و بعبارة اخري: يجب الاتيان بالصلاة مع الطهور فلو أمكن اتيانها بتمامها مع الطهور وجب و ان لم يمكن فيجب بالمقدار الممكن.

(2) اذ مع الالتزام بوجوب الرعاية و لو في الجملة فمع الشك تجب الرعاية اذ مرجع الشك الي الشك في القدرة علي الاتيان بالعمل الاختياري و مع الشك لا بد من الرعاية اذ يشك في تحقق موضوع العمل الاضطراري. أضف الي ذلك ان جريان البراءة في صورة الشك في القدرة، محل الكلام و الاشكال.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 234

الصلاة (1).

[مسألة 213: إذا علمت المستحاضة أن لها فترة تسع الطهارة و الصلاة وجب تأخير الصلاة اليها]

(مسألة 213): اذا علمت المستحاضة ان لها فترة تسع الطهارة و الصلاة وجب تأخير الصلاة اليها (2) و اذا صلت قبلها بطلت صلاتها و لو مع الوضوء و الغسل (3) و اذا كانت الفترة في أول الوقت فأخرت الصلاة عنها عمدا أو نسيانا عصت (4) و عليها الصلاة بعد فعل وظيفتها (5).

[مسألة 214: إذا انقطع انقطاع برء و جددت الوظيفة اللازمة لها لم تجب المبادرة إلي فعل الصلاة]

(مسألة 214): اذا انقطع انقطاع برء و جددت الوظيفة اللازمة لها لم تجب المبادرة الي فعل الصلاة بل حكمها حينئذ حكم الطاهرة في جواز تأخير الصلاة (6).

[مسألة 215: إذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين]

(مسألة 215): اذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين و لم

______________________________

(1) قد ظهر مما ذكرنا وجه الاولوية.

(2) اذ مع امكان الاتيان بالوظيفة الاختيارية لا تصل النوبة الي الاضطرارية.

(3) اذ المفروض ان الحدث موجود و معه لا تصح الصلاة الا مع الضرورة و المفروض انتفائها نعم لو صلت رجاء لاحتمال عدم الانقطاع و لم ينقطع كانت صلاتها صحيحة.

(4) لا وجه لتحقق العصيان مع النسيان العذري و أما مع العمد فمقتضي القاعدة تحققه اذا لمفروض عدم الاتيان بالوظيفة الاختيارية مع امكان الاتيان بها.

(5) اذ المفروض تحقق الحدث فلا بد من فعل ما هي الوظيفة.

(6) اذ لا مقتضي للتعجيل فانها كبقية أفراد المكلفين.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 235

تجمع بينهما عمدا أو لعذر وجب عليها تجديد الغسل للعصر و كذا الحكم في العشاءين (1).

[مسألة 216: إذا انتقلت الاستحاضة من الأدني إلي الأعلي]

(مسألة 216): اذا انتقلت الاستحاضة من الادني الي الاعلي كالقليلة الي المتوسطة أو الي الكثيرة و كالمتوسطة الي الكثيرة فان كان قبل الشروع في الاعمال فلا اشكال في أنها تعمل عمل الاعلي للصلاة الآتية (2) و أما الصلاة التي فعلتها قبل الانتقال فلا اشكال في عدم لزوم أعادتها (3) و ان كان بعد الشروع في الاعمال فعليها الاستيناف و عمل الاعمال التي هي وظيفة الاعلي كلها و كذا اذا كان الانتقال في أثناء الصلاة فتعمل اعمال الاعلي و تستأنف الصلاة بل يجب الاستئناف حتي اذا كان الانتقال من المتوسطة الي الكثيرة فيما اذا كانت المتوسطة محتاجة الي الغسل و أتت به فاذا اغتسلت ذات المتوسطة للصبح ثم حصل الانتقال اعادت الغسل حتي اذا كان في اثناء الصبح فتعيد الغسل و تستأنف الصبح (4) و اذا ضاق الوقت عن

______________________________

(1) اذ المستفاد من الادلة انه لا تجوز لها

الصلاة الا مع الغسل بلا تفريق بين الصلاتين ففي صورة التفريق و عدم الجمع لا يجوز الدخول في الصلاة.

(2) عملا بمقتضاه الذي يدخل فيه مقتضي الادني و بعبارة اخري: لا يبقي للأدني موضوع مع التبدل الي الاعلي.

(3) لعدم المقتضي للإعادة فان الحدث الحادث يؤثر في العمل اللاحق لا في السابق.

(4) لقدح الحادث بمقتضي دليله فلا بد من ترتيب مقتضاه. و بعبارة اخري

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 236

الغسل تيممت بدل الغسل وصلت (1) و اذا ضاق الوقت عن ذلك أيضا فالاحوط الاستمرار علي عملها ثم القضاء (2).

______________________________

استفيد من الدليل انه يترتب علي كل مرتبة أحكام و بعد تحقق كل مرتبة يجب ترتيب أحكامها الخاصة فلاحظ.

(1) لبدلية التيمم عن الغسل عند الاضطرار.

(2) للعلم الإجمالي بوجوب أحد الامرين فيجب الاحتياط و ان مقتضي القاعدة تعين القضاء اذا لمفروض انه فاقد الطهورين و لا دليل علي وجوب الصلاة عليه.

ان قلت: كيف لا دليل مع ان المشهور بين القوم ان الصلاة لا تسقط بحال و من جملة الحالات فقدان الطهورين.

قلت: هذا الذي اشتهر بين القوم لا دليل عليه الا قوله عليه السلام في رواية زرارة «و لا تدع الصلاة بحال فان النبي قال الصلاة عماد دينكم» «1» و لا يستفاد من هذه الجملة ان الصلاة تتحقق و لو مع فقدان الاجزاء و الشرائط بل المستفاد من الرواية ان المستحاضة تعمل علي طبق الوظيفة المقررة لها و لا تدع الصلاة حتي مع الدم لأنها عماد الدين و بمقتضي عموم العلة يستفاد انه يجب علي كل أحد أن يعمل بوظيفته المقررة و لا يدع الصلاة لأنها عماد الدين لكن لا يستفاد من هذه الرواية ان الشرائط و الاجزاء لا اعتبار بها عند

الضرورة.

لكن لقائل أن يقول: ان مقتضي عدم السقوط في حال من الاحوال و عدم جواز رفع اليد عنها معللا بأنها عماد الدين يفهم منه رفع يد المولي عن الشرائط المقررة الاختيارية فيجوز الاتيان بها باي نحو كان فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 223

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 237

[مسألة 217: إذا انتقلت الاستحاضة من الأعلي إلي الأدني استمرت علي عملها للأعلي بالنسبة إلي الصلاة الأولي]

(مسألة 217): اذا انتقلت الاستحاضة من الاعلي الي الادني استمرت علي عملها للأعلي بالنسبة الي الصلاة الاولي و تعمل عمل الادني بالنسبة الي الباقي فاذا انتقلت الكثيرة الي المتوسطة أو القليلة اغتسلت للظهر و اقتصرت علي الوضوء بالنسبة الي العصر و العشاءين (1).

[مسألة 218: قد عرفت أنه يجب عليها المبادرة إلي الصلاة بعد الوضوء و الغسل]

(مسألة 218): قد عرفت (2) انه يجب عليها المبادرة الي الصلاة بعد الوضوء و الغسل (3) لكن يجوز لها اتيان الاذان و الاقامة و الادعية الماثورة و ما تجري العادة بفعله قبل الصلاة او يتوقف فعل الصلاة علي فعله و لو من جهة لزوم العسر و المشقة بدونه مثل الذهاب الي المصلي و تهيئة

______________________________

(1) ما افاده في هذا الفرع هو ما تقتضيه القاعدة الاولية من ترتيب كل حكم علي موضوعه.

(2) الظاهر ان هذا لم يتقدم منه و انما تقدم منه وجوب الجمع بين الصلاتين.

(3) ادعي انه المشهور بين القوم و لا يبعد أن يكون المدرك حديثي أبي المعزا و اسحاق بن عمار «1» لظهور «عند» في المقاربة و تقدير لفظ «الوقت» كي يقال: ان المراد عند وقت الصلاة خلاف الظاهر و لا دليل عليه و بهما يرفع اليد عن اطلاق غيرهما. و مثلهما في الدلالة علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

و ما رواه اسماعيل «3» لا يدل علي جواز الفصل الا بمقدار الاتيان بالنافلة

______________________________

(1) لاحظ ص: 96 و 114

(2) لاحظ ص: 154

(3) لاحظ ص: 155

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 238

المسجد و نحو ذلك و كذلك يجوز لها الاتيان بالمستحبات في الصلاة (1).

[مسألة 219: يجب عليها التحفظ من خروج الدم بحشو الفرج بقطنة و شدة بخرقة و نحو ذلك]

(مسألة 219): يجب عليها التحفظ من خروج الدم بحشو الفرج بقطنة و شدة بخرقة و نحو ذلك (2) فاذا قصرت و خرج الدم اعادت الصلاة (3) بل الاحوط وجوبا اعادة الغسل (4).

______________________________

و هذا المقدار لا ينافي المقاربة مضافا الي أن الرواية ضعيفة سندا بالطيالسي.

(1) لعدم المنافاة مع المقاربة عرفا كما ان الاتيان بالمستحبات في الصلاة لا بأس به للإطلاق.

(2) نقل عليه الاجماع و لا يبعد أن يستفاد المدعي من نصوص

الاحتشاء و الاستثفار و تبديل الكرسف لاحظ ما رواه معاوية بن عمار «1» و ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة تستحاض فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: سئل رسول اللّه عليه و آله عن المرأة تستحاض فأمرها أن تمكث أيام حيضها لا تصلي فيها ثم تغتسل و تستدخل قطة و تستثفر (تستذفر) بثوب ثم تصلي «2» و ما رواه زرارة «3» و ما رواه صفوان «4».

(3) لا يبعد أن يستفاد من النصوص كون المنع من الخروج من شرائط الصلاة فمع التقصير تبطل بل لا وجه لقيد التقصير فان التحفظ من الخروج شرط و مع انتفائه باي نحو كان تبطل الصلاة. ان قلت: ان مقتضي قاعدة لا تعاد عدم الاعادة. قلت: لا تجري القاعدة بالنسبة إلي الطهور.

(4) الظاهر ان الوجه في عدم الجزم هو ان النصوص المشار اليها في

______________________________

(1) لاحظ ص: 153

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 223

(4) لاحظ ص: 138

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 239

[مسألة 220: الظاهر توقف صحة الصوم من المستحاضة علي فعل الأغسال النهارية في الكثيرة و علي غسل الليلة الماضية]

(مسألة 220): الظاهر توقف صحة الصوم من المستحاضة علي فعل الاغسال النهارية في الكثيرة و علي غسل الليلة الماضية علي الاحوط (1).

______________________________

مقام بيان ما هو شرط للصلاة فلا وجه لبطلان الغسل لكن الانصاف انه لا يبعد أن يستفاد عرفا من النصوص بطلانه.

(1) الذي يظهر من بعض الكلمات: ان المشهور توقف صحة صومها علي الاغسال النهارية و عن جملة من الاعاظم، دعوي الاجماع عليه و يظهر من بعض الاصحاب عدم الخلاف في التوقف علي الاغسال النهارية و أما التوقف علي الاغسال الليلية فهو محل الخلاف فعن بعض التوقف علي اغسال الليلة اللاحقة و عن بعض آخر التوقف علي

اغسال. الليلة الماضية مطلقا أو بشرط عدم تقدم غسل الفجر.

و النص الوارد في المقام ما رواه علي بن مهزيار قال: كتبت اليه: امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت و صامت شهر رمضان كله من غير ان تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز صومها و صلاتها أم لا؟ فكتب عليه السلام: تقضي صومها و لا تقضي صلاتها لان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يأمر المؤمنات من نسائه بذلك «1».

و اورد علي الرواية بامور: الاول: كونها مضمرة و الجواب أن جلالة علي بن مهزيار تمنع عن نقله عن غير الامام عليه السلام.

الثاني انها متضمة لحيض الصديقة الطاهرة عليها السلام و الحال ان النص

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب الحيض الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 240

و الاحوط استحبابا في المتوسطة توقفه علي غسل الفجر (1) كما ان الاحوط استحبابا توقف جواز وطيها علي الغسل (2).

______________________________

قد دل علي عدم رؤيتها الدم. و فيه: أولا: انه ليست هذه الجملة في الرواية علي حسب بعض أسانيدها. و ثانيا: يمكن أن يكون المراد من فاطمة، بنت أبي حبيش. و ثالثا: يمكن أمره صلي اللّه عليه و آله اياها عليها السلام لأجل تعليم النساء.

الثالث: اشتمال الرواية علي ما لا يقول به الاصحاب و هو عدم قضاء الصلوات.

و فيه: ان رفع اليد عن فقرة من الحديث لا يقتضي رفع اليد عن جميع فقراته و بعبارة اخري: لا مانع من التفكيك في الحجية. فالرواية لا اشكال فيها من حيث الاعتبار و السند و أما من حيث الدلالة فالمستفاد منها توقف صحة الصوم علي غسل الظهرين و العشاءين

و الظاهر بحسب المتفاهم العرفي ان المراد بغسل العشاءين غسل الليلة اللاحقة و أما التوقف بالنسبة الي غسل الفجر، فلا يستفاد من الرواية.

و بعبارة اخري: الذي يستفاد من الرواية ان صحة الصوم تتوقف علي غسل الظهرين و غسل العشاءين من الليلة اللاحقة و أما اشتراط الصحة بغسل الفجر فان تم اجماع عليه فهو و الا فيشكل الجزم به و اللّه العالم.

(1) النص مختص بالكثيرة و لكن ادعي الاجماع علي الحاق المتوسطة بالكثيرة و الاحتياط طريق النجاة.

(2) توقف جواز الوطء علي الغسل نقل عن جمع من الاساطين و يمكن

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 241

و أما دخول المساجد و قراءة العزائم فالظاهر جوازهما مطلقا (1)

______________________________

أن يستدل عليه بجملة من النصوص: منها: ما رواه سماعة «1» و منها ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق «2» و منها ما رواه عبد الرحمن «3».

و ربما يقال: بأن المستفاد من حديث فضيل و زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال المستحاضة تكف عن الصلاة أيام أقرائها و تحتاط بيوم أو اثنين ثم تغتسل كل يوم و ليلة ثلاث مرات و تحتشي لصلاة الغداة و تغتسل و تجمع بين الظهر و العصر بغسل و تجمع بين المغرب و العشاء بغسل فاذا حلت لها الصلاة، حل لزوجها أن يغشاها «4»، جواز الوطء قبل الغسل. و كذلك المستفاد من خبر عبد اللّه بن سنان «5».

لكن مقتضي الصناعة رفع اليد عن اطلاقهما بما دل علي التقييد بالغسل فانه مقتضي تقديم المقيد علي المطلق و لا وجه للجمع بين الطائفتين بحمل ما يدل علي الاشتراط علي الاستحب اب فلاحظ.

(1) لعدم ما يقتضي المنع و بعبارة اخري: المستحاضة كبقية أفراد المكلفين.

و ما قيل في وجه المنع و التوقف أمران:

الاول: الاجماع. و يرد عليه أولا: ان تحقق الاجماع أول الكلام بل عدم تحققه معلوم فان المنقول عن نهاية الشيخ و حج القواعد و المراسم و الوسيلة و الروض و مجمع البرهان و المدارك و الذخيرة و شرح المفاتيح، الجواز و ثانيا: ان الاجماع حاله في الاشكال

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 155

(3) لاحظ ص: 152 و 220

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 12

(5) لاحظ ص: 154

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 242

و لا يجوز لها مس المصحف و نحوه قبل الغسل و الوضوء (1) بل الاحوط وجوبا عدم الجواز بعدهما أيضا و لا سيما مع الفصل المعتد به (2).

[المقصد الرابع النفاس]

اشارة

المقصد الرابع النفاس

[مسألة 221: دم النفاس هو دم تقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها]

(مسألة 221): دم النفاس هو دم تقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها علي نحو يعلم استناد خروج الدم اليها (3).

______________________________

معلوم.

الثاني: استصحاب حرمة الحالة السابقة و هي زمان الحيض، و فيه: أولا:

انه اخص من المدعي اذ ربما لا تكون مسبوقة بالحيض و ثانيا: انه بعد تحقق غسل الحيض لا وجه لبقاء الحرمة لانتفاء الموضوع و ثالثا ان الاستصحاب في الشبهة الحكمية معارض بمثله كما ذكرناه مرارا.

(1) لفرض كونها محدثة و لا يجوز مس المصحف للمحدث.

(2) اذا لمفروض انها محدثة فلا وجه للجواز و لم يدل دليل عليه و مع عدم الدليل القاعدة الاولية تقتضي عدمه.

(3) نقل انه مشهور و أيضا نقل عليه الاجماع و من النصوص التي تدل علي المدعي ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة يصيبها الطلق أياما أو يوما أو يومين فتري الصفرة أو دما قال: تصلي ما لم تلد فان غلبها الوجع ففاتتها صلاة لم تقدر أن تصليها من الوجع فعليها قضاء تلك الصلاة بعد ما تطهر «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب النفاس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 243

و لا حد لقليله (1) و حد كثيرة عشرة أيام (2).

______________________________

و ما رواه عن أبي عبد اللّه أيضا قال: سألته عن امرأة أصابها الطلق اليوم و اليومين و أكثر من ذلك تري صفرة أو دما كيف تصنع بالصلاة؟ قال: تصلي ما لم تلد فإن غلبها الوجع صلت اذا برئت «1».

و يؤيد المدعي ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام انه قال:

قال النبي صلي اللّه عليه و آله: ما كان اللّه ليجعل حيضا مع حبل يعني اذا رأت الدم و هي حامل

لا تدع الصلاة الا أن تري علي رأس الولد اذا ضربها الطلق و رأت الدم تركت الصلاة «2» و ما رواه زريق «3».

(1) لا يبعد أن يقال: بأنه مقتضي القاعدة الاولية فان الحكم يترتب علي موضوعه علي الاطلاق الا أن يحدد شرعا بحدود و المفروض انه لم يرد تحديد بالنسبة الي طرف القلة و يؤيد المدعي ما رواه ليث المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن النفساء كم حد نفاسها حتي يجب عليها الصلاة؟ و كيف تصنع قال: ليس لها حد «4» فان مقتضي اطلاق الجواب انه لا حد له من الطرفين غاية الامر يرفع اليد عن الاطلاق في طرف الكثرة أضف الي ذلك أنه ادعي عليه الاجماع بل لا يبعد أن يكون الحكم مورد التسالم بين الاصحاب.

(2) هذا هو المشهور علي ما يظهر من بعض الكلمات و استدل عليه بامور: الوجه الاول: اصالة عدم النفاس أو اصالة عدم أحكامه و لا يعارضه استصحاب الموضوع و لا استصحاب أحكامه أما الاول فلعدم جريان الاستصحاب في التدريجيات و أما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 17

(3) نفس المصدر الحديث: 17

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب النفاس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 244

______________________________

الثاني فلعدم جريان الاستصحاب في الحكم مع الشك في الموضوع مع أن الاستصحاب المذكور لا يجري في بعض الصور كما لو حدث الدم بعد العشرة لعدم العلم بكونه نفاسا بعد العشرة.

و الذي يخلج بالبال أن يقال: أن منشأ الشك في بقاء أحكام النفاس ان كان الشك في بقاء الموضوع العرفي فلا مانع من احرازه باستصحاب بقائه و يكون نظير استصحاب عدم تحقق

المغرب فيما يشك في تحققه من جهة الشك في مفهومه و تردده بين استتار القرص و ذهاب الحمرة و مع احراز الموضوع بالاستصحاب لا تصل النوبة الي جريان الاصل في الحكم لحكومة استصحاب الموضوع علي الاصل الحكمي.

و أما الاشكال في جريان الاصل من أن موضوعه تدريجي و الاستصحاب لا يجري في التدريجيات، فيدفع بما حقق في محله من جريانه في التدريجيات كاليوم و أشباهه و مع جريان الاصل المذكور لا مجال لأصالة عدم النفاسية كما هو ظاهر و مع قطع النظر عن هذا الاصل لا مجال لاستصحاب بقاء حكمه لما اخترناه من عدم جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية نعم اذا حدث بعد العشرة كان الشك في أصل تحقق الموضوع.

الوجه الثاني ما رواه مقرن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأل سلمان رحمه اللّه عليا عليه السلام عن رزق الولد في بطن امه فقال: ان اللّه تبارك و تعالي حبس عليه الحيضة فجعلها رزقه في بطن امه «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان النفاس نفس الحيض و انه حيض محتبس.

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 245

______________________________

و فيه: أولا: ان الرواية ضعيفة بمقرن و ثانيا: انه لا يستفاد منها المدعي حيث ان الرواية ليست في مقام بيان هذا المعني.

الوجه الثالث: ما أرسله المفيد قال: جاءت أخبار معتمدة بأن انقضاء مدة النفاس مدة الحيض و هي عشرة أيام «1». و فيه: ان المرسل لا اعتبار به.

الوجه الرابع: النصوص الدالة علي رجوع النفساء الي أيامها في الحيض مثل ما رواه زرارة «2» و ما رواه أيضا «3» الي غيرهما من الروايات الواردة في الباب 3 من أبواب النفاس.

و تقريب الاستدلال بهذه

النصوص علي المدعي انها تدل علي أن أيام النفاس بمقدار أيام الحيض بحيث لا يتخطي أيام النفاس عن أيام الحيض الا بمقدار تختلف أيام الحيض اللاحق عن أيام الحيض السابق أعني أيام الاستظهار فتدل علي أن أكثر النفاس عشرة بمعني عدم التخطي عنها لا أن النفاس هي العشرة بتمامها مع استمرار الدم و كون العادة أقل من العشرة فلا تغفل.

و نوقش في هذا الاستدلال بوجوه: الاول: اختصاص هذه النصوص بالمعتادة.

و اجيب بأن المستفاد من هذه النصوص أن أكثر النفاس عشره كالحيض و لذا اهمل التعرض لغير ذات العادة مضافا الي أن المدعي يظهر من وجوب الاستظهار الي عشرة أيام اذ لو لم يكن أكثر النفاس عشرة علي الاطلاق لم يكن وجه للاستظهار الي العشرة. الا أن يقال: بأن الاخبار الدالة علي وجوب الاستظهار الي العشرة واردة في المعتادة فلا اطلاق لها.

الثاني: أن مفاد هذه النصوص أن أكثر النفاس أيام العادة لا العشرة. و فيه:

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 155

(3) لاحظ ص: 223

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 246

______________________________

ان المستفاد منها ان ذات العادة ترجع الي عادتها في الحيض بلا فرق بين ما يكون أيامها أقل من العشرة أو تكون عشرة فهي تدل علي أن أكثر النفاس عشرة بالمعني المتقدم بمعني انه اذا تجاوز الدم من العشرة تأخذ المرأة بايام عادتها.

الثالث: ان هذه النصوص في مقام بيان الحكم الظاهري عند اشتباه النفاس بالاستحاضة لا في مقام تحديد النفاس واقعا.

و اجيب: بأن النفاس الواقعي لو كان حده أكثر من العشرة لما صح جعل هذا الحكم الظاهري عند اشتباه النفاس بالاستحاضة.

و ان شئت قلت: انها تدل علي أن التنفس بمقدار العادة عند تجاوز

الدم عن العشرة علي الاطلاق و حيث ان هذا النزاع يظهر أثره عند التجاوز- فان مقتضي الاقوال الاخر التنفس بعد العشرة- فهذه النصوص تصلح للرد عليها سواء كانت متعرضة للحكم الواقعي أو الظاهري فلا تغفل.

الوجه الخامس ما رواه يونس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة ولدت فرأت الدم أكثر مما كانت تري قال: فلتقعد أيام قرئها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام فان رأت دما صبيبا فلتغتسل عند وقت كل صلاة فان رأت صفرة فلتوضأ ثم لتصل «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان النفساء تستظهر الي عشرة أيام و تقريب الاستدلال ان المراد بالجار «الباء في بعشرة» في هذه الرواية معني (الي) بدعوي قيام حروف الصفات بعضها مقام بعض- كما عن الشيخ- و الشاهد علي المدعي ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: امرأة

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث 3

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 247

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 247

______________________________

رأت الدم في حيضها حتي تجاوز وقتها متي ينبغي لها أن تصلي؟ قال: تنتظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام فان رأت الدم دما صبيبا فلتغتسل في وقت الصلاة «1».

فان المقصود من هذه الرواية الاستظهار الي عشرة أيام بقرينة الاجماع و بقية الروايات فان الراوي و المتن في كلا الحديثين واحد فيكون المراد من الجار في هذه الرواية أيضا أنها تستظهر الي عشرة أيام فنقول: انه عليه السلام أمر بالاستظهار الي عشرة ايام فلو لم يكن أكثر النفاس عشرة لم يكن وجه للاستظهار اليها

فلا تغفل.

و نسب الي جملة من الاساطين أن أكثر النفاس ثمانية عشر يوما و استدل علي المدعي بجملة من النصوص: منها: ما أرسله الصدوق قال: ان أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر في حجة الوداع فأمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن تقعد ثمانية عشر يوما «2» و الحديث ضعيف بالارسال.

و منها: ما رواه حنان بن سدير قال: قلت لأي علة اعطيت النفساء ثمانية عشر يوما «3» و ذكر نحو الحديث: 22 من الباب و هو: قال: و قد روي أنه صار حد قعود النفساء عن الصلاة ثمانية عشر يوما لان أقل أيام الحيض ثلاثة ايام و أكثرها عشرة ايام و أوسطها خمسة أيام فجعل اللّه عز و جل للنفساء أقل الحيض و أوسطه و أكثره «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 21

(3) نفس المصدر الحديث: 23

(4) نفس المصدر الحديث: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 248

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بحمدان بن الحسين.

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: و النفساء لا تقعد عن الصلاة أكثر من ثمانية عشر يوما «1». و الحديث ضعيف بضعف اسناد الصدوق الي الفضل.

و منها: ما رواه المفيد مرسلا قال: روي أنها تقعد ثمانية عشر يوما «2» و الحديث ضعيف بالارسال فهذه النصوص كلها ضعيفة مضافا الي معارضتها بغيرها لاحظ ما رفعه ابراهيم بن هاشم قال: سألت امرأة أبا عبد اللّه عليه السلام فقالت:

اني كنت أقعد في نفاسي عشرين يوما حتي أفتوني بثمانية عشر يوما فقال:

أبو عبد اللّه عليه السلام و لم افتوك بثمانية عشر يوما؟ فقال رجل:

للحديث الذي روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله انه قال لأسماء بنت عميس حيث نفست بمحمد بن أبي بكر فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان اسماء سألت رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و قد أتي لها ثمانية عشر يوما و لو سألته قبل ذلك لأمرها أن تغتسل و تفعل ما تفعل المستحاضة «3».

و ما رواه عمر بن اذينة «4». و استدل علي المدعي بما رواه الفضلاء عن أبي جعفر عليه السلام أن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر فأمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حين ارادت الاحرام من ذي الحليفة أن تغتسل و تحتشي بالكرسف و تهل بالحج فلما قدموا و نسكوا المناسك سألت النبي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 24

(2) نفس المصدر الحديث: 26

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 249

______________________________

صلي اللّه عليه و آله عن الطواف بالبيت و الصلاة فقال لها: منذ كم ولدت؟

فقالت: منذ ثماني عشرة فأمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن تغتسل و تطوف بالبيت و تصلي و لم ينقطع عنها الدم «1».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان حد النفاس ثمانية عشر يوما و لذا أمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالاغتسال.

و يرد عليه: ان المستفاد من الرواية ان أسماء حين أمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالاغتسال و الا هلال لم تكن نفساء و من الممكن انها لم تكن نفساء قبل ذلك الحين.

و بعبارة اخري: لا دليل في الرواية انها كانت نفساء الي ذلك الحين فلاحظ.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن

النفساء كم تقعد؟ فقال: ان أسماء بنت عميس أمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن تغتسل لثمان عشرة و لا بأس بأن تستظهر بيوم أو يومين «2».

بتقريب: ان اكتفاء الامام عليه السلام في مقام الجواب بنقل قضية اسماء يدل علي أن اكثر النفاس هذا الحد.

و يرد عليه: ان الاستظهار المذكور في كلامه عليه السلام يدل علي أن أكثره العشرون و يجوز أن يستمر الي عشرين يوما.

و استدل علي المدعي بما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: كم تقعد النفساء حتي تصلي؟ قال: ثمان عشرة، سبع عشرة ثم تغتسل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 19

(2) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 250

______________________________

و تحتشي و تصلي «1».

و يرد علي هذا الاستدلال أولا: ان المستفاد من الحديث ان التحديد بالليالي بلحاظ تأنيث العدد مضافا الي أن الحديث يتضمن الترديد و هو ينافي التحديد فيمكن أن يكون الترديد من الراوي فلا يكون دليلا علي المدعي.

فالنتيجة: ان هذا القول لا دليل عليه.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان النصوص الواردة في بيان حد النفاس علي طوائف متعارضة:

الطائفة الاولي: ما يدل علي أن حد النفاس ايام العادة «2» و هذه الطائفة تدل علي ان حده عشرة أيام.

الطائفة الثانية: ما يدل علي ان حده ثمان عشرة أو سبع عشرة «3» و الترديد في الرواية- مضافا إلي جعل الليل معيارا- يوجب سقوط الرواية عن الاعتبار.

الطائفة الثالثة: ما يدل علي أن الحد ثلاثون أو أربعون الي خمسين لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تقعد النفساء اذا لم ينقطع عنها الدم ثلاثين أو أربعين يوما الي خمسين «4».

و يرد عليه: ما ذكرناه

من أن الترديد ينافي التحديد و لعل الترديد من الراوي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 155 حديث زرارة

(3) لاحظ ص: 249

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب الحيض الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 251

______________________________

الطائفة الرابعة: ما يدل علي تحديده بسبع عشرة ليلة و هي ما رواه ابن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: تقعد النفساء سبع عشرة ليلة فان رأت دما صنعت كما تصنع المستحاضة «1».

الطائفة الخامسة: ما يدل علي أن حده ثمان عشرة ليلة مثل ما رواه محمد ابن مسلم «2» و حيث ان التحديد الواقع فيه بالليالي فلا اعتبار به.

الطائفة السادسة: ما يدل علي أن حده أربعون يوما مثل ما رواه حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: النفساء تقعد أربعين يوما فان طهرت و الا اغتسلت وصلت و يأتيها زوجها و كانت بمنزلة المستحاضة تصوم و تصلي «3».

و هذه الطائفة موافقة للحنابلة و الحنفية و الرشد في خلافهم.

الطائفة السابعة: ما يدل علي أنه بين أربعين الي خمسين مثل ما رواه محمد ابن يحيي الخثعمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن النفساء فقال: كما كانت تكون مع ما مضي من اولادها و ما جربت قلت: فلم تلد فيما مضي قال: بين الاربعين الي الخمسين «4».

و قد مر ان الترديد ينافي التحديد. مضافا الي أن الظاهر من الرواية ان حده من طرف القلة الاربعون.

الطائفة الثامنة: ما يكون ضعيفا سندا و مر تفصيلها فالحق هو القول المشهور

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) لاحظ ص: 249 الرقم الثاني

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 17

(4) نفس المصدر الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 252

من حين

الولادة (1) و فيما اذا انفصل خروج الدم عن الولادة تحتاط في احتساب العشرة من حين الولادة أو من زمان رؤية الدم (2).

______________________________

و اللّه العالم.

(1) كما هو الظاهر من كلماتهم قدس اللّه أسرارهم و لا يبعد أن يكون الوجه فيه انه لو كان مبدئه خروج جزء من الولد لزم البناء علي الطهر مع عدم تحقق الولادة حتي مضي أحد عشر يوما و بقي غير منفصل و هل يمكن الالتزام به؟

فالمراد من قولهم: «أكثر النفاس عشرة أيام» العشرة من حين الولادة كما في المتن لا أن النفاس لا يكون أكثر من عشره أيام علي الاطلاق.

و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه مالك بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء يغشاها زوجها و هي في نفاسها من الدم؟ قال:

نعم اذا مضي لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها ثم تستظهر بيوم فلا بأس بعد أن يغشاها زوجها يأمرها فلتغتسل ثم يغشاها ان أحب «1».

(2) لا يبعد أن يكون المنشأ لهذا الاحتياط ما رواه مالك بن اعين فان المستفاد من هذه الرواية ان مبدء الحساب من حين الولادة و مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين رؤية الدم حين الولادة و تأخرها عنها لكن الرواية مخدوشة سندا اذ مالك ابن أعين لم يوثق.

مضافا الي أن اسناد الشيخ الي علي بن الحسن ضعيف فالجمع بين الحقين يقتضي الاحتياط بالنحو المذكور اذ مقتضي الرؤية الاحتساب من حين الولادة و لكن تأخر الدم عن الولادة يقتضي الاحتساب من حين رؤية الدم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 253

و اذا رأته بعد العشرة لم يكن نفاسا (1) و اذا لم تر فيها دما لم يكن لها

نفاس اصلا (2) و مبدء حساب الاكثر من حين تمام الولادة

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما روي عن أبي جعفر عليه السلام «1» فان مقتضي هذه الرواية ان مبدء الحساب الولادة و الرواية تامة سندا.

قال في المستمسك في هذا المقام- بعد نقل حديث مالك-: و الظاهر ان وجه الفرق بين المقامين (الحيض و النفاس) أن حال الحيض حال الدم فلا ينطبق الا مع رؤية الدم بخلاف حال النفاس فانه الزمان المتصل بالولادة فينطبق حتي مع عدم الدم فنصوص التحديد راجعة الي ذلك الحال و ان لم ير فيه الدم انتهي».

و نقل عن الشيخ الاكبر في الطهارة: الاجماع علي ان مبدء الحساب من حين الولادة لا من زمان رؤية الدم.

(1) عن الجواهر: انه مما نص عليه غير واحد من الاصحاب و يمكن الاستدلال علي المدعي بما دل من النصوص من أن مبدء الحساب زمان الولادة، هذا من ناحية، و من ناحية اخري ان النفاس لا يكون أكثر من عشرة ايام فيترتب عليه انه لو لم تر الدم من زمان الولادة الي عشرة أيام لم يكن لها نفاس لاحظ حديثي مالك بن أعين و الفضلاء «2» فان المستفاد منهما ان مبدء العشرة زمان الولادة و دعوي انصرافهما الي واجدة الدم من أول الامر مردودة بأن الانصراف بدوي أضف إلي ذلك الاجماع المدعي في المقام.

(2) كما ظهر مما ذكرنا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 248

(2) لاحظ ص: 252 و 248

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 254

لا من حين الشروع فيها (1) و ان كان جريان الاحكام عليه من حين الشروع (2).

و لا يعتبر فصل أقل الطهر بين النفاسين كما اذا ولدت توأمين و قد رأت الدم عند كل منهما (3).

______________________________

(1) كما يدل

عليه ما عن أبي جعفر عليه السلام «1» و أيضا يدل عليه ما رواه مالك بن أعين «2».

(2) كما يدل عليه ما رواه السكوني «3» و مثله في الدلالة ما رواه زريق «4» و كلتا الروايتان ضعيفتان فالجزم بالحكم مشكل نعم لا يبعد أن تكون السيرة جارية عليه و يستفاد من حديثي عمار بن موسي «5» ان الميزان بالولادة فانه صرح فيهما بانها تصلي ما لم تلد.

(3) كما هو مصرح به في كلمات الاصحاب و لا دليل علي اشتراط الفصل باقل الطهر بين النفاسين و لا نعلم ما يدل علي التساوي بين الحيض و النفاس في جميع الاحكام كي يقال لا يمكن فصل حيضين باقل من طهر واحد كما انه لا يمكن اتصال حيضتين بل الدليل علي خلافه و هو الاجماع و السيرة الخارجية بل مقتضي اطلاق النصوص عدم الاشتراط فان المستفاد من بعض النصوص ان موضوع الحكم في النفاس الولادة لاحظ حديث عمار بن موسي «6»

______________________________

(1) لاحظ ص: 248

(2) لاحظ ص: 252

(3) لاحظ ص: 243

(4) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 17

(5) لاحظ ص: 242 و 243

(6) لاحظ ص: 242 و 243

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 255

بل البقاء المتخلل بينهما طهر و لو كانت لحظة (1) بل لا يعتبر الفصل بين النفاسين اصلا كما اذا ولدت و رأت الدم الي عشرة ثم ولدت آخر علي رأس العشرة و رأت الدم الي عشرة اخري فالدمان جميعا نفاسان متواليان (2) و اذا لم تر الدم حين الولادة و رأته قبل العشرة و انقطع عليها فذلك الدم نفاسها (3).

______________________________

اللهم الا أن يقال بأن الحديثين لا ينظر ان الي الدم المسبوق بمثله كما هو المفروض في المقام.

لكن

يمكن أن يقال: بأن مقتضي الاطلاق ما ذكرناه اذ يمكن فرض طهر أقل من العشرة بين الدمين و مقتضي اطلاق الرواية انها تصلي في الطهر الفاصل ما لم تلد.

و ملخص القول: انه استفيد من الشرع ان الدم الخارج بعد الولادة دم النفاس غير مقيد بعدم سبقه بالدم.

و صفوة القول: انه ليس علي قياسه علي الحيض في الاحكام دليل و لذا التزم الفقهاء بجواز عدم الفصل بينهما و استمرار النفاس الي عشرين يوما و الحال انهم لا يجوزون اتصال الحيضتين كما انهم لا يجوزون كون الحيض اكثر من العشرة فلاحظ.

(1) هذا علي طبق القاعدة الاولية اذ مع فرض النقاء لا بد من ترتيب أحكام الطهر الا أن يدل دليل علي الخلاف و المفروض انه لا دليل عليه.

(2) اجماعا- كما في كلام سيد المستمسك- و يقتضيه اطلاق النص لاحظ ما رواه مالك بن أعين «1» فان مقتضي اطلاقه انه يحسب مبدء النفاس الولادة بلا تقييد.

(3) اذ المفروض انه بعد الولادة و قبل العشرة و قد تقدم ان دم النفاس هو

______________________________

(1) لاحظ ص: 252

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 256

و إذا رأته حين الولادة ثم انقطع ثم رأته قبل العشرة و انقطع عليها فالدمان و النقاء بينهما كلها نفاس واحد و ان كان الاحوط استحبابا في النقاء الجمع بين عمل الطاهرة و النفساء (1).

[مسألة 222: الدم الخارج قبل ظهور الولد ليس بنفاس]

(مسألة 222): الدم الخارج قبل ظهور الولد ليس بنفاس (2) فان كان متصلا بالولادة و علم انه حيض و كان بشرائطه جري عليه حكمه (3).

______________________________

الدم الناشي عن الولادة و أيضا تقدم انه بعد مضي عشرة أيام من الولادة لا يكون الدم الخارج دم نفاس.

(1) الظاهر انه لا دليل علي نفاسية النقاء المتخلل الا الاجماع علي

أصل الحكم و علي أن النفاس مثل الحيض و حيث ان الطهر المتخلل بين الحيض الواحد لا يتصور و لا يمكن فالنفاس كذلك فانه نقل عن الأردبيلي الاجماع علي نفاسية النقاء المتخلل بل استظهر من عبارة الشيخ الانصاري قدس سره فان تم اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم فهو و الا فلا وجه له و عليه يجب الاحتياط في النقاء بالجمع بين أحكام الطاهرة و النفساء.

(2) نقل عن غير واحد من الاعاظم دعوي الاجماع عليه مضافا الي حديثي عمار «1» و غيرهما.

(3) لفرض تحقق الموضوع و يترتب عليه الحكم. ان قلت: كيف يمكن أن يحكم عليه بالحيضية و الحال انه لم يفصل بينه و بين النفاس أقل الطهر.

قلت: لا دليل عليه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 242 و 243

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 257

و كذا اذا كان منفصلا عنها بعشرة أيام نقاء (1) و ان كان منفصلا عنها باقل من عشرة أيام نقاء أو كان متصلا بالولادة و لم يعلم انه حيض فان كان بشرائط الحيض و كان في أيام العادة أو كان واجدا لصفات الحيض فهو حيض و الا فهو استحاضة (2).

[مسألة 223: النفساء ثلاثة أقسام]

(مسألة 223): النفساء ثلاثة أقسام: 1- التي لا يتجاوز دمها العشرة فجميع الدم في هذه الصورة نفاس (3).

______________________________

و بعبارة اخري: لا دليل علي أن النفاس بحكم الحيض من جميع الجهات كي يقال: بانه يلزم الفصل بين النفاس و الحيض باقل الطهر و ما أفاده في المتن مقتضي اطلاق عدم الفرق بين ما لو لم يتجاوز مجموع الدمين عن العشرة و ما لو تجاوزها و الحق ما أفاده اذ لا دليل علي أن مجموع الدمين لا يتجاوز بل الدليل قائم علي كل واحد من الحيض و

النفاس فلاحظ.

(1) اذ المقتضي للحيضية موجود و لا مانع منها.

(2) ما أفاده موافق للقواعد فان الدم في أيام العادة حيض كما ان الصفات امارة الحيض هذا من ناحية و من ناحية اخري انه قد مر امكان اتصال الحيض بالنفاس و عدم اشتراط الفصل باقل الطهر بينهما.

(3) ادعي عليه الاجماع و مقتضي القاعدة كذلك اذ المفروض انه دم الولادة و لم يتجاوز العشرة فيكون المجموع نفاسا و لكن مقتضي النصوص الدالة علي أن النفساء تأخذ بايام عادتها «1» عدم تمامية البناء علي كون الدم المرئي في العشرة نفاسا بنحو الاطلاق.

______________________________

(1) لاحظ ص: 155 حديث زرارة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 258

2- التي يتجاوز دمها العشرة و تكون ذات عادة عددية في الحيض ففي هذه الصورة كان نفاسها بمقدار عادتها و الباقي استحاضة (1)

______________________________

قال في الحدائق: «الذي يظهر عندي من التأمل في اخبار المسألة هو ان ذات العادة ترجع إلي عادتها للأخبار الصحيحة الصريحة في ذلك «1» انتهي».

و ملخص الكلام ان الجزم بما بنوا عليه مع تصريح جملة من النصوص علي أن الميزان أيام العادة بالنسبة الي صاحبتها، في غاية الاشكال الا ان يتم اجماع أو نلتزم بتمامية قاعدة الامكان لكن الكلام في تمامية القاعدة أولا و ثانيا: ان القاعدة علي فرض تماميتها باي تقريب تقتضي نفاسية الدم في امثال المقام.

و بعبارة أخري: القاعدة علي فرض تماميتها تقتضي حيضية كل دم يمكن ان يكون حيضا لكن هذا المقدار لا يكفي لإثبات المدعي في المقام فلاحظ.

أضف الي ذلك ان غاية ما في الباب اطلاق القاعدة لكن لا ريب ان تقييد الاطلاق- كتخصيص العام بالمقيد-، أمر علي طبق القاعدة فلنا أن نقول:

بأن الاخبار المشار اليها تقيد القاعدة.

(1) أما جعل النفاس

مقدار عادتها فتدل عليه النصوص المشار اليها آنفا و أما جعل الباقي استحاضة فلان الامر دائر بين الحيض و الاستحاضة فما زاد عن مقدار الحيض بحسب المقرر الشرعي يكون استحاضة قهرا.

______________________________

(1) الحدائق ج 3 ص: 319

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 259

3- التي يتجاوز دمها العشرة و لا تكون ذات عادة في الحيض ففي هذه الصورة جعلت مقدار عادة حيض أقاربها نفاسا و اذا كانت عادتهن أقل من العشرة احتاطت فيما زاد عنها الي العشرة (1).

______________________________

(1) نقل عن المشهور بأن غير ذات العادة سواء كانت مبتدأة أو مضطربة تجعل نفاسها الي العشرة فيما زاد الدم عنها و استدل علي المدعي بقاعدة الامكان و باستصحاب بقاء النفاس أو استصحاب بقاء حدثه.

و يرد علي الاستدلال بقاعدة الامكان ان تمامية القاعدة أول الكلام نعم لو تم اجماع تعبدي كاشف علي النفاسية الي العشرة نلتزم به و الا فلا و أما استصحاب بقاء حدث النفاس فمحكوم بعدم جعل الشارع اعتبار الحدث أزيد من المقدار المعلوم نعم لو شك في بقاء دم النفاس و احتمل بقائه فلا مانع في نفسه من جريان استصحاب بقائه لكن الاشكال في أنه لو شمل دليل الصفات للمقام لم تصل النوبة الي الاصل.

و ربما يقال: بأن الوظيفة الرجوع الي عادة نسائها لرواية أبي بصير عن عبد اللّه عليه السلام قال النفساء اذا ابتليت بايام كثيرة مكثت مثل أيامها التي كانت تجلس قبل ذلك و استظهرت بمثل ثلثي أيامها ثم تغتسل و تحتشي و تصنع كما تصنع المستحاضة و ان كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت جلست بمثل ايام امها أو خالتها أو اختها أو خالتها و استظهرت بثلثي ذلك ثم صنعت كما تصنع المستحاضة تحتشي و

تغتسل «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 260

[مسألة 224: اذا رأت الدم في اليوم الأول من الولادة ثم انقطع ثم عاد في اليوم العاشر من الولادة أو قبله]

(مسألة 224): اذا رأت الدم في اليوم الاول من الولادة ثم انقطع ثم عاد في اليوم العاشر من الولادة أو قبله ففيه صورتان:

الاولي ان لا يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤية الدم ففي هذه الصورة كان الدم الاول و الثاني كلاهما نفاسا و يجري علي النقاء المتخلل حكم النفاس علي الاظهر و ان كان الاحوط فيه الجمع بين أعمال الطاهرة و تروك النفساء (1).

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة سندا أولا بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن و ثانيا: ان الظاهر من الرواية انها في مقام بيان من له نفاس في مقدار معين من الزمان و الحال ان الاجماع قائم علي عدم اعتبار أيام النفاس.

و بعبارة اخري: المعتد به أيام عادة الحيض لا أيام النفاس. أضف الي جميع ذلك ان الاستظهار بثلثي أيامها لا يمكن الالتزام به علي نحو الاطلاق اذ لازمه التجاوز عن العشرة في بعض الفروض.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: انه تارة يحرز كون الدم دم النفاس فلا اشكال في ترتيب حكمه الي العشرة و أما مع الشك فالمحكم الصفات الا أن يقال: بأن الصفرة التي تكون امارة علي كون الدم استحاضة فيما يكون الامر دائرا بين الحيض و الاستحاضة و أما مع دوران الامر بين الاستحاضة و النفاس فلا تكون الصفات معتبرة لكن هذا الاشكال ضعيف اذ لا وجه لرفع اليد عن الاطلاق و علي فرض تسليم الاشكال تصل النوبة الي استصحاب بقاء الدم نفاسا.

و بعبارة اخري: يجري الاستصحاب و مقتضاه بقاء الدم علي النفاسية فلاحظ.

(1) أما كون الدم الثاني نفاسا كالدم الاول فاستدل عليه

بالإجماع و صدق

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 261

الثانية: أن يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤية الدم و هذا علي اقسام: 1- ان تكون المرأة ذات عادة عددية في حيضها و قد رأت الدم الثاني في زمان عادتها ففي هذه الصورة كان الدم الاول و ما رأته في أيام العادة و النقاء المتخلل نفاسا و ما زاد علي العادة استحاضة مثلا اذا كانت عادتها في الحيض سبعة أيام فرأت الدم حين ولادتها يومين فانقطع ثم رأته في اليوم السادس و استمر الي أن تجاوز اليوم العاشر من حين الولادة كان زمان نفاسها اليومين الاولين و اليوم السادس و السابع و النقاء المتخلل بينهما و ما زاد علي اليوم السابع فهو استحاضة (1).

______________________________

النفاس عليها و مع صدق الموضوع يترتب عليه الحكم طبعا و مقتضي القاعدة أن يقال: اذا صدق عنوان الموضوع يترتب عليه الحكم بلا اشكال و أما مع الشك في الصدق فحيث ان الامر دائر بين النفاس و الاستحاضة يكون المحكم أخبار التميز فاذا كان متصفا بصفة الاستحاضة تكون مستحاضة و الا تكون نفساء و أما كون النفاس المتخلل نفاسا فليس عليه دليل ظاهر و قد مر منا انه لم يقم دليل علي أن النفاس كالحيض في جميع الجهات كي يقال: بأنه لا يجوز تخلل الطهر أقل من عشرة أيام بين الحيضين لما ثبت من أن أقل الطهر عشرة أيام الا أن يثبت اجماع تعبدي في المقام و مما ذكرنا ظهر ان ما عن الذخيرة من التوقف لعدم ثبوت الاجماع عليه و فقد النص حسن.

(1) ما أفاده في هذا الفرع أمران: أحدهما: ان الدم الاول و المتمم لأيام

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 262

2- أن

تكون المرأة ذات عادة و لكنها لم تر الدم الثاني حتي انقضت مدة عادتها فرأت الدم و تجاوز اليوم العاشر ففي هذه الصورة كان نفاسها هو الدم الاول و كان الدم الثاني استحاضة و يجري عليها أحكام الطاهرة في النقاء المتخلل (1).

3- أن لا تكون المرأة ذات عادة في حيضها و قد رأت الدم الثاني قبل مضي عادة أقاربها و يتجاوز اليوم العاشر ففي هذه الصورة

______________________________

العادة و النقاء الفاصل كلها نفاس. ثانيهما ان ما زاد عن مقدار العادة من الدم استحاضة و الوجه فيه- علي الظاهر- أن النص «1» قد دل علي أن النفاس بمقدار أيام العادة و حيث ان النفاس كالحيض فالنقاء الفاصل بين دمي نفاس واحد نفاس و أما كون ما بعد الايام استحاضة فلتصريح النص المشار اليه به فلاحظ.

و لكن للمناقشة فيما افيد مجال و هو انه لم يقم دليل علي كون النقاء الفاصل نفاسا كما تقدم و اللّه العالم.

(1) الوجه فيه ظاهر علي المبني الذي ذكرنا فان ذات العادة لا بد أن تأخذ بمقدار أيام عادتها و من ناحية اخري النقاء الفاصل نفاس و في الفرض المذكور لا يمكن الحكم بنفاسية الدمين و الحد الفاصل لكون المجموع أكثر من أيام العادة فيكون الدم الاول بخصوصه نفاسا و الدم الثاني استحاضة.

و علي ما ذكرنا نقول: بأنه ان كان عنوان دم النفاس صادقا علي الدم الثاني يترتب عليه حكمه و الا يرجع الي التميز كما قلنا فيما تقدم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 155

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 263

كان نفاسها مقدار عادة أقاربها و اذا كانت عادتهن أقل من العشرة احتاطت الي اليوم العاشر و ما بعده استحاضة (1).

4- أن لا تكون المرأة ذات عادة في

حيضها و قد رأت الدم الثاني الذي تجاوز اليوم العاشر بعد مضي عادة أقاربها ففي هذه الصورة كان نفاسها هو الدم الاول و تحتاط أيام النقاء و أيام الدم الثاني الي اليوم العاشر (2).

ثم ان ما ذكرناه في الدم الثاني يجري في الدم الثالث و الرابع و هكذا. مثلا اذا رأت الدم في اليوم الاول و الرابع و السادس و لم يتجاوز اليوم العاشر، كان جميع هذه الدماء و النقاء المتخلل بينها نفاسا و اذا تجاوز الدم اليوم العاشر في هذه الصورة و كانت عادتها في الحيض تسعة أيام كان نفاسها الي اليوم التاسع و ما زاد استحاضة و اذا كانت عادتها خمسة أيام كان نفاسها الايام الاربعة الاول و فيما

______________________________

(1) تقريب الاستدلال علي المدعي عين ما تقدم في تقريب الاستدلال علي القسم الثالث من فرع (223) مع ما يرد عليه و بيان ما يختلج بالبال فراجع.

(2) لأنه لا عادة لها كي تأخذ بها و فرض ان أيام أقاربها مضت فلا مقتضي للالتزام بنفاسية الدم الثاني و كذلك نفاسية النقاء المتخلل فالمقدار المعلوم ان الدم الاول نفاس و في الباقي من العشرة تحتاط و تجمع بين تروك النفساء و أعمال الطاهرة و المستحاضة للعلم الإجمالي بأنها اما تكون نفساء أو تكون طاهرة في أيام النقاء و مستحاضة في أيام الدم فلاحظ و مما ذكرنا يظهر ما فيه.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 264

بعدها كانت طاهرة و مستحاضة (1).

[مسألة 225: النفساء بحكم الحائض في الاستظهار عند تجاوز الدم أيام العادة]

(مسألة 225): النفساء بحكم الحائض في الاستظهار عند تجاوز الدم أيام العادة (2).

______________________________

(1) الكلام فيه هو الكلام دليلا و اشكالا فلاحظ.

(2) استدل عليه سيد المستمسك بالنصوص الواردة في النفساء و بالنصوص الواردة في الحائض بالاضافة الي المساواة بينهما.

و

العمدة في الاثبات للمساواة الاجماع المدعي في المقام فانه نقل عن جملة من الاعاظم و الاساطين دعوي الاجماع عليه. و قال السيد الحكيم قدس سره: «الظاهر انه اجماع عند الكل». و هذا هو العمدة و الا لم يقم نص علي التساوي بين الموردين في الاحكام و أما حديث زرارة «1» فان المستفاد منه: ان الحائض مثل النفساء في الاستظهار بيومين.

و الحاصل: انه اذا ثبت اجماع تعبدي علي التسوية بنحو يكشف عن الحكم الشرعي فهو و الا فليس عليها دليل و قد مر منا ان مقتضي القاعدة في الحائض بالنسبة الي الاستظهار أن يقال؟ ان كانت مستقيمة الحيض تأخذ بمقدار عادتها و غير المستقيمة تستظهر بيوم او بيومين.

و أما الاخبار الواردة في المقام الدالة علي الاستظهار فهي عدة روايات:

منها: ما يدل علي وجوب الاستظهار بيومين لاحظ ما رواه زرارة «2» و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تقعد النفساء أيامها التي كانت تقعد في

______________________________

(1) لاحظ ص: 223

(2) لاحظ ص: 151

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 265

______________________________

الحيض و تستظهر بيومين «1»، و لا بأس بسنديهما.

و منها: ما يدل علي وجوب الاستظهار الي عشرة أيام لاحظ ما رواه يونس «2».

و الظاهر ان هذه الرواية مخدوشة سندا فان احمد الذي يروي عنه المفيد، أحمد بن محمد بن حسن بن الوليد و هو لم يوثق فمقتضي القاعدة وجوب الاستظهار عليها بيومين.

و منها ما يدل علي وجوب الاستظهار بيوم لاحظ ما رواه مالك بن أعين «3» و هذه الرواية ضعيفة بمالك.

و منها: ما يدل علي وجوب الاستظهار بيومين أو ثلاثة أيام لاحظ ما رواه حمران بن أعين «4» و هذه الرواية ضعيفة بالجوهري.

و منها ما يدل علي وجوب

الاستظهار بثلثي الايام لاحظ ما رواه أبو بصير «5» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و منها: ما يدل علي وجوب اصل الاستظهار بلا تعيين مقداره لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: تجلس النفساء أيام حيضها التي كانت تحيض ثم تستظهر و تغتسل و تصلي «6» فتقيد بما

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث 5

(2) لاحظ ص: 246

(3) لاحظ ص: 252

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 11

(5) لاحظ ص: 259

(6) الوسائل الباب 1 من أبواب النفاس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 266

و في لزوم الاختبار عند ظهور انقطاع الدم (1) و تقضي الصوم و لا تقضي الصلاة (2)

______________________________

يدل علي اليومين.

(1) استدل عليه بامرين: أحدهما: انها في حكم الحائض. و ليس عليه دليل الا الاجماع المدعي كما تقدم.

ثانيهما: اطلاق نصوص الاستبراء لاحظ حديثي يونس و سماعة «1» بدعوي ان اطلاق الحديثين يشمل النفساء.

و الانصاف: تبادر الحائض من المرأة و الحيض من الدم مضافا الي ما مر من عدم دلالة حديث سماعة علي الوجوب بل يستفاد منه طريق تعلم الحال بالاضافة الي الخدشة في سندها. و أما المرسل فلاعتبار به و قد تقدم انه لا دليل علي التسوية بين الحائض و النفساء في الاحكام.

(2) أما بالنسبة الي قضاء الصوم فيدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن النفساء تضع في شهر رمضان بعد صلاة العصر أ تتم ذلك اليوم أو تفطر؟ فقال: تفطر ثم لتقض ذلك اليوم «2» لكن اسناد الشيخ الي علي بن الحسن ضعيف.

و أما بالنسبة الي الصلاة فالقاعدة الاولية تقتضي

عدم الوجوب فان القضاء بامر جديد و مع عدم ثبوت وجوب القضاء لا يجب الا أن يقال: بأن اطلاقات ادلة القضاء في الصوم و الصلاة تقتضي الوجوب الا أن يقوم دليل علي الخلاف.

______________________________

(1) لاحظ ص: 105 و 103

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب النفاس

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 267

و يحرم وطؤها (1) و لا يصح طلاقها (2).

______________________________

لكن يمكن أن يقال: بأن الاطلاق يشمل المورد الذي يكون المقتضي للتكليف موجودا بحيث لو لا العذر كان الخطاب متوجها الي المكلف كما لو فاتت الصلاة لأجل النوم فان النائم لو انتبه توجه اليه الامر بالصلاة و أما في مثل المقام فليس للوجوب في الوقت مقتض فلا مجال لإطلاق دليل القضاء و عليه فالبراءة عن وجوب القضاء محكمة.

و أما الاستدلال علي المدعي بما رواه علي بن مهزيار «1» ففيه ان الظاهر من الحديث ان الامام عليه السلام في مقام بيان حكم المستحاضة لا الحيض فان اتم اجماع تعبدي كاشف علي كون النفاس كالحيض يتم الامر و اللّه العالم.

(1) و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه مالك بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء يغشاها زوجها و هي في نفاسها من الدم؟ قال:

نغم اذا مضي لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها ثم تستظهر بيوم فلا بأس بعد أن يغشاها زوجها يأمرها فتغتسل ثم يغشاها ان أحب «2».

و ما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا انقطع الدم و لم تغتسل فليأتها زوجها ان شاء «3».

و ما رواه حفص بن غياث «4». لكن الروايات مخدوشة سندا فلا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم فلاحظ.

(2) لما روي عن

أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما قالا: اذ أطلق

______________________________

(1) لاحظ ص: 239

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب النفاس الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 251

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 268

و المشهور ان أحكام الحائض من الواجبات و المحرمات و المستحبات و المكروهات تثبت للنفساء أيضا و لكن في جملة من الافعال التي كانت محرمة علي الحائض تشكل حرمتها علي النفساء و ان كان الاحوط أن تجتنب عنها.

و هذه الافعال هي: 1- قراءة الآيات التي تجب فيها السجدة 2- الدخول في المساجد بغير قصد العبور. 3- المكث في المساجد. 4- وضع شي ء فيها. 5- دخول المسجد الحرام و مسجد النّبيّ صلي اللّه عليه و آله و لو كان بقصد العبور (1).

[مسألة 226: ما تراه النفساء من الدم الي عشرة أيام بعد تمام نفاسها فهو استحاضة]

(مسألة 226): ما تراه النفساء من الدم الي عشرة أيام بعد تمام نفاسها فهو استحاضة سواء كان الدم بصفات الحيض أو لم يكن و سواء كان الدم في أيام العادة أم لم يكن (2).

______________________________

الرجل في دم نفاس أو طلق بعد ما يمسها فليس طلاقه إياها بطلاق «1».

مضافا الي الاجماع المدعي.

(1) لو لا قاعدة المساواة المستفاد من الاجماع لا دليل علي المدعي ظاهرا و لم يظهر لي وجه تفصيل الماتن بين الموارد و التبعيض اذ لو تم دليل المساواة كان لازمه الحكم بالتساوي بين الموردين و ترتيب جميع أحكام الحائض علي النفساء و الا فلا نعم في بعض الموارد قد دل علي الحكم النص الخاص.

(2) يستفاد من كلام الماتن أمران: أحدهما: ان الدم المتصل بالنفاس

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 269

و ان استمر الدم بها الي ما بعد العشرة أو انقطع

و عاد بعد العشرة فما كان منه في أيام العادة أو واجدا لصفات الحيض فهو حيض (1) بشرط أن لا يقل عن ثلاثة أيام (2) و ما لم يكن واجدا للصفات و لم يكن في أيام العادة فهو استحاضة (3).

______________________________

استحاضة.

ثانيهما: انه لا بد من فصل عشرة أيام بين النفاس و الحيض اللاحق.

و استدل علي الاول بامرين: الاول الاجماع. الثاني الاخبار الدالة علي أن الدم المتصل استحاضة «1».

و استدل علي الثاني أولا بالإجماع و ثانيا: باطلاق ما دل علي أن أقل الطهر عشرة أيام مثل ما رواه محمد بن مسلم «2» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية انه لا بد من فصل أقل الطهر بين الدمين مطلقا و ثالثا بما رواه عبد اللّه بن المغيرة «3» فانه يستفاد من هذه الرواية انه يشترط في حيضية الدم اللاحق المتأخر عن النفاس تخلل الطهر فالنتيجة ان الدم اللاحق لا يمكن أن يكون حيضا الا مع الفصل باقل الطهر و من هذا يظهر الوجه في قوله: سواء كان الدم الخ.

(1) فانه قام الدليل علي أن الصفرة في أيام العادة حيض كما ان الدليل قائم علي أن الواجد للصفات حيض.

(2) اذ أقل الحيض ثلاثة أيام.

(3) اذ الامر دائر بين الحيض و الاستحاضة فاذا لم يكن في أيام العادة و لم

______________________________

(1) لاحظ ص: 151 حديث زرارة

(2) لاحظ ص: 104

(3) لاحظ ص: 145

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 270

و اذا استمر بها الدم أو انقطع و عاد بعد عشرة أيام من نفاسها و صادف أيام عادتها أو كان الدم واجدا لصفات الحيض و لم ينقطع علي العشرة فالمرأة ان كانت ذات عادة عددية جعلت مقدار عادتها حيضا و الباقي استحاضة و ان لم تكن

ذات عادة عددية رجعت الي التميز و مع عدمه رجعت الي العدد علي ما تقدم في الحيض (1).

[المقصد الخامس غسل الاموات]

اشارة

المقصد الخامس غسل الاموات و فيه فصول:

[الفصل الأول في أحكام الاحتضار]
اشارة

الفصل الاول في أحكام الاحتضار:

[مسألة 227: يجب علي الأحوط توجيه المحتضر إلي القبلة]

(مسألة 227): يجب علي الاحوط توجيه المحتضر الي القبلة بأن يلقي علي ظهره و يجعل وجهه و باطن رجليه اليها (2).

______________________________

يكن واجدا لصفات الحيض فهو استحاضة.

(1) و قد شرحنا كلام الماتن هناك فراجع.

(2) قال في الحدائق: «المشهور بين الاصحاب انه يجب حال الاحتضار الي أن قال: توجيهه الي القبلة بأن يلقي علي ظهره و يجعل باطن قدميه الي القبلة بحيث لو جلس كان مستقبلا» و عن الخلاف القول بالاستحباب.

و استدل علي الوجوب بجملة من النصوص منها: ما رواه ذريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و اذا وجهت الميت للقبلة فاستقبل بوجهه القبلة لا تجعله معترضا كما يجعل الناس فاني رأيت أصحابنا يفعلون ذلك و قد كان أبو بصير يأمر بالاعتراض أخبرني بذلك علي بن أبي حمزة فاذا مات الميت فخذ في جهازه

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 271

______________________________

و عجله «1».

و هذه الرواية قاصرة عن الدلالة علي الوجوب اذ علق الامر بالاستقبال بالوجه علي تعلق ارادة المكلف بالاستقبال.

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول:

اذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة و كذلك اذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبل باطن (مستقبلا بباطن) قدميه و وجهه الي القبلة «2».

و التسجية المذكورة في الرواية عبارة عن التغطية و هي من أحكام بعد الموت و حملها علي التوجيه الي القبلة لا دليل عليه. و ملخص الكلام ان هذه الرواية غير قابلة للاستناد لهذا الحكم.

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن ابراهيم الشعيري و (عن) غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في توجيه الميت قال: تستقبل بوجهه القبلة

و تجعل قدميه ما يلي القبلة «3».

و هذه الرواية قاصرة سندا لعدم ثبوت وثاقة الشعيري و غير واحد الواقع في الخبر لا يخرجه عن الارسال مضافا الي الاشكال في الدلالة فان الرواية لا تتعرض لحال الاحتضار.

و منها ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الميت

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 272

بل الاحوط وجوب ذلك علي المحتضر نفسه ان أمكنه ذلك (1) و يعتبر في توجيه غير الولي اذن الولي علي الاحوط (2).

______________________________

فقال: استقبل بباطن قدميه القبلة «1».

و هذه الرواية قاصرة دلالة اذ يحتمل السؤال عن حكم الميت بعد تحقق الموت و هذا هو الظاهر لظهور المشتق في التلبس و حمل الميت علي المحتضر بلا قرينة و لا أقل من الاجمال.

و منها: ما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: دخل رسول اللّه عليه و آله علي رجل من ولد عبد المطلب و هو في السوق (النزع) و قد وجه (الي غير) القبلة فقال: وجهوه الي القبلة فانكم اذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة و أقبل اللّه عز و جل عليه بوجهه فلم يزل كذلك حتي يقبض «2».

و هذه الرواية ضعيفه بما جيلويه. و لكن لا يبعد أن يكون الحديث بسنده الاخر الذي نقله الصدوق معتبرا نعم يمكن ان يقال ان ذكر الفائدة فيه قرينة علي الندب فلاحظ. فانقدح بما ذكرنا ان الحكم بالوجوب مبني علي الاحتياط.

(1) حكي التصريح به عن بعض و ما يمكن أن يقال في وجهه: ان الظاهر من الاخبار كونه مطلوبا و الخطاب الي الغير من باب

عدم تمكن نفس الشخص و عن طهارة الشيخ قدس سره: انه لا يبعد تقدمه علي غيره في هذا التكليف».

و الانصاف: انه خلاف الظاهر و اللّه العالم.

(2) ما يمكن أن يذكر في وجهه امور: الاول: الاجماع المدعي في المقام.

و فيه: مضافا الي الاشكال في كافة الاجماعات المنقولة-: ان شمول معقد الاجماع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 273

______________________________

لما قبل الموت اول الكلام.

الثاني: عمومات الاولولية بالنحو الخاص و العام لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة تموت من أحق أن يصلي عليها؟ قال: الزوج قلت: الزوج أحق من الاب و الاخ و الولد؟ قال:

نعم «1».

و ما رواه غياث بن ابراهيم الرزامي عن جعفر أبيه عن علي عليهم السلام أنه قال: يغسل الميت أولي الناس به «2».

و ما رواه الصفار قال: كتبت الي الاخير عليه السلام رجل مات و عليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام و له وليان هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعا خمسة أيام أحد الوليين و خمسة أيام الاخر؟ فوقع عليه السلام يقضي عنه أكبر وليه عشرة أيام ولاء ان شاء اللّه «3».

و ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام قال: يقضي عنه أولي الناس بميراثه قلت فان كان أولي الناس به امرأة؟ فقال: لا الا الرجال «4» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 24 من أبواب صلاة الجنازة و الباب 26 من أبواب غسل الميت و الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان. و شمول هذه النصوص لما قبل

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب صلاة

الجنازة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 23 من احكام شهر رمضان الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 274

و ذكر العلماء رضوان اللّه عليهم: انه يستحب نقله الي مصلاه ان اشتد عليه النزع (1) و تلقينه الشهادتين و الاقرار بالنبي صلي اللّه عليه و آله (2).

______________________________

الموت أول الكلام.

الثالث: ان توجيهه تصرف في الشخص فلا يجوز. و فيه: ان نفس توجه التكليف يقتضي الجواز مضافا الي أنه لو كان هذا الوجه صحيحا يجب الاستيذان من شخص المحتضر لا من وليه الا مع عدم الامكان فيجب الاستيذان بنحو الترتيب أولا من وليه الخاص ثم من الحاكم ثم من عدول المؤمنين فلاحظ.

(1) كما في جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا عسر علي الميت موته قرب الي مصلاه الذي كان يصلي فيه «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: اذا اشتد عليه النزع فضعه في مصلاه الذي كان يصلي فيه أو عليه «2» و منها: غيرهما المذكور في الباب 40 من ابواب الاحتضار من الوسائل.

(2) كما في جملة من النصوص: منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا حضرت الميت قبل أن يموت فلقنه شهادة أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 36 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 275

و الائمة عليهم السلام (1) و سائر الاعتقادات الحقة (2) و تلقينه كلمات الفرج (3) و يكره أن

يحضره جنب أو حائض (4).

______________________________

و منها: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: انكم تلقنون موتاكم عند الموت لا إله الا اللّه و نحن نلقن موتانا محمد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «1».

(1) كما في جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: لو أدركت عكرمة عند الموت لنفعته فقيل لأبي عبد اللّه عليه السلام: بما ذا كان ينفعه؟ قال: يلقنه ما أنتم عليه «2».

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: فيه فلقنوا موتاكم عند الموت شهادة ان لا إله الا اللّه و الولاية «3».

(2) فان اطلاق حديث زرارة يشمله.

(3) كما في حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا ادركت الرجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج لا إله الا اللّه الحليم الكريم لا إله الا اللّه العلي العظيم الحديث «4».

(4) كما دل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه علي بن أبي حمزة قال:

قلت لأبي الحسن عليه السلام: المرأة تقعد عند رأس المريض و هي حائض في حد الموت؟ فقال: لا بأس أن تمرضه فاذا خافوا عليه و قرب ذلك فلتنح

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 38 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 276

و أن يمس حال النزع (1) و اذا مات يستحب أن تغمض عيناه (2) و يطبق

______________________________

عنه و عن قربه فان الملائكة تتأذي بذلك «1».

و ما رواه يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تحضر الحائض الميت و لا الجنب عند التلقين و

لا بأس أن يليا غسله «2» و ما ارسله الصدوق «3».

و ليس في هذه النصوص ما يصح سنده فلاحظ.

(1) كما في حديث زرارة قال: ثقل ابن لجعفر و أبو جعفر جالس في ناحية فكان اذا دني منه انسان قال: لا تمسه فانه انما يزداد ضعفا و أضعف ما يكون في هذه الحال و من مسه علي هذه الحال أعان عليه فلما قضي الغلام أمر به فغمض عيناه و شد لحياه «4».

(2) كما في حديث أبي كهمش قال: حضرت موت اسماعيل و أبو عبد اللّه عليه السلام جالس عنده فلما حضره الموت شد لحييه و غمضه و غطي عليه الملحفة «5».

و هذه الرواية ضعيفة باحمد بن شعيب و يدل علي المدعي حديث زرارة «6» فانه عليه السلام أمر بغمض عينيه.

و أما حديث زياد المخارقي قال: لما حضرت الحسن بن عليه السلام الوفاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 44 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 44 من أبواب الاحتضار الحديث: 3

(6) لاحظه قبل اسطر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 277

فوه (1) و يشد لحياه (2) و تمد يداه الي جانبيه و ساقاه (3)

و يغطي بثوب (4) و أن يقرأ عنده القرآن (5) و يسرج في المكان

______________________________

استدعي الحسين بن علي عليه السلام فقال له: يا أخي اني مفارقك و لا حق بربي الي أن قال: فاذا قضيت نحبي فغمضني و غسلني «1»، فهو ضعيف بعبد اللّه بن بن ابراهيم.

(1) لا يبعد أن أن يستفاد من حديث أبي كهمش.

(2) كما صرح في رواية أبي كهمش.

(3) لم نجد دليلا لا بالنسبة الي اليدين و لا الرجلين و

يمكن أن يكون الوجه فيه انه أطوع للغسل و أيضا يمكن أن يكون حرمته أحفظ و اللّه العالم.

(4) يستفاد من رواية أبي كهمش «2» و أيضا يستفاد من حديث سليمان بن خالد «3».

(5) ففي رواية سليمان الجعفري قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام يقول لابنه القاسم قم يا بني فاقرأ عند رأس اخيك و الصافات صفا حتي تستمها فقرأ فلما بلغ «اهم اشد خلقا أم من خلقنا» قضي الفتي فلما سجي و خرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له: كنا نعهد الميت اذا نزل به الموت يقرأ عنده «يس و القرآن الحكيم» فصرت تأمرنا بالصافات فقال: يا بني: لم تقرأ عند مكروب (و من موت) الا عجل اللّه راحته «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الدفن الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 276

(3) لاحظ ص: 271

(4) الوسائل الباب 41 من أبواب الاحتضار

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 278

الذي مات فيه ان مات في الليل (1) و اعلام المؤمنين بموته ليحضروا جنازته (2) و يعجل تجهيزه (3) الا اذا شك في موته فينتظر به حتي يعلم

______________________________

و في الفقه الرضوي «اذا حضر احدكم الوفاة فاحضروا عنده القرآن و ذكر اللّه تعالي و الصلاة علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «1».

(1) لما في رواية عثمان بن عيسي عن عدة من أصحابنا قال لما قبض أبو جعفر عليه السلام أمر أبو عبد اللّه عليه السلام بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتي قبض أبو عبد اللّه عليه السلام ثم أمر أبو الحسن عليه السلام بمثل ذلك في بيت أبي عبد اللّه عليه السلام «2».

و السند ساقط عن الاعتبار و قاعدة التسامح ليست تامة.

(2) كما في جملة من النصوص منها

ما رواه أبو ولاد و عبد اللّه بن سنان جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ينبغي لأولياء الميت منكم أن يأذنوا اخوان الميت بموته فيشهدون جنازته و يصلون عليه و يستغفرون له الحديث «3» و ما رواه ذريح المحاربي «4».

(3) كما في حديث ذريح «5» و أما بعض النصوص المشار اليها «6» في كلام المستمسك فغير نقي السند فلاحظ.

______________________________

(1) الحدائق ج 3 ص: 369

(2) الوسائل الباب 45 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 270

(6) الوسائل الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 279

موته (1) و يكره أن يثقل بطنه بحديد أو غيره (2) و أن يترك وحده (3).

[الفصل الثاني في الغسل]
اشارة

الفصل الثاني في الغسل تجب ازالة النجاسة عن جميع بدن الميت قبل الشروع في في الغسل علي الاحوط الاولي (4).

______________________________

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان النفوس لها أهمية خاصة مضافا الي استصحاب الحياة اضف الي ذلك جملة من النصوص: منها: ما رواه هشام بن الحكم عن أبي الحسن عليه السلام في؟؟؟ و الغريق قال: ينتظر به ثلاثة أيام الا أن يتغير قبل ذلك «1» الي غيره من الروايات المذكور في الوسائل في الباب 48 من أبواب الاحتضار.

(2) لم نجد عليها دليلا الا أن يستفاد من كراهة المس لكن الظاهر من المتن بيان الحكم بعد الموت لا حال الاحتضار.

(3) ففي رواية ابي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس من ميت يموت و يترك وحده الا لعب الشيطان في جوفه «2». و الرواية ضعيفة سندا.

(4) قال المحقق الهمداني قدس سره- في شرح قول الماتن-: «بلا

اشكال فيه في الجملة بل لا خلاف فيه ظاهرا كما عن غير واحد التصريح به بل عن التذكرة و المفاتيح و النهاية الاجماع عليه».

و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي امور: الاول: ان الاشتغال اليقيني

______________________________

(1) الوسائل الباب 48 من أبواب الاحتضار الحديث 1

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 280

______________________________

يقتضي البراءة اليقينية و هي لا تحصل الا بما ذكر. و فيه: ان الاشتغال بالزائد علي الاغسال أول الاشكال.

الثاني عدة روايات منها: مرسلة يونس و فيها (ثم اغسل يديه ثلاث مرات كما يغسل الانسان من الجنابة الي نصف الذراع ثم اغسل فرجه و نقه ثم اغسل رأسه بالرغوة الي أن قال في كيفية غسله بماء الكافور و افعل به كما فعلت في المرة الاولي ابدأ بيديه ثم بفرجه و امسح بطنه مسحا رفيقا فان خرج منه شي ء فانقه الحديث «1».

و هذه الرواية قاصرة سندا بالارسال فلا تصلح للاستناد.

و منها: ما رواه عبد اللّه الكاهلي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الميت فقال: الي أن قال: «ثم ابدأ بفرجه بماء السدر و الحرض فاغسله ثلاث غسلات الحديث «2».

و الكاهلي لم يوثق فان مجرد كونه وجها عند أبي الحسن و توصية ابن يقطين به لا يدل علي توثيقه من قبل المعصوم عليه السلام. مضافا الي أن محمد بن سنان في السند.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: أمرني أبو عبد اللّه عليه السلام أن أعصر بطنه ثم اوضيه بالاشنان ثم أغسل رأسه بالسدر و لحييه ثم أفيض علي جسده منه ثم أدلك به جسده ثم أفيض عليه ثلاثا ثم أغسله بالماء القراح ثم أفيض عليه الماء بالكافور

و بالماء القراح و أطرح فيه سبع ورقات سدر «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 281

______________________________

و الظاهر ان هذه الرواية لا تدل علي المدعي اذ ليس فيها ما يدل علي وجوب التطهير فلاحظ.

و منها: ما رواه العلاء بن سيابة قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام و انا حاضر عن رجل قتل فقطع رأسه في معصية اللّه أ يغسل أم يفعل به ما يفعل بالشهيد؟

فقال. اذا قتل في معصية يغسل أولا منه الدم ثم يصب عليه الماء صبا و لا يدلك جسده و يبدأ باليدين و الدبر و يربط جراحاته بالقطن و الخيوط و اذا وضع عليه القطن عصب و كذلك موضع الرأس يعني الرقبة و يجعل له من القطن شي ء كثير و يذر عليه الحنوط ثم يوضع القطن فوق الرقبة و ان استطعت أن تعصبه فافعل «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالعلاء اذ لم يوثق.

و منها: ما رواه أبو العباس يعني الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن (غسل) الميت فقال: اقعده و اغمز بطنه غمزا رفيقا ثم طهره من غمز البطن ثم تضجعه ثم تغسله تبدأ بميامنكم منه و تغسله بالماء و الحرض ثم بماء و كافور ثم تغسله بماء القراح و اجعله في أكفانه «2».

و الانصاف: انه لا يبعد أن يستفاد المدعي من هذه الرواية و لكن المستفاد من حديث عمار بن موسي خلاف ذلك قال فيه: «و يكون علي يديك خرقة تنقي بهاد بره «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان تنقية الدبر مما خرج منه

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من

أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 282

______________________________

بالخرقة بمعني ازالة العين، تكفي و لا يلزم التطهير بالماء فلاحظ فلقائل أن يقول:

انه ترفع اليد عن ظهور حديث أبي العباس بصراحة حديث عمار.

الثالث: الاجماعات المنقولة بالاضافة الي دعاوي عدم الخلاف. و فيه:

انه ان وصل الامر الي حد الوضوح بحيث لا يعتريه الشك، و الا لم يمكن الاستناد الي مثل هذه الاجماعات سيما مع هذه الوجوه المتقدمة المذكورة في كلمات القوم للاستناد.

الرابع: ان الامر كذلك في غسل الجنابة و من ناحية اخري قد دلت جملة من النصوص علي أن غسل الميت كغسل الجنابة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: غسل الميت مثل غسل الجنب و ان كان كثير الشعر فرد عليه الماء ثلاث مرات «1». و غيره مما ورد في الباب 3 من أبواب غسل الميت من الوسائل.

و يرد عليه: اولا: ان الاشتراط في باب غسل الجنابة أول الكلام و الاشكال.

و ثانيا: ان هذه النصوص لا تفي باثبات المطلوب فانها ظاهرة في أن غسل الميت من حيث الماهية كغسل الجنابة من غسل الرأس و الرقبة أولا و الطرف الايمن و الايسر ثانيا مع الترتيب أو بدونه و أما بالنسبة الي بقية الجهات من الشرائط و الآثار فلا و لا أقل من عدم ظهورها في الاطلاق و العرف ببابك. لكن الانصاف:

ان عموم التنزيل يقتضي المساواة من جميع الجهات.

الخامس: انه لو فرض نجاسة المحل فبوصول الماء الي البدن ينفعل و يشترط في الماء أن يكون طاهرا.

و يرد عليه أولا: ان الدليل اخص من المدعي اذ يمكن فرض تحقق الغسل

______________________________

(1)

الوسائل الباب 3 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 283

______________________________

بالماء العاصم فلا مجال لهذا البيان. و ثانيا: ان هذا البيان يتم علي القول بانفعال الماء القليل بملاقاة المتنجس و أما لو لم نقل بهذه المقالة فلا مجال كما هو ظاهر كما لو قلنا. بطهارة الغسالة علي الاطلاق أو في الغسلة المطهرة أو قلنا بتنجسها بعد الانفصال اشكل الاستدلال.

أضف الي ذلك ان انفعال الماء بالملاقاة لا بد منه اذ المفروض ان بدن الميت من الاعيان النجسة. ان قلت: انه أمر لازم فنلتزم بالتخصيص بالنسبة اليه. قلت: الالتزام بهذا ليس باولي من الالتزام بعدم الانفعال اذا كان في مقام الاستعمال بلا فرق بين النجاسة الاصلية و العرضية الا أن يقال بأن العفو عن الاصلية لا كلام فيه و أما بالنسبة الي العرضية ففيه كلام.

السادس: ان التداخل في المسببات علي خلاف القاعدة فكيف يمكن تحقق التطهير و الغسل بغسل واحد.

و يرد عليه أولا: ان هذا الوجه علي فرض تماميته انما يقتضي عدم طهارة البدن و أما بطلان الغسل فلا اذ يمكن غسل البدن بعد غسل الميت و ثانيا: ان قانون التداخل لا ينطبق علي المقام فان المولي اذا أمر بامرين لا يمكن للمكلف أن يجمع بين الامتثالين بفعل واحد و يحتاج التداخل الي الدليل نعم فيما يكون بين موضوعي الحكمين عموم من وجه يكون التداخل علي القاعدة كما لو أمر في دليل باكرام الهاشمي و في دليل آخر باكرام العالم يمكن للمكلف أن يمتثل التكلفين باكرام عالم هاشمي و في المقام ليس الا تكليف واحد و الامر بغسل الخبث ارشاد الي مطهرية الماء للنجاسة فاذا حصل الغسل بعنوان امتثال الامر يتحقق الغسل بلا كلام

و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين مصاديق الغسل فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 284

و الا قوي كفاية ازالتها عن كل عضو قبل الشروع فيه (1) بل الاظهر كفاية الازالة بنفس الغسل (2) اذا لم يتنجس الماء بملاقاة

______________________________

السابع: ما عن المعتبر «من أنه يجب ازالة النجاسة الحكمية عن بدن الميت فوجوب ازالة العينية أولي». و يمكن أن يكون مراده بالحكمية، النجاسة الحاصلة في بدنه بالموت و مراده بالعينية تنجس بدنه بالملاقاة مع النجس الخارجي كما انه يمكن أن يكون المراد من الحكمية الحدثية و من العينية الخبثية.

و فيه أولا: انه لا اولوية و ثانيا: لا يقتضي هذا الدليل وجوب الغسل قبل غسل الميت فتأمل كي لا يشتبه عليك الامر.

و في المقام شبهة و هي انه لا أثر لتطهير بدن الميت من النجاسة العرضية مع فرض ان بدنه من الاعيان النجسة. و الجواب ان الامور الشرعية امور تعبدية ليس للعقل اليها سبيل فالعمدة تمامية الدليل فان تم نأخذ به و لا نبالي بهذه الاستبعادات.

(1) اذا كان المستند للوجوب حديث الفضل بن عبد الملك «1» فالظاهر منه اشتراط طهارة جميع البدن قبل الغسل و أيضا يستفاد من حديث عمار «2» لزوم الانقاء قبل الغسل.

ان قلت: مقتضي التنزيل منزلة غسل الجنابة عدم الوجوب اذ ليس هذا الاشتراط في غسل الجنابة. قلت: التخصيص ليس عزيزا فلاحظ.

(2) مقتضي ما قدمنا انه لا يكفي فان المستفاد من النص اشتراط التقدم

______________________________

(1) لاحظ ص: 281

(2) لاحظ ص: 281

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 285

المحل (1) ثم ان الميت يغسل ثلاثة أغسال (2).

______________________________

الزماني.

(1) كان يكون عاصما و لم نفهم وجه هذا التقييد فانه يرد عليه: انه لو قلنا بجواز التداخل في المقام- كما يظهر جوازه من

الماتن- ان الماء الطاهر بمجرد وصوله الي بدن الميت يترتب عليه أثران الا أن يقال ان آن الاتصال هو آن الانفعال و الماء المنفعل لا يمكن أن يحصل به الغسل اللهم الا أن نقول: بعدم الانفعال الا بعد الانفصال فلاحظ.

(2) و هو مذهب الاصحاب عدا السلار- هكذا نقل عن المعتبر- و عن جملة من الاساطين نقل الاجماع عليه و السيرة جارية عليها أضف الي ذلك ان النصوص تدل عليها لاحظ حديث الفضل «1» و غيره مما ورد في الباب 2 من أبواب غسل الميت من الوسائل.

و ما قيل في وجه ما نسب الي السلار امور: الاول: ان مقتضي اصالة البراءة عدم وجوب الزائد علي الواحد و انه يكفي غسل واحد بالماء القراح.

و لا يخفي انه مع الدليل لا تصل النوبة الي الاصل.

الثاني: ما دل من النصوص من ان غسل الميت كغسل الجنابة مثل ما رواه محمد بن مسلم «2» و غيره المذكور في الباب 3 من أبواب غسل الجنابة من الوسائل.

و فيه أولا: انه يمكن أن يقال: بأن التشبيه ناظر الي الكيفية و ثانيا: ان التخصيص علي القاعدة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 281

(2) لاحظ ص: 282

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 286

الاول بماء السدر، الثاني بماء الكافور الثالث بماء القراح (1) كل واحد منها كغسل الجنابة (2)

______________________________

الثالث: انه قد دل بعض النصوص ان الميت الجنب يغسل غسلا واحدا لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت: لأبي جعفر عليه السلام: ميت مات و هو جنب كيف يغسل؟ و ما يجزيه من الماء؟ قال: يغسل غسلا واحدا يجزي ذلك للجنابة و لغسل الميت لأنهما حرمتان اجتمعا في حرمة واحدة «1».

و فيه: ان المقصود انه يتداخل الامران و يحصلان بغسل واحد و

لا يرفع اليد بهذه النصوص عن النصوص الدالة علي وجوب الاغسال الثلاثة.

(1) هذا هو المشهور بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه الفضل بن عبد الملك «2» و غيره من النصوص الواردة في الباب 2 من أبواب غسل الميت في الوسائل. و بما ذكرنا ظهر ضعف ما عن ابني حمزة و سعيد من عدم اشتراط الخليطين فانه صرح بالاشتراط بهما في عدة نصوص فلاحظ. و كون غسل الميت كغسل الجنابة لا يستلزم التطابق بينهما من جميع الجهات و يكفي في عدم التطابق ان غسل الميت ثلاثة أغسال.

(2) كما صرح في جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم «3» و منها غيره المذكور في الوسائل في الباب 3 من أبواب غسل الميت.

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 281

(3) لاحظ ص: 282

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 287

الترتيبي (1) و لا بد فيه من تقديم الايمن علي الايسر (2) و من النية علي ما عرفت في الوضوء (3).

______________________________

(1) كما يستفاد من النصوص المشار اليها. و هل يجوز الارتماسي في غسل الميت؟- كما عن العلامه و ولده و الشهيدين و المحقق الثاني- لا يبعد أن يقال بالكفاية للنصوص الدلة علي أن غسل الميت كغسل الجنابة و النصوص في مقام بيان الكيفية واردة في الماء القليل.

لكن الانصاف ان الالتزام بكفاية الارتماس مشكل فان المولي مع كونه في مقام البيان لم يبين كفاية الارتماس فان الاطلاق المقامي يقتضي عدم الجواز.

(2) كما صرح في جملة من النصوص منها ما رواه الفضل بن عبد الملك «1» و منها غيره المذكور في الوسائل في الباب 2 من أبواب

غسل الميت.

(3) الذي يظهر من كلمات القوم ان المسألة وقعت محل الكلام بين القوم و نسب الي جماعة عدم الوجوب.

و كيف كان الذي يمكن أن يذكر في وجه الوجوب امور: منها: الاجماع فانه نقل عن الخلاف الاجماع عليه لكن حال الاجماع المنقول في الاشكال معروف.

و منها: قوله تعالي: «وَ مٰا أُمِرُوا إِلّٰا لِيَعْبُدُوا اللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» «2» و الظاهر من الاية النظر الي نفي الشرك لا بيان ان كل أمر، عبادي و الا يلزم تخصيص الاكثر المستهجن.

______________________________

(1) لاحظ ص: 281

(2) البينة/ 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 288

[مسألة 228: اذا كان المغسل غير الولي فلا بد من اذن الولي]

(مسألة 228): اذا كان المغسل غير الولي فلا بد من اذن الولي (1)

______________________________

و منها: ما ورد في النصوص من أنه لا عمل الابنية و انما الاعمال بالنيات لاحظ ما رواه ابو حمرة عن علي بن الحسين عليه السلام قال: لا عمل الابنية «1» و ما رواه الشيخ قال: و روي انه قال: انما الاعمال بالنيات و انما لا مرئي ما نوي «2» فان المقصود من هذه النصوص ان حسن العمل و قبحه بالنية.

و منها: ما ورد في جملة من النصوص أنه كغسل الجنابة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «3».

و فيه: انه يمكن أن يكون المراد الاتحاد بينهما من حيث الكيفية.

و منها: ارتكازيتها بين المتشرعة بحيث يكون من الواضحات التي لا مجال للتأمل فيها و هذا هو العمدة فلاحظ.

(1) قال في الحدائق: «قد صرح الاصحاب بأن الغسل واجب كفائي و ان أولي الناس به اولاهم بميراثه و نقل عن الذكري في غسل الميت اولي الناس به اولاهم بارثه و كذا باقي الاحكام لعموم قوله تعالي: «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ» * «4» «5».

و لا يخفي ان

الاية بنفسها لا دلالة فيها علي المدعي اذ الظاهر منها ان الولاية المذكورة ولاية الارث و لذا قالوا ان هذه الاية نسخت ولاية الارث بالمؤاخاة التي أجراها النّبيّ صلي اللّه عليه و آله بين المسلمين في أول الهجرة فلا بد

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 282

(4) الانفال/ 76

(5) الحدائق ج 3 ص: 276

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 289

و هو الزوج بالنسبة الي الزوجة (1)

______________________________

من الظفر علي دليل يدل علي أن اولي الناس بالميت فيما يتعلق به أولادهم بارثه.

و ما يدل علي المدعي ما رواه غياث بن ابراهيم الرزامي «1» و هذه الرواية ضعيفة بغياث.

و مما يمكن أن يستدل به علي المدعي ما رواه عبد اللّه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه عن آبائه قال: دخل علي عليه السلام علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في مرضه و قد اغمي عليه و رأسه في حجر جبرئيل و جبرئيل في صورة دحية الكلبي فلما دخل علي عليه السلام قال له جبرئيل: دونك رأس ابن عمك فانت أحق به مني لان اللّه يقول في كتابه: «و اولي الارحام بعضهم اولي ببعض في كتاب اللّه الحديث «2». و الرواية ضعيفة بالارسال.

و يدل علي المدعي أيضا ما ارسله الصدوق قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: يغسل الميت أولي الناس به أو من يأمره الولي بذلك «3» و المرسل لا اعتبار به.

و لكن لا يبعد أن يستفاد المدعي من النصوص الخاصة الواردة في هذا المقام و ستمر عليك فانتظر اضف الي جميع ما ذكرنا السيرة الجارية بين المتشرعة فانها جارية علي الاستيذان بلا كلام.

(1) ادعي

عليه الاجماع و يدل علي المطلوب ما رواه اسحاق بن عمار عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 273

(2) تفسير البرهان ج 2 ص: 98

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 290

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السلام قال الزوج أحق بامرأته حتي يضعها في قبرها «1» لكن الرواية ضعيفة سندا بسهل.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: المرأة تموت من أحق الناس بالصلاة عليها؟ قال: زوجها قلت:

الزوج أحق من الاب و الولد و الاخ؟ قال: نعم و يغسلها «2».

و الرواية ضعيفة بالبطائني و بضعف طريق الصدوق الي أبي بصير.

و لا يبعد أن يستفاد من مجموع ما ورد في الباب و في الصلاة علي الميت و في غير الموردين ان الامر كما عليه القوم.

نعم المستفاد من حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة علي المرأة الزوج أحق بها أو الاخ؟ قال: الاخ «3» خلاف المدعي لكن الرواية ضعيفة بالمحسن بن أحمد فانه لم يوثق و الدلالة أيضا مخدوشة اذ المذكور فيها الصلاة علي الميت و الكلام في التغسيل فلاحظ.

ثم ان الظاهر من النص و الفتوي ان الاولوية المذكورة وجوبية لكن المنقول عن جملة من الاكابر- كسيد المدارك و غيره- انها استحبابية و ذكر في وجهه وجوه:

الاول: الاصل اذ النص الدال علي المدعي ضعيف فلا أثر له و فيه:

أنه لو قلنا: بأن عمل المشهور جابر لضعف السند و الا يكون الاشكال من هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج

الصالحين، ج 2، ص: 291

ثم المالك (1) ثم الطبقة الاولي في الميراث و هم الابوان و الاولاد ثم الثانية و هم الاجداد و الاخوة ثم الثالثة و هم الاعمام و الاخوال ثم المولي المعتق ثم ضامن الجريرة (2)

______________________________

الناحية تاما و علي هذا الفرض لا وجه للاستصحاب أيضا اذ قاعدة التسامح غير تامة.

الثاني: جريان السيرة علي عدم التعطيل بدون اذن الولي و فيه: ان الامر بالعكس كما تقدم.

الثالث: ضعف دلالة الادلة. و فيه: انه لا قصور في دلالة الدليل علي المدعي مضافا الي السيرة الجارية علي الاستيذان بنحو اللزوم.

الرابع: ان التوقف عسر. و فيه: أولا: انه لا عسر فيه و ثانيا: انه لو تم الدليل علي الاشتراط لا يمكن رفع اليد عنه بمجرد كونه عسرا فان العسر انما يرفع التكليف فيما يكون العسر عارضا و أما اذا دل الدليل علي وجوب الفعل الفلاني الملازم للعسر فلا يرفعه.

(1) نقل عن البرهان القاطع: «ان هذا الحكم قطعي» و استدل عليه في المستمسك بأنه مقتضي الملكية اذ المولي مالك للعبيد و المالك مسلط علي ملكه فلا يجوز لأحد التصرف في ملكه بلا اذنه.

و يرد عليه. ان بقاء الملكية حتي بعد الموت للمملوكية أول الاشكال و الكلام فان تم الاجماع و التسالم و كونه قطعيا و الا يشكل الجزم به فلاحظ.

(2) قال في الحدائق: ما مضمونه: ان هذه الاولوية مما لا خلاف فيه نصا و فتوي» «1» و عن جامع المقاصد. «الظاهر ان الحكم مجمع عليه».

______________________________

(1) الحدائق ج 3 ص: 377

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 292

ثم الحاكم الشرعي علي الاحوط (1).

______________________________

و أفاد المحقق الهمداني قدس سره: «انه يكفي لإثبات المدعي قوله تعالي: وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ «1» * فان

اطلاق الاية يشمل جميع ما يتعلق بالميت اذ حذف المتعلق يفيد العموم» و نقل عن المقدس الأردبيلي قدس سره ان الاية لا دلالة فيها أصلا «2».

و الانصاف ان ما أفاد المقدس قدس سره تام اذ الحكم لا يتعرض لموضوع نفسه و كون التصدي للغسل من الحقوق أول الكلام نعم قد ثبت بالنص أن الاولي بالصلاة علي الميت أولي بارثه لاحظ النصوص الواردة في هذا المقام منها:

ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يصلي علي الجنازة أولي الناس بها أو يأمر من يحب «3» هذا من ناحية و من ناحية اخري ادعي الاجماع علي عدم الفرق بين الاحكام المتعلقة بالميت مضافا الي الاجماعات المنقولة في المقام.

و لا يخفي ان عمدة المدرك الاجماع فان تم و الا يشكل الحكم لضعف النصوص المشار اليها ثم ان التلازم المدعي في المقام بين جميع ما يتعلق بالميت من حيث الحكم اول الكلام.

(1) الذي يختلج بالبال ان وجه تردده انه لا مقتضي لكونه اولي فان الحاكم ليس وارثا للميت بل الوارث في الطبقة الاخيرة هو الامام عليه السلام غاية الامر في زمان غيبته الحاكم يتصرف في ماله حسبة و لذا كتب في هامش العروة

______________________________

(1) الانفال/ 76

(2) مصباح الفقيه ج 1: ص 352

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 293

[مسألة 229: البالغون في كل طبقة مقدمون علي غيرهم و الذكور مقدمون علي الاناث]

(مسألة 229): البالغون في كل طبقة مقدمون علي غيرهم (1) و الذكور مقدمون علي الاناث (2).

______________________________

في هذا الموضع: «الاظهر عدم كون الحاكم الشرعي أولي» و الامر كما أفاده لما ذكرنا.

(1) استدل عليه في المستمسك: بقصور نظر غير البالغ في حق نفسه ففي حق غيره أولي فتختص الولاية

بالبالغ و لا مجال لمشاركة الولي غير البالغ لاختصاص ولايته عليه فيما هو له و قد عرفت انه ليس له ولاية النظر.

و يرد عليه: ان مقتضي هذا التعليل سلب الولاية عنه و الحال ان الكلام في وجه الترجيح و الاولوية.

فربما يقال- كما قيل- بأن ولايته ثابتة و تجب رعاية اذنه غاية الامر يتصدي عنه وليه.

لكن الذي يختلج بالبال أن يقال: ان القصور في المقتضي و بعبارة اخري:

لا دليل علي ولايته كي يتصدي عنه الولي لان المفروض انه محجور عليه و عمده خطأ الا أن يقال، ان مقتضي اطلاق الدليل ثبوت الولاية له و حيث انه غير قابل للاستيذان يتصدي عنه وليه لكن تمام الاشكال في أن عمدة الدليل هو الاجماع علي أصل الحكم و شمول الاجماع للمقام محل تأمل و اشكال فلاحظ.

(2) ما يمكن أن يقال في هذا المقام وجوه: الاول: دعوي عدم الخلاف فيه فعن المنتهي: «انه لا خلاف فيه»، و يرد عليه ان الاجماع في اعتباره اشكال فكيف بعدم الخلاف.

الثاني: كون الرجل أعقل غالبا و انه أقوي علي الامور و أبصر. و فيه:

انه لا يكون مثله وجها للالتزام بالتعين كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 294

______________________________

الثالث: دعوي السيرة علي تقديم الرجل سيما فيما يكون الميت رجلا.

و فيه: ان الامر علي فرض صدقه يمكن أن يكون ناشئا عن الفتاوي و أما اتصال السيرة بزمان المعصوم عليه السلام فأول الاشكال.

الرابع: الاصل بتقريب: ان مقتضي الاصل عدم الولاية للمرأة مع وجود الرجل. و فيه: انه لا تصل النوبة الي الاصل مع وجود اطلاق الدليل أو عمومه فلا بد من ملاحظته.

الخامس: ان الخطاب مختص بالذكور: و فيه: انه ما المراد من هذا الخطاب اذ الكلام في

الاولوية و المفروض ان الولي هو الوارث فاذا كانت المرأة في طبقة الرجل فلما ذا يقدم عليها و الاولوية المدعاة باي دليل.

السادس: ان القضاء لا يجب علي الانثي. و فيه: انه اي ربط بين المقامين.

و من الغريب ما صدر عن المحقق الهمداني قدس سره حيث قال في وجه التقديم: «انه ينصرف الدليل الي الرجل فمع التعدد و اجتماع الرجل و المرأة يكون الامر راجعا الي الرجل».

و يرد عليه: انه لا وجه لهذا الانصراف و علي فرض تماميته بدوي يزول بالتأمل. و يرد عليه أيضا انه لو كان المنشأ للانصراف ان المناسبة بين الحكم و الموضوع يقتضي أن يكون مرجع الامر من له الرئاسة فلازمه تقديم المرأة في مورد تكون هي الرئيسة المطلقة و أيضا يلزم تقدم من له نبوغ و سلطة خارجية و الحال ان الموضوع المذكور في الادلة هو الوارث و هو الميزان فعليه نقول: لو قلنا بأن الاستيذان من واحد من الورثة في الطبقة الواحدة كاف، يكفي الاستيذان من المرأة، و ان قلنا. بأن الاستيذان من الجميع لازم يلزم

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 295

و في تقديم الاب في الطبقة الاولي علي الاولاد و الجد علي الاخ و الاخ من الابوين علي الاخ من أحدهما و الاخ من الاب علي الاخ من الام و العم علي الخال اشكال (1).

______________________________

الاستيذان من جميع الورثة رجلا كان أو امرأة فلاحظ.

(1) أما تقديم الاب علي الاولاد، فنقل عن التذكرة: انه ذهب اليه علمائنا و عن المدارك انه مذهب الاصحاب لا أعلم فيه مخالفا. و من الظاهر ان هذا المقدار لا يوجب الجزم بالاولوية.

و استدل عليه أيضا بأن قوله عليه السلام يصلي علي الجنازة أولي الناس بها «1» ينصرف

اليه. و فيه: انه لا وجه للانصراف و ان شئت قلت: ان الولاية للوارث و المفروض ان الاب و الاولاد كلاهما في طبقة واحدة الا أن يتحقق و يحصل اجماع تعبدي كاشف.

و ربما يستدل علي الاولوية بأن الاب أرفق و أشفق علي الميت من الابن فيكون دعائه أقرب للإجابة. و لا اشكال في فساد هذا الوجه فان مثل هذه الوجوه لا يمكن جعله مدركا للحكم الشرعي.

و استدل علي المدعي بما ورد في تصدي أبي عبد اللّه عليه السلام أمر اسماعيل ابنه بعد وفاته و لم يتصد لأمره أولاده لاحظ الروايات الواردة في الباب 29 من أبواب التكفين من الوسائل.

و فيه: أولا علي فرض تمامية السند ان الامام عليه السلام له الولاية العامة علي كل أحد و هو أولي بالمؤمنين من أنفسهم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 296

و الاحوط وجوبا الاستيذان من الطرفين (1).

______________________________

و ثانيا: انه يمكن أن ولد اسماعيل لم يكونوا بالغين قابلين لأعمال الولاية فالنتيجة ان الاولوية في المقام محل اشكال.

و أما تقديم الجد علي الاخ فقيل في وجهه ان الجد له الولاية علي الميت و علي أبيه فهو أولي. و فيه: انه لا مجال لجعل مثل هذه الامور مدركا للحكم الشرعي كما هو ظاهر.

و أما تقديم الاخ من الابوين علي الاخ من أحدهما فيمكن الاستدلال عليه بما رواه يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ابنك و ابن ابنك أولي بك من أخيك قال: و أخوك لأبيك و امك أولي بك من أخيك لأبيك و أخوك لأبيك أولي بك من أخيك لأمك «1».

لكن الرواية ضعيفة بالكناسي. نعم يمكن الاستدلال علي المدعي بأن الاخ من

الابوين مقدم في الارث علي الاخ من الاب وحده فان كان الميزان التقدم في الارث يثبت المدعي فلاحظ.

و أما تقديم الاخ من الاب علي الاخ من الام بدعوي استفادته من خبر الكناسي ففيه انه قد مر ان الخبر ضعيف فلا وجه للترجيح و قس عليه في البطلان تقديم العم علي الخال بدعوي ان المستفاد من الخبر المذكور تقديم المنتسب بالاب علي المنتسب بالام.

(1) لا اشكال في أن الاحتياط طريق النجاة لكن مقتضي الصناعة عدم تقديم المذكورين الا بالنسبة الي بعضهم لعدم قيام الدليل علي التقدم علي النحو المطلق و عليه يكون الاظهر عدم تقديمهم و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب موجبات الارث الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 297

[مسألة 230: إذا تعذر استيذان الولي لعدم حضوره مثلا]

(مسألة 230): اذا تعذر استيذان الولي لعدم حضوره مثلا أو امتنع عن الاذن و عن مباشرة التغسيل وجب تغسيله علي غيره و لو بلا اذن (1).

______________________________

(1) لا اشكال و لا كلام في أنه يجب غسل الميت و احتمال سقوط الوجوب بامتناع الولي عن الاذن و المباشرة في غاية الوهن و السقوط و الظاهر ان اصل الوجوب و لزوم غسله مما لا ريب فيه عند القوم انما الكلام في أنه كفائي علي جميع المكلفين من أول الامر أو يتعلق الوجوب بغير الولي في فرض امتناعه؟- كما ربما يظهر من كلام صاحب الحدائق قدس سره-.

و علي الجملة: لا اشكال عندهم في الوجوب كفاية فعن المبسوط و الغنية دعوي عدم الخلاف و عن مجمع البرهان: «انه لا نزاع فيه بين المسلمين» و عن الذكري الاجماع عليه و عن المعتبر غسل الميت و تكفينه و الصلاة عليه و دفنه فرض علي الكفاية و هو مذهب العلماء كافة و

عن التذكرة و نهاية الاحكام:

«التغسيل فرض علي الكفاية اذا قام به بعض سقط عن الباقين بلا خلاف فيه بين أهل العلم».

و يمكن أن يقال: ان ما بنوا عليه مقتضي جملة من الاطلاقات منها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: غسل الجنابة واجب الي أن قال و غسل الميت واجب «1».

و منها: ما رواه: طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال:

صل علي من مات من أهل القبلة و حسابه علي اللّه «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 298

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 298

______________________________

و منها: ما رواه غزوان السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: صلوا علي المرجوم من امتي الي أن قال: لا تدعوا أحدا من امتي بلا صلاة «1».

و منها: ما رواه عيص عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال: اذا مات الميت فخذ في جهازه و عجله «2» الي غيرها من النصوص. فان الظاهر من هذه التعابير الواقعة في النصوص وجوبه علي كافة المكلفين.

فانقدح بما ذكرنا انه لا وجه للإشكال في الوجوب الكفائي بلحاظ عدم الدليل فان الدليل واف بالمقصود فتوي و نصا كما تقدم و ان كان للنقاش في اطلاق النصوص أو عمومها مجال بأن يقال: ان ما ورد من أن غسل الميت واجب ليس واردا في مقام البيان من هذه الجهة و

كذا قوله عليه السلام: «صل علي مات من أهل القبلة» فانه وارد للتعميم في المغسل بالفتح بقرينة قوله عليه السلام في ذيله: «فان حسابه علي اللّه» و كذلك غيرهما فان للمناقشة في الاطلاق من هذه الجهة مجالا كما تقدم لكن اذا وصلت النوبة الي الشك في الاطلاق كفي اصالة البيان ثم انه يقع الكلام في جهتين:

الاولي: في أنه هل يمكن اجتماع الوجوب الكفائي مع كون الولي أولي؟

أولا يمكن و الحق هو الاول فانه تارة يكون الاستيذان شرطا للوجوب علي غير الولي و في هذا الفرض لا يمكن الالتزام بالوجوب الكفائي بل الوجوب علي الولي فقط و أما لو كان الاستيذان شرطا للصحة فلا تنافي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 299

______________________________

و بعبارة اخري: ان الوجوب الكفائي علي عامة المكلفين لا ينافي أحقية بعضهم من بعض في ايجاد هذا الواجب بأن يكون له الولاية عليه من قبل الشارع مثلا لو وجب كفاية حفظ الثغور و امامة الجماعة لصلاة الجمعة و لم يرد الشارع من الامر بها الا حصولها في الخارج فلا مانع عقلا و لا عرفا أن يجعل الشارع لمن كان في الازمنة السابقة مشغولا بشي ء منها أو كان ذلك شغلا لا بائه أو غير ذلك حقا بالنسبة اليه بان يكون له التقدم أو يأمر بتقدم من يحب من دون أن يتعين عليه الفعل اذا لتعين عليه ينافي كون تقدمه حقا له.

و لا يخفي ان كونه أحق لا ينافي الوجوب علي البقية من المكلفين كفاية و يظهر الاثر في أن كل واحد من المكلفين يجب عليه احراز تحقق الفعل باحد النحوين اما بتصدي الولي مباشرة أو

تسبيبا و اما القيام به مباشرة باذن الولي أو بدون اذنه مع عدم امكان تحصيل اذنه.

و ربما يقال: بان مقتضي الصناعة أن يحمل المطلق علي المقيد لاحظ ما رواه غياث «1». فان مقتضي الصناعة أن يحمل المطلق في المقام علي مثل هذا المقيد.

و فيه: انه استفيد من الدليل ان الولاية جعلت له ارفاقا بالنسبة اليه لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: اذا حضر سلطان من سلطان اللّه جنازة فهو أحق بالصلاة عليها ان قدمه ولي الميت و الا فهو غاصب «2». فان الغصب يتصور في الحقوق لا في التكاليف.

______________________________

(1) لاحظ ص: 273

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 300

______________________________

فصفوة القول: ان الاشكال ان كان من ناحية القصور في المقتضي فقد ظهر مما تقدم عدم قصور فيه اجماعا و نصا و ان كان من باب اقتضاء الصناعة حمل المطلق علي المقيد فايضا قد ظهر انه لا مجال له مضافا الي ان حمل المطلق علي المقيد فيما لا يكون الاطلاق مقصودا للمولي و أما لو علم انه المقصود فلا مجال لهذا الاشكال.

الجهة الثانية: لا اشكال في أنه مع عدم قيام الولي بأن لا يتصدي بنفسه و أيضا امتنع عن الاذن يسقط اعتبار اذنه اذ المفروض ان الوجوب عام علي كافة المكلفين بنحو الوجوب المطلق و غير مشروط باذنه فلو سقط الوجوب مع عدم اذنه يرجع الي التناقض انما الكلام في أنه في صورة الامتناع عن الاذن لو امكن اجباره عليه هل المحاكم الشرعي اجباره- كما عليه السيد اليزدي في عروته- و علي تقدير عدم الامكان يلزم الاستيذان من

الحاكم بعنوان انه ولي الممتنع أم يسقط اعتبار اذنه في فرض الامتناع؟.

الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الظاهر من الادلة ان هذا الحق انما جعل رعاية للولي و ارفاقا عليه فلا مجال لإجباره علي الاذن.

و ان شئت قلت: ان الاجبار و الولاية يتصور في مورد من يمتنع عن اداء حق الغير و أما بالنسبة الي من يمتنع عن اعمال حق نفسه فلا مجال للإجبار فلا بد من العمل علي طبق القاعدة و حيث فرض ان الوجوب متعلق بكل مكلف كفاية لا مناص عن القيام بالواجب بلا اشتراط الي اذن الولي اذ المستفاد من الدليل ان الولي له الاولوية فما دام الولي يقدم علي الامر ليس لأحد حق المزاحمة و إلا يسقط اعتبار اذنه.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 301

______________________________

و يمكن اثبات المدعي بتقريب آخر و هو ان الولي مع امتناعه عن القيام بالواجب و عدم تعيين من يقوم اما يكون له حق منع الغير عن التصدي أو ليس له هذا الحق أما علي الاول فيلزم الخلف اذ كيف يكون الواجب عاما بالنسبة الي جميع المكلفين و مع ذلك زمام الامر بيد الولي بحيث يكون له الحق الشرعي علي المنع و كيف يجوز اجباره مع انه ذو حق شرعي.

و بعبارة اخري: لا يجوز لأحد أن يجبر غيره أن يرفع اليد عن حقه و هذا الاجبار يسقط الحاكم عن الاعتبار و لا أثر لمثل هذا الاذن الاكراهي.

و أما علي الثاني: فلا مجال للإجبار أيضا اذ معناه اسقاط رأيه كما هو ظاهر فان مرجع عدم الحق الي سقوط حقه و المقام نظير ما لو توقف انقاذ غريق علي توسط ملك الغير فانه لو امتنع عن الترخيص في الدخول يسقط

اذنه عن الاعتبار و لا مجال للإجبار أو تصدي الحاكم لان انقاذ الغريق أهم فلا يتوقف علي الاذن.

فتحصل مما ذكرنا ان الاجبار لا مجال له و يترتب عليه انه لا تصل النوبة الي الاستيذان عن الحاكم الشرعي فلاحظ.

و يدل علي المدعي ما ورد في الصلاة علي العراة مثل ما رواه عمار بن موسي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في قوم كانوا في سفر لهم يمشون علي ساحل البحر فاذا هم برجل ميت عريان قد لفظه البحر و هم عراة و ليس عليهم الا ازار كيف يصلون عليه و هو عريان و ليس معهم فضل ثوب يكفنونه (به) قال: يحفر له و يوضع في لحده يوضع اللبن علي عورته فيستر عورته باللبن و بالحجر ثم يصلي عليه ثم يدفن قلت: فلا يصلي عليه اذا دفن؟ قال:

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 302

[مسألة 231: اذا أوصي أن يغسله شخص معين لم يجب عليه القبول]

(مسألة 231): اذا أوصي أن يغسله شخص معين لم يجب عليه القبول (1)

______________________________

لا يصلي علي الميت بعد ما يدفن و لا يصلي عليه و هو عريان حتي تواري عورته «1» و غيره مما ورد في الباب 36 من أبواب صلاة الجنازة من الوسائل.

و أيضا يدل علي المدعي ما ورد في تغسيل الذمي المسلم مثل ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت: فان مات رجل مسلم و ليس معه رجل مسلم و لا امرأة مسلمة من ذوي قرابته و معه رجل نصاري و نساء مسلمات ليس بينه و بينهن قرابة قال: يغتسل النصاري ثم يغسلونه فقد اضطر و عن المرأة المسلمة تموت و ليس معها امرأة مسلمة و لا رجل مسلم من قرابتها معها

نصرانية و رجال مسلمون ليس بينهما و بينهم قرابة قال: تغتسل النصرانية ثم تغسلها «2».

و أيضا يدل عليه ما ورد في تغسيل بعض الميت مثل ما رواه علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن الرجل يأكله السبع أو الطير فتبقي عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال: يغسل و يكفن و يصلي عليه و يدفن «3».

فان المستفاد من هذه النصوص ان التكليف متوجه الي الكل و يسقط اعتبار الاستيذان مع التعذر.

(1) استدل عليه باصالة البراءة عن الوجوب و لكن لم نفهم خصوصية للمقام فان بناء الاصحاب- بحسب ما استفاد و امن الادلة- ان الوصية العهدية نافذة

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 303

لكن اذا قبل لم يحتج الي اذن الولي (1)

______________________________

بلا اشتراطها بقبول الموصي اليه غاية الامر يجوز للموصي اليه الرد حال الحياة و عدم جوازه بعد الموت و عليه لا تصل النوبة الي اصالة البراءة عن الوجوب اذ الرد لو كان قبل الموت جاز و ان كان بعد الموت فلا يجوز.

(1) وقع الكلام بين القوم في نفوذ هذه الوصية و عدمه فعن المسالك:

ان المشهور عدم نفوذها و عدم تقدم الوصي علي الولي و يتوقف جواز تصدي الوصي علي اذن الولي و عن المختلف انه نسبه الي علمائنا.

و يمكن الاستدلال عليه باطلاق ولاية الولي و عدم دليل علي التقييد و التخصيص و لا مجال للأخذ باطلاق دليل الوصية و قوله تعالي: «فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» «1» اذ نفوذ الوصية

يتوقف علي مشروعيتها كما يدل عليه قوله تعالي: «فَمَنْ خٰافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ» «2» فان الجنف الميل عن الحق.

و بعبارة اخري: اخذ في موضوع نفوذ الوصية المشروعية و المفروض ان دليل ولاية الولي يقتضي عدم مشروعية مورد الوصية بلا اذنه و موافقته فلا تكون الوصية نافذة لحكومة دليل الولاية علي دليل نفوذها فلاحظ.

و في قبال هذا القول ما عن ابن الجنيد من نفوذ الوصية و عدم الحاجة الي الاذن و عن المحقق الثاني الميل اليه و عن المدارك: نفي البأس عنه.

و ما يمكن أن يقال في وجه النفوذ و عدم التوقف علي الاذن امور: الاول:

ان تبديل الوصية منهي عنه. و يدفعه ما تقدم من أنه اخذ في موضوع النفوذ

______________________________

(1) البقرة/ 181

(2) البقرة/ 182

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 304

و اذا أوصي أن يتولي تجهيزه شخص معين جاز له الرد في حياة الموصي و ليس له الرد بعد ذلك علي الاحوط و ان كان الاظهر جوازه لكنه اذا لم يرد وجب الاستيذان منه دون الولي (1).

______________________________

المشروعية و المفروض ان الولاية للولي في الرتبة السابقة.

الثاني: انه ربما آثر الميت شخصا لعلمه بصلاحه و طمعه في إجابة دعائه و منعه من ذلك و حرمانه عما يأمله خلاف الحكمة. و فيه: ان زمام الاحكام ليس بايدينا و المتبع ظواهر الادلة و مثل هذه الوجوه لا يمكن جعله مدركا للحكم الشرعي كما هو ظاهر.

الثالث: ان جعل الولاية للولي بلحاظ الميت فيناسب نفوذ وصيته. و فيه:

أولا: ان المدعي محل اشكال و ثانيا: ان هذا الوجه لا يقتضي رفع اليد عن دليل ولاية الولي.

الرابع: ان دليل الولاية منصرف عن صورة الوصية بتقريب: ان دليل الولاية في

مقام اثبات الولاية لأقرباء الميت بالنسبة الي الاجانب لا بالنسبة الي ولاية الميت علي نفسه. و يرد عليه انه لا وجه لدعوي الانصراف و كون الميت وليا علي نفسه فلا تعارض، أول الكلام و الولاية تحدث بعد الموت و ليست ثابتة قبل الموت فالحق ما ذهب اليه المشهور من عدم نفوذ الوصية.

(1) تعرض الماتن في المقام لفروع: الاول: انه لو أوصي بالولاية جاز له الرد. و جواز الرد قبل وفات الموصي- كما هو ظاهر من العبارة-، علي القاعدة فان بناء الاصحاب ان الموصي اليه لا يجب عليه القبول و يجوز له الرد ما دام الموصي حيا لكن الكلام في صحة هذه الوصية فانه قد ظهر مما ذكرنا

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 305

[مسألة 232: يجب في التغسيل طهارة الماء و اباحته]

(مسألة 232): يجب في التغسيل طهارة الماء (1) و اباحته (2).

______________________________

ان الولاية المقررة من قبل الشارع لا تبقي مجالا لهذه الوصية و أوضحنا المدعي آنفا فلا نعيد.

الثاني: ان للموصي اليه حق الرد حتي بعد وفات الموصي و لم يظهر لنا وجهه و اي فرق بين المقام و بقية المقامات. الثالث: انه لو لم يرد يجب الاستيذان منه دون الولي و هذا يتوقف علي صحة الوصية بالولاية و قد ظهر مما ذكرنا بطلانها فمقتضي الاحتياط الاستيذان من كليهما فلاحظ.

(1) ما يمكن أن يقال في وجه هذه الدعوي امور: الاول: الارتكاز فان المرتكز في أذهان المتشرعة اشتراطها بحيث يكون خلافها مستنكرا عندهم و ان شئت قلت: بأن المركوز في الاذهان ان فاقد الشي ء لا يمكن أن يكون معطيا.

الثاني: الاجماعات المدعاة في المقام. الثالث: الاخبار كما نقل عن المستند بأنه استدل علي المدعي بالإجماع و الاخبار و قال بعض الاصحاب:

انه لم يظفر علي خبر دال علي

هذا المعني. و لعله قدس سره ناظر الي ما دل علي أن غسل الميت كغسل الجنابة و حيث ان غسل الجنابة مشروط بهذا الشرط يكون المقام كذلك.

و يؤيد المدعي ما دل علي اشتراطها في الوضوء كما انه أيضا يؤيده ما دل علي اشتراط ازالة النجاسة عن بدنه و لكن قد مر الاشكال في تمامية دليله و كيف كان لا اشكال في هذا الحكم و اللّه العالم.

(2) لاستحالة اجتماع الامر و النهي و أفاد في المستمسك بأن هذا شرط التقرب المعتبر في العبادة. و لا يخفي ان هذا الاشتراط ليس في خصوص العبادة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 306

و اباحة السدر و الكافور بل الفضاء الذي يشغله الغسل (1) و مجري الغسالة علي النحو الذي مر في الوضوء و منه السدة التي يغسل عليها اذا كان ماء الغسل يجري عليها (2) أما اذا كان لا يجري عليها فمع عدم الانحصار يصح الغسل عليها أما معه فيسقط الغسل لكن اذا غسل حينئذ صح الغسل (3) و كذلك التفصيل في ظرف الماء اذا كان مغصوبا (4).

[مسألة 233: يجزي غسل الميت قبل برده]

(مسألة 233): يجزي غسل الميت قبل برده (5).

[مسألة 234: إذا تعذر السدر و الكافور فالاحوط وجوبا الجمع بين التيمم و تغسيله ثلاث مرات بالماء القراح]

(مسألة 234): اذا تعذر السدر و الكافور فالاحوط وجوبا الجمع بين التيمم بدلا عن كل من الغسل بماء السدر و الكافور و بين

______________________________

اذ الواجب- و ان كان توصليا- لا يعقل أن يتحد مع الغصب لأوله الي اجتماع الضدين و قد مر الكلام حول هذا الموضوع في باب شرائط الوضوء و شرائط غسل الجنابة فراجع.

(1) و الكلام في المذكورات هو الكلام.

(2) و قد مر الكلام فراجع.

(3) بدعوي عدم الاتحاد و كون التركيب انضماميا فمع عدم الانحصار يصح و الا فلا يجب الغسل بل تصل النوبة الي التيمم.

(4) الكلام هو الكلام و قد اشبعنا الكلام حول المذكورات في شرائط الوضوء فراجع.

(5) لإطلاق دليل الغسل بل لا يبعد القول برجحانه نظرا الي الامر بتعجيل تجهيز الميت.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 307

تغسيله ثلاث مرات بالماء القراح و ينوي بالاولين البدلية عن الغسل بالسدر و الكافور (1).

______________________________

(1) لا اشكال في أن التعذر يقتضي سقوط التكليف بالنسبة الي ما تعذر انما الكلام في بقاء أصل وجوب الغسل و الظاهر ان أصل الوجوب في الجملة مورد تسالمهم و عن الحدائق الميل الي السقوط استنادا الي ما رواه عمار بن موسي «1» بتقريب انه ليس في الرواية تعرض للإتيان بالبدل مع ان الظاهر تعذر السدر و الكافور.

و الانصاف: ان الاستدلال غير تام فان الرواية ليست في مقام بيان غسله و السؤال عن الصلاة و الحاصل ان أصل الوجوب في الجملة مما لا كلام فيه انما الكلام في انه يجب الغسل بالماء القراح بدلا عن الغسلين أو تصل النوبة الي التيمم.

و ما يمكن أن يقال في وجه وجوب الغسل بالماء القراح بدلا عن المتعذر امور: الاول:

ان المستفاد من دليل الوجوب وجوب كل من السدر و الكافور بالاستقلال حيث انما عطفا علي الماء في لسان الاخبار لاحظ ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الميت كيف يغسل؟

قال: بماء و سدر و اغسل جسده كله و اغسله اخري بماء و كافور ثم اغسله بماء «2» و أيضا لاحظ ما رواه الفضل بن عبد الملك «3» و علي فرض استفادة التركيب لا ينتفي المركب بانتفاء جزء من أجزائه.

و فيه: انه لا اشكال في أن الظاهر من الادلة تعلق الوجوب بالمركب و لا

______________________________

(1) لاحظ ص: 301

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 281

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 308

[مسألة 235: يعتبر في كل من السدر و الكافور أن لا يكون كثيرا بمقدار يوجب خروج الماء عن الاطلاق الي الاضافة]

(مسألة 235): يعتبر في كل من السدر و الكافور أن لا يكون كثيرا بمقدار يوجب خروج الماء عن الاطلاق الي الاضافة و لا قليلا بحيث لا يصدق انه مخلوط بالسدر و الكافور (1)

______________________________

شبهة في انتفائه بانتفاء جزئه.

الثاني: قاعدة الميسور. و فيه: ان هذه القاعدة ليست مستندة الي دليل معتبر.

ان قلت: القاعدة مورد الاجماع في المقام قلت: المسألة اختلافية أولا و الاجماع حاله في الاشكال واضح ثانيا.

الثالث: ان الميت المحرم لا يقرب اليه الكافور و لا يجوز فمع التعذر الشرعي لا يسقط أصل الوجوب بل يجب غسله بالماء القراح و التعذر العقلي كالشرعي.

و عن الشيخ قدس سره: في مقام الاشكال علي هذا الوجه ان التعذر الشرعي كالعقلي لا العكس اذ لا دليل عليه أضف الي ذلك انه حكم وارد في مورد خاص فلا وجه للقياس.

الرابع: استصحاب بقاء حال التمكن فان مقتضاه بقاء الوجوب بعد التعذر.

و يرد عليه: أولا انه يختص بصورة التعذر المتأخر و ثانيا:

ان الوجوب كان متعلقا بالمركب فما كان واجبا لا يمكن تحققه و الذي يمكن الاتيان به وجوبه أول الكلام و ثالثا: ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باصالة عدم الجعل الزائد.

فتحصل انه لا دليل علي الوجوب و عليه تصل النوبة الي التيمم لكن الاحتياط يقتضي الجمع بين الامرين كما في المتن.

(1) ما أفاده مستفاد من نصوص المقام لاحظ ما رواه ابن مسكان عن أبي

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 309

______________________________

عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن غسل الميت فقال: اغسله بماء و سدر ثم اغسله علي اثر ذلك بماء و كافور و ذريرة ان كانت و اغسله الثالثة بماء قراح «1».

و لاحظ ما رواه يعقوب بن يقطين «2».

فان المستفاد من النصوص لزوم صدق الغسل بالماء المطلق و أيضا يستفاد منها لزوم صدق الخليط من السدر و الكافور فلا بد من كون كل منهما بمقدار لا يوجب زوال الاطلاق الي الاضافة و لا يقل بحيث لا يصدق انه مخلوط بالسدر و الكافور.

و ربما يستفاد من حديث يونس انه لا تضر الاضافة اذ الظاهر من كلامه عليه السلام جواز الغسل برغوة السدر «3» و لا مجال لان يقال: انه للتنظيف اذ ذكر بعده غسل الطرف الايمن فيظهر ان المراد بيان الغسل الواجب لكن الحديث مرسل و لا اعتبار به.

و الظاهر انه ليس حد خاص للسدر و الكافور نعم قد ورد في حديثي معاوية بن عمار «4» و عبد اللّه بن عبيد «5» انه يطرح في الماء سبع ورقات من السدر لكن المذكور في الروايتين طرح السدر في الماء القراح فلا يرتبط بالمقام مضافا الي أن خبر ابن عبيد ضعيف به و يضاف الي ذلك كله انه قال

في المستمسك: «الاتفاق علي خلافهما ظاهر».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 280

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 310

و يعتبر في الماء القراح أن يصدق خلوصه منهما (1) فلا بأس ان يكون فيه شي ء منهما اذا لم يصدق الخلط (2) و لا فرق في السدر بين اليابس و الاخضر (3).

[مسألة 236: إذا تعذر الماء أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل يمم علي الأحوط وجوبا ثلاث مرات]

(مسألة 236): اذا تعذر الماء أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل يمم علي الاحوط وجوبا ثلاث مرات (4).

______________________________

(1) اذا مر بالغسل بالماء القراح فلا بد من صدق هذا العنوان و لا يصدق العنوان المذكور علي الماء المخلوط بغيره.

(2) لان هذا المقدار لا يوجب خروج عنوان الاطلاق و عدم صدق الخليط.

(3) للإطلاق.

(4) أما أصل وجوب التيمم فادعي عليه الاجماع و نقل عن الخلاف و التهذيب انه اجماع المسلمين عد الاوزاعي. و ما قيل في وجه الوجوب أو يمكن أن يقال امور: الاول: الاجماع.

و فيه: ان الفقيه لا يمكنه الاعتماد علي مثل هذه الاجماعات اذ المنقول منه ليس حجة و المحصل منه علي تقدير تحققه محتمل المدرك فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام.

الثاني: ما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: ان قوما أتوا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقالوا: يا رسول اللّه مات صاحب لنا و هو مجدور فإن غسلناه انسلخ فقال: يمموه «1».

و يرد عليه. ان الخبر ضعيف سندا و عمل المشهور به- علي فرض تحققه

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 311

______________________________

- لا يقتضي انجبار ضعفه

و أما الاشكال في الخبر بأنه حكم وارد في مورد خاص، فلا وجه للتعميم، فيمكن ذبه بأن العرف بحسب فهمه يستفيد عدم الخصوصية و بعبارة اخري يلغي خصوصية المورد.

الثالث: ما رواه عبد الرحمن ابن أبي نجران انه سأل أبا الحسن موسي بن جعفر عليه السلام عن ثلاثة نفر كانوا في سفر أحدهم جنب و الثاني ميت و الثالث علي غير وضوء و حضرت الصلاة و معهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم من يأخذ الماء و كيف يصنعون؟ قال يغتسل الجنب و يدفن الميت بتيمم و يتيمم الذي هو علي غير وضوء لان غسل الجنابة فريضة و غسل الميت سنة و التيمم للاخر جائز «1».

فان مقتضي هذا الحديث انه يجب أن ييمم الميت و لا يعارضها ما رواه في التهذيب باسقاط لفظ بتيمم «2» فان السند بحسب رواية التهذيب مرسل و المرسل لا اعتبار به.

الرابع: عموم بدلية التيمم عن الماء لاحظ ما رواه زرارة في حديث قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ان أصاب الماء و قد دخل في الصلاة قال:

فلينصرف فليتوضأ ما لم يركع و ان كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين «3» و ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يجد الماء أ يتيمم لكل صلاة؟ فقال: لا هو بمنزلة الماء «4» و لاحظ الحديث 15 من الباب 14 من أبواب التيمم و كذلك الحديث: 16

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب التيمم الحديث 1

(2) التهذيب ج 1 ص 109 الحديث: 17 باب الاغسال المفترضات و المسنونات

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب التيمم الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم الحديث:

2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 312

______________________________

و 17.

فان مقتضي عموم البدلية المستفاد من الحديثين و أمثالهما انه يكون التراب بدلا اضطراريا عن الماء و المقام من مصاديق هذه الكبري الكلية.

و قد ذكر في المقام وجوه من الاشكال: منها: ان التراب يكون بدلا عن الماء فيما يكون الماء مستقلا في التأثير و في المقام لا يكون كذلك بل المطهر المركب من الماء و السدر و الكافور.

و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بأن الظاهر من الادلة ان السدر و الكافور من الشرائط و أما المقتضي فهو الماء فقط فهما من قبيل الترتيب المعتبر في الغسل.

و منها: ان التراب بدل عن الماء فيما يكون الماء مطهرا من الحديث لا فيما يكون مطهرا عن الخبث كما في المقام. و فيه: ان المستفاد من الروايات ان الميت محدث بحدث الجنابة و يرتفع حدثه بالغسل لاحظ ما رواه محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث: ان رجلا سأل أبا جعفر عليه السلام عن الميت لم يغسل غسل الجنابه؟ قال: اذا خرجت الروح من البدن خرجت النطفة التي خلق منها بعينها منه كائنا ما كان صغيرا أو كبيرا ذكرا أو انثي فلذلك يغسل غسل الجنابة «1» و ساير الروايات الواردة في الباب 3 من أبواب غسل الميت من الوسائل.

فالمتحصل ان الغسل يطهر الميت من الحدث كما يطهره من الخبث و ببركة تنزيل التراب منزلة الماء يحكم بأن التيمم يقوم مقام الغسل اضف الي ذلك أن

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 313

ينوي بواحد منهما ما في الذمة (1).

______________________________

مقتضي اطلاق دليل البدلية كون التيمم بدلا عن الوضوء و

الغسل مطلقا.

هذا تمام الكلام بالنسبة الي وجوب التيمم و أما وجوبه ثلاث مرات فمورد الخلاف بين القوم فذهب بعضهم الي وجوب الثلاثة و هو المحكي عن التذكرة و جامع المقاصد و بعضهم اختار كفاية تيمم واحد و هو المحكي عن الذكري و كشف اللثام.

و الذي يمكن أن يقال. ان التيمم بدل عن الغسل و بعبارة اخري التراب بدل عن الماء و المفروض ان المطهر مجموع الاغسال الثلاثة و كل واحد منها جزء السب فيكفي تيمم واحد لكن في النفس شي ء.

(1) اذ علي فرض كفاية تيمم واحد و كونه بدلا عن ثلاثة أغسال لا بد من قصد البدلية و لو اجمالا فلو نوي ما في الذمة يكفي بلا كلام. هذا كله في صورة تعذر الماء و أما في الصورة الثانية و هي خوف تناثر لحم الميت فلان الخوف طريق الي ترتب المحذور فيسقط وجوب الغسل.

و بعبارة اخري: كما ان خوف الضرر يقتضي سقوط وجوب الغسل عن المكلف نفسه كذلك يقتضي سقوطه بالنسبة الي الميت اذ الميت محترم كالحي و لا يجوز الاضرار به و اعتبار الخوف و طريقيته يستفاد من بعض النصوص لاحظ ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصائم اذا خاف علي عينيه من الرمد أفطر «1» و ما رواه داود الرقي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أكون في السفر فتحضر الصلاة و ليس معي ماء و يقال: ان الماء قريب منافا طلب الماء و أنا في وقت يمينا و شمالا؟ قال: لا تطلب الماء و لكن تيمم

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب من يصح الصوم منه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 314

[مسألة 237: يجب أن يكون التيمم بيد الحي]

(مسألة 237): يجب أن يكون

التيمم بيد الحي و الاحوط وجوبا مع الامكان أن يكون بيد الميت أيضا (1).

______________________________

فاني أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل و يأكلك السبع «1» و ما رواه يعقوب بن سالم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لا يكون معه ماء و الماء عن يمين الطريق و يساره غلوتين أو نحو ذلك قال: لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع «2».

(1) المسألة خلافية بين الاصحاب و الذي يمكن أن يقال: ان الظاهر من الدليل ان يكون بيد الحي اذ الميت ليس مكلفا بشي ء و انما التيمم كالغسل فعل من يتولاه.

و أفاد في المستمسك: انه لو قلنا بأن الضرب و المسح باليدين خارجين عن قوام التيمم يكفي فعل المباشر و الا يشكل الاكتفاء به بل لا بد من أن يكون الضرب بيد الميت و المسح بهما لا بيديه «3».

لكن الذي يختلج بالبال ان الامر كما ذكرنا فان الميت غير الحي العليل فان العليل مكلف فلا بد من أن يستند اليه الفعل الا مع عدم الامكان و أما في المقام فالامر متوجه الي الحي فلا وجه لمباشرة يد الميت و لقائل أن يقول: لا تنافي بين عدم تكليف الميت و بين وجوب كون الضرب و المسح بيد الميت و بعبارة اخري: لا يبعد أن يستفاد من دليل وجوب التيمم في المقام أن يكون بيد الميت كما هو كذلك في الحي العاجز.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التيمم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) مستمسك العروة ج 4 ص: 135

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 315

[مسألة 238: يشترط في الانتقال الي التيمم الانتظار]

(مسألة 238): يشترط في الانتقال الي التيمم الانتظار اذ احتمل تجدد القدرة علي التغسيل فاذا حصل اليأس جاز

التيمم (1) لكن اذا اتفق تجدد القدرة قبل الدفن وجب التغسيل (2) و اذا تجددت بعد الدفن و خيف علي الميت من الضرر أو الهتك لم يجب الغسل (3)

______________________________

و لكن يمكن أن يقال في رد هذا القول أن الامر بغسل الميت متوجه الي الحي و هو بنفسه يباشر الافعال و المفروض ان التيمم بدل عنه فلا وجه لاشتراط أن يكون بيد الميت و علي فرض عدم امكان أن يكون بيدي الميت لم يظهر لنا وجه لزوم التيمم بيد الحي كما في المستمسك و أيضا في كلام المحقق الهمداني اذ لو استفيد من الدليل لزوم أن يكون بيد الميت فما وجه وجوب المباشرة للحي و قاعدة الميسور لا اساس لها اللهم الا أن يتم الامر باجماع الاصحاب و التسالم بينهم.

و صفوة القول: ان المستفاد من الدليل ان كان لزوم كونه بيد الميت فلا وجه لان تصل النوبة الي الحي بعد تعذر كونه بيد الميت و ان كان المستفاد من الدليل لزوم مباشرة الحي بنفسه و أن يكون بيده فلا وجه للقول الاخر و ان كان المستفاد الجامع بين الامرين فلا وجه للترتيب و الاحتياط طريق النجاة كما بني عليه الماتن.

(1) لا ادري ما الوجه في وجوب الانتظار مع جواز البدار بمقتضي الاستصحاب الاستقبالي.

(2) لعدم اجزاء الحكم الظاهري كما انه لا يجزي الامر الخيالي فان الآيس من وجدان الماء يتخيل أنه مأمور بالتيمم.

(3) لحرمة النبش بلحاظ الهتك المحرم و لقائل أن يقول: ان المقام داخل في كبري التزاحم اي يقع التزاحم بين وجوب الغسل و حرمة الهتك فلا بد من

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 316

و الا ففي وجوب نبشه و استيناف الغسل اشكال (1) و ان كان

الاظهر وجوب النبش و الغسل و كذا الحكم فيما اذا تعذر السدر أو الكافور.

[مسألة 239: إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بنجاسة خارجية أو منه وجب تطهيره]

(مسألة 239): اذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بنجاسة خارجية أو منه وجب تطهيره (2) و لو بعد وضعه في القبر (3) نعم

______________________________

ترجيح أقوي الملاكين ان كان و إلا فالتخيير فلاحظ.

(1) مبني علي أن الاضطرار يغير الموضوع كالسفر فالمأمور به هو الفرد الاضطراري و يترتب عليه الاجزاء أو العمل الاضطراري و اف بمقدار من المصلحة فلا بد من الاتيان ثانيا بالاختياري بعد زوال العذر فالاجزاء مادامي.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان موضوع الحكم الاضطراري اذا تحقق يترتب عليه حكمه و مقتضي القاعدة هو الاجزاء اذ عدم الاجزاء يحتاج الي الدليل.

و بعبارة اخري مع تحقق موضوعه يتغير الحكم الشرعي فلا وجه لعدم الاجزاء و أما مع عدم تحقق موضوعه أو تحققه بمقتضي الوظيفة الظاهرية فلا مقتضي للاجزاء بل الحكم الواقعي باق بحاله و في المقام اذا فرض انه بالنبش لا يترتب محذور الهتك و لا غيره فكما أفاد الماتن من وجوب النبش و قس عليه ما أفاده بعد ذلك بالنسبة الي السدر و الكافور و اللّه العالم.

(2) لما رواه روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان بدا من الميت شي ء بعد غسله فاغسل الذي بدا منه و لا تعد الغسل «1» و يؤيد المدعي بقية نصوص الباب 32 من أبواب غسل الميت من الوسائل.

(3) للإطلاق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 317

لا يجب ذلك بعد الدفن (1).

[مسألة 240: إذا خرج من الميت بول أو مني لا تجب إعادة غسله و لو قبل الوضع في القبر]

(مسألة 240): اذا خرج من الميت بول أو مني لا تجب اعادة غسله و لو قبل الوضع في القبر (2).

______________________________

(1) لانصراف الدليل عما بعد الدفن و لا أقل من عدم الاطلاق و الاستصحاب

التعليقي باطل أولا و معارض باصالة عدم الجعل الزائد ثانيا فلاحظ.

(2) نقل انه مشهور بين الاصحاب و مقتضي الاصل عدم الوجوب كما انه مقتضي جملة من النصوص لاحظ ما رواه روح عبد الرحيم و قد مر آنفا و ما رواه الحسين بن مختار و عبد اللّه بن يحيي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قالا: سألنا عن الميت يخرج منه الشي ء بعد ما يفرغ من غسله قال: يغسل ذلك و لا يعاد عليه الغسل «1».

و ما رواه سهل عن بعض أصحابه رفعه قال: اذا غسل الميت ثم أحدث بعد الغسل فانه يغسل الحدث و لا يعاد «2» كما انه يستفاد المدعي من حديث عمار «3»، و مرسل يونس «4».

و غاية ما يمكن أن يقال في وجه وجوب الاعادة ان الدليل دل علي أن غسل الميت كغسل الجنابة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «5» و يرد عليه:

أولا ان التشبيه في الكيفية فلا يرتبط بالمقام و ثانيا: ان بطلان الغسل الجنابة بالحدث الاصغر في الاثناء أول الكلام و ثالثا: ان النصوص عموما و خصوصا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 282

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 318

[مسألة 241: لا يجوز أخذ الأجرة علي تغسيل الميت]

(مسألة 241): لا يجوز أخذ الاجرة علي تغسيل الميت (1).

و يجوز أخذ العوض علي بذل الماء و نحوه مما لا يجب بذله مجانا (2).

[مسألة 242: لا يجوز أن يكون المغسل صبيا علي الاحوط وجوبا]

(مسألة 242): لا يجوز أن يكون المغسل صبيا علي الاحوط وجوبا و ان كان تغسيله علي الوجه الصحيح (3).

______________________________

قد دلت علي عدم البأس كما تقدمت.

(1) المعروف بين الاصحاب عدم جواز أخذ الاجرة علي تغسيل الميت و نقل انه ادعي عليه الاجماع و لم ينقل الخلاف عن أحد الا المرتضي قدس سره و ذكر في وجهه انه استفيد من الادلة انه حق للميت فليس مملوكا للأجير كي يملكه بالاجرة.

و اثبات هذا المدعي يحتاج الي دليل و أما الاستدلال عليه بأن أخذ الاجرة ينافي قصد القربة فقد ابطلنا المدعي في بحث أخذ الاجرة علي الواجب في المكاسب المحرمة و صفوة القول: ان الاجماع التعبدي ان تم و الا فلا نري مانعا من الاخذ هذا ما يختلج بالبال و لكن كيف يمكن الذهاب الي خلاف المشهور بل المجمع عليه.

(2) كما هو مقتضي القاعدة الاولية.

(3) ان قلنا بأن الغسل لا يشترط فيه نية القربة و هذا الغسل نحو من التطهير- كما هو قول في المسألة- علي ما في كلام الحدائق- «1» فلا اشكال الا أن يقال: ان فعل غير البالغ لا يعتد به، و ان قلنا بأنه عبادة فايضا لا نري وجها لعدم

______________________________

(1) الحدائق ج 3 ص: 404

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 319

[مسألة 243 يجب في المغسل أن يكون مماثلا للميت في الذكورة و الانوثة]

(مسألة 243). يجب في المغسل أن يكون مماثلا للميت في الذكورة و الانوثة فلا يجوز تغسيل الذكر للأنثي و لا العكس (1).

و يستثني من ذلك صور: الاول: أن يكون الميت طفلا لم يتجاوز ثلاث سنين فيجوز للذكر و للأنثي تغسيله سواء كان ذكرا

______________________________

صحة تغسيله بعد البناء علي شرعية عباداته و اللّه العالم.

ان قلت: لا اشكال في ان غسل الميت و احب كفائي يتوجه الي جميع المكلفين

و من ناحية اخري ان الصبي ليس مكلفا فسقوط التكليف عن البالغين بفعل غير المكلف يحتاج الي دليل و لا دليل عليه.

قلت: معني الواجب الكفائي عدم دخل مباشرة شخص بل يصح من كل فاعل و المفروض ان الصبي أتي بالواجب علي النحو المقرر الشرعي مع الالتزام بصحة عباداته فلا وجه لعدم الاجزاء فلاحظ.

(1) قد ادعي عليه الاجماع مضافا الي جملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله عن المرأة تموت في السفر و ليس معها ذو محرم و لا نساء قال: تدفن كما هي بثيابها و عن الرجل يموت و ليس معه الا النساء ليس معهن رجال قال: يدفن كما هو بثيابه «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت في السفر مع النساء ليس معهن رجل كيف يصنعن به؟ قال:

يلفغنه لعافي ثيابه و يدفنه و لا يغسلنه «2» و منها غيرهما المذكور في الوسائل في الباب 21 من أبواب غسل الميت.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 320

أم انثي مجردا عن الثياب أم لا وجد المماثل له أولا (1).

______________________________

و مقتضي اطلاق النصوص سقوط الغسل و لو مع امكانه من وراء الستر فلاحظ.

(1) مقتضي القاعدة الاولية جواز تغسيل كل من الرجل و المرأة الطفل ما لم يصدق عليه عنوان الرجل أو المرأة لوجود المقتضي و عدم المانع و ما يقال في وجه عدم الجواز من حرمة النظر مردود بأن النظر الي الطفل جائز و لا نحتاج الي استصحاب جواز النظر حال الحياة

كي يقال: بأنه معارض باصالة عدم الجعل الزائد، لأنه ليس في المقام مقتضي للحرمة و مقتضي الاصل هو الجواز.

هذا بحسب القاعدة الاولية و أما بحسب النص الخاص الوارد في المقام فيستفاد من حديث عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الصبي تغسله امرأة قال: انما تغسل الصبيان النساء و عن الصبية تموت و لا تصاب امرأة تغسلها قال: يغسلها رجل أولي الناس بها «1»، جواز تغسيل المرأة الصبيان و مقتضي العموم المستفاد من الجمع المحلي جميع أفراد الصبيان.

و بعبارة اخري: موضوع الجواز صدق عنوان الصباوة و لا تقيد هذه الرواية بما رواه أبو النمير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: حدثني عن الصبي الي كم تغسله النساء؟ فقال: الي ثلاث سنين «2» فان أبا النمير مجهول فلا اعتبار بالرواية سندا. أضف الي ذلك انه قد حكي الاجماع علي الجواز و عن الجواهر ان الاجماع عليه محصل.

هذا بالنسبة الي تغسيل المرأة الصبي و أما بالنسبة الي تغسيل الرجل الصبية

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 321

الثانية: الزوج و الزوجة فانه يجوز لكل منهما تغسيل الاخر (1).

______________________________

فايضا ادعي عليه الاجماع و أيضا مقتضي القاعدة الاولية هو الجواز لعدم ما يقتضي المنع نعم ربما يقال. بأنه يستفاد من ذيل حديث عمار «1» عدم تغسيل الرجل الصبية.

و لكن لا يبعد أن يكون المقصود من هذه الجملة بيان الاولوية لا بيان اشتراط المماثلة و الا يمكن أن يكون الاولي بها من غير المحارم.

و مع القول بالجواز لا يتقيد الحكم بموضوع خاص بل يجوز مطلقا كما في المتن لعدم الدليل علي المنع فلاحظ.

(1) تارة يقع

الكلام في تغسيل الرجل زوجته و اخري في عكس المفروض أما تغسيل الزوج زوجته فقد ادعي علي جوازه الاجماع و تدل علي الجواز عدة نصوص: منها ما رواه منصور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج في السفر و معه امرأته أ يغسلها؟ قال: نعم و امه و اخته و نحو هذا يلقي علي عورتها خرقة «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يغسل امرأته؟ قال:

نعم من وراء الثوب «3».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن المرأة اذا ماتت قال: يدخل زوجها يده تحت قميصها الي المرافق «4».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل

______________________________

(1) لاحظ ص: 320

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 322

______________________________

يغسل امرأته؟ قال نعم من وراء الثوب لا ينظر الي شعرها و لا الي شي ء منها و المرأة تغسل زوجها لأنه اذا مات كانت في عدة منه و اذا ماتت هي فقد انقضت عدتها «1».

مضافا الي أن القاعدة الاولية تقتضي الجواز اذ تغسيل الميت واجب كفائي بالنسبة الي جميع المكلفين فكل شرط و قيد يحتاج الي دليل و الا يكون الاطلاق محكما أضف الي ذلك كله أصل البراءة عن الاشتراط فلاحظ.

و ربما يقال: انه يستفاد من بعض النصوص عدم الجواز لاحظ ما رواه مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: من غسل فاطمة عليها السلام؟

قال: ذاك أمير المؤمنين فكأنما استفقت (استفضعت) ذلك من قوله فقال لي:

كأنك ضقت مما أخبرتك به. فقلت: قد كان

ذلك جعلت فداك فقال: لا تضيقن فانها صديقة لم يكن يغسلها الا صديق أما علمت ان مريم لم يغسلها الا عيسي «2».

بدعوي ان تعليل فعل المولي، بكون فاطمة صديقة و لا يغسل الصديقة الا الصديق يقتضي عدم الجواز لو لا هذه الجهة. و فيه: ان عبد الرحمن بن سالم لم يوثق فالرواية ضعيفة.

و لاحظ ما ارسله الصدوق «3» و فيه: ان المرسل لا اعتبار به و لاحظ ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و ليس معه الا النساء قال: تغسله امرأته لأنها منه في عدة و اذا ماتت لم يغسلها لأنه ليس منها في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 323

______________________________

عدة «1».

و نقل صاحب الوسائل عن صاحب المنتقي انه حمل حديث زرارة علي التقية لأنه موافق لأشهر مذاهب العامة.

و قال في الحدائق: «ان الرواية تحمل علي التقية فان المنع مذهب أبي حنيفة و الثوري و الاوزاعي- كما نقله في المنتهي» الي أن قال: «و لا ريب ان مذهب أبي حنيفة في وقته كان هو المشهور و المعتمد بين خلفاء الجور و غيره من المذاهب الاربعة انما اشتهر و حصل الاجتماع عليه في الاعصار المتأخرة» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و أما تغسيل الزوجة للزوج فايضا ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل أ يصلح له أن ينظر الي امرأته حين تموت أو يغسلها ان لم يكن عندها من يغسلها؟ و عن المرأة هل تنظر مثل ذلك من زوجها حين

يموت؟

فقال: لا بأس بذلك انما يفعل ذلك أهل المرأة كراهية أن ينظر زوجها الي شي ء يكرهونه منها «2».

و منها: ما رواه الحلبي «3» و منها ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال في الرجل يموت في السفر في أرض ليس معه الا النساء قال: يدفن و لا يغسل و المرأة تكون مع الرجال بتلك المنزلة تدفن و لا تغسل الا أن يكون زوجها معها فان كان زوجها معها غسلها من فوق الدرع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 321

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 324

سواء كان مجردا أم من وراء الثياب (1).

______________________________

و يسكب الماء عليها سكبا و لا ينظر الي عورتها و تغسله امرأته اذا مات و المرأة اذا ماتت ليست بمنزلة الرجل المرأة أسوأ منظرا اذا ماتت «1».

و منها: ما رواه زرارة «2» و منها: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام يغسل الزوج امرأته في السفر و المرأة زوجها في السفر اذا لم يكن معهم رجل «3».

(1) أما جواز تغسيل الرجل امرأته مجردة فيدل عليه ما رواه منصور «4» و أيضا يدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان «5».

و يستفاد من جملة من النصوص وجوب التغسيل من وراء الثوب لاحظ ما رواه الحلبي «6» و ما رواه محمد بن مسلم «7» و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل يموت و ليس عنده من يغسله الا النساء؟ قال: تغسله امرأته أو ذو قرابته ان كان له و تصب النساء عليه الماء صبا و في المرأة اذا ماتت يدخل زوجها يده تحت قميصها

فيغسلها «8» و ما رواه سماعة «9».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 322

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 14

(4) لاحظ ص: 321

(5) لاحظ ص: 323

(6) لاحظ ص: 321

(7) لاحظ ص: 321

(8) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(9) لاحظ ص. 321

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 325

______________________________

لكن لا يبعد أن يستفاد من مجموع النصوص انه جائز مطلقا و ذلك بلحاظ التعليل الوارد في بعض النصوص فان تعليل المنع باسوئية منظرة المرأة قد ذكر في عدة نصوص: منها: ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يموت في السفر أو في الارض ليس معه الا النساء قال: يدفن و لا يغسل و قال: المرأة تكون مع الرجال بتلك المنزلة الا أن يكون معها زوجها فان كان معها زوجها فليغسلها من فوق الدرع و يسكب عليها الماء سكبا و لتغسله امرأته اذا مات و المرأة ليست مثل الرجل و المرأة أسوأ منظرا حين تموت «1».

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني «2» و أيضا يمكن أن يقال: ان الجواز يستفاد من رواية الحلبي «3» فانه يستفاد من التعليل جواز التجريد اذ لا اشكال في أنه يجوز النظر اليها للزوج.

و بعبارة اخري: لا اشكال في جواز النظر اليها بعد موتها فالتعليل بلحاظ حكم غير الزامي و ان شئت قلت: انه يستفاد من الرواية- مع القطع بجواز النظر من الخارج- ان المنع من التجريد ليس الزاميا.

هذا بالنسبة الي الزوج و أما جواز تغسيل الزوجة زوجها مجردا فيدل عليه ما رواه أبو الصباح الكناني «4» فان الرواية صريحة في الجواز بلحاظ التقابل فان ذكر الدرع

في المرأة و عدم ذكره في الرجل مع التعليل باسوئية

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 323

(3) لاحظ ص: 321

(4) لاحظ ص: 323

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 326

و سواء وجد المماثل أم لا (1).

______________________________

المنظر في المرأة يدل بالصراحة علي جواز تغسيل المرأة زوجها مجردا و مثلها في الدلالة علي المقصود ما رواه الحلبي «1».

و في قبال هذه طائفة اخري تدل علي المنع لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت و ليس عنده من يغسله الا النساء هل تغسله النساء؟ فقال تغسله: امرأته أو ذات محرمه و تصب عليه النساء الماء صبا من فوق الثياب «2» و هذه الرواية ساقطة بالارسال.

و لاحظ ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات و ليس عنده إلا نساء قال: تغسله امرأة ذات محرم منه تصب النساء عليه الماء و لا تخلع ثوبه و ان كانت امرأة ماتت معها رجال و ليس معها امرأة و لا محرم لها فلتدفن كما هي في ثيابها و ان كان معها ذو محرم لها غسلها من فوق ثيابها «3».

و اطلاق هذه الرواية يقيد بما دل علي الجواز بالنسبة الي زوجته.

(1) نقل عليه الاجماع و يمكن الاستدلال عليه بجملة من النصوص منها:

ما رواه عبد اللّه بن سنان «4» فان المستفاد من هذه الرواية الجواز بالنسبة الي كل من الزوج و الزوجة و السؤال و ان كان مخصوصا بفقد المماثل لكن المستفاد من الجواب الجواز علي الاطلاق و انما المانع لأهل المرأة كراهية نظر الزوج الي ما يكرهون.

______________________________

(1) لاحظ ص: 324

(2) الوسائل الباب 20

من أبواب غسل الميت الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث: 9

(4) لاحظ ص: 323

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 327

______________________________

و بعبارة اخري: يستفاد من الرواية بحسب الفهم العرفي ان المانع عرفي خارجي لا شرعي.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يغسل امرأته؟

قال: نعم انما يمنعها أهلها تعصبا «1» و التقريب هو التقريب.

و تدل علي المقصود جملة من النصوص بالاطلاق منها: ما رواه محمد بن مسلم «2» و منها: ما رواه سماعة «3» و منها: ما رواه اسحاق بن عمار «4».

و منها: ما رواه الحلبي «5». و عن بعض الاعلام اشتراط فقد المماثل و ذكر في وجه الاشتراط امور: منها ما ورد في تغسيل علي عليه السلام فاطمة عليها السلام «6» من التعليل. و فيه: انه قد مر ان الحديث ضعيف سندا فلا اعتبار به.

و منها: ان بعض النصوص دل بالاطلاق علي اشتراط المماثلة لاحظ ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور «7» و مثله غيره المذكور في الباب 21 من أبواب غسل الميت من الوسائل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 321

(3) لاحظ ص: 321

(4) لاحظ ص: 289

(5) لاحظ ص: 321

(6) لاحظ ص: 322

(7) لاحظ ص: 319

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 328

من دون فوق بين الحرة و الامة و الدائمة و المنقطعة (1) و كذا المطلقة الرجعية اذا كان الموت في أثناء العدة (2).

______________________________

و فيه: ان الاطلاق يقيد بالمقيد كما هو الميزان المقرر. و منها: ما رواه أبو حمزه عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يغسل الرجل المرأة الا أن لا توجد امرأة «1» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان و

مثلها ما رواه أبو بصير «2» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

(1) لإطلاق الدليل و عدم ما يصلح للتقييد.

(2) لان المطلقة الرجعية بمنزلة الزوجة فيترتب علي المعتدة جميع أحكام الزوجة بمقتضي اطلاق دليل التنزيل.

بقي شي ء و ان لم يتعرض له الماتن و هو انه هل يجوز لكل منهما النظر الي عورة الاخر أم لا؟ ربما يقال: بأن مقتضي الاستصحاب الجواز.

و فيه: انه علي فرض جريانه و تمامية اركانه معارض باصالة عدم الجعل الزائد لكن يكفي للجواز استصحاب عدم الحرمة قبل الشرع و أيضا مقتضي أصل البراءة هو الجواز لكن من الواضح ان جريان الاصل العملي يتوقف علي عدم قيام دليل علي المنع و يمكن التمسك باطلاق دليل الجواز فان لكل منهما يجوز النظر الي الاخر و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين حالة الحياة و الموت و لقائل أن يقول: ان الموت يقطع العلقة الزوجية لكن يكفي دليلا علي الجواز السيرة الخارجية.

و ربما يستفاد الجواز من جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 324

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 329

الثالثة: المحارم بنسب أو رضاع أو مصاهرة (1).

______________________________

سنان «1» و دلالته علي المدعي واضحة. و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني «2» فان المستفاد من الرواية جواز نظر المرأة الي عورة الرجل و أما الرجل فلا ينظر الي عورة زوجته لكن التعليل المذكور في الرواية يشعر بالكراهة لا بالالزام فلاحظ. و أيضا يستفاد الجواز بالنسبة الي الزوجة من حديث الحلبي «3».

(1) عن جماعة حكاية دعوي الاجماع عليه صريحا و ظاهرا و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه منصور «4» فان مقتضاه جواز التغسيل بالنسبة

الي جميع المحارم النسبية.

و مما يدل علي المطلوب ما رواه زيد الشحام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة ماتت و هي في موضع ليس معهم امرأة غيرها قال: ان لم يكن فيهم لها زوج و لا ذو رحم دفنوها بثيابها و لا يغسلونها و ان كان معهم زوجها أو ذو رحم لها فليغسلها من غير أن ينظر الي عورتها قال: و سألته عن رجل مات في السفر مع نساء ليس معهن رجل فقال: ان لم يكن فيهن امرأة فليدفن في ثيابه و لا يغسل و ان كان له فيهن امرأة فليغسل في قميص من غير أن تنظر الي عورته «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 323

(2) لاحظ ص: 323

(3) لاحظ ص: 321

(4) لاحظ ص: 321

(5) الوسائل الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 330

و الاحوط وجوبا اعتبار فقد المماثل و كونه من وراء الثياب (1).

______________________________

و يلحق بالنسب الرضاع بدليل التنزيل و يستفاد من بعض النصوص جواز التغسيل لمطلق المحرم فيجوز بالمصاهرة أيضا لاحظ ما رواه مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام جعلت فداك ما تقول في المرأة تكون في السفر مع الرجال ليس فيهم لها ذو محرم و لا معهم امرأة فتموت المرأة ما يصنع بها؟ قال: يغسل منها ما أوجب اللّه عليه التيمم و لا تمس و لا يكشف لها شي ء من محاسنها التي أمر اللّه بسترها قلت: فكيف يصنع بها؟ قال؟

يغسل بطن كفيها ثم يغسل وجهها ثم يغسل ظهر كفيها «1». فانه يستفاد من هذه الرواية ان المحرم يغسل غير المماثل.

(1) في المقام فرعان: الفرع الاول: اشتراط جواز تغسيل غير المماثل من المحارم بعدم

وجود المماثل أو من يكون في حكم المماثل و ما يمكن أن يستدل عليه وجوه:

الاول: اطلاقات ادلة اشتراط المماثلة. و فيه: ان الاطلاقات تقيد بدليل الجواز و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين امكان المماثل و عدمه.

الثاني: انه المشهور بين الاصحاب. و فيه: ان الشهرة الفتوائية لا تترتب عليها فائدة.

الثالث: ما رواه أبو حمزة «2» و فيه: ان سند الرواية ضعيف بمحمد بن سنان و عمل المشهور بها علي فرض تسلمه لا يوجب الاعتبار.

الرابع: ان التقييد بعدم المماثل وقع مورد السؤال في جملة من النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 328

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 331

______________________________

و الامام عليه السلام قرر السائل لاحظ ما رواه الحلبي «1» و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «2» و ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل المسلم يموت في السفر و ليس معه رجل مسلم و معه رجال نصاري و معه عمته و خالته مسلمتان كيف يصنع في غسله؟ قال: تغسله عمته و خالته في قميصه و لا تقربه النصاري و عن المرأة تموت في السفر و ليس معها امرأة مسلمة و معها نساء نصاري و عمها و خالها معها مسلمان قال: يغسلونها و لا تقربنها النصرانية كما كانت تغسلها غير انه يكون عليها درع فيصب الماء من فوق الدرع «3».

و ما رواه زيد الشحام «4» و ما رواه سماعة «5» و ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في الصبية لا تصاب امرأة تغسلها قال:

يغسلها رجل أولي الناس بها «6».

و بعبارة اخري: لقائل أن يقول: ان الظاهر من

هذه النصوص ان عدم الجواز أمر مفروغ عنه عند السائل و مرتكز في ذهنه و الامام عليه السلام قرره علي هذا الارتكاز.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا مات الرجل مع النساء غسلته امرأته و ان لم

______________________________

(1) لاحظ ص: 324

(2) لاحظ ص: 326

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 329

(5) لاحظ ص: 326

(6) الوسائل الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 332

______________________________

تكن امرأته معه غسلته أو لا هن به و تلف علي يديها خرقة «1».

و هذه الرواية من حيث السند لا بأس بها فان النجاشي قال في حق حسن بن علي الواقع في السند: «خير» و يمكن أن يقال: ان الشهادة بالخير أرقي من الشهادة علي الوثاقة فان الخير المطلق يشمل الوثاقة أيضا. لكن ناقشنا في دلالة مثل هذه الجملة علي التوثيق في الجزء الاول من هذا الشرح و قلنا: لا دلالة فيها علي التوثيق و الا فما المانع من أن يقول النجاشي في حق الرجل ثقه فلاحظ.

و أما من حيث الدلالة فحيث ان الزوجة في عرض المماثل أو متأخرة عنه و مع ذلك قدمت في الرواية علي المرأة المنسوبة يعلم ان النوبة لا تصل الي غير المماثل القريب مع وجود المماثل و احتمال خصوصية في الزوجة بعيد.

و بعبارة اخري: لا اشكال في عدم جواز تصدي غير المحارم من المنسوبين غير المماثلين للتغسيل فيدور الامر بين الزوجة و غيرها من المحارم و بحكم الرواية الزوجة مقدمة في الرتبة فالمماثل ما دام موجودا يقدم علي غيره فلاحظ.

الفرع الثاني: كون التغسيل من وراء الثياب

و هذا هو المشهور بين الاصحاب- علي ما يظهر من الكلمات- بل عن مفتاح الكرامة: «انه لم اجد فيه مخالفا» و يستفاد المدعي من الامر به في جملة من النصوص: منها ما رواه عبد الرحمن «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال فان لفظ غير واحد لا يخرج

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 326

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 333

[مسألة 244: إذا اشتبه ميت بين الذكر و الأنثي غسله كل من الذكر و الأنثي من وراء الثياب]

(مسألة 244): اذا اشتبه ميت بين الذكر و الانثي غسله كل من الذكر و الانثي من وراء الثياب (1).

______________________________

الخبر عن الارسال. و منها ما رواه عمار «1» و منها: ما رواه سماعة «2».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل باطلاقها علي عدم الاشتراط لاحظ ما رواه منصور «3» فان المستفاد من الرواية جواز التغسيل و لو مع التجريد عن اللباس غاية الامر يستر العورة بالقاء خرقة و مثله في الدلالة ما رواه الحلبي «4» و مثلهما ما رواه زيد الشحام «5» و حيث ان حمل الامر الظاهر في الوجوب علي الاستحباب بقرينة ما يدل علي عدم الوجوب ليس تاما عندنا لا بد من علاجهما بنحو آخر و لا يبعد أن يقال: ان مقتضي الجمع العرفي حمل ما يدل باطلاقه علي عدم الاشتراط علي التقييد ببركة النصوص المقيدة.

(1) الذي يختلج بالبال في وجه الفتوي المذكورة ان مقتضي الاصل عدم كونه امرأة فيجب تغسيله علي الرجال كما ان مقتضي الاصل عدم كونه ذكرا فيجب تغسيله علي النساء فيجب التغسيل علي كل من القبيلين فانه ببركة الاصل يحرز موضوع الوجوب.

و بعبارة اخري: تغسيل الميت واجب كفائي غاية الامر انه استفيد من الدليل انه لا يجوز تغسيل المرأة للرجال و كذلك العكس و بالاصل

يخرج المشكوك فيه عن عنوان الرجولية و كذلك يحرز عدم كونه امرأة و أما وجه وجوب كون

______________________________

(1) لاحظ ص: 331

(2) لاحظ ص: 326

(3) لاحظ ص: 321

(4) لاحظ ص: 324

(5) لاحظ ص: 329

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 334

[مسألة 245: إذا انحصر المماثل بالكافر الكتابي أمره المسلم أن يغتسل أولا ثم يغسل الميت]

(مسألة 245): اذا انحصر المماثل بالكافر الكتابي أمره المسلم أن يغتسل أولا ثم يغسل الميت (1)

______________________________

التغسيل من وراء الثياب فلان مقتضي الاصل عدم كونه مماثلا.

لكن يمكن أن يقال: ان مقتضي اصالة البراءة عدم الاشتراط فلاحظ.

و بعبارة اخري: لا دليل علي أنه لو لم يكن الميت مماثلا يجب تغسيله من وراء الثوب بل مقتضي اصالة عدم كونه رجلا أو امرأة جواز التغسيل مجردا و اللّه العالم.

(1) نقل عن التذكرة: «انه مذهب علمائنا» و يدل عليه من النصوص ما رواه عمار «1» و ما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: أتي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نفر فقالوا: ان امرأة توفيت معنا و ليس معنا ذو محرم فقال:

كيف صنعتم؟ فقالوا: صببنا عليه الماء صبا فقال: أو ما وجدتم امرأة من أهل الكتاب تغسلها؟ قالوا: لا قال: أ فلا يمموها «2».

و في المقام ذكرت وجوه من الاشكال: الاول: عدم امكان النية من الكافر و الحال ان العمل العبادي يتوقف علي النية. و فيه: انه لا مانع من أن يقصد و ينوي و عدم تحقق التقرب لفقد بعض الشرائط لا ينافي النية.

الثاني: عدم صلاحية الكافر للتقرب. و فيه: ان عدم صلاحية للتقرب لا يستلزم فوات النية كما تقدم و حصول التقرب لا دليل علي اشتراطه في تحقق الواجب بل الدليل علي خلافه و هو النص المذكور في المقام.

الثالث: ان النص ضعيف فان الراوي في رواية

عمار فطحي و في رواية

______________________________

(1) لاحظ ص: 302

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 335

و الامر هو الذي يتولي النية (1) و الاحوط استحبابا نية كل من الامر و المغسل (2).

و اذا أمكن التغسيل بالماء المعتصم كالكر و الجاري تعين ذلك علي الاحوط (3) الا اذا أمكن أن لا يمس الماء و لا بدن الميت

______________________________

زيد زيدي. و فيه: ان المناط في الحجية كون الراوي ثقة و لا يقدح فساد مذهبه كما هو المقرر.

الرابع: ان الكافر نجس و فاقد الشي ء لا يمكن أن يكون معطيا. و يرد عليه أولا: أن هذا الاشكال يتوقف علي القول بنجاسة الكتابي و هو أول الكلام و ثانيا: انما يتوجه هذا الاشكال فيما لا يمكن تغسيله بالعاصم و ثالثا: ان هذا اجتهاد مقابل النص فانه اي مانع من كون الماء النجس مطهرا للميت عن النجاسة الحدثية و الارتكاز العرفي ليس بحد يوجب رفع اليد عن النص المعتبر.

(1) الظاهر ان الناوي هو الذي يغسل و غيره يحتاج الي دليل و الامر وسيلة التغسيل نعم لو كان الامر من العبادات يجب أن يقصد القربة بامره و عن كشف اللثام: احتمال وجوب القصد من الامر لان الكافر بمنزله الآلة» و هو كما تري.

(2) بناء علي استحباب الاحتياط و خروجا عن شبهة الخلاف.

(3) محافظة علي طهارة الماء و بدن الميت و لا يقدح عدم التعرض لهذه الجهة في النص لإمكان أن يكون لندرة الفرض.

لكن يرد عليه: ان ندرة الفرض أول الاشكال فان التغسيل في البحر و الشط و النحر أمر يمكن فرضه و تحققه مضافا الي أن الميزان هو الاطلاق و هو متحقق فالحكم مبني علي الاحتياط- كما

في المتن-.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 336

فتخير حينئذ بينهما (1) و اذا أمكن المخالف قدم علي الكتابي (2) و اذا أمكن المماثل بعد ذلك أعاد التغسيل (3).

[مسألة 246: إذا لم يوجد المماثل حتي المخالف و الكتابي سقط الغسل]

(مسألة 246): اذا لم يوجد المماثل حتي المخالف و الكتابي سقط الغسل (4) و لكن الاحوط استحبابا تغسيل غير المماثل (5).

______________________________

(1) كما هو الميزان.

(2) يمكن أن يستدل عليه بما دل علي تقديم المسلم علي الكافر لاحظ ما رواه عمار «1»، و يمكن ان يقال: ان المخالف أقرب الي الإسلام من الكتابي.

(3) كما هو الميزان في عدم كون الاتيان بالمأمور به الاضطراري مجزيا عن المأمور به الواقعي فلاحظ.

(4) اذ المفروض انه مشروط بالمماثلة و من الظاهر ان الواجب المشروط لا يجب عند فقدان الشرط.

(5) للأمر به في بعض النصوص لاحظ ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام في رجل مات و معه نسوة ليس معهن رجل قال: يصببن عليه الماء من خلف الثوب و يلففنه في أكفانه من تحت الصدر و يصلين عليه صفا و يدخلنه قبره و المرأة تموت مع الرجال ليس معهم امرأة قال: يصبون الماء من خلف الثوب و يلفونها في أكفانها و يصلون و يدفنون «2».

و مثله ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

______________________________

(1) لاحظ ص: 302

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب غسل الميت الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 337

______________________________

المرأة اذا ماتت مع الرجال فلم يجدوا امرأة تغسلها، غسلها بعض الرجال من وراء الثوب و يستحب أن يلف علي يديه (يده) خرقة «1».

بتقريب: ان الجمع بين ما دل علي سقوط الغسل مع فقد المماثل و هذه الطائفة حملها علي الاستحباب لكن هذه الطائفة ليست قابلة للاستناد

لضعف سندها فان الراوي عن جابر في الرواية الاولي عمرو بن شمر و هو لم يوثق و أما الرواية الثانية فهي مخدوشة بابن بنت الياس و لو اغمض عن ضعف السند.

فنقول: مقتضي الجمع بين هذه الطائفة و ما دل علي اشتراط المماثلة الحمل علي الاستحباب لكن هذا مذهب المشهور و لم نرض به فلا بد من التوسل الي طريق آخر و الذي يقتضيه التدبر أن نقول: ما دل من النصوص علي التفصيل بين وجود ذات قرابة و عدمه كحديث زيد الشحام «2» و حديث سماعة «3» فان هذه الطائفة تقيد كلتا الطائفتين اذ هذه الطائفة فصلت بين وجدان ذات محرم و غيره بالحكم بالجواز في الاول و الحرمة في الثاني و بهذا نجمع بين النصوص و اللّه العالم.

و في المقام رواية عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال:

اذا مات الرجل في السفر مع النساء ليس فيهن امرأته و لا ذو محرم من نسائه قال: يوزرونه الي ركبتيه و يصيبن عليه الماء صبا و لا ينظرن الي عورته و لا يلمسنه بايديهن و يطهرنه «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 329

(3) لاحظ ص: 326

(4) الوسائل الباب 22 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 338

من وراء الثياب (1) من غير لمس و نظر (2) ثم ينشف بدنه بعد التغسيل قبل التكفين (3).

[مسألة 247: إذا دفن الميت بلا تغسيل عمدا أو خطأ جاز]

(مسألة 247): اذا دفن الميت بلا تغسيل عمدا أو خطأ جاز بل وجب نبشه لتغسيله أو تيممه و كذا اذا ترك بعض الاغسال و لو سهوا أو تبين بطلانها أو بطلان بعضها (4).

كل ذلك اذا لم يلزم مجذور من هتكه (5).

______________________________

و هذه الرواية تدل علي وجوب

الغسل حتي مع عدم ذات محرم لكن الترجيح مع تلك الروايات فان رواية زيد متقدمة زمانا و المتأخر الزماني من المرجحات فلاحظ.

(1) كما نص عليه في بعض النصوص.

(2) حرمة النظر و اللمس لفرض كون المغسل اجنبيا فيكون علي القاعدة لحرمة النظر الي من يحرم حتي بعد الموت مضافا الي النص الدال عليه لاحظ ما رواه زيد «1».

(3) ذكر السيد في عروته انه لاحتمال بقاء النجاسة في بدن الميت و ذكر سيد المستمسك شرحا علي كلام الماتن: «انه لو بقيت النجاسة في بدنه تنجس الكفن و طهارة الكفن من شرائط التكفين» «2» فتأمل.

(4) اذ المفروض ان المأمور به لم يتحقق فالوجوب علي القاعدة لحكم العقل الحاكم في باب الاطاعة فلاحظ.

(5) اذ نبش القبر لا يكون علي حرمته دليل الا الاجماع و القدر المعلوم

______________________________

(1) لاحظ ص: 329

(2) مستمسك العروة ج 4 ص: 97

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 339

______________________________

منه صورة هتك الميت به. و لكن قد دلت جملة من النصوص علي حرمة النبش لاحظ ما رواه حفص بن البختري قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

حد النباش حد السارق «1».

و ما رواه ابراهيم بن هاشم قال: لما مات الرضا عليه السلام حججنا فدخلنا علي أبي جعفر عليه السلام و قد حضر خلق من الشيعه الي أن قال: فقال أو جعفر عليه السلام: سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها فقال أبي: يقطع يمينه للنبش و يضرب حد الزنا فان حرمة الميتة كحرمة الحية «2».

و ما رواه محمد بن علي بن الحسين باسناده الي قضايا أمير المؤمنين عليه السلام أنه قطع نباش القبر فقيل له: أ تقطع في الموتي؟ فقال: انا نقطع لأمواتنا كما نقطع لأحيائنا قال:

و اتي بنباش فأخذ بشعره و جلد به الارض و قال: طؤوا عباد اللّه فوطئ حتي مات «3».

و يعارضها ما رواه عيسي بن صبيح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الطراز و النباش و المختلس قال: لا يقطع «4».

و الترجيح مع الطائفة الاولي للأحدثية فان في الطائفة الاولي ما روي عن أبي جعفر الثاني عليه السلام.

و قال في الجواهر: «يحمل ما يدل علي حرمة النبش علي صورة سرقة الكفن» و الظاهر انه لا وجه لهذا الحمل و رفع اليد عن ظواهر هذه النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب حد السرقة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) الوسائل الباب 13 من أبواب حد السرقة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 340

______________________________

و لو اغمض عما ذكرنا فالحرمة تدور مدار هتك الميت فان هتكه حرام بالإجماع مضافا الي النصوص الدالة علي أن حرمة الميت كحرمة الحي منها ما رواه عبد اللّه بن محمد الجعفي قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام و جاءه كتاب هشام بن عبد الملك في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها ثم نكحها فان الناس قد اختلفوا علينا: طائفة قالوا: اقتلوه و طائفة قالوا: أحرقوه. فكتب اليه أبو جعفر عليه السلام: ان حرمة الميت كحرمة الحي تقطع يده لنبشه و سلبه الثياب و يقام عليه الحد في الزنا الحديث «1» و هذه الرواية ضعيفة بالجعفي

و منها: ما رواه الحسين بن خالد (عن أبي الحسن عليه السلام) قال:

سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل قطع رأس ميت فقال: ان اللّه حرم منه ميتا كما حرم منه حيا «2» و هذه الرواية ضعيفة بعدم توثيق بعض رواتها بالنصوصية.

و منها: ما

رواه محمد بن سنان عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل قطع رأس رجل ميت؟ قال: عليه الدية فان حرمته ميتا كحرمته حيا «3» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان و الارسال.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قطع رأس الميت؟ قال: عليه الدية لان حرمته ميتا كحرمته و هو حي «4». و لا يبعد أن يكون هذا الخبر معتبرا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب حد السرقة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب ديات الاعضاء الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 341

او الاضرار ببدنه (1).

______________________________

و منها: ما رواه عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قطع رأس الميت قال: عليه الدية لان حرمته ميتا كحرمته و هو حي «1» و هذه الرواية معتبرة ظاهرا فلا اشكال في حرمة هتك المؤمن الميت بل يستفاد من بعض النصوص المشار اليها انه لا فرق في الحياة و الموت فيترتب أحكام الحي علي الميت بلا فرق بين المؤمن و غيره نعم لا بد من اثبات الحرمة للحي من دليل آخر.

فالنتيجة: انه لا اشكال في حرمة هتك الميت لكن هل يمكن أن يكون هذا وجها لرفع اليد عن الواجب و بعبارة اخري: ان غاية ما في الباب ان المقام يدخل في باب التزاحم و لا بد من اعمال قوانينه و عليه فما وجه الجزم بعدم الجواز في صورة تحقق الهتك بالنبش.

(1) اذ الاضرار ببدنه حرام كحرمته في حياته فانه يستفاد هذا المعني من النصوص المشار اليها. و صفوة القول: ان المستفاد من

مجموع النصوص التي تعرضنا لها ان الميت محترم كالحي فلا يجوز الاضرار به.

نعم الذي يختلج بالبال ان المقام يدخل في كبري باب التزاحم الا أن يقال: ان العناوين الثانوية المأخوذة في لسان الدليل لا يزاحمها العناوين الاولية بل تقدم العناوين الثانوية مضافا الي أن الهتك لو انطبق علي نفس التغسيل لا يمكن ادراج المقام في باب التزاحم بل يدخل في باب التعارض لاجتماع العنوانين علي فعل واحد نعم اذا كان الهتك مترتبا علي النبش لا علي نفس التغسيل يدخل المقام في باب التزاحم فان قلنا بأن دليل التغسيل منصرف عن صورة التزام التغسيل الهتك فهو الا فلا بد من اعمال قانون التزاحم فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 342

[مسألة 248: إذا مات الميت محدثا بالأكبر كالجنابة أو الحيض لا يجب إلا تغسيله غسل ميت]

(مسألة 248): اذا مات الميت محدثا بالاكبر كالجنابة أو الحيض لا يجب الا تغسيله غسل ميت (1)

______________________________

(1) نقل عن العلامة في المنتهي انه قال: «قد أجمع عليه أهل العلم الا الحسن البصري» و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه زرارة «1».

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن المرأة اذا ماتت في نفاسها كيف تغسل؟ قال: مثل غسل الطاهر و كذلك الحائض و كذلك الجنب انما يغسل غسلا واحدا فقط «2».

و منها: ما رواه علي عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن الميت يموت و هو جنب قال: غسل واحد «3».

و منها ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام في الجنب اذا مات قال:

ليس عليه إلا غسلة واحدة «4».

و في قبال هذه الطائفة اخري تدل علي خلاف مدلولها لاحظ ما رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا مات الميت و هو جنب غسل غسلا واحدا ثم اغتسل بعد ذلك «5».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل مات و هو

______________________________

(1) لاحظ ص: 286

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 343

[مسألة 249: إذا كان محرما لا يجعل الكافور في ماء غسله الثاني]

(مسألة 249): اذا كان محرما لا يجعل الكافور في ماء غسله الثاني (1).

______________________________

جنب قال: يغسل غسلة واحدة بماء ثم يغسل بعد ذلك «1».

و ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل يموت و هو جنب قال: يغسل من الجنابة ثم يغسل بعد غسل الميت «2».

و مقتضي القاعدة ترجيح الطائفة الثانية لمخالفتها مع العامة و لكن لو تحقق الاجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم عليه السلام فلا مناص عن رفع اليد عن القواعد الاولية كما انه لا مجال للأخذ باصالة البراءة عن وجوب الزائد فانه مع الدليل الاجتهادي لا تصل النوبة الي الاصل كما هو ظاهر للخبير البصير.

(1) ادعي عليه الاجماع و عن المنتهي: «انه ذهب اليه علمائنا اجمع و به قال علي عليه السلام» و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يموت كيف يصنع به؟ قال: ان عبد الرحمن ابن الحسن مات بالابواء مع الحسين عليه السلام و هو محرم و مع الحسين عليه السلام عبد اللّه بن العباس و عبد اللّه بن جعفر و صنع به كما يصنع بالميت و غطي وجهه و لم يمسه طيبا قال:

و ذلك كان في كتاب علي عليه السلام

«3».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن المحرم يموت فقال: يغسل و يكفن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 344

الا أن يكون موته بعد السعي في الحج (1) و كذلك لا يحنط

______________________________

بالثياب كلها و يغطي وجهه و يصنع به كما يصنع بالمحل غير انه لا يمس الطيب «1»

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يموت كيف يصنع به؟ فحدثني أن عبد الرحمن بن الحسن بن علي مات بالابواء مع الحسين بن علي و هو محرم و مع الحسين عبد اللّه بن العباس و عبد اللّه بن جعفر فصنع به كما صنع بالميت و غطي وجهه و لم يمسه طيبا قال:

و ذلك في كتاب علي عليه السلام «2»، و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 13 من أبواب غسل الميت.

و مقتضي اطلاق هذه النصوص انه لا فرق بين احرام الحج و العمرة علي الاطلاق.

(1) اذ المحرم بعد السعي لا يحرم عليه استعمال الطيب لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا ذبح الرجل و حلق فقد أحل من كل شي ء أحرم منه الا النساء و الطيب فاذا زار البيت و طاف و سعي بين الصفا و المروة فقد أحل من كل شي ء أحرم منه الا النساء و اذا طاف طواف النساء فقد أحل من كل شي ء أحرم منه الا الصيد «3».

فعليه لو كان موته بعد السعي لا يحرم و الوجه في هذا التخصيص مع ان الكلام في الميت انه يستفاد من نصوص المقام

بحسب الفهم العرفي ان الحكم الجاري علي الحي يجري علي الميت أيضا بذلك النحو.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الحلق و التقصير الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 345

بالكافور (1) بل لا يقرب اليه طيب آخر (2) و لا يلحق، به المعتدة للوفاة و المعتكف (3).

[مسألة 250: يجب تغسيل كل مسلم حتي المخالف]

(مسألة 250): يجب تغسيل كل مسلم حتي المخالف (4).

______________________________

(1) لإطلاق النصوص مضافا الي التصريح في بعضها لاحظ ما رواه أبو مريم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خرج الحسين بن علي عليه السلام و عبد اللّه و عبيد اللّه ابنا العباس و عبد اللّه بن جعفر و معهم ابن للحسن يقال له عبد الرحمن فمات بالابواء و هو محرم فغسلوه و كفنوه و لم يحنطوه و خمروا وجهه و رأسه و دفنوه «1».

و ما رواه أبو حمزة «2» و ما رواه أبو مريم «3»، اضف الي ذلك الاجماع المدعي في المقام.

(2) لإطلاق النصوص و التصريح بالحنوط في بعضها يدل علي حرمة في الكافور بالاولوية مضافا الي دعوي الاجماع.

(3) من حيث تحريم الطيب عليهما للأصول و العمومات و بطلان القياس عندنا و بطلان الاعتداد و الاعتكاف بالموت كما هو واضح.

(4) ما يمكن أن يذكر في وجهه امور: الاول: الاجماع فانه نقل عن التذكرة الاجماع علي وجوب تغسيل كل مسلم. و يرد عليه أولا: انه نقل عن المفيد و الشيخ انكار وجوبه و ثانيا: علي فرض تحصيل الاجماع يكون محتمل المدرك فلا يكون حجة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب غسل الميت الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 346

عدا صنفين: الاول: الشهيد المقتول في المعركة

مع الامام (1).

______________________________

الثاني: استصحاب وجوب اجراء أحكام الإسلام عليه فان المخالف في حال حياته يجري عليه أحكام الإسلام و الان كما كان. و يرد عليه ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي يعارضه الاصل الجاري في أصل الجعل و هي اصالة عدم الجعل الزائد.

الثالث: السيرة. و فيه: ان تحقق السيرة و استمرارها الي زمانهم و امضائهم عليهم السلام مع عدم التقية أول الاشكال.

الرابع: ان الصلاة عليه واجبة فتغسيله أيضا واجب لعدم القول بالفصل.

و فيه: ان عدم القول بالفصل غير الاجماع و الحال ان الاجماع فيه ما فيه.

الخامس: جملة من النصوص: منها: ما رواه سماعة «1» و نوقش في الاستدلال به بأنه في مقام بيان أصل التشريع فلا عموم له و ليس له اطلاق.

و هو كما تري فإنه لا نري مانعا من الاطلاق و لذا لا مجال لان يقال: ان المتيقن منه هو العادل.

و بعبارة اخري: كما أن اطلاقه يقتضي وجوب غسل العادل و الفاسق كذلك مقتضاه وجوب تغسيل غير الاثني العشري من المخالف و غيره من فرق الشيعة فلاحظ.

(1) ادعي عليه الاتفاق و لا يبعد أن يكون المراد من الامام أعم من النّبيّ صلي اللّه عليه و آله فانه صلي اللّه عليه و آله امام ما دام حيا حتي للإمام بعده كرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالنسبة الي امير المؤمنين عليه السلام.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه أبان بن تغلب قال:

______________________________

(1) لاحظ ص: 297

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 347

أو نائبه الخاص (1) أو في حفظ بيضة الإسلام (2).

و يشترط فيه أن يكون خروج روحه في المعركة قبل انقضاء الحرب أو بعدها بقليل و لم يدركه المسلمون و به رمق (3)

فاذا ادركه

______________________________

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذي يقتل في سبيل اللّه أ يغسل و يكفن و يحنط؟

قال: يدفن كما هو في ثيابه الا أن يكون به رمق (فان كان به رمق) ثم مات فانه يغسل و يكفن و يحنط و يصلي عليه لان رسول اللّه عليه و آله صلي علي حمزة و كفنه و حنطه لأنه كان قد جرد «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: كيف رأيت الشهيد يدفن بدمائه؟ قال: نعم في ثيابه بدمائه و لا يحنط و لا يغسل و يدفن كما هو «2».

و منها: ما رواه أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

الذي يقتل في سبيل اللّه يدفن في ثيابه و لا يغسل الا ان يدركه المسلمون و به رمق ثم يموت بعد فانه يغسل و يكفن و يحنط «3».

(1) نقل عن مجمع البرهان انه المشهور و يقتضيه الاطلاق المستفاد من النصوص المشار اليها.

(2) كما هو مقتضي الاطلاق فانه من القتل في سبيل اللّه بلا اشكال.

(3) المذكور في حديث ابان «4» تعليق سقوط الغسل علي عدم بقائه

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 347

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب غسل الميت الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) لاحظ ص: 346

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 348

المسلمون و به رمق غسل علي الاحوط وجوبا (1) و اذا كان في المعركة مسلم و كافر و اشتبه أحدهما بالاخر وجب الاحتياط بتغسيل كل منها و تكفينه و دفنه (2).

الثاني من وجب قتله

برجم أو قصاص فانه يغتسل غسل الميت المتقدم تفصيله و يحنط و يكفن كتكفين الميت ثم يقتل فيصلي عليه و يدفن بلا تغسيل (3).

______________________________

بعد تحقق سبب شهادته و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين ادراك المسلمين حياته و عدمه و مقتضي حديث ابان الثاني «1» تعليق السقوط علي عدم ادراك المسلمين حياته و رمقه و لا يبعد ان مقتضي الفهم العرفي تقييد الرواية الاولي بهذه الرواية فالنتيجة: المناط في سقوط الغسل عدم ادراك المسلمين حياته و رمقه فلاحظ.

(1) بل علي الاظهر.

(2) للعلم الإجمالي المنجز للأطراف.

(3) قال في الحدائق: «لا خلاف فيه و نقل عن الذكري أنه قال: «لا نعلم فيه مخالفا من الاصحاب».

و يدل عليه من النصوص ما رواه مسمع كردين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المرجوم و المرجومة يغسلان و يحنطان و يلبسان الكفن قبل ذلك ثم يرجمان و يصلي عليهما و المقتص منه بمنزلة ذلك يغسل و يحنط و يلبس الكفن (ثم يقاد) و يصلي عليه «2»

و الحديث ضعيف سندا فان تم الاجماع التعبدي الكاشف و الا فالانصاف

______________________________

(1) لاحظ ص: 347

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 349

[مسألة 251: مستحبات تغسيل الميت]

(مسألة 251). قد ذكروا للتغسيل سننا مثل أن يوضع الميت في حال التغسيل علي مرتفع (1) و أن يكون تحت الظلال (2).

و أن يوجه الي القبلة (3) كحالة الاحتضار (4) و أن ينزع قميصه

______________________________

ان رفع اليد عن القواعد بمثل هذه الرواية الضعيفة في غاية الاشكال- كما في الحدائق- و لذا هو قدس سره احتاط باعادة الغسل بعد القتل و اللّه العالم.

(1) ادعي عليه الاجماع و يمكن الاستدلال عليه بما ارسله يونس قال فيه:

«اذا أردت غسل الميت فضعه

علي المغتسل مستقبل القبلة «1» و لا يخفي ان الحديث ضعيف و التسامح في ادلة السنن غير تام عندنا.

(2) كما يدل عليه ما رواه علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الميت هل يغسل في الفضاء؟ قال: لا بأس و ان ستر بستر فهو أحب الي «2».

و ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام: ان أباه كان يستحب ان يجعل بين الميت و بين السماء سترا يعني: اذا غسل «3».

(3) كما حديث يونس «4».

(4) كما في حديث سليمان بن خالد «5» فان المستفاد من هذا الحديث لزومه و يمكن الجمع بين هذا الحديث و ما رواه يعقوب بن يقطين قال: سألت

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) لاحظه قبل اسطر

(5) لاحظ ص: 271

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 350

من طرف رجليه (1).

و ان استلزم فتقه (2) بشرط اذن الوارث (3) و الاولي أن يجعل

______________________________

أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الميت كيف يوضع علي المغتسل موجها وجهه نحو القبلة أو يوضع علي يمينه و وجهه نحو القبلة؟ قال: يوضع كيف تيسر فاذا طهر وضع كما يوضع في قبره «1»، بحمل المطلق علي المقيد فان غاية ما يستفاد من حديث يعقوب الاطلاق و المطلق يحمل علي المقيد.

(1) كما في رواية عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

كيف أصنع بالكفن؟ قال: تؤخذ خرقة فيشد بها علي مقعدته و رجليه قلت:

فالإزار؟ قال: لا انها لا تعد شيئا انما تصنع لتضم ما هناك لئلا يخرج منه شي ء و ما يصنع من القطن

أفضل منهما ثم يخرق القميص اذا غسل و ينزع من رجليه قال: ثم الكفن قميص غير مزرور و لا مكفوف و عمامة يعصب بها رأسه و يرد فضلها علي رجليه «2».

(2) كما صرح في الخبر.

(3) لحرمة التصرف في مال الغير لا يقال: بين الدليلين عموم من وجه فلا وجه لتقديم أحدهما علي الاخر بغير مرجح فانه يقال: الضابط الكلي انه لا يقع التعارض بين العناوين الاولية و الثانوية بل العناوين الثانوية تقدم بحسب الفهم العرفي فانه لو دل دليل علي جواز أكل التفاح و في دليل آخر ثبت حرمة الغصب يحكم بحرمة أكل التفاح المغصوب و العرف ببابك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 351

ساترا لعورته (1) و أن تلين أصابعه برفق (2).

______________________________

(1) كما في حديث يونس قال فيه: «و اجمع قميصه علي عورته «1».

(2) عن المعتبر: «انه مذهب أهل البيت» و عن الخلاف: «انه اجماع الفرقة و عملهم علي استحباب تلين؟؟؟ اصابع الميت».

و يدل عليه خبر الكاهلي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الميت فقال: استقبل بباطن (ببطن) قدميه القبلة حتي يكون وجهه مستقبل القبلة ثم تلين مفاصله فان امتنعت عليك فدعها ثم ابدأ بفرجه بماء السدر و الحرض فاغسله ثلاث غسلات و أكثر من الماء فامسح بطنه مسحا رفيقا ثم تحول الي رأسه و ابدأ بشقه الايمن من لحيته و رأسه ثم ثن بشقه الايسر من رأسه و لحيته و وجهه فاغسله برفق و اياك و العنف و اغسله غسلا ناعما ثم اضطجه علي شقه الايسر ليبدو لك الايمن ثم اغسله من قرنه الي قدميه

و امسح يدل علي ظهره و بطنه ثلاث غسلات ثم رده علي جانبه الايمن ليبدو و لك الايسر فاغسله بماء من قرنه الي قدميه و امسح يدك علي ظهره و بطنه ثلاث غسلات بماء الكافور و الحرض و امسح يدك علي بطنه مسحا رفيقا ثم تحول الي رأسه فاصنع كما صنعت أو لا بلحيته ثم من جانبيه كليهما و رأسه و وجهه بماء الكافور ثلاث غسلات ثم رده الي الجانب الايسر حتي يبدو لك الايمن ثم اغسله من قرنه الي قدميه (و امسح يدك علي ظهره و بطنه) ثلاث غسلات ثم ترده (رده) الي جانب الايمن حتي يبدو لك الايسر فاغسله من قرنه الي قدميه ثلاث غسلات و ادخل يدك تحت منكبيه و ذراعيه و يكون الذراع و الكف مع جنبه كلما غسلت شيئا منه أدخلت يدك تحت منكبيه و في باطن ذراعيه ثم رده علي ظهره ثم اغسله بماء قراح كما صنعت أولا تبدأ بالفرج ثم تحول الي الرأس و اللحية و الوجه حتي تصنع كما صنعت أولا بماء قراح ثم

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 352

و كذا جميع مفاصله (1) و أن يغسل رأسه برغوة السدر (2) و فرجه

______________________________

ازره بالخرقة و يكون تحته القطن تذفره به اذفارا قطنا كثيرا ثم تشد فخذيه علي القطن بالخرقة شدا شديدا حتي لا تخاف أن يظهر شي ء و اياك أن تقعده أو تغمز بطنه و اياك أن تحشو في مسامعه شيئا فان خفت أن يظهر من المنخرين شي ء فلا عليك أن تصير ثم قطنا و ان لم تخف فلا تجعل فيه شيئا و لا تخلل أظفاره و كذلك غسل

المرأة «1».

و يمكن الجمع بين هذا الخبر و ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كره أن يقص من الميت ظفر او يقص له شعر أو يحلق له عانته أو يغمز له مفصل «2» و ما رواه حمران بن اعين قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا غسلتم الميت منكم فارفقوا به و لا تعصروه و لا تغمزوا و له مفصلا «3» فانه قيد الحكم في خبر الكاهلي بعدم الامتناع لكن عمدة الاشكال ان خبر الكاهلي ضعيف سندا و خبر حمران بن أعين معتبر ظاهرا و اللّه العالم. و يدل علي المدعي بالنسبة الي الاصابع ما في الفقه الرضوي: «ولين مفاصله «4».

(1) الكلام فيها هو الكلام فلاحظ.

(2) باتفاق فقهاء أهل البيت كما عن المعتبر و يدل علي المقصود ما في مرسل يونس من قوله: «ثم اغسل رأسه بالرغوة» «5».

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث. 5

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب غسل الميت الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) مستدرك الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 353

بالاشنان (1) و أن يبدأ بغسل يديه الي نصف الذراع في كل غسل ثلاث مرات (2).

ثم بشق رأسه الايمن ثم الايسر (3) و يغسل كل عضو ثلاثا في كل غسل (4) و يمسح بطنه في الاوليين (5) الا الحامل التي مات ولدها

______________________________

(1) كما في حديث الكاهلي المتقدم ذكره «1» و لكن المذكور فيه «بالسدر و الحرض» اي الاشنان كما أن المذكور في الجواهر كذلك فلاحظ.

(2) كما في حديث يونس قال: «ثم اغسل يديه ثلاث مرات كما يغسل الانسان من الجنابة

الي نصف الذراع» «2».

(3) كما في حديث الكاهلي «3».

(4) كما في الفقه الرضوي «4» كما انه تدل علي المقصود حديث الكاهلي «5» فلاحظ.

(5) لما في رواية الكاهلي «6» و حذرا من خروج شي ء بعد الغسل أضف الي ذلك دعوي الاجماع عليه في الغنية و المعتبر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 351

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 351

(4) المستدرك الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 351

(6) لاحظ ص: 351

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 354

في بطنها فيكره ذلك (1) و أن يقف الغاسل علي الجانب الايمن للميت (2) و أن يحفر للماء حفيرة (3) و ان ينشف بدنه بثوب نظيف أو نحوه (4)

______________________________

(1) كما عن بعض الاساطين حذرا من الاجهاض و لخبر أم أنس بن مالك أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: اذا توفيت المرأة فارادوا أن يغسلوها فليبدءوا ببطنها فلتمسح مسحا رفيقا ان لم تكن حبلي فان كانت حبلي فلا تحركها «1» فان النبي صلي اللّه عليه و آله نهي عن مسح بطن الحامل و مقتضي ظهور النهي في الحرمة حرمته لكن الخبر ضعيف سندا.

(2) ادعي عليه الاجماع و الظاهر انه لا نص عليه و قاعدة التسامح ليست تامة عندنا.

(3) كما دل عليه ما رواه سليمان بن خالد «2» و لا بأس بجعله في البالوعة لما في خبر محمد بن الحسن الصفار كتب الي أبي محمد عليه السلام: هل يجوز أن يغسل الميت و ماؤه الذي يصب عليه يدخل الي بئر كنيف؟ فوقع عليه السلام: يكون ذلك في بلاليع «3».

(4) كما في جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال

فيه: «حتي اذا فرغت من ثلاث غسلات جعلته في ثوب نظيف ثم جففته» «4» و منها: مرسلة يونس قال فيها: «ثم تنشفه بثوب طاهر» «5»

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 271

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 355

و ذكروا أيضا انه يكره اقعاده حال الغسل (1)

و ترجيل شعره (2) و قص أظافره (3) و جعله بين رجلي الغاسل (4)

______________________________

و منها ما رواه عمار بن موسي قال فيه: ثم تجففه بثوب نظيف» «1».

(1) عن الخلاف: انه مورد اجماع الفرقة و يدل عليه من النصوص ما في خبر الكاهلي «2» و يعارضه ما في رواية الفضل بن عبد الملك «3» و تركه باحتمال كونه مكروها، طريق الاحتياط.

(2) ادعي علي كراهته الاجماع.

(3) و قد صرح به في حديث طلحة «4» و يمكن الاستدلال عليه باطلاق قوله في حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الميت يكون عليه الشعر فيحلق عنه أو يقلم (ظفره) قال: لا يمس منه شي ء اغسله و ادفنه «5».

(4) ففي حديث عمار المذكور في المعتبر «لا يجعل الميت بين رجليه» «6».

و يدل علي الجواز في الجملة ما رواه الشيخ في التهذيب عن العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن تجعل الميت بين رجليك و أن تقوم من فوقه فتغسله اذا قلبته يمينا و شمالا تضبطه برجليك كيلا يسقط لوجهه «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 351

(3) لاحظ ص: 281

(4) لاحظ ص: 352

(5) الوسائل الباب

11 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(6) الحدائق ج 3 ص: 470

(7) التهذيب ج 1 ص: 447 الحديث 1448

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 356

و ارسال الماء في الكنيف (1) و حلق رأسه (2) أو عانته (3).

______________________________

(1) لا يبعد أن يستفاد من حديث الصفار «1» و لما في الفقه الرضوي:

و لا يجوز أن يدخل الماء ما ينصب عن الميت من غسل في كنيف و لكن يجوز أن يدخل في بلاليع لا يبال فيها «2».

اضف الي ذلك ما عن الذكري من قول الشهيد انا أجمعنا علي كراهية ارسال الماء في الكنيف دون البالوعة.

(2) قد نهي عنه في بعض النصوص لاحظ ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يمس عن الميت شعر و لا ظفر و ان سقط منه شي ء فاجعله في كفنه «3» و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «4».

و لا يبعد اعتبار خبر عبد الرحمن فيحرم الا أن يدل علي الجواز دليل و الاحتياط طريق النجاة.

(3) كما صرح به في خبر غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كره أمير المؤمنين عليه السلام أن يحلق عانة الميت اذا غسل أو يقلم له ظفرا أو يجز له شعر «5» مضافا الي الاطلاق المستفاد من خبر عبد الرحمن «6» أضف الي ذلك التصريح به في خبر أبي الجارود أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يتوفي أ تقلم أظافيره و تنتف ابطاه و تحلق عانته ان طالت به من المرض؟

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

(2) المستدرك الباب 25 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 355

(5)

الوسائل الباب 11 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(6) لاحظ ص. 355

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 357

و قص شاربه (1) و تقليل ظفره (2) و غسله بالماء الساخن بالنار (3) أو مطلقا (4)،

______________________________

فقال: لا «1» و الرواية معتبرة برواية الشيخ قدس سره فلا يمكن الجزم بالجواز ان لم يكن الاقوي الحرمة.

(1) كما تدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه ابن أبي عمير و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه و ما رواه طلحة بن زيد «2».

(2) لم اجد عليه نصا و سيد العروة عده في عداد المكروهات و عن الخلاف:

«انه لا يجوز تقليم اظافير الميت و لا تنظيفها من الوسخ بالخلال» الي آخر كلامه.

و يمكن أن يستفاد الحكم من الاطلاق المستفاد الثابت في جملة من النصوص فان قوله عليه السلام: لا يمس منه شي ء يدل علي المطلوب و اللّه العالم.

(3) قد دلت عليه جملة من النصوص: منها ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا يسخن الماء للميت «3» و منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عن رجل عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: لا يقرب الميت ماء حميما «4» و منها: ما رواه يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يسخن للميت الماء «5».

(4) كما هو مقتضي الاطلاق المستفاد من بعض نصوص الباب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب غسل الميت الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 355 و 356 و 352

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 358

الا مع الاضطرار (1) و التخطي

عليه حين التغسيل (2).

[الفصل الثالث في التكفين]
اشارة

الفصل الثالث في التكفين يجب تكفين الميت بثلاثة أثواب (3).

______________________________

(1) اذا لضرورات تبيح المحذورات و يدل عليه ما ارسله الصدوق قال:

و روي في حديث آخر: الا أن يكون شتاء باردا فتوقي الميت مما توقي منه نفسك «1».

و يدل عليه أيضا ما في الفقه الرضوي و لا يسخن له ماء الا أن يكون ماء باردا جدا فتوقي الميت مما توقي منه نفسك و لا يكون الماء حارا شديد الحرارة و ليكن فاترا «2».

(2) يمكن أن يكون الوجه فيه ان التخطي يستلزم جعل الميت بين رجليه و قد نهي عنه في حديث عمار حيث قال عليه السلام «لا يجعل الميت بين رجليه» «3».

(3) ادعي عليه الاجماع من القدماء و المتأخرين و قال في الحدائق: «انه لا مخالف في المسألة إلا سلار حيث اكتفي بثوب واحد اختيارا» «4».

و يدل علي القول المشهور ما رواه سماعة قال: سألته عما يكفن به الميت قال: ثلاثة أثواب و انما كفن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) المستدرك الباب 10 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(3) الحدائق ج 3 ص 4700

(4) الحدائق ج 4 ص 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 359

______________________________

ثوبين صحاريين و ثوب حبرة و الصحارية تكون باليمامة و كفن أبو جعفر عليه السلام في ثلاثة أثواب «1».

و أيضا يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يكفن الرجل في ثلاثة أثواب و المرأة اذا كانت عظيمة في خمسة درع و منطق و خمار و لفافتين «2».

و تؤيد المدعي جملة من النصوص لاحظ الروايات في الباب «2» من أبواب التكفين من الوسائل الحديث:

(7) و 12).

و مستند سلار ما رواه زرارة قال: قلت: لأبي جعفر عليه السلام: العمامة للميت من الكفن؟ قال: لا انما الكفن المفروض ثلاثة أثواب أو ثوب تام لا أقل منه يواري فيه جسده كله فما زاد فهو سنة الي أن يبلغ خمسة فما زاد فمبتدع و العمامة سنة «3».

و يرد عليه: أولا ان نسخ الرواية مختلفة فان سيد المستمسك نقل ان الرواية في الكافي و بعض نسخ التهذيب ذكرت بالواو و يترتب عليه وجوب اربعة أكفان و لا قائل بها.

و ثانيا: انه علي طبق كلام سيد المستمسك انه في أكثر نسخ التهذيب اسقط لفظ العاطف و المعطوف.

و ثالثا: انه قال في المستمسك أيضا انه عن أكثر النسخ المعتبرة اسقاط حرف العطف كلية «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) مستمسك العروة ج 4 ص: 148

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 360

الاول: المئزر (1).

______________________________

و رابعا: ان السيرة الجارية تقتضي قول المشهور و مع الاغماض عن جميع ما ذكرنا نقول: يقع التعارض بين هذا الخبر و بقية الاخبار فلا بد من العلاج و حيث ان تلك الطائفة تخالف قول العامة يكون الترجيح معها قال في الحدائق في هذا المقام: «و احتمل في الذكري حمل الخبر المذكور علي التقية فان معظمهم علي الاجتزاء بثوب واحد و اللّه العالم».

(1) هذا هو المشهور فيما بين القوم و عن الخلاف و الغنية الاجماع عليه و عن الأردبيلي التأمل في مستنده و عن المدارك عدم الوقوف علي مستنده.

و يمكن الاستدلال علي القول المشهور بما رواه عبد اللّه بن سنان «1» بتقريب: ان السؤال الثاني ظاهر في أن الازار يكفي عن الخرقة و

الامام عليه السلام أجابه بأن الخرقة لا تعد من الاكفان و لا يترتب الاثر المترتب عليها علي الازار و من توهم السائل و تقرير الامام عليه السلام يفهم ان الازار من أجزاء الكفن و يكون المراد منه المئزر اذ لو كان المراد به اللفافة الشاملة لم يكن وجه لكفايتها عن الخرقة لعدم المناسبة بينهما فيفهم من الحديث ان الازار من أجزاء الكفن و الظاهر ان الازار هو المئزر بحكم اللغة كما في «المنجد».

و يدل علي المدعي ما ورد من النصوص في موارد مختلفة:

لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان- في كيفية حج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله- قال: فلما نزل الشجرة أمر الناس بنتف الإبط و حلق العانة و الغسل و التجرد في ازار و رداء أو ازار و عمامة يضعها علي عاتقه لمن لم يكن له رداء «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 350

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب اقسام الحج الحديث 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 361

______________________________

و لاحظ ما رواه سعيد الاعرج انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يعقد ازاره في عنقه؟ قال: لا «1».

و لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال.

المحرم لا يصلح له أن يعقد ازاره علي رقبته و لكن يثنيه علي عنقه و لا يعقده «2».

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الحمام فقال: ادخله بازار «3».

و لاحظ ما رواه سعد ان بن مسلم قال: كنت في الحمام في البيت الاوسط فدخل علي أبو الحسن عليه السلام و عليه النورة و عليه ازار فوق النورة «4».

و لاحظ ما رواه سدير قال: دخلت أنا و

أبي و جدي و عمي حماما بالمدينة فاذا رجل في البيت المسلخ فقال لنا: من القوم؟ الي أن قال: ما يمنعكم من الازار الي أن قال: فسألنا عن الرجل فاذا هو علي بن الحسين عليهما السلام «5».

و لاحظ ما رواه حماد بن عيسي عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال: قيل له: ان سعيد بن عبد الملك يدخل مع جواريه الحمام قال: و ما بأس اذا كان عليه و عليهن الازار لا يكونون عراة كالحمر ينظر بعضهم الي سوأة بعض «6»

______________________________

(1) الوسائل الباب 53 من أبواب تروك الاحرام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب آداب الحمام الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) الوسائل الباب 12 من أبواب آداب الحمام الحديث. 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 362

______________________________

فلا اشكال في أن المراد من الازار هو المئزر فيدل حديث ابن سنان المتقدم ذكره آنفا علي المطلوب.

و مما يدل علي المدعي ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يكفن الميت في خمسة أثواب: قميص لا يزر عليه و ازار و خرقة يعصب بها وسطه و برد يلف فيه و عمامة يعتم بها و يلقي فضلها علي صدره «1».

و هذه الرواية تدل علي المدعي باعتبار انه عبر فيها عن احدي قطعات الكفن بالازار و قلنا: ان الازار هو المئزر مضافا الي أنه جعل الازار في مقابل القميص و اللفافة اذ لو كان المراد بالازار ما يلف به كان المناسب في التعبير ان يعبر بلفافتين و لكن الرواية من حيث السند مخدوشة و ليس الامر في سهل بسهل.

و مما يؤيد المدعي ما رواه محمد بن

مسلم «2» فان المنطق- علي ما في اللغة- هو ما يشد في الوسط فهو المئزر لاحظ ما أفاده سيد المستمسك في هذا المقام في المستمسك ج 4 ص (150).

و مما يدل علي المدعي أيضا ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الميت فذكر حديثا يقول فيه: ثم تكفنه. تبدأ و تجعل علي مقعدته شيئا من القطن و ذريرة تضم فخذيه ضما الي أن قال: ثم الازار طولا حتي يغطي الصدر و الرجلين «3» فانه عبر فيها بلفظ الازار مضافا الي الصراحة في عدم ارادة ما يشمل البدن من الازار فان المستفاد من مجموع هذه النصوص ان إحدي قطعات الكفن هي المئزر اضف الي ذلك كله السيرة

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 13

(2) لاحظ ص: 359

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب التكفين الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 363

و يجب أن يكون ساترا ما بين السرة و الركبة (1) الثاني: القميص (2)

______________________________

العملية من المتشرعة مع كثرة اهتمامهم بهذه الامور.

(1) و هو المنسوب الي الاصحاب، علي ما نقل عن الحدائق، و عن جامع المقاصد اعتبار سترها و قيل في وجه كفاية ستر ما بين السرة و الركبة، صدق الاتزار مضافا الي اصالة البراءة عن الزائد لكن المستفاد من حديث عمار «1»، وجوب ستر الصدر و القدمين و يشكل رفع اليد عن ظهور الرواية في الوجوب و كونها حاكمة علي بقية المطلقات الا أن يقال: ان السيرة الجارية الكاشفة تقتضي عدم الوجوب.

(2) نقل عليه الاجماع و تدل عليه جملة من النصوص فان لفظ القميص ذكر في عدة نصوص:

منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: بعد ذكر الازار- ثم القميص «2»، و لا يمكن رفع اليد بما رواه سهل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الثياب التي يصلي فيها الرجل و يصوم أ يكفن فيها؟ قال:

احب ذلك الكفن يعني قميصا قلت: يدرج في ثلاثة أثواب؟ قال: لا بأس به و القميص احب الي «3»، و بما ارسله الصدوق قال و سئل موسي بن جعفر عليه السلام عن الميت أ يكفن في ثلاثة أثواب بغير قميص؟ قال: لا بأس بذلك و القميص احب الي «4» لضعفهما سندا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 362

(2) الوسائل الباب: 14 من أبواب التكفين الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 364

و يجب أن يكون ساترا ما بين المنكبين الي نصف الساق (1) الثالث: الازار و يجب أن يغطي تمام البدن (2) و الاحوط وجوبا في كل واحد منها أن يكون ساترا لما تحته.

______________________________

(1) القميص مرادف للفظ «پيراهن» في اللغة الفارسية و لا اشكال في أن المحكم في المفاهيم هو العرف و التحديد بهذا الحد، الظاهر انه لا وجه له و قيل في وجهه: انه المتعارف في ذلك الزمان، و لكن علي فرض تسلمه لا يقتضي التعين و اللّه العالم.

(2) نقل عليه عدم الخلاف و النصوص وافية باثبات المدعي لاحظ ما رواه حمران بن أعين قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام الي أن قال: فقلت: فالكفن فقال: يؤخذ خرقة فيشد بها سفله و يضم فخذيه بها ليضم ما هناك و ما يصنع من التقطن أفضل ثم يكفن بقميص و لفافة و برد يجمع فيه الكفن «1».

و لاحظ ما رواه أبو مريم الانصاري قال: سمعت أبا

جعفر عليه السلام يقول:

كفن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب: بردا حبرة و ثوبين أبيضين (أبيضين) صحاريين الي أن قال: و قال ان الحسن بن علي عليه السلام كفن اسامة بن زيد في برد أحمر حبرة و ان عليا عليه السلام كفن سهل بن حنيف في برد أحمر حبرة «2» و غيرهما من الروايات.

و هل يجب زيادته طولا بحيث يمكن شده؟- كما عن جامع المقاصد- و أيضا هل يجب زيادته عرضا بحيث يوضع أحد جانبيه علي الاخرام لا؟ الحق أنه لا دليل علي التقييد و مقتضي الاطلاق الكفاية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب التكفين الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 365

غير حاك عنه و ان حصل الستر بالمجموع (1).

[مسألة 252: لا بد في التكفين من إذن الولي]

(مسألة 252): لا بد في التكفين من اذن الولي علي نحو ما

______________________________

(1) ما يمكن أن يذكر في وجهه امور: الاول: الاجماع علي اعتبار كون الكفن مما يصلي فيه. و فيه: - مضافا الي عدم اعتبار الاجماع المنقول- أن شموله لما نحن فيه محل الكلام.

الثاني تبادر هذا المعني من الادلة- كما في الحدائق-. و فيه: أنه ليس الامر كذلك و لا شاهد علي هذه الدعوي.

الثالث: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما امر أن يكفن الميت ليلقي ربه عز و جل طاهر الجسد و لئلا تبدو عورته لمن يحمله أو يدفنه «1» بتقريب: أن المستفاد من الحديث وجوب الستر.

و فيه: أولا أن السند ضعيف و ثانيا: أن المذكور فيه حكمة الجعل و الحكمة لا توجب تضييق الحكم كما هو المقرر و ثالثا: أنه يمكن حصول هذا الغرض بمجموع القطعات الثلاث فلا

دليل علي هذا الاشتراط في كل واحدة منها.

الرابع ما رواه زرارة «2» بتقريب: ان المذكور في الخبر ان الكفن الواجب ما يواري بدن الميت. و فيه أولا: أن المتبادر من الحديث أن الكفن لا بد أن يكون مواريا للبدن بحيث لا يبقي من البدن خارجا عن الكفن فلا يرتبط بالمقام و ثانيا: أن المواراة يمكن أن تحصل بمجموع القطعات لا كل واحدة منها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب التكفين.

(2) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 366

تقدم في التغسيل (1) و لا يعتبر فيه نية القربة (2).

[مسألة 253: اذا تعذرت القطعات الثلاث فالاحوط الاقتصار علي الميسور]

(مسألة 253): اذا تعذرت القطعات الثلاث فالاحوط الاقتصار علي الميسور (3) فاذا دار الامر بينها يقدم الازار و عند الدوران بين المئزر و القميص يقدم القميص و ان لم يكن إلا مقدار ما يستر العورة

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون المدرك هو الاجماع المدعي علي التسوية بين الصلاة علي الميت و غيرها من الامور الراجعة اليه بدعوي تحقق الولاية بالنسبة الي الصلاة و الحاق بقية الامور بها فالحكم مبني علي الاحتياط كما تقدم في تغسيل الميت و صفوة القول: انه لا بد من اتمام المدعي بالسيرة و الاجماع فلاحظ.

(2) لعدم الدليل عليه و قد ثبت في بحث التوصلي و التعبدي من الاصول ان قصد القربة وجوبه يحتاج الي الدليل و ان شئت قلت: الاصل الاولي في الواجبات التوصلية.

(3) عن الجواهر: «نفي الخلاف عنه» و عن التذكرة: «دعوي الاجماع عليه». و استدل عليه، مضافا الي ما ذكر، بقاعدة الميسور و بالاستصحاب هذا.

و لا يخفي ما في الكل أما الاجماع المنقول فحاله في الاشكال معلوم و الاهون منه عدم الخلاف و أما قاعدة الميسور فلا اساس لها و أما الاستصحاب فعلي

تقدير تمامية اركانه معارض باصالة عدم الجعل الزائد مضافا الي أنه لا تصل النوبة الي الاستصحاب اذا لوجوب من أول الامر اذا كان متوجها بمجموع القطعات بقيد الاجماع فلا مجري للاستصحاب لان الوجوب الضمني مرتفع بارتفاع الوجوب عن المركب بالتعذر و اذا كان الوجوب بالنسبة الي كل قطعة مطلقا فلا مجري أيضا للاستصحاب بل يكفي لإثبات الوجوب اطلاق الدليل الاول فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 367

تعين الستر به و اذا دار الامر بين ستر القبل و الدبر تعين ستر القبل (1)

[مسألة 254: لا يجوز اختيارا التكفين بالحرير]

(مسألة 254): لا يجوز اختيارا التكفين بالحرير (2).

______________________________

(1) الظاهر ان الوجه فيه قاعدة التزاحم فان الميزان في تلك القاعدة تقديم الاهم أو محتمل الاهمية فالامر كما أفاده في المتن و اللّه العالم.

(2) عن جملة من الاعيان دعوي الاجماع عليه و يدل علي المدعي ما رواه الحسين بن راشد قال: سألته: عن ثياب تعمل بالبصرة علي عمل العصب (القصب) اليماني من قز و قطن هل يصلح أن يكفن فيها الموتي؟ قال: اذا كان القطن أكثر من القز فلا بأس «1».

و هذه الرواية لاعتبار بها سندا بحسين بن راشد فانه لم يوثق. و استدل علي المدعي بما في جملة من النصوص من النهي عن التكفين بثوب الكعبة بدعوي ان الوجه في النهي المذكور كونه حريرا.

و من تلك النصوص ما رواه أبو علي الاشعري مرسلا عن مروان بن عبد الملك قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشتري من كسوة الكعبة شيئا فقضي ببعض (ببعضه) حاجته و بقي بعضه في يده هل يصلح بيعه؟ قال: يبيع ما اراد و يهب ما لم يرده و يستنفع به و يطلب بركته قلت: أ يكفن به الميت؟ قال:

لا «2»

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما رواه الحسين بن عمارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل اشتري من كسوة البيت شيئا هل يكفن به الميت؟ قال: لا «3» و هذه الرواية ضعيفة بحسين بن عمارة فانه لم يوثق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب التكفين الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 368

______________________________

و منها ما رواه عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن رجل اشتري من كسوة البيت شيئا هل يكفن فيه الميت؟ قال:

لا «1».

و هذه الرواية لا باس بسندها ظاهرا و لكن ليس دليل في الرواية علي أن وجه المنع كون الثوب من الحرير و يحتمل أن يكون الوجه في المنع حفظ احترام ثوب الكعبة و اللّه العالم.

و مما يمكن أن يستدل به علي المدعي ما أرسله في دعائم الإسلام عن علي عليه السلام أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي أن يكفن الرجال في ثياب الحرير «2».

و هذه الرواية لاعتبار بها من حيث الارسال.

و ربما يقال بأن رواية اسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: نعم الكفن الحلة و نعم الاضحية الكبش الاقرن «3» تدل علي الجواز بتقريب أن المقصود من الحلة المذكورة في الرواية ما يكون من الحرير.

و لا دليل علي هذا المدعي و عن الشهيد في الذكري: انه انكر ذلك و حكي عن أبي عبيدة أن الحلل برودا ليمن فالمحكم الادلة العامة لكن الاحتياط مما ينبغي رعايته سيما مع دعاوي الاجماع في المقام.

______________________________

(1)

نفس المصدر الحديث: 3

(2) المستدرك الباب 18 من أبواب التكفين الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب التكفين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 369

و لا بالنجس (1)

حتي اذا كانت نجاسته معفوا عنها (2) بل الاحوط وجوبا أن

______________________________

(1) نقل عن المعتبر و التذكرة دعوي الاجماع عليه و يدل علي المدعي النصوص الدالة علي ازالة النجاسة عن الكفن بعد التكفين منها: ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا خرج من الميت شي ء بعد ما يكفن فأصاب الكفن قرض منه «1».

و منها: ما رفعه سهل بن زياد قال اذا غسلت الميت ثم أحدث بعد الغسل فانه يغسل الحدث و لا يعاد الغسل «2».

و منها: ما رواه الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا خرج من منخر الميت الدم أو الشي ء بعد ما يغسل فاصاب العمامة أو الكفن قرض عنه «3».

و منها ما رواه ابن أبي عمير و احمد بن محمد عن (و) غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا خرج من الميت شي ء بعد ما يكفن فاصاب الكفن قرض من الكفن «4».

و هذه الروايات كلها ضعيفة فان الحديث الرابع نقل عن غير واحد لاحظ التهذيب ج 1 ص 450 و أما الحديث الثالث فضعيف بالكاهلي و الثاني و الاول فهما ضعيفان بالارسال.

(2) لإطلاق الدليل فلا وجه للاستثناء و القياس ليس من المذهب فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 370

لا يكون مذهبا (1) و لا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه (2) بل

و لا من جلد المأكول (3) و أما و بره و شعره فيجوز التكفين به (4) و أما في حال الاضطرار فيجوز بالجميع (5).

______________________________

(1) ذكر في وجه الاستدلال عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تجمروا الاكفان و لا تمسحوا موتاكم بالطيب الا بالكافور فان الميت بمنزلة المحرم «1».

بتقريب: ان هذه الرواية تدل علي أن الميت بمنزلة المحرم و المحرم لا يجوز له المذهب لأنه يحرم علي المحرم أن يلبس ما تحرم الصلاة فيه.

و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن سنان و رواها الصدوق بطريق آخر و ذلك الطريق أيضا ضعيف بقاسم بن يحيي فالحكم مبني علي الاحتياط كما في المتن.

(2) قد ظهر وجهه مما تقدم مع ضعفه فلاحظ.

(3) بدعوي عدم صدق الثوب عليه أو الانصراف عنه و لكن الانصاف أن الامر ليس كذلك فانه يصدق الثوب علي الثوب المأخوذ من الجلد كصدقه علي غيره و الانصراف لأنس الذهن و الا فلا وجه له.

و أما الاستدلال علي المدعي باصالة الاحتياط بناء علي أنها المرجع عند الدوران بين التعيين و التخيير، فيرد عليه أولا: أنه مع الاطلاق لا تصل النوبة الي الاصل و ثانيا: أن المرجع عند الدوران البراءة لا الاحتياط و التفصيل موكول الي محله.

(4) لتمامية المقتضي من الاطلاقات و عدم المانع.

(5) ما قيل في وجهه امور: الاول: انه قد استفيد من حديث الفضل بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب التكفين الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 371

______________________________

شاذان «1» ان علة تكفين الميت ستره عن الانظار.

و فيه: أولا أن الحديث ضعيف سندا بضعف اسناد الصدوق الي الفضل و ثانيا: أن المستفاد من مجموع

الادلة وجوب تكفين الميت بنحو خاص فالاقتصار بالميسور يحتاج الي دليل.

الثاني: أن النص الخاص قد دل علي أن حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا لاحظ ما رواه العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في بئر محرج وقع فيه رجل فمات فيه فلم يمكن اخراجه من البئر أ يتوضأ في تلك البئر؟ قال: لا يتوضأ فيه يعطل و يجعل قبرا و ان أمكن اخراجه اخرج و غسل و دفن قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: حرمة المسلم ميتا كحرمته و هو حي سواء «2».

بتقريب أن التحفظ علي حرمته، تكفينه بأي وجه كان. و فيه: أن المستفاد من هذه الرواية و نحوها أنه لا يجوز هتك الميت و ليس المراد وجوب احترام الميت علي الاطلاق مضافا الي أن المستفاد من دليل التكفين النحو الخاص و المفروض عدم امكانه.

اضف الي ذلك كله ان الرواية ضعيفة سندا بذبيان لكن الدليل علي أن حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا لا ينحصر في هذه الرواية كما تعرضنا للنصوص الدالة علي المدعي سابقا «3».

الثالث: أن أصل ستر بدنه مطلوب. و فيه: أنه أول الكلام و الدعوي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 365

(2) الوسائل الباب 51 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 339

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 372

فاذا انحصر في واحد منها تعين (1) و اذا تعدد و دار الامر بين تكفينه بالمتنجس و تكفينه بغيره من تلك الانواع فالاحوط الجمع بينهما (2) و اذا دار الامر بين الحرير و غير المتنجس منها قدم غير الحرير و لا يبعد التخيير في غير ذلك من الصور (3).

[مسألة 255: لا يجوز التكفين بالمغصوب]

(مسألة 255): لا يجوز التكفين بالمغصوب (4)

______________________________

الرابع: اطلاق دليل ثلاثة أثواب و انصراف دليل التقييد الي

خصوص حال الاختيار و فيه أنه لا وجه للانصراف فان دليل التقييد كبقية الموارد ارشاد الي المانعية و لا فرق في الحكم الوضعي بين حالتي الاختيار و الاضطرار.

فالحق أن يقال: ان تم دليل المنع من حيث الاطلاق فلا وجه للاكتفاء اذ المفروض عدم تمامية قاعدة الميسور و ان لم يتم و تم دليل المطلق فلا مانع من الاقتصار فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر اذ علي القول بوجوب الاكتفاء بالميسور فالتعين هو المتعين.

(2) للعلم الإجمالي المنجز للأطراف لكن انما يتم لو كان أحد الاطراف متعينا و أما مع عدم العلم بتعين بعض الاطراف فلا وجه للاحتياط بل مقتضي البراءة عن التعيين هو التخيير.

(3) لم يظهر وجهه و الحق أن يقال: انه لو دار الامر بين كل واحد من المذكورات مع غيره يكون مقضي القاعدة هو التخيير لعدم دليل علي التعيين و اذا دار الامر بين التعيين و التخيير فالبراءة عن التقييد محكمة و اللّه العالم.

(4) عن الذكري «دعوي الاجماع عليه» مضافا الي أنه مقتضي القاعدة الاولية فانه لا يجوز اجتماع الامر و النهي- كما قرر في محله- و لا فرق فيما ذكر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 373

حتي مع الانحصار (1) و في جلد الميتة اشكال (2) و الاحوط وجوبا مع الانحصار التكفين به.

______________________________

بين كون الواجب عباديا و غير عبادي فان المحرم لا يمكن أن يقع مصداقا للواجب.

(1) اذ مع الانحصار لا يكون التصرف في مال الغير جائزا و هذا مبني علي عدم وجوب بذل الكفن بل يمكن أن يقال: أنه لا يجوز حتي علي القول بوجوب البذل اذا قلنا ان وجوبه تكليفي محض اذ غايته أن الممتنع عن البذل يكون عاصيا و عصيانه لا يقتضي جواز التصرف

في ماله بلا اذنه.

(2) لم يظهر لي وجه الاشكال فان المستفاد من النص كما تقدم اشتراط الكفن بالطهارة و المفروض أن الميتة من الاعيان النجسة مضافا الي أن استعمال الميتة حرام و لا اشكال في أن التكفين من أنواع الاستعمالات. و بما ذكرنا ظهر الاشكال في الاحتياط المذكور في ذيل المسألة بل الاحتياط في الترك.

نعم لو قلنا: بأن الدليل علي شرطية الطهارة غير تام كما مر و قلنا أيضا بعدم حرمة استعمال الميتة علي الاطلاق يكون التكفين بجلد الميتة موافقا للاحتياط بل يمكن أن يقال: ان هذا هو الاظهر فان الانتفاع بالميتة في غير ما يشترط فيه الطهارة لا يبعد جوازه.

لاحظ ما رواه البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل تكون له الغنم يقطع من ألياتها و هي أحياء أ يصلح له أن ينتفع بما قطع؟ قال: نعم يذيبها و يسرج بها و لا يأكلها و لا يبيعها «1».

فانه يستقاد من هذه الروايه التفصيل بين المشروط بالطهارة فلا يجوز و ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 374

[مسألة 256: يجوز التكفين بالحرير غير الخالص]

(مسألة 256): يجوز التكفين بالحرير غير الخالص (1) بشرط أن يكون الخليط ازيد من الحرير علي الاحوط وجوبا (2).

[مسألة 257: اذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت أو من غيره وجب ازالتها]

(مسألة 257): اذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت أو من غيره وجب ازالتها و لو بعد الوضع في القبر بغسل أو بقرض اذا كان الموضع يسيرا و ان لم يمكن ذلك وجب تبديله مع الامكان (3)

[مسألة 258: القدر الواجب من الكفن يخرج من أصل التركة قبل الدين و الوصية]

(مسألة 258). القدر الواجب من الكفن يخرج من أصل التركة قبل الدين و الوصية (4).

______________________________

لا يشترط فيه الطهارة فيجوز.

(1) لعدم المقتضي للمنع و الجواز علي طبق القاعدة الاولية.

(2) هذا الاشتراط مستفاد من حديث الحسين بن راشد «1» لكن قد مر الاشكال في سند الرواية فاصل الحكم في الحرير مبني علي الاحتياط.

(3) لدلالة جملة من النصوص «2» و قد مر ان هذه الروايات ضعيفة سندا فالحكم مبني علي الاحتياط نعم نقل عليه الاتفاق و هل يترتب أثر علي نقل هذه الاتفاقات؟.

(4) نقل دعوي الاجماع عليه عن جملة من الاساطين و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ثمن الكفن من جميع المال «3».

و يدل أيضا علي المدعي ما رواه زرارة قال: سألته عن رجل مات و عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 367

(2) لاحظ ص: 369

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب التكفين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 375

و كذا ما وجب من مؤنة تجهيزه و دفنه من السدر و الكافور و ماء الغسل و قيمة الارض و ما يأخذه الظالم من الدفن في الارض المباحة و أجرة الحمال و الحفار و نحوها (1).

[مسألة 259: كفن الزوجة علي زوجها]

(مسألة 259): كفن الزوجة علي زوجها (2).

______________________________

دين بقدر ثمن كفنه قال: يجعل ما ترك في ثمن كفنه الا أن يتجر عليه بعض الناس فيكفنوه و يقضي ما عليه مما ترك «1» و ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أول شي ء يبد أبه من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث «2».

(1) الظاهر انه لا دليل عليه الا الاجماع المدعي في المقام و دعوي ان المذكورات كلها مراد من الكفن

المذكور في حديث عبد اللّه بن سنان «3».

و حال الاجماع في الاشكال معلوم و كذلك الجزم بارادتها من الكفن مشكل.

و ربما يقال: بأنه لو لم يؤخذ من اصل المال يؤدي الي بقاء الميت بلا دفن الي أن يتلاشي بدنه و هو مقطوع الخلاف و هذا الاستدلال فاسد اذ يمكن الاخذ من بيت المال و مع عدم امكانه يجب علي المسلمين كفاية فلا تصل النوبة الي ترك الدفن و الانصاف ان الجزم بجواز التصرف في أصل المال مع وجود الصغار في غاية الاشكال و اللّه العالم.

(2) نقل عليه الاجماع من جملة من الاعيان و يدل عليه من النصوص ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: كفن المرأة علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب أحكام الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب أحكام الوصايا الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 374

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 376

و ان كانت صغيرة أو مجنونة (1) أو أمة (2) أو غير مدخول بها (3) و كذا المطلقة الرجعية (4) و لا يترك الاحتياط في الناشزة (5) و المنقطعة (6) و لا فرق في الزوج بين أحواله من الصغر و الكبر و غيرهما من

______________________________

زوجها اذا ماتت «1» و يدل عليه أيضا ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه أن امير المؤمنين عليه السلام قال: علي الزوج كفن امرأته اذا ماتت «2».

(1) للإطلاق.

(2) ربما يقال: ان كفن الامة علي سيدها فيقع التعارض بين الدليلين و اجيب عن الاشكال بأن تلك المسألة دليلها الاجماع و القدر المتيقن منه في غير الزوجة فالاطلاق محكم.

(3) للإطلاق.

(4) لكونها بحكم الزوجة نصا و فتوي.

(5) الظاهر ان التوقف في الناشزة من ناحية

انها لا تجب نفقتها عليه فلا يجب كفنها. و فيه: ان بالموت تنقطع الزوجية و لا تجب النفقة فلا يرتبط أحد الحكمين بالاخر.

و ان شئت قلت: ان وجوب الكفن ليس دائرا مدار وجوب النفقة فلا فرق في الزوجة بين الناشزة و المطيعة و لا بين الدائمة و المنقطعة فلاحظ.

(6) ربما يقال: بانصراف الدليل عنها. و فيه: ان الانصراف بدوي و قد مر آنفا ان وجوب الكفن ليس من آثار وجوب النفقة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 377

الاحوال (1).

[مسألة 260: يشترط في وجوب كفن الزوجة علي زوجها يساره]

(مسألة 260): يشترط في وجوب كفن الزوجة علي زوجها يساره (2)

______________________________

(1) لإطلاق الدليل و لكن لقائل أن يقول: ان مقتضي قوله عليه السلام في حديث عمار بعد ما سأله عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟: «اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم» «1» عدم الفرق بين الوضع و التكليف و لا وجه لتخصيص الرفع بقلم التكليف و مما ذكرنا يظهر ما في كلام سيد المستمسك في هذا المقام «2» و تفصيل الكلام موكول الي محل آخر.

(2) المراد باليسار هو أن يكون مالكا بعد المستثنيات في الدين أزيد من قوت يومه و ليلته له و لعياله الواجب نفقتهم عليه و لو حصلت ملكيته بانتقال مال زوجته اليه ارثا و المعسر هو الفاقد لذلك و بعد هذا نقول:

نقل ان الاصحاب قاطعون به و نقل عن صاحب المدارك احتمال شمول الحكم للمعسر لإطلاق النص. و الحق أن يقال: انه اذا قلنا بأنه من الديون لا يجب عليه الاستقراض في حال الاعسار كما هو المقرر بمقتضي النص لاحظ

ما رواه محمد بن يعقوب باسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام في وصية طويلة الي أصحابه قال: و اياكم و اعسار احد من إخوانكم المسلمين أن تعسروه بشي ء يكون لكم قبله و هو معسر فان أبانا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يقول: ليس لمسلم أن يعسر مسلما و من أنظر معسرا أظله اللّه يوم القيامة بظله يوم لا ظل الا ظله «3» و سائر الروايات الواردة في الباب 25 و 11 من أبواب الدين

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 12

(2) مستمسك العروة ج 4 ص 165

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب الدين و القرض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 378

و أن لا يكون محجورا عليه قبل موتها بفلس (1) و أن لا يكون ماله متعلقا به حق غيره برهن أو غيره (2) و ان لا يقترن موتها بموته (3) و عدم تعيينها الكفن بالوصية (4) لكن الاحوط وجوبا ان لم يكن أقوي في صورة فقد أحد الشروط الثلاثة الاول وجوب الاستقراض ان أمكن و لم يكن حرجيا (5) و كذا الاحتياط في صورة عدم العمل

______________________________

و القرض من الوسائل.

لكن لا دليل علي أنه من الديون و مما لا يجوز أن يطالبه الورثة به بل المستفاد من قوله عليه السلام «كفن المرأة علي زوجها» ان الكفن بعهدته و يجب بذله و يترتب عليه انه يجب عليه حتي في حال الاعسار و يجب عليه الاستقراض الا أن يكون متعذرا أو حرجيا فيسقط.

(1) لان الحجر موجب لسلب قدرته عن التصرف في ماله و المنع الشرعي كالمنع العقل لكن هذا مبني علي اعتبار اليسار و أما لو قلنا بأنه يجب عليه بذل

الكفن يجب عليه الاستقراض الا مع التعذر أو الحرج فلاحظ.

(2) قد ظهر الوجه فيه مع ما فيه من الاشكال.

(3) فان الدليل ظاهر في أن الموضوع حياة الزوج حين وفات الزوجة.

(4) اذ في هذه الصورة يجب العمل بوصيتها لكن مجرد الوصية و وجوب العمل بها لا يوجب سقوط الوجوب عن الزوج بل المسقط العمل الخارجي.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من دليل وجوب الكفن علي الزوج انه يجب عليه أن يبذل الكفن و مجرد وجوب التكفين من مالها لا يقتضي سقوط الوجوب بل المسقط التكفين الخارجي.

(5) قد ظهر الوجه فيه.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 379

بوصيتها بالكفن (1).

[مسألة 261: كما ان كفن الزوجة علي زوجها كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر و الكافور و غيرهما]

(مسألة 261): كما ان كفن الزوجة علي زوجها كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر و الكافور و غيرهما مما عرفت علي الاحوط وجوبا ان لم يكن أقوي (2).

[مسألة 262: الزائد علي المقدار الواجب من الكفن و سائر مؤن التجهيز لا يجوز اخراجه من الاصل الا مع رضا الورثة]

(مسألة 262): الزائد علي المقدار الواجب من الكفن و سائر مؤن التجهيز لا يجوز اخراجه من الاصل الا مع رضا الورثة (3) و اذا كان فيهم صغير أو غير رشيد لا يجوز لوليه الاجازة في ذلك فيتعين حينئذ اخراجه من حصة الكاملين برضاهم (4)

______________________________

(1) قد ظهر الوجه فيه.

(2) بدعوي انه يجب عليه نفقتها و ما ذكر من النفقة. و يرد عليه أولا: انه أخص من المدعي فان المنقطعة لا يجب نفقتها و قس عليها الناشزة و ثانيا: ان ان موضوع النفقة ارتفع بالموت فلا مجال لهذه الدعوي و من الظاهر ان الزوجية تنقضي بالموت و لذا يجوز للزوج التزويج بالاخت و بالخامسة و أما الاجماع فحاله في الاشكال ظاهر و أما استفادة المدعي من ذكر الكفن بلحاظ انه أهم المؤن فالانصاف عدم امكان جعله مدركا للحكم الشرعي.

(3) لأنه مع عدم رضاهم يحرم التصرف و بعبارة اخري لا يجوز التصرف في مال الغير بلا اذنه و المقدار المعلوم من حيث الجواز المقدار الواجب و لا دليل علي اختيار من يتصدي لأمر الميت أن يفعل ما يشاء.

(4) لعدم المقتضي للجواز و مما ذكرنا علم وجه ما ذكر في هذه المسألة من الفروع فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 380

و كذا الحال في قيمة القدر الواجب فان الذي يخرج من الاصل ما هو أقل قيمة و لا يجوز اخراج الاكثر منه الا مع رضا الورثة الكاملين فلو كان الدفن في بعض المواضع لا يحتاج الي بذل مال و في غيره يحتاج

الي ذلك لا يجوز للولي مطالبة الورثة بذلك ليدفنه فيه.

[مسألة 263: كفن واجب النفقة من الاقارب في ماله لا علي من تجب عليه النفقة]

(مسألة 263): كفن واجب النفقة من الاقارب في ماله لا علي من تجب عليه النفقة (1).

[مسألة 264: إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن فلا يترك الاحتياط ببذله ممن تجب نفقته عليه]
اشارة

(مسألة 264): اذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن فلا يترك الاحتياط ببذله ممن تجب نفقته عليه (2) و مع عدمه يدفن عاريا و لا يجب علي المسلمين بذل كفنه (3)

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه و مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(2) لاحتمال وجوبه عليه و الخروج عن شبهة الخلاف فانه نقل عن موضع من التذكرة كونه من شئون النفقة.

(3) لعدم دليل علي وجوب كفنه علي أحد فمقتضي القاعدة عدم الوجوب و ان شئت قلت: ان الواجب الكفائي تكفينه بكفن يتعلق به و أما وجوب بذل الكفن فلا دليل عليه لكن المناسب للمقام أن يقال: يجب بذل كفنه من بيت المال أو من الزكاة بل النص الخاص دال عليه لاحظ ما رواه الفضل بن يونس الكاتب قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام فقلت له: ما تري في رجل من أصحابنا يموت و لم يترك ما يكفن به اشتري له كفنه من الزكاة؟ فقال:

أعط عياله من الزكاة قدر ما يجهز و نه فيكونون هم الذين يجهز و نه قلت: فان لم يكن له ولد و لا أحد يقوم بأمره فاجهزه أنا من الزكاة؟ قال: كان أبي يقول:

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 381

[تكملة: فيما ذكروا من سنن هذا الفصل]

تكملة:

فيما ذكروا من سنن هذا الفصل: يستحب في الكفن العمامة للرجل (1).

______________________________

ان حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته حيا فوار بدنه و عورته و جهزه و كفنه و حنطه و احتسب بذلك من الزكاة «1». لكن سند الرواية مخدوش و صاحب الجواهر قدس سره تعرض للفرع.

(1) قد دل بعض النصوص علي كون العمامة من الكفن لاحظ حديثي عبد اللّه بن سنان و معاوية بن وهب «2» فلا اشكال في محبوبيتها و حيث انه قد دل جملة من

النصوص علي أنها ليست من الكفن يحمل ما امر بها علي الاستحباب لاحظ ما رواه زرارة «3».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كتب أبي في وصيته أن اكفنه في ثلاثة أثواب أحدها رداء له حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة و ثوب آخر و قميص فقلت لأبي لم تكتب هذا؟ فقال: اخاف أن يغلبك الناس و أن قالوا:

كفنه في اربعة (أثواب) أو خمسة فلا تفعل (قال) و عممه بعد بعمامة و ليس تعد العمامة من الكفن انما يعد ما يلف الجسد «4».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الميت يكفن في ثلاثة سوي العمامة و الخرقة يشد بها وركيه لكيلا يبدو منه شي ء و الخرقة و العمامة

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 350 و 362

(3) لاحظ ص: 359

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 382

و يكفي فيها المسمي (1) و الاولي أن تدار علي رأسه و يجعل طرفاها تحت حنكه علي صدره الايمن علي الايسر و الايسر علي الايمن (2) و المقنعة للمرأة (3)

______________________________

لا بد منهما و ليستا من الكفن «1».

مضافا الي أن عدم وجوبها من الواضحات و أيضا لا اشكال نصا و فتوي في محبوبيتها.

(1) للإطلاق.

(2) لما في حديث يونس فانه عليه السلام قال في ذيل حديث يونس: «ثم يعمم: يؤخذ وسط العمامة فيثني علي رأسه بالتدوير ثم يلقي فضل الشق الايمن علي الايسر و الايسر علي الايمن ثم يمد علي صدره «2».

(3) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في كم

تكفن المرأة؟ قال: في خمسة أثواب: أحدها الخمار «3» و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «4» و انما سمي بالخمار لأنه يستر الرأس.

و عن مجمع البحرين: «ان الخمار هي المقنعة».

و قد دل بعض النصوص علي أن المفروض من الكفن ثلاثة أثواب لاحظ ما رواه زرارة «5» مضافا الي التسالم الخارجي علي عدم وجوب المقنعة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب التكفين الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 18

(4) لاحظ ص: 359

(5) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 383

و يكفي فيها أيضا المسمي (1) و لفافة لثدييها يشدان بها الي ظهرها (2).

و خرقة يعصب بها وسط الميت ذكرا كان أو انثي (3) و خرقة اخري للفخذين تلف عليهما (4) و لفافة فوق الازار يلف بها تمام بدن الميت (5) و الاولي كونها بردا يمانيا (6).

______________________________

(1) للإطلاق.

(2) لاحظ اما رواه سهل عن بعض أصحابنا رفعه قال: سألته كيف تكفن المرأة؟ فقال: كما يكفن الرجل غير أنها تشد علي ثدييها خرقة تضم الثدي الي الصدر و تشد علي ظهرها و يصنع لها القطن أكثر مما يصنع للرجال و يحشي القبل و الدبر بالقطن و الحنوط ثم يشد عليها الخرقة شدا شديدا «1».

(3) لاحظ ما رواه معاوية بن وهب «2».

(4) لاحظ خبري عبد اللّه بن سنان «3» فان الجمع بين الحديثين يقتضي الاستحباب. فانه يستفاد من كلامه عليه السلام: «انها لا تعد شيثا» ان الخرقة ليست من الكفن.

(5) لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال:

سمعته يقول. اني كفنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما و في قميص من قمصه و عمامة كانت لعلي بن

الحسين و في برد اشتريته باربعين دينارا «4».

(6) فان المذكور في حديث يونس، البرد و لاحظ ما رواه الصدوق قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث. 16

(2) لاحظ ص: 362

(3) لاحظ ص: 350 و 381

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 384

و ان يجعل القطن أو نحوه عند تعذره بين رجليه يستر به العورتان (1) و يوضع عليه شي ء من الحنوط (2) و أن يحشي دبره (3) و منخراه (4) و قبل المرأة (5).

______________________________

كفن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب: في بردتين ظفريتين من ثياب اليمن و ثوب كرسف و هو ثوب قطن «1».

(1) لاحظ ما ارسله يونس قال عليه السلام «و اعمد الي قطن فذر عليه شيئا من حنوط فضعه علي فرجه قبل و دبر (قبلا و دبرا) و احش القطن في دبره لئلا يخرج منه شي ء «2».

قال في الجواهر: «لا بأس بالتعدي من القطن الي غيره بعد حصول الغرض به.

(2) كما صرح في المرسلة بقوله عليه السلام «فذر عليه شيئا من حنوط «3».

(3) كما صرح به في المرسلة فلاحظ و أيضا صرح به في خبر عمار بن موسي قال عليه السلام: «و تدخل في معقدته من القطن ما دخل» «4».

(4) كما في حديث الكاهلي قال عليه السلام «فان خفت أن يظهر من المنخرين شي ء فلا عليك أن تصير ثم قطنا» «5».

(5) كما صرح في المرسل المرفوع قال: «و يحشي القبل و الدبر با

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 19

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(3) نفس المصدر

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 10

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل

الميت الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 385

اذا خيف خروج شي ء منها (1) و اجادة الكفن (2).

و أن يكون من القطن و أن يكون ابيض (3) و أن يكون من خالص المال

______________________________

بالقطن» «1».

(1) نسب هذا الاشتراط الي جملة من الاعيان و منهم الشيخ و العلامة قدس سرهما و يدل عليه قوله عليه السلام في خبر الكاهلي: فان خفت أن يظهر من المنخرين شي ء فلا عليك أن تصير ثم قطنا و ان لم تخف فلا تجعل فيه شيئا» «2».

لكن هذا في خصوص المنخرين الا أن يقال: بأن الملاك واحد و لا فرق بين الموارد مضافا الي ان الوضع مع عدم الخوف هتك للميت و هتكه حرام و الجزم بما ذكر مشكل و اطلاق النصوص محكم و قوله عليه السلام في خبر يونس «لئلا يخرج منه شي ء» «3» ظاهر في الحكمة و يمكن أن يقال بأنه لا يبعد أن العرف يفهم من مجموع ما في النصوص الاشتراط المذكور.

و نقل في الجواهر عن بعض الاعلام- كصاحب السرائر- المنع من الاتيان بالمذكورات مراعاة لحرمة الميت و هو ضعيف بل الحرمة تقتضي الاتيان مضافا الي أنه اجتهاد في مقابل النص.

(2) لجملة من النصوص المذكورة في الباب 18 من أبواب التكفين من الوسائل منها: ما ارسله ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اجيدوا أكفان موتاكم فانها زينتهم «4».

(3) قال في الجواهر: «و هو مذهب العلماء- علي ما في المعتبر و بزيادة

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 16

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 18 من أبواب التكفين الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 386

و طهوره (1)

و أن يكون ثوبا قد احرم (2)

______________________________

«كافة» في التذكرة» الي آخر كلامه.

و يدل علي استحباب كونه من القطن ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الكتان كان لنبي اسرائيل يكفنون به و القطن لأمة محمد صلي اللّه عليه و آله «1».

و يؤيد المدعي- لو لم يدل عليه- ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الكفن يكون بردا فان لم يكن بردا فاجعله كله قطنا «2».

و يدل علي استحباب كونه أبيض ما رواه ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: البسوا البياض فانه أطيب و أطهر و كفنوا فيه موتاكم «3».

و ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله:

ليس من لباسكم شي ء احسن من البياض فالبسوه و كفنوا فيه موتاكم «4».

(1) لمرسل الصدوق قال: روي أن سندي بن شاهك قال لأبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام احب ان تدعني اكفنك فقال: انا أهل بيت حج صرورتنا و مهور نسائنا و أكفاننا من طهور اموالنا «5».

(2) لما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان ثوبا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اللذان أحرم فيهما يمانيين عبري و اظفار و فيهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب التكفين الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب التكفين الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 34 من أبواب التكفين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 387

أو صلي فيه (1) و أن يلقي عليه الكافور و الذريرة (2) و

أن يخاط بخيوطه اذا احتاج الي الخياطة (3).

______________________________

كفن «1» و ما رواه يونس بن يعقوب عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال:

سمعته يقول: اني كفنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما و في قميص من قمصه «2».

(1) لجملة من النصوص المذكورة في الباب 4 من أبواب التكفين من الوسائل منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا اردت أن تكفنه فان استطعت أن يكون في كفنه ثوب كان يصلي فيه نظيف فافعل فان ذلك يستحب أن يكفن فيما كان يصلي فيه «3».

(2) لما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كفنت الميت فذر علي كل ثوب شيئا من ذريرة و كافور «4».

(3) قال المحقق الآملي قدس سره في مصباح الهدي- في هذا المقام-:

و ليس علي استحبابه نص و نقل عن المدارك انه ذكره الشيخ و أتباعه و لا اعرف المستند و نسبه في الذكري الي الشيخ و الاصحاب و نقل عن الجواهر انه قال:

و هل ذلك كاف في صحة الحكم بالاستحباب؟.

و قال في الحدائق: «و منها أن يخاط بخيوط منه قاله الشيخ في المبسوط و الاصحاب- علي ما نقله في الذكري- و قال في المدارك: «ذكره الشيخ

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب التكفين الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب التكفين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 388

و أن يكتب علي حاشية الكفن: فلان ابن فلان يشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و ان محمدا رسول اللّه ثم يذكر الائمة عليهم السلام واحد بعد واحد و أنهم أولياء اللّه و

أوصياء رسوله و ان البعث و الثواب و العقاب حق (1) و أن يكتب علي الكفن دعاء

______________________________

و اتباعه و لا اعرف مستنده» انتهي و هو كذلك» «1».

(1) أما استحباب كتابة الشهادة بالتوحيد فتدل عليه جملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 29 من أبواب التكفين منها: ما رواه أبو كهمس قال: حضرت موت اسماعيل و أبو عبد اللّه عليه السلام جالس عنده فلما حضره الموت شد لحييه و غمضه و غطي عليه الملحفة ثم أمر بتهيئة فلما فرغ من أمره دعا بكفنه فكتب في حاشية الكفن: اسماعيل يشهد أن لا إله الا اللّه «2» و أما كتابة الشهادة بالرسالة و امامة الائمة فبالاجماع المدعي في الخلاف و الغنية- علي ما في الجواهر- مضافا الي اثبات الحلية بعموم ادلة الحل و رجحانه بعموم رجحان الاستشفاع و التبرك مع تناسب المقام بين الحكم و الموضوع اضف الي ذلك بالنسبة الي الشهادة بالرسالة ما نقل عن مصباح الأنوار ان كثير ابن عباس كتب علي أطراف كفن فاطمة عليها السلام: تشهد أن لا إله الا اللّه و أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «3».

و أما استحباب كتابة حقية البعث و الثواب و العقاب فادعي في الغنية انه اجماعي- علي ما في الجواهر-.

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص 51

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب التكفين الحديث: 1

(3) مستدرك الوسائل الباب 22 من أبواب التكفين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 389

الجوشن الصغير و الكبير (1) و يلزم أن يكون ذلك كله في موضع يؤمن عليه من النجاسة و القذارة فيكتب في حاشية الازار من طرف رأس الميت (2)

______________________________

(1) أما دليل استحباب كتابة الجوشن الكبير فما روي عن

السجاد عليه السلام عن أبيه عن جده عليهم السلام عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله قال: نزل جبرئيل علي النّبيّ صلي اللّه عليه و آله في بعض غزواته و عليه جوشن ثقيل آلمه فقال:

يا محمد الي أن قال: و من كتبه علي كفنه استحيي اللّه أن يعذبه بالنار الي أن قال: قال الحسين عليه السلام أوصاني أبي بحفظ هذا الدعاء و تعظيمه و أن اكتبه علي كفنه «1».

و أما كتابة الجوشن الصغير فالظاهر انه ليس علي استحبابها دليل بالخصوص الا أن ابن طاوس ذكر الدعاء في مهجه و كتب في الهامش ما روي بالنسبة الي الجوشن الكبير.

و عن المجلسي في البحار أن هذا غريب الي أن قال: ظهر لي من بعض القرائن ان هذا ليس من السيد و ليس هذا إلا شرح الجوشن الكبير و كتبه الشيخ أبو طالب من كتب جده السعيد لمناسبة لفظة الجوشن و اشتراكهما في هذا اللقب في حاشية الكتاب فادخله النساخ في المتن.

(2) لا أري وجها لهذا اللزوم اذ الشبهة مصداقية و لا يكون الحكم منجزا علي المكلف و لعله لما ذكرنا أفاد سيد العروة فيها: «اذا لم تكتب الادعية المذكورة و القرآن علي الكفن بل علي وصلة اخري و جعلت علي صدره أو فوق رأسه للأمن من التلويث كان أحسن».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 27 من أبواب التكفين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 390

و قيل: ينبغي أن يكون ذلك في شي ء يستصحب معه بالتعليق في عنقه أو الشد في يمينه لكنه لا يخلو من تأمل (1) و يستحب في التكفين أن يجعل طرف الايمن من اللفافة علي أيسر الميت و الايسر علي أيمنه (2) و ان يكون المباشر

للتكفين علي طهارة من الحدث (3).

______________________________

فيظهر منه قدس سره انه لا يري الاحسن الاحتراز عن احتمال التلويث و الحق معه اذ كما قلنا لا دليل علي الالزام فلاحظ.

(1) لعدم الدليل عليه.

(2) قال في الحدائق: قال عليه السلام في كتاب الفقه: و تلفه في ازاره و حبرته و تبدأ بالشق الايسر و تمد علي الايمن ثم تمد الايمن علي الايسر «1».

(3) لم نجد عليه دليلا و ربما يستدل بما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: الغسل في سبعة عشر موطنا الي أن قال: و اذا غسلت ميتا أو كفنته أو مسسته بعد ما يبرد «2».

و مثله ما ارسله الصدوق «3».

و هذه الرواية علي خلاف المطلوب أدل فانها تدل علي محبوبية الغسل بعد التكفين كما انه تدل جملة من النصوص علي عكس المطلوب منها:

ما رواه يعقوب بن يقطين قال: سألت العبد الصالح عليه السلام عن غسل الميت الي أن قال عليه السلام: ثم اذا كفنه اغتسل «4».

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص: 48

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 391

و ان كان هو المغسل غسل يديه من المرفقين بل المنكبين ثلاث مرات و رجليه الي الركبتين (1) و يغسل كل موضع تنجس من بدنه (2) و أن يجعل الميت حال التكفين مستقبل القبلة و الاولي أن يكون كحال الصلاة عليه (3)

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ثم يلبسه أكفانه ثم يغتسل «1» و غيرهما.

و مما ذكر في هذا المقام- علي ما في الجواهر- ما قاله في مقام التعليل في المعتبر:

«بأن الاغتسال و الوضوء علي من غسل ميتا واجب أو مستحب و كيف ما كان فان الامر علي الفور فيكون التعجيل افضل».

و فيه: اولا: ان الامر لا يدل علي الفور و علي فرض دلالته عليه لا يرتبط بالتكفين فلا يمكن عده من مستحباته.

و عن المنتهي ان الوجه فيه كونه علي أبلغ احواله من الطهارة المزيلة للنجاسة العينية و الحكمية عند التكفين البالغ في الطهارة.

و اورد عليه بأنه وجه اعتباري و معارض باستحباب تعجيل تجهيز الميت.

(1) لما في موثق عمار قال: «ثم تغسل يديك الي المرافق و رجليك الي الركبتين ثم تكفنه» «2».

(2) للوجه الاعتباري المذكور آنفا من أنه يريد أن يلاقي البدن الطاهر من الحدث و الخبث فيكون الاحري طهارته منهما.

(3) لحديث يعقوب «3» فان مقتضي اطلاق الرواية شمول الحكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 10

(3) لاحظ ص: 349

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 392

و يكره قطع الكفن بالحديد (1) و عمل الاكمام (2) و الزرور له و لو كفن في قميصه قطع أزراره (3) و يكره بل الخيوط التي تخاط بها بريقه (4).

______________________________

لحال التكفين فلاحظ.

(1) قال في الحدائق: «ذكر ذلك الشيخان و قال في التهذيب: سمعنا ذلك مذاكرة من الشيوخ و كان عملهم عليه قال في المعتبر- بعد ذلك- قلت:

و يستحب متابعتهم تخليصا من الوقوع فيما يكره».

(2) لحديث محمد بن سنان عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت الرجل يكون له القميص أ يكفن فيه؟ فقال: اقطع أزراره قلت: و كمه؟

قال: لا انما ذلك اذا قطع له و هو جديد لم يجعل له كما و أما اذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع

منه الا الازرار «1».

(3) لجملة من الروايات منها ما رواه محمد بن سنان المتقدم آنفا و منها:

ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا جعفر عليه السلام أن يأمر لي بقميص اعده لكفني فبعث به إلي فقلت: كيف اصنع؟ فقال: انزع أزراره «2».

و منها: ما رواه الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: ينبغي أن يكون القميص للميت غير مكفوف و لا مزرور «3». و مقتضي الاحتياط قطع الازرار لظهور الامر في الوجوب.

(4) قال في الحدائق: «قال في المعتبر: ذكره الشيخ و رأيت الاصحاب

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب التكفين الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 393

و تبخيره (1) و تطبيبه بغير الكافور و الذريرة (2)

______________________________

يجتنبونه و لا بأس بمتابعتهم لإزالة الاحتمال و وقوفا علي موضع الوفاق» انتهي «1».

و لا اشكال في حسن الاحتياط فقد ورد في الخبر اخوك دينك فاحتط لدينك.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 393

(1) قال في الحدائق- في هذا المقام: «و اصحابنا جمعيا- عد الصدوق- علي الكراهة الي آخره «2». و النصوص مختلفة فمنها ما دل علي المنع مثل ما رواه ابن أبي عمير عن بعض اصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يجمر الكفن «3» و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: لا تجمر وا الاكفان و لا تمسحوا موتاكم بالطيب الا بالكافور فان الميت بمنزلة المحرم «4».

و منها: ما يدل علي الجواز مثل ما رواه عبد اللّه بن سنان

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بدخنة كفن الميت و ينبغي للمرء المسلم أن يدخن ثيابه اذا كان يقدر «5».

و طريق الجمع بين المتعارضين حمل دليل الجواز علي التقيه لذهاب الجمهور اليه قال في الحدائق: «و قال ابن بابويه: يجمر الكفن و هو قول الجمهور».

(2) يظهر من صاحب الحدائق ان المشهور عند الخاصة هي الكراهة كما

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص 59

(2) الحدائق ج 4 ص 56

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب التكفين الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 394

و أن يكون أسود (1)

______________________________

ان المشهور عند العامة الاستحباب.

و النصوص مختلفة فمنها ما يدل علي المنع مثل ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الكافور هو الحنوط «1» و ما رواه محمد بن مسلم «2» و ما رواه يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يسخن للميت الماء لا تعجل له النار و لا يحنط بمسك «3» و ما رواه داود بن سرحان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لي في كفن أبي عبيدة الحذاء: انما الحنوط الكافور و لكن اذهب و اصنع كما يصنع الناس «4» و ما رواه أيضا «5».

و منها: ما يدل علي الجواز مثل ما رواه الصدوق قال: سئل أبو الحسن الثالث عليه السلام هل يقرب الي الميت المسك و البخور؟ قال: نعم «6» و ما رواه أيضا «7».

و ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام أنه كان يجمر الميت (الكفن) بالعود فيه المسك «8» و مقتضي الجمع

بين الطائفتين حمل ما يدل علي الجواز علي التقية.

(1) لما رواه الحسين بن المختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكفن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 393

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب التكفين الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 8

(6) نفس المصدر الحديث: 9

(7) نفس المصدر الحديث: 10

(8) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 395

بل مطلق المصبوغ (1) و أن يكتب عليه بالسواد (2) و أن يكون من الكتان (3) و أن يكون ممزوجا بابريسم (4)

______________________________

الميت في السواد «1» و ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يحرم في ثوب أسود؟ قال: لا يحرم في الثوب الاسود و لا يكفن به «2».

(1) قال في الحدائق: «يفهم من الذكري تعدية الحكم الي كل مصبوغ حيث قال: و كره في السواد بل و كل صبغ علي الأصحّ و عليه تحمل رواية حسين بن المختار» «3» و هو كما تري.

(2) قال المحقق الآملي الشيخ محمد تقي قدس سره في مصباح الهدي ج 6 ص 233: «و نسب كراهته الي غير واحد من القدماء و كثير من المتأخرين و عن المبسوط انه لا يكتب بالسواد و عن النهاية انه لا يجوز و ليس علي حرمته دليل و لا بأس بالكراهة لقاعدة التسامح قال في المعتبر- بعد حكاية الكراهة عن الشيخ-: و هو حسن لان في ذلك نوع استبشاع» انتهي.

و لا يخفي ان قاعدة التسامح غير تامة من حيث المدرك و علي فرض تماميتها لا تصلح لإثبات الكراهة و التفصيل موكول الي محل آخر.

(3) لاحظ ما رواه يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد اللّه

عليه السلام قال: لا يكفن الميت في كتان «4».

(4) لم نجد عليه دليلا و قد مر أن بعض النصوص قد نهي عن التكفين في

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب التكفين الحديث. 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الحدائق ج 4 ص 53

(4) الوسائل الباب 20 من أبواب التكفين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 396

و المماكسة في شرائه (1) و جعل العمامة بلا حنك (2) و كونه و سخا (3) و كونه مخيطا (4)

______________________________

المخلوط اذا كان الابريسم أكثر أو مساويا لاحظ ما رواه الحسين راشد «1» و اما اذا كان أقل فلا ندري ما المستند و اللّه العالم.

(1) لما روي في وصية النّبيّ صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام و عن أبي جعفر أنه قال: لا تماكس في اربعة أشياء و عد منها الكفن «2».

(2) لحديث عثمان النواء قال عليه السلام فيه: و اذا عممته فلا تعممه عمامة الاعرابي قلت: كيف أصنع؟ قال: خذ العمامة من وسطها و انشرها علي رأسه ثم ردها الي خلفه و اطرح طرفيها علي صدره «3» فان عمامة الاعرابي قد فسرت بعمامة بلا حنك.

(3) لجملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم «4» و منها ما رواه عبد اللّه بن المغيرة «5» فان المستفاد من الحديثين كراهة أن يكون الكفن و سخا فتأمل.

(4) لم نقف علي مدركه بل لا يبعد أن يستفاد من بعض النصوص خلاف المدعي لاحظ ما رواه سهل «6» و الحلبي «7» و الصدوق «8» فان المستفاد

______________________________

(1) لاحظ ص: 367

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب التكفين الحديث: 1 و 2

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب التكفين الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 387

(5) الوسائل الباب 4 من

أبواب التكفين الحديث 2

(6) لاحظ ص: 363

(7) لاحظ ص: 381

(8) لاحظ ص: 363

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 397

[مسألة 265: يستحب لكل أحد أن يهيئ كفنه قبل موته و أن يكرر نظره اليه]

(مسألة 265): يستحب لكل أحد أن يهيئ كفنه قبل موته و أن يكرر نظره اليه (1).

[الفصل الرابع في التحنيط]
اشارة

الفصل الرابع في التحنيط يجب امساس مساجد الميت (2)

______________________________

من هذه النصوص عدم البأس بالتكفين في القميص بل يستفاد رجحانه و القميص مخيط و اللّه العالم.

(1) لجملة من النصوص: منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أعد الرجل كفنه فهو مأجور كلما نظر اليه «1» و منها: ما رواه محمد بن سنان عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال- من كان كفنه معه في بيته لم يكتب من الغافلين و كان مأجورا كلما نظر اليه «2» و منها: ما رواه اسماعيل بن مسلم «3».

(2) هذا هو المشهور فيما بين القوم بل عن جملة من الاساطين دعوي الاجماع عليه. و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اردت أن تحنط الميت فاعمد الي الكافور فامسح به آثار السجود منه و مفاصله كلها و رأسه و لحيته و علي صدره من الحنوط و قال: حنوط الرجل و المرأة سواء «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب: 14 من أبواب التكفين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 398

السبعة بالكافور (1)

______________________________

و لا يخفي ان المذكور في بعض النصوص كما في هذه الرواية عنوان المسح بالكافور و في بعضها الاخر عنوان الجعل أو الوضع لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: و اجعل الكافور في مسامعه و أثر سجوده منه و فيه الحديث «1».

و مقتضي حمل المطلق علي

المقيد الالتزام بلزوم المسح و لا مجال لإبقاء المطلق علي حاله و عدم تقييده اذ لا يحتمل تعدد المطلوب و مع وحدة المطلوب لا مناص عن حمل المطلق علي المقيد.

و نقل عن الجواهر: الاشكال في وجوب التحنيط بتقريب: ان النصوص مشتملة علي جملة من المستحبات و بأنها مختلفة و وقوع بعضها في جواب السائل.

و شي ء مما ذكر لا يوجب القول بالاستحباب أما شمول النصوص علي جملة من المستحبات فلا يوجب رفع اليد عن ظهور الدليل في الوجوب بالنسبة الي الحنوط الذي ليس دليل علي استحبابه بل الاجماع و السيرة قائمان علي وجوبه. و أما اختلافها فايضا لا يوجب القول بالاستحباب فان الميزان في في الاختلاف أن يحمل المطلق علي المقيد حتي في المستحبات فانا ذكرنا في محله في الاصول انه لا فرق بين الواجب و المستحب في حمل المطلق علي المقيد و التفصيل موكول الي ذلك المقام. و أما وقوع بعضها في جواب السائل فعلي فرض عدم استفادة الوجوب منه تكون في غيره كفاية كما هو ظاهر.

(1) ادعي عليه الاجماع مضافا الي دلالة جملة من النصوص عليه: منها:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 399

و يكفي المسمي (1)

______________________________

ما رواه الحلبي «1» و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحنوط للميت فقال: اجعله في مساجده «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قال: اذا جففت الميت عمدت الي الكافور فمسحت به آثار السجود و مفاصله كلها و اجعل في فيه و مسامعه و رأسه و لحيته من الحنوط و علي صدره و فرجه و قال:

حنوط الرجل

و المرأة سواء «3».

و منها: ما رواه سماعة قال: و يجعل شيئا من الحنوط علي مسامعه و مساجده و شيئا علي ظهر الكفن «4».

(1) هذا هو المشهور- علي ما في كلام سيد المستمسك- بل عليه دعوي الاجماع و تقتضيه اصاله البراءة عن الزائد مضافا الي اطلاق النصوص لا سيما موثق عمار فانه قد ذكر في هذا الخبر مقدار الخرقة بقوله: ثم الخرقة عرضها قدر شبر و نصف» «5» و لم يذكر فيه مقدار الكافور بل صرح بقوله: «و أقلّ من الكافور» «6».

و في المقام نصوص ربما يتوهم لزوم رعاية المقدار: منها: مرفوعة علي بن ابراهيم عن ابيه رفعه قال: السنة في الحنوط ثلاثة عشر درهما و ثلث أكثره

______________________________

(1) لاحظ ص: 397

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب التكفين الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب التكفين الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 14 من أبواب التكفين الحديث: 4

(6) نفس المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 400

______________________________

و قال: ان جبرئيل عليه السلام نزل علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بحنوط و كان وزنه أربعين درهما فقسمها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ثلاثة أجزاء:

جزء له و جزء لعلي و جزء لفاطمة عليهما السلام «1». و لا دلالة في هذه الرواية علي لزوم مقدار معين كما هو ظاهر مضافا الي أنها مرفوعة.

و منها ما ارسله ابن أبي نجران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أقل ما يجزي من الكافور للميت مثقال «2». و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و بسهل.

و منها ما ارسله الكافي عن الكاهلي و حسين بن مختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: القصد (الفضل) من ذلك أربعة مثاقيل «3».

و لا اعتبار بالمرسل.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن يحيي الكاهلي و الحسين بن مختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: القصد من الكافور أربعة مثاقيل «4». و الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان.

و منها: ما ارسله عبد الرحمن بن أبي نجران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أقل ما يجزي من الكافور للميت مثقال و نصف «5». و الرواية ضعيفة بالارسال.

و مما ذكرنا تقدر علي الجواب من بقية النصوص الواردة في الباب 3 من

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 401

و الاحوط وجوبا أن يكون بالمسح باليد بل بالراحة (1) و الافضل أن يكون وزنه سبعة مثاقيل صيرفية (2) و يستحب سحقه باليد (3) كما يستحب مسح مفاصله (4) و لبته (5) و صدره (6)

______________________________

أبواب التكفين من الوسائل.

(1) قال سيد المستمسك: «لم اقف علي قول به أو نص عليه» انتهي.

و يمكن أن يكون الوجه في الاحتياط انصراف الاطلاق و للمناقشة مجال و لا سيما بالنسبة الي الراحة فان ادعاء الانصراف اليها في غاية الوهن و مقتضي اطلاق المسح عدم التقييد.

(2) قال في الحدائق: ينبغي أن يعلم ان ثلاثة عشر درهما و ثلثا الذي هو القدر الا علي من الحنوط يكون بالمثاقيل الشرعية التي هي عبارة عن الدنانير الرائجة التي لم تتغير في جاهلية و لا اسلام تسعة مثاقيل الصيرفية المعروفة بين الناس سبعة مثاقيل» «1» انتهي.

(3) لم نجد له دليلا و عن المعتبر «انه لم اتحقق مستنده و ذكره الشيخان».

(4) كما في خبر الحلبي «2» و غيره.

(5) كما في خبر

الكاهلي و حسين بن المختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يوضع الكافور من الميت علي موضع المساجد و علي اللبة و باطن القدمين و موضع الشراك من القدمين و علي الركبتين و الراحتين و الجبهة و اللبة «3».

(6) كما في خبر الحلبي «4».

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص 27

(2) لاحظ ص: 397

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب التكفين الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 397

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 402

و باطن قدميه (1) و ظاهر كفيه (2).

[مسألة 266: محل التحنيط بعد التغسيل أو التيمم قبل التكفين أو في أثنائه]

(مسألة 266): محل التحنيط بعد التغسيل أو التيمم (3) قبل التكفين أو في أثنائه (4).

______________________________

(1) كما في خبر الكاهلي و حسين بن المختار «1».

(2) كما في خبر سماعة «2» علي نسخة.

(3) يظهر من كلام سيد المستمسك انه من الواضحات. و يدل عليه من النصوص ما رواه زرارة «3» و دلالة هذا الخبر علي المدعي لا تنكر لكن سندها مخدوش بمحمد بن خالد.

و يمكن أن يقال: في وجه لزوم كون التحنيط بعد الغسل انه لو كان قبل الغسل يلزم نقض الغرض فان المستفاد من النصوص ان المطلوب بقاء الحنوط علي بدن الميت و من الظاهر ان الغسل يزيله فلا اشكال في لزوم كونه بعده فلاحظ.

(4) أما قبل التكفين فجائز بلا أشكال و عليه السيرة الجارية في البلاد و الامصار بل يدل عليه خبر زرارة «4» و أيضا يدل عليه مرسل يونس ففيه قال عليه السلام: «ثم اعمد الي كافور مسحوق فضعه علي جبهته موضع سجوده الي آخره «5».

لكن الروايتين مخدوشتان سندا. و أما جوازه في الاثناء فيدل عليه ما رواه

______________________________

(1) لاحظ ص: 401

(2) لاحظ ص: 399

(3) لاحظ ص: 399

(4) لاحظ ص: 399

(5) الوسائل الباب 14 من أبواب التكفين الحديث: 3

مباني

منهاج الصالحين، ج 2، ص: 403

[مسألة 267: يشترط في الكافور أن يكون طاهرا مباحا مسحوقا له رائحة]

(مسألة 267): يشترط في الكافور أن يكون طاهرا (1) مباحا (2) مسحوقا (3) له رائحة (4).

[مسألة 268: يكره ادخال الكافور في عين الميت و أنفه]

(مسألة 268): يكره ادخال الكافور في عين الميت و أنفه

______________________________

عمار بن موسي حيث قال عليه السلام «ثم تكفنه» الي أن قال: «و اجعل الكافور في مسامعه و أثر السجود منه و فيه» الي أن قال «ثم عممه» «1» بل يمكن أن يقال: بأن المستفاد من هذه الرواية جوازه بعد التكفين- كما في عروة السيد اليزدي- اذ العمامة ليس من أجزاء الكفن فيجوز التأخير الي بعد التكفين.

(1) الظاهر انه لا دليل عليه و ربما يقال: بأن بدن الميت يتأثر بالكافور فاذا كان نجسا يتنجس بدنه و تطهير بدن الميت واجب.

و هذا علي فرض تماميته يتوقف علي الالتزام بتنجيس المتنجس و هو محل الكلام و الاشكال.

(2) بلا اشكال كاشتراط اباحة كفنه و التقريب هو التقريب.

(3) كما في خبر يونس «2» و لكنه مخدوش لإرساله. و تناسب الحكم و الموضوع يقتضي كونه مسحوقا فان المستفاد من النصوص اعتبار تأثر الاعضاء بالكافور و هو لا يحصل الا بالسحق.

(4) ما يمكن أن يقال في وجهه: ان الكافور من أقسام الطيب فاذا زال عنه رائحته صار فاسدا فينصرف عنه اللفظ كماء الورد الذي زال عنه رائحته و يؤيده سقوط الحنوط عن الميت المحرم مع جواز استعماله للمحرم اذا زال عنه رائحته- علي ما قيل- و الانصاف ان الجزم به مشكل و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 402

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 404

و اذنه و علي وجهه (1).

______________________________

(1) النصوص الواردة في هذا المقام مختلفة فمنها ما يستفاد منه المنع مثل مثل ما رواه يونس قال فيه: و لا تجعل في منخريه و لا

في بصره و مسامعه و لا علي وجهه قطنا و لا كافورا «1».

و ما رواه عثمان النواء قال فيه: و لا تمس مسامعه بكافور «2» و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تجعل في مسامع الميت حنوطا «3».

و منها: ما يدل علي الجواز مثل ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: كيف أصنع بالحنوط؟ قال: تضع في فمه و مسامعه و آثار السجود من وجهه و يديه و ركبتيه «4» و ما رواه زرارة «5» و ما رواه سماعة «6» ما رواه عمار بن موسي «7» و ما رواه في المستدرك قال عليه السلام: و يجعل ذلك في مسامعه و فيه الحديث «8».

فلا بد من الجمع بين الطائفتين و قد نقل عن الشيخ: الجمع بينهما بحمل الاخبار النهي علي وضع الكافور في هذه المواضع بادخاله في الفم مثلا و حمل

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب التكفين الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب التكفين الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 399

(6) لاحظ ص: 399

(7) لاحظ ص: 403

(8) المستدرك الباب 12 من أبواب التكفين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 405

[الفصل الخامس في الجريدتين]
اشارة

الفصل الخامس في الجريدتين يستحب أن يجعل مع الميت جريدتان رطبتان (1) احداهما من الجانب الايمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه و الاخري من الجانب

______________________________

الاخبار الآمرة علي المواضع بجعله فوقها مستدلا بقوله تعالي «وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ» «1».

و لكن الاقرب الي الصواب حمل أخبار الجواز علي التقية لشهرة الاستحباب عند العامة- علي ما في الحدائق- بل قال في موضع من الكتاب المذكور:

«ان

العامة هنا متفقون علي استحباب وضع الحنوط في هذه المواضع» «2».

(1) قال سيد العروة في عروته: «من المستحبات الاكيدة عند الشيعة وضعهما مع الميت» انتهي.

و يدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه الصدوق قال: الذي يجب استعماله أن يوضع للميت جريدتان من النخل خضراوين «3».

و منها: ما رواه الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

توضع للميت جريدتان واحدة في اليمين و اخري في الايسر قال: و قال:

الجريدة تنفع المؤمن و الكافر «4» و منها ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام «5».

______________________________

(1) طه/ 74

(2) الحدائق ج 4 ص 59

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب التكفين ذيل الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 406

الايسر من عند الترقوة بين القميص و الازار (1).

______________________________

(1) هذه الكيفية هي المشهورة عند القوم و ادعي عليه الاجماع في الغنية- علي ما قيل- و يدل عليه من النصوص ما رواه جميل بن دراج قال: قال: ان الجريدة قدر شبر توضع واحدة من عند الترقوة الي ما بلغت ما يلي الجلد و الاخري في الايسر من عند الترقوة الي ما بلغت من فوق القميص «1».

و يعارض هذه الرواية حديثه الاخر قال: سألته عن الجريدة توضع من دون الثياب أو من فوقها؟ قال: فوق القميص و دون الخاصرة فسألته من أي جانب؟ فقال: من الجانب الايمن «2».

و لا مرجح لإحدي الروايتين علي الاخري أما من الكتاب فظاهر و اما من حيث المخالفة مع العامة فالظاهر ان كلتيهما سيان من حيث المخالفة معهم اذ الشيخ قدس سره قال في كتاب الخلاف: «ان جميع الفقهاء مخالفون في هذا الحكم».

نعم علي مسلك

القوم لا بد من الاخذ بالحديث الاول اذ الرواية الثانية مورد اعراض المشهور و اعراضهم عن رواية توجب سقوطها عن الاعتبار لكن هذا المذهب قد أعرض عنه سيدنا الاستاد و تبعناه فلا بد من حيلة اخري في وجه التقديم.

و ما يمكن أن يقال في وجه الترجيح ان السيرة الخارجية جارية علي طبق الحديث الاول لكن لقائل أن يقول: بأن السيرة الخارجية يمكن أن يكون الوجه فيها هي الفتاوي.

و يؤيد قول المشهور حديث يحيي بن عبادة عن أبي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب التكفين الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 407

و الاولي أن تكونا من النخل (1) فان لم يتيسر فمن السدر (2)

______________________________

قال تؤخذ جريدة رطبة قدر زراع و توضع و اشار بيده من عند ترقوته الي يده تلف مع ثيابه «1».

و يؤيده أيضا ما رواه الحسن بن زياد الصقيل «2» و يؤيده أيضا ما رواه فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: توضع للميت جريدتان واحدة في الايمن و الاخري في الايسر «3».

و صفوة الكلام في هذا المقام انه لا بد من اتمام القول المشهور بالسيرة الخارجية.

(1) لحديث علي بن بلال أنه كتب اليه يسأله عن الجريدة اذا لم يجد يجعل بدلها غيرها في موضع لا يمكن النخل؟ فكتب يجوز اذا اعوزت الجريدة و الجريدة أفضل و به جاءت الرواية «4».

ان قلت: مقتضي هذه الرواية ان الجريدة أفضل في حال الاعواز و أما مع الامكان فتتعين قلت: مقتضي اطلاق قوله عليه السلام: ان الجريدة أفضل كونها أفضل حتي في حال الامكان مضافا الي أنه مع الاعواز لا أثر للأفضلية فتأمل.

(2) لحديث سهل بن زياد

عن غير واحد من أصحابنا قالوا: قلنا له: جعلنا اللّه فداك ان لم نقدر علي الجريدة؟ فقال: عود السدر قيل: فان لم نقدر علي السدر؟ فقال: عود الخلاف «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 405

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب التكفين الحديث: 6

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب التكفين الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 408

فان لم يتيسر فمن الخلاف أو الرمان (1) و الرمان مقدم علي الخلاف (2) و الا فمن كل عود رطب (3).

______________________________

(1) لحديث سهل و مرفوعة علي بن ابراهيم الآتية.

(2) يمكن ان الوجه فيه ما رواه علي بن ابراهيم قال: يجعل بدلها عود الرمان «1».

بتقريب: ان ضمير المؤنث يرجع الي الجريدة فبعد إعوازها تصل النوبة الي شجر الرمان و لكن لم يظهر وجه التقديم بعد اذ مقتضي ما ذكر التعارض بين الحديثين حيث يدل أحدهما علي تقديم السدر و الاخر علي تقديم الرمان و الحمل علي التخيير لا دليل عليه.

و الذي يخطر بالبال أن الوجه في نظر الماتن فيما أفاده انه يستفاد من الروايتين التخيير بين السدر و الرمان فالرمان مقدم علي الخلاف.

و لكن يرد عليه أولا: ما ذكرناه من أن مقتضي القاعدة التعارض و التساقط لا التخيير و ثانيا: انه علي هذا ما الوجه في تقديم السدر علي الرمان.

(3) لإطلاق حديث علي بن بلال أنه كتب الي ابي الحسن الثالث عليه السلام: الرجل يموت في بلاد ليس فيها نخل فهل يجوز مكان الجريدة شي ء من الشجر غير النخل؟ فانه قد روي عن آبائك (عليهم السلام) انه يتجافي عنه العذاب ما دامت الجريدتان رطبتين و أنها تنفع المؤمن و الكافر فاجاب عليه السلام: يجوز من شجر

آخر رطب «2».

فان مقتضي هذا الحديث كفاية كل عود رطب غاية الامر يقيد مع امكان الجريدة بها و كذلك بقية المذكورات.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 409

[مسألة 269: اذا تركت الجريدتان لنسيان أو نحوه فالأولي: جعلهما فوق القبر]

(مسألة 269) اذا تركت الجريدتان لنسيان أو نحوه فالاولي جعلهما فوق القبر واحدة عند رأسه و الاخري عند رجليه (1).

[مسألة 270: الأولي أن يكتب عليهما ما يكتب علي حواشي الكفن مما تقدم]

(مسألة 270): الاولي أن يكتب عليهما ما يكتب علي حواشي الكفن مما تقدم (2) و يلزم الاحتفاظ عن تلوثهما بما يوجب المهانة و لو بلفهما بما يمنعهما عن ذلك من قطن و نحوه (3).

[الفصل السادس في الصلاة عليه]
اشارة

الفصل السادس في الصلاة عليه تجب الصلاة وجوبا كفائيا علي كل ميت مسلم (4)

______________________________

(1) لحديث الصدوق قال: مر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي قبر يعذب صاحبه فدعا بجريدة فشقها نصفين فجعل واحدة عند رأسه و الاخري عند رجليه و انه قيل له: لم وضعتهما؟ فقال: انه يخفف عنه العذاب ما كانتا خضراوين «1».

(2) قيل انه ذكره جماعة كثيرة من الاصحاب و عن الغنية الاجماع عليه و باب الرجاء واسع.

(3) فان هتك حرمات اللّه حرام بلا اشكال.

(4) وقع الخلاف بين القوم في وجوب الصلاة علي المخالف للحق و حرمتها قال في الحدائق: «قال الشيخ في جملة من كتبه و ابن الجنيد و المحقق و أكثر المتأخرين بالوجوب و قال الشيخ المفيد قدس سره: و لا يجوز لأحد من أهل الايمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية و لا يصلي عليه» «2» الي آخر كلامه

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب التكفين الحديث: 4

(2) الحدائق ج 10 ص: 360

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 410

______________________________

و اختار حرمتها لان المخالف كافر و لا يجوز الصلاة علي الكافر.

و استدل علي كفرهم بجملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد رجلا يقول: أنا ابغض محمدا و آل محمد و لكن الناصب من نصب لكم و هو يعلم أنكم تتولونا و أنكم من شيعتنا «1».

و منها ما

رواه محمد بن أحمد بن زياد و موسي بن محمد بن علي بن عيسي قال:

كتبت اليه يعني علي بن محمد عليهما السلام أسأله عن الناصب هل أحتاج في امتحانه الي أكثر من تقديمه الجبت و الطاغوت و اعتقاد امامتهما؟ فرجع الجواب:

من كان علي هذا فهو ناصب «2».

و منها: ما رواه المعلي بن خنيس قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا يجد أحدا يقول: أنا ابغض آل محمد و لكن الناصب من نصب لكم و هو يعلم أنكم تتولونا و تبرءون من أعدائنا «3».

و منها: ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان اللّه عز و جل نصب عليا عليه السلام علما بينه و بين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا و من أنكره كان كافرا و من جهله كان ضالا و من نصب معه شيئا كان مشركا «4».

و منها: ما رواه أبو حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ان عليا عليه السلام باب فتحه اللّه فمن دخله كان مؤمنا و من خرج منه كان كافرا

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 14

(3) الوسائل الباب 68 من أبواب قصاص النفس الحديث: 2

(4) الاصول من الكافي ج 1 ص: 437 الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 411

______________________________

و من لم يدخل فيه و لم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال اللّه تبارك و تعالي:

لي فيهم المشيئة «1».

و منها: ما رواه أبو مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ثلاثة لا يكلمهم اللّه يوم القيامة و لا ينظر اليهم و لهم عذاب أليم: من

ادعي اماما ليست امامته من اللّه و من جحد اماما امامته من عند اللّه و من زعم أن لهما في الإسلام نصيبا «2».

و منها: ما رواه أبو حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: منا الامام المفروض طاعته من جحده مات يهوديا أو نصرانيا «3».

و منها ما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان اللّه جعل عليا عليه السلام علما بينه و بين خلقه ليس بينه و بينهم علم غيره فمن تبعه كان مؤمنا و من جحده كان كافرا و من شك فيه كان مشركا «4».

و منها ما رواه محمد بن حسان عن محمد بن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: علي عليه السلام باب هدي من خالفه كان كافرا و من أنكره دخل النار «5».

و منها: ما رواه مروان بن مسلم قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: الامام علم فيما بين اللّه عز و جل و بين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا و من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب حد المرتد الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 412

______________________________

أنكره كان كافرا «1».

و منها: ما رواه فرات بن ابراهيم الكوفي في تفسيره قال: حدثني الحسين بن سعيد معنعنا عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال: لما نزلت هذه الاية وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتٰابِ إِلّٰا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا يرد أحد علي عيسي بن مريم عليه السلام ما جاء به فيه الا كان كافرا و

لا يرد علي علي بن أبي طالب عليه السلام أحد ما قال فيه النبي صلي اللّه عليه و آله الا كافر «2».

و منها: ما رواه صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لما نزلت الولاية لعلي عليه السلام قام رجل من جانب الناس فقال: لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا يحلها الا كافر الي أن قال: فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله هذا جبرئيل عليه السلام «3».

و منها: ما رواه يحيي بن القاسم عن جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: الائمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب و آخرهم القائم الي ان قال: المقرّ بهم مؤمن و المنكر لهم كافر «4».

و منها: ما رواه موسي بن عبد ربه عن الحسين بن علي عليهما السلام عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث قال: من زعم أنه يحب النبي صلي اللّه عليه و آله و لا يحب الوصي فقد كذب و من زعم أنه يعرف النبي صلي اللّه عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 18

(2) نفس المصدر الحديث: 21

(3) نفس المصدر الحديث: 25

(4) نفس المصدر الحديث: 27

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 413

______________________________

و آله و لا يعرف الوصي فقد كفر «1».

و منها: ما رواه أبو خالد الكابلي عن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث قال: و من أبغضنا وردنا أورد واحدا منا فهو كافر باللّه و بآياته «2».

و منها: ما رواه عمران الاشعري عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال:

ثلاثة لا ينظر اللّه اليهم و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم: من زعم أن اماما من ليس بامام و من

زعم في امام حق أنه ليس بامام و هو امام و من زعم ان لهما في الإسلام نصيبا «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال:

من اصبح من هذه الامة لا امام له من اللّه أصبح تائها متحيرا ضالا ان مات علي هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق «4».

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن مطهر قال كتب بعض أصحابنا الي أبي محمد عليه السلام يسأله عمن وقف علي أبي الحسن موسي عليه السلام فكتب:

لا تترحم علي عمك و تبرأ منه أنا الي اللّه منه بري ء فلا تتولهم و لا تشهد جنائزهم وَ لٰا تُصَلِّ عَليٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً من جحد اماما من اللّه أو زاد اماما ليست امامته من اللّه كان كمن قال: «إِنَّ اللّٰهَ ثٰالِثُ ثَلٰاثَةٍ» ان الجاحد أمر آخرنا جاحد أمر أولنا «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 28

(2) نفس المصدر الحديث: 29

(3) نفس المصدر الحديث: 33

(4) نفس المصدر الحديث: 37

(5) نفس المصدر الحديث: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 414

______________________________

و منها: ما رواه أبو حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ان عليا عليه السلام باب فتحه اللّه عز و جل فمن دخله كان مؤمنا و من خرج منه كان كافرا «1».

و عن المنتهي عدم الخلاف في المسالة و عن التذكرة: أن الوجوب اجماعي.

و مما يدل علي الوجوب ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال: صل علي من مات من أهل القبلة و حسابه علي اللّه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بطلحة حيث انه لم يوثق و مجرد قول الشيخ: «ان كتابه معتمد» لا يكون توثيقا له

مضافا الي أنه لا بد من ملاحظة جهة الاعتماد علي كتابه.

و منها: ما رواه غزوان السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: صلوا علي المرجوم من أمتي و علي القاتل نفسه من امتي لا تدعوا أحدا من امتي بلا صلاة «3» و هذه الرواية ضعيفة بغزوان السكوني.

و منها: ما رواه في الدعائم عن علي عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي علي امرأة ماتت في نفاسها من الزنا و علي ولدها و أمر بالصلاة علي البر و الفاجر من المسلمين «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 49

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) مستدرك الوسائل الباب 29 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 415

ذكرا كان أم انثي (1) حرا أم عبدا (2) مؤمنا أم مخالفا (3) عادلا أم فاسقا (4)

______________________________

و هذه الرواية لا اعتبار بها لإرسالها و ضعف اسناد هذه الروايات لا ينجبر بالعمل فلا دليل علي الوجوب.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: لا تجب الصلاة علي المخالف لكن لا تحرم الصلاة عليه لجملة من النصوص الدالة علي كيفية الصلاة علي المخالف المذكورة في الوسائل في الباب 4 من أبواب صلاة الجنازة.

منها ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت علي عدو اللّه فقل: اللهم انا لا نعلم منه الا انه عدولك و لرسولك اللهم فاحش قبره نارا و احش جوفه نارا و عجل به الي النار فانه كان يوالي أعدائك و يعادي اوليائك و يبغض اهل بيت نبيك اللهم ضيق عليه قبره

فاذا رفع فقل:

اللهم لا ترفعه و لا تزك «1».

فالذي ينبغي أن يقال: ان الصلاة علي غير الاثني عشري لا تجب لقصور المقتضي و مع ذلك تجوز للأخبار المشار اليها و لكن كيف يمكن للفقيه الجزم بعدم الوجوب و الاحتياط طريق النجاة و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر فان وجوب الصلاة علي ميت النساء من الواضحات اجماعا و نصا و سيرة.

(2) لا ينبغي التأمل فيه فان السيرة الخارجية جارية عليه و النصوص مطلقه بالنسبة اليه.

(3) قد مر الكلام فيه.

(4) هذا أيضا من الواضحات بحيث لا يعتريه الشك و قد صرح بالتعميم في

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 416

و لا تجب علي أطفال المسلمين (1) الا اذا بلغوا ست سنين (2)

______________________________

حديث الدعائم «1».

(1) الظاهر ان هذا هو المشهور فيما بين القوم كما أن مقتضي الاصل الاولي عدم الوجوب مع عدم المقتضي اضف الي ذلك ان النص الخاص يدل علي عدمه و لو في الجملة لاحظ ما رواه زرارة قال: مات ابن لأبي جعفر عليه السلام فاخبر بموته فأمر به فغسل و كفن و مشي معه و صلي عليه و طرحت خمرة فقام عليها ثم قام علي قبره حتي فرغ منه ثم انصرف و انصرفت معه حتي أني لا مشي معه فقال: أما انه لم يكن يصلي علي مثل هذا و كان ابن ثلاث سنين كان علي عليه السلام يأمر به فيدفن و لا يصلي عليه و لكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله قال: قلت: فمتي تجب عليه الصلاة؟ فقال: اذا عقل الصلاة و كان ابن ست سنين «2».

(2) قال في الحدائق: «هذا هو الاشهر و الاظهر و نقل

عن ابن ابي عقيل:

أنه لا تجب حتي يبلغ و نقل عن المرتضي قدس سره: أن الوجوب اجماعي» الي آخره.

و لا يخفي ان الاجماع المدعي في المقام يمكن أن يكون ناشئا عن النصوص الواردة في المقام منها: ما رواه زرارة و الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الصلاة علي الصبي متي يصلي عليه؟ قال: اذا عقل الصلاة قلت:

متي تجب الصلاة عليه؟ فقال: اذا كان ابن ست سنين و الصيام اذا أطاقه «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 414

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 417

______________________________

و ربما يقال: بأنه لا يستفاد المدعي من الرواية لان المستفاد من الفقرة الثانية بيان حد وجوب الصلاة عليه اي الصلاة اليومية فلا ترتبط بالمقام و الفقرة الاولي خالية عن ذلك الحد و حمل عقل الصلاة علي الست بمناسبة الذيل مدفوع بأن الذيل لا يكون دليلا علي المدعي بل يقتضي خلاف المدعي للتصريح فيه بالست بخلاف الصدر.

ان قلت: ان ظاهر العطف وحدة المراد في المعطوف و المعطوف عليه.

قلت: بل ظاهر العطف المغايرة فلاحظ.

و منها: ما رواه زرارة «1» و لا يخفي ان الاشكال المذكور في الحديث الاول جار فيه أيضا لان عقل الصلاة مجهول و لا دليل علي كون العطف تفسيريا بل الظاهر خلافه.

و أما ما رواه الصدوق قال: و سئل أبو جعفر عليه السلام متي تجب الصلاة عليه؟ فقال: اذا عقل الصلاة و كان ابن ست سنين «2» فلا اعتبار به للإرسال.

لكن الذي يسهل الخطب ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الصبي متي يصلي؟ قال: اذا عقل الصلاة قلت: متي يعقل الصلاة و تجب عليه؟

قال: لست سنين «3» فان المستفاد من هذه الرواية أنه اذا بلغ ست سنين يعقل الصلاة فيجب أن يصلي عليه بمقتضي تلك النصوص.

و ربما يتوهم أنه يقع التعارض بين حديث محمد بن مسلم و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الصبي أ يصلي

______________________________

(1) لاحظ ص: 416

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 418

______________________________

عليه اذا مات و هو ابن خمس سنين؟ فقال: اذا عقل الصلاة صلي عليه «1».

لكن الظاهر أنه لا تعارض بينهما اذ الراوي يسأل عن الصلاة علي ابن خمس سنين و الامام عليه السلام جعل الميزان في الصلاة عليه، عقل الصلاة و في تلك الرواية جعل الميزان في العقل ست سنوات فلا تعارض و لا اجمال فلاحظ.

و عن ابن أبي عقيل: انه استدل علي مدعاه و هو عدم وجوب الصلاة علي غير البالغ بأن الصلاة استغفار للميت و لا ذنب لغير البالغ كي يستغفر له.

و يرد عليه: أولا النقض بالصلاة علي المعصوم و ثانيا: بأنه اجتهاد في قبال النص. و استدل أيضا- علي ما نقل عنه- بما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن المولود ما لم يجر عليه القلم هل يصلي عليه؟ قال: لا انما الصلاة علي الرجل و المرأة اذا جري عليهما القلم «2».

و ما رواه هشام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: انما يجب أن يصلي علي من وجبت عليه الصلاة و الحدود و لا يصلي علي من لم تجب عليه الصلاة و لا الحدود «3».

و الجواب أما

عن حديث هشام فبضعف السند بحسين الحرسوسي (الجرسوسي) و أما عن حديث عمار فبأنه يعارضه حديث ابن جعفر المتقدم ذكره آنفا و الترجيح مع حديث ابن جعفر للأحدثية فلاحظ. و قال العلامة في المختلف و غيره: ان هذا محمول علي بلوغ ست سنين لأنه حينئذ يجري عليهما القلم بالتمرين

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 419

______________________________

لما مر «1».

و نقل عن ابن الجنيد: انه تجب الصلاة علي المستهل يعني من رفع صوته بالبكاء و يمكن الاستدلال علي مدعاه بحملة من النصوص: منها: ما رواه السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال: يورث الصبي و يصلي عليه اذا سقط من بطن امه فاستهل صارخا و اذا لم يستهل صارخا لم يورث و لم يصل عليه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي.

و منها: مرسل أحمد بن محمد عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال:

قلت له: لكم يصلي علي الصبي اذا بلغ من السنين و الشهور؟ قال: يصلي عليه علي كل حال الا أن يسقط لغير تمام «3». و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما رواه قدامة بن زائدة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي علي ابنه ابراهيم فكبر عليه خمسا «4» و هذه الرواية ضعيفة بقدامة.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يصلي علي المنفوس و هو المولود الذي لم يستهل و لم يصح و لم يورث من الدية و لا من غيرها و اذا

استهل فصل عليه و ورثه «5» و منها ما رواه علي بن يقطين قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام لكم يصلي علي الصبي اذا بلغ من السنين

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة الجنازة ذيل الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 420

______________________________

و الشهور؟ قال: يصلي عليه علي كل حال الا أن يسقط لغير تمام «1».

و هذه الطائفة تحمل علي التقية في قبال ما يدل علي عدم الوجوب قبل ست سنين لذهاب العامة الي الوجوب أو المشروعية و الشاهد علي التقية ما رواه زرارة في حديث أن ابنا لأبي عبد اللّه عليه السلام فطيما درج مات فخرج أبو جعفر عليه السلام في جنازته الي أن قال: فصلي عليه فكبر عليه أربعا ثم أمر به فدفن ثم أخذ بيدي فتنحي بي ثم قال: انه لم يكن يصلي علي الاطفال انما كان أمير المؤمنين عليه السلام يأمر بهم فيدفنون من وراء و لا يصلي عليهم و انما صليت عليه من أجل أهل المدينة كراهية أن يقولوا: لا يصلون علي أطفالهم «2».

و ما رواه علي بن عبد اللّه قال: سمعت أبا الحسن موسي عليه السلام يقول في حديث لما قبض ابراهيم بن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: يا علي قم فجهز ابني فقام علي عليه السلام فغسل ابراهيم و حنطه و كفنه ثم خرج به و مضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي انتهي به الي قبره فقال الناس: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نسي أن يصلي علي ابراهيم لما دخله من الجزع عليه فانتصب قائما

ثم قال: ايها الناس أتاني جبرئيل بما قلتم زعمتم أني نسيت أن اصلي علي ابني لما دخلني من الجزع ألا و انه ليس كما ظننتم و لكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات و جعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة و أمرني أن لا اصلي الا علي من صلي «3».

فالنتيجة: ان مقتضي الصناعة الالتزام بعدم الوجوب قبل الست و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 421

و في استحبابها علي من لم يبلغ ذلك و قد تولد حيا اشكال (1) و الاحوط الاتيان بها برجاء المطلوبية (2).

و كل من وجد ميتا في بلاد الإسلام فهو مسلم ظاهرا (3) و كذا لقيط دار الإسلام بل الكفر اذا احتمل كونه مسلما علي الاحوط (4).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون منشأ الا اشكال ان مقتضي الصناعة ما ذكرنا فلا وجه للحكم بالاستحباب.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن لا ملزم له فلاحظ.

(3) في بعض الكلمات استظهار عدم الخلاف في المسألة و الحاقه بالمسلمين و عن المعتبر: أنه اذا وجد ميت في دار الإسلام غسل و كفن و صلي عليه و ان كان في دار الكفر يحكم بكفره الي آخره.

و لا يبعد أن تكون السيرة جارية علي الحاقه بالمسلمين و لكن في ثبوت اتصال السيرة بزمانهم عليهم السلام اشكال.

و يؤيد المدعي- لو لم يكن دالا عليه- ما رواه اسحاق بن عمار عن العبد الصالح عليه السلام أنه قال: لا بأس بالصلاة في الفراء اليماني و فيما صنع في ارض الإسلام قلت: فان كان فيها غير أهل الإسلام؟ قال: اذا كان الغالب عليها المسلمين

فلا بأس «1».

و يمكن استفادة المدعي عن الرواية. و لا يخفي انا قد قلنا: انه لا مقتضي للوجوب بالنسبة الي غير اهل الولاية و اللّه العالم.

(4) ما ذكر في المقام أن يمكن أن يذكر وجوه: الاول: الاجماع. و فيه ان المنقول منه لا يكون حجة و المحصل منه علي فرض حصوله محتمل المدرك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب النجاسات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 422

______________________________

الثاني: احاديث الفطرة مثل ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت «فطرة اللّه التي فطر الناس عليها»؟ قال: التوحيد «1» و غيره مما ورد في الاصول من الكافي في باب فطرة الخلق علي التوحيد لاحظ ج 2 ص 12- 13.

و هذه الأحاديث تدل علي أن الفطرة الاولية علي التوحيد و لا تدل علي اسلام كل مولود كما هو ظاهر.

و أما حديث: ما من مولد يولد الا علي الفطرة فابواه اللذان يهودانه أو ينصرانه و يمجسانه» «2» فالظاهر ان سنده مخدوش بالعبيدي علي ما كتبه الحاجياني «في النخبة» مضافا الي أن اللازم كون أولاد الكفار مسلمين ما لم يهودوا أو ينصروا أو يمجسوا و هل يمكن الالتزام به.

الثالث: قوله عليه السلام: «الإسلام يعلو و لا يعلي عليه» «3» بتقريب ان علو الإسلام يقتضي تغليب احتمال الإسلام علي احتمال الكفر و الا يلزم الخلف.

و فيه: أن الحكم باسلام مجهول الحال لا يكون علوا للإسلام و عدم الحكم باسلامه لا يستلزم الحكم بكفره كي يلزم غلبة الكفر اضف الي ذلك أنه مرسل و المرسلات لاعتبار بها.

الرابع: الغلبة. و فيه أولا: ان هذا مخصوص بكون الاكثر في محل الالتقاط مسلما فالدليل اخص من الدعي. و ثانيا: ان الغلبة

لا توجب الظن باسلام

______________________________

(1) الاصول من الكافي ج 2 ص: 12

(2) الوسائل الباب 48 من أبواب جهاد العدو الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب موانع الارث الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 423

[مسألة 271 في كيفية صلاة الميت]

(مسألة 271) الاحوط في كيفيتها أن يكبر أولا و يتشهد الشهادتين ثم يكبر ثانيا و يصلي علي النّبيّ صلي اللّه عليه و آله ثم يكبر ثالثا و يدعو للمؤمنين ثم يكبر رابعا و يدعو للميت ثم يكبر خامسا و ينصرف (1)

______________________________

اللقيط و ثالثا: انه لا دليل علي اعتبار هذا الظن و هو بنفسه لا يغني من الحق شيئا.

الخامس: السيرة الجارية علي المعاملة معه معاملة الإسلام. و فيه: أولا: أنها مخصوص بلقيط دار الإسلام و ثانيا: انه يمكن أن يكون من باب ركون النفس علي كونه مسلما و الغفلة عن امكان عدمه.

السادس: ما دل علي كونه حرا. و فيه: انه لا ملازمة بين الحرية و الإسلام مضافا الي أن الحرية مقتضي الاصل كما ان مقتضاه عدم كونه مسلما فلاحظ.

(1) أما وجوب خمس تكبيرات فنقل عليه الاجماع من جملة من الاصحاب في كتبهم بل ادعي انها من ضروريات المذهب و الظاهر أن الامر كذلك.

اضف الي ذلك جملة من النصوص التي تدل علي المدعي: منها: ما رواه أبو ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير علي الميت فقال:

خمسا «1».

و منها غيره المذكور في الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة من الوسائل.

و أما الواجب بين كل تكبيرة و اخري فالنصوص مختلفة فلا بد من النظر في مفاد ما يكون منها نقيا سندا و استفادة المطلوب منه.

فنقول: من تلك النصوص ما روته أم سلمة قالت: سمعت أبا عبد اللّه عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 5

من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 424

______________________________

السلام يقول: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا صلي علي ميت كبر و تشهد ثم كبر و صلي علي الانبياء و دعا ثم كبر و دعا للمؤمنين (و استغفر للمؤمنين و المؤمنات) ثم كبر الرابعة و دعا للميت ثم كبر الخامسة و انصرف فلما نهاه اللّه عز و جل عن الصلاة علي المنافقين كبر و تشهد ثم كبر و صلي علي النبيين ثم كبر و دعا للمؤمنين ثم كبر الرابعة و انصرف و لم يدع للميت «1». و هذه الرواية ضعيفة بام سلمة.

و منها: ما رواه اسماعيل عبد الخالق بن عبد ربه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الصلاة علي الجنائز تقول: اللهم أنت خلقت هذه النفس و أنت أمتها تعلم سرها و علانيتها أتيناك شافعين فيها شفعاء اللهم و لها ما تولت و احشرها مع من أحبت «2» و هذه الرواية ضعيفة بأحمد بن عبد الرحيم و لعله بغيره أيضا.

و منها: ما رواه كليب الاسدي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير علي الميت فقال: بيده خمسا قلت: كيف اقول اذا صليت عليه؟ قال:

تقول: اللهم عبدك احتاج الي رحمتك و أنت غني عن عذابه اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه و ان كان مسيئا فاغفر له «3». و هذه الرواية ضعيفة بكليب.

و منها: ما رواه علي بن سويد عن الرضا عليه السلام فيما نعلم قال: في الصلاة علي الجنائز: تقرأ في الاولي بام الكتاب و في الثانية تصلي علي النبي صلي اللّه عليه و آله و تدعو في الثالثة للمؤمنين و المؤمنات و تدعو في الرابعة لميتك

و الخامسة تنصرف بها «4» و هذه الرواية ضعيفة بحمزة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 425

______________________________

و منها: ما رواه يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلاة علي الجنائز التكبيرة الاولي استقتاح الصلاة و الثانية أشهد أن لا إله الا اللّه و أن محمدا رسول اللّه و الثالثة الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله و علي أهل بيته و الثناء علي اللّه و الرابعة له و الخامسة يسلم و يقف مقدار ما بين التكبيرتين و لا يبرح حتي يحمل السرير من بين يديه «1» و هذه الرواية ضعيفة بالمنقري.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام جالسا فدخل رجل فسأله عن التكبير علي الجنائز فقال: خمس تكبيرات ثم دخل آخر فسأله عن الصلاة علي الجنائز فقال له: أربع صلوات فقال الاول: جعلت فداك سألتك فقلت خمسا و سألك هذا فقلت أربعا؟ فقال: انك سألتني عن التكبير و سألني هذا عن الصلاة ثم قال انها خمس تكبيرات بينهن أربع صلوات ثم بسط كفه فقال: انهن خمس تكبيرات بينهن اربع صلوات «2» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن يزيد.

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما امروا الي أن قال: و انما جعلت خمس تكبيرات دون أن تصير أربعا أو ستا لان الخمس تكبيرات انما اخذت من الخمس الصلوات في اليوم و الليلة «3» و هذه الرواية ضعيفة بعبد الواحد بن محمد.

و لكن في قبال هذه النصوص نصوص نقية السند دالة علي وجوب

الذكر و الدعاء باختلاف مضامينها منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 426

______________________________

الصلاة علي الميت قال: تكبر ثم تصلي علي النبي صلي اللّه عليه و آله ثم تقول:

اللهم عبدك ابن عبدك ابن امتك لا أعلم (منه) إلا خيرا و أنت أعلم به (منا) اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه (حسناته) و تقبل منه و ان كان مسيئا فاغفر له ذنبه و افتتح له في قبره و اجعله من رفقاء محمد صلي اللّه عليه و آله ثم تكبر الثانية و تقول: اللهم ان كان زاكيا فزكه و ان كان خاطئا فاغفر له ثم تكبر الثالثة و تقول: اللهم لا تحرمنا أجره و لا تفتنا بعده ثم تكبر الرابعة و تقول: اللهم اكتبه عندك في عليين و اخلف علي عقبه في الغابرين و اجعله من رفقاء محمد صلي اللّه عليه و آله ثم كبر الخامسة و انصرف «1».

و منها: الحديث: 3 و 5 و 6 و 11 من الباب الثاني من أبواب صلاة الجنازة من الوسائل.

فوجوب أصل الذكر او الدعاء مما لا اشكال فيه من حيث النص كما أنه هو المشهور أو مذهب الاكثر- علي ما في كلام بعض الاصحاب- بل عن ظاهر الخلاف الاجماع عليه فلا مجال لما عن المحقق قدس سره في الشرائع من عدم الوجوب و لا مجال للاستدلال عليه باصل البراءة و اطلاق جملة من الروايات بأن الصلاة علي الميت خمس تكبيرات اذ لا تصل النوبة الي الاصل مع النص كما أن مقتضي الصناعة تقييد المطلق بالمقيد.

و

ربما يقال: انه يستفاد من اختلاف النصوص في بيان الاذكار استحباب الذكر و الواجب هو التكبير فقط.

و لكن يشكل الجزم به بلا دليل خارجي مضافا الي أن غاية ما يستفاد من

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 427

______________________________

الاختلاف عدم تعيين ذكر خاص لا عدم وجوب مطلق الذكر.

و أما الحمل علي التخيير فايضا لا دليل عليه ان قلت: ان التخيير علي القاعدة اذ كل دليل يدل علي وجوب مورده و علي تعينه و لكن نعلم من الخارج عدم وجوب الجميع فيدور الامر بين رفع اليد عن أصل الدليل و رفع اليد عن اطلاقه و الضرورات تقدر بقدرها فترفع اليد عن الاطلاق و تكون النتيجة التخيير.

قلت: ما ذكرت من عدم وجوب الجميع صحيح لكن من الممكن ان الواجب هو المعين الواقعي و المفروض ان كل واحد من الدليلين يشير اليه.

و بعبارة اخري: كل واحد من الدليلين يدل علي أن الواجب في الواقع مدلوله فالتعارض بحاله و لا وجه للجمع بين الدليلين بالتخيير.

و ان شئت قلت: هذا الجمع جمع تبرعي و به يمكن الجمع بين جميع اقسام التعارض.

و بتقريب آخر: ان كل واحد من الدليلين ينفي مفاد الاخر مثلا ما يدل علي وجوب الظهر ينفي وجوب الجمعة و كذا ما يدل علي وجوب الجمعة ينفي وجوب الظهر و هذا معني التعارض فلا بد من العلاج.

نعم يمكن الالتزام بالتخيير ببركة جملة من الروايات و هي التي تدل علي أنه ليس في صلاة الميت شي ء موقت لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و زرارة و معمر بن يحيي و اسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس في الصلاة علي الميت قراءة

و لا دعاء موقت تدعو بما بدا لك و أحق الموتي أن يدعي له المؤمن و أن يبدأ بالصلاة علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «1»:

و ما رواه محمد بن مسلم و زرارة انهما سمعا أبا جعفر عليه السلام يقول:

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 428

______________________________

ليس في الصلاة علي الميت قراءة و لا دعاء موقت الا أن تدعو بما بدا لك و أحق الاموات أن يدعي له و أن تبدأ بالصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله «1».

فان هذه الطائفة حاكمة علي تلك الطائفة و تبين مفادها و بهذه الطائفة يرتفع التعارض الواقع بين تلك النصوص فيمكن أن يقال: ان المستفاد من مجموع الروايات انه يجب بين كل تكبيرة و اخري أن يأتي بذكر و قد صرح ببعض الاذكار في جملة من النصوص منها ما رواه أبو ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير علي الميت فقال: خمس تقول في أو لهن: أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له اللهم صل علي محمد و آل محمد ثم تقول: اللهم ان هذا المسجي قدامنا عبدك و ابن عبدك و قد قبضت روحه إليك و قد احتاج الي رحمتك و انت غني من (عن) عذابه اللهم انا لا نعلم من ظاهره الا خيرا و انت أعلم بسريرته اللهم ان كان محسنا (فزد في احسانه) فضاعف حسناته و ان كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته ثم تكبر الثانية و تفعل ذلك في كل تكبيرة «2».

و أيضا يستفاد انه ليس فيها دعاء موقت و لا بد من الاتيان بالتحميد و التسبيح و التهليل

بأن يشهد بالتوحيد اذ بالشهادة بالتوحيد و بالرسالة بعد التكبيرة الاولي يتحقق جميع هذه العناوين الثلاثة و الدليل علي وجوبها ما رواه يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجنازة اصلي عليها علي غير وضوء؟

فقال: نعم انما هو تكبير و تسبيح و تحميد و تهليل كما تكبر و تسبح في بيتك علي غير وضوء «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 5

(3) الوسائل الباب: 7 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 429

______________________________

و الافضل الابتداء بالصلاة علي محمد و الدليل عليه ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «1».

و ان ابيت عن هذا الجمع و قلت: النصوص متعارضة نقول في المقام حديث رواه اسماعيل بن همام عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي جنازة فكبر عليه خمسا و صلي علي اخري فكبر عليه أربعا فاما الذي كبر عليه خمسا فحمد اللّه و مجده في التكبيرة الاولي و دعا في الثانية للنبي صلي اللّه عليه و آله و دعا في الثالثة للمؤمنين و المؤمنات و دعا في الرابعة للميت و انصرف في الخامسة و أما الذي كبر عليه أربعا فحمد اللّه و مجده في التكبيرة الاولي و دعا لنفسه و أهل بيته في الثانية و دعا للمؤمنين و المؤمنات في الثالثة و انصرف في الرابعة فلم يدع له لأنه كان منافقا «2».

و نلتزم بمفاده لكونه احدث و هو التحميد بعد التكبير الاول و الدعاء للنبي صلي اللّه عليه و آله بعد الثاني و الدعاء للمؤمنين و المؤمنات في الثالث

و الدعاء للميت في الرابع لكن هذه الرواية ضعيفة بابراهيم بن مهزيار.

فالنتيجة: ان أصل الذكر و الدعاء واجبان في صلاة الميت و أما الترتيب المذكور في المتن فوجوبه محكي عن الخلاف و الوسيلة و الجمل و العقود و كذلك نسب الي عدة من الاساطين و نقل عن جملة من الاعيان نسبته الي المشهور و عن الشيخ نقل الاجماع عليه و تدل عليه من النصوص رواية أم سلمة «3» و لكن الظاهر ان المنقول عن الاصحاب اضافة المؤمنات الي

______________________________

(1) لاحظ ص: 427

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 423

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 430

و الاحوط استحبابا الجمع بين الادعية بعد كل تكبيرة (1) و لا قراءة فيها (2) و لا تسليم (3)

______________________________

المؤمنين و المذكور في المتن خصوص المؤمنين.

(1) يمكن أن يكون الوجه فيه حديث أبي ولاد «1».

(2) هذا من الواضحات و يدل علي المدعي من النصوص ما روي عن أبي جعفر عليه السلام «2».

و يدل علي خلاف المدعي ما رواه علي بن سويد «3» قال صاحب الوسائل: ان الشيخ حمل هذه الرواية علي التقية مضافا الي أن الرواية ضعيفة بحمزة بن بزيع.

و يدل علي مشروعية قرائه الحمد ما رواه عبد اللّه بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان اذا صلي علي ميت يقرأ بفاتحة الكتاب «4» و هذه الرواية ضعيفة بجعفر بن محمد بن عبد اللّه.

(3) هذا من الواضحات و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه اسماعيل بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الصلاة علي الميت قال: أما المؤمن فخمس تكبيرات و أما المنافق فاربع و لا سلام

فيها «5».

و منها: ما رواه الحلبي و زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: ليس في الصلاة علي الميت تسليم «6». و منها غير هما المذكور

______________________________

(1) لاحظ ص: 428

(2) لاحظ ص: 427

(3) لاحظ ص: 424

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 4

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 431

و يجب فيها امور: منها: النية علي ما تقدم في الوضوء (1) و منها: حضور الميت فلا يصلي علي الغائب (2)

______________________________

في الباب 9 من أبواب صلاة الجنازة من الوسائل.

و في قبالها طائفة اخري من النصوص تنافيها منها ما رواه سماعة قال عليه السلام فيه: قل هذا حتي تفرغ من خمس تكبيرات فإذا فرغت سلمت عن يمينك «1» و منها: ما رواه يونس «2» و منها: ما رواه عمار قال عليه السلام في آخره «و تسلم» «3».

قال صاحب الوسائل: حمل الشيخ هذه الروايات علي التقية و كذلك غير الشيخ» و ربما يقال: انه يمكن أن يكون التسليم كناية عن الانصراف.

(1) اذ كل عبادة يحتاج اليها بلا اشكال.

(2) نقل عن بعض الاصحاب دعوي الاجماع عليه و عن بعض انه كذلك عند علمائنا مضافا الي جريان السيرة عليه و ان خلافه مستنكر في أذهان المتشرعة و يكفي لعدم الجواز عدم دليل علي المشروعية اذ العبادات توقيفية الا أن يقال:

انه اذا وصل الامر الي الشك فالبراءة محكمة.

و ربما يستدل علي الجواز بما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله لما أتاه جبرئيل عليه السلام بنعي النجاشي بكي بكاء الحزين عليه و قال: ان أخاكم أصحمة- و هو اسم النجاشي- مات ثم خرج الي

الجبانة و صلي عليه و كبر سبعا فخفض اللّه له كل مرتفع حتي رأي جنازته و هو بالحبشة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 425

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 11

(4) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 432

و منها: استقبال المصلي القبلة (1).

______________________________

و الرواية ضعيفة بيوسف و يعارضها ما رواه محمد بن مسلم أو زرارة قال الصلاة علي الميت بعد ما يدفن انما هو الدعاء قال: قلت: فالنجاشي لم يصل عليه النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: لا انما دعا له «1».

(1) ما يمكن أن يذكر في وجهه- أو ذكر- امور: منها: الاجماع فانه نقل عن كشف اللثام ادعاء الاجماع و نقل عن المدارك دعوي عدم الخلاف.

و من الظاهر انه لا يكون الاجماع المحصل في مثل هذه المسألة حجة فكيف بالمنقول منه اذ يحتمل استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة و مما ذكرنا علم حال نقل عدم الخلاف.

و منها: ان العبادة كيفية متلقاة من الشارع فلا بد من رعاية ما يحتمل لزومه.

و فيه: ان البراءة محكمة في كل مورد يشك في شرطيته في الواجبات.

و منها ان المنقول عن النبي و الائمة عليهم السلام فعل الصلاة كذلك.

و فيه: انه علي تقدير صحة النقل لا يكون فعلهم عليهم السلام دليلا علي الوجوب.

و منها: ان عموم اشتراط الصلاة بكونها الي القبلة يقتضي ذلك. و فيه:

أولا منع العموم و ثانيا: ان صلاة الجنازة ليست صلاة كما صرح في بعض النصوص بأنها تهليل و تحميد «2».

و منها: مرسل ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في جنائز النساء و الرجال و الصبيان قال

يضع النساء مما يلي القبلة و الصبيان دونهم (نهن) و الرجل مما دون ذلك و يقوم الامام مما يلي الرجل «3». و فيه: ان المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 428 حديث يونس

(3) الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 433

______________________________

و منها: ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: أ رأيت ان فاتني تكبيرة أو أكثر قال: تقضي ما فاتك قلت: استقبل القبلة؟ قال: بلي و أنت تتبع الجنازة «1» و فيه: أن السند مخدوش بعمرو بن شمر و بغيره أيضا.

و منها: ما رواه أبو هاشم الجعفري قال: سألت الرضا عليه السلام عن المصلوب فقال: أما علمت أن جدي صلي اللّه عليه و آله صلي علي عمه؟ قلت:

أعلم ذلك و لكنني لا افهمه مبينا فقال: ابينه لك ان كان وجه المصلوب الي القبلة فقم علي منكبه الايمن و ان كان قفاه الي القبلة فقم علي منكبه الايسر فان بين المشرق و المغرب قبلة و ان كان منكبه الايسر الي القبلة فقم علي منكبه الايمن و ان كان منكبه الايمن الي القبلة فقم علي منكبه الايسر و كيف كان منحرفا فلا تزايلن مناكبه و ليكن وجهك الي ما بين المشرق و المغرب و لا تستقبله و لا تستدبره البتة «2».

فانه يفهم من هذه الروايه اشتراط استقبال القبلة غاية الامر يشترط استقبال أحد منكبي الميت و كلا الامرين يحصلان بالتوسعة في القبلة بجعلها ما بين المشرق و المغرب و نقل عن الكاشاني انه صرح بما ذكر في جامعه.

و بتقريب آخر: انه يستفاد من الرواية أن المصلي في حال الصلاة علي الميت لا بد أن

يكون علي كيفية مخصوصة و من المقطوع ان غير الهيئة المتعارفة بين المتشرعة لا يكون واجبا فينحصر الواجب في الهيئة المتداولة و هو المطلوب.

اضف الي ذلك السيرة العملية و الارتكاز في أذهان المتشرعة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب التكفين الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 434

و منها: أن يكون رأس الميت الي جهة يمين المصلي و رجلاه الي جهة يساره (1).

و منها: أن يكون مستلقيا علي قفاه (2).

______________________________

(1) كما عليه السيرة الخارجية بحيث يكون خلافه مستنكرا في نظر المتشرعة و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام- في حديث- أنه سئل عمن صلي عليه فلما سلم الامام فاذا الميت مقلوب رجلاه الي موضع رأسه قال: يسوي و تعاد الصلاة عليه و ان كان قد حمل ما لم يدفن فان دفن فقد مضت الصلاة عليه و لا يصلي عليه و هو مدفون «1».

فانه يستفاد من الرواية أنه لو صلي علي الميت و هو علي الوضع غير المعهود تكون الصلاة باطلة.

(2) نقل عن المهذب و غيره الاجماع عليه- علي ما نقل بعض الاعاظم- و عن الجواهر أنه لا اجد خلافا فيه و عن مفتاح الكرامة انه صرح جماعة بأنه لا بد أن يكون مستلقيا فلو كان مكبوبا أو علي أحد جانبيه لم يصح و ذكر في وجه الوجوب التأسي بفعل النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام و بقاعدة الاشتغال.

و من الظاهر أن التأسي غير واجب و غاية ما في الباب الرجحان و أما قاعدة الاشتغال فلا مجري لها بل مقتضي القاعدة البراءة عن الاشتراط.

لكن الانصاف أن

السيرة الجارية مع الارتكاز في أذهان المتشرعة لا يبعد أن يكون دليلا علي المدعي مضافا الي دعاوي الاجماعات فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 435

و منها: وقوف المصلي خلفه محاذيا لبعضه (1) الا أن يكون مأموما و قد استطال الصف حتي خرج عن المحاذاة (2).

و منها: أن لا يكون المصلي بعيدا عنه علي نحو لا يصدق الوقوف عنده إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة (3).

______________________________

(1) للسيرة الجارية و يكون خلافه مستنكرا في الاذهان.

(2) بلا اشكال لان الاشتراط يحتاج الي الدليل و من ناحية اخري الدليل قائم علي مشروعية الجماعة في صلاة الجنازة و المفروض صدق الموضوع و السيرة الخارجية شاهدة للمدعي فلاحظ.

(3) نقل عن المحقق الثاني: انه ادعي الاجماع عليه و السيرة الجارية عليه.

و يؤيد المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من صلي علي امرأة فلا يقوم في وسطها و يكون مما يلي صدرها و اذا صلي علي الرجل فليقم في وسطه «1».

و منها: ما رواه موسي بن بكر عن أبي الحسن عليه السلام قال: اذا صليت علي المرأة فقم عند رأسها و اذا صليت علي الرجل فقم عند صدره «2».

و منها: ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يقوم من الرجال بحيال السرة و من النساء من دون ذلك قبل الصدر «3».

فان صدق هذه العناوين المذكورة في هذه النصوص يستلزم عدم البعد

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3)

نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 436

و منها: أن لا يكون بينهما حائل من ستر أو جدار و لا يضر الستر بمثل التابوت و نحوه (1).

و منها: أن يكون المصلي قائما فلا نصح صلاة غير القائم الا مع عدم التمكن من صلاة القائم (2).

______________________________

المفرط نعم البعد الحاصل من طول الصف أو لكثرة الصفوف لا يضر بلا اشكال لجريان السيرة و من ناحية اخري ان الجماعة مشروعة في صلاة الجنازة و لأحد فيها للمأموم فالبعد بهذا النحو في بعض الاحيان مما لا بد منه فلاحظ.

(1) نقل عن المحقق الثاني- في فوائد الشارع- الاجماع عليه و السيرة جارية علي الصلاة بلا وجود حائل. و الانصاف ان اثبات المدعي بهذا المقدار مشكل الا أن يقال: بأن خلاف ما هو المتعارف مستنكر في أذهان أهل الشرع و هذا المقدار كاف للالتزام بالشرطية و مما ذكرنا علم أن الستر بالتابوت و نحوه لا بأس به لجريان السيرة عليه أيضا.

(2) ادعي عليه في الحدائق الاجماع و عن الذكري- بعد دعوي الاجماع عليه- قال: بل هو الركن الاظهر لان النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام و الصحابة صلوا عليها قياما و التأسي واجب خصوصا في الصلاة لقول النّبيّ صلي اللّه عليه و آله: «صلوا كما رأيتموني اصلي و لقاعدة الاشتغال.

و لان الاصل بعد شغل الذمة عدم البراءة الا بالقيام فيتعين» «1».

و في الكل نظر أما الاجماع فالمنقول منه لا يكون حجة و أما المحصل فعلي تقدير تحققه محتمل المدرك بل مقطوعه و أما التأسي فليس واجبا الا فيما

______________________________

(1) الحدائق ج 10 ص: 423

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 437

و منها: الموالاة بين التكبيرات و الادعية (1).

______________________________

يكون الصدور

عنهم بنحو الوجوب و أما الرواية فضعيفة مضافا الي عدم كون صلاة الجنازة من أفراد الصلاة و أما قاعدة الاشتغال فلا مجال لها في المقام بل المرجع اصل البراءة لكن السيرة جارية علي لزوم القيام.

أضف الي ذلك حديث عمار الساباطي في بيان كيفية الصلاة علي جنائز متعددة قال عليه السلام فيه: «قام في الوسط فكبر خمس تكبيرات» «1».

هذا مع فرض الامكان و أما مع عدم الامكان فتصل النوبة الي جواز الجلوس.

ثم انه مع العجز فهل يكفي صلاة العاجز جالسا مع التمكن من صلاة القائم؟ الحق عدم الجواز اذ المستفاد من السيرة و الاجماع لزوم القيام فيها و مع فرض التمكن من الصلاة قائما في ضمن فرد آخر من المكلفين لا وجه للاكتفاء بالصلاة عن جلوس.

و ان شئت قلت: المفروض أن الواجب كفائي فالتكليف في الدرجة الاولي متوجه بالقادرين عن القيام فلا تكون صلاة الجالس مصداقا للمأمور به.

و بتقريب آخر لا طريق الي احراز مشروعية صلاة الجالس مع امكان الصلاة عن قيام.

ثم لا يخفي ان وجوب الصلاة عن جلوس مع عدم التمكن من القيام كأنه متسالم بين الاصحاب و استدل عليه بقاعدة الميسور و تلك القاعدة ليست تامة فان تم الاجماع التعبدي و التسالم الكاشف و الا فللمناقشة في الوجوب مجال و الادلة الدالة علي وجوب الجلوس مع عدم التمكن من القيام يشكل شمولها لصلاة الجنازة لأنها ليست من أفراد الصلاة بمقتضي النص كما مر.

(1) يمكن أن يستدل عليها بالسيرة الجارية بحيث يعد خلافها خارجا عن

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 437

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة

الجنازة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 438

و منها: أن تكون الصلاة بعد التغسيل و التحنيط و التكفين (1).

______________________________

المأمور به مضافا الي أن الظاهر من النصوص كذلك فانه يفهم من نصوص المقام أن الصلاة علي الجنازة مجموعة واحدة لها أجزاء و شرائط و يجب الاتيان بها مجتمعة الاجزاء و الشرائط و العرف ببابك فلاحظ.

(1) عن المدارك «ان هذا قول علمائنا كافة» و ربما يستدل علي الحكم المذكور بفعل النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام و الصحابة فيكون خلافه تشريعا محرما.

و فيه: أنه علي تقدير الثبوت لا يستفاد منه الا مجرد الرجحان و أما الوجوب فلا و مع عدم ثبوت الوجوب لا يكون خلافه تشريعا كي يكون محرما.

و استدل علي المدعي في الحدائق بوجوب الاحتياط عند الشبهة بتقريب أن قوله صلي اللّه عليه و آله: حلال بين و حرام بين و شبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجي من المحرمات و من أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات و هلك من حيث لا يعلم» «1»، يدل علي وجوب الاحتياط.

و يرد عليه: أنه قد ثبت في محله من الاصول أن المرجع عند الشك البراءة لا الاحتياط و نقل عن الشهيد في الذكري أنه استدل علي المدعي بقوله عليه السلام «و لا يصلي عليه و هو عريان حتي تواري عورته «2»:

و لا يثبت المدعي لان عدم كونه عريانا أعم من التغسيل و التكفين فالعمدة السيرة الخارجية الجارية مؤيدة بنقل عدم الخلاف عن كشف اللثام و أنه قول علمائنا كافة- كما عن المدارك-.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب صفات القاضي الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 439

و قبل

الدفن (1).

و منها: أن يكون الميت مستور العورة و لو بنحو الحجر و اللبن ان تعذر الكفن (2).

و منها: اباحة مكان المصلي علي الاحوط الاولي (3).

______________________________

و يؤيد المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه علي بن جعفر «1» و منها: ما رواه خالد بن ماد القلانسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل يأكله السبع أو الطير فتبقي عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال:

يغسل و يكفن و يصلي عليه و يدفن فاذا كان الميت نصفين صلي علي النصف الذي فيه قلبه «2».

(1) بلا اشكال فتوي و نصا لاحظ حديث عمار المتقدم ذكره «3» فانه يستفاد المدعي من هذا الحديث بوضوح.

(2) بلا اشكال فتوي و نصا لاحظ حديث عمار الوارد في ميت عريان قد لفظه البحر و لا يمكن ستر عورته قال عليه السلام يحفر له و يوضع في لحده و يوضع اللبن علي عورته فيستر عورته باللبن و بالحجر يصلي عليه ثم يدفن «4» فانه يدل علي المدعي بالصراحة.

(3) الظاهر ان التركيب انضمامي و ليس المقام مصداقا للغصب كي يقال:

انه تصرف في مال الغير فيكون محرما فلا يمكن أن يقع فردا للواجب اذ القيام من مقولة الوضع و الغصب من مقولة الاين و مع كون التركيب انضماميا لا وجه

______________________________

(1) لاحظ ص. 302

(2) الوسائل الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 5

(3) لاحظ ص. 434

(4) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 440

و منها: اذن الولي (1) الا اذا أوصي الميت بأن يصلي عليه شخص معين فلم يأذن له الولي و أذن لغيره فلا يحتاج الي الاذن (2).

[مسألة 272: لا يعتبر في الصلاة علي الميت الطهارة من من الحدث و باقي شرائط الصلاة الواجبة]

(مسألة 272): لا يعتبر في الصلاة علي الميت الطهارة

من من الحدث (3)

______________________________

للبطلان و الوجه في الاحتياط يمكن أن يكون للخروج عن شبهة الخلاف.

(1) لجملة من النصوص: منها: ما رواه ابن أبي عمير «1» و منها:

ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يصلي علي الجنازة أولي الناس بها أو يأمر من يحب «2» و منها ما رواه السكوني «3».

و هذه النصوص كلها ضعيفة أما الاولي فبالارسال و أما الثانية فبسهل و الارسال و أما الثالثة فبالنوفلي و قد مر الاشكال في الاولوية في فصل التغسيل فالحكم مبني علي الاحتياط.

(2) قد مر الكلام حول المسألة في فصل التغسيل و قلنا ان الولاية المقررة من قبل الشارع لا يبقي مجالا للوصاية فراجع.

(3) بشهادة جملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 21 و 22 من أبواب صلاة الجنازة منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل تفجأه الجنازة و هو علي غير طهر قال: فليكبر معهم «4»

______________________________

(1) لاحظ ص: 292

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 299

(4) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 441

و الخبث (1) و اباحة اللباس (2) و ستر العورة (3) و ان كان الاحوط اعتبار جميع شرائط الصلاة (4) بل لا يترك الاحتياط وجوبا بترك الكلام في أثنائها و الضحك و الالتفات عن القبلة (5).

[مسألة 273: إذا شك في أنه صلي علي الجنازة أم لا بني علي العدم]

(مسألة 273): اذا شك في أنه صلي علي الجنازة أم لا بني علي العدم (6) و اذا صلي و شك في صحة الصلاة و فسادها بني علي

______________________________

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب «1».

(1) قال العلامة الطباطبائي قدس

سره:

و ليس من شروطها رفع الحدث قطعا كذا الأصحّ في رفع الخبث

و يكفي اطلاق الادلة و اصل البراءة و يؤيد المدعي ما يدل علي جواز صلاة الحائض و الجنب علي الميت و الغالب ملازمتهما للنجاسة الخبثية مضافا الي أنه يمكن أن يقال: ان الطهارة الحدثية اذا لم تكن شرطا فعدم الاشتراط بالنسبة الي الخبثية أولي فلاحظ.

(2) لعدم الدليل علي اشتراطها و مع عدمه المرجع البراءة.

(3) الكلام فيه هو الكلام فلاحظ.

(4) فانه طريق النجاة و به يخرج عن شبهة الخلاف.

(5) يمكن أن يقال: ان الوجه في الاحتياط بالنسبة الي هذه الامور انها تمحي الصورة الصلاتية. و بعبارة اخري: تنافي ما هو المرتكز عند المتشرعة فان ما يمحو الصورة المعهودة كالوثبة و الفعل الكثير يبطلها و اللّه العالم.

(6) للاستصحاب.

______________________________

(1) لاحظ ص. 428

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 442

الصحة (1) و اذا علم ببطلانها و جبت اعادتها علي الوجه الصحيح و كذا لو أدي اجتهاده أو تقليده الي بطلانها (2).

[مسألة 274: يجوز تكرار الصلاة علي الميت الواحد لكنه مكروه]

(مسألة 274): يجوز تكرار الصلاة علي الميت الواحد لكنه مكروه الا اذا كان الميت من أهل الشرف في الدين (3).

______________________________

(1) لقاعدة الفراغ.

(2) اذ الفاسد المأتي به بحكم العدم فيجب امتثال الامر بالاتيان بالفرد الصحيح.

(3) الاقوال في المقام مختلفة كما أن النصوص كذلك و حيث ان العمدة هي النصوص الواردة في المقام لا بد من ملاحظتها و استفادة ما ورد فيها فنقول:

ان جملة من الروايات يستفاد منها جواز التكرار منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كبر أمير المؤمنين عليه السلام علي سهل بن حنيف- و كان بدريا- خمس تكبيرات ثم مشي ساعة ثم وضعه و كبر عليه خمسة اخري فصنع به ذلك حتي كبر عليه

خمسا و عشرين تكبيرة «1».

لكن هذه الرواية واردة في مورد خاص و بالنسبة الي شخص مخصوص و من الممكن اختصاص جواز التكرار بمن يكون له جلالة كابن حنيف كما يدل علي هذا المدعي ما رواه عقبة عن جعفر قال: سئل جعفر عليه السلام عن التكبير علي الجنائز فقال: ذلك الي أهل الميت ما شاءوا كبروا فقيل: انهم يكبرون أربعا فقال: ذاك اليهم ثم قال: أما بلغكم أن رجلا صلي عليه علي عليه السلام فكبر عليه خمسا حتي صلي عليه خمس صلوات يكبر في كل صلاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 443

______________________________

خمس تكبيرات قال: ثم قال: انه بدري عقبي احدي و كان من النقباء الذين اختارهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من الاثني عشر و كان له خمس مناقب فصلي عليه لكل منقبة صلاة «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: كبر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي حمزة سبعين تكبيرة و كبر علي عليه السلام عندكم علي سهل بن حنيف خمسا و عشرين تكبيرة قال: كبر خمسا خمسا كلما أدركه الناس قالوا:

يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة علي سهل فيضعه فيكبر عليه خمسا حتي انتهي الي قبره خمس مرات «2».

و الكلام في هذه الرواية هو الكلام مضافا الي أنها ضعيفة سندا بعلي بن أبي حمزة.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه الحسن بن زيد أنه قال: كبر علي بن أبي طالب عليه السلام علي سهل بن حنيف سبع تكبيرات- و كان بدريا- و قال:

لو كبرت عليه سبعين لكان أهلا «3» و قد ظهر الجواب مما ذكرنا.

و منها: ما

رواه عمرو بن شمر قال: قلت لجعفر بن محمد: جعلت فداك انا نتحدث بالعراق ان عليا عليه السلام صلي علي سهل بن حنيف فكبر عليه ستا ثم التفت الي من كان خلفه فقال: - انه كان بدريا- قال: فقال جعفر عليه السلام: انه لم يكن كذا و لكن صلي عليه خمسا ثم رفعه و مشي به ساعة ثم وضعه و كبر عليه خمسا ففعل ذلك خمس مرات حتي كبر عليه خمسا و عشرين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 18

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 444

______________________________

تكبيرة «1».

و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي أن الرواية ضعيفة بعمرو بن شمر.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام- في حديث- قال:

ان النبي صلي اللّه عليه و آله لما توفي قام علي عليه السلام علي الباب فصلي عليه ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون «2» و الكلام فيه هو الكلام.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام- في حديث- ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي علي حمزة سبعين صلاة و كبر عليه سبعين تكبيرة «3» و الكلام فيه هو الكلام.

و منها: ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر- في حديث طويل- ان آدم لما مات فبلغ الي الصلاه عليه تقدم هبة اللّه فصلي عليه و جبرئيل خلفه و جنود الملائكة و كبر عليه ثلاثين تكبيرة فأمر جبرئيل فرفع خمسا و عشرين تكبيرة و السنة اليوم فينا خمس تكبيرات و قد كان يكبر علي أهل بدر تسعا و سبعا «4».

و هذه الرواية علي خلاف المدعي أدل اذ يستفاد منها أن السنة خمس تكبيرات اضف

الي ذلك ان المشروعية في ذلك الزمان لا أثر لها بالنسبة إلينا.

و منها: ما رواه: زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي حمزة سبعين صلاة «5» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 21

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 445

______________________________

ضعف الرواية بسهل.

و منها: ما رواه الصدوق عن الرضا عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام قال كبر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي حمزة خمس تكبيرات و كبر علي الشهداء بعد حمزة خمس تكبيرات فأصاب حمزة سبعين تكبيرة «1» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي ضعف الرواية.

و منها: ما رواه في الامالي باسناده عن ابن عباس أن النبي صلي اللّه عليه و آله صلي علي فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليه السلام صلاة لم يصل علي أحد قبلها مثل تلك الصلاة ثم كبر عليها أربعين تكبيرة فقال له عمار: لم كبرت عليها أربعين تكبيرة يا رسول اللّه؟ قال: نعم يا عمار التفت الي يميني فنظرت الي اربعين صفا من الملائكة فكبرت لكل صف تكبيرة «2» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي ضعف الرواية بجعفر بن محمد بن مسرور بل بغيره.

و منها: ما ارسله الطبرسي عن سلمان الفارسي أنه قال: أتيت عليا عليه السلام و هو يغسل رسول اللّه و قد كان أوصي أن لا يغسله غير علي عليه السلام الي أن قال: فلما غسله و كفنه أدخلني و أدخل أبا ذر و المقداد و فاطمة و الحسن و الحسين و تقدم و

صففنا خلفه فصلي عليه ثم أدخل عشرة من المهاجرين و عشرة من الانصار فيصلون و يخرجون حتي لم يبق أحد من المهاجرين و الانصار الاصلي عليه «3» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي ضعف السند بالارسال.

و منها: ما رواه أبو مريم عن أبي جعفر عليه السلام و ذكر حديث تجهيز

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 446

______________________________

رسول اللّه الي أن قال قال الناس: كيف الصلاة عليه؟ فقال علي عليه السلام:

ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله امامنا حيا فدخل عليه عشرة عشرة فصلوا عليه يوم الاثنين و ليلة الثلاثاء حتي الصباح و يوم الثلاثاء حتي صلي عليه كبيرهم و صغيرهم ذكرهم و انثاهم و صواحي المدينة بغير امام «1» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي ضعف الرواية بأبي مريم.

و منها: ما رواه عيسي بن المستفاد عن أبي الحسن موسي بن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: كان فيما أوصي له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: أن يدفن في بيته و يكفن بثلاثة أثواب: أحدهما يمان و لا يدخل قبره غير علي عليه السلام ثم قال: يا علي كن انت و فاطمة و الحسن و الحسين و كبروا خمسا و سبعين تكبيرة و كبر خمسا و انصرف الي أن قال: ثم رجال أهل بيتي يصلون علي أفواجا افواجا ثم نسائهم ثم الناس من بعد ذلك قال ففعلت «2» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي ضعف الرواية بعيسي.

و منها: ما رواه أبو حمزة عن علي بن الحسين عليه السلام- في حديث وفات آدم عليه السلام- قال: فخرج هبة اللّه و صلي

عليه خمسا و سبعين تكبيرة سبعين لآدم و خمسة لأولاده «3».

و قد مر الجواب عن رواية قريبة مضمونا من هذه الرواية فراجع مضافا الي أنه لا يبعد أن يكون المراد بعلي الواقع في السند البطائني غير الموثق.

و منها: ما رواه فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام- في حديث-

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 447

______________________________

قال: فلما جهزوه يعني آدم قال جبرئيل: تقدم يا هبة اللّه فصل علي أبيك فتقدم فكبر عليه خمسا و سبعين تكبيرة سبعين تفضلا لآدم عليه السلام و خمسا للسنة «1» و قد ظهر الجواب عن هذه الرواية فلا نعيد.

و منها: ما رواه أبو مريم الانصاري قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

كفن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب الي أن قال: قلت: و كيف صلي عليه؟ قال: سجي بثوب و جعل وسط البيت فاذا دخل قوم داروا به و صلوا عليه و دعوا له ثم يخرجون و يدخل آخرون «2» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي ضعف السند بأبي مريم.

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الميت يصلي عليه ما لم يوار بالتراب و ان كان قد صلي عليه «3» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الجنازة لم ادركها حتي بلغت القبر اصلي عليها؟ قال: ان ادركتها قبل أن تدفن فان شئت فصل عليها «4» و هذه الرواية ضعيفة أيضا بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و منها:

ما رواه عمرو بن شمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام- في حديث- ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله خرج علي جنازة امرأة من بني النجار فصلي عليها فوجدا لحفرة لم يمكنوا فوضعوا الجنازة فلم يجي ء قوم (أقوام) الا قال

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15

(2) نفس المصدر الحديث: 16

(3) نفس المصدر الحديث: 19

(4) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 448

[مسألة 275: لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة صلي علي قبره]

(مسألة 275): لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة صلي علي قبره (1).

______________________________

لهم صلوا عليها «1» و هذه الرواية ضعيفة بعمرو بن شمر.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي عدم المشروعية منها: ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي علي جنازة فلما فرغ منها جاء قوم لم يكونوا أدركوها فكلموه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن يعيد الصلاة عليها فقال لهم: قد قضيت الصلاة عليها و لكن ادعوا لها «2».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي علي جنازة فلما فرغ جاء قوم فقالوا فاتتنا الصلاة عليها فقال: ان الجنازة لا يصلي عليها مرتين ادعوا لها و قولوا خيرا «3».

و منها: ما رواه وهب ابن وهب عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن رسول اللّه عليه و آله صلي علي جنازة فلما فرغ جاءه ناس فقالوا: يا رسول اللّه لم ندرك الصلاة عليها فقال: لا يصلي علي جنازة مرتين و لكن ادعوا له «4».

و الرواية الثانية ان كانت ضعيفة بغياث بن كلوب ففي الاولي و الثالثة كفاية و مقتضي الجمع بين

الطائفتين أن يقال: ان كان الميت من أهل الشرف في الدين كأبي ذر و أضرابه يستحب التكرار و الا فلا و اللّه العالم.

(1) الاقوال في المقام مختلفة كما أن النصوص الواردة عن أهل بيت الطهارة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 22

(2) نفس المصدر الحديث: 13

(3) نفس المصدر الحديث: 23

(4) نفس المصدر الحديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 449

______________________________

متفاوتة و حيث ان العمدة هي النصوص يكون اللازم ملاحظتها و استفادة الحكم الشرعي منها فنقول:

من تلك الروايات ما رواه ما لك مولي الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا فاتتك الصلاة علي الميت حتي يدفن فلا بأس بالصلاة عليه و قد دفن «1» و هذه الرواية ضعيفة بمالك مضافا الي أن الظاهر منها أنها ناظرة الي تكرار الصلاة لا أصل الصلاة.

و منها: ما رواه عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا فاتته الصلاة علي الجنازة صلي علي قبره «2» و هذه الرواية ضعيفة بعمرو بن جميع مضافا الي أن الظاهر منها تكرار الصلاة.

و منها: ما رواه جعفر بن عيسي قال: قدم أبو عبد اللّه عليه السلام مكة فسألني عن عبد اللّه بن أعين فقلت مات قال: مات؟ قلت: نعم قال: فانطلق بنا الي قبره حتي نصلي عليه هاهنا فرفع يديه يدعوا و اجتهد في الدعاء و الترحم عليه «3» و هذه الرواية ضعيفة بحسين بن موسي مضافا الي أن الظاهر منها تكرار الصلاة اضف الي ذلك ان المراد من الصلاة هو الدعاء للميت.

و منها: ما رواه الشيخ في الخلاف: انه يصلي علي القبر الي ثلاثة أيام «4» و من الظاهر ضعف الرواية و لا جابر

لها.

و منها: ما عن الفقه الرضوي: فان لم نلحق الصلاه علي الجنازة حتي يدفن

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 450

______________________________

فلا بأس بأن تصلي بعد ما دفن «1» و فيه: أولا: أن السند ضعيف و ثانيا:

أن الظاهر من الخبر تكرار الصلاة و ثالثا: قد صرح فيه بعدم البأس فعلي كل لا يستفاد منه الوجوب.

و منها: ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن يصلي الرجل علي الميت بعد ما يدفن «2» و هذه الرواية و ان كانت تامة سندا لكن لا يستفاد منها الا الجواز و أما الوجوب فلا.

ان قلت: لا اشكال في وجوب الصلاة علي الميت لقوله صلي اللّه عليه و آله: لا تدعوا أحدا من امتي بلا صلاة «3» فاذا ثبت جواز الصلاة بعد الدفن بحديث هشام يتعين الاتيان بها و لو بعده.

و يرد عليه: أن الحديث ضعيف بالسكوني كما مر و أما استصحاب بقاء الوجوب فلا يجري لمعارضته باستصحاب عدم الجعل الزائد.

و يستفاد النهي و المنع عن الصلاه علي الميت بعد الدفن من جملة من النصوص: منها: ما رواه يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن يصلي علي قبر أو يقعد عليه أو يبني عليه (او يتكي عليه) «4» و في دلالة هذه الرواية علي المدعي تأمل فتأمل.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن رجل من أهل الجزيرة قال: قلت للرضا

______________________________

(1) فقه الرضا ص 19

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة

الجنازة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 37 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 451

ما لم يتلاش بدنه (1).

[مسألة 276: يستحب أن يقف الامام و المنفرد عند وسط الرجل و صدر المرأة]

(مسألة 276). يستحب أن يقف الامام و المنفرد عند وسط الرجل و صدر المرأة (2).

______________________________

عليه السلام يصلي علي المدفون بعد ما يدفن؟ قال: لا لو جاز لأحد جاز لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: بل لا يصلي علي المدفون بعد ما يدفن و لا علي العريان «1».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: و لا يصلي عليه و هو مدفون «2» و منها: ما رواه عمار «3» أيضا و منها ما رواه يونس «4» و منها: ما رواه عمار «5».

و عن المعتبر انه لا تجب الصلاة بعد الدفن و لكن تجوز و عن المدارك الميل اليه و الظاهر أن هذا هو مقتضي النصوص الواردة في المقام فان المستفاد من حديث هشام «6» جواز الصلاة بعد الدفن فما أفاده في الحدائق من عدم الدليل عليه ليس كذلك.

فالنتيجة: انه لا دليل علي الوجوب و ان كان الاحتياط مما لا ينبغي تركه بل لا يترك.

(1) لم يظهر لي وجه هذا التقييد و اللّه العالم.

(2) قال في الحدائق: «و من المستحبات أن يقف الامام عند وسط الرجل و صدر المرأة علي المشهور «7» الخ. و يدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 447

(4) لاحظ ص: 447

(5) لاحظ ص: 301

(6) لاحظ ص: 450

(7) الحدائق ج 10 ص 427

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 452

[مسألة 277: إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة]

(مسألة 277): اذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة فتوضع الجميع امام المصلي مع المحاذاة بينها (1).

______________________________

بن المغيرة «1» و ما رواه جابر «2».

(1) لا يبعد أن يكون الجواز مقتضي القاعدة الاولية لان الواجب الصلاة علي الميت و

مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين أنحائها كما أن مقتضي اصالة البراءة عن التقييد ذلك.

مضافا الي النصوص الخاصة الدالة علي الجواز منها ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلي علي ميتين أو ثلاثة موتي كيف يصلي عليهم؟ قال: ان كان ثلاثة أو اثنين أو عشرة أو أكثر من ذلك فليصل عليهم صلاة واحدة يكبر عليهم خمس تكبيرات كما يصلي علي ميت واحد و من (قد) صلي عليهم جميعا يضع ميتا واحدا ثم يجعل (رأس) الثالث الي ألية الثاني شبه المدرج حتي يفرغ منهم كلهم ما كانوا فاذا سواهم هكذا قام في الوسط فكبر خمس تكبيرات يفعل كما اذا صلي علي ميت واحد سئل فان كان الموتي رجالا و نساء؟ قال: يبدأ بالرجال فيجعل رأس الثاني الي ألية الاول حتي يفرغ من الرجال كلهم ثم يجعل رأس المرأة الي ألية الرجل الاخير ثم يجعل رأس المرأة الاخري الي ألية المرأة الاولي حتي يفرغ منهم كلهم فاذا سوي هكذا قام في الوسط وسط الرجال فكبر و صلي عليهم كما يصلي علي ميت واحد «3» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة من الوسائل.

______________________________

(1) لاحظ ص. 435

(2) لاحظ ص: 435

(3) الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 453

و الاولي مع اجتماع الرجل و المرأة أن يجعل الرجل أقرب الي المصلي (1) و يجعل صدرها محاذيا لوسط الرجل (2) و يجوز جعل الجنائز صفا واحدا فيجعل رأس كل واحد عند ألية الاخر شبه الدرج و يقف المصلي وسط الصف و يراعي في الدعاء بعد التكبير الرابع تثنية الضمير و جمعه (3).

[مسألة 278: يستحب في صلاة الميت الجماعة]

(مسألة 278):

يستحب في صلاة الميت الجماعة (4) و يعتبر

______________________________

(1) كما دل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال:

سألته عن الرجال و النساء كيف يصلي عليهم؟ قال: الرجال أمام النساء مما يلي الامام يصف بعضهم علي أثر بعض «1».

(2) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «ليدرك الاستحباب بالنسبة الي كل منها».

(3) كما ذكر بهذا النحو في حديث عمار «2».

(4) للتأسي و الاجماع بقسميه علي ذلك و علي عدم وجوبها فيكفي صلاتها فرادي هكذا في الجواهر و أما قوله صلي اللّه عليه و آله في حديث السكوني:

صلوا علي المرجوم من امتي «3» فلا يدل علي وجوب الجماعة بل خطاب لكل احد لا للجميع و الا لوجبت علي جميع الناس.

و يمكن أن يستدل علي المدعي بما رواه اليسع بن عبد اللّه القمي قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي علي جنازة وحده؟ قال: نعم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص. 452

(3) الوسائل الباب 37 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 454

في الامام أن يكون جامعا لشرائط الامامة من البلوغ (1) و العقل (2)

و الايمان (3) بل يعتبر فيه العدالة أيضا علي الاحوط وجوبا (4)

______________________________

قلت: فاثنان يصليان عليهما؟ قال: نعم و لكن يقوم الاخر خلف الاخر و لا يقوم بجنبه «1».

فانه يستفاد من هذه الرواية مشروعية الجماعة في صلاة الجنازة فاذا شرعت تكون مستحبة فتأمل.

و عن مفتاح الكرامة: «ان الاجماع علي استحبابها مستفيض بل كاد أن يكون متواترا».

(1) لا يبعد أن يكون الوجه فيما أفاده أن صلاة غير البالغ لا يجزي كما سيجي ء في كلام الماتن.

(2) فان العقل يعتبر في صحة العبادة اضف الي ذلك ما رواه أبو بصير

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خمسة لا يؤمون الناس علي كل حال: المجذوم و الابرص و المجنون و ولد الزنا و الاعرابي «2» و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لا يصلين أحدكم خلف المجذوم و الابرص و المجنون و المحدود و ولد الزنا و الاعرابي لا يؤم المهاجرين «3».

(3) لفساد عبادة المخالف.

(4) قال في الحدائق: «و يظهر من العلامة في المنتهي الاتفاق علي ذلك» انتهي «4» و لقائل أن يقول: أنه لو لا الاتفاق لأمكن أن يقال: بعدم الاشتراط

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) الحدائق ج 10 ص 388

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 455

بل الاحوط وجوبا اعتبار شرائط الجماعة من انتفاء البعد و الحائل و أن لا يكون موقف الامام اعلي من موقف المأموم و غير ذلك (1).

[مسألة 279: إذا حضر شخص في أثناء صلاة الامام كبر مع الامام و جعله أول صلاته]

(مسألة 279): اذا حضر شخص في أثناء صلاة الامام كبر مع الامام و جعله أول صلاته (2)

______________________________

لأصالة البراءة عنه بتقريب أن الاصل المشروعية و انما الكلام في الشرط و مقتضي استصحاب عدم جعل الاشتراط كذلك.

و لا يخفي أن صلاة الجنازة ليست صلاة فلا مجال للتمسك بدليل شرطية العدالة في امام الجماعة.

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال ما يكون شرطا في تحقق القدوة عرفا يعتبر اذ بدونه لا يتحقق المطلوب و كذا ما يكون شرطا في الاقتداء شرعا اذ لا بد من اشتراطه فان المفروض اشتراطه في القدوة و أما ما يكون شرطا في صلاة الجماعة فلا وجه لاشتراطه لعدم كون صلاة الميت من أفراد الصلاة فتصل النوبة

الي الاصل العملي و مقتضاه عدم الاشتراط كما ذكرنا فلاحظ.

ان قلت: مقتضي الاستصحاب أن الشارع لم يلاحظ الاطلاق فلا طريق لإثباته. قلت: او لا ينقض بالاقل و الاكثر الارتباطيين اذ الكلام فيهما هو الكلام.

و ثانيا أن الاستصحاب المذكور معارض بعدم لحاظ التقييد فتصل النوبة الي البراءة و النتيجة الاكتفاء بالاطلاق نعم لا يبعد أن يقال: في جميع هذه الموارد لا يمكن الجزم بكون المأتي به محبوبا للمولي لعدم تعلق الامر الا بالكل و المفروض ان الكل حاله غير معلوم.

(2) بلا خلاف فيه بل الاجماع بقسميه عليه- كما في الجواهر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص؟ منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 456

و تشهد الشهادتين بعده و هكذا يكبر مع الامام و يأتي بما هو وظيفة نفسه فاذا فرغ الامام أتي ببقية التكبير (1) بلا دعاء (2).

______________________________

أنه قال: اذا أدرك الرجل التكبيرة أو التكبيرتين من الصلاة علي الميت فليقض ما بقي متتابعا «1».

و منها: ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدرك من الصلاة علي الميت تكبيرة قال: يتم ما بقي «2».

و منها: ما رواه زيد الشحام «3».

(1) فان الظاهر من نصوص الباب أن يعمل علي طبق وظيفته فعلي تقدير لزوم الاتيان بالشهادتين يلزم عليه أن يتشهد بعد التكبيرة الاولي.

(2) لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديث الحلبي «4» و لا يبعد أن يستفاد من حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يدرك تكبيرة أو تكبيرتين علي ميت كيف يصنع؟ قال: يتم ما بقي من تكبيرة و يبادر رفعه و يخفف «5».

و

في المقام رواية ربما يستفاد منها ما ينافي المستفاد من تلك الطائفة و هي ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: لا يقتضي ما سبق من تكبير الجنازة «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 455

(5) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 7

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 457

و ان كان الدعاء أحوط (1).

[مسألة 280: لو صلي الصبي علي الميت لم تجز صلاته عن صلاة البالغين]

(مسألة 280) لو صلي الصبي علي الميت لم تجز صلاته عن صلاة البالغين و ان كانت صلاته صحيحة (2).

[مسألة 281: إذا كان الولي للميت امرأة جاز لها مباشرة الصلاة و الاذن لغيرها ذكرا كان أم انثي]

(مسألة 281): اذا كان الولي للميت امرأة جاز لها مباشرة الصلاة و الاذن لغيرها ذكرا كان أم انثي (3).

______________________________

لكن هذه الرواية ضعيفة سندا بحسن بن موسي الخشاب فانه لم يوثق فلا يهم ما يستفاد من مضمونها.

(1) فانه طريق النجاة و خروج عن شبهة الخلاف. و لقائل أن يقول: كيف يكون موافقا للاحتياط و الحال أن الظاهر من حديث الحلبي التتابع و اللّه العالم.

(2) ما يمكن أن يقال في هذا المقام أن التكليف متوجه الي البالغين و مقتضي الاطلاق بقائه حتي بعد صلاة غير البالغ و بعبارة اخري: التكليف متوجه الي البالغين و سقوط الواجب بفعل غير المكلف خلاف القاعدة.

لكن يرد عليه أنه لو قلنا بمشروعية عبادة الصبي- كما عليه الماتن- فلا قصور في عمله فلا وجه لعدم الاجزاء.

(3) نقل عليه عدم الخلاف و الاجماع و يدل علي أصل جواز تصدي المرأة للصلاة كون صلاة الميت من الواجبات الكفائية فالمرأة مكلفة بهذا التكليف كالرجل و يمكن استفادة المدعي من مشروعية الامامة لها قال في الجواهر «و يجوز أن تؤم المرأة النساء بلا خلاف اجده بل في التحرير الاجماع عليه» و يدل علي جواز امامتها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: المرأة تؤم النساء؟ قال: لا، الا علي الميت اذا لم يكن أحد أولي منها تقوم وسطهن

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 458

[مسألة 282: لا يتحمل الإمام في صلاة الميت شيئا عن المأموم]

(مسألة 282): لا يتحمل الامام في صلاة الميت شيئا عن المأموم (1).

[مسألة 283: قد ذكروا للصلاة علي الميت آدابا]

(مسألة 283: قد ذكروا للصلاة علي الميت آدابا: منها أن يكون المصلي علي طهارة (2) و يجوز التيمم مع وجدان الماء إذا خاف

______________________________

في الصف معهن فتكبر و يكبرن «1».

و المستفاد من هذه الرواية انه يجوز الامامة لها بشرط أن لا يكون أولي منها و لا يبعد أن يكون المراد بالاولي من يتقدم عليها بالمرجحات الشرعية و ليس الحديث ناظرا الي كونها وليا اذ لو كان المراد هذا المعني لم يكن وجه للاشتراط فان الصلاة تجوز لغير الولي باذنه.

و بعبارة اخري. الولاية لا تكون مانعة عن صلاة غير الولي و أما خبر جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا لم يحضر الرجل الميت تقدمت امرأة وسطهن الحديث «2» فلضعف سنده لا يكون قابلا للاستدلال به مضافا الي المناقشة في دلالته و صفوة القول ان المستفاد من عبارة المتن عدم جواز مباشرة المرأة للصلاة الا أن تكون وليا و الحال انه لا دليل عليه ظاهرا فما أفاده الماتن لا ينطبق علي القاعدة.

(1) لعدم المقتضي فان التحمل يحتاج الي الدليل و مع عدمه تكون الادلة الاولية مقتضية لان يأتي كل من يصلي علي الميت بالمركب بلا نقص فيه فلا وجه للسقوط.

(2) قال في الجواهر: «و من السنن أيضا أن يكون المصلي متطهرا بلا خلاف بل في المحكي عن التذكرة نسبته الي علمائنا مشعرا بدعوي الاجماع عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 65 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 459

فوت الصلاة ان توضأ أو اغتسل (1).

و منها: رفع اليدين عند التكبير (2).

______________________________

بل في المحكي عن الخلاف و الغنية الاجماع عليه و

هو الحجة» انتهي.

و يدل عليه من النصوص ما رواه عبد الحميد بن سعد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام الجنازة يخرج بها و لست علي وضوء فان ذهبت أتوضأ فاتتني الصلاة أ يجزيني أن اصلي عليها و أنا علي غير وضوء؟ فقال: تكون علي طهر احب إلي «1».

مضافا الي أن التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي رجحان الطهارة فان الصلاة علي الميت تكبير و تهليل و دعاء و ذكر فالمناسب أن يكون فاعلها علي احسن الحالات و أفضلها فلاحظ.

(1) نقل عن الشيخ و جماعة اطلاق القول بجواز التيمم بلا تقييد بخوف الفوت. و لكن يشكل القول بالاطلاق فان حديث الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل تدركه الجنازة و هو علي غير وضوء فان ذهب يتوضأ فاتته الصلاة قال: يتيمم و يصلي «2»، ذكر فيه عنوان الفوت فلا اطلاق فيه كما هو ظاهر و أما حديث سماعة قال: سألته عن رجل مرت به جنازة و هو علي غير وضوء كيف يصنع؟ قال: يضرب بيديه علي حائط اللبن فليتيمم به «3» فلا يستفاد منه الاطلاق بل الظاهر من السؤال خوف الفوت.

(2) لجملة من النصوص: منها: ما رواه عبد الرحمن العزرمي قال: صليت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام علي جنازة فكبر خمسا يرفع يده في كل تكبيرة «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 460

و منها: أن يرفع الامام صوته بالتكبير و الادعية (1).

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن عبد اللّه بن خالد مولي بني الصيداء أنه صلي خلف

جعفر بن محمد عليهما السلام علي جنازة فرءاه يرفع يديه في كل تكبيرة «1» و منها ما رواه يونس «2».

و لا يعارضها ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن علي عليه السلام انه كان لا يرفع يده في الجنازة إلا مرة واحدة يعني في التكبير «3» و ما رواه اسماعيل «4» لضعفهما سندا أما الاول فبالإرسال و أما الثاني فباسماعيل.

(1) ذكر في الجواهر: ان الوجه في استحباب جهر الصوت ان كثيرا من الرواة نقلوا عدد التكبيرات عن النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام فيعلم انهم كانوا يجهرون بالتكبيرات و التأسي بهم مستحب مضافا الي استحباب جهر الامام صوته في تكبير الصلوات اليومية و الظاهر عدم الفرق بين المقامين من هذه الجهة اضف الي ذلك أن الجهر فيه ملاك الحسن و الاستحباب و هو اعلام الناس الذين خلفه ليقتدوا به و بهذا الملاك يستحب الجهر بباقي الاذكار و الادعية خلافا للفاضلين حيث ذهبا الي استحباب السر في الدعاء لكون السر أبعد من الرياء و لحديث اسماعيل بن همام عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:

دعوة العبد سرا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية «5» انتهي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 22 من أبواب الدعاء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 461

و منها: اختيار المواضع التي يكثر فيها الاجتماع (1) و منها: أن تكون الصلاة بالجماعة (2) و منها: أن يقف المأموم خلف الامام (3) و منها: الاجتهاد في الدعاء للميت و للمؤمنين (4).

______________________________

و الانصاف: ان الحكم الشرعي لا يتم بهذه التقريبات كما هو ظاهر

للخبير عند التأمل.

(1) نقل عن الذكري أنه نسب الي الشيخ و الاصحاب رجحان ايقاع صلاة الجنازة في المواضع المعتادة مضافا الي أنه سبب للتبرك بكثرة المصلين فيها و ان العالم بموته يقصده فيحصل كثرة المصلين المعلوم رجحانها مؤيدا بما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا اللهم انا لا نعلم منه إلا خيرا و أنت أعلم به منا قال اللّه تبارك و تعالي: قد أجزت شهادتكم و غفرت له ما علمت مما لا تعلمون «1».

(2) للتأسي و قد تقدم أن الجماعة مطلوبة و ليست واجبة فتكون مستحبة.

(3) لحديث اليسع و قد مر الكلام فيه فراجع «2».

(4) للنصوص الواردة في استحباب الالحاح في الدعاء:

منها: ما رواه الهجري قال: سمعت أبا جعفر يقول: و اللّه لا يلح عبد مؤمن علي اللّه في حاجة إلا قضاها له «3» الي غيرها من النصوص الواردة في الباب لكن هذه الروايات لا تدل علي حكم المقام بالخصوص نعم لا يبعد أن يستفاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 90 من أبواب الدفن الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 403

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب الدعاء

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 462

و منها: أن يقول قبل الصلاة: الصلاة ثلاث مرات (1).

[مسألة 284: أقل ما يجزي من الصلاة]

(مسألة 284) أقل ما يجزي من الصلاة أن يقول المصلي:

اللّه أكبر أشهد أن لا إله الا اللّه و أشهد أن محمدا رسول اللّه (ص) ثم يقول: اللّه أكبر اللهم صل علي محمد و آل محمد ثم يقول:

اللّه أكبر اللهم اغفر للمؤمنين ثم يقول: اللّه أكبر اللهم اغفر لهذا و يشير الي الميت ثم يقول: اللّه أكبر (2).

______________________________

المدعي من مجموع الروايات الواردة في المقام

اي في ابواب صلاة الميت.

و في المقام حديث عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: اذا صليت علي المؤمن فادع له و اجتهد له في الدعاء «1». و ظفرنا علي هذا الحديث ببركة كتاب «مفتاح الكتب الاربعة».

و في الجواهر تمسك لإثبات المدعي بالاخبار العامة التي دلالة لها علي خصوص المقام.

(1) لحديث اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

أ رأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان و اقامة؟ قال: ليس فيهما أذان و لا اقامة و ليكن ينادي: الصلاة ثلاث مرات «2». بتقريب: أنه يستفاد منه ان هذا حكم غير الفرائض اليومية بالغاء خصوصية العيدين ببركة التناسب بين الحكم و الموضوع.

(2) بل يمكن تصور الاقل من هذا المقدار و قد مر منا مقدار اللازم من الذكر و الدعاء فلا نعيد و ان شئت فراجع ما قلناه و اللّه الهادي الي الصواب.

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 3 ص 187 الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 463

[الفصل السابع في التشييع]

الفصل السابع في التشييع يستحب اعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيعوه (1) و يستحب لهم تشييعه و قد ورد في فضله أخبار كثيرة ففي بعضها. من تبع جنازة اعطي يوم القيامة اربع شفاعات و لم يقل شيئا الا و قال الملك. و لك مثل ذلك (2) و في بعضها: ان أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع جنازته (3) و له آداب كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة مثل أن يكون المشيع ماشيا خلف الجنازة (4) خاشعا متفكرا (5)

______________________________

(1) لا يبعد ان يكون ناظرا الي حديث ابن سنان «1» و لكن في دلالة الخبر علي استحباب

الايذان لأجل التشييع نوع تأمل فلاحظ.

(2) لاحظ الوسائل الباب 2 من أبواب الدفن الحديث: 1.

(3) لاحظ الوسائل الباب 2 من أبواب الدفن الحديث: 4.

(4) كما في خبر اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها «2».

(5) لاحظ ما رواه عجلان أبي صالح قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام يا با صالح اذا انت حملت جنازة فكن كأنك أنت المحمول و كأنك سألت ربك الرجوع الي الدنيا ففعل فانظر ما ذا تستأنف قال: قال: عجب لقوم حبس أو لهم عن آخرهم ثم نودي فيهم الرحيل و هم يلعبون «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 278

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 59 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 464

حاملا للجنازة علي الكتف (1) قائلا حين الحمل. بسم اللّه و باللّه و صلي اللّه علي محمد و آل محمد اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات (2 و يكره الضحك (3) و اللعب و اللهو (4) و الاسراع في المشي (5)

و أن يقول. ارفقوا به و استغفروا له (6)

______________________________

(1) لاحظ ما روي عن علي عليه السلام انه رخص في حمل الجنازة علي الدابة هذا اذا لم يوجد من يحملها أو كان عذر فاما السنة والدي يؤمر به ان يحملها الرجال «1» لكن الرواية لا تتعرض للحمل علي الكتف الا أن يحمل علي المتعارف.

(2) لاحظ ما رواه عمار الساباطي «2».

(3) لاحظ ما روي عن علي عليه السلام و قد تبع جنازة- فسمع رجلا يضحك فقال عليه السلام: كان الموت فيها علي غيرنا كتب الحديث «3».

(4) لاحظ ما رواه عجلان المتقدم آنفا «4».

(5) قال في

الحدائق: «قال في الذكري نقل الشيخ الاجماع علي كراهية الاسراع بالجنازة لقول النبي صلي اللّه عليه و آله: «عليكم بالقصد في جنائزكم لما رأي أن جنازة تمخض مخضا و قال ابن عباس في جنازة ميمونة: ارفقوا بها فانها امكم «5».

(6) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن آبائه عليهم

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة الباب 9 من أبواب الدفن الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الدفن الحديث: 4

(3) مستدرك الوسائل الباب 53 من أبواب الدفن الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 463

(5) الحدائق ج 4 ص 78

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 465

و الركوب (1) و المشي قدام الجنازة (2)

______________________________

السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ثلاثة ما أدري أيهم أعظم جرما:

الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء أو الذي يقول: قفوا أو الذي يقول: استغفروا له غفر اللّه لكم «1» و عن كتاب الفقه الرضوي أنه قال عليه السلام: و اياك أن تقول: ارفقوا به و ترحموا عليه «2».

(1) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: مات رجل من الانصار من أصحاب رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فخرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في جنازته يمشي فقال له بعض أصحابه: ألا تركب يا رسول اللّه؟ فقال:

اني لا كره أن اركب و الملائكة يمشون «3».

(2) لجملة من النصوص: منها: ما رواه اسحاق بن عمار «4» و منها:

ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: مشي النبي صلي اللّه عليه و آله خلف جنازة فقيل: يا رسول اللّه ما لك تمشي خلفها؟ فقال: ان الملائكة رأيتهم يمشون أمامها و نحن تبع لهم «5».

و منها:

ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: سمعت النبي صلي اللّه عليه و آله يقول: اتبعوا الجنازة و لا تتبعكم خالفوا أهل الكتاب «6».

و منها: ما رواه الصدوق قال: روي اتبعوا الجنازة و لا تتبعكم فانه من عمل

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث: 2

(2) فقه الرضا ص: 17

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب الدفن الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 463

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب الدفن الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 466

و الكلام بغير ذكر اللّه تعالي و الدعاء و الاستغفار (1) و يكره وضع الرداء من غير صاحب المصيبة (2) فانه يستحب له ذلك (3)

______________________________

المجوسي «1». و الكراهة في مثله بمعني أن الفرد الاخر أرجح منه كما كما هو المستفاد من نصوص الباب و أما الكراهة المصطلحة فلا تتصور في العبادة المأمور به لأوله الي اجتماع الضدين.

(1) نقل عن المجلسي قدس سره في زاد المعاد أنه قال: يكره الكلام في التشييع لكن خصصها بالكلام الباطل لا مطلق الكلام و يمكن أن يستفاد

المدعي من مرفوعة محمد بن الحسين قال: كان أبو عبد اللّه عليه السلام يقول:

ثلاثة لا يسلمون: الماشي مع الجنازة و الماشي الي الجمعة و في بيت حمام «2» فان الظاهر من هذا الخبر ان المشيع لا يسلم علي غيره خلافا لما أفاده السيد اليزدي في العروة حيث فسر الرواية بتسليم الغير علي المشيع و كيف كان يمكن أن يقال: ان التسليم مع كونه من المستحبات اذا كان مكروها فمطلق التكلم كراهته بالاولويه.

(2) لجملة من النصوص منها: ما رواه السكوني «3» و منها: ما رواه عبد اللّه بن الفضل الهاشمي عن

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ثلاثه لا أدري أيهم أعظم جرما الذي يمشي خلف جنازة في مصيبة غيره بغير رداء الحيث «4».

(3) لجملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 27 من أبواب الاحتضار منها: ما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: ينبغي لصاحب

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الدفن الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 464

(4) الوسائل الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 467

و أن يمشي حافيا (1).

[الفصل الثامن في الدفن]
اشارة

الفصل الثامن في الدفن تجب كفاية (2) مواراة الميت في الأرض (3)

______________________________

الجنازة أن لا يلبس رداء و أن يكون في قميص حتي يعرف «1».

(1) لجملة من النصوص: منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أمر بغسل سعد بن معاذ حين مات ثم تبعه بلا حذاء و لا رداء فسئل عن ذلك فقال: ان الملائكة كانت بلا رداء و لا حذاء فتأسيت بها «2».

و منها: ما رواه الحسين بن عثمان قال: لما مات اسماعيل بن أبي عبد اللّه عليه السلام خرج أبو عبد اللّه عليه السلام فتقدم السرير بلا حذاء و لا رداء «3».

(2) باجماع المسلمين كما عن المعتبر- و بالإجماع كما عن الغنية- و مما يدل عليه من النصوص ما روي عن الرضا عليه السلام قال: انما امر بدفن الميت لئلا يظهر الناس علي فساد جسده و قبح منظره و تغير رائحته و لا يتأذي الاحياء بريحه و ما يدخل عليه من الآفة و الفساد و ليكون مستورا عن الاولياء و الاعداء فلا يشمت عدوه

و لا يحزن صديقه «4».

اضف الي ذلك أنه يظهر من بعض الاصحاب كونه من الضروريات و لا يبعد كونه كذلك.

(3) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي امور:

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 468

بحيث يؤمن علي جسده من السباع و ايذاء رائحته للناس (1).

______________________________

منها: قوله تعالي: «وَ فِيهٰا نُعِيدُكُمْ» «1» و الا عادة لا تصدق الا بالمواراة و قوله تعالي أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفٰاتاً «2» و الكفت الضم.

و منها: ان المستفاد من الشرع وجوب الدفن و هذا المفهوم لا يصدق الا بالمواراة تحت الارض.

و منها: السيرة الجارية المسلمة بين المسلمين بل الامر كذلك عند غير المسلمين.

فالنتيجة: أنه لا يجوز وضع الميت في جوف الجدار و وضعه علي الارض و ستره بالجدار و السقف.

(1) عن المدارك: «أنه قد قطع الاصحاب و غيرهم بأن الواجب وضعه في حفرة تستر عن الانس ريحه و عن السباع بدنه بحيث يعسر نبشها غالبا انتهي». و قال في الجواهر: و لعلة لتوقف فائدة الدفن عليه».

اضف الي ذلك ما عن الرضا عليه السلام «3» فانه لا يبعد أن يستفاد المطلوب من الخبر المذكور لكن الخبر ضعيف سندا نعم يمكن أن يقال: بأنه استفيد من مذاق الشرع لزوم احترام ميت المؤمنين كالحي كما دلت عليه جملة من النصوص: منها ما رواه حفص بن البختري «4» و منها ما رواه عبد اللّه بن محمد الجعفي «5» و منها: ما رواه ابراهيم بن هاشم «6» و منها غيرها

______________________________

(1) طه/ 57

(2) المرسلات/ 25

(3) لاحظ ص: 467

(4) لاحظ ص: 339

(5) لاحظ ص: 340

(6)

لاحظ ص. 339

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 469

و لا يكفي وضعه في بناء أو تابوت و ان حصل فيه الامران (1) و يجب وضعه علي الجانب الايمن موجها وجهه الي القبلة (2)

______________________________

الواردة في الباب 19 من أبواب حد السرقة و الباب 25 من أبواب ديات الاعضاء من الوسائل فلا بد من رعاية ذلك.

لكن يرد عليه أولا: أن هذا الوجه مخصوص بالمؤمن و ثانيا: لا يمكن اثبات الوجوب بهذا الوجه مع الشك في تحقق الهتك.

و بعبارة اخري: لا بد من حفظ حرمته لكن لو شك في وقوع الهتك و عدمه يكون موردا للبراءة فلاحظ.

(1) كما تقدم وجهه.

(2) قال في الحدائق: «لم ينقل الخلاف في وجوب هذه الكيفية الا عن ابن حمزة حيث ذهب الي الاستحباب» انتهي «1». و نقل علي وجوبها الاجماع.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالسيرة القطعية بحيث يكون خلاف هذه الكيفية مستنكرا عند أذهان أهل الشرع اضف الي ذلك أن التأسي بالنبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام يقتضي ذلك مع ملاحظة حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان البراء بن المعرور الانصاري بالمدينة و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بمكة و انه حضره الموت و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و المسلمون يصلون الي بيت المقدس فأوصي البراء أن يجعل وجهه الي تلقاء النبي صلي اللّه عليه و آله و أنه أوصي بثلث ماله فجرت به السنة «2».

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص 68

(2) الوسائل الباب 61 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 470

و اذا اشتبهت القبلة عمل بالظن علي الاحوط و مع تعذره يسقط وجوب الاستقبال

ان لم يمكن التأخير (1) و اذا كان الميت في البحر و لم يمكن دفنه في البر و لو بالتأخير غسل و حنط و صلي عليه و وضع في خابية و احكم رأسها و القي في البحر أو ثقل بشد حجر

______________________________

فان الظاهر من الحديث أن السنة جرت عليها فلا مجال لان يقال: ان السنة أعم من الوجوب و أظهر منه في الدلالة علي المدعي حديث العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث القتيل اذا قطع رأسه قال: اذا أنت صرت الي القبر تناولته مع الجسد و أدخلته اللحد و وجهته القبلة «1».

و يؤيد المدعي ما عن الفقه الرضوي: «ثم ضعه في لحده علي يمينه مستقبل القبلة «2». و ما في الدعائم عن علي عليه السلام أنه شهد جنازة رجل من بني عبد المطلب فلما انزلوه في قبره قال: اضجعوه في لحده علي جنبه مستقبل القبلة «3».

(1) مقتضي القاعدة الاولية العمل علي طبق ما امر به و مع عدم القدرة و لو بالتأخير مع الامكان يسقط اشتراط الاستقبال و مع عدم الامكان يسقط التكليف لكن مقتضي بعض النصوص انه مع عدم امكان العلم بالقبلة يجزي العمل بالظن.

لاحظ ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يجزي التحري أبدا اذا لم يعلم أين وجه القبلة «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) فقه الرضا ص 18

(3) مستدرك الوسائل الباب 51 من أبواب الدفن الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب القبلة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 471

أو نحوه برجليه ثم يلقي في البحر (1) و الاحوط وجوبا اختيار الاول مع الامكان (2)

______________________________

فان مقتضاه أن التحري يكفي مع عدم العلم بالقبلة و بعبارة اخري

مقتضي الاطلاق كفاية الظن بها في كل مورد تكون القبلة شرطا.

و يظهر من عبارة الماتن أنه مع اشتباه القبلة يحتاط بالعمل بالظن و يكفي و مع عدم امكان حصول الظن تصل النوبة الي التأخير و مع عدم امكانه يسقط اعتبار القبلة و لم يظهر وجه ما أفاده فان المستفاد من حديث زرارة ان كان تكليفا اضطراريا فاللازم التأخير مع الامكان و ان كان تكليفا اختياريا بحيث يكون العلم بالقيد شرطا للوجوب و الجاهل بها يكفيه العمل بالظن فيلزم عدم وجوب الفحص عن القبلة فيما تشترط فيه و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟.

(1) المدرك لهذا الحكم النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه أيوب بن الحر قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات و هو في السفينة في البحر كيف يصنع به؟ قال يوضع في خابية و يؤكأ رأسها و تطرح في الماء «1».

و هذه الرواية تامة سندا و قد ورد في المقام رواية اخري و هي ما رواه وهب بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اذا مات الميت في البحر غسل و كفن و حنط ثم يصلي عليه ثم يوثق في رجليه حجر و يرمي به في الماء «2» و سند الرواية مخدوش بوهب فالعمل بالرواية الاولي متعين.

(2) لان الرواية الثانية لا اعتبار بها سندا كما قلنا و قريب منها ما رواه

______________________________

(1) الوسائل الباب: 40 من أبواب الدفن الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 472

و كذلك الحكم اذا خيف علي الميت من نبش العد و قبره و تمثيله (1)

[مسألة 285: لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين]

(مسألة 285): لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين و

كذا

______________________________

ابان مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في الرجل يموت مع القوم في البحر فقال: يغسل و يكفن و يصلي عليه و يثقل و يرمي به في البحر «1» و هذه أيضا ساقطة عن الاعتبار سندا.

و في المقام رواية اخري دالة علي أن الوظيفة الالقاء في الماء و هي ما رفعه سهل بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا مات الرجل في السفينة و لم يقدر علي الشط قال: يكفن و يحنط في ثوب (و يصلي عليه) و يلقي في الماء «2» و هذه الرواية أيضا ساقطة بسهل و الرفع.

و لا يخفي أن هذا علي تقدير عدم امكان دفنه في البر و الا فهو متعين لان الحكم الاضطراري لا تصل النوبة اليه الا بعد عدم امكان العمل بالاختياري.

(1) لما رواه سليمان بن خالد قال: سألني أبو عبد اللّه عليه السلام فقال:

ما دعاكم الي الموضع الذي وضعتم فيه عمي زيدا الي أن قال: كم الي الفرات من الموضع الذي وضعتموه فيه؟ فقلت: قذفة حجر فقال: سبحان اللّه أ فلا كنتم أوقرتموه حديدا و قذفتموه في الفرات و كان افضل «3».

و الرواية مخدوشة بأبي المستهل فانه لم يوثق نعم ورد فيه مدح و أما مرسلة ابن أبي عمير «4» فلا اعتبار بها فالجزم بالحكم مشكل و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 41 من أبواب الدفن الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 473

العكس (1).

[مسألة 286: إذا ماتت الحامل الكافرة و مات في بطنها حملها من مسلم دفنت في مقبرة المسلمين]

(مسألة 286): اذا ماتت الحامل الكافرة و مات في بطنها حملها من مسلم دفنت في مقبرة المسلمين علي جانبها الايسر مستدبرة للقبلة و كذلك الحكم ان كان

الحمل لم تلجه الروح (2).

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع و استدل بأن المؤمن يتأذي من الدفن في مقبرة الكفار و أيضا المؤمنون يتأذون من دفن الكفار معهم فلا يجوز دفن المؤمن في مقبرتهم و لا العكس و لم نجد دليلا علي المقصود غير الاجماع المدعي.

و أما الاستدلال بحصول الاذية للمؤمنين فيرد عليه أولا أنه لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْريٰ و ثانيا: انما يتم هذا البيان بالنسبة الي المؤمن و أما المخالف فلا دليل علي حرمة ايذائه مع قيام الادلة علي كفره و من الظاهر أن الفاقد للولاية لا راحة لة نعم لا بأس للاستدلال علي المدعي بحرمة هتك الميت اذا كان محترما لكون الميت في حكم الحي من هذه الجهة لكن هذا فيما يصدق عليه عنوان الهتك كما أنه يشكل الاستدلال بالنسبة الي المخالف فانه يتوقف علي حرمة هتكة كالمؤمن.

(2) في هذه المسألة امور: منها: أنه لو ماتت الكافرة و في بطنها ولد مسلم تدفن الكافرة في مقبرة المسلمين و كأنه للإجماع القائم علي هذا الحكم مضافا الي حديث يونس. قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يكون له الجارية اليهودية و النصرانية فتحمل ثم يدعوها الي أن تسلم فتأبي عليه فدنا ولادتها فماتت و هي تطلق و الولد في بطنها و مات الولد أ يدفن معها علي النصرانية أو يخرج منها و يدفن علي فطرة الإسلام؟ فكتب: يدفن معها «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب الدفن الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 474

[مسألة 287: لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة و البالوعة]

(مسألة 287): لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة و البالوعة (1) و لا في المكان المملوك بغير اذن المالك أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس و المساجد و الحسينيات

المتعارفة في زماننا و الخانات الموقوفة و ان أذن الولي (2).

______________________________

و منها: أن الكافرة تدفن و توضع في القبر علي جانبها الايسر مستدبرة للقبلة و استدل عليه مضافا الي عدم نقل الخلاف فيه بأن وجه الولد الي ظهر امه و المقصود بالذات دفن الطفل الذي في الرحم لكونه مسلما فيكون دفن امه بالتبع.

و منها: أنه لا يشق بطن الام لا خراج الطفل مع أن مقتضي القاعدة الاولية أن يشق بطن الام و اخراج الولد و تغسيله و تكفينه و تدفينه و الظاهر انه لا دليل عليه الا الاجماع.

و منها: تسرية الحكم الي صورة عدم ولوج الروح و الوجه فيه أنه لا يصدق عليه الولد.

(1) فان حرمة الميت كحرمة الحي لاحظ ما رواه مسمع كردين قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كسر عظم ميت؟ فقال: حرمته ميتا أعظم من حرمته و هو حي «1».

(2) ادعي عليه عدم الخلاف مضافا الي أن الدفن واجب و من الظاهر أن الحرام لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب و مجرد اذن الولي لا يقتضي الجواز.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب دية الاعضاء الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 475

[مسألة 288: لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه و صيرورته ترابا]

(مسألة 288): لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه و صيرورته ترابا (1)

نعم اذا كان القبر منبوشا جاز الدفن فيه علي الاقوي (2).

[مسألة 289: يستحب حفر القبر قدر قامة أو إلي الترقوة]

(مسألة 289): يستحب حفر القبر قدر قامة أو الي الترقوة (3)

______________________________

(1) ما يمكن أن يقال في هذا المقام امور: منها: أن النبش حرام فلا يجوز و يظهر من كلماتهم أن حرمة النبش اجماعي فان ثبت اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام يترتب عليه عدم الجواز في المقام.

و منها: أنه صار حقا للغير للأسبقية. و فيه: أن ثبوت الحق بحيث يكون مانعا عن دفن غيره أول الكلام اذا الكلام ليس في مزاحمة السابق باللاحق.

و منها: أنه بمنزلة الحرز و لذا تقطع يد السارق منه. و فيه: أن اثبات المدعي بهذا التقريب مشكل و مجرد حكم الشارع بقطع يد السارق منه لا يدل علي حرمة نبش قبره.

و منها: أنه هتك للمدفون و هتكه حرام لان حرمته ميتا كحرمته حيا. و فيه:

أن هذا الدليل أخص من المدعي فان النسبة بين نبش القبر و هتك الميت عموما من وجه كما يظهر بالتأمل.

(2) لعدم ما يقتضي المنع كما هو ظاهر.

(3) لاحظ ما أرسله ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: حد القبر الي الترقوة و قال بعضهم: الي الثدي و قال بعضهم: قامة الرجل حتي يمد الثوب علي رأس من في القبر و أما اللحد فبقدر ما يمكن فيه الجلوس قال:

و لما حضر علي بن الحسين عليه السلام الوفاة قال: احفر و الي حتي تبلغ

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 476

و أن يجعل له لحد (1) مما يلي القبلة (2) في الارض الصلبة (3)

______________________________

الرشح «1».

(1) استدل عليه بحديث الحلبي عن أبي عبد

اللّه عليه السلام أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لحد له أبو طلحة الانصاري «2».

(2) اما من جهة دخوله في مفهومه- كما نقل عن العلامة- أو أنه داخل في معقد الاجماع علي استحبابه- كما قيل-.

(3) لا يبعد أن يكون التفصيل المذكور بين الارض الصلبة و الرخوة مستفادا من الجمع بين الادلة فانه يستفاد من بعض النصوص مطلوبية اللحد فان حديث الحلبي «3» يدل علي أنهم جعلوا اللحد لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و حيث ان اللحد فيه تكليف زائد علي الشق فالعدول عنه اليه يدل علي كونه أفضل بل لا يبعد أن يستفاد الافضلية من نقل الصادق عليه السلام.

و يدل علي الافضلية أيضا ما رواه علي بن عبد اللّه قال: سمعت أبا الحسن موسي عليه السلام قال: في حديث عن علي عليه السلام لما قبض ابراهيم بن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: يا علي انزل فألحد ابني فنزل عليه السلام فألحد ابراهيم في لحد فقال الناس انه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر ولده اذ لم يفعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقال لهم رسول اللّه: يا ايها الناس انه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم و لكني لست آمن اذا حل أحدكم الكفن عن ولده ان يلعب به الشيطان فيدخله عند ذلك من الجزع ما يحبط

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الدفن الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) لاحظه قبل اسطر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 477

______________________________

أجره ثم انصرف عليه السلام «1».

و مما استدل به عليه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سللت

الميت فقل بسم اللّه و باللّه و علي ملة رسول اللّه اللهم الي رحمتك لا الي عذابك فاذا وضعته في اللحد فضع فمك علي اذنه فقل: اللّه ربك و الإسلام دينك و محمد نبيك و القرآن كتابك و علي امامك «2».

و مما استدل به عليه أيضا ما روي عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله: «اللحد لنا و الشق لغيرنا «3».

و من ناحية اخري قد دل بعض النصوص علي تقديم الشق لاحظ ما رواه اسماعيل بن همام عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام حين أحضر: اذا أنامت فاحفر و الي أو شقو الي شقا فان قيل لكم ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لحد له فقد صدقوا «4».

و ما رواه الحلبي في حديث قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان أبي كتب في وصيته الي أن قال: و شققت له الارض من اجل أنه كان بادنا «5».

فيفصل بين الارض الصلبة و الرخوة بتقريب أن المدينة اراضيها رخوة فالترجيح علي الشق لأنه عليه السلام كان بدينا لا يمكن توسيع اللحد له في أرض مدينة لرخوتها.

و لكن أورد علي هذا التقريب صاحب الحدائق: بأن البعد بين قبر النّبيّ

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الدفن الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب الدفن الحديث: 3

(3) كنز العمال ص 88 ج 8

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب الدفن الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 478

بقدر ما يمكن فيه الجلوس (1) و في الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر و يجعل فيه الميت و يسقف عليه ثم يهال عليه التراب (2) و أن يغطي القبر بثوب عند

ادخال المرأة (3) و الذكر عند تناول الميت

و عند وضعه في اللحد (4) و التحفي و حل الازار و كشف الرأس

______________________________

صلي اللّه عليه و آله و البقيع ليس بمقدار قابل للتفصيل» «1».

و قال في الحدائق: «ثم انه قد ذكر جملة من الاصحاب منهم المحقق في المعتبر و الشهيد في الذكري أن اللحد أفضل من الشق في غير الارض الرخوة» «2».

(1) لاحظ مرسل ابن أبي عمير المتقدم ذكره «3».

(2) قال في الجواهر: «و الشق أن يحفر في قعره شبه النهر يوضع الميت فيه ثم يسقف عليه».

(3) و هو المشهور- كما في الحدائق- و استدل عليه بما رواه جعفر بن كلاب قال سمعت جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: يغشي قبر المرأة بالثوب و لا يغشي قبر الرجل و قد مد علي قبر سعد بن معاذ ثوب و النبي صلي اللّه عليه و آله شاهد فلم ينكر ذلك «4».

(4) لاحظ النصوص الواردة في المقام منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أتيت بالميت القبر فسله من قبل رجليه فاذا وضعته في القبر فاقرأ آية الكرسي و قل: بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و علي ملة رسول اللّه اللهم

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص 101

(2) عين المصدر ص: 99

(3) لاحظ ص: 475

(4) الوسائل الباب 50 من أبواب الدفن

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 479

للمباشر لذلك (1) و أن تحل عقد الكفن بعد الوضع (2) من طرف الرأس (3)

و أن يحسر عن وجهه و يجعل خده علي الارض (4) و يعمل له و سادة

______________________________

صل علي محمد و آل محمد اللهم افسح له في قبره و الحقه بنبيه و قل كما قلت في الصلاة

عليه مرة واحدة من عند «اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه و ان كان مسيئا فاغفر له و تجاوز عنه و استغفر له ما استطعت قال: و كان علي بن الحسين اذا أدخل الميت القبر قال: اللهم جاف الارض عن جنبيه و صاعد عمله و لقه منك رضوانا «1» و منها غيره الوارد في الوسائل في الباب 21 من أبواب الدفن.

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه علي بن يقطين قال: سمعت أبا الحسن الاول عليه السلام يقول: لا تنزل في القبر و عليك العمامة و القلنسوة و لا الحذاء و لا الطيلسان و حلل أزرارك و بذلك سنة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله جرت «2».

(2) لما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا وضعته في لحده فحل عقده «3».

(3) كما في مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يشق الكفن من عند رأس الميت اذا ادخل قبره «4».

(4) لجملة من النصوص الواردة في الباب 20 من أبواب الدفن من الوسائل منها: ما رواه علي بن يقطين قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول «لا تنزل في القبر و عليك العمامة الي أن قال: و ليتعوذ باللّه من الشيطان الرجيم و ليقرأ

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب الدفن الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب الدفن الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب الدفن الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 480

من تراب (1) و أن يوضع شي ء من تربة الحسين عليه السلام معه (2).

و تلقينه الشهادتين و الاقرار بالأئمة عليهم السلام (3) و أن يسد

اللحد باللبن (4)

______________________________

فاتحة الكتاب و المعوذتين و قل هو اللّه احد و آية الكرسي و ان قدر أن يحسر عن خده و يلصقه بالارض فليفعل و ليتشهد و ليذكر ما يعلم حتي ينتهي الي صاحبه «1».

(1) كما في خبر سالم بن مكرم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: يجعل له و سادة من تراب «2».

(2) لجملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 12 من أبواب التكفين منها: ما رواه محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري قال: كتبت الي الفقيه أسأله عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره هل يجوز ذلك أم لا؟

فاجاب و قرأت التوقيع و منه نسخت توضع مع الميت في قبره و يخلط بحنوطه ان شاء اللّه «3».

(3) كما في حديث اسحاق بن عمار «4».

(4) قال في الجواهر: «لا نعلم في استحبابه خلافا كما اعترف به في المنتهي و في الغنية و المدارك و المفاتيح الاجماع عليه و في المعتبر مذهب فقهائنا» انتهي.

و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه في العلل في كيفية دفن سعد بن معاذ

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الدفن الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب الدفن الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب التكفين الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 21 من أبواب الدفن الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 481

و أن يخرج المباشر من طرف الرجلين (1)

و أن يهيل الحاضرون التراب بظهور الاكف (2) غير ذي الرحم (3)

______________________________

قال: حتي انتهي به الي القبر فنزل (به) رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي لحده و سوي عليه اللبن و جعل يقول: ناولني حجرا ناولني ترابا رطبا يسد به ما بين اللبن «1».

(1) كما

يدل عليه ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من دخل القبر فلا يخرج (منه) الامن قبل الرجلين «2» و مثله في الدلالة مرفوعة سهل «3».

(2) كما في حديث محمد بن الاصبغ عن بعض أصحابنا قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام و هو في جنازة فحثا التراب علي القبر بظهر كفيه «4».

(3) للنص لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة قال: مات لبعض أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ولد فحضر أبو عبد اللّه عليه السلام فلما الحد تقدم أبوه فطرح عليه التراب فأخذ أبو عبد اللّه عليه السلام بكفيه و قال: لا تطرح عليه التراب و من كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي ان يطرح الوالد أو ذو رحم علي ميته التراب فقلنا يا بن رسول اللّه أ تنهانا عن هذا وحده: فقال: أنهاكم أن تطرحوا التراب علي ذوي أرحامكم فان ذلك يورث القسوة في القلب و من قسا قلبه بعد من ربه «5».

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة ج 3 ص: 405

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 29 من أبواب الدفن الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 30 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 482

و طم القبر (1) و تربيعه لا مثلثا و لا مخمسا و لا غير ذلك (2) و رش الماء عليه دورا يستقبل القبلة و يبتدأ من عند الرأس فان فضل شي ء صب علي وسطه (3) و وضع الحاضرين أيديهم عليه غمزا بعد الرش (4) سيما اذا كان هاشميا (5).

______________________________

(1) للسيرة- كما في كلام المحقق العراقي- في شرحه علي

التبصرة.

(2) للنص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت احدهما عليهما السلام عن الميت فقال: تسله من قبل الرجلين و تلزق القبر بالارض إلا قدر أربع أصابع مفرجات تربع و ترفع قبره «1» و غيره مما ورد في الباب 22 من أبواب الدفن من الوسائل فلاحظ.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 482

(3) كما في حديث موسي بن أكيل النميري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: السنة في رش الماء علي القبر أن تستقبل القبلة و تبدأ من عند الرأس الي عند الرجل ثم تدور علي القبر من الجانب الاخر ثم يرش علي وسط القبر فكذلك السنة «2».

(4) كما في حديث زرارة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اذا فرغت من القبر فانضحه ثم ضع يدك عند رأسه و تغمز كفك عليه بعد النضح «3» و لاحظ ما رواه أيضا «4».

(5) كما يستفاد من حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الدفن الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 33 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 483

او الحاضر لم يحضر الصلاة عليه (1) و الترحم عليه بمثل:

اللهم جاف الارض عن جنبيه و صعد روحه الي أرواح المؤمنين في عليين و الحقه بالصالحين (2) و أن يلقنه الولي بعد انصراف الناس

______________________________

اللّه صلي اللّه عليه و آله يصنع بمن مات من بني هاشم خاصة شيئا لا يصنعه باحد من المسلمين كان اذا صلي علي الهاشمي و نضح

قبره بالماء وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كفه علي القبر حتي تري أصابعه في الطين فكان الغريب يقدم أو المسافر من أهل المدينة فيري القبر الجديد عليه أثر كف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فيقول: من مات من آل محمد؟ «1» صلي اللّه عليه و آله.

(1) كما في حديث اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن الاول عليه السلام: ان أصحابنا يصنعون شيئا اذا حضروا الجنازة و دفن الميت لم يرجعوا حتي يمسحوا أيديهم علي القبر أ فسنة ذلك أم بدعة؟ فقال: ذلك واجب علي من لم يحضر الصلاة عليه «2».

(2) ما ذكره قريب من المذكور في حديث محمد بن مسلم قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام في جنازة رجل من أصحابنا فلما أن دفنوه قام الي قبره فحثا التراب عليه مما يلي رأسه ثلاثة بكفه ثم بسط كفه علي القبر ثم قال: اللهم جاف الارض عن جنبيه و أصعد إليك روحه و لقه منك رضوانا و أسكن قبره من رحمتك ما يغنيه به عن رحمة من سواك ثم مضي «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب الدفن الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب الدفن الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 484

رافعا صوته (1) و أن يكتب اسم الميت علي القبر أو علي لوح أو حجر و ينصب علي القبر (2).

[مسألة 290: يكره دفن الميتين في قبر واحد]

(مسألة 290): يكره دفن الميتين في قبر واحد (3).

______________________________

(1) كما في جملة من النصوص الواردة في الباب 35 من أبواب الدفن من الوسائل منها: ما رواه يحيي بن عبد اللّه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ما علي أهل الميت منكم أن

يدرءوا عن ميتهم لقاء منكر و نكير قال:

قلت: كيف نصنع؟ قال: اذا افرد الميت فليتخلف (فليستخلف) عنده أولي الناس به فيضع فمه عند رأسه ثم ينادي بأعلي صوته: يا فلان ابن فلان أو يا فلانة بنت فلان هل أنت علي العهد الذي فارقتنا عليه من شهادة أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله سيد النبيين و أن عليا أمير المؤمنين و سيد الوصيين و أن ما جاء به محمد حق و أن الموت حق و البعث حق (و ان الساعة آتية لا ريب فيها) و أن اللّه يبعث من في القبور «1».

(2) لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب قال: لما رجع أبو الحسن موسي عليه السلام من بغداد و مضي الي المدينة ماتت له ابنة بفيد فدفنها و أمر بعض مواليه أن يحبص قبرها و يكتب علي لوح اسمها و يجعله في القبر «2».

(3) و هو المشهور بينهم- كما في الحدائق- و استدل عليه في كلماتهم بجملة من الامور: منها: احتمال تأذّي أحدهما بالاخر و افتضاحه عنده و عدم تمامية هذا الوجه لا يحتاج الي البيان.

و منها مكاتبة محمد بن الحسن الصفار قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام:

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب الدفن الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب الدفن الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 485

و نزول الاب في قبره ولده (1)

______________________________

أ يجوز أن يجعل الميتين علي جنازة واحدة في موضع الحاجة و قلة الناس و ان كان الميتان رجلا و امرأة يحملان علي سرير واحد و يصلي عليهما؟ فوقع عليه السلام: لا يحمل الرجل مع المرأة علي سرير واحد «1».

بتقريب: أن المدعي

في الجملة يستفاد من هذه الرواية. و فيه: أنه لا ربط بين الموردين و القياس باطل.

و منها: ما رواه الا صبغ بن نباته قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

من جدد (جدث) قبرا أو مثل مثالا فقد خرج عن (من) الإسلام «2».

بناء علي قراءة جدث بتقريب أن الجدث عبارة عن القبر فتجديث القبر جعل القبر قبرا لميت آخر.

و فيه: مضافا الي ضعف السند بمحمد بن سنان لا دليل علي كون الكلمة كذلك و مجرد الاحتمال لا يترتب عليه أثر.

و منها: ما روي عنهم عليهم السلام: «لا يدفن في قبر واحد اثنان «3»» و من الظاهر انه لا يترتب اثر علي مثل هذا المرسل و مثله ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله: «انه أفرد كل واحد بقبر» «4» فان فعله صلي اللّه عليه و آله علي فرض تسلمه لا يدل علي الوجوب.

(1) لجملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 25 من أبواب الدفن منها: ما رواه حفص بن البختري و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يكره للرجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الدفن

(2) الوسائل الباب 43 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) الحدائق ج 4 ص: 141

(4) عين المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 486

و غير المحرم في قبر المرأة (1) و اهالة الرحم التراب (2) و اهالة الرحم التراب (2) و فرش القبر بالساج من غير حاجة (3) و تجصيصه و تطيينه (4)

______________________________

أن ينزل في قبر ولده «1».

(1) لما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: مضت السنة من رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن المرأة لا يدخل في قبرها الامن يراها في

حياتها «2».

(2) لما رواه عبيد بن زرارة «3».

(3) لما رواه علي بن محمد القاساني قال: كتب علي بن بلال الي أبي الحسن عليه السلام انه ربما مات عندنا الميت و تكون الارض ندية فنفرش القبر بالساج أو يطبق عليه فهل يجوز ذلك؟ فكتب: ذلك جائز «4».

بتقريب: أنه يظهر من السائل ركوز المنع في ذهنه و الامام عليه السلام قرره علي اعتقاده و ارتكازه مضافا الي عدة امور مذكورة في هذا المقام و هي استحباب وضع خد الميت علي الارض و لما في وضعه علي التراب خشوع و خضوع و لأنه خلق من التراب و يعود فيه و لأنه اسراف للمال من غير مجوز و اللّه العالم.

(4) لما رواه علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن البناء علي القبر و الجلوس عليه هل يصلح؟ قال: لا يصلح البناء عليه و لا الجلوس

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الدفن الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 481

(4) الوسائل الباب 27 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 487

الا أن يكون الميت من أهل الشرف (1) و كذا تسنيمه (2)

______________________________

و لا تجصيصه و لا تطيينه «1».

(1) من الممكن أن الوجه فيما أفاده ما رواه يونس ابن يعقوب «2» و لا حظ ما رواه أبو عامر «3».

(2) قال في الجواهر: «عن أبي هريرة السنة التسطيح الا أن الشيعة استعملته فعد لنا عنه الي التسنيم بل الظاهر كراهة التسنيم لما في التذكرة من الاجماع عليه كالغنية: لا يسنم» «4» انتهي.

و استدل عليه بما رواه الاصبغ «5» بناء علي كونه بالحاء المهملة اي سنم و يدل علي المدعي ما عن

الرضا عليه السلام قال: و يربع قبر الميت و لا يسنم «6».

و مما استدل عليه ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: بعثني رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي المدينة فقال: لا تدع صورة الا محوتها و لا قبرا الا سويته و لا كلبا الا قتلته «7».

و يدل عليه ما رواه الاعمش عن جعفر بن محمد قال: و القبور تربع و لا تسنم «8».

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب الدفن الحديث: 1

(2) لاحظ ص. 484

(3) جامع احاديث الشيعة ج 3 ص 446 الحديث: 9

(4) الجواهر ج 4 ص 315

(5) لاحظ ص: 485

(6) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 5

(7) الوسائل الباب 43 من أبواب الدفن الحديث: 2

(8) الوسائل الباب 22 من أبواب الدفن الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 488

و البناء عليه (1) و المشي عليه (2) و الجلوس (3) و الاتكاء (4).

[مسألة 291: يكره نقل الميت من بلد موته إلي بلد آخر]

(مسألة 291): يكره نقل الميت من بلد موته الي بلد آخر (5).

______________________________

(1) و يدل عليه ما رواه علي بن جعفر «1» و يدل عليه أيضا حديث يونس و سليمان «2».

(2) عن المدارك: انه نسب الي الاصحاب من دون علم بالخلاف بل حكي عن الخلاف الاجماع عليه» اضف الي ذلك ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله لان أمشي علي جمرة أو سيف أو خصف و نعلي برجلي احب الي من ان أمشي علي قبر مسلم «3».

(3) كما في خبر علي بن جعفر «4».

(4) و استدل عليه في الجواهر بما يدل علي كراهة الجلوس بلحاظ وحدة المناط و هو تثقيل القبر أضف الي ذلك: أنه نقل عدم الخلاف فيه بل

قيل:

قام الاجماع عليه و لا يخفي انه لو استلزم الاتكاء هتك الميت يكون حراما لان الميت محترم كالحي كما في النص.

(5) قال في الحدائق: الظاهر انه لا خلاف بين أصحابنا في كراهة نقل الميت الي غير بلده الا الي المشاهد المشرفة» الي آخره «5».

و قال في الجواهر: «بلا خلاف اجده فيه بل في المعتبر و التذكرة و الذكري و جامع المقاصد و عن نهاية الاحكام و غيرها الاجماع عليه الخ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 486

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب الدفن الحديث: 2 و 3

(3) الجواهر ج 4 ص 351

(4) لاحظ ص: 486

(5) الحدائق ج 4 ص: 148

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 489

الا المشاهد المشرفة و المواضع المحترمة فانه يستحب و لا سيما الغري و الحائر (1).

______________________________

و ربما يستدل علي المدعي بما دل علي التعجيل في الدفن في الروايات لاحظ ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يا معشر الناس لا ألقين (الفين) رجلا مات له ميت ليلا فانتظر به الصبح و لا رجلا مات له ميت نهارا فانتظر به الليل لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس و لا غروبها عجلوا بهم الي مضاجعهم يرحمكم اللّه قال الناس: و انت يا رسول اللّه يرحمك اللّه «1» و غيره مما ورد في الباب 47 من أبواب الاحتضار من الوسائل، بعد الاجماع علي عدم وجوب التعجيل.

لكن هذه الروايات انما تقتضي استحباب التعجيل لا كراهة التأخير مضافا الي أنه ليس فيها عنوان النقل مع أن الكلام ظاهرا في كراهته بما هو مضافا الي أن النقل ربما لا ينافي التعجيل كما هو ظاهر نعم يمكن أن يستدل علي المدعي بما عن علي

عليه السلام انه رفع اليه ان رجلا مات بالرستاق فحملوه الي الكوفة فانهكهم عقوبة و قال: ادفنوا الاجساد في مصارعها و لا تفعلوا كفعل اليهود ينقلون موتاهم الي بيت المقدس و قال: انه لما كان يوم احد اقبلت الانصار لتحمل قتلاها الي دورها فأمر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله مناديا فنادي: ادفنوا الاجساد في مصارعها «2».

(1) قال في الجواهر: «فلا يكره بل يستحب بلا خلاف فيه أيضا بل في المعتبر انه مذهب علمائنا خاصة و فيه أيضا و الذكري و جامع المقاصد و عن غيرها أن عليه عمل الامامية من زمن الائمه عليهم السلام الي الان من غير تناكر

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 13 من أبواب الدفن الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 490

______________________________

قال في الذكري و كان اجماعا قلت: بل اقوي منه بمراتب و هو كاف في ثبوت الحكم المذكور» انتهي «1».

و يمكن الاستدلال عليه بجملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما مات يعقوب حمله يوسف عليهما السلام في تابوت الي ارض الشام فدفنه في بيت المقدس «2».

و لا يبعد كون السند معتبرا و مفاد الرواية يستفاد من رواية اخري و هي ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: لما مات يعقوب حمله يوسف عليه السلام في تابوت الي ارض الشام فدفنه في بيت المقدس «3».

و منها: ما يدل علي نقل موسي عظام يوسف الي الشام لاحظ ما رواه الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: ان اللّه أو حي الي موسي ابن عمران: أن أخرج عظام يوسف من مصر الي

أن قال: فاستخرجه من شاطئ النيل في صندوق مرمر فلما اخرجه طلع القمر فحمله الي الشام فلذلك تحمل أهل الكتاب موتاهم الي الشام «4».

و ما رواه يزيد الكناسي «5» و ما رواه قطب الراوندي «6».

و منها: ما يدل علي نقل عظام بعض الانبياء عليهم السلام الي محل آخر لاحظ ما رواه مفضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اللّه تبارك و تعالي أو حي الي

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 4 ص: 343

(2) مستدرك الوسائل الباب 13 من أبواب الدفن الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الدفن الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 7

(6) مستدرك الوسائل الباب 13 من أبواب الدفن الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 491

______________________________

نوح عليه السلام و هو في السفينة أن يطوف بالبيت اسبوعا كما أو حي اللّه اليه ثم نزل في الماء الي ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم عليه السلام فحمل التابوت في جوف السفينة حتي طاف بالبيت ما شاء اللّه أن يطوف ثم ورد الي باب الكوفة في وسط مسجدها ففيها قال اللّه للأرض ابلعي مائك فبلعت مائها من مسجد الكوفة كما بدء الماء من مسجدها و تفرق الجمع الذي كان مع نوح في السفينة فأخذ نوح التابوت فدفنه في الغري «1».

و يدل علي جواز النقل الي محل شريف و رجحانه عدة نصوص: منها ما رواه هارون بن خارجة قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول: من دفن في الحرم أمن من فرغ الاكبر، فقلت له: من بر الناس و فاجرهم؟ قال: من بر الناس و فاجرهم «2».

و منها: ما رواه محمد بن الحسن في المصباح قال: لا ينقل الميت من بلد الي

بلد فان نقل الي المشاهد كان فيه فضل ما لم يدفن و قد رويت بجواز نقله الي بعض المشاهد رواية و الاول أفضل «3».

و منها: ما رواه أيضا «4». و مما يدل علي المطلوب حديثا علي بن سليمان و سليمان قال: كتبت اليه أسأله عن الميت يموت بعرفات يدفن بعرفات أو ينقل الي الحرم؟ فايهما أفضل؟ فكتب: يحمل الي الحرم و يدفن فهو افضل «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) الوسائل الباب 44 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 492

و في بعض الروايات أن من خواص الاول اسقاط عذاب القبر و محاسبة منكر و نكير (1).

[مسألة 292: لا فرق في جواز النقل بين ما قبل الدفن و ما بعده اذا اتفق تحقق النبش]

(مسألة 292): لا فرق في جواز النقل بين ما قبل الدفن و ما بعده اذا اتفق تحقق النبش (2) بل لا يبعد جواز النبش لذلك اذا كان باذن الولي و لم يلزم هتك حرمة الميت (3).

______________________________

و منها ما رواه في مستدرك الوسائل في الباب 13 من أبواب الدفن الحديث:

2 و 3 و 7.

اضف الي ذلك كله أن التبرك و التيمن بالامكنة المباركة الشريفة بنفسها أمر محبوب قد علم من الشريعة المقدسة مضافا الي جميع ذلك ان السيرة من السلف جارية عليه فلا اشكال في محبوبية النقل الي الامكنة الشريفة للتوسل بذيل عناياتهم و جعل الميت بفنائهم رجاء التقرب الي اللّه تعالي لاحظ ما روي ان أمير المؤمنين عليه السلام نظر الي ظهر الكوفة فقال: ما احسن منظرك و أطيب قعرك اللهم اجعل قبري بها «1».

(1) لاحظ ما روي عن اهل البيت عليهم السلام ان من خواص تربته اسقاط عذاب القبر

و ترك محاسبة منكر و نكير للمدفون هناك «2».

(2) لعدم ما يقتضي الفرق بل مقتضي ما يدل علي جواز النقل هو الجواز للإطلاق اذ المفروض ان النقل لا يستلزم النبش.

(3) لم يظهر لي وجه التوقف علي اذن الولي الاعلي القول بأن التصدي لأمور الميت من حقوق الولي نعم علي تقدير الهتك لا يجوز لحرمته كما مر و أما

______________________________

(1) بحار الأنوار ج 100 ص 232 ذيل الحديث: 25

(2) بحار الأنوار ج 100 ص: 232 ذيل الحديث: 25

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 493

[مسألة 293: يحرم نبش قبر المؤمن علي نحو يظهر جسده]

(مسألة 293): يحرم نبش قبر المؤمن علي نحو يظهر جسده (1).

______________________________

جواز النبش في صورة عدم الهتك فلعدم دليل علي الحرمة علي الاطلاق فمع عدم الهتك يجوز بعين الوجوه المذكورة في وجه جواز النقل و رجحانه من التوسل بهم و التمسك بذيل عناياتهم و الاستشفاع بهم صلوات اللّه عليهم أجمعين بل يمكن الاستدلال علي الجواز حتي بعد الدفن بما ورد بالنسبة الي نقل عظام آدم و يعقوب و يوسف.

و لكن نتعرض في الفرع الآتي لقيام الدليل علي حرمة النبش.

(1) قال في الحدائق: «الظاهر أنه لا خلاف بين الاصحاب في حرمة النبش و قد ادعي علي ذلك الاجماع جمع منهم كالمحقق في المعتبر و العلامة في المنتهي و التذكرة و الشهيد في الذكري الخ «1».

و قال في الجواهر: «من غير خلاف فيه كما اعترف به بعضهم بل هو مجمع عليه بيننا كما في التذكرة و موضع من الذكري و جامع المقاصد و مجمع البرهان و عن كشف الالتباس بل و بين المسلمين كما في المعتبر و عن نهاية الاحكام و موضع آخر من الذكري الي آخره» «2».

و يمكن أن يستدل علي الحرمة بما ورد في حد

النبش لاحظ ما رواه ابراهيم بن هاشم «3» فان الظاهر من هذه الرواية ان النبش بنفسه حرام و موجب للحد و حمله علي سرقة الكفن كي يقال بأن الحد لأجل السرقة- كما في الحدائق-، لا وجه له و يدل علي أن النبش بنفسه يقتضي الحد ما رواه حفص بن

______________________________

(1) الحدائق 4 ص: 143

(2) جواهر الكلام ج 4 ص: 353

(3) لاحظ ص: 339

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 494

الا مع العلم باندراسه و صيرورته ترابا (1) من دون فرق بين الصغير و الكبير و العاقل و المجنون (2) و يستثني من ذلك موارد: منها:

ما اذا كان النبش لمصلحة الميت كالنقل الي المشاهد كما تقدم (3) أو لكونه مدفونا في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة أو بالوعة أو نحوهما (4) أوفي موضع يتخوف فيه علي بدنه من سيل أو سبع أو عدو (5).

و منها: ما لو عارضه أمر راجع أهم كما اذا توقف دفع مفسدة علي رؤية جسده (6).

______________________________

البختري «1» لكن المستفاد من حديث عيسي «2» عدم الحد علي النبش فيقع التعارض بين النافي و المثبت و الترجيح مع الثاني للأحدثية.

(1) لعدم صدق موضوع الحرمة فلا يحرم.

(2) لإطلاق النص و معقد الاجماعات.

(3) اذا قلنا بحرمة النبش فلا وجه للجواز للنقل الي المشاهد.

(4) لا يبعد أن يكون النص و معقد الاجماعات منصرفا عن المورد فلا يحرم.

(5) اذا قلنا بأن الحفظ عن السيل و السبع و امثالهما واجب و قلنا أيضا ان الخوف طريق شرعي لإحراز الموضوع يدخل المقام في باب التزاحم الا ان يقال: ان دليل حرمة النبش منصرف عن مثله و اللّه العالم.

(6) فان الاهمية توجب الرجحان في باب التزاحم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 339

(2) لاحظ ص: 339

مباني منهاج الصالحين،

ج 2، ص: 495

و منها: ما لو لزم من ترك نبشه ضرر مالي كما اذا دفن معه مال غيره من خاتم و نحوه فنبش لدفع ذلك الضرر المالي (1) و مثل ذلك ما اذا دفن في ملك الغير من دون اذنه أو اجازته (2). و منها: اذا دفن بلا غسل أو بلا تكفين أو تبين بطلان غسله أو بطلان تكفينه أو لكون دفنه علي غير الوجه الشرعي لوضعه في القبر علي غير القبلة و في مكان أوصي بالدفن في غيره أو نحو ذلك (3) فيجوز نبشه في هذه الموارد اذا لم يلزم هتك لحرمته (4) و الا ففيه اشكال (5).

[مسألة 294: لا يجوز التوديع المتعارف عند بعض الشيعة ايدهم اللّه تعالي بوضع الميت في موضع و البناء عليه]

(مسألة 294): لا يجوز التوديع المتعارف عند بعض الشيعة ايدهم اللّه تعالي بوضع الميت في موضع و البناء عليه ثم نقله الي المشاهد الشريفة بل اللازم أن يدفن بمواراته في الارض مستقبلا بوجهه القبلة علي الوجه الشرعي ثم ينقل بعد ذلك باذن الولي علي نحو لا يؤدي الي هتك حرمته (6).

______________________________

(1) يمكن أن يقال: ان الدفن في مثل الفرض لا يكون شرعيا فلا يكون النبش حراما.

(2) قد ظهر وجهه فان الدفن في ملك الغير لا يكون مشروعا.

(3) قد ظهر الوجه مما ذكرنا قريبا فان الدفن في غير مورد الوصية غير مشروع فوجوده كالعدم.

(4) بل يجب لما ذكرنا.

(5) للتزاحم.

(6) لا يبعد أن يكون الوجه فيما أفاده ان دفن الميت واجب و المذكور

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 496

[مسألة 295: إذا وضع الميت في سرداب جاز فتح بابه و إنزال ميت آخر فيه إذا لم يظهر جسد الأول]

(مسألة 295): اذا وضع الميت في سرداب جاز فتح بابه و انزال ميت آخر فيه اذا لم يظهر جسد الاول اما للبناء عليه أو لوضعه في لحد داخل السراب و أما اذا كان بنحو يظهر جسده ففي جوازه اشكال (1).

[مسألة 296: إذا مات ولد الحامل دونها]

(مسألة 296): اذا مات ولد الحامل دونها فان أمكن اخراجه صحيحا وجب (2) و الإجازة تقطيعه و يتحري الارفق فالارفق (3) و ان ماتت هي دونه شق بطنها من الجانب الأيسر إن احتمل دخله في حياته

______________________________

في المتن ليس مصداقا للدفن فلا يجوز بل يجب الدفن علي النحو الشرعي لكن نبشه بعد الدفن مشكل كما مر.

و ملخص الكلام: ان الدفن لو كان علي المقرر الشرعي لم يكن وجه لجواز نبشه فلاحظ و أما الاذن من الولي فهو يتوقف علي ولايته علي تجهيز الميت.

(1) الميزان في الجواز و عدمه كما يظهر من الماتن صدق عنوان النبش و عدمه.

(2) لعدم جواز تقطيع الولد.

(3) لان الضرورات تقدر بقدرها مضافا الي أنه لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديث وهب ابن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اذا ماتت المرأة و في بطنها ولد يتحرك يشق بطنها و يخرج الولد و قال في المرأة يموت في بطنها الولد فيتخوف عليها قال: لا بأس بأن يدخل الرجل يده فيقطعه و يخرجه «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب الاحتضار الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 497

و الا فمن اي جانب كان و اخرج (1) ثم يخاط بطنها و تدفن (2)

[مسألة 297: إذا وجد بعض الميت و فيه الصدر غسل و حنط و كفن و صلي عليه و دفن]

(مسألة 297): اذا وجد بعض الميت و فيه الصدر غسل و حنط و كفن و صلي عليه و دفن (3) و كذا اذ كان الصدر وحده أو بعضه

______________________________

(1) لوجوب حفظه مهما أمكن و قد ورد به النص لاحظ ما رواه ابن ابي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة تموت و يتحرك الولد في بطنها أ يشق بطنها و يخرج

الولد؟ قال: فقال: نعم و يخاط بطنها «1» و ساير ما ورد في الباب 46 من أبواب الاحتضار من الوسائل.

(2) كما دل عليه ما رواه عمر بن اذينة قال: يخرج الولد و يخاط بطنها «2».

(3) الظاهر ان وجوب الحنوط يتوقف علي وجود موضوعه من الاعضاء التي يجب الحنوط بالنسبة اليها و الا فلا وجه لوجوب التحنيط و نقل في الحدائق عن العلامة في المختلف انه قال: اذا وجد بعض الميت فان كان الصدر فحكمه حكم الميت يغسل و يكفن و يحنط و يصلي عليه و يدفن» الي آخر كلامه «3».

و قال أيضا في جملة كلامه: «فانه يشكل في وجوب الحنوط أولا من حيث عدم الدلالة علي هذه الكلية الي أن قال: ثم قال الشهيد في بعض تحقيقاته علي ما نقل عنه: ان كانت محال الحنوط موجودة فلا اشكال في الوجوب و ان لم تكن موجودة فلا اشكال في العدم و هو جيد» «4».

و كيف كان فوجوب الغسل و الكفن و الصلاة و الدفن هو المشهور بين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الحدائق ج 3 ص 422

(4) نفس المصدر ص: 425- 426

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 498

______________________________

القوم- علي ما يظهر من الكلمات- و ما يمكن أن يستدل به علي الوجوب امور:

الاول: الاستصحاب. و يرد عليه أولا: ان جريان الاستصحاب يتوقف علي تحقق الوجوب بأن عرض التقطيع بعد الموت و الا فلو فرض موت شخص بتقطيع بدنه فلا مجال لجريان الاستصحاب.

و ثانيا: يشترط في جريان الاستصحاب بقاء الموضوع و المفروض أن الموضوع بدن الميت و أما كل عضو فليس موضوعا للوجوب.

و ثالثا: ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد.

الثاني قاعدة

الميسور. و يرد عليه ان هذه القاعدة مخدوشة كما حقق في محله.

الثالث: ما رواه الفضل بن عثمان الاعور عن الصادق عن أبيه عليهما السلام في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة و وسطه و صدره و يداه في قبيلة و الباقي منه في قبيلة قال: ديته علي من وجد في قبيلته صدره و يداه و الصلاة عليه «1».

و تقريب الاستدلال بهذه الرواية علي المدعي أن الدليل علي وجوب الصلاة دليل علي غيرها بطريق أولي و يتوقف الاستدلال علي أن ذكر اليدين في كلام الامام عليه السلام من باب ذكرهما في كلام الراوي.

و كلا الامرين محل اشكال لا سيما الثاني فان رفع اليد عما اخذ في الموضوع في كلامه عليه السلام بلا دليل علي خلاف القاعدة.

الرابع مرفوعة احمد بن محمد أبي نصر البزنطي قال: المقتول اذا قطع

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 499

______________________________

أعضائه يصلي علي العضو الذي فيه القلب «1». بتقريب: ان المراد بما فيه القلب نفس العضو أي الصدر.

و فيه: انه خلاف الظاهر مضافا الي أن الرواية ضعيفة بالارسال و الرفع قال في المستمسك في هذا المقام: «و لذا قال في المعتبر و الذي يظهر لي انه لا يجب الصلاة الا ان بوجد ما فيه القلب أو الصدر و اليدان أو عظام الميت» ثم استدل للأخير الي أن قال: فلم يجعل الموضوع الصدر كما نسب الي المشهور بل جعل الموضوع أحد العناوين الثلاثة ما فيه القلب كما في المرفوع «2» و الصدر و اليدان كما في المصحح «3» و عظام الميت كما في صحيح ابن جعفر انه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن الرجل يأكله

السبع أو الطير فتبقي عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال: يغسل و يكفن و يصلي عليه و يدفن «4».

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الذي يختلج بالبال أن يقال: اذا وجدت عظام الميت بلا لحم يجب تغسيلها و تكفينها و الصلاة عليها و دفنها و الدليل عليه ما رواه ابن جعفر و أيضا يدل علي المدعي ما رواه خالد بن ماد القلانسي «5» و اذا وجد وسطه و صدره و يداه يصلي عليه و الدليل عليه ما رواه الفضل «6» فان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 498

(3) لاحظ ص: 498

(4) الوسائل الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 439

(6) لاحظ ص: 498

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 500

علي الاحوط وجوبا (1)

______________________________

قلنا بأن وجوب الصلاة يستلزم وجوب غيرها بالاولوية نلتزم بوجوبها لكن الكلام في الاولوية.

فالمتحصل أن العضو الذي فيه الصدر وحده لم يرد فيه دليل دال علي الصلاة عليه فضلا عن غيرها، نعم يستفاد من حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا قتل قتيل فلم يوجد الا لحم بلا عظم لم يصل عليه و اذا وجد عظم بلا لحم فصلي عليه «1» أن العظم تجب الصلاة عليه و لعل ما أفاده الماتن من وجوب الاحتياط بالنسبة الي الصدر وحده أو بعضه ناظر الي هذه الرواية لكن المذكور فيها خصوص الصلاة الا أن يقال: ان وجوب الصلاة يستلزم وجوب غيرها بالاولوية و مقتضي هذه الرواية ان العظم مطلقا تجب الصلاة عليه لكن يرفع اليد عن هذا الاطلاق لحديث الفضل بن عثمان «2» حيث انه يستفاد منه ان مجرد العظم لا يكفي في وجوب الصلاة.

و يؤيد المدعي أن لم يدل

عليه ما رواه خالد بن ما القلانسي «3» فان المستفاد من هذا الحديث ان الصلاة تختص بالنصف الذي فيه قلبه و لا يخفي ان رواية الفضل من حيث السند مخدوش.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط لكن لا وجه للزومه فان المستفاد من النصوص أنه لو بقيت العظام يجب تغسيلها و تكفينها و الصلاة عليها و دفنها و اذا وجدت عضو فيه الصدر و معه اليدان تجب الصلاة فتأمل و أما في غيرها تين الصورتين فالحكم مبني علي الاحتياط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 8

(2) لاحظ ص. 489

(3) لاحظ ص: 439

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 501

و في الاخيرين يقتصر في التكفين علي القميص و الازار و في الاول يضاف اليهما المئزر ان وجد له محل (1) و ان وجد غير عظم الصدر مجردا كان أو مشتملا علي اللحم غسل و حنط و لف بخرقة و دفن علي الاحوط وجوبا و لم يصل عليه (2) و ان لم يكن فيه عظم لف بخرقة و دفن علي الاحوط وجوبا (3).

[مسألة 289: السقط اذا تم له أربعة أشهر غسل و حنط و كفن]

(مسألة 289): السقط اذا تم له أربعة أشهر غسل و حنط و كفن (4)

______________________________

(1) لم يظهر وجه التفصيل اذ لو قلنا بأن اطلاق دليل التكفين محكم فيكفي مجرد صدقه باي نحو كان في جميع موارده و ان قلنا بأن العرف يفهم من دليل التكفين هو المعهود فلا بد من رعاية جميع اجزائه من الازار و القميص و المئزر الا ان يقال: بأنه مع عدم موضوع للمئزر لا مجال لوجوبه.

(2) في كلامه موارد للنظر منها ان الحنوط لا وجه له و منها انه اي دليل دل علي وجوب المذكورات و ما الوجه في التفصيل بينها و

بين الصلاة.

(3) لم نجد عليه دليلا نعم وجوب الدفن لا يبعد أن يكرن اجماعيا.

(4) أما وجوب غسله فقد ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن السقط اذا استوت خلقته يجب عليه الغسل و اللحد و الكفن؟ قال: نعم كل ذلك يجب عليه اذ استوي «1».

و الظاهر صحة الرواية بأحد سنديها انما الكلام في أن الحكم علق علي عنوان الاستواء لكن فسر في رواية الحسن بن الجهم قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: قال أبو جعفر عليه السلام: ان النطفة تكون في الرحم أربعين يوما ثم تصير علقة أربعين يوما ثم تصير مضغة أربعين يوما

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 502

و لم يصل عليه (1) و اذا كان لدون ذلك لف بخرقة و دفن علي الاحوط وجوبا (2)

______________________________

فاذا كمل أربعة أشهر بعث اللّه ملكين خلاقين فيقولان: يا رب ما تخلق ذكرا أو انثي فيؤمر ان الحديث «1» و مثله رواية محمد بن اسماعيل أو غيره «2».

و لا يعارض الرواية ما رواه محمد بن الفضيل قال: كتبت الي أبي جعفر عليه السلام أسأله عن السقط كيف يصنع به؟ فكتب الي: السقط يدفن بدمه في موضعه «3»، فان النسبة بينهما بالاطلاق و التقييد و العموم و الخصوص مضافا الي ضعف سند رواية محمد بن فضيل به و بغيره فلا تعارض هذا بالنسبة الي التغسيل و أما وجوب التكفين و الدفن فيدل عليهما أيضا حديث سماعة فان السؤال عن وجوب هذه الامور فجوابه عليه السلام بقوله: «نعم كل ذلك يجب» يدل بالصراحة علي المدعي و أما الحنوط

فلم يظهر وجهه بل يمكن أن يقال:

بأنه يستفاد عدم وجوبه من حديث سماعة اذ الظاهر أن المركوز في ذهن السائل عدم وجوبه و هو عليه السلام قرره علي هذا الارتكاز.

(1) لعدم الدليل بل الدليل قائم علي عدم الوجوب بالتقريب المتقدم ذكره آنفا.

(2) قال في الحدائق: «و ذكر الاصحاب انه يجب لفه في خرقة و لم اقف علي مستنده» انتهي «4» بل مقتضي حديث محمد بن فضيل دفنه بلا لف فانه قال عليه السلام «يدفن بدمه» نعم لا بأس بلفه رجاء خروجا عن شبهة الخلاف فلاحظ.

______________________________

(1) الكافي ج 6 ص: 13/ الحديث: 3

(2) الكافي ج 6 ص: 16/ الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب غسل الميت الحديث: 5

(4) الحدائق ج 3 ص 409

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 503

لكن لو ولجته الروح حينئذ فالاحوط ان لم يكن أقوي جريان حكم الاربعة أشهر عليه (1).

[المقصد السادس غسل المس]

اشارة

المقصد السادس غسل المس يجب الغسل بمس الميت الانساني (2)

______________________________

(1) الظاهر ان الوجه فيه أن المستفاد من حديث سماعة أن الميزان في الوجوب ولوج الروح و المفروض تحققه فيجب و ما أفاده غير بعيد عن الاذهان العرفية فلاحظ.

(2) هذا هو المشهور عند القوم و عن الخلاف و غيره الاجماع عليه و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت: الرجل يغمض الميت أ عليه غسل؟ قال: اذا مسه بحرارته فلا و لكن اذا مسه بعد ما يبرد فليغتسل قلت: فالذي يغسله يغتسل؟ قال: نعم «1» الحديث.

و ربما يقال: بأنه مستحب و استدل عليه بجملة من الوجوه: الاول ما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: الغسل من سبعة: من

الجنابة و هو واجب و من غسل الميت و ان تطهرت أجزأك و ذكر غير ذلك «2».

و يرد عليه: أولا أن المستفاد منه أن غسل الميت لا يوجب الغسل و هو كذلك فان موضوع الوجوب مس الميت لا غسله و ثانيا أنه بعد المعارضة يكون الترجيح مع دليل الوجوب فان الشيخ الحر قال في وسائله: «هذه الرواية موافقة للعامة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب غسل المس الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 504

______________________________

فتحمل علي التقية».

الثاني: ما رواه الطبرسي قال: مما خرج عن صاحب الزمان عليه السلام الي محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري حيث كتب اليه: روي لنا عن العالم عليه السلام أنه سئل عن امام قوم يصلي بهم بعض صلاتهم و حدثت عليه حادثة كيف يعمل من خلفه؟ فقال يؤخر و يتقدم بعضهم و يتم صلاتهم و يغتسل من مسه التوقيع: ليس علي من مسه الا غسل اليد و اذا لم تحدث حادثة تقطع الصلاة تمم صلاته مع القوم «1».

و يرد عليه أولا: أن هذه مطلقة و مقتضي القاعدة تقييدها بما دل علي التفصيل بين المس قبل صيرورته باردا و بعده. و ثانيا علي تقدير تمامية المعارضة يقدم ما دل علي الوجوب و يحمل ما دل علي عدم الوجوب علي التقيه.

الثالث: عده في عداد الاغسال المسنونة. فمقتضي دلالة السياق يكون غسل المس مستحبا لاحظ ما ارسله الصدوق قال: قال أبو جعفر عليه السلام:

الغسل في سبعة عشر موطنا: ليلة سبعة عشر من شهر رمضان و ليلة تسعة عشر الي أن قال: و اذا غسلت ميتا و كفنته أو مسسته بعد ما يبرد «2».

و فيه: أن قرينة السياق لا تقاوم النصوص

الدالة بالظهور بل بعضها بالصراحة علي الوجوب و ان شئت قلت: الدلالة السياقية عبارة عن عدم الدليل علي الوجوب لكن لا تدل علي عدم الوجوب.

الرابع: ما رواه سعيد بن أبي خلف قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الغسل في أربعة عشر موطنا واحد فريضة و الباقي سنة «3».

و فيه: أولا ان الرواية ضعيفة سندا و ثانيا لا تدل لفظة «السنة» علي الاستحباب

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب غسل المس الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الجنابة الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 505

بعد برده (1) و قبل اتمام غسله (2) مسلما كان أو كافرا (3) حتي السقط اذا ولجته الروح (4)

______________________________

بل يمكن أن يكون المراد بالفرض ما فرضه اللّه في قبال ما سنه النبي صلي اللّه عليه و آله.

(1) كما فصل في النصوص لاحظ ما رواه اسماعيل بن جابر قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام حين مات ابنه اسماعيل الاكبر فجعل يقبله و هو ميت فقلت: جعلت فداك أ ليس لا ينبغي أن يمس الميت بعد ما يموت و من مسه فعليه الغسل؟ فقال: أما بحرارته فلا بأس انما ذاك اذا برد «1».

(2) عن الجواهر: «انه اجماعي بقسميه» و عن المنتهي: «انه مذهب علمائنا» مضافا الي النص الخاص الدال علي المدعي لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: مس الميت عند موته و بعد غسله و القبلة ليس بها بأس «2».

(3) لإطلاق النصوص و نقل عن بعض: اختصاص الحكم بخصوص المسلم بدعوي أن الحكم مختص بما يقبل الطهارة و المفروض أن الكافر لا يقبل الطهارة مضافا

الي أن الكافر لا يزيد علي البهائم فلا يجب الغسل بمسه.

و فيه: أن المحكم كما قلنا اطلاق النصوص و مقتضاه عدم الفرق غاية الامر بالنسبة الي الكافر لا يتحقق امد الحكم لأجل عدم قابليته للطهارة و أما كونه كالبهائم فهو تخرص بالغيب.

(4) لإطلاق النصوص فان الموضوع عنوان الميت و مقتضي الاحتياط تسرية

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب غسل المس الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب غسل المس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 506

و ان لم يتم له أربعة أشهر علي الاحوط (1) و لو غسله الكافر لفقد المماثل أو غسل بالقراح لفقد الخليط أو أقل من ثلاثة أغسال لعوز الماء فالاقوي عدم وجوب الغسل بمسه (2) و لو يمم الميت للعجز عن تغسيله فالظاهر وجوب الغسل بمسه (3).

______________________________

الحكم الي مطلق السقط لكن الظاهر اشتراط الحكم بمن ولجته الروح للتفصيل بين ما قبل البرودة و بعدها.

(1) من حيث تمامية الملاك المستفاد من الادلة و بعبارة اخري اذا كان الملاك تحقق الحياة فالملاك موجود في مفروض الكلام.

(2) فان مقتضي اطلاق عدم وجوب الغسل اذا كان المس بعد تغسيله عدم الفرق بين التام و الناقص و بعبارة اخري: المستفاد من النصوص سقوط غسل المس بتغسيل الميت و الانصراف الي الغسل التام بلا وجه فلا يصار اليه فلاحظ.

(3) ربما يقال: بأن مقتضي اطلاق دليل وجوب الغسل بالمس عدم الفرق بين أن يكون قبل التيمم و بعده و لا يخفي أن هذا التقريب انما يتم فيما لا يكون اطلاق لدليل بدلية التيمم و الا يكون مقتضي القاعدة تقديم ذلك الدليل.

و مما يمكن أن يستدل به علي المدعي استصحاب بقاء الوجوب حتي بعد التيمم. و فيه: اولا: أنه من

الاستصحاب التعليقي الذي يكون محل الاشكال.

و ثانيا: أن الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باصالة عدم الجعل الزائد فلا بد من ملاحظة ادلة بدلية التيمم و مقدار دلالتها فان تم الاطلاق لم يصح ما أفاده في المتن من عدم الكفاية.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان مقتضي النصوص الدالة علي بدلية التراب

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 507

______________________________

عن الماء ترتب آثار الماء عليه لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب فتيمم بالصعيد و صلي ثم وجد الماء قال: لا يعيد ان رب الماء رب الصعيد فقد فعل أحد الطهورين «1».

و ما رواه علي بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: أتيمم و اصلي ثم أجد الماء و قد بقي علي وقت فقال: لا تعد الصلاة فان رب الماء هو رب الصعيد «2».

و ما رواه محمد بن حمران و جميل بن دراج جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان اللّه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «3».

و ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يجد الماء أ يتيمم لكل صلاة؟ فقال: لا هو بمنزلة الماء «4».

و ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: يا با ذر يكفيك الصعيد عشر سنين «5».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان التيمم أحد الطهورين «6».

ان قلت ان البدلية تختص بمورد لا يكون لغير الماء دخل فيه و في غسل الميت يكون لغير الماء أي السدر و الكافور دخل في الغسل.

قلت: يرد

عليه أولا أنه يلزم وجوب الغسل بالمس الواقع بعد الغسل

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب التيمم الحديث: 15

(2) نفس المصدر الحديث: 17

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 508

______________________________

بالماء القراح فقط في فرض عدم وجدان السدر و الكافور و ثانيا أن مقتضي اطلاق البدلية عدم الفرق.

و بعبارة اخري اما لا نلتزم بالبدلية في مثل غسل الميت فلا موضوع للبحث و اما نلتزم و علي الثاني نلتزم بترتب جميع الآثار الا أن يقوم دليل علي الخلاف.

و في المقام اشكال من ناحية اخري و هو أن الظاهر من ادلة البدلية بدلية التيمم عن الماء في رفع الحدث و لم يعلم في المقام أن الاثر للحدث أو للخبث أو لكليهما.

و فيه: أولا: لا وجه لتخصيص دليل البدلية في رفع الحدث بل مقتضي الاطلاق بدلية التراب عن الماء. و ثانيا: أن المستفاد من النصوص أن الميت يجنب بالموت فهو محدث بالاكبر مضافا الي نجاسته الخبثية فالتيمم يخرج الميت عن الجنابة و يترتب عليه ارتفاع النجاسة الظاهرية.

و محصل الكلام أنه قام الدليل أي النص «1» علي ان الميت عند فقدان الماء ييمم و من ناحية اخري دل الدليل علي أن التيمم يقوم مقام الغسل.

ان قلت: البدل الاضطراري لا يقوم مقام الاختياري بتمام المعني و الا يلزم أن لا يكون اضطراريا.

قلت: أولا يمكن أن يكون العمل الاضطراري وافيا بتمام الملاك بشرط أن يعرض الاضطرار بطبعه فلا ينقض بالاضطرار العارض باختيار المكلف بأن يعدم الماء مثلا.

______________________________

(1) لاحظ ص. 311

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 509

[مسألة 299: لا فرق في الماس و الممسوس بين أن يكون من الظاهر و الباطن]

(مسألة 299): لا فرق في الماس و الممسوس بين أن

يكون من الظاهر و الباطن و كونه مما تحله الحياة و عدمه ماسا و ممسوسا (1)

______________________________

و ثانيا: انا لا ندعي قيام العمل الاضطراري مقام الاختياري فانه يمكن أن يكون الصلاة مع التيمم فاقدة لمقدار من الملاك و لكن مع ذلك المرجع عموم دليل البدلية الا أن يقوم دليل علي الخلاف كما سبق فلاحظ.

(1) لإطلاق الادلة فان المذكور في حديث عاصم بن حميد قال: سألته عن الميت اذا مسه الانسان أ فيه غسل؟ قال فقال: اذا مسست جسده حين يبرد فاغتسل «1»، و حديت محمد بن الحسن الصفار قال: كتبت اليه: رجل أصاب يده أو بدنه ثوب الميت الذي يلي جلده قبل ان يغسل هل يجب عليه غسل يديه أو بدنه؟ فوقع عليه السلام: اذا أصاب يدك جسد الميت قبل أن يغسل فقد يجب عليك الغسل «2»، عنوان الميت و اطلاقه يقتضي عدم الفرق بين الموارد و مقتضي هذا الاطلاق تحقق الحكم بمس جسد الميت بلا فرق بين العضو الذي تحله الحياة و غيره.

و أما حديث الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما لم يجب الغسل علي من مس شيئا من الاموات غير الانسان كالطيور و البهائم و السباع و غير ذلك لان هذه الاشياء كلها ملبسة ريشا و صوفا و شعرا و وبرا و هذا كله ذكي لا يموت و انما يماس منه الشي ء الذي هو ذكي من الحي و الميت «3»، فلا اعتبار به سندا مضافا الي أن ظاهره غير معمول به فان الميت الحيوان لا يوجب الغسل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب غسل المس الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب غسل المس الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين،

ج 2، ص: 510

و العبرة في وجوب الغسل بالمس بالشعر أو بمسه بالصدق العرفي و يختلف ذلك بطول الشعر و قصره (1).

[مسألة 300: لا فرق بين العاقل و المجنون و الصغير و الكبير و المس الاختياري و الاضطراري]

(مسألة 300): لا فرق بين العاقل و المجنون و الصغير و الكبير و المس الاختياري و الاضطراري (2)

______________________________

و لو بمس جسده العاري عن الريش و غيره.

(1) لا يبعد أن يقال: ان المس بالشعر لا يوجب الغسل لانصراف الدليل بل لا يصدق المس و العرف ببابك و أما مس الشعر فيمكن أن يقال: انه لا يترتب عليه الاثر و الوجه فيه مضافا الي الانصراف حديثا عاصم و صفار «1» فان مقتضي الحديثين ان الموضوع لوجوب الغسل مس جسد الميت و مقتضي مفهوم الشرط عدم وجوب الغسل و لو مع مس الشعر فان الشعر لا يصدق عليه عنوان الجسد.

(2) فان الموضوع المذكور في الدليل مس جسد الميت و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين أفراد الماس فلو مسه مجنون ثم أفاق يجب عليه الغسل لتحقق الموضوع كما أن الامر كذلك لو مسه صغير ثم بلغ.

لكن في المقام اشكال و هو أن مقتضي حديث عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟ قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «2»، أن الطفل قبل الاحتلام

______________________________

(1) لاحظ ص. 509

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 511

[مسألة 301: إذا مس الميت قبل برده لم يجب الغسل بمسه]

(مسألة 301): اذا مس الميت قبل برده لم يجب الغسل بمسه (1) نعم يتنجس العضو الماس (2)

______________________________

لا يجري عليه القلم و مقتضي الاطلاق ارتفاع القلم تكليفا و وضعا و عليه لنا أن نقول:

حين تحقق المس لم

يتوجه اليه التكليف و بعد البلوغ لا موضوع و بعبارة اخري حين تحقق الموضوع لا يترتب عليه الحكم و بعد تحقق البلوغ لا يتجدد الموضوع.

ان قلت: علي هذا يلزم أن لا يكون المس الواقع حال النوم مؤثرا في وجوب الغسل و ان كان من البالغ و أني لنا بذلك؟

قلت: فرق بين المقامين فان البالغ حيث ان القلم جار عليه لا فرق في تحقق الموضوع ذي الحكم بين أن يكون في حال اجتماع شرائط التكليف و بين حال عدم الاجتماع كالنوم مثلا فالمتبع اطلاق دليل الوجوب و أما بالنسبة الي غير البالغ فالشارع الاقدس اعتبر ما صدر عنه كالعدم فلا تشتغل ذمته لا بالتكليف و لا بالوضع فلو أتلف مال الغير لا تشغل ذمته و بعد البلوغ لا مقتضي للاشتغال اذ المفروض انه لم يصدر عنه شي ء فالصادر في حال الصغر لا يكون موضوعا للحكم و بعد البلوغ لم يحدث موضوع جديد و أما البالغ فالاقتضاء بالنسبة اليه تام فلو مس في حال النوم بدن الميت يصير محدثا و ان كان الامر بالغسل لا يتوجه اليه حال النوم كما لو اجنب حال النوم فلاحظ.

(1) لان المستفاد من الادلة ان وجوب الغسل بعد البرد لاحظ ما رواه اسماعيل بن جابر «1».

(2) لكون الميت من الاعيان النجسة فينجس ما يلاقيه و لا وجه للتقييد بالبرودة

______________________________

(1) لاحظ ص: 505

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 512

بشرط الرطوبة المسرية في أحدهما (1) و ان كان الاحوط تطهيره مع الجفاف أيضا (2).

[مسألة 302: يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي أو الميت اذا كانت مشتملة علي العظم]

(مسألة 302): يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي أو الميت اذا كانت مشتملة علي العظم (3)

______________________________

لإطلاق الدليل لاحظ ما رواه ابراهيم بن ميمون قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام

عن رجل يقع ثوبه علي جسد الميت قال: ان كان غسل الميت فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه و ان كان لم يغسل فاغسل ما أصاب ثوبك منه يعني اذا برد الميت «1» و مثله حديث الحلبي «2».

(1) لان اليابس ذكي و قد دل عليه النص و هو ما رواه عبد اللّه بن بكير قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يبول و لا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط قال: كل شي ء يابس زكي «3» لكن الرواية مخدوشة بالبرقي.

(2) لعل الوجه في الاحتياط اطلاق حديثي ابراهيم و الحلبي فان النصين لم يقيد فيهما الملاقاة بالرطوبة و لكن المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي التقييد كما هو كذلك بالنسبة الي جميع الموارد.

(3) يظهر من الكلمات انه المشهور فيما بين القوم بل نقل عليه الاجماع من الخلاف و ما يدل عليه من النصوص مرسل أيوب بن نوح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة فاذا مسه انسان فكل ما كان فيه عظم فقد وجب علي من يمسه الغسل فان لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل المس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 513

دون الخالية منه (1) و دون العظم المجرد من الحي (2) أما العظم المجرد من الميت أو السن منه فالاحوط استحبابا الغسل بمسه (3)

______________________________

و المرسل لا يعتد به.

و يدل علي المدعي ما في الفقه الرضوي. قال عليه السلام: و ان مسست شيئا من جسده اكله السبع فعليك الغسل

ان كان في ما مسست عظم و ما لم يكن فيه عظم فلا غسل عليك في مسه «1».

و لا اعتبار بهذه الرواية سندا فالحكم مبني علي الاحتياط.

و لا يخفي أن الرواية الثانية في القطعة المبانة من الميت و أما الرواية الاولي فموردها- ظاهرا- المبانة من الحي و تسرية الحكم بالرواية الي المبانة من الميت بنحوين: أحدهما انه عليه السلام قال: «فهي ميتة» فيعلم ان الميزان صدق الميتة و لا فرق في هذه الجهة بين الموردين ثانيهما: مفهوم الموافقة و الاولوية لكن عمدة الاشكال في سند الرواية.

(1) لعدم المقتضي للوجوب بل صرح في مرسل أيوب بعدمه و كذلك في رواية فقه الرضا عليه السلام.

(2) ربما يقال: بأنه يجب الغسل بمس العظم المجرد لدوران الوجوب مداره في حديث أيوب.

و فيه: ما فيه فان دوران الوجوب مداره في القطعة المبانة لا يقتضي الوجوب في العظم المجرد.

(3) يمكن أن يكون الوجه في الاحتياط الخروج عن شبهة الخلاف و أما حديث اسماعيل الجعفي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن مس عظم

______________________________

(1) المستدرك الباب 2 من أبواب غسل المس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 514

[مسألة 303: اذا قطع السن من الحي و كان معه لحم يسير لم يجب الغسل بمسه]

(مسألة 303): اذا قطع السن من الحي و كان معه لحم يسير لم يجب الغسل بمسه (1)

[مسألة 304: يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد و المشاهد و المكث فيها و قراءة العزائم]

(مسألة 304): يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد و المشاهد و المكث فيها و قراءة العزائم (2) نعم لا يجوز له مس كتابة القرآن و نحوها مما لا يجوز للمحدث (3) و لا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة الا بالغسل و الاحوط ضم الوضوء اليه و ان كان الاظهر عدم وجوبه (4).

______________________________

الميت قال: اذا جاز سنة فليس به بأس «1» فمضافا الي ضعف سنده بعبد الوهاب لا يكون المراد منه واضحا نعم علي القول باعتبار الاستصحاب التعليقي يمكن اثبات الوجوب بالاستصحاب لكن الاستصحاب التعليقي غير تام مضافا الي أن الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باصالة عدم الجعل الطويل.

(1) الظاهر أن الوجه في عدم الوجوب في مفروض الكلام عدم صدق الموضوع اذ الموضوع في الرواية عنوان قطعة لحم فيه عظم.

(2) لعدم دليل علي الحرمة و قياس المقام علي الجنب و الحائض بلا وجه و ان شئت قلت: لا دليل علي الملازمة بين الحدث الاكبر و حرمة هذه الامور.

(3) عن المدارك انه توقف في كونه شرطا في شي ء من العبادات و لا مانع من أن يكون واجبا نفسيا كغسل الجمعة عند من يري وجوبه و لكنه خلاف الظاهر من الادلة اذ العرف يفهم من ادلة كونه حدثا انه لا يزول الا بالغسل فلاحظ.

(4) كما مر و تعرضنا للمسألة في او اخر بحث الحيض و الحق ان الغسل علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل المس الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 515

[المقصد السابع الأغسال المندوبة زمانية و مكانية و فعلية]

اشارة

المقصد السابع الاغسال المندوبة زمانية و مكانية و فعلية:

[الأول الأغسال الزمانية]
اشارة

الاول الاغسال الزمانية و لها أفراد كثيرة:

منها: غسل الجمعة و هو أهمها حتي قيل بوجوبه (1) لكنه ضعيف (2).

______________________________

الاطلاق يجزي عن الوضوء لاحظ ما رواه عمار الساباطي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده؟ فقال: لا ليس عليه قبل و لا بعد قد أجزأه الغسل و المرأة مثل ذلك اذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل و لا بعد قد أجزأها الغسل «1».

(1) نسب هذا القول الي الصدوق و والده و الكليني و الشيخ سليمان بن عبد اللّه البحراني و نقل في الحدائق عن البهائي الميل اليه.

(2) قال في الجواهر في هذا المقام: «علي المشهور بين الاصحاب شهرة كادت تكون اجماعا بل هي كذلك».

منشأ الخلاف اختلاف النصوص فانه يظهر من جملة منها وجوب غسل الجمعة فمن تلك النصوص ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الغسل يوم الجمعة علي الرجال و النساء في الحضر و علي الرجال في السفر و ليس علي النساء في السفر «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:

سألت عن الغسل يوم الجمعة فقال: واجب علي كل ذكر أو انثي عبد أو حر «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب الجنازة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 516

______________________________

و منها: ما رواه هشام بن الحكم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ليتزين أحدكم يوم الجمعة

يغتسل و يتطيب «1».

و منها ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا تدع الغسل يوم الجمعة فانه سنة و شم الطيب الي أن قال: و قال الغسل واجب يوم الجمعة «2».

و منها: ما رواه محمد بن عبد اللّه (عبيد اللّه) قال: سألت الرضا عليه السلام عن غسل يوم الجمعة فقال: واجب علي كل ذكر و انثي من عبد أو حر «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: اغتسل يوم الجمعة الا أن تكون مريضا أو تخاف علي نفسك «4».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث الجمعة قال:

و الغسل فيها واجب «5».

و منها: ما رفعه محمد بن أحمد بن يحيي قال: غسل الجمعة واجب علي الرجال و النساء في السفر و الحضر الا أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء «6».

و منها: ما رواه المفيد قال و عن العبد الصالح عليه السلام انه قال: يجب غسل الجمعة علي كل ذكر و اثني من حر أو عبد «7».

و منها: ما رواه ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من جاء

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) نفس المصدر الحديث: 13

(6) نفس المصدر الحديث: 17

(7) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 517

______________________________

الي الجمعة فليغتسل «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجمعة فقال: واجب في السفر و الحضر الا انه رخص للنساء في السفر و قلة الماء «2».

و منها: ما رواه عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل

ينسي الغسل يوم الجمعة حتي صلي قال: ان كان في وقت فعليه أن يغتسل و يعيد الصلاة و ان مضي الوقت فقد جازت صلاته «3».

و منها: ما رواه أبو بصير أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدع غسل يوم الجمعة ناسيا أو متعمدا فقال: اذا كان ناسيا فقد تمت صلاته و ان كان متعمدا فليستغفر اللّه و لا يعد «4».

و منها: ما رواه محمد بن الحسين عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال لأصحابه: انكم تأتون غدا منزلا ليس فيه ماء فاغتسلوا اليوم لغد فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة «5».

و منها ما رواه الحسين بن موسي بن جعفر عن امه و أمّ احمد (ابن) ابنة موسي بن جعفر قالتا: كنا مع أبي الحسن عليه السلام بالبادية و نحن نريد بغداد فقال: لنا يوم الخميس: اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة فان الماء بها غدا قليل فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة «6».

و منها: ما رواه حريز عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر عليه السلام قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 21

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 518

______________________________

لا بد من الغسل يوم الجمعة في السفر و الحضر و من نسي فليعد من الغد «1».

و منها: ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة في أول النهار قال: يقضيه آخر النهار فان لم يجد فليقضه من يوم السبت «2».

و منها: ما رواه

عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة قال: يغتسل ما بينه و بين الليل فان فاته اغتسل يوم السبت «3».

و استدل صاحب الحدائق قدس سره علي الاستحباب بجملة من الوجوه:

الاول: أصل البراءة بدعوي ان النصوص التي استدل بها علي الوجوب لا دلالة فيها علي المدعي فان الوجوب في اصطلاح أهل البيت ليس ظاهرا فيما يقابل الندب فالمرجع اصالة البراءة عن الوجوب.

و فيه: ان ظهور جملة من النصوص في الوجوب و اللزوم مما لا ينكر و العرف ببابك و لا اشكال في أنه يستفاد اللزوم من قولهم عليهم السلام «العمل الفلاني واجب» فان الوجوب بقول مطلق ظاهر في اللزوم بلا كلام و العرف شاهد.

الثاني ما رواه علي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل العيدين أو اجب هو؟ قال هو سنة قلت: فالجمعة؟ قال: هو سنة «4».

بتقريب: ان الراوي سأل عن الامام عن وجوب غسل الجمعة فاجاب عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 519

______________________________

السلام بأنه سنة فانه يستفاد من الرواية أن غسل الجمعة ليس واجبا.

و ما أفاده تام لكن السند مخدوش بعلي اذ الظاهر- كما يقول صاحب الحدائق- هو ابن أبي حمزة و هو الكذاب مضافا الي ان القاسم الموجود في السند غير معلوم الحال.

الثالث ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الغسل في الجمعة و الاضحي و الفطر قال: سنة و ليس بفريضة «1» بتقريب: ان عد غسل الجمعة في عداد غسل

العيدين: الفطر و الاضحي دال علي عدم وجوبه.

و فيه: ان السنة أعم من الوجوب و الاستحباب و مجرد عده في عداد غير الواجب لا يقتضي عدم الوجوب و ارادة الجامع من السنة لا يقتضي استعمال اللفظ في أكثر من معني واحد كما هو ظاهر و بما ذكر يظهر تقريب الاستدلال و الجواب عنه في جملة من الروايات مثل ما رواه زرارة «2» و ما رواه هشام بن الحكم «3» و ما عن فقه الرضا عليه السلام «4».

الرابع: ما رواه الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن الاول عليه السلام كيف صار غسل الجمعة واجبا؟ فقال: ان اللّه أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة و أتم صيام الفريضة بصيام النافلة و أتم وضوء النافلة (الفريضة) بغسل يوم الجمعة ما كان في ذلك من سهو أو تقصير أو نسيان أو نقصان «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 516 الرقم الثاني

(3) لاحظ ص: 516

(4) مستدرك الوسائل الباب 3 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 4

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 520

و وقته من طلوع الفجر الثاني يوم الجمعة (1)

______________________________

بتقريب: ان اتمام وضوء النافلة ليس واجبا فغسل الجمعة ليس واجبا و بتقريب آخر: - كما في كلام الشيخ الحر في الوسائل- ان اتمام الصلاة و الصوم ليس واجبا فلا يجب اتمام الوضوء.

و فيه: أولا: ان السند مخدوش- ان كان المراد بالحسين بن خالد الصير في كما وصفه به في الحدائق- لكن لا يبعد أن يكون المراد به الخفاف- كما في رجال سيدنا الاستاد-.

و ثانيا: ان المذكور في رواية الكافي وضوء الفريضة لكن من الظاهر ان اتمام صيام الفريضة ليس واجبا باتيان النافلة

مضافا الي تبديل وضوء الفريضة بوضوء النافلة في بعض النسخ فبهذه الرواية يمكن رفع اليد عن ادلة الوجوب مضافا الي أنه لو كان غسل الجمعة واجبا الزاميا لما خفي بل لذاع و شاع و كان واضحا عند الكل اضف الي ذلك كله ما أفاده في الجواهر من انه وجوبه اما نفسي أو غيري أما علي الاول فهو مناف لحصر الواجب من الاغسال و عدم ذكره فيها في الاخبار «1» و أما علي الثاني فلا يقول به المدعي.

(1) قال في الجواهر: «فلا يجوز تقديمه عليه في غير ما استثني بلا خلاف اجده فيه بل في الخلاف و التذكرة الاجماع عليه صريحا الي آخر كلامه.

و يمكن أن يستدل علي المدعي باضافة غسل الجمعة الي اليوم فما دام لم يتحقق اليوم لا يجوز الغسل.

اضف الي ذلك ما دل علي المدعي من النصوص لاحظ ما رواه زرارة عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الجنابة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 521

______________________________

احدهما عليهما السلام قال: اذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة و الجمعة «1» فان مقتضي مفهوم الشرطية عدم الاجزاء اذا وقع قبل الفجر لكن السند مخدوش بعلي بن سندي.

و لاحظ ما رواه فضيل و زرارة قالا: قلنا له: أ يجزي اذا اغتسلت بعد الفجر للجمعة؟ فقال: نعم «2» فانه يستفاد من الحديث: ان المذكور في ذهن السائل عدم الاجزاء قبل الفجر و انما يسئل عن الاجزاء بعد الفجر و الامام عليه السلام قرره علي ذلك.

و لاحظ ما رواه جميل بن دراج عن بعض اصحابنا عن احدهما عليهما السلام انه قال: اذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزأه عنه ذلك الغسل من كل غسل يلزمه في ذلك اليوم «3».

و

لاحظ ما رواه بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الليالي التي يغتسل فيها من شهر رمضان الي أن قال: و الغسل أول الليل قلت: فان نام بعد الغسل؟ قال: هو مثل غسل يوم الجمعة اذا اغتسلت بعد الفجر أجزأك «4».

مضافا الي السيرة الجارية علي عدم الاتيان به قبل الفجر. و استدل علي المدعي في الجواهر بأنه عبادة و العبادة توقيفية و المعلوم من التوقيف يوم الجمعة و أما قبله فلا.

ان قلت: علي القول بجريان البراءة عن الاكثر حتي في المستحبات ما المانع عن التمسك بالاصل لرفع الشرطية عن المقيد كالأصل الجاري في الاكثر

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعه ج 2 ص 421 الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(3) جامع احاديث الشيعه ج 2 ص 421 الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 11 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 522

الي الزوال (1).

______________________________

في الواجبات؟.

قلت: مقتضي الاستصحاب عدم تعلق الامر به قبل تحقق اليوم فمقتضاه عدم تعلق خطاب اليه فالمتحصل مما ذكرنا ان الامر كما أفاده الماتن.

(1) نقل صاحب الحدائق عن المعتبر: «أن عليه اجماع الناس و هذه الجملة تدل علي اتفاق جميع العلماء من العامة و الخاصة.

و يدل علي المدعي ما رواه: زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا تدع الغسل يوم الجمعة فانه سنة و شم الطيب و لبس صالح ثيابك و ليكن فراغك من الغسل قبل الزوال فاذا زالت فقم «1».

و يدل عليه أيضا ما أرسله الصدوق قال: و قال الصادق عليه السلام في علة غسل يوم الجمعة: ان الانصار كانت تعمل في نواضحها و أموالها فاذا كان يوم الجمعه حضروا المسجد فتأذي الناس با رواح

آباطهم و أجسادهم فامرهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالغسل فجرت بذلك السنة «2».

و يدل عليه أيضا ما رواه سماعة «3» فان الظاهر من هذه الرواية أن التأخير الي آخر النهار يوجب قضائه اذ القضاء يوم السبت لبس الا لأجل مضي وقت ادائه فيعلم أن التأخير الي آخر النهار أيضا كذلك.

و في المقام رواية رواها البزنطي عن الرضا عليه السلام قال: كان أبي يغتسل يوم الجمعة عند الرواح «4»، ربما يقال: بأن المستفاد منها جواز

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 15

(3) لاحظ ص: 518

(4) الوسائل الباب 11 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 523

و الاحوط أن ينوي فيما بين الزوال الي الغروب القربة المطلقة (1)

______________________________

التأخير الي العصر بل آخر النهار فان الرواح اما المقصود منه آخر النهار أو ما بين الزوال و الليل.

و يمكن أن يقال: انه لا يمكن الاعتماد علي هذه الروايه لهذا القول اذ المستفاد منها انه عليه السلام كان مستمرا علي هذا العمل و كيف يمكن استمراره عليه السلام علي ترك المستحب و الافضل اذ لا اشكال في أن غسل الجمعة قبل الزوال أفضل و لا يبعد أن يكون المراد بالرواح، الرواح الي الصلاة و هو وقت فضيلة غسل الجمعة.

و ان شئت قلت: انه لا اشكال في عدم رجحان ايقاعه في آخر النهار فاستمراره عليه السلام قرينة علي أنه ليس المراد من لفظ الرواح العشية و ان أبيت عما ذكرنا فلا أقل من الاجمال.

و ربما يقال: ان المستفاد من حديث عبد اللّه بن بكير «1» ان يوم الجمعة بتمامه زمان الغسل و يمكن أن

يقال: ان الراوي فرض الفوت فمعناه فوته في وقته المقرر فامره باتيانه الي الليل فالرواية ادل علي المقصود.

و عن الشيخ في الخلاف بقاء وقته الي أن يصلي الجمعة و لا يبعد أن يكون مراده انتهاء وقته الي زمان يجوز ايقاع الجمعة فيه و هو الزوال و الا يلزم عدم مشروعيته بالنسبة الي من لا تكون الجمعة مشروعة في حقه كالمسافر و المرأة و العبد و هو كما تري و كيف كان لا نعرف له دليلا.

(1) هذا طريق الجمع بين القولين و بهذا النحو من النية يسهل الخطب.

______________________________

(1) لاحظ ص: 518

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 524

و اذا فاته الي الغروب قضاه يوم السبت الي الغروب (1) و يجوز تقديمه يوم الخمس رجاء ان خاف اعواز الماء يوم الجمعة (2) و لو اتفق تمكنه منه يوم الجمعة أعاده فيه و اذا فاته حينئذ اعاده يوم السبت.

[مسألة 305: يصح غسل الجمعة من الجنب و الحائض]

(مسألة 305): يصح غسل الجمعة من الجنب و الحائض (3)

______________________________

(1) كما نص عليه في بعض النصوص لاحظ ما رواه عبد اللّه بن بكير «1» و لا يعارضه ما رواه ذريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل هل يقضي غسل الجمعة؟ قال: لا «2» فان المطلق يحمل علي المقيد و ان ابيت فاحمله علي التقية كما في كلام الشيخ الحر.

(2) قال في الجواهر: «و يجوز تعجيله يوم الخميس لمن خاف اعواز الماء علي المشهور بين الاصحاب الي آخر كلامه. و يدل عليه من النصوص ما ارسله محمد بن الحسين «3» و بدل عليه أيضا ما رواه الحسين او الحسن بن موسي بن جعفر «4» عليه السلام و لكن الحسن و الحسين لم يوثقا فالنص ضعيف سندا و عمل المشهور لا

يجبر ضعفه و الظاهر ان ما أفاده بعنوان الرجاء من جهة عدم دليل معتبر عليه.

و منه يظهر وجه ما أفاده بعده من الاعادة يوم الجمعة و إلا قضاه يوم السبت اذ مع صحة السند و تمامية الدلالة لا وجه للإتيان به ثانيا بل الاتيان به ثانيا تشريع الا مع اتيانه بقصد الرجاء فلاحظ.

(3) يمكن أن يستدل عليه بوجهين: أحدهما: اطلاق دليل استحباب غسل

______________________________

(1) لاحظ ص: 518

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 517

(4) لاحظ ص: 517

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 525

و يجزي عن غسل الجنابة و الحيض اذا كان بعد النقاء علي الاقوي (1)

و منها: غسل يوم العيدين (2).

______________________________

الجمعة فان مقتضي دليل استحباب الغسل عدم الفرق بين أفراد المكلفين فكما ان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين المسافر و الحاضر كذلك مقتضاه عدم الفرق بين الجنب و الحائض و غيرهما فيصح من الكل.

ثانيهما ما رواه زرارة فان مقتضي قوله عليه السلام «فاذا اجتمعت عليك حقوق اللّه اجزأها عنك غسل واحد «1»، صحة غسل الجمعة عن الجنب و الحائض.

(1) لا اشكال في اجزاء غسل واحد عن حقوق عديدة مع الاتيان به بنية كل واحد منها فان اشكال التداخل في المسببات لا مجال له في المقام اذ مع النص المذكور و غيره لا يبقي مجال لهذا الاشكال انما الكلام في فرض نية الجميع بأن يأتي الغسل للجمعة فقط أي يقصد الجمعة و لا يقصد غيرها فيمكن أن يقال بعدم الاجزاء لان الاجزاء علي خلاف القاعدة و انما نلتزم بالاجزاء و التداخل بمقدار دلالة الدليل و أما الزائد عليه فلا وجه له و حيث ان دلالة النص علي المدعي محل الاشكال لا يمكن الجزم

بالجوار و يمكن أن يكون الماتن ناظرا في فتواه الي قوله عليه السلام في حديث زرارة «أجزأك غسلك ذلك للجنابة و الحجامة» «2» الخ فان الظاهر من الرواية عرفا أن ينوي المذكورات حين الغسل فلاحظ.

(2) نقل عليه الاجماع مستفيضا- كما في الجواهر- و ربما يقال: بأنه واجب فانه نقل عن المجلسي في زاد المعاد انه اسند وجوبه الي بعض و هذا القول ضعيف اذ لو كان غسل العيدين واجبا لما خفي بل لذاغ و شاع و كان من الواضحات

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) عين المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 526

و وقته من الفجر (1)

______________________________

نعم لا اشكال في كونه من المستحبات المؤكدة و يدل عليه ذكره في كثير من النصوص بعبائر مختلفة مضافا الي الاجماعات المدعاة.

(1) اذ اضيف غسل العيدين في جملة من النصوص الي يومهما منها:

ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: الغسل من الجنابة و يوم الجمعة و العيدين «1».

و منها: ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اغتسل يوم الاضحي و الفطر و الجمعة «2».

و منها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الغسل من الجنابة و يوم الجمعة و يوم الفطر و يوم الاضحي «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «4» و اليوم لا يتحقق الا بتحقق الفجر مضافا الي أن العيد يتحقق بدخول اليوم و قبل الفجر ليلة العيد و ان اغمض عما ذكرنا فلا بد من حمل المطلق علي المقيد فانه امر بالغسل يوم الاضحي و الفطر في حديث الحلبي «5» و ما قيل من أن دليل المستحب لا يحمل

علي المقيد ليس تاما عندنا و ذكرنا في محله انه لا فرق بين الواجب و المستحب من هذه الجهة و المناط في الحمل و عدمه وحدة المطلوب و تعدده.

و يؤيد المدعي ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) مر آنفا.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 527

الي زوال الشمس (1)

______________________________

قال: سألته هل يجزيه أن يغتسل بعد طلوع الفجر؟ هل يجزيه ذلك عن غسل العيدين؟ قال: ان اغتسل يوم الفطر و الاضحي قبل الفجر لم يجزه و ان اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأه «1».

و يؤيد المدعي أيضا ما أرسله ابن طاوس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الغسل يوم الفطر سنة «2».

(1) ربما يقال: ان مقتضي الاستصحاب بقاء وقته الي المغرب و الاستصحاب المذكور معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد لكن لا نحتاج لإثبات المدعي الي الاستصحاب كي يرد عليه ما ذكر بل يكفي اطلاق جملة من الادلة لاحظ ما رواه الحلبي «3» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية و غيرها محبوبية ايقاع الغسل في اليوم في أي جزء منه.

و أما حديث ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الغسل من الجنابة و يوم الجمعة و يوم الفطر و يوم الاضحي و يوم عرفة عند زوال الشمس «4» فيدل علي أن زمان الاغتسال حين الزوال أو قريب منه.

و بعبارة اخري: ان المستفاد من هذا الخبر لزوم ايقاع هذه الاغسال عند الزوال و من الظاهر أنه مخالف لفتاوي الاصحاب و ظواهر الاخبار و السيرة الخارجية.

فالحق ان وقته يمتد الي الغروب كما احتمله في

العروة و قواه في الجواهر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 526

(4) الوسائل الباب: 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 528

و الاولي الاتيان به قبل الصلاة (1) و غسل ليلة الفطر (2) و الاولي الاتيان به أول الليل (3)

______________________________

و يستفاد من جملة من النصوص ان غسل العيد شرط للصلاة لاحظ ما رواه عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل ينسي أن يغتسل يوم العيد حتي يصلي قال: ان كان في وقت فعليه أن يغتسل و يعيد الصلاة و ان مضي الوقت فقد جازت صلاته «1».

و لاحظ ما رواه في العلل «2» و من الظاهر ان الكلام في المقام في استحبابه النفسي و لا يرتبط باشتراط صلاة العيدين به و علي تقدير تمامية الدليل نلتزم به و لا تنافي بين الامرين بأن نقول: يستحب غسل العيدين من الفجر الي الغروب و يشترط لزوما أو استحبابا في صلاة العيد.

(1) قد ظهر الوجه فيه.

(2) عن الغنية الاجماع عليه و يدل عليه من النصوص ما رواه الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان الناس يقولون: ان المغفرة تنزل علي من صام شهر رمضان ليلة القدر فقال: يا حسن ان القاريجار انما يعطي اجرته عند فراغه و ذلك ليلة العيد قلت: جعلت فداك فما ينبغي لنا أن نعمل فيها؟ فقال: اذا غربت الشمس فاغتسل «3».

(3) قال في الجواهر: «ظاهر المصنف كمعقد الاجماع الاجتزاء بأي جزء من الليل و هو كذلك».

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب

الاغسال المسنونة الحديث: 18

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 528

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 529

و يوم عرفة (1) و الاولي الاتيان به قبيل الظهر (2) و يوم التروية (3) و هو الثامن من ذي الحجة.

______________________________

و ربما يقال: بأن المستفاد من خبر ابن راشد توقيته بأول الليل و لا يبعد استفادة التوقيت اذ السائل سأله عما ينبغي فعله ليلة العيد فقال عليه السلام:

«اذا غربت الشمس فاغتسل» «1»، فيعلم ان وقت الغسل عند غروب الليل و لو لا ذلك كان ينبغي أن يقول: اغتسل فيها و اللّه العالم.

(1) لجملة من النصوص المذكورة في الباب الاول من أبواب الاغسال المسنونة منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: الغسل من الجنابة و يوم الجمعة و العيدين و حين تحرم و حين تدخل مكة و المدينة و يوم عرفة و يوم تزور البيت و حين تدخل الكعبة و في ليلة تسع عشرة واحدي و عشرين و ثلاث و عشرين من شهر رمضان و من غسل ميتا «2» مضافا الي الاجماع المدعي من الغنية و المدارك.

(2) عن ابن بابويه «ان غسل يوم عرفة قبل زوال الشمس» و لعله ناظر الي ما رواه ابن سنان «3» بدعوي ان الخبر في مقام بيان آخر الوقت و لا يخفي أن ظهور الخبر في أن وقت الغسل حين الزوال و لازمه ايقاع الغسل بعده مضافا الي أن ظاهره التحديد اللزومي فلا يكون دليلا علي استحباب تقديمه قبل الزوال فالحق امتداد

وقتة الي الغروب نظرا الي اطلاق الادلة.

(3) لجملة من النصوص منها: ما رواه الصدوق قال: قال أبو جعفر عليه السلام: الغسل في سبعة عشر موطنا: ليلة سبعة عشر من شهر رمضان الي أن

______________________________

(1) عين المصدر

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 527

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 530

و الليلة الاولي (1) و السابعة عشر (2) و الرابعة و العشرين من شهر رمضان (3).

______________________________

قال: و يوم التروية «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: الغسل في سبعة عشرة موطنا: ليلة سبع عشرة من شهر رمضان الي أن قال: و يوم التروية «2».

(1) كما نص عليه في بعض النصوص لاحظ ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام الي أن قال: و غسل أول ليلة من شهر رمضان مستحب «3».

و ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتاب كتبه الي المأمون قال: و غسل يوم الجمعة سنة الي أن قال: و أول ليلة من شهر رمضان و ليلة سبع عشرة و ليلة تسع عشرة و ليلة احدي و عشرين و ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان هذه الاغسال سنة «4».

و لاحظ ما أرسله في الاقبال باسناده الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

يستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان و ليلة النصف منه «5».

(2) و يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم «6».

(3) كما في حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر قال: ثم قال قال عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: اغتسل في ليلة أربعة و عشرين

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال

المسنونة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) الوسائل الباب 14 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 3

(6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 531

و ليالي القدر (1) و غسل من مس ميتا بعد تغسيله (2) و الغسل عند احتراق قرص الشمس في الكسوف (3).

[مسألة 306: جميع الأغسال الزمانية يكفي الإتيان بها في وقته مرة واحدة]

(مسألة 306): جميع الاغسال الزمانية يكفي الاتيان بها في

______________________________

و ما عليك أن تعمل في الليلتين جميعا «1».

(1) و قد ذكر في جملة من النصوص: منها: ما رواه معاوية بن عمار «2».

(2) كما لعله يستفاد من حديث عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يغتسل الذي غسل الميت و كل من مس ميتا فعليه الغسل و ان كان الميت قد غسل «3» فان صاحب الوسائل حمل الرواية علي الاستحباب.

(3) كما دل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال:

الغسل في سبعة عشر موطنا: ليلة سبع عشرة من شهر رمضان الي أن قال: و غسل الكسوف اذا احترق القرص كله فاغتسل «4».

و في المقام رواية أخري تدل علي أن الغسل واجب اذا فرض احتراق القرص و المكلف علم به و لم يصل و هي ما رواه الصدوق عن أبي جعفر عليه السلام قال فيه: و غسل الكسوف اذا احترق القرص كله فاستيقظت و لم تصل فعليك أن تغتسل و تقضي الصلاة «5» لكن الظاهر انه لا تنافي بين المقامين و يمكن حمل الغسل تارة بملاحظة الاحتراق و اخري بلحاظ الصلاة عند الاحتراق.

اضف الي ذلك أن الرواية مرسلة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 529

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب غسل المس الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 1

من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 11

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 532

وقته مرة واحدة (1) و لا حاجة الي اعادتها اذا صدر الحدث الاكبر أو الاصغر بعدها (2) و يتخير في الاتيان بها بين ساعات وقتها (3).

[الثاني: الأغسال المكانية]
اشارة

و الثاني: الاغسال المكانية و لها أيضا أفراد كثيرة كالغسل لدخول الحرم (4) و لدخول مكة (5) و لدخول الكعبة (6) و لدخول حرم الرسول صلي اللّه عليه و آله (7)

______________________________

(1) كما ثبت في الاصول من أنه يكفي المرة لتحقق الامتثال بها.

(2) لعدم ما يقتضي الاعادة.

(3) كما هو مقتضي التوقيت بين الحدين فلاحظ.

(4) كما دل عليه ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الغسل في أربعة عشر موطنا: غسل الميت الي أن قال و دخول الحرم «1» و يدل عليه أيضا ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: و غسل دخول الحرم يستحب أن لا تدخله الا بغسل «2».

(5) كما نص عليه في خبر ابن عمار «3».

(6) كما في خبر ابن عمار «4».

(7) كما في خبر الخصال قال: قال ابو جعفر عليه السلام: الغسل في سبعة عشر موطنا: ليلة سبعة عشر من شهر رمضان الي أن قال: و اذا دخلت الحرمين «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 529

(4) لاحظ ص: 529

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 533

و لدخول المدنية (1).

[مسألة 307: وقت الغسل في هذا القسم قبل الدخول في هذه الامكنة قريبا منه]

(مسألة 307) وقت الغسل في هذا القسم قبل الدخول في هذه الامكنة قريبا منه (2)

______________________________

(1) كما نص عليه في خبر معاوية بن عمار «1».

(2) مقتضي القاعدة الاولية عدم التقييد فان مقتضي اطلاق دليل الاستحباب ان الاتيان بالغسل قبل زمان الدخول و لو بيومين و لا أري وجها لمنع الاطلاق بل يمكن أن يقال: بأن مقتضي البراءة عدم التقييد بناء علي جريانها في المستحبات هذا بالنظر الي القواعد الاولية.

لكن الحق انه لا

اطلاق في النصوص اذ قد عبر في أكثر نصوص الباب بلفظ «حين تدخل» و المتفاهم العرفي من هذا اللفظ زمان الدخول كما أن قوله عليه السلام في حديث محمد بن مسلم «و اذا دخلت الحرمين» «2» يستفاد منه زمان الدخول فان الظاهر من لفظ «اذا» هو الزمان و ليست شرطية و عليه يحمل المطلقات علي المقيدات علي ما هو الميزان.

و في المقام حديثان ربما يستفاد منهما جواز التأخير الي بعد الدخول أحدهما ما رواه ذريح قال: سألته عن الغسل في الحرم قبل دخوله أو بعد دخوله؟ قال: لا يضرك أي ذلك فعلت و ان اغتسلت بمكة فلا بأس و ان اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكة فلا بأس «3».

ثانيهما ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا انتهيت الي الحرم ان شاء اللّه فاغتسل حين تدخله و ان تقدمت فاغتسل من بئر ميمون

______________________________

(1) لاحظ ص: 529

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 11

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 534

______________________________

أو من فخ أو من منزلك بمكة «1».

فيجوز تأخير الغسل المكاني الي دخول ذلك المكان لكن علي فرض تمامية الدلالة يكون الحديثان مختصين بمورد خاص و لا وجه لاستفادة العموم منهما.

و قال في الجواهر: «لكنه قد يحمل علي ارادة غسل دخول الكعبة أو المسجد أو غير ذلك» انتهي.

و لكنه خلاف الظاهر فانه كيف يحمل قول السائل في الحديث الاول حيث يقول: «عن الغسل في الحرم قبل دخوله أو بعد دخوله» علي هذا المعني و يمكن أن يكون الجار بمعني اللام لا الظرفية فاجاب عليه السلام صريحا بعدم الفرق بين الزمانين و أيضا

الظاهر من الحديث الثاني بل الصريح منه جواز التأخير.

و كيف كان لا بد في الخروج عن القاعدة الاولية من التماس دليل آخر.

و يستفاد من بعض النصوص أن غسل اليوم يكفي لليله و غسل الليل يكفي ليومه لاحظ ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: غسل يومك يجزيك لليلتك و غسل ليلتك يجزيك ليومك «2» و حمل اللام علي انتهاء الزمان أي الي يومك خلاف الظاهر.

و يعارضه ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: غسل يومك ليومك و غسل ليلتك لليلتك «3».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من اغتسل بعد طلوع الفجر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الاحرام الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 535

[الثالث: الأغسال الفعلية]
اشارة

و الثالث: الاغسال الفعلية و هي قسمان: القسم الاول ما يستحب لأجل ايقاع فعل كالغسل للإحرام (1) أو لزيارة البيت (2) و الغسل للذبح و النحر و الحلق (3) و الغسل بماء الفرات لزيارة الحسين عليه السلام (4) و الغسل للاستخارة أو الاستسقاء أو المباهلة مع الخصم (5) و الغسل لوداع

______________________________

كفاه غسله الي الليل في كل موضع يجب فيه الغسل و من اغتسل ليلا كفاه غسله الي طلوع الفجر «1».

(1) كما في حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الغسل في أربعة عشر موطنا غسل الميت الي أن قال: و غسل الاحرام «2».

(2) كما في حديث معاوية بن عمار «3».

(3) يمكن الاستدلال علي استحباب الغسل لهذه الامور بما رواه زرارة قال:

اذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة و الحجامة و عرفة

و النحر و الحلق و الذبح و الزيارة «4».

(4) كما في حديث يوسف الكناسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أتيت قبر الحسين عليه السلام فأت الفرات و اغتسل «5» لكن سند الرواية لا اعتبار به فان الظاهر ان نعيم بن الوليد الواقع في السند لم يوثق.

(5) كما دل عليه خبر سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: و غسل المباهلة واجب و غسل الاستسقاء واجب و غسل الاستخارة مستحب «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 529

(4) الوسائل الباب 43 أبواب الجنابة الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 29 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(6) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 536

قبر النّبيّ ص (1) و الغسل لقضاء صلاة الكسوف اذا تركها متعمدا عالما به مع احتراق القرص (2) و القسم الثاني ما يستحب بعد وقوع فعل منه كالغسل لمس الميت بعد تغسيله (3).

[مسألة 308: يجزي في القسم الأول من هذا النوع غسل أول النهار ليومه و أول الليل لليلته]

(مسألة 308) يجزي في القسم الاول من هذا النوع غسل أول النهار ليومه و أول الليل لليلته (4).

______________________________

(1) كما دل عليه خبر معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اذا اردت أن تخرج من المدينة فاغتسل ثم ائت قبر النبي صلي اللّه عليه و آله بعد ما تفرغ من حوائجك فودعه «1».

(2) كما دل عليه ما رواه الصدوق «2» و قد مر أنه يمكن القول بالوجوب بمقتضي هذه الرواية و قلنا: انه لا تنافي بين الامرين الا أن يقال: بأن عدم الوجوب قطعي.

(3) كما دل عليه ما رواه عمار الساباطي «3».

(4) النصوص الواقعة في المقام مختلفة فمنها ما يدل

علي ان غسل النهار يجزي للنهار و غسل الليل يكفي له لاحظ ما رواه عمر بن يزيد «4» و مثله حديثه الاخر «5» و منها ما يدل علي أن غسل الليل يكفي لليوم و بالعكس كرواية جميل «6» و يقع التعارض بين القسمين و النتيجة التساقط ان لم يكن

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب المزار الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 531

(3) لاحظ ص: 531

(4) لاحظ ص: 534

(5) لاحظ ص: 534

(6) لاحظ ص: 534

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 537

و قيل: لا يخلو القول بالاجتزاء بغسل الليل للنهار و بالعكس عن قوة (1) و الظاهر انتقاضه بالحدث بينه و بين الفعل (2)

______________________________

مرجح لأحدهما فلا بد من ملاحظة ادلة نفس تلك الامور و يعمل علي طبق الظواهر منها نعم في خصوص غسل الزيارة يمكن أن يقال بكفاية غسل النهار لليله لحديث اسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن غسل الزيارة يغتسل بالنهار و يزور بالليل بغسل واحد قال: يجزيه ان لم يحدث فان أحدث ما يوجب وضوءا فليعد غسله «1».

(1) قد ظهر وجهه و ما فيه فلاحظ.

(2) لجملة من النصوص منها ما رواه اسحاق بن عمار «2» و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن غسل الزيارة يغتسل الرجل بالليل و يزور بالليل بغسل واحد الجزيه ذلك؟ قال: يجزيه ما لم يحدث ما يوجب وضوءا فان حدث فليعد غسله بالليل «3».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل يغتسل للزيارة ثم ينام أ يتوضأ قبل أن يزور؟ قال: يعيد غسله لأنه انما دخل بوضوء «4».

و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة عن

أبي الحسن عليه السلام قال: قال لي: ان اغتسلت بمكة ثم نمت قبل أن تطوف فاعد غسلك «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب زيارة البيت الحديث: 2

(2) مر آنفا.

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب زيارة البيت الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 538

[مسألة 309: هذه الأغسال قد ثبت استحبابها بدليل معتبر]

(مسألة 309): هذه الاغسال قد ثبت استحبابها بدليل معتبر (1) و الظاهر أنها تغني عن الوضوء (2) و هناك أغسال اخر ذكرها الفقهاء في الاغسال المستحبة و لكنه لم يثبت عندنا استحبابها و لا بأس بالاتيان بهار جاءا و هي كثيرة نذكر جملة منها:

1- الغسل في الليالي الفرد من شهر رمضان المبارك (3)

______________________________

و منها: ما رواه النضر بن سويد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يغتسل للإحرام ثم ينام قبل أن يحرم قال: عليه اعادة الغسل «1».

و في المقام حديث يستفاد منه عدم انتقاض غسل الاحرام بالنوم و هو ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يغتسل للإحرام بالمدينة و يلبس ثوبين ثم ينام قبل أن يحرم قال: ليس عليه غسل «2» لكن يعارضه ما عن أبي الحسن عليه السلام «3» و يقدم علي ذلك للأحدثية فلاحظ.

(1) في ثبوت استحباب بعضها بدليل معتبر نقاش و اشرنا الي أن الحديث الدال علي استحباب الغسل لزيارة الحسين عليه السلام بماء الفرات سنده مخدوش لكن يمكن ان الماتن ظفر علي غير ذلك الحديث و اللّه العالم.

(2) قد مر الكلام من هذه الجهة في مسألة (179) و الامر كما أفاده و تدل عليه جملة من النصوص «4».

(3) قال في الجواهر في هذا المقام:

«لما رواه السيد في الاقبال في سياق

______________________________

(1) الوسائل الباب: 10 من أبواب الاحرام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) مر آنفا

(4) الوسائل الباب: 34 و 33 من أبواب الجنابة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 539

و جميع ليالي العشرة الاخيرة منه (1) و أول يوم منه (2).

2- غسل آخر في الليلة الثالثة و العشرين من شهر رمضان المبارك قبيل الفجر (3)

3- الغسل في يوم الغدير (4) و هو الثامن عشر من شهر ذي الحجة

______________________________

اعمال الليلة الثالثة من الشهر و فيها يستحب الغسل علي مقتضي الرواية التي تضمنت أن كل ليلة مفردة من جميع الشهر يستحب فيها الغسل و ذلك كاف في اثباته.

(1) لما أرسله علي بن عبد الواحد النهدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يغتسل في شهر رمضان في العشر الا و اخر في كل ليلة «1».

(2) استدل في الحدائق بما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: من أغتسل أول ليلة من السنة في ماء جار و صب علي رأسه ثلاثين غرفة كان دواء السنة و ان أول كل سنة أول يوم من شهر رمضان «2» و المذكور في هذه الرواية حسب نسخة الوسائل من اغتسل أول ليلة و لكن المذكور في الحدائق أول يوم و لا بد من مراجعة كتاب الاقبال للسيد قدس سره.

(3) لحديث بريد قال: رأيته اغتسل في ليلة ثلاث و عشرين مرتين مرة من أول الليل و مرة من آخر الليل «3».

(4) نقل في الجواهر عن السيد في كتاب الاقبال أنه ذكر حديثا عن الصادق

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 10

(2) نفس

المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 540

الحرام و في اليوم الرابع و العشرين منه (1)

4- الغسل يوم النيروز (2) و أول رجب و آخره و نصفه (3) و يوم المبعث (4) و هو السابع و العشرون منه.

______________________________

عليه السلام ذكر الامام في ذلك الحديث فضل يوم الغدير و قال: فاذا كان صبيحة ذلك اليوم وجب الغسل في صدر نهاره انتهي.

(1) من جملة ما استدل به صاحب الجواهر علي المدعي ما رواه العنبري عن موسي بن جعفر عليه السلام قال: يوم المباهلة اليوم الرابع و العشرين من ذي الحجة تصلي في ذلك اليوم ما أردت من الصلاة الي أن قال: و تقول علي غسل: الحمد للّه رب العالمين و ذكر الدعاء «1».

(2) لحديث المعلي بن خنيس عن مولانا الصادق عليه السلام في يوم النيروز قال: اذا كان يوم النيروز فاغتسل الحديث «2» و لاحظ حديثه الاخر 3.

(3) نقل عن السيد ابن طاوس قدس سره انه قال: وجدت في كتب العبادات عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله و وسطه و آخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه 4 و لا يخفي انه لم يذكر في هذا لخبر خصوص اليوم بل مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين اليوم و الليل.

(4) قال في الجواهر لم اجد خلافا في استحباب الغسل فيه و عن الكشف نسبته الي الرواية و لعل ذلك كاف في ثبوت استحبابه الي أن قال: و عن الخلاف الاجماع علي استحباب الغسل في الجمعة و الاعياد بصيغة الجمع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 2

(2) (2

و 3) الوسائل 48 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث. 1 و 2

(3) (4) الوسائل الباب 22 من أبواب الاغسال المسنونة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 541

5- الغسل في اليوم النصف من شعبان (1).

6- الغسل في اليوم التاسع (2) و السابع عشر من ربيع الاول (3)

7- الغسل في اليوم الخامس و العشرين من ذي القعدة (4)

8- الغسل لزيارة كل معصوم من قريب (5)

______________________________

(1) لم اجد حديثا دالا علي المدعي و حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صوموا شعبان و اغتسلوا ليلة النصف منه ذلك تخفيف من ربكم و رحمة «1» دال علي استحباب الغسل ليلة النصف من الشعبان نعم نقل في الجواهر خبر سالم مولي أبي حذيفة بهذا اللفظ: من تطهر النصف من شعبان و لكن في الوسائل ليلة النصف «2».

(2) قال في الجواهر: «و أما الغسل للتاسع من ربيع الاول فقد حكي انه من فعل أحمد بن اسحاق معللا له بأنه يوم عيد الي آخر كلامه.

(3) استدل عليه بأنه يوم عيد و نقل عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال:

في جمعة من الجمع: هذا اليوم جعله اللّه عيدا للمسلمين فاغتسلوا فيه «3» مضافا الي دعوي الاجماع من الخلاف علي استحباب الغسل في الجمعة و الاعياد.

(4) قال في مصباح الهدي كلاما يظهر منه انه قد صرح غير واحد من الاساطين قدس اللّه أسرارهم باستحباب الغسل فيه و اسند بعضهم ذلك الي المشهور.

(5) و يمكن الاستدلال عليه بما عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله عز و جل:

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 6

(3) كنز العمال ج

4 ص: 152

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.